الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما الواقدي ومن دونه من المتروكين والكذابين: كهشام بن محمد بن السائب الكلبي، وأبيه محمد، وأبي مخنف لوط بن يحيى، وإسحاق بن بشر، وغيرهم؛ فلا يُعبأُ بهم؛ ومنهم مَن يستأنس بهم إذا لم يَأتُوا بمُنكَر.
والخبرُ الوارد عن الصحابة والتابعين: منه ما يكون في معنى ما ورد في الحديث المرفوع، ومنه ما يخالفه.
ومنه خبر يؤخذ منه حكم شرعي، وآخر لا يؤخذ منه ذلك، وإنما هو في الوعظ مثلاً أو التاريخ.
وفي كلٍّ منها يُعمِلُ أئمةُ الحديث النقدَ فيها ـ وإن كان على درجات ـ.
وكذلك الأخبار التاريخية عن سلَف وخلَف هذه الأمة: إن لم يتضمن حكماً مؤثراً على طائفة أو شخص، أو ورد فيه ما يستنكره أهل العلم، وفيه مخالفة لما تتابع عليه العلماء من مؤرِّخِين وغيرِهم، إنْ سَلِم من ذلك، فإنه يُقبل دون فَحْصٍ ونَقْدٍ لإسنادِه.
ويستفادُ في فحص إسنادِه للترجيح عند تعارض المرويات.
وما سبق في تقسيم د. حاتم العوني، فهو تَقسيمٌ حاصِرٌ، حَسَنٌ جَمِيل.
و
ليس من الصوابِ أن نُقسِّم المسألة إلى: أحاديث نبوية، وروايات تاريخية فقط، فهذا تقسيم قاصِر، بل ينبغي أن تُعرَفَ مَراتِبُ الأحاديث، والمرويات
، فيقال:
1.
أحاديث نبوية بمراتبها المذكورة سابقاً: عقيدة، أحكام، حدود
…
وجنايات، معاملات، أخلاق وفضائل
…
إلخ
2.
السيرة النبوية: منها ما يؤخذ منه حكم شرعي، فيُلحق بالأول، ومنها ما لا يؤخذ منه حكم، فيعامل معاملة أخرى.
3.
آثار الصحابة.
4.
آثار التابعين.
5.
روايات تاريخية، وهي درجات: ما تتعلق بالأئمة المتبوعين، والعلماء، والحكام، ثم من دونهم درَجَةً دَرَجَة
…
6.
مرويات السلف في الحِكمَة والفضائل.
7.
مرويات اللغويين والأدباء.
إنَّ معرفةَ مراتبِ هذه المرويات قبل فحصها أمْرٌ يُسهِّلُ معرفة المعايير المطلوبة، وليس صحيحاً أن نجعلها قسمين فقط!
ثم مضمون الرواية التاريخية، فبعضها يتضمن: حكماً شرعياً، أو نقداً في جماعة أو شخص، أو قولاً شائعاً عند المؤرخين، أو قولاً شاذاً، وهكذا.
ولكل منها حُكْمٌ ونَظَر.
والمسألةُ ـ محلُّ البَحْثِ ـ فيها طَرَفَانِ بَعِيدَانِ، وَوَسَطٌ.
1.
طَرفٌ يريد تطبيق القواعد الحديثية على المرويات التاريخية كلها، دون قيد أو شرط.
2.
وطَرفٌ يُنكِرُ إعمالَ النقد في أي شئ من مرويات السيرة، والتاريخ، وغالب مَن يُنكرُ ـ إنْ لم يكُنْ كلُّهم ـ مِن الجهلة الضعفاء، والصوفية.
3.
والوسط: إعمالُ النقدِ العلمي الحديثي المُمَيَّز وقَبولُهُ على ما يُستنكَر فقط، بأي نوعٍ من أنواع النكارة العلمية المذكورة في كتبِ علمِ الحديث، وتطبيقاتِهم العملية، أو المستنكرة عند علماء التاريخ وفق ضوابطهم العلمية النقدية. ويُعمَل أيضاً عند الترجيح بين الروايات المتعارضة.
وأهلُ الحديث يقبلون من الرجال الرواة في علم التاريخ ما لا يقبلونه في الحديث ـ كما سبق ذكر نماذج منهم ـ.
وعليه، فلا يلزم من إعمال النقد الحديثي لإسناد الرواية التاريخية
…
ـ الضعيفة حديثياً ـ عدم القبول؛ فلا تعارض بين أن نقول عن رواية تاريخية: إسنادها مرسل، أو فيها راوٍ ضعيف، أو مدلِّس، ومع ضعفها حديثياً إلا أنها تُقبَل، لأنها رواية تاريخية، ولعدم وجود ما يُنكر فيها، ولوجود قرائن تاريخية مؤيدة لها
…
إلخ.
ولإظهار العمل الحديثي في الرواية التاريخية فوائد، منها:
أنه قد تظهر فيما بعد ـ في المسألة التاريخية ـ روايات، أو أقاويل أخرى، يحتاج المؤلِّف أو القارئ إلى الموازنة والترجيح. فالأحسن إعمالُ وبيان حال الرواية المسندة التاريخية بالمنهج الحديثي مطلقاً في الدراسات والبحوث؛ للعلم والمعرفة.
أما القبول أو الرد، والموازنة والاعتبار بكلام المؤرِّخين، فهي مسألة تالية للنظر الحديثي، فيُجمَعُ بين الأمرين ـ والعلمُ عند الله تعالى ـ.