المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث:عقيدة أهل السنة والجماعة في آل بيت النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - سيرتها، فضائلها، مسندها - رضي الله عنها - - جـ ١

[إبراهيم بن عبد الله المديهش]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة:

- ‌حدود الكتاب:

- ‌الدراسات السابقة، والمؤلفات المفردة في فاطمة:

- ‌خطة الكتاب

- ‌تنبيهات:

- ‌ لِمَ الإطالة العلمية في موضوع فاطمة رضي الله عنها

- ‌التمهيد:

- ‌المبحث الأول:المؤلفات في فاطمة رضي الله عنها ــ عرض ونقد

- ‌القسم الأول: الكتب المطبوعة:

- ‌القسم الثاني: المخطوطات في فاطمة رضي الله عنها

- ‌المبحث الثاني:ترجمة فاطمة رضي الله عنها

- ‌سبب إيراد هذه الترجمة مع أن الكتاب كلَّه ترجمة:

- ‌ لم يبقَ شئٌ من آثار النبي صلى الله عليه وسلم الحسية

- ‌ من أوائل من دخل في الإسلام

- ‌ هل تعرَّض الحويرثُ بنُ نُقَيذ لفاطمة وأم كلثوم رضي الله عنهما عند هجرتهما

- ‌ لقَبُ الأشراف

- ‌ لقب: الحسَني أو الحُسَيني الهاشمي، أفضل وأحسن من لقب: الشريف أو السيد

- ‌حَريٌّ أن يُمنَع هذا اللقب «الهاشمي» في بلاد الإسلام إلا لآلِ النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ اللباس:

- ‌ إطلاق لفظ السيد على البشر

- ‌نكاح الفاطميات من غير الفاطميين

- ‌ عِلمُ فاطمة رضي الله عنها

- ‌ الكذب على فاطمة رضي الله عنها

- ‌ علاقتها بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ قصائد في مدح فاطمة رضي الله عنها

- ‌ منظومات لترجمة فاطمة رضي الله عنها

- ‌ من ترجم لفاطمة رضي الله عنها

- ‌المبحث الثالث:عقيدة أهل السنة والجماعة في آل بيت النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم

- ‌من أخبار السلف في تعظيم آل البيت:

- ‌أقوال أئمة الاعتقاد في آل البيت:

- ‌المبحث الرابع:عناية أهل السنة والجماعة بجمع مرويات…آل البيت وفضائلهم

- ‌ الكتب المفردة العامة في آل البيت

- ‌ الكتب المفردة في ذرية النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ الكتب المفردة في بني هاشم

- ‌المبحث الخامس:‌‌فاطمة رضي الله عنها في كتب: الرافضة،…والإسماعيلية، والمستشرقين

- ‌فاطمة رضي الله عنها في كتب: الرافضة

- ‌ فاطمة رضي الله عنها في كتب الإسماعيلية

- ‌ فاطمة رضي الله عنها في كتب المستشرقين

- ‌من كتابات المستشرقين المفردة(1)عن فاطمة رضي الله عنها

- ‌ المدرسة الاستشراقية في كتابات السيرة:

- ‌ انتبه بعضُ المستشرقين إلى الغلو والأساطير المفتعلة من الرافضة

- ‌إنَّ أسعدَ الناس بمحبة وموالاة ومتابعة آل البيت ــ ومنهم فاطمة رضي الله عنها ــ هم أهل السنة والجماعة لا غير

- ‌المبحث السادس:تطبيق منهج النقد الحديثي على مرويات السيرة،…والروايات التاريخية؛ للقبول أو الرد

- ‌ كتب التاريخ العامة ليست من عُمَد أهل السنة والجماعة في معرفة أحكام الشريعة، وفضل الصحابة وأحوالهم

- ‌«مَن وُثِّق في عِلْمٍ وضُعِّف في آخر

- ‌عُلِم مما سبق أنَّ المغازي، والتفسير، والملاحم، تَقِلُّ فيها الأسانيدُ الصحيحةُ المتَّصِلَةُ، فما بالُكَ بما دونها من الآثارِ في سِيَر وقَصَصِ الصحابة، ثم التابعين، ثم مَن بعدَهم التي تَرِدُ في كُتُبِ التاريخ، وكُتُبِ مَنْ حشَاها بالروايات المنكرة

- ‌ ذكر ابن حجر: أن المؤرِّخ لايكتفي بالنقل الشائع، لا سيما إذا ترتب على ذلك مفسدة

- ‌ليس من الصوابِ أن نُقسِّم المسألة إلى: أحاديث نبوية، وروايات تاريخية فقط، فهذا تقسيم قاصِر، بل ينبغي أن تُعرَفَ مَراتِبُ الأحاديث، والمرويات

- ‌ مرويات سيرةِ فاطمة رضي الله عنها تُعتَبَرُ من الأحاديث النبوية

الفصل: ‌المبحث الثالث:عقيدة أهل السنة والجماعة في آل بيت النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم

‌المبحث الثالث:

عقيدة أهل السنة والجماعة في آل بيت النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم

-.

آل بيت النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - هم: مَن تحرُم عليهم الصدقة

(1)

وهم على الصحيح: أزواجُه، وذرِّيتُه، وأقاربُه المسلمون من بني هاشم بن عبدمناف.

(2)

وقيل: وبني المطلب بن عبد مناف أيضاً.

(3)

(1)

وهو قول جمهور أهل السنة والجماعة.

(2)

مذهب الشافعي، وأحمد في رواية، وبعض المالكية، ورجحه ابن حجر.

فائدة: قال ابن حزم في «جمهرة أنساب العرب» (1/ 14): (فولد هاشم بن عبد مناف: شيبة ـ وهو عبد المطلب ـ، وفيه العمود والشرف، ولم يبق لهاشم عقب إلا من

عبد المطلب فقط).

قلت: الهاشميون الموجودون الآن: الطالبيون، والعباسيون، وهم:

1 ـ آل علي، وجعفر، وعقيل، أبناء أبي طالب.

2 ـ آل العباس بن عبدالمطلب. رضي الله عنهم.

(3)

مذهب الحنفية، ومالك، ورواية عن أحمد، ورجحه ابن تيمية.

وقيل: الأزواج والذرية فقط. وقيل: أصحاب الكساء فقط: علي، وفاطمة، والحسن والحسين. وقيل: أمة الإجابة.

تنظر المسألة في المصادر التالية: «حاشية ابن عابدين» (2/ 350)، «فتح القدير» لابن الهمام (2/ 274)، «البيان والتحصيل» (2/ 382)، «شرح مختصر خليل» للخرشي =

ص: 325

وقد دلَّ على فَضْلِهِم: الكتابُ، والسُّنَّةُ، وإجماعُ سلَفِ الأمَّةِ.

قال الله تبارك وتعالى عن أُمَّهَاتِ المؤمنين:

= (2/ 214)، «التمهيد» لابن عبدالبر (16/ 196) و (17/ 302)، «مسائل أبي الوليد ابن رشد القرطبي» (1/ 332 ـ 336)، «الأم» (3/ 201)، «المجموع» للنووي (1/ 76)، (6/ 226)، «المغني» (4/ 109)، «الإنصاف» للمرداوي ـ تحقيق الفقي ـ (2/ 79)، «مجموع فتاوى ابن تيمية» (17/ 506)، (22/ 460)، «منهاج السنة» (7/ 76)، «جامع المسائل» لابن تيمية ـ تحقيق عزير شمس، ط. عالم الفوائد ـ (3/ 74)، «شرح النووي على مسلم» (7/ 175)، «فتح الباري» لابن حجر (11/ 160) ، «الجامع» للقرطبي (14/ 182)، «إمتاع الأسماع» للمقريزي (5/ 372)، «جلاء الأفهام» (ص 324 ـ 343) ـ مهم ـ، «القول البديع» للسخاوي (ص 89)، «نيل الأوطار» ـ ط. ابن الجوزي ـ (4/ 373) بعد حديث (783)، «الشرح الممتع» لابن عثيمين (6/ 252)، «تفسير سورة الأحزاب» لابن عثيمين (ص 235 ـ 238)، «التعليق على المنتقى» لابن عثيمين (1/ 371 ـ 376).

وانظر في كتابي هذا: الباب الثاني: الفصل الأول: المبحث الرابع.

ومِن أحسن مَن عرض الأقوال مع أدلتها وناقشها: «جلاء الأفهام» ـ كما سبق ـ، و «العقيدة في آل البيت» د. سليمان السحيمي (1/ 55)، «عقيدة أهل السنة في الصحابة» د. ناصر الشيخ (1/ 325)، «النصب والنواصب» د. بدر العواد (ص 36 ـ 57)، «مكانة آل البيت عند الإمامية الاثني عشرية دراسة نقدية» د. خالد الدميجي (ص 51 ـ 100)، «أهل البيت عند شيخ الإسلام ابن تيمية» د. عمر القرموشي (ص 40 ـ 80).

ص: 326

{وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31) يَانِسَاءَ النَّبِيِّ

لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا

يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ

عَنْكُمُ الرِّجْسَ

أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ

مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ

اللَّهَ كَانَ

لَطِيفًا خَبِيرًا

} (سورة الأحزاب، آية 31، 34).

فالآية في أمهات المؤمنين، ويدخل ضمن آية التطهير أيضاً ذرية النبي صلى الله عليه وسلم لأنه تلاها في حديث الكساء الآتي.

(1)

(1)

تنبيه: قال تعالى: {قُلْ لَا

أَسْأَلُكُمْ

عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} (سورة الشورى، آية 23) رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه لما نزلت هذه الآية قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: مَن قرابتُك الذين وجبَتْ علينا مودَّتُهم؟ قال: «عليٌّ، وفاطمة، وابناهما» .

أخرجه: الطبراني، وابن أبي حاتم، والقطيعي، والواحدي، وهو ضعيف جداً، سنداً ومتناً، فالآية مكية، وزواج علي وفاطمة بعد الهجرة.

انظر: «تخريج أحاديث الكشاف» للزيلعي (3/ 234) رقم (1143)، «استجلاب ارتقاء الغرف» للسخاوي (1/ 314 ـ 326، 334)، «سلسلة الأحاديث الضعيفة» (10/ 723) رقم (4974)، «أنيس الساري في تخريج أحاديث فتح الباري» للبصارة (6/ 4407) رقم (3133).

=

والصحيح ما رواه الإمام البخاري في «صحيحه» رقم (3497) و (4818) عن طاووس، ابن عباس رضي الله عنهما: أنه سُئل عن قوله: {إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} فقال سعيد بن جبير: قُربى آل محمد صلى الله عليه وسلم. فقال ابن عباس: عجلتَ! إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش، إلا كان له فيهم قرابة، فقال:«إلا أن تَصِلِوا ما بيني وبينكم من القرابة» .

ص: 327

عن عائشة رضي الله عنها: خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداةً، وعليه مِرْطٌ مُرَحَّل، من شَعْرٍ أسود، فجاء الحسَنُ بنُ علي فأدخلَه، ثم جاءَ الحُسَين فدخل معه، ثم جاءت فاطمةُ فأدخلَها، ثم جاء عليُّ فأدخلَهُ، ثمَّ قال: {إِنَّمَا

يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ

عَنْكُمُ الرِّجْسَ

أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا

}

(1)

وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيباً، بماء يُدعى «خُمَّاً»

(2)

بين مكة والمدينة، فحمد الله

(1)

أخرجه: مسلم في «صحيحه» ، وسيأتي تخريجه في الحديث رقم (83)، وروي من حديث واثلة في «مسند أحمد» ، سيأتي تخريجه. الباب الثاني: الفصل الأول: المبحث الرابع: دخولها في الآل، حديث رقم (85).

(2)

واد بين مكة والمدينة عند الجحفة، فيه غدير، خطبَ عنده رسول الله صلى الله عليه وسلم منصرفه من حجة الوداع.

وهذا الوادي موصوف بكثرة الوخامة. قيل: حفرها مرَّة بن كعب بن لؤي. وقيل: نسبة لرجلٍ صبَّاغ أضيف إليه الغدير.

=

ذكر د. عاتق البلادي أن الغدير يُعرف اليوم باسم «الغُرَبَة» عليه نخل قليل لأناس من البلادية من قبيلة حرب، يقع شرق الجحفة بثمان كيلو متر. وواديهما واحد، وهو «وادي الخرار»

إلخ.

ينظر: «معجم البلدان» لياقوت (2/ 389)، «معجم معالم الحجاز» د. البلادي

(3/ 571).

ص: 328

وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال:«أما بعد، ألا أيها الناس فإنما أنا بَشَرٌ يُوشِكُ أن يأتي رسولُ ربي فأُجِيب، وأنا تاركٌ فيكم ثقَلَين: أولهما كتابُ الله فيه الهُدَى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به» ، فحثَّ على كتاب الله ورغَّبَ فيه، ثم قال:«وأهلُ بَيتِي أُذَكِّرُكُمُ الله في أهلِ بَيتي، أُذَكِّرُكُمُ الله في أهل بيتي، أُذَكِّرُكُمُ الله في أهل بيتي» .... الحديث.

(1)

قوله: «أُذَكِّرُكُمُ الله في أهل بيتي» أي: (اذكُرُوا الله، اذكُرُوا خَوفَهُ وانتقَامَه إنْ أضعَتُم حقَّ آل البيت، واذكُروا رحمتَه وثوابَه إنْ قُمْتُمْ في حقِّهِم).

(2)

«اعرفوا لهم حقَّهم، ولا تظلموهم، ولا تعتدوا عليهم، هذا من باب

(1)

أخرجه: مسلم في «صحيحه» ، حديث رقم (2408). وانظر:«استجلاب ارتقاء الغرف» للسخاوي (1/ 344 وما بعدها).

(2)

«شرح العقيدة الواسطية» للعثيمين (2/ 275).

ص: 329

التوكيد، وإلا فكُلُّ إنسانٍ مُؤمِنٍ له حقٌّ على أخيه، لا يحقُّ له أن يعتدِيَ عليه، ولا أنْ يَظلِمَهُ؛ لكِنْ لآلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم حَقٌّ زَائِدٌ على حُقُوقِ غَيرِهِمْ مِن المسلمين».

(1)

«فالمراد بالتذكير فيهم: حفظ رُتبَتهم في الإسلام، وتعظيمُهم، وحبُّهم في الدِّين، وصونُ عظيمِ عِزِّهم في الأمة، وتقديمُهم على غيرِهم في: المجلس، والكلامِ، والخطابِ، والمشيِ، والقعودِ، والقيامِ؛ وبذلُ الأموال لهم، ونُصرَتُهم في مقابل أعدائهم، والتمسُّكِ بهم إنْ كانوا أهلَ العِلْمِ والتقوى» .

(2)

فالحديث بمجموع رواياته «تضمَّن الحثَّ على المودَّةِ لهم، والإحسانِ إليهم، والمحافظةِ بهم، واحترامِهم، وإكرامِهم، وتأدِيَةِ حُقُوقِهِم الواجبة والمستحبَّة، فإنهم مِن ذُرِّيَّةٍ طَاهِرَةٍ، مِن أشرَفِ مَن وُجِد على وَجْهِ الأرضِ، فَخْرَاً وحَسَبَاً ونَسَبَاً، ولا سِيَّما إذا كانُوا متَّبعِينَ للسُّنَّة النبويَّةِ الصَحِيحَةِ الواضِحَةِ الجَلِيَّة، كما كَانَ علَيهِ سَلَفُهُم كالعبَّاسِ وبَنِيه، وعَليٍّ وآلِ بَيتِه وذَوِيْهِ رضي الله عنهم.

وكذا يَضمَنُ تَقدِيمَ المتأهِّلِ مِنهُم لِلْوِلايَاتِ عَلى غَيرِهِ

إلخ».

(3)

(1)

«شرح رياض الصالحين» للعثيمين (3/ 227 ـ 228).

(2)

«الدين الخالص» لصديق حسن خان (3/ 509).

(3)

«استجلاب ارتقاء الغرف بحب أقرباء الرسول صلى الله عليه وسلم وذوي الشرف» للسخاوي (1/ 367)، وبعضُ هذه العبارات من «تفسيره ابن كثير» ـ وسيأتي ـ.

ص: 330

وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنَّ الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم» .

(1)

فآل هاشم من المصطفَين، وهُم مع أمهات المؤمنين مِن الداخلين في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - تبعاً.

(2)

وقد تظافرت الأدلة الشرعية في فضائل آل البيت من الأزواج والذرية والأقارب، منها ما ورد عاماً فيهم بالوصية والعناية بهم، ومنها ما ورد في

(1)

أخرجه: مسلم في «صحيحه» ، حديث رقم (2276).

(2)

قال ابن تيمية كما في «مجموع الفتاوى» (19/ 29): (وجمهور العلماء على أن جنس العرب خير من غيرهم، كما أن جنس قريش خير من غيرهم، وجنس بني هاشم خير من غيرهم.

وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا» .

لكن تفضيل الجملة على الجملة لا يستلزم أن يكون كل فرد أفضل من كل فرد، فإنَّ في غير العرب خلقاً كثيراً خيراً من أكثر العرب، وفي غير قريش من المهاجرين والأنصار مَن هُوَ خيرٌ من أكثر قريش، وفي غيرِ بني هاشم من قريشٍ وغَيرِ قريش مَنْ هو خيرٌ من أكثر بني هاشم

).

ص: 331

فضل فرد منهم.

(1)

وهي نصوص مبثوثة معتنى بها من علماء السنة والجماعة، ضمَّنوها كتبهم في الاعتقاد، والسنة النبوية، في أبواب الفضائل، إضافة إلى الكتب المفردة في الصحابة، والآل منهم، وثَمَّةَ كُتُبٌ مُفرَدَةٌ في فضائل بعضهم

ــ كما سيأتي في المبحث الرابع من هذا التمهيد ـ.

هذا، وقَد اتَّبَعَ سلَفُ الأمة بدءاً من أبي بكر وعمر وعثمان وبقية الصحب الكرام رضي الله عنهم وصيةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالعنايةِ والرِّعايةِ لآلِ البيتِ رضي الله عنهم.

فهذا خليفةُ رسُولِ الله، الصِّدِّيقُ أبو بكر رضي الله عنه يقول:«ارْقُبُوا محمَّدَاً صلى الله عليه وسلم في أهلِ بَيْتِهِ» .

أي: احفظُوه فيهم، فلا تُؤذُوهُمْ، ولا تُسِيؤوا إليهِم.

(1)

انظر ذلك في «فضائل الصحابة» للإمام أحمد، و «الأحاديث الواردة في فضائل الصحابة» د. سعود الصاعدي.

وانظر: «عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة» د. ناصر الشيخ (1/ 347 ـ 484)،

«فضل أهل البيت وعلوِّ مكانتهم عند أهل السنة والجماعة» للشيخ: عبدالمحسن العباد البدر، طُبِع مفرداً، وطُبِعَ ضِمنَ مجموع كتبه ورسائله (4/ 193)، «العقيدة في أهل البيت بين الإفراط والتفريط» أ. د. سليمان بن سالم السحيمي، (1/ 88).

ص: 332

ويقول أبو بكر رضي الله عنه: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي

».

(1)

ثم خليفةُ خليفةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: الفاروقُ عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه اعتنى بآل البيت عنايةً فائقة، من ذلك: أنه بدأ بهم لمَّا وضَعَ الديوان للعطاء؛ محبَّة لهم، واحتراماً وتقديراً ومعرفة بمكانتهم، وامتثالاً لأمرالنبي صلى الله عليه وسلم برعايتهم.

(2)

وهكذا السلَفُ الصالحُ جيلاً بعد جيل، إلى زماننا هذا ـ ولله الحمدُ والمِنَّةُ على الهدايةِ والسُّنَّةِ ـ.

(3)

لما ذكر ابنُ كثير رحمه الله حال الشيخين أبي بكر وعمر مع آل البيت رضي الله عنهم قال: (فحالُ الشيخينِ رضي الله عنهما هو الواجبُ على كلِّ أحَدٍ أن

(1)

سيأتي بيان ذلك في الباب الثاني: الفصل الثالث: المبحث الأول: محبة أبي بكر ورعايته لها رضي الله عنهما، حديث رقم (95) وما بعده.

(2)

سيأتي بيان ذلك في الباب الثاني: الفصل الثالث: المبحث الثاني: محبة عمر بن الخطاب ورعايته لها رضي الله عنهما، حديث رقم (99) وما بعده.

(3)

انظر: «سبل الهدى والرشاد» للصالحي (11/ 14)، «الشفاء» للقاضي عياض

(ص 527)، «استجلاب ارتقاء الغرف بحب أقرباء الرسول صلى الله عليه وسلم وذوي الشرف» للسخاوي (2/ 600 وما بعدها)، «فضل أهل البيت وعلو مكانتهم عند أهل السنة والجماعة» للشيخ: عبدالمحسن العباد البدر.

ص: 333

يكون كذلك؛ ولهذا كانا أفضل المؤمنين بعد النبيين والمرسلين رضي الله عنهما، وعن سائر الصحابة أجمعين).

(1)

قال علَّامةُ العراق الشيخ: محمود شُكري الآلوسي (ت 1342 هـ) رحمه الله ضمن عَرضٍ شامِلٍ لاعتقادِ أهلِ «نَجْد = اليمامة» : (وجميعُ أهلِ نَجْدٍ على اختلافِهم في القبائل كما أنهم يعتقدون ما سبق، كذلك يعتقدون في الآل والأصحاب، ما وردَت به السُّنَّة والكتابُ، ويؤمنونَ بما ورد في شأنهم من الفضائلِ، وما رُوي عنهم من الشمائلِ، غيرَ أنهم طوَوا بِسَاطَ المماراة في آل رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابِه، وتركوا العصبيةَ التي هِيَ مِن أوتار الباطلِ وأطنابِه، فأولئك الآلُ الكرامُ هم الذين يتميَّزُ بحُبِّهِم إيمانُ المرءِ من نِفَاقِهِ، والذين وَرِثوا النورَ المبين عمَّن خصَّهُ الله بإشرَاقِهِ.

فالصلاةُ بهم تمامُها، وبالصلاةِ عليهم خِتَامُهَا، ورَحِمُهُم مَوصُولَةٌ بِرَحِمِ المكَارِمِ وذِمَامِهَا، وأولئكَ السادَاتُ مِن الأصحابِ الذين خلَطَهُمْ بجِلْدَتِهِ، وألَظَّ بهم في شِدَّتِهِ، أحبُّوا فيه وأبغَضُوا، وأنفَقُوا له وأقرَضُوا، وفُرِضَ عليهم الصبرُ معَهُ عَلى البأسَاءِ فما أعرَضُوا.

ولكُلٍّ من هذين الفريقين مقامٌ مَعلومٌ، وسَهْمٌ في السبق والفضيلةِ غيرُ مَسْهُوم.

ص: 334

ولم يَزلْ أمراؤهم وعلماؤهم يأمرون بالأخذِ على ألسنةِ السفهاء من الخوضِ فيما شجَرَ بين آلِ النبي وأصحابِه، وإظهارِ العصبيةِ التي تُزحزح الحقَّ عن نِصابه، وتُرجِعُهُ على أعقَابِه، وليسَ مستَنَدُها إلا مُغَالاة ذوي الجهل، وربما نَشَأَ منها فِتنةٌ، والفتنَةُ أشدُّ من القتل، فأولئكَ السادَات هُم النجُومُ الذين كان بهم الاقتداءُ، وبهم كانَ الاهتِدَاءُ، وقُصَارَى المسلِم في هذا الزمَان أن يتعلَّقَ منهم سبباً، ويأخذَ عنهم دِينَاً وأدَبَاً، لايبلُغ مُدَّ أحدِهِم ولا نَصِيفَهُ، ولو أنفَقَ مِثلَ أُحُدٍ ذهَبَاً، نَعَم لايُغالُون في حبِّهم كحُبِّ أهلِ البِدَعِ والضَلَالَةِ، فذلِكَ الذي ما أنزَلَ الله بِهِ مِن سُلطَانٍ، ولا اقتَضَتْهُ الرِّسَالَةُ).

(1)

(1)

«تاريخ نجد» للآلوسي، تحقيق: محمد بهجة الأثري، ط. الرابعة 1419 هـ

(ص 88 ـ 89)، وهو في الطبعة القديمة الثانية سنة 1347 هـ (ص 47).

وللشيخ الإمام المجَّدِّد: محمد بن عبدالوهاب وأئمة الدعوة مِن بَعدِه رحمهم الله إلى علمائنا المعاصرين كلام في محبة آل البيت وتوليهم وتوقيرهم وبيان حقوقهم، انظر:«الدرر السنية» (1/ 232)، «جهود أئمة الدعوة في تقرير مسائل الصحابة وآل البيت والإمامة والولاية» لماجد بن عبدالرحمن الطويل، رسالة ماجستير من جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض، مجلد في (683 صفحة)، انظر فيها عن آل البيت:(ص 195 ـ 313).

وانظر: «الإمام محمد بن عبدالوهاب وأئمة الدعوة النجدية وموقفهم من آل البيت» للشيخ: خالد بن أحمد الزهراني، «دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ـ حقائق علمية وشهادات منصفة» للخراشي، والزهراني (ص 115 ـ 149).

ص: 335

إن المسلمين والمسلمات من آل البيت الذين شاهدوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم دخلوا الفضائل من أبواب عدة:

باب فضائل الصحابة عموماً، وباب فضائل آل البيت، وباب الفضائل الخاصة ببعضهم: كخديجة، وعائشة، وفاطمة، وعلي، والحسنَين، وغيرهم.

زيادة على حقهم في الإسلام، فلكل مسلم حقٌّ على إخوانه المسلمين.

وأما آل البيت من التابعين ومَن بعدهم، فلهم حق الإسلام والقُربى، ولِكُلٍّ دَرَجَةٌ منهم بِحَسبِ صلاحِه ونفعه الأمة بعِلْمٍ أو عَمَلٍ.

قال الشيخ: عبدالرحمن السِّعْدِي (ت 1376 هـ) رحمه الله: (فمَحبَّةُ أهلِ بيتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَاجِبةٌ من وُجُوهٍ، منها:

أولًا: لإسلامهم، وفضلهم وسوابقهم.

ومنها: لما تميَّزوا به من قُرْبِ النبي صلى الله عليه وسلم واتصالهم بنسبه.

ومنها: لما حث عليه ورغب فيه.

ولما في ذلك من علامة محبة الرسول صلى الله عليه وسلم

).

(1)

إنَّ محبةَ آلِ البيت، وتعظيمَهم من محبةِ النبي صلى الله عليه وسلم، قال القاضي عياض اليحصبي (ت 544 هـ) رحمه الله: (ومِنْ تَوقِيرِهِ -

ص: 336

صلى الله عليه وسلم - وبِرِّهِ: بِرُّ آلِه، وذُرِّيتِه، وأمهاتِ المؤمنين: أزواجِه، كما حضَّ عليه صلى الله عليه وسلم، وسلَكَهُ السلَفُ الصالح رضي الله عنهم).

(1)

ولو لم يرد في فضلهم نصوص شَرعيَّةٌ، لكَانَتْ الفِطرَةُ والطِّبَاعُ والعَادَةُ جَارِيَة على رعاية حقوقهم ومحبتهم، فمن له اتصال بالمحبوب محبوب.

قال الشيخ: محمد بن عمر الحضرمي الشهير بِـ «بَحْرق» (ت 930 هـ) رحمه الله

(2)

بعد بيان بعض الأدلة في آل البيت: (وناهيكَ بذلك فخراً لأهلِ البيتِ، لما يتضمَّنُهُ ذلك من شرَفِ مَنصِبِهم، وإيجابِ حُبِّهم واحترامهم، وتأدية حقوقهم، والإحسان إليهم، والمحافظة على ذلك كله، والتحذير من ضده؛ إكراماً لسيد المرسلين، وخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، وإذا كانت

(1)

«الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم» للقاضي عياض ـ ط. البشائر ـ (ص 527).

(2)

هو الشيخ: محمد بن عمر بن المبارك الحضرمي الشافعي، الشهير بِـ «بَحْرَق» ، ولد بحضرموت سنة 869 هـ، ودرس على علمائها ولازم عبدالله مخرمة، وارتحل لزبيد، وحج ودرس على العلامة السخاوي، ثم رجع لِـ «عدن» ، ثم ارتحل إلى «الهند» ، وتوفي فيها سنة (930 هـ)، له مؤلفات عديدة، المطبوع منها:«تحفة الأحباب في شرح ملحة الإعراب» ، و «فتح الأقفال في شرح لامية الأفعال» ، «الحسام المسلول» ، وغيرها.

ينظر: «الضوء اللامع» للسخاوي (8/ 253)، «الأعلام» للزركلي (6/ 315)،

«معجم المؤلفين» (3/ 564).

ص: 337

العقول والعادات، بل والشرائع تقتضي إنزال الناس منازلهم، واحترام أبناء الفضلاء، ومن نُسِب إليهم، سواء اتَّصَل المأمور بذلك منهم بإحسان أم لا، حتى أمر الله وليَّه الخَضِر، ونجِيَّه موسى عليهما السلام بمراعاة مَن كان أبوهما صالحاً، فما ظنُّكَ بمَنْ يُدلِي إلى مَن أرسلَهُ الله رحمةً للعالمين، ومَنَّ بِهِ عَلى المؤمنين، وأنقذهم من خُسرانِ الدنيا والآخرة

إلى أن قال رحمه الله ــ وما أحسنَ قولَه هذا ــ: وإذا كانَتْ أبناءُ الرَّجُلِ الرئيس، بَلْ وعشيرَتُه، بَلْ وغِلْمَانُهُ وأتبَاعُهُ، بَلْ وقَبيلَتُهُ، بَلْ وأهلُ بَلَدِهِ، بَلْ وأهْلُ قُطْرِه، بَلْ وأهلُ عصرِهِ، قَدْ يَسُودُون بسيادتِه، ويشرُفونَ بِشَرَفِ رئاسَتِهِ، ويفتَخِرُونَ عَلى مَن سِوَاهُم بفَضلِهِ، ويعلُونَ بِعُلُوِّ مَنصِبِهِ ونُبْلِه، فهَل أحَدٌ أجَلُّ قَدرَاً، وأعظمُ مَرتَبَةً وفَخْرَاً ممن ينْتَسِبُ أهلُ البيتِ إليه؟ !

إلى أن قال رحمه الله: وقد كانت قلوبُ السلَفِ الأخيارِ، والعلماءِ الأحبَارِ، مجبولةٌ على حُبِّهِم واحتَرامِهِم، ومَعرِفَةِ ما يجِبُ لهم طبعاً، فمِصْدَاقُ ذلك تعظيمُ وحُبُّ كلِّ مَن يُنسَبُ إليه بقُربةٍ أو قَرَابَةِ أو صُحْبَةٍ، أو اتِّبَاعِ سُنَّةٍ، إذْ كُلُّ ما يُنسَبُ إلى المحبوبِ مَحبُوبٌ.

(1)

ص: 338