الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
32.
منظومات لترجمة فاطمة رضي الله عنها
-
(1)
لقد بحثتُ كثيراً عن قصائد، أو منظومات في فاطمة رضي الله عنها، ولم أجد شيئاً ـ سالماً من الغلو ـ إلا ما ذَكرته سابقاً.
واستكتبتُ بعضَ مَن أثق بجودة شعره أو نظمه، ميسراً لهم ذلك بمختصر جداً لترجمتها، ولم أتمكن مِن الحصول إلا مِن اثنين:
1 ــ من فضيلة الشيخ الأديب د. جبران بن سلمان بن جابر سحَّاري
(2)
فقد طلبتُ منه نظماً في فاطمة رضي الله عنها، وأرسلتُ له مختصراً من هذه
…
الترجمة
(3)
، فاستجاب لذلك ورحَّبَ ـ أحسن الله إليه وجزاه خيراً ـ، ثم نظمَها في مئة بيت، وأرسلها إليَّ
(4)
، وهي التالية:
(1)
لم أتمكن من الحصول إلا على: منظومتين فقط لهذه الترجمة، والرغبة إيراد أكثر من نظم، وقصيدة، ولعلها في الطبعة الثانية ـ إن شاء الله ـ.
(2)
عضو هيئة التدريس في قسم الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض.
(3)
يوم الجمعة (3/ 1/ 1440 هـ).
(4)
يوم الاثنين (13/ 2/ 1440 هـ).
تنبيه: للشيخ جبران ـ وفقه الله ـ تعليقات إيضاحية يسيرة على بعض الأبيات، أبقيتها مع ختمها بِـ[د. جبران]، وحذفت بعضها لوضوحها ووجودها في الترجمة.
متن الأرجوزة الفاطمية المسماة:
«السنن العاصمة في مناقب فاطمة عليها السلام»
للشيخ الفقيه الأديب د. جبران بن سلمان بن جابر سحَّاري
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الناظم
الحمد لله الذي علَّمنا
…
مذاهب الأسلاف إذ فيها الغِنى
فمن طريقِهم أتانا الدينُ
…
مؤصّلاً شعارُه التبيينُ
ما فيه من ميلٍ عن الآثارِ
…
ولا تكلفٍ لمن يماري
وهذه الأرجوزة المُرتّبة
…
فيما لبنت أحمدٍ من مَرْتبة
صلى عليه ربُّنا وسلَّما
…
وآله وصحبه ومَن سما
تحوي صحيح الفضل أضحت عاصمة
…
في سيرة «الزهراء» وهي «فاطمة»
(1)
بنتُ النبيِّ المصطفى المطهّرة
…
زوجُ ابنِ عمه المسمى «حيدرة»
(2)
أتت على منهج أهل السنةِ
…
وحبهم للآلِ خير عترةِ
(3)
سألنيها الفاضلُ «المديهشُ»
…
وهو اللبيبُ الفاحصُ المفتشُ
(1)
هنا إشارة لاسم الأرجوزة وهي: «السنن العاصمة في مناقب فاطمة عليها السلام» ) أي: العاصمة من الجفاء والغلو بإحقاق الحق، والزهراء لقب اشتهر لها رضي الله عنها، وسيأتي الحديث عنه. [د. جبران].
(2)
حيدرة لقب زوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما قال في خيبر: «أنا الذي سمتني أمي حيدرة» . [د. جبران].
(3)
العترة هم: أقارب الرجل، وأهل بيته، والآل كذلك. [د. جبران].
عن هذه الفضائل المسطورة
…
في الكتب النافعة المنشورة
فلم أجد بُداًّ من امتثالي
…
سؤالَه فهو أخو أفضال
اسمها ونسبها وكنيتها ولقبها
«فاطمةُ» اسمها من الفطْم الجلي
…
وهو انفصالٌ عن رضاعٍ فاعقل
نسبُها إلى الرسول الهاشمي
…
محمدٍ لنسل عدنانَ نُمي
من ولدِ اسماعيلَ للخليلِ
…
يعودُ في التحقيق يا خليلي
كنيتها: «أم أبيها» كم لها
…
من شرفٍ بهِ يطاول السُّها
وقيل: أم الحسنين أيضاً
…
أفاده ابن حجرٍ خذ فيضاً
لقبُها: الزهراءُ والبتولُ
…
كم لهجت بذينك الفحولُ
الأول الضياء والإنارة
…
من البياض فاحفظ العبارة
وأما البتول فمن التبتُّلِ
…
وذاك الانقطاع لله العلي
وقيل: إن اللقبين انطلقا
…
من قبل الشيعةِ ثم صُدّقا
من بعض أهل السنةِ الأخيارِ
…
إذ ليس فيهما من استنكار
والحقُّ عندنا هو المعتبرُ
…
يُقبل ممن قاله فحرّروا
والدُها ووالدتها
والدها أفضلُ خلقِ الله
…
محمدٌ هو ابن عبدالله
القرشيُّ الهاشميُّ العربي
…
سيّدُ نسلِ آدمٍ خيرُ نبي
وأمها: خديجةٌ خيرُ النساء
…
في هذه الأمةِ ذات الائتسا
وكلُّ أولادِ النبيِّ منها
…
سوى ابنه ابراهيم فاحفظنها
أولُ من آمن ثم صدقه
…
وثبتتْ، به مضت لورَقة
(1)
أفضالها فاقت بها أناما
…
والله قد أقرأها السلاما
مولدها زماناً ومكاناً
قد وُلدت فاطمةُ الأبيَّة
…
من قبل بعثةِ النبيْ السنيَّة
بخمسةِ الأعوام في المرجّحِ
…
في بيته بمكةٍ فصحح
ترتيبها بين أخواتها
ترتيبها الرابع فهي الصغرى
…
من البنات للنبيِّ طُراًّ
من بعد زينبٍ كذا رقيّة
…
وأم كلثومٍ حوتْ مزيّة
قد دخلت في الدين من قبل البلوغ
…
واتبعت والدها شأن النبوغ
نشأتها
ونشأت في بيت خير الخلقِ
…
وخيرِ أمٍّ بالهدى والحقّ
ورضعت بوادر العبادة
…
والعلم والأذكار والزهادة
صفتها وشمائلها
صفاتها قد أشبهت أباها
…
في المشي والسمت وما قد فاها
به من الكلام والهداية
…
من شابه النبيَّ حاز الغاية
لها من الشمائل الأثيرة
…
الشرف الأعلى وحسن السيرة
(1)
مضت به لابن عمها ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، وكان يقرأ الكتاب بالعبرانية أي: الإنجيل، فبشرَّهُ بالنبوة. والحديث في «صحيح البخاري» ، وغيره. [د. جبران].
ملازمتها لأبيها ودفاعها عنه
كم لازمت والداها النبيّا
…
وعنه ردّت مارقاً أذيّا
وسبّت الفاعل للفجورِ
…
إذ دفعت عنه سلا الجزور
وطبّبت جراحه وأوقفت
…
دما يسيل منه ثم سترت
مقامه إذ رام الاغتسالا
…
في «الفتح» ، من برِّ حوتْ خصالا
وبقيت كل حياتها معه
…
ولحقت بنصف عامٍ مسرعة
هجرتها
تقدمت راغبةً في الهجرة
…
وعُمرها نحو ثمان عشرة
من بعد هجرة النبي المصطفى
…
بسبعة من الشهور فاعرفا
محبة المسلمين لها
أحبها أهل الهدى والملة
…
من كلِّ مسلمٍ كذا الأجلة
وحبها دينٌ وإيمانٌ غدا
…
على الجميع واجباً مؤكدا
وقد غلا الشيعةُ والأراذلُ
…
في حبها وأمرهمُ لسافلُ
إذ كذبوا وزوّروا كل بِنا
…
في وصفها وهيَّ عنهُ في غنى
زوجها
وزوجها عليٌّ ابنُ عمِّ
…
والدها صاحبُ فضلٍ جمّ
رابع خير الخلفاء الراشدين
…
فدى أباها، حبُّه والله دينْ
في السنة الثالثة الهجرية
…
تزوجا فنعمتِ الذريّة
من علاقتها مع زوجها
فصبرت وصابرت وخدمتْ
…
وسبحت وكبرتْ وهلّلتْ
وامتثلت قول النبي الخاتمِ
…
بأن ذا خيرٌ لها من خادم
أولادها
وأنجبت لزوجها الأولادا
…
الحسن الذي بصلحٍ سادا
(1)
ثم الحسين بعده مُحسّنُ
…
وزينبٌ وأم كلثوم افطنوا
فالحسن الذي غدا شبيها
…
للمصطفى محمدٍ أبيها
وعقَّ عنهما النبيُّ كبشا
…
كبشاً وبالسعد غدا أبشَّا
(2)
عقبها
ونسلها من حسنٍ مع الحسين
…
وزينبٍ وصيتهم في الخافقين
أولئك الأشراف فيما اشتهرا
…
وسادةٌ بهم يقرُّ الكُبَرا
علمها
وعلمها وفقهها في السننِ
…
سار جلياًّ للحصيف الفطن
قد حفظت عن النبيِّ الهادي
…
من الحديث جملة الأعداد
لم يرو عنه غيرُها من ولدِه
…
حديثها فيه علوُّ مُسنِده
(1)
كما في حديث أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ ابني هذا سيِّد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» . رواه البخاري. [د. جبران].
(2)
كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشا كبشاً. رواه: أبو داود، وصححه: ابن خزيمة، وابن الجارود، وعبد الحق الإشبيلي، وغيرهم. [د. جبران].
مسنَدُها حوى لها ثمانية
…
وأربعين
(1)
واضحاتٍ دانية
لم تنقطع لغير ذاك البتة
…
روى لها أصحابُ كُتْبٍ ستة
فأنسٌ عنها روى كذا ابنها
…
هو الحسين وعليٌّ زوجها
وأم رافعٍ وأم سلمة
…
عائشةٌ، حديثهم ما أعظمه!
ففي الصحيحين لها ثلاثةُ
…
والسننِ الأربع قل: أربعةُ
وعند أحمدٍ فأربعٌ أتت
…
وأربعٌ مع الثلاثين انجلت
في سائرِ الكُتْبِ وفي علم السيَر
…
مع التواريخ حديثٌ مستَطر
عنها حديثان بلا إسنادِ
…
استُدركا في كتبٍ أفراد
فتمت العدةُ خمسين سوى
…
اثنين
(2)
فاحفظ منه ما عدلٌ روى
فضائلها وخصائصها
وقد حوت فضائلاً كثيرة
…
مسطورةً في كتبٍ للسيرة
فإنها قد بُشّرتْ بالجنةِ
…
سيدةُ النساءِ تاجُ العفة
صابرةٌ ديِّنةٌ وخيِّرة
…
صيِّنةٌ قانِعَةٌ مستغفرة
الكذب على فاطمة
وهكذا كلُّ ذوي فضلٍ وجب
…
فليس ينجو من مبالغٍ كذَب
فكذبُ الرافضة الكثيرُ
…
قد عمّ آل البيت يا خبيرُ
(1)
قلت: ثم زاد واحداً، فأصبح مسندها تسعة وأربعين حديثاً.
(2)
الحاشية السابقة.
فاخترعوا من الأباطيل الهُرا
…
وزوَّروا وأكثروا المستنكرا
وابتدعوا في وصفها مناقبا
…
مع الغلو؛ كن لها مجانبا
طلبها الميراث وعلاقتها بأبي بكر الصدّيق رضي الله عنهما
وطلبت ميراثها من النبي
…
ولم تكن تعلمُ قبل الطلب
أن أباها ليس موروثاً كما
…
أخبرها الصدّيقُ قولاً مُحكما
فوجدت في نفسها وهجرتْ
…
حتى وفاتها وهذا قد ثبتْ
وقيل: قد أقنعها الصديقُ
…
قبل وفاتها وذا خليقُ
من بعده بايعه عليُّ
…
قدرُهما في أمتي عليُّ
ما نُظم في مدحها من الشعر
في مدحها التشريف للمحابرِ
…
كما أتى للحافظ «العساكرِ»
(1)
كذاك «إقبالٌ» على ما اشتهرا
…
من نظمه أرجوزةً مفتخرا
(2)
كذاك للمعاصرين مسلكُ
…
في نظم بعض فضلها يُستدركُ
(3)
حزنها على وفاة أبيها
وحزنت على وفاة المصطفى
…
وكربُها قد شاع فيما وصِفا
وقد نعتْ في تلكم المصيبة
…
خير الأنام إنها لبيبة
(1)
سبق ذكر قصيدة ابن عساكر.
(2)
سبقت الإشارة إلى قصيدة إقبال في ديوانه المطبوع.
(3)
كقصيدة د. ناصر الزهراني بعنوان «في رحاب الزهراء» ، وغير ذلك. [د. جبران].
…
قلت: وسبق إيرادها.
وصيَّتها
وقيل: قد أوصت بأن تُدفنَ في
…
ليلٍ لحرصها على السترِ اعرف
وفاتها
وفاتها بعد أبيها المصطفى
…
بستة الأشهر فيما عُرفا
سنة إحدى عشرة فلتعلم
…
في ثالث من رمضانَ الأعظم
يوم الثلاثا، زوجُها غسّلها
…
صلى عليها والبقيع أدخلا
للدفن ليلاً فيه فالوصية
…
نافذةٌ من حرةٍ أبيّة
وعمرها إذ ذاك في العشرين
…
بعد ثمانٍ من رحى السنين
قبرها
وقبرُها وسْط بقيع الغرقدِ
…
بلا خلافٍ فاستمع واستفد
مَن ترجَم لفاطمة عليها السلام
ترجمها جمعٌ من الأعلامِ
…
كالذهبيِّ الحافظ الإمام
وثَم مَن أفردها كالحاكمِ
…
ثم السيوطيِّ بثغرٍ باسم
ثم الصلاة والسلام السرمدي
…
على النبيِّ المصطفى محمد
وآله وصحبه ومن سلك
…
سبيله ما دار نجمٌ في الفلك
(1)
* * *
(1)
وكتبه: د. جبران سحّاري (12/ 2/ 1440 هـ).
2 ــ منظومة أخرى، كتبها لي فضيلة الشيخ الفاضل اللغوي: محمود بن محمد بن محمد بن هارون بن الصالح بن سيدي أبي بكر الإدريسي الحسَنِي
…
ـ حفظه الله ورعاه ـ.
(1)
منظومة في فاطمة رضي الله عنها
عظُم المرامُ فهل يُساعِفُ خاطري
…
بنظيمِ دُرٍّ من ثناءٍ عاطِر
أم هل لشعر أن تُحيطَ بحورُه
…
بخصائص الزهراء أخت الطاهر
ومحاسنٍ شاد المنزَّلُ أصلَها
…
فزَكَتْ وأَغْنَتْ عن سموط جواهر
نُبِّئْتُها فوق الحصى تَعدَادُها
…
يذر المفوَّه كالعييِّ الحائر
إنَّ المهابةَ ألجمَتْهُ مفحَماً
…
بالعيِّ عن خوضِ الخضَمِّ الزاخر
ماذا يقول عن البتول أما كفى
…
شرفاً لها يومُ الكساءِ الساتر
مجدٌ تأثَّل في ذؤابة هاشمٍ
…
وأتَمَّ أحمد نظمَ شملِ مآثر
هي بضعة المختار سَيِّدةُ النسا
…
فَرعٌ لدَوح مكارمٍ ومفاخر
وبأنها خير النساء وأُمُّها
(2)
…
صحَّ الحديثُ عن النبي الحاشر
(1)
امتدادُ النسَبِ من كتابته، وقد أرسلتُ له نبذة مختصرة للترجمة بتاريخ
…
(13/ 2/1440 هـ) راغباً منه نظمها، فوافق، ثم كتب لي هذه المنظومة (8/ 7/ 1440 هـ) في (117 بيتاً) ـ أحسن الله إليه، وجزاه خيراً كثيراً ـ.
(2)
جائز فيه الرفع والنصب.
زهرَا تَفتَّقَ نورُها مُتألِّقَاً
…
من دارة البدر المنير الزاهر
وهي البتول علَتْ على كُلِّ النسا
…
في الفضل والحسب المنيف الباهر
لقبَان من هذا ومن هذا جلا
…
عنوانُ طهرِ بواطنٍ وظواهر
إنْ كان أهلُ الرفض مُبتَكرَيْهِمَا
…
فمِنَ البداهة لا صياغةِ ماهر
ولها إذا عُدَّ الفخَارُ بسيِّدِيْ
…
شُبَّانِ دارِ الخلدِ تَاجُ مَفَاخِر
وبِذَين كانت تكتَنِي وبِبِكْرِها
…
وبأمِّ والدها السراجِ الباهر
بنت الأمين محمد وخديجة
…
خير النساء وأمِّ نسل الحاشر
أي أمِّ كلثوم وزينبَ قاسمٍ
…
ورقيةٍ أمِّ الحسين الزاهر
أبنا خديجة حلقة ذهبية
…
لم يُدْرَ منها أوَّلٌ من آخر
وإذا جَنَحْتَ إلى فضائل أمِّها
…
أَخَذَتْ بأطراف الفخار السائر
من مثل أم المؤمنين خديجةٍ
…
نُبْلاً وأخلاقاً وحُسنَ مآثر
فالمجدُ والشرف الرفيع لمن غَدَتْ
…
لمحمد سكنا وأيّ مناصر
واستبشرت بالوحي أولَ مؤمن
…
بنبوة الهادي الأمين موازر
جبريلُ أقرأَها السلامَ تحيةً
…
من ربها مصحوبةً ببشائر
بيتٌ من القصب المجوَّف ما بِه
…
صخب ولا نصب كهمِّ الناظر
…
به
وبمكةٍ من قبل بعثة أحمدٍ
…
بسنين خمسٍ في عديد مصادر
ميلادُ فاطمة وغيرُ محقَّقٍ
…
تحديدُ شهر بل أُفَيكة آثر
وبمهبط الأنوار حضنِ المصطفى
…
ظلَّتْ تُعلَّل بالضياء الباهر
فتألقَتْ منها مشابهُ أحمدٍ
…
وشمائلٌ تُزرِي بنفح أزاهر
هدياً وسمتاً مشيةً ما أخطأت
…
من مشية الهادي نُقَارةَ ناقر
كم هَشَّ مقبلةً إليها مَرْحَبَاً
…
بنتي وناجاها بغيب صائر
والله أكرمها سنين حياته
…
بجواره فاستاثرت بمآثر
من برِّه من نصره بمواقف
…
تركت لها حسن الثناء السائر
فهي التي قد زحزحتْ عنه السلا
…
وَتَلَتْ شتائم للفريق الكافر
وهي التي عند اغتسال المصطفى
…
لدخول مكة كنَّنَتْهُ بساتر
وغداة أُحْدٍ كَمْ سعَت في نسوة
…
بالما إلى أُسْدِ العراك الدائر
واذكر جميل بلائها إذْ أوقَفَتْ
…
نزف الدماء من الجبين الطاهر
وهناك ناولها أبوها سيفَه
…
نَقِّي الدماءَ عن الحسام الباتر
هذا اسم فاطمة كثير تردد
…
بحديث أحمد لاهتمام ظاهر
ولربما نُعِتَتْ ببنت محمد
…
رمزاً لصدق عواطف ومشاعر
وأتت مهاجرةً لبضعة أشهر
…
من هجرة المختار خير مهاجِر
مع أمِّ كلثوم وسودةَ أمِّنا
…
وأسامةٍ وأبيه حِبِّ الحاشر
في آل صاحبه أبي بكر أبي
…
غُرَر السوابق والثناء العاطر
لله درُّ ابن الربيع فقد وفى
…
لنبينا عِدَةَ الكريم الشاكر
تسريح زينب بِنتِهِ فتَجَهَّزَتْ
…
مع حَمْوِهَا عَنَقَاً لدار الحاشر
وسرَتْ مُهاجِرَةً ويا قُبحاً لما
…
فعل الكفور من الجفاء السافر
نخَسَ البعيرَ بها فألقت حملها
…
مما دهاها من البعير النافر
مَن حام حول حمى النبي فإنه
…
للهلك ساعٍ والبَوارِ الحاضر
يا آلَ أحمدَ حقُّكُم نصَّاً أتى
…
في سورة الشورى فهل مِن ذاكر
عهداً علينا واجبَاً إذْ كان من
…
حب الرسول موثقاً بأواصر
ولحبكم في المسلمين بأسرهم
…
بادٍ على بادٍ رأيت وحاضر
ومودةُ القربى لديهم طاعة
…
وعقيدة ودليل يُمْنٍ وافِر
وبِكُتْبِهم مأثورة مسطورة
…
تُرْوَى وتُدْرَسُ كابراً عن كابر
قد زاغ طائفتان فيه روافض
…
ونواصب باؤوا بصفقة خاسر
فالناصبيُّ مجاهر بعداوة
…
والرافضيُّ بعكسه في الظاهر
دَسَّ القوادح في مدائحَ زاهياً
…
ومباهياً بهوَى الغلوِّ السافر
ومتى تخَلَّتْ أمَّةٌ عن سنة
…
سلكَتْ بُنَيَّات الطريق الجائر
إن العَشاءَ هَوَى بهم في هوَّةٍ
…
لو يبصرون فلا لعا للعاثر
أيروِّجُونَ ببنت أحمد بدعةً
…
باءَتْ حُشودُهُم بِتَجْرٍ خَاسِر
علَتِ البَتولُ على المجرَّةِ هل ترى
…
ما فوقها مِن مُرتَقَى ومَظَاهِر
وغَلت فما ترضى لها زوجاً سوى
…
بدر تكَامَلَ في سماء مفاخر
من هاشمٍ طرفاه في بحبوبة
…
حيث المجادةِ والفخارِ الفاخر
ذاك ابن عم نبينا وأخوه ذو
…
لبَّاه أول مؤمن ومناصر
بادي السيادة والفروسة والهدى
…
إن الفرات من المحيط الزاخر
رَبِّع به الخلفاء فهُوَ نديدهم
…
وقرينهم في سؤدد ومآثر
حبر المنزل أي راسٍ راسخٍ
…
في العلم كان من الطراز النادر
وقضيَّةٌ مَّا لا أبا حسنٍ لها
…
مثل يَصُكُّ صدَاه كُلَّ مكابر
لولا اشتعال النار فيما جاورت
…
ما كنتَ تعرفُ زاكياتِ عواطر
ويح الحسود فكم له من نعمة
…
كالنشر في محسوده لمآثر
عدد الحصى مشهورة مشهودة
…
طفحَتْ بمسندها ألوفُ مصادر
من كان مولًى للرسول فإنه
…
مولَى عليٍّ من حديث الحاشر
صهر النبي وسيف مولانا علَى
…
أعدائه ليث الحروب الزائر
شهد المشاهدَ غيرَ غزوة عسرةٍ
…
خلَفَاً على آل النبي الطاهر
فغدا كما هارونَ من موسى أخا
…
لنبينا أمسى بحظ وافر
وبتفلةٍ ميمونةٍ من أحمد
…
في عينه حلَّ الشفا ببواصر
واختصَّهُ ربي براية خيبر
…
قُرنَتْ بغُرِّ مناقب ومآثر
حبُّ الإله علا وحبُّ نبيه
…
وبشارة أخرى بفتح ظاهر
وبمرحب ضاقت معاقل خيبر
…
دوَّى بها صوتُ الهزبر الكاسر
هذا عليٌّ بالفوارس نازل
…
ومعجل ليهود عقبى الكافر
اللهُ أكبر أيُّ حصنٍ قد هوى
…
في خيبر فَغَدَا كأمس الدابر
بجيوش أحمد فتيةٍ من طيبة
…
كأسود بيشةَ في قناً وبواتر
هذا الذي اختارته بنت محمد
…
زوجاً بذروة سؤدد ومآثر
رضي الحبيب به وبارك داعيا
…
لهما دعاءً واعداً ببشائر
فتسلسلت ذريَّةٌ نبويةٌ
…
علوية منها منائر سائر
سبطا الرسولِ ومحسنٌ مع زينبٍ
…
وبأم كلثومٍ تمامُ أزَاهِر
درجوا بلا عقِبٍ جميعاً ما عدا
…
ريحانتَي خيرِ العباد الحاشر
وكذاك زينبُ أعقبت ذريةً
…
في باذخِ الشرف الرفيع الظاهر
أبناء عبدالله فلذة جعفر
…
أي نجله قُطْب السخاء الزاخر
ثم الشريف لآله طراً جرى
…
لقباً تواتر في الزمان الغابر
وبنو عبيد وحدَهم خصُّوا به
…
ذُريَّةَ السِّبْطَين دون معاشر
من سائر القربى وكم من عثرةٍ
…
للباطنية لا تقال لعاثر
ولهم أضافوا مع شريفٍ سيِّداً
…
مقرونة بسماه عند الذاكر
كلٌّ جرى إطلاقه عُرفاً على
…
آل الحسين وصنوِهِ في الغابر
بنقول أهل العلم جارٍ والقضا
…
في رسمهم لصكوكه ومحاضر
من خص صنفاً عن سواه بسيِّد
…
تَركَ الصوابَ إلى طريق جائر
يا ليته إذْ لَجَّ في تفريقه
…
ردَّ القضية للحديث السائر
بسيادة الحسن الرضى وبِلَمِّه
…
لشتات أمَّةِ جدِّه المتناثر
لا لا تُفضِّلْ بين آل محمد
…
لمناطق أو لاختلاف عشائر
فبوصفهم قُربى النبي وآله
…
أحكامُهُمْ لا باصطلاح معاشر
فهنالك الشرف المضيء بأصله
…
تقوى الإله ولا صعودَ لفاجر
وبَني البتول مَيَّزوا بعمامة
…
أو شطفة خضراء دون مشاطِر
فبتلك أو بعصائب خُضْر على
…
تلك العمائم زِيُّهُم في الآخر
ولَنُورُ أحمَدَ ساطعاً بجباههم
…
أجلى لباغي قرائن وأمائر
والهاشميُّ وِلايةً في عرفهم
…
وَسْمُ المُوَالي والحليفِ الناصر
رجعى لفاطمة وهات ما روى
…
عنها الأئمة من حديث الحاشر
فهي التي قد لازمته حياتَها
…
ليس البعيد كالقريب الحاضر
أحرى حَرِيٍّ أن تحدث ما تشا
…
ببواطن من أمره وظواهر
فروى ابنُها أعني الحسينَ وبنتُه
…
وأبوه عنها في جموع أكابر
وكذا الجماعة قد رووا في كتبهم
…
عنها الحديث كابراً عن كابر
هذا ومسندها تناهى سبعة
…
في سبعة أخرى بعدٍّ حاصر
قد خرج الشيخان منه ثلاثة
…
وتفرق الباقي خلال مصادر
يا ليتها عاشت طويلاً نرتوي
…
مما تُروِّي عن أبيها الحاشر
رضي الإله عليكم من صفوة
…
خلقت شموس هداية للسائر
فلأنتمُ آل النبي أحقُّ مَن
…
راجت بهم دُرَرُ الثناء السائر
ولأنتم أولى الورى بفواضل
…
وفضائل ومكارم ومآثر
صلى الإله على أبيك نبيِّهِ
…
وعلى الصحاب مُهَاجرٍ ومُنَاصِر
والزوجِ ما سار الحجيج ملبِّياً
…
ومهلِّلاً بطوائر ومواخر
وكذاك ما صلى عليه مسلِّماً
…
عَبدٌ فآب بها بخير وافر
* * *
33.
لطائف في موضع باب فضائل = مناقب فاطمة، أو ترجمتها.
1 ــ موضع باب مناقبها:
كثيرٌ من أهل الحديث بدأوا في مصنفاتهم بفضائل ومناقب فاطمة، قبل غيرها من النساء.
بدأ الإمام أحمد بن حنبل (ت 241 هـ) رحمه الله في كتابه «فضائل الصحابة» بفضائل العشرة المبشرين بالجنة، ثم بعدهم (2/ 754) فضائل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم الحسن والحسين
…
إلخ.
وأما في «مسنده» فقد بدأ الإمام أحمد في مسانيد النساء بمسند عائشة أم المؤمنين، وقد استغرق أربع مجلدات ـ ط. الرسالة ـ من مجلد 40 إلى 43). ويبدو أنه بدأ بها لكثرة أحاديثها رضي الله عنها.
ثم بعدها: مسند فاطمة رضي الله عنها في أول مجلد (44/ 9 ـ 21).
(1)
(1)
ثم حفصة أم المؤمنين، ثم أم سلمة أم المؤمنين، ثم زينب بنت جحش أم المؤمنين، ثم جويرية بنت الحارث أم المؤمنين، ثم أم حبيبة بنت أبي سفيان أم المؤمنين، ثم خنساء بنت خِذام، ثم أخت مسعود ابن العجماء، ثم رميثة، ثم ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين، ثم صفية أم المؤمنين، ثم أم الفضل امرأة العباس، ثم أم هانئ بنت أبي طالب، ثم أسماء بنت أبي بكر
…
إلخ
والإمام البخاري (ت 256 هـ) رحمه الله في «صحيحه» في كتاب المناقب، قدَّمَ بابَ مناقبِ فاطمة قبلَ مناقبِ عائشة.
وهي ـ أعني فاطمة ـ أول امرأة يَردُ لها بابٌ في كتاب المناقب.
وأما خديجة فأورد فضلَها بعد ذلك بعشرين باباً ضمن كتاب مناقب الأنصار: باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وفضلها رضي الله عنها.
أما الإمام مسلم بن الحجاج (ت 261 هـ) رحمه الله في «صحيحه» فمن المعلوم أنه وضع في صحيحه كتباً، ولم يضع أبواباً، وإنما وضعَها مَن بعدَه مِن الشراح، كالقرطبي والنووي. وإن كانت أحاديث الإمام مسلم مرتبة على الأبواب دون تسميتها.
فقد ذكر كتاب فضائل الصحابة، وأورد أحاديث في فضائل غالب العشرة المبشرين بالجنة، ثم الحسن والحسين، ثم أهل البيت، ثم زيد بن حارثة وأسامة، ثم عبدالله بن جعفر، ثم خديجة، ثم عائشة، ثم فاطمة، ثم أم سلمة أم المؤمنين، ثم زينب أم المؤمنين، ثم أم أيمن
…
إلخ
والإمام الترمذي (ت 279 هـ) رحمه الله في «جامعه» ذكر: باب ما جاء في فضل فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم. وهو أول باب في مناقب امرأة من كتاب المناقب.
ثم بعدها: خديجة، ثم عائشة، ثم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم -
والطبراني (ت 360 هـ) رحمه الله في «المعجم الكبير» (22/ 396)، قال: (ما انتهى إلينا من مسند النساء اللاتي روَين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرَّجْتُ أسماءَهُنَّ عَلى حُروفِ المعجَمِ، وبدَأَتُ بِبَنَاتِ
…
رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وأزواجِهِ؛ لِئَلا يتقَدَّمَهُنَّ غيرُهُنَّ.
وكانَتْ فاطمةُ أصغرَ بناتِ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وأحبَّهُنَّ إليه؛ فبَدَأتُ بِهَا لِحُبِّ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إيَّاها.
والآجري (ت 360 هـ) رحمه الله في «الشريعة» بدأَ بفضائل الخلفاء الراشدين، ثم (5/ 2113) كتاب فضائل فاطمة، ثم كتاب فضائل الحسن والحسين، ثم كتاب جامع فضائل أهل البيت.
وأبو نعيم الأصبهاني (ت 430 هـ) رحمه الله قال في «معرفة الصحابة» (6/ 3185): (بَدَأنَا بِذِكْرِ بنَاتِهِ، ثمَّ أزواجِهِ، ثمَّ سائرِ الصحابيات بعدَهن
…
ـ رضوان الله عليهنَّ ـ على حُروفِ المعجم، حَسبَ ما انتَهى إلينا، وأحطْنَا بِهِ عِلْمَاً، والله ولي التوفيق.
بدأنا بِذِكْرِ فاطمة رضي الله عنها؛ إذْ كانَت عُضْوَاً من أعضائِهِ، وكَانَت مخصوصة مِن بَين أولادِهِ بمَحَبَّتِهِ لها، كانَتْ أصغرَ بنَاتِهِ سِنَّاً، بشَّرَهَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّها أولُ أهلِهِ لُحُوقَاً بِهِ، وكَانَتْ مِن خَيرِ نِسَاءِ العالَمِين، وسيِّدَةِ نِسَاءِ هذه الأمة، ونساءِ أهلِ الجنة، كانَتْ المحصنَةَ الطاهرَةَ الزهرَاءَ البَتُول، يَغضَبُ الله لِغَضَبِهَا ويَرضَى لِرضَاهَا .... ).
وبدأ أبو نعيم الأصبهاني ـ أيضاً ـ في كتابه «حلية الأولياء» (2/ 39) في قسم النساء قبل أمهات المؤمنين وبقية بنات النبي صلى الله عليه وسلم والصحابيات رضي الله عنهن.
وأما أبو عبدالله الحاكم النيسابوري (ت 405 هـ) رحمه الله فذكرها في أول كتاب معرفة الصحابة من «المستدرك» (3/ 64)، وفي ط. الميمان
…
(6/ 5) ذكر مناقب الخلفاء الراشدين: أبي بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي.
ثم (3/ 158) مناقب أهل البيت، ثم (3/ 164) مناقب فاطمة. ثم الحسن والحسين.
ثم أورد أبواباً كثيرة في مناقب الصحابة والصحابيات.
ثم في (4/ 45): ذكر بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فاطمة، فذكر مناقب: زينب، ثم رقية، ثم أم كلثوم.
فهو رحمه الله فرَّق بين أبواب بنات الرسول صلى الله عليه وسلم، وجعل فاطمة وولديها بعد علي ومناقب آل البيت.
ولم يعجبني هذا التفريق.
ومِثلُ الحاكمِ: المحبُّ الطبري (ت 694 هـ) رحمه الله فقد ذكر في
…
«ذخائر القربى» (ص 261) أولاد النبي صلى الله عليه وسلم، وفصَّل فيهم. إلا فاطمة فقال في (ص 269) في الفصل المختص بها: (تقدمت أحاديث هذا
الفصل في القسم الأول، دعت إليه ضرورة التأليف).
ذكرها في القسم الأول المتضمن أبواباً في القرابة وفضل آل البيت
…
(ص 64).
قلت: لم يظهر لي ضرورة أو حاجة البدء بعلي وفاطمة والحسن والحسين. والتفريق بين بنات النبي صلى الله عليه وسلم.
البغوي (ت 516 هـ) رحمه الله في «شرح السنة» ذكر مناقب خديجة، ثم فاطمة، ثم عائشة.
2 ــ موضع ترجمتها:
كثيرون بدأوا بها في النساء، ومنهم مَن بَدأ بها في حرف الفاء، ومنهم من قدَّمها على جميع الفواطم، ولم يُرتِّبها على الحروف التي التزمها.
من اللطائف:
أنَّ الإمام أحمد (ت 241 هـ) رحمه الله ذكر النساء اللاتي رَوين عن النبي صلى الله عليه وسلم فبدأ بفاطمة، وذكر نَسَبَها، ثم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ثم بقية النساء:
قال عبدُالله بن الإمام أحمد: (وجدَتُ في كتابِ أبي: مَن روَى عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم من النساء:
فاطمةُ بنتُ محمدٍ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم سيِّدِ المسلمين وإمامِ
المتقين ورسُولِ ربِّ العالمين محمدِ بنِ عبدِالله بن عبدِالمطلب بنِ هاشم بن عبدِمناف بن قُصَي بنِ كلاب بن مُرَّةَ بنِ كعبِ بنِ لُؤَي بنِ غالِبِ بنِ فِهْرِ بنِ مَالِكِ بنِ النَّضْرِ بنِ كِنَانَةَ بنِ خُزَيْمَةَ بنِ مُدْرِكَةَ بنِ إلياسَ بنِ مُضَر.
وأزواجُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: عائشة ..... إلخ.
(1)
وكذلك ابنُ أبي خيثمة (ت 279 هـ) رحمه الله قال:
تسمية مَن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من بنات هاشم، فبدأ بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صفية بنت عبدالمطلب
…
إلخ.
(2)
وابن سعد (ت 230 هـ) رحمه الله في «الطبقات الكبرى» (8/ 19) بدأ في باب النساء بذكر خديجة، ثم بناتِها بناتِ النبي صلى الله عليه وسلم، وبدأ بفاطمة، ثم زينب، ثم رقية، ثم أم كلثوم، ثم أمامة، ثم عمات النبي صلى الله عليه وسلم.
والدولابي (310 هـ) رحمه الله في «الذرية الطاهرة» ذكر خديجة، ثم أولاد النبي صلى الله عليه وسلم بالترتيب: زينب، ثم رقية، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة.
ومن اللطائف:
ذكر ابن حبان (ت 354 هـ) رحمه الله في «الثقات» لابن حبان (3/ 334): مَن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من النساء، من ابتدأ اسمها على
(1)
«العلل ومعرفة الرجال لأحمد» رواية ابنه عبد الله (3/ 406) رقم (5784).
(2)
«التاريخ الكبير» لابن أبي خيثمة (2/ 774).
الفاء. فابتدأ بفاطمة رضي الله عنها.
وابن عبدالبر (ت 463 هـ) رحمه الله، وابنَ الأثير (ت 630 هـ) رحمه الله أوردا ترجمة فاطمة فيمن يبدأ اسمها بحرف الفاء، ثم في الفواطم، ترتيبها باسم والدها، فجعلا الترتيب التالي فيمن اسم والدها يبدأ بحرف الراء، فاطمة بنت رَسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما ابن حجر (ت 852 هـ) رحمه الله في «الإصابة» فابتدأ بها في الفواطم. وكذلك فعل في زينب قدَّمها على جميع الزيانب. أما رقية فمع ترتيب اسم والدها «م» = «محمد» ، وأما أم كلثوم فبدأ ببنت النبي صلى الله عليه وسلم فيمن اسمها أو كنيتها أم كلثوم.
وأبو موسى الرعيني المالقي (ت 632 هـ) رحمه الله في كتابه «الجامع لما في المصنفات الجامع من أسماء الصحابة الأعلام أولي الفضل والأحلام» ، فقد ذكر (6/ 356) فاطمة بنت محمد، بهذا الترتيب.
وذكر أنه سبقت ترجمتها في بناته رضي الله عنهن
(1)
(1)
وللأسف الجزء الذي أحال إليه لا يوجد أصلاً، فقد ذكر محقق الكتاب (6/ 178) أن أواخر الكنى وأوائل النساء مفقود.
ويبدو لي أنه بدأ في النساء ببنات النبي صلى الله عليه وسلم أو ذكرهن بعد أزواجه.
المزي (ت 742 هـ) في «تهذيب الكمال» للمزي (35/ 247) بدأ بها في الفواطم: فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبعه في ذلك فروعه:
…
«تهذيب التهذيب» (12/ 440)، و «تقريب التهذيب» (ص 770) كلاهما لابن حجر.
الذهبي (ت 748 هـ) في «سير أعلام النبلاء» ذكرها في المجلد الثاني، بعد خديجة، وفاطمة بنت أسد ـ أم علي ـ، ثم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عائشة، ثم بقية أمهات المؤمنين، ثم زينب، ورقية، وأم كلثوم بنات النبي صلى الله عليه وسلم.
التقي الفاسي (ت 832 هـ) في «العقد الثمين» (8/ 283) ذكرها في أول حرف الفاء.
ويحيى العامري الحرضي اليمني (ت 893 هـ) في «الرياض المستطابة» (ص 328)، بدأ بها في النساء.
السخاوي (ت 902 هـ) في «التحفة الطيفة» (9/ 348) ذكرها في حرف الفاء، ثم بدأ بها في الفواطم: فاطمة الزهراء ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعدها الفواطم على ترتيب الاسم الثاني = والدها.
وكذلك فعل في زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ابتدأ بها في الزيانب، وكذا رقية، وأم كلثوم، والأخيرة وضعها في الكنى.
فقَّدَمَهُنَّ كلَّهنَّ على مشاركاتهن في الاسم الأول.
الخلاصة:
هذه علامة من العلامات الكثيرة الصريحة الدالة على حب أهل السنة والجماعة لفاطمة رضي الله عنها وبنات النبي صلى الله عليه وسلم، وآل البيت.
فمع التزام عدد منهم الترتيب على الحروف إلا أنه يخالف ذلك في بنات النبي صلى الله عليه وسلم، ومع قلة أحاديث فاطمة رضي الله عنها فإن بعض العلماء بدأ بذكرها وتقديمها على غيرها، والمسألة كلُّها ترتيب فحسب.
لكن المحبة الشرعية العظيمة في قلوب علماء أهل السنة، جعلتهم يعتنون بآل البيت حتى في الترتيب، ففي النساء يبدأون ببنات النبي صلى الله عليه وسلم، وأزواجه رضي الله عنهن.