المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ انتبه بعض المستشرقين إلى الغلو والأساطير المفتعلة من الرافضة - فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - سيرتها، فضائلها، مسندها - رضي الله عنها - - جـ ١

[إبراهيم بن عبد الله المديهش]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة:

- ‌حدود الكتاب:

- ‌الدراسات السابقة، والمؤلفات المفردة في فاطمة:

- ‌خطة الكتاب

- ‌تنبيهات:

- ‌ لِمَ الإطالة العلمية في موضوع فاطمة رضي الله عنها

- ‌التمهيد:

- ‌المبحث الأول:المؤلفات في فاطمة رضي الله عنها ــ عرض ونقد

- ‌القسم الأول: الكتب المطبوعة:

- ‌القسم الثاني: المخطوطات في فاطمة رضي الله عنها

- ‌المبحث الثاني:ترجمة فاطمة رضي الله عنها

- ‌سبب إيراد هذه الترجمة مع أن الكتاب كلَّه ترجمة:

- ‌ لم يبقَ شئٌ من آثار النبي صلى الله عليه وسلم الحسية

- ‌ من أوائل من دخل في الإسلام

- ‌ هل تعرَّض الحويرثُ بنُ نُقَيذ لفاطمة وأم كلثوم رضي الله عنهما عند هجرتهما

- ‌ لقَبُ الأشراف

- ‌ لقب: الحسَني أو الحُسَيني الهاشمي، أفضل وأحسن من لقب: الشريف أو السيد

- ‌حَريٌّ أن يُمنَع هذا اللقب «الهاشمي» في بلاد الإسلام إلا لآلِ النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ اللباس:

- ‌ إطلاق لفظ السيد على البشر

- ‌نكاح الفاطميات من غير الفاطميين

- ‌ عِلمُ فاطمة رضي الله عنها

- ‌ الكذب على فاطمة رضي الله عنها

- ‌ علاقتها بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ قصائد في مدح فاطمة رضي الله عنها

- ‌ منظومات لترجمة فاطمة رضي الله عنها

- ‌ من ترجم لفاطمة رضي الله عنها

- ‌المبحث الثالث:عقيدة أهل السنة والجماعة في آل بيت النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم

- ‌من أخبار السلف في تعظيم آل البيت:

- ‌أقوال أئمة الاعتقاد في آل البيت:

- ‌المبحث الرابع:عناية أهل السنة والجماعة بجمع مرويات…آل البيت وفضائلهم

- ‌ الكتب المفردة العامة في آل البيت

- ‌ الكتب المفردة في ذرية النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ الكتب المفردة في بني هاشم

- ‌المبحث الخامس:‌‌فاطمة رضي الله عنها في كتب: الرافضة،…والإسماعيلية، والمستشرقين

- ‌فاطمة رضي الله عنها في كتب: الرافضة

- ‌ فاطمة رضي الله عنها في كتب الإسماعيلية

- ‌ فاطمة رضي الله عنها في كتب المستشرقين

- ‌من كتابات المستشرقين المفردة(1)عن فاطمة رضي الله عنها

- ‌ المدرسة الاستشراقية في كتابات السيرة:

- ‌ انتبه بعضُ المستشرقين إلى الغلو والأساطير المفتعلة من الرافضة

- ‌إنَّ أسعدَ الناس بمحبة وموالاة ومتابعة آل البيت ــ ومنهم فاطمة رضي الله عنها ــ هم أهل السنة والجماعة لا غير

- ‌المبحث السادس:تطبيق منهج النقد الحديثي على مرويات السيرة،…والروايات التاريخية؛ للقبول أو الرد

- ‌ كتب التاريخ العامة ليست من عُمَد أهل السنة والجماعة في معرفة أحكام الشريعة، وفضل الصحابة وأحوالهم

- ‌«مَن وُثِّق في عِلْمٍ وضُعِّف في آخر

- ‌عُلِم مما سبق أنَّ المغازي، والتفسير، والملاحم، تَقِلُّ فيها الأسانيدُ الصحيحةُ المتَّصِلَةُ، فما بالُكَ بما دونها من الآثارِ في سِيَر وقَصَصِ الصحابة، ثم التابعين، ثم مَن بعدَهم التي تَرِدُ في كُتُبِ التاريخ، وكُتُبِ مَنْ حشَاها بالروايات المنكرة

- ‌ ذكر ابن حجر: أن المؤرِّخ لايكتفي بالنقل الشائع، لا سيما إذا ترتب على ذلك مفسدة

- ‌ليس من الصوابِ أن نُقسِّم المسألة إلى: أحاديث نبوية، وروايات تاريخية فقط، فهذا تقسيم قاصِر، بل ينبغي أن تُعرَفَ مَراتِبُ الأحاديث، والمرويات

- ‌ مرويات سيرةِ فاطمة رضي الله عنها تُعتَبَرُ من الأحاديث النبوية

الفصل: ‌ انتبه بعض المستشرقين إلى الغلو والأساطير المفتعلة من الرافضة

يعيشون فى عالم من الوَجْد الديني، حيث يُفضِّلون خوض التجارب الدينية غير العادية، بل إنَّ هذا التفسير قد يُرضي الدارسين المهتمين بالقضايا الدينية؛ لأنه يُقدِّم لنا توضيحاً دينياً نفسيَّاً «سيكولوجيا» لأصل تطور الأفكار الأسطورية المتعلقة بابنة النبى [صلى الله عليه وسلم]، كما أن هذا التفسير يُعَدُّ بمثابة جِسْر أو رابط بين الحقيقة التاريخية والأسطورة الشعبية، وهو ما فَشِلَ لامانس فى تقديمه، لكننا لا يمكن أن نهرب من اعتراضات المؤرِّخين على منهج ماسينون التفسيري هذا، على اعتبار أنه قد أخضع الحقائق للعقائد التى تحَّلقَتْ حول فاطمة، والتي لم تظهر إلا مؤخَّراً).

(1)

وقد‌

‌ انتبه بعضُ المستشرقين إلى الغلو والأساطير المفتعلة من الرافضة

، فقالوا: (وفي هذا المقالِ سَنذكرُ بعضَ الحقائق التي قد تبدو غيرَ مهمَّةٍ، لكنَّها في الواقع تُمثِّل تَطَوُّرَاً غيرَ مُتَوقَّعٍ للعقائد المتحَلِّقَةِ حَولَ فاطمة خاصةً بين الشيعة

(2)

، فعُرسُ فاطمةَ أو جَهازَ عُرْسِهَا أصبح ــ على سبيل المثال ـ موضوعاً للمسرحيَّات الدينية الفارسية، بالإضافة لِطُقوسِ «التعزية» ،

أو «التعازي» المشهورة لديهم).

(3)

(1)

«موجز دائرة المعارف الإسلامية» (25/ 7710).

(2)

بل هي عندهم وليست عند أهل السنة والجماعة، وإذا ذكر أهل السُّنَّة شيئاً منها، فإنما يذكرونه في كتب الموضوعات = المكذوبات؛ للبيان والتحذير.

(3)

«موجز دائرة المعارف الإسلامية» (25/ 7710).

ص: 443

ثم عرضوا سيرة فاطمة رضي الله عنها معتمدين ـ كما ذكروا ـ على:

«الأنساب» للبلاذري، و «الطبقات» لابن سعد، و «الكتب الستة» ، وعَرْضُهُم مُوجَزٌ جداً، بأسلوب رَكِيكٍ، وفَهْمٍ سَقِيمٍ، وفيه أخطاء وأوهام.

بدأوا بذِكْرِ وِلادَتِها، وتَرتيبِها بين أخَواتِها، وهِجْرَتها، وخِطْبَتِها، وزواجِها، وأولادِها، وحياتِها مع زَوجِها، والخلافات الزوجية، وبعضِ الأحداث في حياة النبي صلى الله عليه وسلم التي كانَتْ فاطمةُ طرفاً فيها.

وذكروا أنَّ أهل البيت خمسة منهم: فاطمة.

وذكروا موقفَ فاطمةَ أثناء مَرضِ النبي صلى الله عليه وسلم، وفاطمةَ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وطلبَها الميراث، ومَرَضَها ووفاتِها.

وذكروا صفاتَ فاطمة، وفاطمةَ في الأساطير ـ صرَّحُوا باعتمادِهم على ثلاثةِ كُتُبٍ رافضية متقدِّمَةٍ ـ، وذكروا فاطمةَ في العبادات المعاصرة عند الرافضة، وفاطمةَ عند الإسماعيلية، ثم ذكروا حَدِيثاً عن الفاطميين نَسبَهُم وتَاريخَهُم.

ص: 444

من الأخطاء التي وقعوا فيها، والمعلومات التي ليس لها أصل:

(1)

ــ «موجز دائرة المعارف الإسلامية» (25/ 7713) ذكروا أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قدَّم لابنته وزوجها بعض عذوق! (أفرع) من أعشاب عطرية.

قلت: لا أعلم مستند ذلك.

ــ (25/ 7713) ذكروا أن علياً بنى بعد الزواج داراً غير بعيدة عن دار النبي صلى الله عليه وسلم، لكن فاطمة كانت راغبة في أن تكون دارها أقرب ما تكون لدار أبيها، فقدَّم لهما الحارثةُ بن النعمان ـ وهو رَجُلٌ من أهل المدينة ـ دارَه.

قلت: ذكرتُ هذه المسألة في موضعها في الكتاب، لكن لم يَبنِ عليٌّ داراً، ولم تطلب فاطمة، وإنما طلب النبي صلى الله عليه وسلم أن يحوِّلها إليه، وأسكنها داراً من دور حارثة.

ــ (25/ 7714) عُرِضَ على عليِّ أن يتزوج ابنة أبي جهل، وأبو جهل هو: عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي القرشي. فخطب النبي صلى الله عليه وسلم وقال ما قال معترضاً ..

ذكر المستشرقون أنهما امرأتان: واحدة بنت أبي جهل، والثانية: بنتٌ

(1)

غير المعلومات المبنية على أحاديث مكذوبة.

ص: 445

من بني هاشم بن المغيرة.

وهذا خطأ.

ــ (25/ 7714) قالوا: (لم يكن عليٌّ وفاطمة يعيشان في وفاق دائم، وكان عليٌّ يُعامل فاطمة بالغلظة فكانت تشكوه لأبيها، وكان البشر يعلو وجه الرسول [صلى الله عليه وسلم] عندما يُوفِّق بينهما. لكن حدثَتْ مشكلة ذات خطر حقيقي عندما عرَض بنو هشام بن المغيرة

).

قلت: كانا ـ في علاقتهما الزوجية ـ مِثْلَ الناس، الأصل بينهما الوفاق والمحبة، وكان عليٌّ مغتبطاً بابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخلافات بينهما طبعية وهي عارضة، كما كانت الخلافات العارضة في بيوت النبي صلى الله عليه وسلم.

وقولهم: بأنه كان يعاملها بالغلظة، غير صحيح، وليس له مستند.

ــ (25/ 7714) ذكروا أن علياً كُني بأبي تراب، لأنه لما خرج بعد نزاع من فاطمة، وضع التراب على رأسه! !

قلت: غير صحيح، وإنْ ذُكر عند ابن إسحاق بلا إسناد. والصحيح: أنه نام على الأرض وأصاب رأسه التراب، فعلق به شئ منه، ولم يضع هو التراب على رأسه! ! وانظر في ذلك:

الباب الأول: الفصل الثالث، المبحث الرابع: وقوع المغاضبة بين فاطمة وعلي رضي الله عنهما.

ص: 446

ــ (25/ 7715) طلب أبو سفيان من فاطمة أن تشفع لهم قُبيل «فتح مكة» قالوا: وكان هذا الطلب وجَيشُ الرسولِ مُحيطٌ بمكة! !

قلت: ليس بصحيح. بل كان في المدينة، لم يتحرك بعد.

ــ (25/ 7715) قالوا: (ذهبت لمكة بعد الفتح، فطلب منها

أبو سفيان أن تهبه حمايتها ـ أن تجيره ـ لكنها رفضت، ونهت طفلها عن فعل ذلك، لأن النبي [صلى الله عليه وسلم] رفض أن يجيره أحد).

قلت: هذا غير صحيح، فهذا كان في المدينة، حينما طلب الشفاعة من أبي بكر، وعمر، ثم فاطمة

وليس في مكة.

وقد نبَّه الأساتذة مخرجو الكتاب على هذا الخطأ.

ــ (25/ 7716) قالوا: (قامت فاطمة وزوجها وأبناؤها بِدَورٍ مهم في «المباهلة»، ذلك الحدَث الذي أصبح له صدى عظيم بين الشيعة).

قلت: ما قاموا بشئ! ! بَاهَلَ بهم النبي صلى الله عليه وسلم فأين العمل الذي قاموا به؟ !

ــ (25/ 7716) قالوا: (أهل البيت خمسة منهم فاطمة).

قلت: آل البيت ليسوا خمسة فقط، والخمسة من أقرب آل البيت.

ــ (25/ 7717) قالوا عن قرابات النبي صلى الله عليه وسلم: (

بل وامتدت لتدعيها جماعات من المجتمع كالأنصار مثلاً، والحقيقة أنها امتدت لتشمل المجتمع كله).

قلت: هذا كذب مفترى.

ص: 447

ــ (25/ 7719) قالوا: (وظل الشيعة لعدة قرون يناقشون أحقية فاطمة فى «فدك»).

قلت: بل لا زالوا، ولن يزالوا؛ لأنها من أركان دينهم.

ــ (25/ 7720) قالوا عن اغتسالها قُبيل موتها: (وكفَّنَتْ بَدَنَها بعباءات خشنة).

قلت: وصف «الخشنة» لم أعلم مستنده، مع أنه لا يصح في الموضوع شئ.

ــ (25/ 7720) قالوا: (وطلَبَتْ من أسماء بنت عُميس أرملة جعفر بن أبي طالب التي ساعدتها فى الغسل وفي تكفين نفسها .. ).

قلت: أسماء في ذلك الوقت ليست أرملة جعفر، بل زوجاً لأبي بكر الصديق رضي الله عنهم.

ــ (25/ 7720) قالوا: (فَوِفْقَاً لما ذكره اليعقوبي فإنها وبَّخَتْ بِعُنْفٍ كُلَّ مَن عادَها من زوجات الرسولِ ونساءِ قريش، وأوصَتْ أسماء بنتَ عُمَيس بمنع عائشة من الدخول .. ).

قلت: هذه معلومات رافضية مكذوبة.

ــ (25/ 7721) تكلموا عن لقب فاطمة «أم أبيها» واستظهروا أن منشأه من الشيعة، وقالوا: (وقد لفَتَ المستشرقُ: ماسينون الأنظارَ إلى وجود صِلَةٍ بين عقيدة المسيحيين فى مريم باعتبارها ـ أم الرب ـ، وعقيدة بعض

ص: 448

المسلمين في فاطمة ـ أم أبيها ـ فالكنيتان متناظرتان).

قلت: مريم امرأة من البشر، وعيسى عبدُالله ورسولُه، وكذا فاطمة ووالدها النبي صلى الله عليه وسلم، فأي صلة في عقيدة المسلمين، وعقيدة النصارى الباطلة! !

والكنية «أم أبيها» : محدثة جديدة ـ كما سيأتي بيانها في موضعها ـ.

ــ (25/ 7721) قالوا: (ومِن المؤكَّدِ أنَّ فاطمة لم تكن جميلةً؛ لأن المصادر سكَتَتْ عن منظرها، بينما تحدَّثَتْ عَن جمالِ أختها رقية، واكتفت ـ أي المصادر ـ بأن ذكرَتْ أنَّ مِشْيَتَهَا كانت تُشْبِهُ مِشْيَةَ أبيها).

قلت: هذه وقاحة وجهل كبير، فليس في كتب المسلمين وصفٌ لملامح النساء الصحابيات ولا غيرهن، لأنَّ الله قد فرَضَ الحجاب على نساء المؤمنين، والحجابُ سَتْرُ الوجه كُلِّه، مع نقاب للنَّظَرِ إنْ أرادَتْ.

ثم أين ذُكِرَ وَصْفُ زَينَب؟ !

وهذه المعلومة ــ كما سيأتي ـ أكثر مَن ذكَرَهَا المستشرق: لامنس.

علَّق الأساتذة مترجمو «موجز دائرة المعارف» ـ جزاهم الله خيراً ـ على الجهل السابق بقولهم: (لا مجال في الواقع لتأكيد ذلك أو نفيِه، ولا مبرر للخوض فيه، لكن المصادر على أية حال مجمِعَةٌ على وسَامَةِ

النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وجمالِ خديجة رضي الله عنها، كما أنَّ الجمالَ نِسْبِيٌّ، ومَا دامَ

ص: 449

عليٌّ ـ كرَّمَ الله وجهَهُ ـ قدْ رَضِيَ بِها، وأحبَّها، فما دخلُ الأستاذُ

المستَشْرِق)؟ !

ــ (25/ 7722) قالوا: (ولا يمكن وصفها بأنها امرأة واهنة مريضة، كما ذهب لامنس؛ اعتمادَاً على حديثين، لابُدَّ أنهما قِيلا في ظروفٍ خاصة، فهناك حقائق أخرى تُفِيدُ عكس ما ذكرَهُ لامنس، فقد كانت ولودَاً أنجبَتْ خمسَاً، كما كانت تقوم بأعمال بيتها بنفسها، وقامَت برحلَتَيْنِ إلى مكة. كل ذلك يشير إلى أنها كانت صحيحة البدن.

وتشير كل الوقائع إلى أنَّها كانت امرأةً صَبُورَةً دؤوبَةً تعمَلُ بِجِدٍّ، وأنها كانت تَجِدُ مُتْعَةً في مُسَاعَدَةِ الآخرين

).

قلت: لم يرد شئ في كتب المسلمين عن الوهن والمرض والضعف والهزال الذي يدعيه المستشرقون، ومَن أخذَ منهم.

وقد ذهبَتْ إلى مكة ثلاث مرات: عمرة القضية، وفتح مكة، وحجة الوداع.

وقوله: «تجد متعة في مساعدة الآخرين» : لا أعرف مستنداً لذلك، ومِن أين أخذها؟

ــ (25/ 7722) ذكروا أن فاطمة لم تكن تميل لعائشة كثيراً.

قلت: هذا محض كَذِبٍ وادِّعاء، وفي كتابي هذا تفصيل عن هذا الموضوع.

ص: 450

ــ (25/ 7722) قالوا:

(فاطمة في الأساطير:

لا توجد دراسات متكاملة عن هذا الموضوع، ومِن ثَمَّ فقد ألزمنا أنفسَنَا بالاعتماد على ثلاثة أعمال شيعية باكرة، خَصَّصَ كلُّ منها فصولاً لابنةِ النبيِّ

[صلى الله عليه وسلم]، ومؤلِّفُو هذه الأعمال هم:

1.

ابن رستم الطبري، الذي عاش ـ وِفْقَاً لما ذكره محرر كتابه «دلائل الإمامة» ـ في القرن الرابع الهجرى ــ العاشر الميلادي ـ.

2.

الحسين بن عبد الوهاب، الذي بدأ فى كتابةِ كتَابِهِ في سنة

(448 هـ/ 1056 ـ 1057 م)، وهو الكتاب الذى اعتمَدْنَا عليه في نقل بعض القصص عن فاطمة، تختلف اختلافَاً بَيِّنَاً عما ذكرتْهُ المصادر الأخرى، وكان كتابُه هذا مَصدرَاً مِن مصادر المجلِسِي في كتابه «بحار الأنوار» ، والبحراني في كتابِه «مدينة المعاجز» .

3.

ابن شهراشوب المتوفى (سنة 588 هـ/ 1192 م) الذي ألَّفَ ثلاثةَ كُتُبٍ، يُعتَبَرُ كتابُ «مناقب آل أبي طالب» أوفاها، وأكثرَهَا تفصِيلاً).

قلت: أعجبني وصفها بالأساطير، ثم إن إيراد الأساطير عن فاطمة من كتب الرافضة، تبلغ مجلدات كثيرة، مليئة بالغرائب والعجائب التي ينكرها العقل المريض فضلاً عن الصحيح، ولا يقبلها إلا العقل الميت، حتى بلغت

ص: 451

بعض الأساطير إلى النهاية فانعكست لتصبح ذماً لفاطمة، وزوجها رضي الله عنهما.

وقولهم: «لا توجد دراسات متكاملة» ، أقول: جاء بعدها كتاب «الموسوعة الكبرى عن فاطمة الزهراء» لرافضي معاصر

ـ سبق ذكره ونقده ـ.

* * *

هذا، وإنَّ أشهر مستشرق تحدث عن فاطمة رضي الله عنها

المستشرق شديد الحقد والافتراء: هنري لامَّنس ألَّف كتاباً بعنوان:

«فاطمة وبنات النبي»

(1)

صلى الله عليه وسلم

ولامَّنس هذا بلجيكي المولد، فرنسي الجنسية. ولد سنة (1278 هـ)،

وتوفي في بيروت سنة (1356 هـ)، مستشرق نصراني راهب، استَقَرَّ في بيروت، وأنشأ «جريدة البشير» ، ودرَّس في كلية للنصارى، وهو من محرِّري «دائرة المعارف الإسلامية»

(2)

حرَّر في الطبعة الأولى من الدائرة (39) مادةً

(1)

انظر: «مجلة رومه» (1912)، «المستشرقون» (3/ 265)، أفاد هذين المصدرين: محمد بن إبراهيم الشيباني في «معجم ما أُلِّف عن الصحابة وأمهات المؤمنين وآل البيت»

(ص 174) رقم (922).

(2)

انظر في بيان حقيقتها وأنها من أبعد ما تكون عن الإسلام، وعن العلم: رسالة دكتوراه مطبوعة في مجلدين بعنوان: «مفتريات وأخطاء دائرة المعارف الإسلامية ـ الاستشراقية ـ» أ. د. خالد بن عبدالله القاسم.

ص: 452

متنوعة، كثير منها عن: الشام، والسيرة، وتراجم الصحابة.

وقد ظهر شدة حقدِهِ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم واضحاً جلياً، وهو يعتبر من أخطر المستشرقين، شديد التعصب ضد الإسلام وأهله وتاريخه وعلومه، كثير الكذب والتزوير، والطعن في الإسلام ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة بكلام لا يستطيع المسلم قراءته.

وصنَّف كتباً بالعربية والفرنسية، منها:«فرائد اللغة» ، وكتباً عن سوريا ولبنان.

ومن مؤلفاته: «فاطمة وبنات محمد» ط. في بيروت (1330 هـ/ 1912 م)، وكتاب:«حياة محمد» صلى الله عليه وسلم امتلأ خبثاً وكذباً، لم توافق الفاتيكان على نشره، خشيةَ إغضاب المسلمين.

وقد وَصفَهُ بالتعصُّبِ بعضُ إخوانِه من المستشرقين، وعدَلُوا عن كُتُبِهِ لِعِلْمِهم بتزويره وكَذِبِه، مثل: بيكرودسو، وبومبين، وماسيه.

ومما قال فاييت أثناء نعي لامَّنس: (إنه من الصعب أن نقبل كتاب

«فاطمة وبنات محمد» في ثقةٍ ودون تحفُّظٍ، فإنَّ التعصبَ والاتجاهَ العدواني يسُودَانِه إلى حَدِّ كبير).

ص: 453

ذكر الأستاذ: محمد كُرد علي رحمه الله أنَّ لامَّنس نشر أخطاءَه في «دائرة المعارف الإسلامية» ، ومِن عمَلِه: تحريف آيات القرآن، وحذف ما لايروق له من كتب المسلمين

وتحريف الأحاديث النبوية، وإيراد الخرافات والموضوعات.

قال عنه د. عبدالرحمن بدوي رحمه الله: (وأبشعُ ما فعلَه، خصوصاً في كتابه:«فاطمة وبنات محمد» هو أنه كان يشير في الهوامش إلى مراجع بصفحاتها، وقد راجعتُ معظمَ هذه الإشارات في الكتب التي أحال إليها، فوجدتُ أنه إما أن يشير إلى مواضع غير موجودة إطلاقاً في هذه الكتب،

أو يَفهمَ النصَّ مُلتوياً خبيثاً، أو يستخرج إلزامات بتعسف شديد يدل على فساد الذهن وخُبثِ النية.

ولهذا ينبغي ألا يعتمد القارئُ على إشاراته إلى مَراجع، فإنَّ معظمها تمويهُ وكَذبٌ وتَعسُّفٌ في فهم النصوص.

ولا أعرف باحثاً من بين المستشرقين المحْدَثين قد بلغ هذه المرتبة من التضليلِ وفسادِ النية).

(1)

(1)

ينظر: «موسوعة المستشرقين» د. عبدالرحمن بدوي (ص 503 ـ 504) ـ مهم ـ،

«الاهتمام بالسيرة النبوية باللغة الفرنسية عرض وتحليل» لحسن بن إدريس عزوزي

(ص 22) ـ مهم ـ، «الأعلام» للزركلي (8/ 99)، «معجم المؤلفين» (4/ 67)،

«موجز دائرة المعارف الإسلامية» (25/ 7706)، «موقف المستشرقين من الصحابة رضي الله عنهم» د. سعد الماجد (ص 239)، «أعلام وأقزام في ميزان الإسلام» د. سيد بن حسين العفاني (2/ 458 ـ 461)، «الاستشراق والمستشرقون مالهم وماعليهم» مصطفى السباعي (ص 48)، «المبشرون والمستشرقون وموقفهم من الإسلام» لمحمد البهي (ص 27)، «مفتريات وأخطاء دائرة المعارف الإسلامية ـ الاستشراقية ـ»

أ. د. خالد بن عبدالله القاسم (1/ 170 ـ 174).

ص: 454

وجاء في «دائرة المعارف الإسلامية» التي ألَّفها مجموعة من المستشرقين نقلهم وصف المستشرق لامَّنس عن فاطمة رضي الله عنها: (بأنها امرأةٌ غير جذَّابَة، ذات ذكاء متوسط، مهملة تماماً، لايقدرها أبوها النبي

[صلى الله عليه وسلم] إلا قليلاً، ويُعاملها زوجُها عليٌّ معاملةً سيئة، وكانت مصابةً بفقر الدم، تعاني المرض في غالب أيامها، نزَّاعةً للبكاء، وربما تكون قد ماتت بداء السِّلِّ).

(1)

ولأنه شديد الكذب والافتراء ردَّ عليه بنو مذهبه وقومه ــ كما سبق ـ، وبيَّنوا خطأ كلامه، لكنهم وافقوه على أنها ليست جميلة! !

وسيأتي الردُّ على كذبهم هذا في موضعه في الباب الأول: الفصل الثاني: المبحث الأول: خِطبتها. وفيه قولٌ لمستشرق آخر، وهو: أميل درمنغم.

(1)

«موجز دائرة المعارف الإسلامية» لمجموعة من المستشرقين (25/ 7707). وذكروا أن عدداً من المستشرقين رَدَّوا على لامَّنس في افتراءته هذه.

ص: 455

شبهة أخرى للمستشرقين:

ذكرت د. عائشة بنت الشاطئ - رحمها الله - دعوى المستشرقين أن المرويات عن فاطمة صُنِعَت بأخَرَةٍ بعدما تطوَّرَتْ فِكرة الشيعة سياسياً ودينياً.

وذكرَتْ قول المستشرق الحاقد: لامنَّس أن المؤرِّخين تناسوا فاطمة، ولم يحفلوا بها أولَ الأمر، حتى ظهرت فكرة التشيع

وطال الحديث عنها، بخلاف أخواتها، فليس لهنَّ ذِكْرٌ، ولا عنهن حديث.

وذكرَتْ د. عائشة ــ أيضاً ـ أنَّ الأستاذ: عمر أبو النصر رحمه الله

في كتابه «فاطمة بنت محمد» (ص 60) رد عليهم بقوله: (فأما عدم ذكر مؤرِّخي السيرة لفاطمة وغير فاطمة من بناتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فمردُّه أن مؤرِّخي السيرة إنما كانوا يؤرِّخُون النبوةَ والإسلامَ، ولم تكُن النبوةُ والإسلامُ مُعَلَّقَين ببناتِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم متَّصِلَين به، خصوصاً وأنهن لم يخضن حرباً، ولا اندفَعْنَ في معركة، ولا كان لهن من الشأنِ في سياسةِ

الرسول صلى الله عليه وسلم وشريعَتِهِ ما يدفَعُ المؤرِّخَ إلى ذِكْرِهِنَّ والتَّبَسُّطِ في تاريخهن، ومِن البَدَاهَةِ والحالةُ هذَهِ ألا يَذكُرَ المؤرِّخُونَ مِن أخبَارِهِنَّ إلا مَا كان لَهُ كَبيرٌ شَأنٍ أوْ عَظِيْمُ أثَرٍ).

وذكرت د. عائشة - رحمها الله - أنَّ الردَّ لا ينفي زعم لامَّنس، ورأَتْ أن الردَّ ينبغي أن يكون بنفي صِحَّة الدعوى من الحقَدة من متعصبي

ص: 456

المستشرقين، وأنَّ الأخبارَ متوافرَةٌ في كتب التاريخ والسير كابن إسحاق، وابن سعد، وابن جرير، وكتب الحديث.

(1)

قلت: وجواب د. عائشة صحيح، فالحديث عن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وبناته رضي الله عنهن، متوافر تفصيلاً في كتب المسلمين: الحديث، والتاريخ، والتراجم، فانظر مثلاً كتاب: ابن سعد، وأبي نعيم، وابن عبدالبر، وابن الأثير، وابن حجر، وابن ناصر الدين الدمشقي في «جامع السِّيَر والمولد» تفصيلات حسنة، وكذا ابن كثير في «البداية والنهاية» ، والصالحي في «سبل الهدى والرشاد» ، فضلاً عن دواوين السُّنَّة المطهَّرة، وكتب فضائل الصحابة، وكتب مناقب آل البيت.

وهذه المعلمة التي بين يديك بمروياتها ونقولاتها دالة على كذب دعوى هذا المستشرق الحاقد، ومَن تابعه، وما أكثر كذبهم وتدليسهم.

وللمستشرقين شبهة ثالثة:

قالوا: لِمَ استأثرَتْ فاطمة بهذه المكانة الخاصة عند أبيها؟

وكان جوابهم أنَّ الأحاديث الواردة في فاطمة متأخرة مفتعلة من قِبَل الشيعة! ! وسيأتي الرد عليهم في موضعه في الباب الثاني: الفصل الأول: المبحث الأول: محبة النبي صلى الله عليه وسلم لها.

(1)

«بنات النبي عليه الصلاة والسلام» لعائشة بنت الشاطئ (ص 145).

ص: 457

ولهم شبهة رابعة:

عدم عناية مؤرِّخي أهل السنة والجماعة بالحديث عن فاطمة! !

قالوا كما في «موجز دائرة المعارف الإسلامية» (25/ 7710): (أما المراجع المتأخرة كابن عبد البر فى «الاستيعاب» ، وابن الأثير فى «أسد الغابة» ، وابن حجر فى «الإصابة» ، والحلبي فى «السيرة الحلبية» ، والديار بكري في

«تاريخ الخميس» ؛ فقد كان هناك تجاهلٌ ـ إلى حَدٍّ كَبير ـ لفاطمة).

قلت: وهذا كذب وافتراء، فالمذكورون خاصة الثلاثة الأول، ترجموا لفاطمة ترجمة طيبة، بما يتناسب مع منهجهم في التراجم طولاً وقصراً، لكن عند ابن سعد، وابن ناصر الدين، والصالحي، سيرة مطولة جداً.

أما الأخيران: «السيرة الحلبية» ، و «تاريخ الخميس» فهما من كتب السيرة النبوية، لا من كتب التراجم، فيأتي ذكر فاطمة وغير فاطمة ضمن سرد السيرة وأحداثها.

وقد سبق في المبحث الأول ذكر المؤلفات المفردة في فاطمة رضي الله عنها.

(1)

(1)

هذا، وقد بقي النظر ـ للفائدة ـ في ورود ذكر فاطمة رضي الله عنها في كتب الباطنية الملحدة: النصيرية، والدروز، وأظنه عندهما بنحو مما عند الإسماعيلية، وانظر عن الفرقتين السابقتين:«دراسات منهجية لبعض الرافضة والباطنية» أ. د. عبدالقادر بن محمد صوفي، و «طائفة النصيرية» د. سليمان الحلبي، و «عقيدة الدروز» د. محمد الخطيب، وله أيضاً =

ص: 458