الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الَّذِي يُجْزِئُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ وَالْقَرِيبِ الَّذِي لَا يُجْزِئُ دَفْعُهَا إلَيْهِ وَإِذَا فَصَّلْتُمْ وَدَفَعَهَا لِقَرِيبٍ امْتَنَعَ عَلَيْهِ أَخْذُهَا لَكِنَّهُ اتَّصَفَ بِصِفَةٍ أُخْرَى كَمَدْيُونٍ وَعَابِرِ سَبِيلٍ يُجْزِئُهُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْقَرِيبَ الَّذِي يَجُوزُ لِقَرِيبِهِ دَفْعُ زَكَاتِهِ إلَيْهِ هُوَ الَّذِي لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَالْقَرِيبُ الَّذِي لَا يَجُوزُ لِقَرِيبِهِ دَفْعُ زَكَاتِهِ إلَيْهِ هُوَ الَّذِي تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَيَجُوزُ لَهُ الدَّفْعُ إلَيْهِ مِنْ بَاقِي السِّهَامِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِهَا إلَّا سَهْمَ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ.
[بَابُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ]
(بَابُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ)(سُئِلَ) رحمه الله هَلْ الْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ عَدَمِ اسْتِحْبَابِ التَّصَدُّقِ بِمَا يَحْتَاجُهُ لِنَفْسِهِ أَمْ مَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ تَحْرِيمِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَكَلَامُهُمْ مُؤَيِّدٌ لَهُ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ مَا فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى مَنْ لَمْ يَصْبِرْ أَخْذًا مِنْ جَوَابِ الْمَجْمُوعِ عَنْ حَدِيثِ الْأَنْصَارِيِّ وَامْرَأَتِهِ اللَّذَيْنِ نَزَلَ فِيهِمَا قَوْله تَعَالَى {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الحشر: 9] الْآيَةَ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَلَى مَنْ يَصْبِرُ.
(سُئِلَ) عَمَّا إذَا قُلْتُمْ بِحُرْمَةِ الصَّدَقَةِ فَهَلْ يَمْلِكُهَا آخِذُهَا أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْمُتَصَدَّقُ بِهِ آخِذُهُ.
[هَلْ الْأَفْضَل الْفَقِير الصَّابِر أُمّ الغني الشَّاكِر]
(سُئِلَ) هَلْ الْأَفْضَلُ الْفَقِيرُ الصَّابِرُ أَمْ الْغَنِيُّ الشَّاكِرُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ
فِي تَفْضِيلِ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ مَا أَحْوَجَ مِنْ الْفَقْرِ مَكْرُوهٌ وَمَا أَبْطَرَ مِنْ الْغِنَى مَذْمُومٌ وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ الْغَنِيَّ الشَّاكِرَ وَهُوَ مَنْ قَامَ بِجَمِيعِ وَظَائِفِ الْغِنَى مِنْ الْبَذْلِ وَالْإِحْسَانِ وَشُكْرِ الْمَلِكِ الدَّيَّانِ أَفْضَلُ مِنْ الْفَقِيرِ الصَّابِرِ وَهُوَ مَنْ قَامَ بِجَمِيعِ وَظَائِفِ الْفَقْرِ كَالرِّضَا وَالصَّبْرِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «جَاءَ الْفُقَرَاءُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ» وَلِأَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِصِفَتَيْنِ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى إذْ هُوَ الْغَنِيُّ الشَّكُورُ وَالْفَقِيرُ الصَّابِرُ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الْعَبِيدِ وَهُوَ الْفَقْرُ قَالَ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} [فاطر: 15] وَصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الْمَعْبُودِ وَهُوَ الصَّبْرُ لِأَنَّ مِنْ أَسْمَائِهِ الصَّبُورُ وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ الْمُخْتَارُ «لِاسْتِعَاذَتِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْفَقْرِ» وَلَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى فَقْرِ النَّفْسِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «يَدْخُلُ فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِنِصْفِ يَوْمٍ وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ» وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «اطَّلَعْتُ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ وَاطَّلَعْتُ عَلَى أَهْلِ النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ» فَمَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ
أَحْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ إذْ لَا يَتَّصِفُ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ بِأَنْ يَعِيشَ عَيْشَ الْفُقَرَاءِ وَيَتَقَرَّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا فَضُلَ عَنْ عَيْشِهِ مُقَدِّمَا لِأَفْضَلِ الْبَذْلِ فِي أَفْضَلِهِ إلَّا الشُّذُوذُ النَّادِرُونَ الَّذِينَ لَا يَكَادُونَ يُوجَدُونَ، وَالصَّابِرُونَ عَلَى الْفَقْرِ قَلِيلٌ مَا هُمْ وَالرَّاضُونَ بِهِ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ الْقَلِيلِ. اهـ.
وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ عَنْ الْمُهَلَّبِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فُضِّلَ الْغَنِيُّ نَصًّا لَا تَأْوِيلًا إذَا اسْتَوَتْ أَعْمَالُ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا فَلِلْغَنِيِّ حِينَئِذٍ فَضْلُ عَمَلِ الْبَرِّ مِنْ الصَّدَقَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا سَبِيلَ لِلْفَقِيرِ إلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْقَرِيبُ مِنْ النَّصِّ أَنَّهُ فَضَّلَ الْغَنِيَّ، وَبَعْضُ النَّاسِ يُؤَوِّلُهُ بِتَأْوِيلٍ مُسْتَنْكَرٍ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ أَنَّهُمَا إنْ تَسَاوَيَا وَفَضَلَتْ الْعِبَادَةُ الْمَالِيَّةُ أَنْ يَكُونَ الْغَنِيُّ أَفْضَلَ وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ وَإِنَّمَا النَّظَرُ إذَا تَسَاوَيَا وَانْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَصْلَحَةِ مَا هُوَ فِيهِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ إنْ فُسِّرَ الْفَضْلُ بِزِيَادَةِ الثَّوَابِ فَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَصَالِحَ الْمُتَعَدِّيَةَ أَفْضَلُ مِنْ الْقَاصِرَةِ فَيَتَرَجَّحُ الْغَنِيُّ وَإِنْ فُسِّرَ بِالْأَشْرَفِ بِالنِّسْبَةِ إلَى صِفَاتٍ النَّفْسِ فَاَلَّذِي يَحْصُلُ لَهَا مِنْ التَّطْهِيرِ بِحَسَبِ الْفَقْرِ أَشْرَفُ فَيَتَرَجَّحُ الْفَقِيرُ وَمِنْ
أَجْلِ هَذَا ذَهَبَ جُمْهُورُ الصُّوفِيَّةِ إلَى تَرْجِيحِ الْفَقِيرِ الصَّابِرِ لِأَنَّ مَدَارَ الطَّرِيقِ عَلَى تَهْذِيبِ النَّفْسِ وَرِيَاضَتِهَا وَذَلِكَ مَعَ الْفَقْرِ أَكْثَرُ مِنْهُ مَعَ الْغِنَى فَكَانَ أَفْضَلَ بِمَعْنَى أَشْرَفَ وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خَمْسَةَ أَقْوَالٍ فَمِنْ قَائِلٍ بِتَفْضِيلِ الْغَنِيِّ وَمِنْ قَائِلٍ بِتَفْضِيلِ الْفَقِيرِ وَمِنْ قَائِلٍ بِتَفْضِيلِ الْكَفَافِ وَمِنْ قَائِلٍ بِرَدِّ هَذَا إلَى اعْتِبَارِ أَحْوَالِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ وَمِنْ قَائِلٍ بِالْوَقْفِ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَهَا غَوْرٌ وَفِيهَا أَحَادِيثُ مُتَعَارِضَةٌ قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْأَفْضَلَ مَا اخْتَارَهُ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَلِجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ رضي الله عنهم. اهـ.
وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُقَايَسَةَ بَيْنَ صَبْرِ الْفَقِيرِ عَلَى ضِيقِ الْعَيْشِ وَشُكْرِ الْغَنِيِّ عَلَى النِّعَمِ بِالْمَالِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ التَّحْقِيقُ عِنْدَ أَهْلِ الْحِذْقِ أَنْ لَا يُجَابَ فِي ذَلِكَ بِإِيجَابٍ كُلِّيٍّ بَلْ يَخْتَلِفُ الْحَالُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ نَعَمْ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَفَرْضِ رَفْعِ الْعَوَارِضِ بِأَسْرِهَا فَالْفَقِيرُ أَسْلَمُ عَاقِبَةً فِي الدَّارِ الْأُخْرَى
(سُئِلَ) عَنْ رَقِيقٍ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ شَخْصٌ بِصَدَقَةٍ كَثَوْبٍ أَوْ دِرْهَمٍ وَشَرَطَ الْمُتَصَدِّقُ انْتِفَاعَهُ بِهَا دُونَ سَيِّدِهِ هَلْ يَصِحُّ التَّصَدُّقُ فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَهَلْ تَجِبُ مُرَاعَاةُ هَذَا الشَّرْطِ حَتَّى يَمْتَنِعُ عَلَى السَّيِّدِ أَخْذُهَا مِنْهُ وَيَجِبُ
صَرْفُهَا عَلَى الرَّقِيقِ وَإِذَا قُلْتُمْ لَا يَصِحُّ فَهَلْ لِذَلِكَ حُكْمُ الْإِبَاحَةِ حَتَّى يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَلْبَسَ الثَّوْبَ وَيَنْتَفِعَ بِالدَّرَاهِمِ وَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ عَلَى السَّيِّدِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ الْمُتَصَدِّقُ نَفْسَ الرَّقِيقِ بَطَلَتْ وَلَمْ تَكُنْ إبَاحَةً أَوْ السَّيِّدَ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّتْ وَيَجِبُ مُرَاعَاةُ ذَلِكَ الشَّرْطِ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِدَابَّةٍ بِشَيْءٍ وَقَصَدَ صَرْفَهُ فِي عَلَفِهَا وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا شَرْطُ انْتِفَاعِهِ بِهَا دُونَ سَيِّدِهِ لِأَنَّ كِفَايَتَهُ عَلَى سَيِّدِهِ فَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالصَّدَقَةِ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ بَالِغٍ تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدٍ مُمَيِّزٍ بِصَدَقَةٍ وَوَقَعَتْ الصَّدَقَةُ فِي يَدِهِ مِنْ الْمُتَصَدِّقِ فَهَلْ يَمْلِكُهَا الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ بِوُقُوعِهَا فِي يَدِهِ كَمَا لَوْ احْتَطَبَ أَوْ احْتَشَّ وَنَحْوُ ذَلِكَ أَمْ لَا يَمْلِكُهَا لِأَنَّ الْقَبْضَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَقَدْ قَالُوا فِي نِثَارِ الْوَلِيمَةِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ أَحَدٌ مَلَكَهُ وَهَلْ تَنَاثُرُ الْوَلِيمَةِ يَكُونُ نَاثِرُهُ مُعْرِضًا عَنْهُ إعْرَاضًا عَامًا وَالْمُتَصَدِّقُ عَلَى الصَّبِيِّ مُعْرِضًا إعْرَاضًا خَاصًّا حَتَّى يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا أَعْطَاهُ لِلصَّبِيِّ وَالْحَالُ أَنَّ الصَّدَقَةَ صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الصَّبِيُّ مَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ إلَّا بِقَبْضِ وَلِيِّهِ لَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِلْكِهِ لِلنِّثَارِ وَاضِحٌ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ تَصَدَّقَ عَلَى فَقِيرٍ بِشَيْءٍ هَلْ لِمَنْ هُوَ مِثْلُهُ فِي الْفَقْرِ أَخْذُهُ مِنْ غَيْرِ رِضَا مَالِكِهِ فَإِنْ قُلْتُمْ لَا فَمَا الْمُرَادُ مِمَّا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ