المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[وقف البناء أو الغراس في أرض مغصوبة] - فتاوى الرملي - جـ ٣

[شهاب الدين الرملي]

فهرس الكتاب

- ‌[الْإِقَالَة فِي الْإِجَارَة]

- ‌[كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[اشْتِرَاطِ دَوَامِ الْمَوْقُوفِ لِصِحَّةِ الْوَقْفِ]

- ‌[وَقَفَ الْبِنَاء أَوْ الْغِرَاس فِي أَرْض مَغْصُوبَة]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[هِبَة الْأَصْل للفرع]

- ‌[كِتَابُ اللَّقْطَةِ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْتِقَاط الذِّمِّيّ]

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ الْجَعَالَةِ]

- ‌[الِاسْتِنَابَة فِي الجعل]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[بَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[شُرُوط قَبُول الْوَصِيَّة]

- ‌[بَاب هَلْ يَقْبَل قَوْلُ الْوَصِيّ بِيَمِينِهِ فِي دَفْعِ زَكَاة مَال الْيَتِيم]

- ‌[بَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ]

- ‌[كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌[هَلْ الْأَفْضَل الْفَقِير الصَّابِر أُمّ الغني الشَّاكِر]

- ‌[بَابُ خَصَائِصِ النَّبِيِّ]

- ‌[هَلْ الصَّدَقَة محرمة عَلَى سَائِر الْأَنْبِيَاء أُمّ عَلَى نَبِيّنَا فَقَطْ]

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ]

- ‌[هَلْ الْوَطْء فِي الدبر يحرم فُصُولٍ الزَّوْجَة]

- ‌[هَلْ تَصِحّ مُنَاكَحَتنَا للجن]

- ‌[بَابُ الْخِيَارِ فِي النِّكَاحِ وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ]

- ‌[الْوَطْء فِي الدبر هَلْ يَثْبُت الْفِرَاش وَالنَّسَب]

- ‌[بَابُ الصَّدَاقِ

- ‌[مَا يَتَقَرَّر بِهِ الْمَهْر]

- ‌[بَابُ الْوَلِيمَةِ]

- ‌[بَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ]

- ‌[الزِّيَادَة فِي الْقَسْم]

- ‌[مَا يَثْبُت بِهِ نُشُوز الْمَرْأَة لِإِسْقَاطِ نَفَقَتهَا]

- ‌[بَابُ الْخُلْعِ]

- ‌[الْوَكَالَة فِي الخلع]

- ‌[الْكِنَايَة فِي الخلع]

- ‌[أَخَذَ الْعِوَض عَنْ النُّزُول عَنْ الْوَظَائِف]

- ‌[خلع السَّفِيه]

- ‌[تَعْلِيق الخلع]

- ‌[كِتَابُ الطَّلَاقِ]

- ‌[الطَّلَاق الْمُعَلَّق عَلَى صفة]

- ‌[طَلَاق السَّكْرَان]

- ‌[تَعْلِيق الطَّلَاق عَلَى شَرْط]

- ‌[طَلَاق النَّاسِي]

- ‌[جَمْعِ الطلقات وَزَادَ عَلَى الْعَدَد الشَّرْعِيّ]

- ‌[طَلَاق الْغَضْبَان]

- ‌[طَلَاق النَّائِم]

- ‌[بَابُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[بَابُ الْإِيلَاءِ]

- ‌[بَابُ الظِّهَارِ]

- ‌[كِتَابُ الْكَفَّارَةِ]

- ‌[بَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ]

- ‌[التَّعْرِيض بالقذف]

- ‌[القذف بِالْكِنَايَةِ]

- ‌[عِفَّة الصَّغِير هَلْ تَسْقُط بِزِنَاهُ]

- ‌[بَابُ الْعِدَدِ]

- ‌[عدة الْأَمَة الْمُتَحَيِّرَة]

- ‌[بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[مَا يَقُول عِنْد الْحُلْف عَلَى الِاسْتِبْرَاء]

- ‌[بَابُ الرَّضَاعِ]

- ‌[بَابُ النَّفَقَاتِ]

- ‌[نَفَقَة النَّاشِز]

- ‌[فَسْخ النِّكَاح بِتَعَذُّرِ النَّفَقَة]

الفصل: ‌[وقف البناء أو الغراس في أرض مغصوبة]

تَصْحِيحَ الْجَوَازِ فِيهَا وَفِي الْمُنْهَدِمَةِ وَأَمَّا حِكَايَتُهُ الْخِلَافَ فِي الْمُنْهَدِمَةِ فَكَأَنَّهُ إذَا جَازَ بَيْعُ الْمُشْرِفَةِ عَلَى رَأْيٍ فَبَيْعُ الْمُنْهَدِمَةِ أَوْلَى وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّ مَنْعَ بَيْعِهَا هُوَ الْحَقُّ وَلِأَنَّ جَوَازَهُ يُؤَدِّي إلَى مُوَافَقَةِ الْقَائِلِينَ بِالِاسْتِبْدَالِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْقَائِلِ بِالْجَوَازِ عَلَى الْبِنَاءِ خَاصَّةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ وَجِدَارُ دَارِهِ الْمُنْهَدِمِ وَهَذَا الْحَمْلُ أَسْهَلُ مِنْ تَضْعِيفِهِ

(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ كَانَتْ ثَمَرَةُ النَّخْلِ الْمَوْقُوفِ غَيْرَهُ مُؤَبَّرَةً حَالَ الْوَقْفِ هَلْ هِيَ لِلْوَاقِفِ فَإِنَّ فِيهَا قَوْلَيْنِ مَا الرَّاجِحُ مِنْهُمَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ مِنْهُمَا أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ تَبَعًا لِأَصْلِهَا كَالْحَمْلِ الْمُقَارِنِ.

[وَقَفَ الْبِنَاء أَوْ الْغِرَاس فِي أَرْض مَغْصُوبَة]

(سُئِلَ) عَمَّا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ صِحَّةِ وَقْفِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَوْ لَا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ وَمَا وَجْهُ الْبُطْلَانِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ إذْ مِنْ شَرْطِ الْمَوْقُوفِ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ وَهَذَا مُسْتَحِقُّ الْإِزَالَةِ فَإِذَا هُدِمَ الْبِنَاءُ وَقُلِعَ الْغِرَاسُ خَرَجَ عَنْ مُسَمَّاهُ فَلَمْ يَنْتَفِعْ بِالْمَوْقُوفِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ وَاسْمِهِ وَقَدْ قَالُوا فِي مَعْنَى الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ الْمُسْتَعَارَةِ وَالْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَصْوِيرُهُمْ الْمَسْأَلَةَ بِالْمُسْتَأْجَرَةِ يُفْهِمُ تَصْوِيرَهَا

ص: 68

فِي الْمَوْضُوعَةِ بِحَقٍّ أَمَّا لَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ ثُمَّ وَقَفَهُ لَمْ يَصِحَّ بَلْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ إلَى وُجُوبِ بَقَائِهِ بِالْأُجْرَةِ مُحَافَظَةً عَلَى بَقَاءِ الْوَقْفِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ قَالَ لِي ابْنُ الرِّفْعَةِ أَفْتَيْت بِبُطْلَانِ خِزَانَةِ كُتُبٍ وَقَفَهَا وَاقِفٌ لِتَكُونَ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ فِي مَدْرَسَةِ الصَّاحِبِ بِمِصْرَ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَكَانَ مُسْتَحَقٌّ لِغَيْرِ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ بِمُقْتَضَى الْوَقْفِ الْمُتَقَدِّمِ فَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ إلَى غَيْرِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَنَظِيرُهُ إحْدَاثُ مِنْبَرٍ فِي مَسْجِدٍ لَمْ تَكُنْ فِيهِ جُمُعَةٌ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ إحْدَاثُ كُرْسِيِّ مُصْحَفٍ مُؤَبَّدٍ يُقْرَأُ فِيهِ كَمَا يُفْعَلُ بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ وَغَيْرِهِ لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ وَيَجِبُ إخْرَاجُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ لِغَيْرِ هَذِهِ الْجِهَةِ وَالْعَجَبُ مِنْ قُضَاةٍ يُثْبِتُونَ وَقْفَ ذَلِكَ شَرْعًا وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا.

(سُئِلَ) عَمَّا أَجَابَ بِهِ السُّبْكِيُّ أَنَّ لِلنَّاظِرِ أَنْ يَتَّجِرَ فِي مَالِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ كَالْحُرِّ دُونَ غَيْرِهِ هَلْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَمْ لَا وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَالْحُرِّ أَيْ فِي أَنَّهُ يُمْلَكُ بِالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالشُّفْعَةِ وَنَحْوِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهِ.

(سُئِلَ) عَمَّا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيِّ أَنَّ صُورَةَ قَوْلِهِمْ لَيْسَ لِلْوَاقِفِ عَزْلُ

ص: 69

مَنْ شَرَطَ نَظَرَهُ حَالَ الْوَقْفِ أَنَّهُ وَقَفَهَا بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ التَّوْلِيَةُ لِفُلَانٍ هَلْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَمْ مَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَنْ يَقُولَ وَقَفْت وَشَرَطْت التَّفْوِيضَ لَهُ كَذَا صَوَّرَهُ الْبَغَوِيّ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُطَابِقٍ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ مُفْسِدَةٌ لِأَصْلِ الْوَقْفِ مِنْ أَجْلِ التَّعْلِيقِ فَإِنَّهُ قَدْ يَقْبَلُ التَّوْلِيَةَ وَقَدْ لَا يَقْبَلُهَا اهـ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْوَقْفَ صَحِيحٌ فِي التَّصْوِيرِ الَّذِي نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ وَلَيْسَ لِلْوَاقِفِ عَزْلُهُ وَمَا عَلَّلَتْ بِهِ الْجَمَاعَةُ الْفَسَادَ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ لِوُجُودِهِ فِي كُلِّ وَقْفٍ يُعْتَبَرُ فِيهِ قَبُولُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ

(سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي مَنْصُوبِ الْحَاكِمِ نَاظِرًا الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ وَيُكْتَفَى فِي مَنْصُوبِ الْوَاقِفِ بِالظَّاهِرَةِ كَمَا فِي الْأَبِ وَإِنْ افْتَرَقَا فِي وُفُورِ شَفَقَةِ الْأَبِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ أَوْ لَا كَمَا خَالَفَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَاعْتُبِرَ فِيهِ الْبَاطِنَةُ أَيْضًا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي مَنْصُوبِ الْوَاقِفِ أَيْضًا الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ عَلَى الرَّاجِحِ إذْ الْمِلْكُ فِي الْمَوْقُوفِ لَيْسَ لِوَاقِفِهِ لِيَكْتَفِيَ بِرِضَاهُ بِذِي الْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ.

(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ وَقَفَ عَلَى الْمَسْجِدِ هَلْ يُصْرَفُ مِنْ رِيعِهِ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ وَقَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ الْأَوْجَهُ كَمَا فِي الْوَقْفِ عَلَى مَصَالِحِهِ أَوْ لَا

ص: 70

كَمَا فِي الرَّوْضِ وَقَالَ شَارِحُهُ أَنَّهُ مُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيِّ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الرَّاجِحَ مَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ فَقَدْ قَالُوا فِي الْوَصِيَّةِ لَوْ أَوْصَى لِلْمَسْجِدِ صَحَّتْ وَصِيَّتُهُ وَصُرِفَ فِي مَصَالِحِهِ وَعِمَارَتِهِ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَحْمِلُهُ عَلَى ذَلِكَ وَيُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرْته حُكْمُ مَا لَوْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ وَقَفَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَصَالِحِهِ.

(سُئِلَ) عَمَّا فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى بَنَاتِهِ الثَّلَاثِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَمَاتَ فِيهِ وَتَرَكَهُنَّ وَزَوْجَةً وَبَيْتَ الْمَالِ فَهَلْ هَذِهِ كَمَسْأَلَةِ ابْنِ الْحَدَّادِ وَهِيَ مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ الْحَائِزِ حَيْثُ قَالَ فِيهَا إنْ خَرَجَ الْوَقْفُ مِنْ الثُّلُثِ فَهُوَ نَافِذٌ عَلَيْهِ حَتَّى يُحْكَمَ فِيهَا بِمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا وَإِذَا قُلْتُمْ بِالرَّدِّ فِي حَقِّ بَيْتِ الْمَالِ وَالزَّوْجَةِ فَهَلْ لِلْبَنَاتِ إنْ تَرَدَّدَتْ أَيْضًا وَيَصِيرُ الْوَقْفُ كُلُّهُ طَلْقًا لِكُلٍّ مِنْ الْوَرَثَةِ فَأَجَابَ بِأَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الْوَقْفِ عَلَى الْحَائِزِ كَمَا صَوَّرَهُ هُوَ بِهِ بِخِلَافِ هَذِهِ وَنَحْوِهَا وَالْوَقْفُ فِي هَذِهِ فِي نَصِيبِ بَيْتِ الْمَالِ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ إجَازَةٌ وَصِحَّتُهُ فِي نَصِيبِ الْبَنَاتِ وَالزَّوْجَةِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إجَازَتِهِنَّ وَلَا يَلْزَمُ الْوَقْفُ فِي نَصِيبِ الْبَنَاتِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَخْصِيصِ الْإِجْحَافِ بِهِنَّ حَيْثُ يَصِيرُ نَصِيبُهُنَّ وَقْفًا وَنَصِيبُ الزَّوْجَةِ طَلْقًا اهـ فَهَلْ جَوَابُهُ

ص: 71

ذَلِكَ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ بُطْلَانِ الْوَقْفِ فِي نَصِيبِ بَيْتِ الْمَالِ وَتَوَقُّفِ نُفُوذِهِ فِي نَصِيبِ الْبَنَاتِ وَالزَّوْجَةِ عَلَى إجَازَتِهِنَّ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّ مَحَلَّ تَوَقُّفِ صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى الْبَنَاتِ عَلَى إجَازَتِهِنَّ فِيمَا زَادَ مِنْهُ عَلَى ثُلُثِ نَصِيبِهِنَّ وَأَمَّا ثُلُثُهُ فَلَيْسَ لَهُنَّ رَدُّهُ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَمَسْأَلَةِ ابْنِ الْحَدَّادِ فِي أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ.

(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ يُصَدَّقُ النَّاظِرُ فِي إنْفَاقٍ مُحْتَمَلٍ فَإِنْ اتَّهَمَهُ الْحَاكِمُ حَلَّفَهُ قَالَهُ الْقَفَّالُ هَلْ هَذَا التَّحْلِيفُ نَدْبًا كَالتَّحْلِيفِ فِي الزَّكَاةِ أَوْ وُجُوبًا وَهَلْ لَوْ كَانَ الْوَاقِفُ نَاظِرًا وَاتَّهَمَهُ الْحَاكِمُ يُحَلِّفُهُ أَوْ لَا وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِيمَا لَوْ انْدَرَسَ شَرْطُهُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ التَّحْلِيفَ وُجُوبًا عَلَى قَاعِدَةِ أَنْ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى صَحِيحَةٌ لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا لَزِمَهُ فَأَنْكَرَ حَلَفَ وُجُوبًا وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرْته بَيْنَ كَوْنِ النَّاظِرِ الْوَاقِفَ وَغَيْرَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ انْدِرَاسِ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَاضِحٌ.

(سُئِلَ) هَلْ يَصِحُّ وَقْفُ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ عَلَى كَافِرٍ أَوْ لَا؟ ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا تَفْقَهُهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ

ص: 72

وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ تَعَطَّلَ بِتَعَطُّلِ الْبَلَدِ أَوْ انْهِدَامٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَهَلْ تُصْرَفُ غَلَّةُ وَقْفِهِ حِينَئِذٍ إلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ أَوْ تُصْرَفُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ كَمُنْقَطِعِ الْآخِرِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَحَكَاهُ الْحَنَّاطِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَجْهًا أَوْ تُصْرَفُ فِي عِمَارَةِ مَسْجِدٍ آخَرَ وَمَصَالِحُهُ وَيَكُونُ الْمُسْتَحِقُّ لِذَلِكَ أَقْرَبَ الْمَسَاجِدِ إلَيْهِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَوْ تُحْفَظُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ لِتَوَقُّعِ عَوْدِهِ كَمَا فِي غَلَّةِ وَقْفِ الثَّغْرِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الَّذِي تَحَرَّرَ لِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إنْ تَوَقَّعَ عَوْدَهُ حُفِظَ لَهُ وَهُوَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَإِلَّا فَإِنْ أَمْكَنَ صَرْفُهُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ صُرِفَ إلَيْهِ وَهُوَ مَا نُقِلَ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِلَّا فَمُنْقَطِعُ الْآخِرِ فَيُصْرَفُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ وَهُوَ مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَحَكَاهُ الْحَنَّاطِيُّ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا صُرِفَ إلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَيْ أَوْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ وَحِينَئِذٍ لَا خِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ

(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى نَفْسِهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ وَحَكَمَ بِهِ مَنْ يَرَاهُ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ

ص: 73

ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَبْنَائِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَدَائِمًا مَا تَعَاقَبُوا بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَنَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمْ تَحْجُبُ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى يَسْتَقِلُّ بِهِ الْوَاحِدُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ وَيَشْتَرِكُ فِيهِ الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ وَعَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَيْهِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ فَهَلْ إذَا مَاتَ الْوَاقِفُ الْمَذْكُورُ وَتَرَكَ وَلَدَيْنِ ذَكَرَيْنِ وَبِنْتًا وَمَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ عَنْ بِنْتٍ هَلْ تَسْتَحِقُّ مِنْ الْوَقْفِ شَيْئًا أَوْ لَا تَسْتَحِقُّ.

؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِنَصِيبِ الِابْنِ الْمَيِّتِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ بِنْتُهُ لِأَنَّهُ عُلِمَ مِنْ عِبَارَةِ الْوَاقِفِ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِوَقْفِهِ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَيْهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بِأَنْ أَدْلَى إلَيْهِ بِذَكَرٍ فَقَوْلُهُ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ مُخَصِّصٌ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ لَا لِلْمُضَافِ وَلَا لَهُمَا لِأُمُورٍ مِنْهَا قَوْلُهُ فِي أَوْلَادِهِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.

وَمِنْهَا عَطْفُهُ قَوْلُهُ وَأَعْقَابِهِمْ عَلَى قَوْلِهِ وَأَبْنَائِهِمْ لِيَشْمَلَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَمِنْهَا قَوْلُهُ فِي التَّخْصِيصِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ وَمَعْنَاهُ وَاضِحٌ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْوَاقِفِينَ يَقْصِدُ أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ مِنْ رِيعِ وَقْفِهِ إلَّا مَنْ يَنْتَسِبُ

ص: 74

إلَيْهِ وَالنَّظَرُ إلَى مَقَاصِدِ الْوَاقِفِينَ مُعْتَبَرٌ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا كَوْنُهُ مُخَصِّصًا لِلْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ أَوْ لِلْمُضَافِ فَقَطْ فَيُنَافِيهِ قَوْلُهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْته قَوْلُهُمْ إنَّ الصِّفَةَ وَمِثْلُهَا بَدَلُ الْبَعْضِ وَالِاشْتِمَالِ وَالْحَالُ تَرْجِعُ إلَى سَائِرِ مَا تَقَدَّمَ عَلَيْهَا وَتَأَخَّرَ عَنْهَا مِنْ الْجُمَلِ وَالْمُفْرَدَاتِ الْمَعْطُوفَةِ بِالْوَاوِ أَوْ ثُمَّ أَوْ الْفَاءُ دُونَ لَكِنْ وَبَلْ بَلْ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي غَيْرِ الْوَقْفِ أَنَّ الْمَعْطُوفَةَ كَذَلِكَ وَلَا مَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ فِيمَنْ جَعَلَ نَظَرَ وَقْفِهِ لِأَوْلَادِ ابْنِهِ خِضْرٍ الذُّكُورِ ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ بِمَا حَاصِلُهُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ الذُّكُورِ مُقَدَّرٌ فِي الْمَعْطُوفِ وَيَكُونُ رَاجِعًا لِلْمُضَافِ فَلَا تَسْتَحِقُّ بِنْتُ ابْنِ ابْنِ خِضْرٍ شَيْئًا وَلَا مَا أَفْتَى بِهِ أَبُو زُرْعَةَ فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ دُونَ وَلَدِ الْبَطْنِ بِأَنَّ الْوَصْفَ بِالذُّكُورِيَّةِ يَعُودُ إلَى سَائِرِ الطَّبَقَاتِ اهـ.

وَظَاهِرُ أَنَّ الْعَطْفَ فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ لِأَنَّ الْمُضَافَ هُوَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ وَلَكِنَّ الضَّمَائِرَ تَعُودُ إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ الْمَوْصُوفِ بِالذُّكُورِيَّةِ

ص: 75

سُئِلَ) عَنْ نَاظِرَةِ وَقْفٍ أَجَّرَتْهُ لِشَخْصٍ لَهُ عَلَيْهَا دَيْنٌ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ قَاصَصَهَا بِمَالِهِ عَلَيْهَا مِنْ الدَّيْنِ الْمُمَاثِلِ لَهَا ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهَا لِشَيْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ وَانْتَقَلَ الْوَقْفُ إلَى مَنْ بَعْدَهَا هَلْ يَتَبَيَّنُ بَقَاءُ دَيْنِهِ فِي ذِمَّتِهَا وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ الْوَقْفُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُقَاصَصَةَ الْمَذْكُورَةَ بَاطِلَةٌ إذْ شَرْطُ التَّقَاصِّ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنَانِ مُسْتَقِرَّيْنِ وَالْأُجْرَةُ لَا تَتَقَرَّرُ إلَّا بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَقَدْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَشَرْطُ التَّقَاصِّ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنَانِ مُسْتَقِرَّيْنِ فَإِنْ كَانَا سَلَمَيْنِ لَمْ يَجُزْ قَطْعًا وَإِنْ تَرَاضَيَا لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَحَكَاهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْأُمِّ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَقْتَضِي الْجَوَازَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ يَقْتَضِي جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِي الْعُرُوضِ الْمُسَلَّمِ فِيهَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ اهـ وَعَلَى تَقْدِيرِ جَوَازِ التَّقَاصِّ فِيمَا لَمْ يَسْتَقِرَّ يَتَبَيَّنُ بِمَوْتِهَا بُطْلَانُهُ كَمَا لَوْ أَحَالَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ ثُمَّ انْفَسَخَ الْبَيْعُ بِالْخِيَارِ أَوْ الْعَيْبِ أَوْ الْإِقَالَةِ أَوْ التَّحَالُفِ فَإِنَّ الْحَوَالَةَ تَبْطُلُ فَدَيْنُ

ص: 76

الْمُسْتَأْجِرِ بَانَ فِي ذِمَّةِ الْمُؤَجِّرِ وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ مَنْ اسْتَحَقَّ الْوَقْفَ

(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ وَقَفَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَلَى وَلَدِهِ الْحَائِزِ أَشْجَارًا فِي بُسْتَانٍ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ إلَى آخِرِ مَا عَيَّنَهُ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَهَلْ إذَا أَقَامَ وَلَدُهُ بَيِّنَةً بِأَنَّ أَرْضَ الْبُسْتَانِ كَانَتْ إجَارَتُهَا انْقَضَتْ حَالَ الْوَقْفِ أَوْ كَانَتْ مَغْصُوبَةً يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْوَقْفِ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْوَقْفَ مُسْتَمِرٌّ فِي مَسْأَلَةِ ثُبُوتِ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ وَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ فِي مَسْأَلَةِ ثُبُوتِ كَوْنِهَا مَغْصُوبَةً وَإِنْ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ بِصِحَّةِ وَقْفِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ فَقَدْ أَوْضَحْت الرَّدَّ عَلَيْهِ فِي الْفَتَاوَى إذْ مِنْ شَرْطِ الْمَوْقُوفِ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ وَهَذَا مُسْتَحِقُّ الْإِزَالَةِ

(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ دَارِهِ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَشَرَطَ فِي ذَلِكَ شُرُوطًا مِنْهَا أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ بِشَرْطِ السُّكْنَى فِي ذَلِكَ إلَّا الْمُزَوَّجَةِ مِنْهُمْ إذَا اسْتَغْنَتْ بِمَسْكَنِ زَوْجِهَا فَإِنَّهَا لَا حَقَّ لَهَا فِي السُّكْنَى وَلَا إسْكَانَ وَلَا إجَارَةَ.

وَمِنْهَا أَنَّهُ قَالَ فِي كِتَابٍ وَقَفَهُ عَلَى أَنْ يُعَمِّرَ السَّاكِنُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مَا يَنْهَدِمُ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَثَبَتَ الْوَقْفُ لَدَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ وَحَكَمَ بِمُوجِبِهِ فَهَلْ مَا ذُكِرَ مِنْ شَرْطِ السُّكْنَى عَامٌّ فِي الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ فَإِذَا لَمْ

ص: 77

يَسْكُنْ أَحَدٌ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الْإِسْكَانِ وَالِاغْتِلَالِ أَمْ هُوَ خَاصٌّ بِالْإِنَاثِ وَهَلْ إذَا انْفَرَدَ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بِالسُّكْنَى فِي الدَّارِ بِتَرَاضٍ مِنْ بَقِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ عَلَى أَنْ يُجْعَلَ لِغَيْرِ السَّاكِنِ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ سُكْنَى دَارٍ أُخْرَى جَارِيَةٍ فِي اسْتِحْقَاقِ السَّاكِنِ مُخَالِفٌ لِمَا شَرَطَهُ مِنْ السُّكْنَى أَمْ لَا وَهَلْ شَرْطُ الْعِمَارَةِ عَلَى السَّاكِنِ مَعْمُولٌ بِهِ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِأَنَّهُ مَعْمُولٌ بِهِ فَعَمَّرَ السَّاكِنُ فِيهَا مِنْ مَالِهِ عِمَارَةً ضَرُورِيَّةً فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ بِشَيْءٍ مِنْهَا عَلَى بَقِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ أَمْ لَا وَهَلْ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ النَّاظِرِ وَغَيْرِهِ أَمْ لَا وَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى سُكَّانِ تِلْكَ الدَّارِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا أَمْ لَا وَهَلْ إذَا كَانَ مُوجِبُ حُكْمِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ النَّاظِرَ لَا يَرْجِعُ بِمَا عَمَّرَهُ حَالَ سَكَنِهِ فِيهَا هَلْ يُسَوِّغُ لِغَيْرِهِ أَنْ يَحْكُمَ بِخِلَافِهِ أَوْ لَا وَهَلْ إذَا احْتَاجَ الْوَقْفُ إلَى الْعِمَارَةِ يُؤَجِّرُهُ نَاظِرُهُ أَوْ الْحَاكِمُ وَهَلْ إذَا كَانَ مِنْ قَاعِدَةِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مِلْكَ الْمَوْقُوفِ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ يَغْنَمُ وَلَا يَغْرَمُ وَلَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُ نَصٌّ فِي الْعِمَارَةِ عَلَى السَّاكِنِ وَالْقَصْدُ بِالْوَقْفِ رِفْقُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ.

وَنَصُّهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ صِحَّةُ الْوَقْفِ وَإِبْطَالُ الشَّرْطِ كَمَا اقْتَضَاهُ

ص: 78

كَلَامُ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ أَوْ أَنَّ الْعِمَارَةَ عَلَى السَّاكِنِ رِعَايَةً لِحَقِّ الْوَقْفِ وَحَقِّ الْوَاقِفِ لِأَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ فَإِذَا امْتَنَعَ مَنْ لَهُ السُّكْنَى أَجَّرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَقْفِ نَاظِرٌ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّاهِدِيُّ فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ وَهَلْ إذَا اخْتَلَفَتْ مَنَازِلُ الدَّارِ وَلَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى الْمُهَايَأَةِ يُجْبَرُونَ عَلَيْهَا أَمْ لَا وَهَلْ إذَا طَلَبَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَسْكُنَهَا وَيَبْذُلَ حِصَّتَهُ مِنْ الْعِمَارَةِ وَامْتَنَعَ غَيْرُهُ مِنْهَا فَطَلَبَ إجَارَتَهَا فَمِنْ الْمُجَابِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْوَقْفُ مِنْ شَرْطِ السُّكْنَى عَامٌّ فِي الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ إذْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ ذُرِّيَّتُهُ الْمُبَيَّنَةُ بِالذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْهَا فَعَادَ إلَيْهِمَا وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ إتْيَانُهُ بِضَمِيرِ الذُّكُورِ فِي قَوْلِهِ مِنْهُمْ وَفِي قَوْلِهِ عَلَى أَنْ يُعَمِّرَ السَّاكِنُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ لِتَغْلِيبِ الذُّكُورِ عَلَى الْإِنَاثِ وَإِلَّا لَقَالَ مِنْهُنَّ وَعَلَيْهِنَّ وَإِذَا لَمْ يَسْكُنْ أَحَدٌ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ سَقَطَ اسْتِحْقَاقُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ مِنْ الْإِسْكَانِ وَالِاغْتِلَالِ إذْ السُّكْنَى شَرْطٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الذُّرِّيَّةِ وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الشَّرْطِ عَدَمُ الْمَشْرُوطِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ فِي حَقِّ مَنْ اسْتَغْنَتْ بِمَسْكَنِ زَوْجِهَا لَا حَقَّ لَهَا فِي سُكْنَى وَلَا إسْكَانَ وَلَا إجَارَةَ وَانْفِرَادُ أَحَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بِسُكْنَى الدَّارِ بِرِضَا بَقِيَّةِ مُسْتَحِقِّيهَا سَائِغٌ وَغَيْرُ

ص: 79

مُخَالِفٌ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَالْجَعْلُ الْمَذْكُورُ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ لِعَدَمِ قَبُولِ جَعْلِ تَرْكِ السُّكْنَى فِي الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ عِوَضًا عَنْ مَنْفَعَةِ تِلْكَ الدَّارِ فَلِمُسْتَحِقِّهَا أُجْرَةُ مِثْلِهَا عَلَى سَاكِنِهَا لِمُدَّةِ سَكَنِهِمْ فِيهَا وَشَرْطُ الْوَاقِفِ الْعِمَارَةَ عَلَى السَّاكِنِ مَعْمُولٌ بِهِ لِأَنَّهُ كَنَصِّ الشَّارِعِ.

وَقَدْ قَالُوا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِأَلْفٍ إنْ تَبَرَّعَ لِوَلَدِي بِخَمْسِمِائَةٍ صَحَّتْ وَإِذَا قَبِلَ لَزِمَهُ دَفْعُهَا إلَيْهِ قِيلَ وَهِيَ حِيلَةٌ فِي الْوَصِيَّةِ إلَى الْوَارِثِ وَقَدْ جَعَلَ الْوَاقِفُ اسْتِحْقَاقَهُ لِلسُّكْنَى مَشْرُوطًا بِالْعِمَارَةِ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ مَا انْهَدَمَ مِنْ الدَّارِ مُدَّةَ سُكْنَى الْمُسْتَحِقِّ وَعَمَّرَهُ مِنْ مَالِهِ لَا رُجُوعَ لَهُ مِنْهُ بِشَيْءٍ عَلَى بَقِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ وَلَا فَرْقَ فِي الْمُعَمِّرِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ النَّاظِرِ وَغَيْرِهِ نَعَمْ إنْ تَعَدَّدَ السَّاكِنُ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وُزِّعَتْ مُؤْنَةُ الْعِمَارَةِ عَلَى الرُّءُوسِ وَمِنْ مُوجِبِ حُكْمِ الشَّافِعِيِّ بِمُوجِبِهِ أَنْ لَا يَرْجِعَ النَّاظِرُ السَّاكِنُ بِشَيْءٍ مِمَّا عَمَّرَهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ فَلَا يُسَوَّغُ لِلْحَاكِمِ الْمُخَالِفِ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا يُخَالِفُهُ وَمَتَى احْتَاجَ الْوَقْفُ إلَى عِمَارَةٍ وَلَمْ يُعَمِّرْهُ مُسْتَحِقُّوهُ أَجَّرَهُ نَاظِرُهُ لَهَا وَمِنْ الْقَوَاعِدِ الْمُقَرَّرَةِ أَنَّ الْخَاصَّ يَقْضِي عَلَى الْعَامِّ وَشَرْطُ الْعِمَارَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى السَّاكِنِ مُخَصِّصٌ لِعُمُومِ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ يَغْنَمُ وَلَا يَغْرَمُ وَأَنَّ الْقَصْدَ بِالْوَقْفِ

ص: 80

رِفْقُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَقَوْلُ السَّائِلِ وَلَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُ أَيْ الشَّافِعِيِّ نَصٌّ فِي الْعِمَارَةِ مَرْدُودٌ لِوُجُودِ شَرْطِ الْوَاقِفِ فِيهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَنَصِّ الشَّارِعِ وَظَاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَمَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَصْلُحُ مُسْتَنِدًا لِأَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ مُوَافِقٌ لَهُمَا.

وَالْمُهَايَأَةُ إنَّمَا تَكُونُ بِالتَّرَاضِي فَلَا إجْبَارَ عَلَيْهَا وَمَتَى لَمْ يَتَّفِقْ الْمُسْتَحِقُّونَ عَلَى عِمَارَتِهَا الضَّرُورِيَّةِ أَجَّرَهَا النَّاظِرُ لِلضَّرُورَةِ لِتُصْرَفَ أُجْرَتُهَا فِي عِمَارَتِهَا حِفْظًا لِلْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ

(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ فَحْلًا مِنْ الْبَقَرِ لِلضِّرَابِ أَيْ الْإِنْزَاءِ فَأَتْلَفَ شَيْئًا تَلَفًا مُضَمَّنًا فَهَلْ يَضْمَنُهُ وَاقِفُهُ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى وَاقِفِهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ مَعَ أَحَدٍ مِنْ الْوَاقِفِ أَوْ غَيْرِهِ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَالِكِ

(سُئِلَ) عَنْ الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبُولُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ أَوْ لَا كَمَا اخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ؟

(فَأَجَابَ) نَعَمْ يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ.

(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ وَقَفَ مَسْجِدًا وَجَعَلَ فِيهِ صُوفِيَّةً وَمُؤَذِّنِينَ وَإِمَامًا وَخَطِيبًا وَغَيْرَهُمْ فَهَلْ إذَا ضَاقَ رِيعُ الْوَقْفِ تُقَدَّمُ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ عَلَى غَيْرِهِمْ أَمْ لَا وَهَلْ يَدْخُلُ فِي أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ نَاظِرُ الْوَقْفِ وَمُبَاشِرُهُ وَشَاهِدُهُ وَشَادِهِ أَمْ لَا وَمَنْ هُمْ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ

ص: 81

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ أَوْ غَيْرِهِمْ عِنْدَ ضِيقِ رِيعِ الْوَقْفِ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا تُقَدَّمُ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ عَلَى غَيْرِهِمْ بَلْ يُقْسَمُ رِيعُ الْوَقْفِ عَلَى جَمِيعِ مُسْتَحِقِّيهِ بِنِسْبَةِ مَعَالِمِهِمْ وَلَا يَدْخُلُ فِي أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ نَاظِرُ الْوَقْفِ وَلَا مُبَاشِرُهُ وَلَا شَاهِدُهُ وَلَا شَادِهِ لِأَنَّ الشَّعَائِرَ الْقُرُبَاتُ وَالْعِبَادَاتُ فَيَدْخُلُ فِيهِمْ الْإِمَامُ وَالْخَطِيبُ وَالْمُؤَذِّنُونَ وَالصُّوفِيَّةُ وَنَحْوُهُمْ فَقَدْ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ الشَّعَائِرُ أَعْمَالُ الْحَجِّ وَكُلُّ مَا جُعِلَ عَلَمًا لِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ الشَّعَائِرُ الْمَنَاسِكُ وَالْمُتَعَبِّدَات اهـ وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِهِ الشَّعَائِرُ الْعِبَادَاتُ اهـ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ الشَّعَائِرُ الْمُتَعَبَّدَاتُ اهـ وَقَالَ صَاحِبُ لُبَابِ التَّفَاسِيرِ فِيهِ شَعَائِرُ اللَّهِ أَعْلَامُ دِينِهِ وَأَصْلُهَا مِنْ الْإِشْعَارِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ وَاحِدَتُهَا شَعِيرَةٌ وَكُلُّ مَا كَانَ مَعْلَمًا الْقُرُبَاتُ يُتَقَرَّبُ بِهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ صَلَاةٍ أَوْ دُعَاءٍ أَوْ ذَبِيحَةٍ فَهُوَ شَعِيرَةٌ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ وَقَالَ ابْنُ زُهَيْرَةَ فِي تَفْسِيرِهِ شَعَائِرُ اللَّهِ أَعْلَامُ دِينِهِ وَاحِدَتُهَا شَعِيرَةٌ وَكُلُّ مَا كَانَ مَعْلَمًا لِقُرُبَاتٍ يَتَقَرَّبُ بِهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِدُعَاءٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ ذَبِيحَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ شَعِيرَةٌ

(سُئِلَ) عَنْ شَجَرِ نَخْلٍ مَوْقُوفٍ عَلَى

ص: 82

مَسْجِدٍ وَشَخْصٍ وَذُرِّيَّتِهِ وَالنَّخْلُ الْمَذْكُورُ فِي شَارِعٍ وَبَعْضُهُ مَائِلٌ يُخْشَى سُقُوطُهُ عَلَى حَائِطٍ بِجِوَارِهِ أَوْ مَارٍّ بِهِ فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ الضَّرَرُ فَهَلْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يَجُوزُ لِأَحَدٍ قَطْعُ ذَلِكَ النَّخْلِ أَوْ قَلْعُهُ سَوَاءٌ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ قَطْعُ الشَّجَرَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا قَلْعُهَا.

(سُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ مَسْجِدًا وَشَرَطَ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِ سَبْعٌ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ يُرِيدُ إحْيَاءَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ هَلْ هُوَ مِنْ شَعَائِرِهِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مِنْ شَعَائِرِهِ.

(سُئِلَ) عَنْ وَاقِفٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى وَلَدَيْهِ هُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمَا عَلَى أَوْلَادِهِمَا وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمَا ثُمَّ عَلَى ذُرِّيَّتِهِمَا وَنَسْلِهِمَا الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مِنْ أَوْلَادِ الظُّهُورِ دُونَ أَوْلَادِ الْبُطُونِ لِكُلِّ أُنْثَى مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ كُلَّ سَنَةٍ دِينَارَانِ وَبَاقِي ذَلِكَ لِلذُّكُورِ بِالسَّوِيَّةِ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ وَنَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ وَجِيلًا بَعْدَ جِيلٍ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ أَوْلَادِ الظُّهُورِ دُونَ أَوْلَادِ الْبُطُونِ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ لِوَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ عَلَى الْحُكْمِ الْمُبَيَّنِ فِيهِ أَعْلَاهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ لِإِخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ الْمُشَارِكِينَ لَهُ فِي

ص: 83

الِاسْتِحْقَاقِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى جِهَاتٍ عَيَّنَهَا فِي كِتَابٍ وَقَفَهُ ثُمَّ إنَّ أَحَدَ الْوَلَدَيْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمَا أَوَّلًا مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَمْ لِأَخِيهِ وَلَيْسَ لِوَلَدِهِ شَيْءٌ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ أَخِيهِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ الْوَلَدِ الْمَذْكُورِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ لِوَلَدِهِ الْمَذْكُورِ لَا لِأَخِيهِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَتَرَكَ وَلَدًا إلَخْ فَإِنَّهُ مُخَصِّصٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمَا عَلَى أَوْلَادِهِمَا.

(سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ وَقَفَتْ وَقْفًا عَلَى نَفْسِهَا مُدَّةَ حَيَاتِهَا ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهَا وَأَوْلَادِهِمْ وَشَرَطَتْ النَّظَرَ لَهَا مُدَّةَ حَيَاتِهَا ثُمَّ مَنْ بَعْدَهَا لِمَنْ عَيَّنَتْهُ وَحَكَمَ بِذَلِكَ قَاضٍ حَنَفِيٌّ ثُمَّ أَجَّرَتْ الْوَقْفِيَّةَ مِائَةَ سَنَةٍ وَحَكَمَ بِذَلِكَ شَافِعِيٌّ ثُمَّ مَاتَتْ هَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ أَمْ لَا فَأَفْتَى شَافِعِيٌّ بِانْفِسَاخِهَا أَخْذًا مِمَّا إذَا أَجَّرَ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ فَمَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ لِأَنَّ شَرْطَ النَّظَرِ لِلْبَطْنِ الْأَوَّلِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ كَشَرْطِهِ لَهُ فِي حِصَّتِهِ إذْ لَا نَصِيبَ لِغَيْرِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ فَمَا دَامَ حَيًّا فَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلنَّصِيبِ وَبِمِثْلِ ذَلِكَ أَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي فَتَاوِيهِ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى شَخْصٍ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ وَشَرَطَ النَّظَرَ لَهُ عَلَيْهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ ثُمَّ لِمَنْ يَنْتَهِي إلَيْهِ الْوَقْفُ مِمَّنْ ذُكِرَ ثُمَّ أَجَّرَ

ص: 84

الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْمَوْقُوفَ مُدَّةً وَمَاتَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا فَأَجَابَ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ فَهَلْ الْإِفْتَاءُ بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ صَحِيحٌ وَهَلْ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي أَفْتَى بِهَا الشَّيْخُ زَكَرِيَّا نَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهَلْ فِي كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَوْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ الْمَذْكُورَةُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ.

وَقَدْ شَمِلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قَوْلُهُمْ وَلَا تَنْفَسِخُ إجَارَةُ النَّاظِرِ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ نَاظِرٌ لِلْجَمِيعِ وَلَا يَخْتَصُّ نَظَرُهُ بِبَعْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَاسْتُثْنِيَ مِنْهُ مَا إذَا كَانَ النَّاظِرُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِرِيعِ الْوَقْفِ وَأَجَّرَهُ بِدُونِ أُجْرَةِ مِثْلِهِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ وَشَرْطُ الْوَاقِفَةِ النَّظَرُ لَهَا مُدَّةَ حَيَاتِهَا تَصْرِيحٌ بِبَيَانِ الْوَاقِعِ وَقَدْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ أَجَّرَ الْمُتَوَلِّي أَوْ الْوَاقِفُ أَوْ الْحَاكِمُ الْوَقْفَ ثُمَّ مَاتَ هُوَ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ فَلَا فَسْخَ وَلَا انْفِسَاخَ وَلَوْ أَجَّرَهُ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ حَيْثُ جَازَتْ لَهُ الْإِجَارَةُ ثُمَّ مَاتَ انْفَسَخَتْ اهـ وَصُورَةُ مَسْأَلَةِ إجَارَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْوَاقِفَ شَرَطَ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ أَنْ يَنْظُرَ فِي نَصِيبِهِ كَمَا ذَكَرَهُ سُلَيْمٌ فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْجُرْجَانِيُّ وَصَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ نَحْوُهُ وَأَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ وَإِنَّمَا انْفَسَخَتْ إجَارَتُهُ بِمَوْتِهِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ

ص: 85

بَعْدَ مَوْتِهِ لِغَيْرِهِ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا نِيَابَةَ وَلِهَذَا بَنَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ الْخِلَافَ فِي انْفِسَاخِ إجَارَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ بِمَوْتِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْبَطْنَ الثَّانِي يَتَلَقَّوْنَ مِنْ الْوَاقِفِ أَوْ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ.

وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ فَتَنْفَسِخُ عَلَيْهِ وَمَسْأَلَتُنَا الْمُؤَجِّرَةُ فِيهَا هِيَ الْوَاقِفَةُ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ يَتَلَقَّوْنَ مِنْهَا فَلَا تَنْفَسِخُ إجَارَتُهَا بِمَوْتِهَا كَمَا أَنَّ إجَارَةَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِمْ إذَا قُلْنَا بِأَنَّ الثَّانِيَ يَتَلَقَّوْنَ مِنْهُمْ.

(سُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ صِهْرِيجًا عَلَى مَسْجِدٍ مَثَلًا ثُمَّ إنَّ شَخْصًا تَبَرَّعَ وَمَلَأَهُ مَاءً مِنْ مَالِهِ وَحَصَرَهُ فِي جَمَاعَةِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيَمْتَنِعُ عَلَى غَيْرِهِمْ اسْتِعْمَالُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ لِلشُّرْبِ أَوْ غَيْرِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَيَمْتَنِعُ عَلَى غَيْرِهِمْ اسْتِعْمَالُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ لِلشُّرْبِ أَوْ غَيْرِهِ.

(سُئِلَ) عَنْ وَاقِفٍ وَقَفَ مَكَانًا عَلَى سُكْنَى ابْنَتَيْهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمَا وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمَا إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ عَنْ بِنْتَيْنِ ثُمَّ مَاتَتْ إحْدَى الْبِنْتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ عَنْ أَوْلَادٍ فَهَلْ أَوْلَادُهَا يَسْتَحِقُّونَ السُّكْنَى فِي حِصَّةِ أُمِّهِمْ بِالْمَكَانِ الْمَذْكُورِ أَمْ تَسْتَقِلُّ بِهِ الْبِنْتُ الْأُخْرَى بِمُفْرَدِهَا وَهَلْ إذَا قُلْتُمْ إنَّ الْأَوْلَادَ يَسْتَحِقُّونَ مَا كَانَتْ أُمُّهُمْ تَسْتَحِقُّهُ وَامْتَنَعَتْ الْبِنْتُ

ص: 86

الْأُخْرَى مِنْ السُّكْنَى مَعَ الْأَوْلَادِ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ مِنْهُمْ فَهَلْ لَهَا الْمُطَالَبَةُ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِ حِصَّتِهَا مِنْ الرِّيعِ أَمْ لَيْسَ لَهَا إلَّا السُّكْنَى مَعَهُمْ خَاصَّةً؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَسْتَحِقُّ أَوْلَادُهَا السُّكْنَى فِي حِصَّتِهَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِ أُخْتِهَا لِأَنَّهُ رَتَّبَ اسْتِحْقَاقَ أَوْلَادِ بِنْتَيْهِ السُّكْنَى فِي الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ عَلَى فَقْدِ بِنْتَيْهِ بِقَوْلِهِ عَلَى سُكْنَى بِنْتَيْهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمَا فَتَسْتَقِلُّ الْبِنْتُ الْبَاقِيَةُ بِاسْتِحْقَاقِ سُكْنَاهَا مَا دَامَتْ حَيَّةً.

(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فَأَجَّرَهُ عَشْرَ سِنِينَ فِي عَشَرَةِ عُقُودٍ كُلَّ عَقْدٍ بِسَنَةٍ بِأُجْرَةِ مِثْلِ تِلْكَ السَّنَةِ فَهَلْ يَصِحُّ كَمَا تَقْتَضِيهِ عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَوِفَاقًا لِابْنِ الْأُسْتَاذِ أَمْ لَا يَصِحُّ إلَّا الْعَقْدُ الْأَوَّلُ كَمَا نَقَلَهُ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ بِأَنْ قَالَ لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ مَثَلًا فَأَجَّرَهُ النَّاظِرُ سِتَّ سِنِينَ فِي عَقْدَيْنِ الثَّانِي قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَوَّلِ وَالْمُدَّةُ مُتَّصِلَةٌ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ الثَّانِي وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّهُ تَصِحُّ إجَارَةُ الْمُدَّةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ اتِّبَاعًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَقَالَ يَنْبَغِي الصِّحَّةُ وَظَاهِرُ إطْلَاقِ عِبَارَةِ الْأَنْوَارِ الْجَزْمُ بِذَلِكَ ثُمَّ سَاقَ عِبَارَتَهُ ثُمَّ قَالَ وَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ مُتَّجَهٌ جِدًّا ثُمَّ قَالَ لِأَنَّا إنَّمَا صَحَّحْنَا الْعَقْدَ الْمُسْتَأْنَفَ مَعَ أَنَّ

ص: 87

الْمَذْهَبَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إجَارَةُ مُدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ لِأَنَّ الْمُدَّتَيْنِ الْمُتَّصِلَتَيْنِ فِي الْعَقْدَيْنِ فِي مَعْنَى الْمُدَّةِ الْوَاحِدَةِ فِي الْعَقْدِ الْوَاحِدِ وَهَذَا بِعَيْنِهِ يَقْتَضِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْبُطْلَانَ فَإِنَّهُ يُجْعَلُ ذَلِكَ بِمَثَابَةِ مَا إذَا عَقَدَ عَلَى الْمُدَّتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ اهـ كَلَامُهُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَافَقَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ.

(سُئِلَ) مَاذَا يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ صَاحِبِ الْأَنْوَارِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ بِأَنْ قَالَ وَلَوْ أَجَّرَ الْمُتَوَلِّي الْوَقْفَ فَزَادَتْ الْأُجْرَةُ فِي الْمُدَّةِ أَوْ ظَهَرَ طَالِبٌ بِالزِّيَادَةِ لَمْ تَتَأَثَّرْ وَلَوْ زَادَ مُعَانِدٌ فَلَا نَظَرَ إلَيْهِ بِحَالٍ اهـ كَلَامُهُ وَمَاذَا يَتَفَرَّعُ عَلَى عِبَارَتِهِ وَيَرِدُ عَلَى إطْلَاقِهِ وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ مُؤَاجِرِ الْوَقْفِ وَيَكُونُ مَانِعًا مِنْ قَبُولِ الزِّيَادَةِ فِي الْمُدَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ مَعَ إيضَاحِ وَبَسْطِ الْكَلَامِ فِيهِ فَإِنَّ الضَّرُورَةَ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ وَذَلِكَ تَفَضُّلًا مِنْ سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا أَدَامَ اللَّهُ النَّفْعَ بِوُجُودِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ عِبَارَةَ الْأَنْوَارِ مُوَافِقَةٌ لِعِبَارَةِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَصْحَابِ وَظَاهِرُ أَنَّ صُورَتَهَا إذَا أَجَّرَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ وَلَا إطْلَاقَ فِي عِبَارَتِهِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهَا شَيْءٌ وَقَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ مُعَانِدٌ فَلَا نَظَرَ إلَيْهِ بِحَالٍ يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْوَجْهُ الْمَرْجُوحُ الْقَائِلُ بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ.

(سُئِلَ) عَمَّا إذَا امْتَنَعَ النَّاظِرُ عَلَى الْمَسْجِدِ بَعْدَ عَزْلِهِ مِنْ دَفْعِ

ص: 88

مَكْتُوبِ الْوَقْفِ وَادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ لِأَجْلِ حَقِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ مِلْكُهُ وَيَأْخُذُ قِيمَتَهُ أَمْ لَا وَإِذَا دَفَعَ أُجْرَةَ الْكِتَابَةِ لِلْوَقْفِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ هَلْ يَصِيرُ الْمَكْتُوبُ بِذَلِكَ مُسْتَحِقًّا لِلْوَقْفِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى كَانَ مَكْتُوبُ الْوَقْفِ مَمْلُوكًا لِلنَّاظِرِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى دَفْعِهِ وَإِنْ دَفَعَ أُجْرَةَ كِتَابَتِهِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ.

(سُئِلَ) عَنْ وَاقِفٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى وَلَدَيْ أَخِيهِ وَهُمَا أَحْمَدُ وَبِلْقِيسُ وَعَلَى أَوْلَادِ بِنْتِهِ وَهُمْ مُحَمَّدٌ وَإِخْوَتُهُ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمْ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ مَاتَ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ وَلِوَلَدِ وَلَدِهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ وَلَدٍ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَتُوُفِّيَ مُحَمَّدٌ وَلَدُ الْبِنْتِ عَنْ خَمْسَةِ أَوْلَادٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ أَحْمَدُ وَلَدُ الْأَخِ عَنْ وَلَدٍ ثُمَّ تُوُفِّيَتْ بِلْقِيسُ بِنْتُ الْأَخِ عَنْ وَلَدٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ وَلَدُ بِلْقِيسَ بِنْتِ الْأَخِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ لِوَلَدِ خَالِهِ أَحْمَدَ الْمُسَاوِي لَهُ فِي الدَّرَجَةِ بِمُفْرَدِهِ أَوْ لَهُ وَلِأَوْلَادِ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْبِنْتِ لِمُسَاوَاتِهِمْ لَهُ فِي الدَّرَجَةِ أَيْضًا ثُمَّ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِ مُحَمَّدِ الْمَذْكُورِ اثْنَانِ فَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُمَا لِإِخْوَتِهِمَا فَقَطْ أَوْ لِإِخْوَتِهِمَا وَلِوَلَدِ أَحْمَدَ لِمُسَاوَاتِهِ لَهُمَا فِي الدَّرَجَةِ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ وَلَدُ بِلْقِيسَ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِوَلَدِ خَالِهِ أَحْمَدَ وَلِأَوْلَادِ مُحَمَّدٍ

ص: 89

بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُمْ فِي دَرَجَتِهِ وَهِيَ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ دَرَجَاتِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَمَلًا بِشَرْطِ وَاقِفِهِ وَيَنْتَقِلُ نَصِيبُ وَلَدَيْ مُحَمَّدٍ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِإِخْوَتِهِمَا وَلِوَلَدِ أَحْمَدَ لِأَنَّهُ فِي دَرَجَتِهِمَا وَهِيَ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ دَرَجَاتِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَمَلًا بِشَرْطِ وَاقِفِهِ.

(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى نَفْسِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ الْمَوْجُودِينَ ثُمَّ عَلَى مَنْ يُحْدِثُهُ اللَّهُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَهَكَذَا أَبَدًا مَا عَاشُوا وَدَائِمًا مَا بَقُوا وَإِنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ نَصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ أَوْ الْإِنَاثِ وَأَنَّهُ إذَا مَاتَتْ بَنَاتُ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورِ أَعْلَاهُ وَخَلَتْ الْأَرْضُ مِنْهُمْ عَادَ مَا خَصَّهُنَّ لِأَوْلَادِهِ الذُّكُورِ حَيْثُ وُجِدُوا فَإِنْ لَمْ يُوجَدُوا فَعَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ الذُّكُورِ هَكَذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ لَفْظًا بِلَفْظٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا لَهُ يَوْمَ ابْتَدَأَ الْوَقْفَ الْمَذْكُورَ أَبُو بَكْرٍ وَأَحْمَدُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدَةُ وَخَدِيجَةُ فَمَاتَ وَلَدُ الْوَاقِفِ أَبُو بَكْرٍ وَتَرَكَ أَوْلَادًا فِي حَيَاةِ الْوَاقِفِ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ كِتَابُ الْوَقْفِ لَدَى حَاكِمٍ

ص: 90

شَرْعِيٍّ فَمَاتَ الْوَاقِفُ وَمَاتَتْ سَعِيدَةُ عَنْ أَوْلَادٍ ثُمَّ مَاتَ أَحْمَدُ عَنْ أَوْلَادٍ ثُمَّ مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ أَوْلَادٍ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ سِوَى خَدِيجَةَ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ أَوْلَادُ أَبِي بَكْرٍ وَأَوْلَادُ عَمِّهِمْ مَعَ خَدِيجَةَ الْمَذْكُورَةِ أَمْ بَعْدَ مَوْتِهَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ سَعِيدَةَ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ إلَى أُخْتِهَا خَدِيجَةَ لِأَنَّهَا الْآنَ أَقْرَبُ إلَى الْوَاقِفِ مِنْ الْمَوْجُودِينَ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِأَوْلَادِ أَبِي بَكْرٍ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ خَدِيجَةَ وَيَنْتَقِلُ نَصِيبُ أَحْمَدَ مِنْهُ إلَى أَوْلَادِهِ وَنَصِيبُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْهُ إلَى أَوْلَادِهِ عَمَلًا فِيهِمَا بِمَفْهُومِ قَوْلِ الْوَاقِفِ وَأَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ نَصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَمَنَعَنَا مِنْ الْعَمَلِ بِالْمَفْهُومِ الْمَذْكُورِ فِي أَوْلَادِ أَبِي بَكْرٍ قَوْلُهُ عَادَ نَصِيبُهُ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ شَيْئًا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ.

(سُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ عَقَارًا عَلَى ذُرِّيَّتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى مَسْجِدٍ فَآلَ الْوَقْفُ إلَى الْمَسْجِدِ وَثَبَتَ ذَلِكَ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ فَأَجَّرَ النَّاظِرُ الْعَقَارَ لِشَخْصٍ وَأَخَذَ مِنْهُ بَعْضَ الْأُجْرَةِ وَصَرَفَهُ عَلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ وَشَعَائِرِهِ وَبَعْضَهَا صَرَفَهُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ يَدِهِ عَلَى عِمَارَةِ الْعَقَارِ

ص: 91

الْمَوْقُوفِ بِإِذْنِ النَّاظِرِ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةِ أَظْهَرَ بَعْضُ أَقَارِبِ الْوَاقِفِ كِتَابَ وَقْفِ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ عَلَيْهِ وَعَلَى جِهَاتٍ أُخْرَى غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْمَذْكُورِ سَابِقًا تَارِيخُهُ تَارِيخُ الْأَوَّلِ وَانْتَزَعَهُ مِنْ الْأَوَّلِ وَطَالَبَهُ بِأُجْرَتِهِ مُدَّةَ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ وَالْحَال أَنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ بِنَفْسِهِ بَلْ الْمُسْتَأْجِرُ هُوَ الْمُسْتَعْمِلُ لَهُ وَهُوَ الْمُنْفِقُ بَعْضَ الْأُجْرَةِ عَلَى عِمَارَةِ الْعَقَارِ الْمَوْقُوفِ لِلْمَصْلَحَةِ وَلَوْلَا الْعِمَارَةُ لَتَعَطَّلَتْ مَصْلَحَتُهُ وَمَنْفَعَتُهُ فَهَلْ الدَّعْوَى بِالْأُجْرَةِ عَلَى النَّاظِرِ أَوْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسْتَعْمِلِ كَمَا فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْغَزِّيِّ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي بَيَانِ مَا يُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْحُقُوقِ وَالْأَوْقَافِ وَغَيْرِهِمَا وَعَزَاهُ لِلْأَذْرَعِيِّ فِي شَرْحِهِ وَإِذَا قُلْتُمْ الدَّعْوَى عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَهَلْ لِلْمُسْتَأْجِرِ الدَّعْوَى عَلَى النَّاظِرِ وَهَلْ لِلنَّاظِرِ الرُّجُوعُ عَلَى أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ بِمَا صَرَفَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ أُجْرَتِهِ وَهَلْ لِمَنْ انْتَزَعَهُ الدَّعْوَى عَلَى النَّاظِرِ أَوْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مِنْهُ بِمَا صَرَفَهُ فِي عِمَارَةِ الْعَقَارِ وَآلَاتِهِ أَمْ يَسْقُطُ ذَلِكَ مِنْ الْأَصْلِ الْمُدَّعَى بِهِ وَيُقَامُ لِمَنْ صَرَفَهُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الدَّعْوَى بِالْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الْمُسْتَعْمِلِ لَا عَلَى النَّاظِرِ وَلَوْ فِيمَا قَبَضَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَلَيْسَتْ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ مُطَالَبَةُ النَّاظِرِ بِمَا قَبَضَهُ

ص: 92

مِنْهُ لِيُوفِيَهُ إيَّاهُ مِنْ رِيعِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ وَمُطَالَبَةُ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ بِمَا صَرَفَهُ لَهُمْ مِنْ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ وَآلَاتِ عِمَارَةِ الْمُسْتَأْجَرِ فِي الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ فَلَهُ هَدْمُهَا وَأَخْذُهَا إنْ لَمْ يَبْذُلْ لَهُ نَاظِرُ الْوَقْفِ بَدَلَهَا.

(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَمَاتَ الْوَاقِفُ عَنْ أُنْثَى وَهِيَ ابْنَتُهُ ثُمَّ مَاتَتْ ابْنَةُ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورَةُ عَنْ ثَلَاثِ نِسْوَةٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ مَاتَتْ إحْدَاهُنَّ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا عَنْ بِنْتَيْنِ فَهَلْ تَسْتَحِقُّ كُلٌّ مِنْ الْبِنْتَيْنِ مَعَ وُجُودِ خَالَتِهِمَا وَشَرَطَ الْوَاقِفُ أَنَّ الطَّبَقَةَ الْعُلْيَا تَحْجُبُ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى ثُمَّ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ مَاتَتْ خَالَتُهُمَا عَنْ رَجُلٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ مَاتَتْ إحْدَى الْأُنْثَتَيْنِ الْأُخْرَتَيْنِ عَنْ رَجُلٍ أَيْضًا فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الرَّجُلُ حِصَّةَ وَالِدَتِهِ الَّتِي تُوُفِّيَتْ الْآنَ مَعَ وُجُودِ خَالَتِهِ شَقِيقَةِ وَالِدَتِهِ وَوَلَدِ خَالَةِ وَالِدَتِهِ الَّذِي فِي طَبَقَةِ وَالِدَتِهِ الْمُتَوَفَّاةِ الْمَذْكُورَةِ اتِّبَاعًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ كَمَا تَقَدَّمَ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْبِنْتَيْنِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ مَعَ وُجُودِ خَالَتِهِمَا عَمَلًا بِشَرْطِ وَاقِفِهِ وَلَا يَسْتَحِقُّ الرَّجُلُ الْمَذْكُورُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ حِصَّةَ وَالِدَتِهِ مَعَ

ص: 93

وُجُودِ خَالَتِهِ شَقِيقَةِ وَالِدَتِهِ وَوَلَدِ خَالَتِهِ اتِّبَاعًا لِشَرْطِ وَاقِفِهِ.

(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَاقِفٍ وَقْفًا وَشَرَطَ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ مَا عِبَارَتُهُ أَنْ لَا يَنْزِلَ أَحَدٌ بِجَاهٍ وَلَا مَنْ لَهُ شَوْكَةٌ وَبِشَفَاعَةٍ وَأَنْ لَا يَنْزِلَ أَحَدٌ مِنْ الشُّهُودِ وَلَا مِمَّنْ يَكُونُ مُبَاشِرًا عِنْدَ الْأُمَرَاءِ وَلَا عِنْدَ غَيْرِهِمْ فَهَلْ الْمُرَادُ فِي حَالِ التَّنْزِيلِ أَمْ فِي الْمَآلِ حَتَّى لَوْ اتَّصَفَ بِأَحَدِ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ يَخْرُجُ بَعْدَ تَنْزِيلِهِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَدْلُولَ شُرُوطِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورَةِ اعْتِبَارُهَا حَالَ تَنْزِيلِهِمْ فِي وَظَائِفِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ لَا فِي دَوَامِ اسْتِحْقَاقِهِمْ إيَّاهَا فَلَا يُؤَثِّرُ فِي دَوَامِهِ اتِّصَافُهُمْ بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَذَلِكَ جَارٍ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمُقَرَّرَةِ مِنْ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ.

(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ لَهُ عَقَارٌ وَقَفَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَالْحَالُ أَنَّ عَلَيْهِ دُيُونًا مُسْتَغْرِقَةً وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ فَهَلْ يَصِحُّ الْوَقْفُ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِالصِّحَّةِ وَأَجَازَ رَبُّ الدَّيْنِ ذَلِكَ فَهَلْ يَنْفُذُ فِي الْجَمِيعِ أَوْ فِي الثُّلُثِ فَقَطْ وَيَصِيرُ الثُّلُثَانِ لِلْوَرَثَةِ وَإِذَا قُلْتُمْ بِبَقَاءِ الثُّلُثَيْنِ لَهُمْ وَأَجَازُوا الْوَقْفَ فَهَلْ يَنْفُذُ فِيهِمَا وَيَصِيرُ الْجَمِيعُ وَقْفًا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْوَقْفَ صَحِيحٌ حَتَّى لَوْ أَبْرَأَ الْوَاقِفُ أَرْبَابَ الدُّيُونِ مِنْ دُيُونِهِمْ وَأَجَازَتْ وَرَثَتُهُ نَفَذَ الْوَقْفُ فِي جَمِيعِ

ص: 94

الْعَقَارِ

(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ الْمَوْجُودِينَ الْآنَ وَهُمْ مُحَمَّدٌ وَأَمُّ الْخَيْرِ وَفَاطِمَةُ وَآمِنَةُ وَعَلَى مَنْ سَيُحْدِثُهُ اللَّهُ مِنْ الْأَوْلَادِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ لِمَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ مِنْ أَوْلَادِ الظُّهُورِ وَالْبُطُونِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ وَنَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمْ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى أَبَدًا مَا عَاشُوا وَدَائِمًا مَا تَعَاقَبُوا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْوَاحِدُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ وَيَشْتَرِك فِيهِ الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ الْمُشَارِكِينَ لَهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مُضَافًا إلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ ذَلِكَ.

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إخْوَةٌ وَلَا أَخَوَات فَإِلَى أَقْرَبِ الطَّبَقَاتِ إلَى الْوَاقِفِ وَعَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي هَذَا الْوَقْفِ وَاسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِهِ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ وَآلَ الْوَقْفُ

ص: 95

إلَى حَالٍ لَوْ كَانَ الْمُتَوَفَّى حَيًّا بَاقِيًا لَاسْتَحَقَّ ذَلِكَ قَامَ وَلَدُهُ أَوْ وَلَدُ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ مَقَامَهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَاسْتَحَقَّ مَا كَانَ أَصْلُهُ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَوْ كَانَ حَيًّا بَاقِيًا يَتَدَاوَلُونَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ إلَى حِينِ انْقِرَاضِهِمْ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ وَتَرَكَ أَوْلَادَهُ مُحَمَّدًا وَأَمَّ الْخَيْرِ وَفَاطِمَةَ وَآمِنَةَ ثُمَّ مَاتَ مُحَمَّدٌ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ فليفل وَنَجَا وَأَحْمَدَ ثُمَّ مَاتَتْ أُمُّ الْخَيْرِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَ فليفل عَنْ ثَلَاثَةِ أَوْلَادٍ نَجَا وَمُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ ثُمَّ مَاتَتْ آمِنَةُ عَنْ بِنْتٍ تُدْعَى بَدِيعَةَ ثُمَّ مَاتَتْ بَدِيعَةُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَتْ فَاطِمَةُ عَنْ وَالِدِهَا نُورِ الدِّينِ ابْنِ بِنْتِ الْوَاقِفِ ثُمَّ مَاتَ نَجَا ابْنُ ابْنِ الْوَاقِفِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَ أَحْمَدُ ابْنُ ابْنِ الْوَاقِفِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ أَيْضًا وَلَمْ يَبْقَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ سِوَى نُورِ الدِّينِ ابْنِ بِنْتِ الْوَاقِفِ وَمُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَلَدَيْ فليفل ابْنِ ابْنِ الْوَاقِفِ وَيُوسُفُ بْنُ نَجَا بْنِ فليفل فَمَاذَا يَسْتَحِقُّهُ يُوسُفُ بْنُ فليفل وَمَا يَسْتَحِقُّهُ نُورُ الدِّينِ بْنُ فَاطِمَةَ وَمَاذَا يَسْتَحِقُّهُ أَوْلَادُ فليفل أَعْمَامُ يُوسُفَ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ مُحَمَّدِ ابْنِ الْوَاقِفِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ إلَى أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ فليفل وَنَجَا وَأَحْمَدَ وَيَنْتَقِلُ نَصِيبُ أُمِّ الْخَيْرِ مِنْهُ إلَى أُخْتَيْهَا فَاطِمَةَ وَآمِنَةَ وَيَنْتَقِلُ نَصِيبُ فليفل مِنْهُ إلَى أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ نَجَا وَمُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ وَيَنْتَقِلُ نَصِيبُ آمِنَةَ مِنْهُ إلَى بِنْتِهَا بَدِيعَةَ

ص: 96