المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الْأَمْرِ فَلِذَلِكَ وَقَعَ الطَّلَاقُ فِيهَا لَوْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ مَا فِي - فتاوى الرملي - جـ ٣

[شهاب الدين الرملي]

فهرس الكتاب

- ‌[الْإِقَالَة فِي الْإِجَارَة]

- ‌[كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[اشْتِرَاطِ دَوَامِ الْمَوْقُوفِ لِصِحَّةِ الْوَقْفِ]

- ‌[وَقَفَ الْبِنَاء أَوْ الْغِرَاس فِي أَرْض مَغْصُوبَة]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[هِبَة الْأَصْل للفرع]

- ‌[كِتَابُ اللَّقْطَةِ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْتِقَاط الذِّمِّيّ]

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ الْجَعَالَةِ]

- ‌[الِاسْتِنَابَة فِي الجعل]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[بَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[شُرُوط قَبُول الْوَصِيَّة]

- ‌[بَاب هَلْ يَقْبَل قَوْلُ الْوَصِيّ بِيَمِينِهِ فِي دَفْعِ زَكَاة مَال الْيَتِيم]

- ‌[بَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ]

- ‌[كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌[هَلْ الْأَفْضَل الْفَقِير الصَّابِر أُمّ الغني الشَّاكِر]

- ‌[بَابُ خَصَائِصِ النَّبِيِّ]

- ‌[هَلْ الصَّدَقَة محرمة عَلَى سَائِر الْأَنْبِيَاء أُمّ عَلَى نَبِيّنَا فَقَطْ]

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ]

- ‌[هَلْ الْوَطْء فِي الدبر يحرم فُصُولٍ الزَّوْجَة]

- ‌[هَلْ تَصِحّ مُنَاكَحَتنَا للجن]

- ‌[بَابُ الْخِيَارِ فِي النِّكَاحِ وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ]

- ‌[الْوَطْء فِي الدبر هَلْ يَثْبُت الْفِرَاش وَالنَّسَب]

- ‌[بَابُ الصَّدَاقِ

- ‌[مَا يَتَقَرَّر بِهِ الْمَهْر]

- ‌[بَابُ الْوَلِيمَةِ]

- ‌[بَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ]

- ‌[الزِّيَادَة فِي الْقَسْم]

- ‌[مَا يَثْبُت بِهِ نُشُوز الْمَرْأَة لِإِسْقَاطِ نَفَقَتهَا]

- ‌[بَابُ الْخُلْعِ]

- ‌[الْوَكَالَة فِي الخلع]

- ‌[الْكِنَايَة فِي الخلع]

- ‌[أَخَذَ الْعِوَض عَنْ النُّزُول عَنْ الْوَظَائِف]

- ‌[خلع السَّفِيه]

- ‌[تَعْلِيق الخلع]

- ‌[كِتَابُ الطَّلَاقِ]

- ‌[الطَّلَاق الْمُعَلَّق عَلَى صفة]

- ‌[طَلَاق السَّكْرَان]

- ‌[تَعْلِيق الطَّلَاق عَلَى شَرْط]

- ‌[طَلَاق النَّاسِي]

- ‌[جَمْعِ الطلقات وَزَادَ عَلَى الْعَدَد الشَّرْعِيّ]

- ‌[طَلَاق الْغَضْبَان]

- ‌[طَلَاق النَّائِم]

- ‌[بَابُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[بَابُ الْإِيلَاءِ]

- ‌[بَابُ الظِّهَارِ]

- ‌[كِتَابُ الْكَفَّارَةِ]

- ‌[بَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ]

- ‌[التَّعْرِيض بالقذف]

- ‌[القذف بِالْكِنَايَةِ]

- ‌[عِفَّة الصَّغِير هَلْ تَسْقُط بِزِنَاهُ]

- ‌[بَابُ الْعِدَدِ]

- ‌[عدة الْأَمَة الْمُتَحَيِّرَة]

- ‌[بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[مَا يَقُول عِنْد الْحُلْف عَلَى الِاسْتِبْرَاء]

- ‌[بَابُ الرَّضَاعِ]

- ‌[بَابُ النَّفَقَاتِ]

- ‌[نَفَقَة النَّاشِز]

- ‌[فَسْخ النِّكَاح بِتَعَذُّرِ النَّفَقَة]

الفصل: الْأَمْرِ فَلِذَلِكَ وَقَعَ الطَّلَاقُ فِيهَا لَوْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ مَا فِي

الْأَمْرِ فَلِذَلِكَ وَقَعَ الطَّلَاقُ فِيهَا لَوْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَوَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَمْ يَجِبْ لَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَتْ الطَّلْقَةُ الْمَسْئُولَةُ طَلْقَةً بَائِنَةً لِوُقُوعِهَا فِي مُقَابَلَةِ بَرَاءَةِ الزَّوْجِ مِنْ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ، ثُمَّ إنْ ثَبَتَتْ الْحَوَالَةُ الْمَذْكُورَةُ، وَكَانَ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ مَهْرَ مِثْلِهَا بَرِئَتْ ذِمَّةُ الزَّوْجِ مِنْ الْأَلْفِ وَالْمِائَةِ الْبَاقِيَةِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِتِسْعِمِائَةِ، وَالنَّذْرُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ.

(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ: مَتَى مَضَى شَهْرُ شَوَّالٍ مَثَلًا وَلَمْ أَحْضُرْ لِلْمَحْكَمَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَأَدْفَعُ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْ صَدَاقَهَا كَانَتَا طَالِقَتَيْنِ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ حَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبَةِ الصَّدَاقِ اتِّفَاقٌ عَلَى إيقَاعِ الطَّلَاقِ فِي مُقَابَلَةِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ، ثُمَّ سَأَلَتْهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا عَلَى ذَلِكَ فَطَلَّقَهَا عَلَيْهِ، فَهَلْ إذَا فَعَلَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْحُضُورُ إلَى الْمَحْكَمَةِ الْمَذْكُورَةِ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقُ الْأُخْرَى لِكَوْنِهِ فَوَّتَ شَغْلَ ذِمَّتِهِ مِنْ الصَّدَاقِ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ لَا يَقَعُ لِفِعْلِهِ الْمَقْدُورَ وَعَدَمِ شَغْلِ ذِمَّتِهِ بِالصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ تِلْكَ الزَّوْجَةِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا

[كِتَابُ الطَّلَاقِ]

(كِتَابُ الطَّلَاقِ)(سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَفْعَلُ الشَّيْءَ

ص: 216

الْفُلَانِيِّ، ثُمَّ فَعَلَهُ هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَعَمْ يَقَعُ عَلَى الْحَالِفِ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْمَذْكُورَ صَرِيحٌ فِيهِ.

(سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى سَائِرِ مَذَاهِبِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ فِيهَا: تَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ وُقُوعُ ذَلِكَ عَلَى الْمَذَاهِبِ كُلِّهَا أَيُّهُمَا الْمُعْتَمَدُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ قَالَ الْغَزِّيُّ: إنَّهُ الْأَقْوَى إذْ لَوْ أَتَى شَخْصٌ بِصَرِيحِهِ وَقَالَ: لَمْ أَنْوِ بِهِ طَلَاقًا لَمْ يُقْبَلْ بِالْإِجْمَاعِ وَاحْتَجَّ لَهُ الْخَطَّابِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} [البقرة: 231] وَلِأَنَّا لَوْ لَمْ نَقُلْ بِذَلِكَ لَتَعَطَّلَتْ الْأَحْكَامُ وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إلَّا دَاوُد الظَّاهِرِيَّ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَجَوَابُهُ أَنَّ التَّخْصِيصَ دَخَلَهُ بِالْإِجْمَاعِ وَقَدْ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إنَّ الْمُحَقِّقِينَ لَا يُقِيمُونَ لِلظَّاهِرِيَّةِ وَزْنًا وَأَنَّ خِلَافَهُمْ لَا يُعْتَبَرُ.

(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَكْرَهَ شَخْصٌ شَخْصًا عَلَى أَنْ يَقْبِضَ مِنْ شَخْصٍ شَيْئًا، ثُمَّ أَكْرَهَهُ حَتَّى أَخَذَ مِنْهُ ذَلِكَ فَهَلْ لِلْمُقْبِضِ الرُّجُوعُ عَلَى الْقَابِضِ الْمُكْرِهِ أَوْ لَا وَهَلْ يَشْهَدُ لِذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْوَدِيعَةِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلْمُقْبِضِ الرُّجُوعَ عَلَى الْقَابِضِ الْمُكْرِهِ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْوَدِيعَةِ، ثُمَّ إنْ

ص: 217

دَفَعَهُ لِلْمُكْرِهِ فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ بَلْ صَرَّحَ الْأَئِمَّةُ بِأَنَّ الْكُرْهَ عَلَى إتْلَافِ الْمَالِ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَقَرَارُهُ عَلَى الْمُكْرِهِ.

(سُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا أَنْ تَخْرُجَ فِي لَيْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ إلَى مَكَان مُعَيَّنٍ فَقَالَ عَقِبَ سُؤَالِهَا: إنْ خَرَجْت فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَاصِدًا بِذَلِكَ مَنْعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ لَمَّا سَأَلَتْهُ الْخُرُوجَ إلَيْهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا سِوَى طَلْقَةٍ وَأَنَّهَا مِمَّنْ تُبَالِي بِحَلِفِهِ، ثُمَّ خَرَجَتْ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَقَالَ لَهَا الزَّوْجُ: أَمَا عَلِمْت بِالْحَلِفِ فَقَالَتْ: نَعَمْ وَلَكِنِّي لَمْ أَخْرُجْ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَرَدْت بَلْ إلَى غَيْرِهِ وَأَنْتَ لَمْ تَقْصِدْ بِحَلِفِك إلَّا مَنْعِي مِنْ الْخُرُوجِ إلَيْهِ، فَهَلْ يَصَدَّقُ الزَّوْجُ فِي قَصْدِهِ الْخَاصِّ وَيَقْضِي بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْحَالُ مَا ذَكَرَ؟

(فَأَجَابَ) نَعَمْ يَصَدَّقُ الزَّوْجُ إنْ قَصَدَ ذَلِكَ الْمَكَانَ الْمُعَيَّنَ وَلَا يَحْكُمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ لِلْقَرِينَةِ، وَإِنْ قَصَدَ مَكَانًا غَيْرَ ذَلِكَ الْمَكَانِ فَلَا يَصْدُقُ وَيَحْكُمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ ظَاهِرًا وَلَكِنَّهُ يَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى.

(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ مُتَزَوِّجٍ بِامْرَأَتَيْنِ قَالَ: مَتَى سَكَنْت بِزَوْجَتِي فَاطِمَةَ فِي بَلَدٍ مِنْ الْبِلَادِ، وَلَمْ تَكُنْ زَوْجَتِي أُمُّ الْخَيْرِ مَعَهَا كَانَتْ أُمُّ الْخَيْرِ طَالِقًا، ثُمَّ سَكَنَ بِالزَّوْجَتَيْنِ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى فَهَلْ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ أَمْ لَا وَإِذَا

ص: 218

قُلْتُمْ لَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ فَسَكَنَ بِزَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى هَلْ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِسُكْنَاهُ بِزَوْجَتَيْهِ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِسُكْنَى وَاحِدَةٍ إذْ لَيْسَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَيَّدَهَا بِوَاحِدَةٍ وَلِأَنَّ لِهَذِهِ الْيَمِينِ جِهَةَ بِرٍّ وَهِيَ سُكْنَاهُ بِزَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ فِي بَلَدٍ وَمَعَهَا زَوْجَتُهُ الْأُخْرَى أُمُّ الْخَيْرِ وَجِهَةُ حِنْثٍ وَهِيَ سُكْنَاهُ بِزَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ فِي بَلَدٍ دُونَ أُمِّ الْخَيْرِ وَيُفَارَقُ هَذَا مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ خَرَجْت لَابِسَةً حَرِيرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ غَيْرَ لَابِسَةٍ لَهُ حَيْثُ لَا تَنْحَلُّ حَتَّى يَحْنَثَ بِخُرُوجِهَا ثَانِيًا لَابِسَةً لَهُ بِأَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى جِهَتَيْنِ، وَإِنَّمَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِخُرُوجٍ مُقَيَّدٍ فَإِذَا وُجِدَ وَقَعَ الطَّلَاقُ.

(سُئِلَ) عَمَّنْ تَشَاجَرَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ فَقَالَ لَهَا: عَلَيَّ الطَّلَاقُ إنْ طَلَبْت الطَّلَاقَ طَلَّقْتُك؛ فَقَالَتْ: طَلِّقْنِي. فَسَكَتَ عَنْهُ فَهَلْ يَقَعُ بِذَلِكَ طَلَاقٌ أَوْ لَا وَإِذَا وَقَعَ هَلْ يَكُونُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِلَفْظِهِ الْمَذْكُورِ تَعْلِيقَ طَلَاقِهَا عَلَى طَلَبِهَا لَهُ لَمْ يَقَعْ بِمُجَرَّدِ طَلَبِهَا، ثُمَّ إنْ قَصَدَ أَنَّهُ يُطَلِّقُهَا بَعْدَ طَلَبِهَا فَوْرًا وَمَضَى بَعْدَ طَلَبِهَا زَمَنٌ أَمْكَنَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيهِ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا طَلُقَتْ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ فَوْرًا لَمْ تَطْلُقْ إلَّا عِنْدَ يَأْسِهِ

ص: 219

مِنْ طَلَاقِهَا وَحَيْثُ وَقَعَ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ فَهُوَ رَجْعِيٌّ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَلَمْ يُكْمِلْ بِالْوَاقِعِ عَدَدَ طَلَاقِهَا.

(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ خَرَجْت فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَصَدَ إعْلَامَهَا وَمَنْعَهَا وَهِيَ مِمَّنْ تُبَالِي بِقَوْلِهِ بَعْدَ أَنْ سَأَلَتْهُ الْخُرُوجَ لِبَيْتِ شَخْصٍ أَوْ لِبَيْتِ شَخْصَيْنِ فَخَرَجَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ لِغَيْرِ الْبَيْتَيْنِ، ثُمَّ ادَّعَتْ بَعْدَ أَنْ سُئِلَتْ أَنَّ زَوْجَهَا لَمْ يَحْلِفْ إلَّا عَلَى الْخُرُوجِ لِبَيْتِ مَنْ سَأَلَتْهُ الْخُرُوجَ إلَيْهِ وَإِنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ لَمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهَا وَلَا تَطْلُقُ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهَا وَنِسْيَانِهِ أَوْ كِذْبِهَا مُعْتَقِدَةً أَنَّهُ غَيْرُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِقَبُولِ قَوْلِهَا فَهَلْ يَكُونُ جَارِيًا فِيمَا إذَا صَدَّقَهَا أَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا بِتَصْدِيقٍ وَلَا تَكْذِيبٍ أَوْ كَذَّبَهَا؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِحَلِفٍ بِطَلَاقٍ لَا بِطَلَاقٍ، وَالْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ إلَّا بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَى فِعْلِهِ عَامِدًا عَالِمًا مُخْتَارًا وَالْعِلْمُ وَالْعَمْدُ لَا يُعْلَمَانِ إلَّا مِنْهَا فَحَصَلَ شَكٌّ فِي وُجُودِ الصِّفَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَالطَّلَاقُ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا مَا لَوْ قَالَ: لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَدْخُلْ زَيْدُ الدَّارَ الْيَوْمَ وَشَكَّ فِي دُخُولِهِ فِي الْيَوْمِ، وَهَلْ إذَا فَسَّرَتْ مَا ادَّعَتْهُ بِأَنَّهَا لَمْ تَسْمَعْ مِنْ زَوْجِهَا إلَّا الْحَلِفَ عَلَى

ص: 220

الْخُرُوجِ لِبَيْتِ مَنْ سَأَلَتْهُ الْخُرُوجَ إلَيْهِ وَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ لَمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا وَيَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهَلْ الْمَسْأَلَةُ أَوْلَى مِمَّا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ وَصَاحِبِ الْأَنْوَارِ وَمُخْتَصَرَيْ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهِمْ فِيمَا إذَا فَوَّضَ إلَيْهَا الطَّلَاقَ فَطَلُقَتْ بِكِتَابَةٍ وَقَالَتْ: مَا نَوَيْت وَقَالَ الزَّوْجُ: نَوَيْت مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْ النَّاوِي وَهَلْ هَذَا الِاقْتِضَاءُ مَعْمُولٌ بِهِ وَلَا يَكُونُ قَوْلُ الزَّوْجِ إقْرَارًا بِالطَّلَاقِ، وَإِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنَّهُ إقْرَارٌ بِهِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ شَرْطُهُ أَنْ يُعْلِمَهُ الْمُقِرُّ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يُعْلِمْهُ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الزَّوْجَ لَا عِلْمَ لَهُ بِنِيَّتِهَا وَلَا بِخُرُوجِهَا عَالِمَةً عَامِدَةً وَهَلْ إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ قَصَدَ بِحَلِفِهِ الْمَنْعَ مِمَّا سَأَلَتْهُ الْخُرُوجَ إلَيْهِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ ظَاهِرٌ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ وَلَا تَطْلُقُ سَوَاءٌ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فِي دَعْوَاهَا أَوْ لَا، وَإِنَّمَا حَكَمْنَا بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيمَا ذُكِرَ عَمَلًا بِقَوْلِهَا، وَإِنْ كَانَ الِاعْتِبَارُ فِي تَعْيِينِ الْفِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِقَوْلِ الزَّوْجِ لِرُجُوعِهِ إلَّا أَنَّهَا فَعَلَتْ الْخُرُوجَ جَاهِلَةً بِأَنَّهُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي تَفْسِيرِ دَعْوَاهَا بِمَا ذَكَرَتْهُ وَيَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَقَبُولُ قَوْلِهَا فِي عَدَمِ نِيَّتِهَا الطَّلَاقَ إذَا

ص: 221

أَتَتْ بِكِنَايَتِهِ عِنْدَ تَفْوِيضِهِ إلَيْهَا أَوْلَى مِنْ قَبُولِ قَوْلِهَا فِي مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْ النَّاوِي، وَعِلْمُهَا بِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ سَمَاعُهَا لِلَفْظِ التَّعْلِيقِ قَدْ يُعْرَفُ مِنْ غَيْرِهَا، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهَا فِي عَدَمِ نِيَّتِهَا الطَّلَاقَ حَتَّى لَا يَكُونَ الزَّوْجُ مُقِرًّا بِهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي أَنَّهُ قَصَدَ بِحَلِفِهِ الْمَنْعَ مِمَّا سَأَلَتْهُ الْخُرُوجَ إلَيْهِ حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ ظَاهِرًا لِقِيَامِ الْقَرِينَةِ عَلَيْهِ.

(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ أَوْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي مِنْ جَوْزَتِي بِتَقْدِيمِ الْجِيمِ عَلَى الزَّايِ وَقَالَ: أَرَدْت جَوْزَةَ حَلْقِي مَثَلًا فَهَلْ يُقْبَلُ فِي ذَلِكَ وَلَا يَحْنَثُ إذَا وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَهَلْ الْعَامِّيُّ وَالْعَالِمُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَهَلْ إذَا قَالَ: مِنْ جُزْئِيٍّ أَوْ بَعْضِيٍّ مَا الْحُكْمُ وَهَلْ إذَا قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ مِنْ سَيْفِي وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ يُؤَاخَذُ بِذَلِكَ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ أَوْ لَا وَهَلْ ذَلِكَ جَمِيعُهُ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ جَمِيعَ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ فِي صُوَرِ الطَّلَاقِ كِنَايَةٌ فِيهِ حَتَّى لَا يَقَعَ بِهَا إلَّا بِنِيَّةٍ قَبْلَ تَمَامِ اللَّفْظِ إنْ عَزَمَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِقَوْلِهِ مِنْ جَوْزَتِي أَوْ جُزْئِيٍّ أَوْ بَعْضِيٍّ أَوْ سَيْفِي، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَإِلَّا فَهِيَ صَرِيحَةٌ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ

ص: 222

قَبْلَ إتْيَانِهِ بِنَحْوِ جَوْزَتِي، وَالْعَامِّيُّ وَالْعَالِمُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.

(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ شَاهِدٌ لِزَيْدٍ: قُلْ لِعَمْرٍو: طَلِّقْ بِنْتِي عَلَى كَذَا فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ الشَّاهِدُ لِعَمْرٍو: قُلْ لَهُ: طَلَّقْت بِنْتَك عَلَى كَذَا فَقَالَ: عَمْرٌو: طَلُقَتْ بِنْتُهُ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يَصِحُّ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ وَيَكُونُ صَرِيحًا أَوْ كِنَايَةً؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمَا ذَكَرَ وَهُوَ صَرِيحٌ وَلَا يَضُرُّ عُدُولُهُ عَنْ الْإِضَافَةِ لِضَمِيرِ الْمُخَاطَبِ إلَى الْإِضَافَةِ لِضَمِيرِ الْغَائِبِ.

(سُئِلَ) عَمَّنْ قَرَّرَ لِزَوْجَتِهِ فِيمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي ثَمَنِ طَعَامٍ وَإِدَامٍ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا، ثُمَّ قَالَ: مَتَى مَضَى أُسْبُوعٌ وَلَمْ أُوفِك الْمُقَرَّرَ الْمَذْكُورَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ نَشَزَتْ فَقَطَعَ عَنْهَا زَوْجُهَا الْمُقَرَّرَ الْمَذْكُورَ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِعَدَمِ دَفْعِ الْمُقَرَّرِ لِزَوْجَتِهِ زَمَنَ نُشُوزِهَا.

(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ فِي غَدٍ يُسَافِرُ لِمَوْضِعِ كَذَا فَأَصْبَحَ فِي غَدٍ يُسَافِرُ فَوَجَدَ ضَيْفًا جَاءَ فَاشْتُغِلَ بِهِ وَفِي عَزْمِهِ السَّفَرَ لِلْمَوْضِعِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَضَى حَاجَتَهُ وَأَرَادَ السَّفَرَ فَشَرَعَ فِيهِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْغَدِ مَا يَزِيدُ عَلَى مَا يُوصِلُهُ إلَى الْمَوْضِعِ الْمَذْكُورِ فَطَرَأَ عَلَيْهِ النِّسْيَانُ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ فَهَلْ يَحْنَثُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ غَدًا فَتَلِفَ فِيهِ بَعْدَ

ص: 223

تَمَكُّنِهِ مِنْ أَكْلِهِ أَوْ لَا يَحْنَثُ كَمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ لَمْ تَخْرُجِي اللَّيْلَةَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَالَعَ مَعَ أَجْنَبِيٍّ فِي اللَّيْلَةِ وَجَدَّدَ الْعَقْدَ وَلَمْ تَخْرُجْ. وَكَمَسْأَلَةِ الْإِمَامِ السُّبْكِيّ الَّتِي فِيهَا الْحَلِفُ وَالْخُلْعُ وَخَالَفَ ابْنَ الرِّفْعَةِ وَالْبَاجِيَّ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ الْقَائِلُ فِيهَا بِعَدَمِ الْحِنْثِ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ الْمَجْعُولِ ظَرْفًا لِلْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَكَمَا لَوْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا وَمَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ فَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْعِصْيَانِ بِالتَّأْخِيرِ، وَإِنَّمَا حَنِثَ فِي مَسْأَلَةِ تَلَفِ الطَّعَامِ الْمَذْكُورَةِ، وَفِي مَسْأَلَةِ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهَا تُصَلِّي الْيَوْمَ الظُّهْرَ فَحَاضَتْ فِي وَقْتِهِ وَلَمْ تُصَلِّ وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْيَأْسَ حَصَلَ مِنْ الْبِرِّ؟

(فَأَجَابَ) نَعَمْ يَحْنَثُ الْحَالِفُ الْمَذْكُورُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ السَّفَرِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يَفْعَلْهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامِ غَدًا فَتَلِفَ مِنْ الْغَدِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَكْلِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ وَكَمَا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا فِي الشَّهْرِ، ثُمَّ خَالَعَ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْفِعْلِ كَمَا صَوَّبَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَوَافَقَهُ الْبَاجِيُّ، وَإِنْ خَالَفَهُمَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي وَكَمَا لَوْ حَلَفَ

ص: 224

أَنَّهَا تُصَلِّي الْيَوْمَ الظُّهْرَ فَحَاضَتْ فِي وَقْتِهِ بَعْدَ تَمَكُّنِهَا مِنْ فِعْلِهِ وَلَمْ تُصَلِّ وَكَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ فَانْصَبَّ بَعْدَ إمْكَانِ شُرْبِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَلَهُ نَظَائِرُ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ إنْ لَمْ تَخْرُجِي اللَّيْلَةَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَمَسْأَلَةِ مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ لَمْ تَأْكُلِي هَذِهِ التُّفَّاحَةَ الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ لِأَمَتِهِ إنْ لَمْ تَأْكُلِي التُّفَّاحَةَ الْأُخْرَى فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَالْتَبَسَتَا فَخَالَعَ وَبَاعَ فِي الْيَوْمِ، ثُمَّ جَدَّدَ وَاشْتَرَى حَيْثُ يَتَخَلَّصُ وَنَحْوُهُمَا وَاضِحٌ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْمَسَائِلِ الْأُوَلِ الْفِعْلُ وَهُوَ إثْبَاتٌ جُزْئِيٌّ وَلَهُ جِهَةُ بِرٍّ وَهُوَ فِعْلُهُ وَجِهَةُ حَنِثَ بِالسَّلْبِ الْكُلِّيِّ الَّذِي هُوَ نَقِيضُهُ وَالْحِنْثُ بِمُنَاقَضَةِ الْيَمِينِ وَتَفْوِيتِ الْبِرِّ فَإِذَا تَمَكَّنَ مِنْهُ وَلَمْ يَفْعَلْ حَنِثَ لِتَفْوِيتِهِ بِاخْتِيَارِهِ، وَأَمَّا الْمَسَائِلُ الْأُخَرُ فَالْمَقْصُودُ فِيهَا التَّعْلِيقُ عَلَى الْعَدَمِ وَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْآخِرِ فَإِذَا صَادَفَهَا الْآخَرُ بَائِنًا لَمْ تَطْلُقْ وَلَيْسَ هُنَا إلَّا جِهَةُ حِنْثٍ فَقَطْ فَإِنَّهُ إذَا فَعَلَ لَا نَقُولُ: بِرٌّ بَلْ لَمْ يَحْنَثْ لِعَدَمِ شَرْطِهِ وَتَعْلِيلُ السَّائِلِ لِعَدَمِ الْحِنْثِ بِأَنَّ الْحِنْثَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ إلَخْ يُرَدُّ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَا فِي الْمَسَائِلِ الْأَوَّلِ كَمَا لَا يَخْفَى وَالتَّنْظِيرُ بِمَسْأَلَةِ الْمَوْتِ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ

ص: 225

فِيهِ وَقَوْلُهُ: إنَّ الْحِنْثَ فِي مَسْأَلَةِ تَلَفِ الطَّعَامِ وَمَسْأَلَةِ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهَا تُصَلِّي الْيَوْمَ الظُّهْرَ إنَّمَا هُوَ؛ لِأَنَّ الْيَأْسَ مِنْ الْبِرِّ حَصَلَ مَمْنُوعٌ، وَإِنَّمَا هُوَ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ التَّعْلِيلِ إذْ مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِيهِمَا إذَا كَانَ حَلِفُهُ بِالطَّلَاقِ، ثُمَّ خَالَعَ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْفِعْلِ وَلَمْ يَفْعَلْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(سُئِلَ) عَنْ رَجُلً بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَالِدِهِ جِمَالٌ مُشْتَرَكَةٌ وَبَيْنَهُمَا مَصَارِفُ بِسَبَبِ الْجِمَالِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يُخَلِّي الْجِمَالَ تَسْرَحُ إلَى الْغَيْطِ حَتَّى يُحَاسِبَهُ وَالِدُهُ عَلَى الْمَصْرُوفِ الْمَذْكُورِ فَامْتَنَعَ وَالِدُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَاضْطَرَّ إلَى تَسْرِيحِ الْجِمَالِ فَاسْتَفْتَى فَقِيهًا عَنْ خَلَاصِهِ مِنْ الْحِنْثِ فَقَالَ لَهُ أَنْ تَخْلَعَ زَوْجَتَك، ثُمَّ تُعِيدَهَا وَلَمْ يُعَيَّنْ لَهُ قَبْلَ التَّسْرِيحِ وَلَا بَعْدَهُ فَظَنَّ أَنَّ الْخُلْعَ بَعْدَ التَّسْرِيحِ مُخَلِّصٌ لَهُ فَسَرَّحَ الْجِمَالَ مُعْتَمِدًا عَلَى اعْتِقَادِهِ مِنْ قَوْلِ الْمُفْتِي فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ يَكُونُ مَعْذُورًا كَالنَّاسِي وَالْمُكْرَهِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ بِتَسْرِيحِ الْجِمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لِاعْتِقَادِهِ انْحِلَالَ يَمِينِهِ اعْتِمَادًا عَلَى فَتْوَى الْفَقِيهِ فَصَارَ مَعْذُورًا كَالنَّاسِي.

(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ بِدَارِ صِهْرِهِ إلَّا إنْ كَانَ لَهُ فِيهَا مِلْكٌ فَمَلَّكَهُ صِهْرُهُ حِصَّةً مِنْ الدَّارِ وَسَكَنَهَا، ثُمَّ

ص: 226