الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منع الوالد الظالم من دخول البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي رجل ظالم ولا أعرف كيف أتصرف معه، لقد تركنا منذ حوالي ثلاث سنوات وذهب من البيت ثم بعد ذلك عاد مرة أخرى، وفي كل مرة يأتي يفتعل المشاكل، وأنا الآن لا أريد أن أدخله البيت وهو رجل ظالم جداً جداً، فهل أمنعه من دخول البيت أم ماذا أفعل، وما حكم الدين لو منعته، أنا لا أعرف كيف أتفاهم معه، في هذه الحالة هل أكون عاقة أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ظلم الوالد وعصيانه بل حتى كفره بالله عز وجل لا يجيز للولد عقوقه، فالولد مأمور بالإحسان إلى والده على كل حال، وبمصاحبته بالمعروف وهو البر والصلة والعشرة الجميلة، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:14-15} .
فليس من البر والصلة والعشرة الجميلة أن تمنعي والدك من دخول البيت، الذي ربما كان بيته، وإذا كان مجرد التضجر من الوالد بقول أف حرام فكيف بمنعه من دخول البيت، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَاّ تَعْبُدُواْ إِلَاّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} .
قال ابن كثير رحمه الله في التفسير: وقوله: إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف أي لا تسمعهما قولا سيئاً حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيء، ولا تنهرهما أي ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح، كما قال عطاء بن رباح في قوله: ولا تنهرهما أي لا تنفض يدك عليهما. ولما نهاه عن القول القبيح والفعل القبيح، أمره بالقول والفعل الحسن، فقال: وقل لهما قولا كريماً أي لينا طيباً حسنا بتأدب وتوقير وتعظيم، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة أي تواضع لهما بفعلك، وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً أي في كبرهما وعند وفاتهما. انتهى.
وحق لوالدك أن يتمثل بهذا الأبيات:
غذوتك مولودا ومنتك يافعا * تعل بما أجني عليك وتنهل
إذا ليلة عافتك بالسقم لم أبت * لسقمك إلا ساهرا أتململ
كأني أنا المطروق دونك بالذي * طرقت به دوني فعيني تهمل
تخاف الردى نفسي عليك وإنها * لتعلم أن الموت وقت مؤجل
فلما بلغت السن والغاية التي * إليها مدى ما كنت منك أؤمل
جعلت جزائي غلظة وفظاظة * كأنك أنت المنعم المتفضل
فليتك إذ لم ترع حق أبوتي * فعلت كما الجار المجاور يفعل
فوافيتني حق الجوار ولم تكن * علي بمالي دون مالك تبخل
تراه معدا للخلاف كأنه * برد على أهل الصواب موكل
فاتقي الله في والدك وأحسني إليه، واحذري عقوقه، فإنه لا يدخل الجنة عاق، وعلى كل حال فإننا ننصحك ببر والدك ومعاملته بالمعروف مع نصحه ووعظه بلطف ولين وحكمة وأدب، وإن كان إدخال بعض الصالحين الحكماء من قومكم في الأمر يفيد فافعلي، هذا مع الإلحاح على الله تعالى في الدعاء أن يهدي الجميع ويوفقه لما يحبه ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1427