الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم الهبة وبر الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[Dr. Abdel-Hafiez Massud، Grossbeeren Str. 70، 10963 Berlin ، Germany.
برلين في الأول من رمضان المبارك 1425 من الهجرة، 15/10/2004
إلى: أهل العلم والفتوى والحجة................................................
الموضوع: طلب فتوى في معاملة أب يريد هضم الحقوق وفقا للشرع.
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله. إنني وإذ أهنئكم بحلول شهر رمضان الكريم وأشكر لكم فتح أبوابكم لكل حائر يحذر الوقوع في حدود الله ويجعل من شرع الله بوصلة لتوجيه أفعاله.
وعليه فإنني أرجو التكرم بالرد المكتوب السريع والمعتمد رسميا على العنوان المذكور هنا من مكتبكم في الأمر الآتي:
أنا أكبر سبعة من إخوتي، أربعة من الصبيان وثلاثة من البنات. بعد انتهاء دراستي الجامعية في مصر سافرت إلى إحدى الدول الأوروبية حيث بدأت العمل هناك على نحو استطعت أن أوقف أبي عن العمل بالأجرة اليومية وأوفر له ولأمي وباقي إخوتي رغد العيش والمسكن الحديث حتى أصبح من الممكن أن يواصل جميع إخوتي وأخواتي ويتمون تعليمهم الجامعي وحينما شرعت ابنتان وابنان من أبناء أبي وأمي في الزواج تحملت نفقات الزواج بالرغم من أنهم يعملون بمؤهلهم الجامعي في وظائف محلية بمصر، واستمرت مسيرة الأيام هكذا حتى قامت والدتي وأبي برحلة عمرة في رمضان 2002 على نفقتي، وهو ما فعلته دائما عن طيب خاطر.
وحيث إنني كنت أقوم بتحويل كل كسبي في الخارج إلى والدي فكان يتبقى بعض المال بعد تغطية جميع نفقات الأسرة فكان والدي الذي يجيد حرفة الزراعة يشترى بما تبقى من مالي أرضا زراعية، وكنت لا أسال عما إذا كانت ملكية هذه الأرض قد تم تسجيلها باسمي أم لا باعتبار أن ذلك أمر مفهوم بذاته.
وفي رمضان 2003 انتقلت أمي فجأة إلى رحمة الله في أعقاب عملية جراحية فكانت صدمتي أنا وإخوتي شديدة ولا نكاد نصدق حتى الآن أن ذلك حدث، ولكن أبى لم يكد يمر أسبوعان على وفاة من تزوجها أربعين عاما ونحن نعيش عمق الصدمة حتى طرح موضوع زواجه، فكانت صدمتنا أشد وشعرنا أننا أمام شخص لم نكن نعرفه من قبل لا عهد له ولا وعد، مع أن إحدى أخواتي البنات لا زالت معه بالبيت. ولما كان الحال كذلك ولما كان الشرع المر لا يحظر أن يتزوج رجل مثله قد تجاوز سقف الخمس والستين عاما فقد طالبت والدي بإيضاح مسبق لأملاكي قبل زواجه بأخرى، حيث إن هذا المال من تعبي أنا وهو جزء مما تبقى لي من أسرتنا الأولى وأنا اليوم متزوج ولى من البنين اثنان. وقد تعهدت له في خطاب في الوقت نفسه بأنني متكفل بطعامه وشرابه ومسكنه وعلاجه ومستوى معيشي فوق المتوسط في مقابل أن يعيد إلي أملاكي التي كتبها رسميا باسمه على حين غفلة منى.
والآن تزوج أبى بأخرى لا نعلم عنها شيئا ولا زالت أملاكي باسمه وهو يريد أن يورث جزءا منها لزوجته الجديدة ويوزع جزءا منها على إخوتي الستة ولا يترك لي سوى شطرا بسيطا منها لا يجوز لي التصرف فيه إلا بإذنه. أما أنا فإنني أرى أن جميع أملاكي هي ثمرة عمل يدي أحد عشر عاما وثمرة حرقة أمّي على غربتي وأنها من حقي جميعا وأنّ التنازل عن جزء منها لإخوتي هو أمر يخصني أنا وحدي ولا يخصه هو. وأنا لست مدينا له سوى بضمان معيشته عيشة رغدة فقط، لا لشيء سوى لأمر الشرع.
أرجو أن تفتوني في أمري.
والسلام عليكم ورحمة الله
د. عبد الحفيظ مسعود Dr. Abdel-Hafiez Massud، Grossbeeren Str. 70، 10963 Berlin ، Germany]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
جزاك الله خيرا على ما قدمت لوالديك ولإخوانك وأسرتك، وهذا واجبك شرعا وطبعا، ونسأل الله تعالى أن يجعل ذلك في ميزان حسناتك.
وإذا كان المال الذي كنت ترسله لوالدك كنت ترسله له على سبيل الهبة له ودون أن تطلب منه أن يدخر لك منه رصيدا، فإن المال يعتبر ملكا له مادام قد وهب له وحازه حيازة تامة.
أما إذا كان ذلك للمساعدة في النفقات وما بقي منه عنها يبقى ملكا لك، سواء كان ذلك بالتصريح أو معلوما من العادة وقرائن الحال، فإن ما بقي من المال بعد النفقة يعتبر ملكا لك، وعلى والدك أن يتقي الله تعالى ويرد الحقوق إلى أهلها.
كما ننبهك إلى أن حق الوالدين عظيم، وعلى الأولاد أن يحافظوا على برهما وحسن معاملتهما، ومن بر والدكم وحسن معاملته مساعدته، وخاصة على بناء أسرته الجديدة، فهذا أمر طبيعي وشرعي لا ينبغي أن يكون سببا في الخلاف بينكم وبينه.
كما ننبهك إلى أن على المسلم أن يعظم شعائر الله تعالى، وإن وصف الشرع بالمر وصف لا ينبغي أن يصدر من مسلم رضي بحكم الله تعالى، فالشرع إنما جاء لجلب المصلحة للعباد وتكميلها ودرء المفسدة عنهم وتقليلها، ولعل ذلك كان سبق قلم ينبغي التنبه له.
كما ننصحك بمعالجة الخلاف بينك وبين والدك بطريقة محترمة معتبرا بقول الله تعالى: وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة: 237} .
وبإمكانك أن تستعين على ذلك ببعض الإخوان والأصدقاء الذين لهم تأثير على والدك لحل المشكلة بطريقة ودية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1425