الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بر الأم مطلوب مهما كان فسقها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة منذ 11 سنة وأعيش والحمد لله في سعادة مع زوجي وأبنائي، مشكلتي هي أمي وعائلتها فأمي سامحها الله زانية ولدتني من زنا، إلا أنني لحسن حظي اعترف بي والدي وأخذتني عمتي لتربيتي وكبرت في بيئة طيبة والحمد لله وكنت أرى أمي قليلا ولم أحبها بل كنت أنفر منها بحكم أنها لم تربني أبداً ومع مرور الأيام انقطعت الصلة بيننا حتى أنها لم تحضر زفافي ولما علمت بذلك تبعتنا أنا وزوجي في أحد الأيام وعملت لنا فضيحة في الشارع لأنها كانت تريد فضيحتي أمام زوجي ظنا منها أنني كذبت عليه وأنكرت وجودها بل لم تكتف بذلك فذهبت عند حماتي في بيتها وأخذت تشوه سمعتي، المهم بعد مرور السنين خفت من عذاب الله فذهبت لأمي ولعائلتها لصلتهم فعلمت من جدتي أن أمي لها بنت أخرى ولدتها بعد ولادتي بسنتين وأعطتها لامرأة في مدينة أخرى ولم يكن أحد يعلم بوجود هذه البنت إلا أمي وفي أحد الأيام سمعت أمي نداء هذه تبحث عن أمها عبر الراديو فتعرفت عليها وأتت بها لجدتي التي لم تكن تعلم بوجودها أبداً حتى بلغ عمرها 35 سنة، لما علمت بهذه الأخبار فجعت وزادني ألما أنني علمت أن جدتي هي الأخرى لها ابن أنجبته من زنا من ابن أختها الذي يعيش معها، فوق هذا علمت أن خالتي الاثنتين لهما أطفال من زنا، أحسست في ذلك الوقت بأنني حقيرة أمام زوجي وعائلته المحافظة الطيبة الذين لم أر منهم إلا كل خير رغم ما عملته أمي لتحقيري أمامهم، أسألكم يا سيدي هل يمكنني أن أذهب لصلة أمي وعائلتها دون أن يأتوا هم عندي نظراً لأخلاقهم الدنيئة وأبعدهم عن أبنائي، وكيف أخبر زوجي أن لي أختا من زنا وأن عائلة أمي كلهم زناة، فأنا أخاف عذاب ربي الذي وعد به قاطع الرحم وأريد المحافظة على كرامتي وبالأخص أمام عائلة زوجي وجميع معارفي الذين لا يعرفون عني إلا كل خير، أرشدني يا سيدي جزاك الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أول ما نوصيك به الستر على أمك وجدتك وكافة أفراد أسرتك، فإن إشاعة الفاحشة بين المسلمين وكشف عوراتهم من الذنوب العظيمة، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النور:19] .
وروى الإمام أحمد في مسنده عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تؤذوا عباد الله ولا تعيروهم ولا تطلبوا عوراتهم، فإنه من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته.، وعنه كذلك في المسند وصححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ستر أخاه المسلم في الدنيا ستره الله يوم القيامة.
ونوصيك ثانياً بأن لا تيأسي من هداية الله لهؤلاء المذكورين من قرابتك فعليك بالدعاء لهم في كل الأوقات، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وتذكيرهم ونصيحتهم، كل ذلك برفق واحترام يتناسبان مع درجة القرابة بينك وبينهم.
قال الله تعالى في الدعاء: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] .
وقال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110]، وقال الله تعالى: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [الذريات:55] .
وأما عن بر الوالدين والعلاقة بهم، فذاك ما لا سبيل إلى التهاون فيه، كيف كان مستوى فسقهم، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [لقمان:15] .
وبر الوالدين من آكد الواجبات، فعن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
وعن أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً، قلنا بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: إلا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. متفق عليه.
وليس لك أن تطردي أمك عن محلك إذا زارتك لأن ذلك يتنافى وبرها، ولكنك إذا كنت تزورينها من حين لآخر وتتقربين إليها بالمودة والإحسان، كان ذلك أدعى لأن تعاملك بأحسن مما كانت عليه، وانظري الفتوى رقم:22067.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1424