الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث المذكور بشأن معاوية منكر سندا ومتنا
.
[السُّؤَالُ]
ـ[أخرج إمام الحنابلة أحمد في مسنده ()(?/???) من طريق عبد اللَّه بن بريدة، قال: دخلت أنا وأبي على معاوية، فأجلسنا على الفرش، ثم أُتينا بالطعام فأكلنا، ثم أُتينا بالشراب فشرب معاوية، ثم ناول أبي، قال: ما شربته منذ حرّمه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال معاوية: كنت أجمل شباب قريش، وأجودهم ثغراً، وما شي ءكنت أجد له لذّة كما كنت أجده وأنا شاب، غير اللبن أو إنسان حسن الحديث يحدّثني.
مع هذا الأوصاف کيف تقولون الصحابة من کل شر بريئون وانتم تقولون إن الأصحاب جميعاً لا معصيةَ
لهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم أولا أن أهل السنة لا يعتقدون العصمة لأحد غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والله تعالى أعلم بمن يعتقد العصمة في غيرهم من البشر.
وأما معاوية بن أبي سفيان فهو من أجلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وله كثير من الفضائل، وقد ذكرنا شيئا منها بالفتاوى: 74327، 25873، 62933، ويكفي الشانئين له خزيا وعارا أنهم لم يجدوا للطعن فيه إلا أحاديث واهية، أو قصصا لا أصل لها وباطلة، أو أحاديث صحيحة فهموها بأفهامهم السقيمة ليرضوا بها أهواءهم.
وهذا الحديث -محل السؤال- فعلا قد رواه الإمام أحمد إمام أهل السنة في مسنده، ولكن ليعلم أنه ليس كل ما يرويه الإمام أحمد في مسنده صحيحا، وهذا الحديث منكر سندا ومتنا.
أما نكارة المتن فقد ذكر الذهبي في تهذيب الكمال عن عبد الله بن الإمام أحمد قال: قال أبي: عبد الله بن بريدة الذي روى عنه حسين بن واقد ما أنكرها. اهـ. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن هذه الزيادة المشكلة في المتن وهي: ما شربته منذ.. والتي هي في مسند أحمد ليست موجودة في مصنف ابن أبي شيبة وهي مروية عنده بنفس الطريق، ولهذا استغرب الهيثمي هذه الزيادة فلم يذكرها فقال في كتابه مجمع الزوائد: وفي كلام معاوية شيء تركته. اهـ. ولنذكر رواية ابن أبي شيبة بكاملها مع إسنادها، قال ابن أبي شيبة في مصنفه: حدثنا زيد بن الحباب عن حسين بن واقد قال: حدثنا عبد الله بن بريدة قال: دخلت أنا وأبي على معاوية فأجلس أبي على السرير وأتى بالطعام فأطعمنا، وأتى بشراب فشرب، فقال معاوية: ما شيء كنت أستلذه وأنا شاب فآخذه اليوم إلا اللبن فإني آخذه كما كنت آخذه قبل اليوم، والحديث الحسن. اهـ
ثم إن هذا الشراب هو اللبن، وعليه ترجم الهيثمي في مجمع الزوائد: باب ما جاء في اللبن. وأورد تحته قصة معاوية هذه، وهذا ما يفهم من سياق الحديث، ولو كان هذا الشراب خمرا لما تناوله بريدة؛ بل ولما جلس في مجلس يدار فيه بالخمر وهو يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك.
وأما من جهة الإسناد فإن زيد بن الحباب يخطئ في الحديث، ففي تهذيب التهذيب قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: زيد بن حباب كان صدوقا وكان يضبط الألفاظ عن معاوية بن صالح لكن كان كثيرا الخطأ. وكذا حسين بن واقد مثله.
وللمزيد فيما يتعلق باتهام معاوية رضي الله عنه بشرب الخمر يمكن مراجعة كتاب" دفاعا عن السلفية" لصاحبه عمرو عبد المنعم سليم.
ولنختم هذا الجواب بكلام للإمام أحمد فيمن يسيء إلى معاوية رضي الله عنه ويطعن فيه: روى الخلال في كتابه السنة قال: أخبرني محمد بن أبي هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال: وجهنا رقعة إلى أبي عبد الله ما تقول رحمك الله فيمن قال: لا أقول إن معاوية كاتب الوحي، ولا أقول إنه خال المؤمنين فإنه أخذها بالسيف غصبا؟ قال أبو عبد الله: هذا قول سوء رديء يجانبون هؤلاء القوم ولا يجالسون، ونبين أمرهم للناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1428