الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا لا يجوز في العين (1) . والدم من المعلوم أنه ليس ملكا له. ثم انتقال الملك فيه لا يصح؛ لأنه حرام، وقصة قتلى المشركين لما أرادوا أن يبذلوا مالا لم يوافق الرسول عليه. فالذي في الجسد فيه أنه نجس، وفيه أنه ما يحل أن يأذن وبدنه يجرح، وليس معهودا في الزمن السابق لفقير الدم. والنص لا يقوم نص. والله أعلم.
ما بقيت إلا (مسألة الضرورة) إذا كان إنسان فارغا من الدم وقال له الطبيب الذي هو موثوق به إن لم يفعل هذا مات.
[من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله]
(1) قلت - أي: جامع الفتاوى – وتأتي الفتوى بتوقفه في هذه المسألة.
حكم سلخ قرنية عين الميت وتركيبها لحي
من محمد بن إبراهيم إلى سعادة وكيل وزارة الخارجية المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فبالإشارة إلى خطابكم رقم (34 \1 \1 \6478 \2) وتاريخ 30 \5 \1386 هـ المرفق به صورة من مذكرة سفارة ماليزيا بجدة رقم (81 - 66) وتاريخ 22 \5 \1386 هـ المشفوع بها الاستفتاء الموجه من فضيلة الشيخ عبد الحليم عثمان رئيس المجلس الأعلى للشؤون الدينية الإسلامية بمقاطعة قدح التابعة لحكومة ماليزيا. والمتضمن استفتاء فضيلته عن حكم سلخ قرنية عين الميت وتركيبها لحي مكفوف البصر، وأن الطب قد نجح في إنقاذ الإنسان وإخراجه من الظلام إلى النور، إلا أنه نظرا لما في هذا العمل من إضرار بالميت نتيجة سلخ قرنية عينه. وأن الإضرار بالميت حرام شرعا إلى آخر ما أورده فضيلته في استفتائه.
ج: لقد جرى تأمل ما ذكر وتحرر عليه الجواب الآتي:
لقد كثر السؤال عن حكم هذه المسألة، ولا سيما بعد تطور الطب وتوصل الأطباء إلى إمكان مثل هذا بشروط يعرفونها، ومنها: أن تؤخذ العين من الميت إثر وفاته فورا، وأصبح بذلك من الممكن أن يرتد الأعمى بصيرا في بعض حالات العمى.
وقد اختلف علماء العصر في جواز مثل هذا:
فمنهم المتردد، ومنهم المانع، ومنهم المجيز. وكل من هؤلاء ينظر إلى الموضوع من زاوية معينة.
فمن نظر إلى أن هذا انتفاع بجزء من الميت وأن فيه مثلة وتشويها بالميت - ترجح لديه المنع، ومن نظر إلى ما فيه من المصلحة الإنسانية والانتفاع العام - ترجح لديه الجواز.
ومن حجج المانعين: أن هذا من المثلة والتشويه بالميت، وهو ممنوع شرعا، فقد أخرج البخاري من حديث عبد الله بن زيد:(أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المثلة)، وأخرج أحمد وأبو داود من حديث عمران بن حصين وسمرة بن جندب رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من مثل بأي روح ثم لم يتب مثل الله به يوم القيامة (1) » ولما في ذلك من تشقيق لحم الميت وتقطيعه.
وقد نص الفقهاء على أنه يحرم قطع شيء من أطراف الميت وإتلاف ذاته وإحراقه، واستدلوا بحديث:«كسر عظم الميت ككسر عظم الحي (2) » قالوا: ولو أوصى به فلا تتبع وصيته لحق الله تعالى. قالوا: ولوليه أن يحامي عنه ويدافع من أراد قطع طرفه ونحوه بالأسهل فالأسهل كدفع الصائل، وإن آل ذلك إلى إتلافه ولا ضمان. قالوا: ولا يجوز استعمال شعر الآدمي احتراما له مع الحكم بطهارته؛ لقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} (3) .
(1) موطأ مالك الجامع (1661) .
(2)
سنن أبو داود الجنائز (3207) ، سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1616) ، مسند أحمد بن حنبل (6/105) .
(3)
سورة الإسراء الآية 70