الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو الرقية الشرعية، فلا بأس، أما أن يتعلم السحر ليحل به السحر، أو لمقاصد أخرى فذلك لا يجوز، بل هو من نواقض الإسلام؛ لأنه لا يمكن تعلمه إلا بالوقوع في الشرك، وذلك بعبادة الشياطين من الذبح لهم، والنذر لهم، ونحو ذلك من أنواع العبادة، والذبح لهم والتقرب إليهم بما يحبون حتى يخدموه بما يحب، وهذا هو الاستمتاع الذي ذكره الله سبحانه بقوله تعالى:{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} (1)
[من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله]
(1) سورة الأنعام الآية 128
النفث في الماء ثم يسقاه المريض
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم ع. ع. م، علمه الله ما ينفعه، ومنحه ما يعلي ذكره من الخير ورفعه. آمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فقد وصل إلي كتابك المتضمن السؤال عن النفث في الماء ثم يسقاه المريض استشفاء بريق ذلك النافث وما على لسانه حينئذ من ذكر الله تعالى أو شيء من الذكر كآية من القرآن ونحو ذلك.
فأقول وبالله التوفيق: لا بأس بذلك فهو جائز، بل قد صرح العلماء باستحبابه.
وبيان حكم هذه المسألة مدلول عليه بالنصوص النبوية، وكلام محققي
الأئمة، وهذا نصها:
قال البخاري في (صحيحه) : (باب النفث في الرقية) ثم ساق حديث أبي قتادة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأى أحدكم شيئا يكرهه فلينفث حين يستيقظ ثلاثا، ويتعوذ من شرها، فإنها لا تضره (1) » . وساق حديث عائشة «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه، بـ (قل هو الله أحد) و (المعوذتين) جميعا ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسده (2) » .
وروى حديث أبي سعيد في الرقية بالفاتحة - ونص رواية مسلم: «فجعل يقرأ أم القرآن ويجمع بزاقه ويتفل فبرأ الرجل (3) » . وذكر البخاري حديث عائشة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في الرقية: بسم الله تربة أرضنا، وريقة بعضنا، يشفى سقيمنا، بإذن ربنا (4) » .
وقال النووي: فيه استحباب النفث في الرقية، وقد أجمعوا على جوازه، واستحبه الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
وقال البيضاوي: قد شهدت المباحث الطبية على أن للريق مدخلا في النضج وتعديل المزاج، وتراب الوطن له تأثير في حفظ المزاج ودفع الضرر - إلى أن قال: - ثم إن الرقى والعزائم لها آثار عجيبة تتقاعد العقول عن الوصول إلى كنهها.
وتكلم ابن القيم في (الهدي) في حكمة النفث وأسراره بكلام طويل قال في آخره: وبالجملة: فنفس الراقي تقابل تلك النفوس الخبيثة، وتزيد بكيفية نفسه، وتستعين بالرقية والنفث على إزالة ذلك الأثر، واستعانته بنفثه كاستعانة تلك النفوس الرديئة بلسعها. وفي النفث سر آخر، فإنه مما تستعين به الأرواح الطيبة والخبيثة؛ ولهذا تفعله السحرة كما يفعله أهل
(1) صحيح البخاري التعبير (7044) ، صحيح مسلم الرؤيا (2261) ، سنن الترمذي الرؤيا (2277) ، سنن أبو داود الأدب (5021) ، سنن ابن ماجه تعبير الرؤيا (3909) ، مسند أحمد بن حنبل (5/300) ، موطأ مالك الجامع (1784) ، سنن الدارمي الرؤيا (2141) .
(2)
صحيح البخاري الطب (5748) .
(3)
صحيح مسلم السلام (2201) ، سنن أبو داود البيوع (3418) ، مسند أحمد بن حنبل (3/44) .
(4)
صحيح البخاري الطب (5745) ، صحيح مسلم السلام (2194) ، سنن أبو داود الطب (3895) ، سنن ابن ماجه الطب (3521) ، مسند أحمد بن حنبل (6/93) .