الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تكهن أو تكهن له» .
فلا يجوز للمسلم أن يأتي هؤلاء الكهنة أو السحرة أو العرافين - وهم الذين يدعون معرفة أمور الغيب - أو يسألهم، فقد يشفى المريض بأسباب كثيرة، وقد لا يشفى، وليس كل مريض يشفى، فقد يعالج بدواء لا يناسب داءه، وقد يكون أجله قد حضر فلا تنفع الأدوية، ونفع الأدوية مشروط بعدم حضور الأجل، كما قال الله عز وجل:{وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا} (1) أما إذا جاء الأجل فلا تنفع الأدوية. وفق الله الجميع.
[من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله]
(1) سورة المنافقون الآية 11
حكم السحر وإتيان السحرة والطريقة المباحة لعلاج المسحور
س: كثر في هذا العصر تعاطي السحر وإتيان السحرة. فما حكم ذلك وما الطريقة المباحة لعلاج المسحور؟
ج: السحر من أعظم الكبائر الموبقات بل هو من نواقض الإسلام كما قال الله عز وجل في كتابه الكريم: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون} (1)
(1) سورة البقرة الآية 102
فأخبر سبحانه في هاتين الآيتين أن الشياطين يعلمون الناس السحر، وأنهم كفروا بذلك، وأن الملكين ما يعلمان من أحد حتى يخبراه أن ما يعلمانه كفر وأنهما فتنة.
وأخبر سبحانه أن متعلمي السحر يتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم، وأنهم ليس لهم عند الله من خلاق في الآخرة، والمعنى ليس لهم حظ ولا نصيب من الخير في الآخرة.
وبين سبحانه أن السحرة يفرقون بين المرء وزوجه بهذا السحر، وأنهم لا يضرون أحدا إلا بإذن الله. والمراد بذلك إذنه الكوني القدري لا إذنه الشرعي؛ لأن جميع ما يقع في الوجود يكون بإذنه القدري، ولا يقع في ملكه ما لا يريده كونا وقدرا، وبين سبحانه أن السحر ضد الإيمان والتقوى.
وبهذا كله يعلم أن السحر كفر وضلال وردة عن الإسلام إذا كان من فعله يدعي الإسلام، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«اجتنبوا السبع الموبقات قلنا: وما هن يا رسول الله؟ قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات (1) » ،
(1) صحيح البخاري الوصايا (2767) ، صحيح مسلم الإيمان (89) ، سنن النسائي الوصايا (3671) ، سنن أبو داود الوصايا (2874) .
فبين النبي صلى الله عليه وسلم. في هذا الحديث الصحيح: أن الشرك والسحر من السبع الموبقات أي المهلكات. والشرك أعظمها؛ لأنه أعظم الذنوب والسحر من جملته ولهذا قرنه الرسول صلى الله عليه وسلم به؛ لأن السحرة لا يتوصلون إلى السحر إلا بعبادة الشياطين والتقرب إليهم بما يحبون من الدعاء والذبح والنذر والاستعانة وغير ذلك.
روى النسائي رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر ومن سحر فقد أشرك ومن تعلق شيئا وكل إليه (1) » وهذا يفسر قوله تعالى في سورة الفلق: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} (2)
قال أهل التفسير: إنهن الساحرات اللاتي يعقدن العقد وينفثن فيها بكلمات شركية يتقربون بها إلى الشياطين لتنفيذ مرادهم في إيذاء الناس وظلمهم.
وقد اختلف العلماء في حكم الساحر هل يستتاب وتقبل توبته أم يقتل بكل حال ولا يستتاب إذا ثبت عليه السحر؟ والقول الثاني هو الصواب، لأن بقاءه مضر بالمجتمع الإسلامي والغالب عليه عدم الصدق في التوبة، ولأن في بقائه خطرا كبيرا على المسلمين. واحتج أصحاب هذا القول على ما قالوه: بأن عمر رضي الله عنه أمر بقتل السحرة ولم يستتبهم وهو ثاني الخلفاء الراشدين الذين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم باتباع سنتهم، واحتجوا أيضا بما رواه الترمذي رحمه الله عن جندب بن عبد الله البجلي أو عن جندب الخير الأزدي مرفوعا وموقوفا:
(1) سنن النسائي تحريم الدم (4079) .
(2)
سورة الفلق الآية 4
«حد الساحر ضربه بالسيف (1) » ، وقد ضبطه بعض الرواة بالتاء فقال:«حد الساحر ضربة بالسيف (2) » ، والصحيح عند العلماء وقفه على جندب.
وصح عن حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها: أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقتلت من غير استتابة. قال الإمام أحمد رحمه الله: ثبت ذلك - يعني قتل الساحر - من غير استتابة عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعني بذلك: عمر وجندبا وحفصة.
وبما ذكرنا يعلم أنه لا يجوز إتيان السحرة وسؤالهم عن شيء ولا تصديقهم كما لا يجوز إتيان العرافين والكهنة، وأن الواجب قتل الساحر متى ثبت تعاطيه السحر بإقراره أو بالبينة الشرعية من غير استتابة.
أما العلاج للسحر فيعالج بالرقى الشرعية والأدوية النافعة المباحة. ومن أنفع العلاج علاج المسحور بقراءة الفاتحة عليه مع النفث، وآية الكرسي، وآيات السحر في: الأعراف، ويونس، وطه، وبقراءة قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس. ويستحب تكرار هذه السور الثلاث ثلاث مرات مع الدعاء الصحيح المشهور الذي كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم لعلاج المرضى وهو:«اللهم رب الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما (3) » ، ويكرر ذلك ثلاثا.
ويدعو أيضا بالرقية التي رقى بها جبرائيل النبي صلى الله عليه وسلم وهي: «بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك (4) » ، ويكررها ثلاثا، وهذه الرقية من أنفع العلاج بإذن الله
(1) سنن الترمذي الحدود (1460) .
(2)
سنن الترمذي الحدود (1460) .
(3)
صحيح البخاري الطب (5750) ، صحيح مسلم السلام (2191) ، سنن ابن ماجه الطب (3520) ، مسند أحمد بن حنبل (6/126) .
(4)
صحيح مسلم السلام (2186) ، سنن الترمذي الجنائز (972) ، سنن ابن ماجه الطب (3523) ، مسند أحمد بن حنبل (3/56) .