المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌ أنواع التوحيد

- ‌توحيد الربوبية

- ‌ الرزق من عند الله إيجادا وتقديرا وإعطاء وكسبا وتسببا

- ‌نظرية التطور والارتقاء

- ‌كيفية خلق الإنسان

- ‌أنتم خلفاء الله في أرضه

- ‌هل يقال عن الهواء ونحوه أنه طبيعي

- ‌ معنى العبادة

- ‌«من قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله دخل الجنة»

- ‌ حقيقة الإسلام

- ‌ العبودية الحقيقية

- ‌ تفسير كلمة (لا إله إلا الله محمد رسول الله)

- ‌ مفهوم العبودية في الإسلام

- ‌ ليس للأولياء تصرف في أحد

- ‌ الاستغاثة بالأموات ودعاءهم من دون الله

- ‌ الاستغاثة بالأموات أو الغائبين شرك أكبر

- ‌ نداء خدام الأسماء الحسنى لقضاء الحاجات

- ‌ الاستعانة بالجن أو الملائكة والاستغاثة بهم

- ‌ ذكر الله جماعة بصوت واحد على طريقة الصوفية بدعة

- ‌ هل هناك أحد غير الله يستطيع تفريج الهم والغم ودفع المصائب

- ‌ الأموات صالحين كانوا أو غير صالحين لا يسمعون كلام البشر

- ‌ حكم الله فيمن يستغيث بالأولياء عند نزول حادث به

- ‌ الدعاء بجاه رسول الله أو بجاه فلان من الصحابة أو غيرهم

- ‌ دعاء الله بأسمائه الحسنى والتوسل إليه بها

- ‌ شرع الله سبحانه الدعاء وأمر به

- ‌دعاء الله

- ‌الاستعانة

- ‌ يعين الأحياء من الأولياء وغير الأولياء من استعان بهم في حدود الأسباب العادية

- ‌ الاستعانة بالأنبياء والأولياء

- ‌ الاستعانة بالحي الحاضر القادر فيما يقدر عليه

- ‌النذر

- ‌ النذر لغير الله

- ‌الذبح لغير الله

- ‌ الاستعانة بقبور الأولياء أو النذر لهم أو اتخاذهم وسطاء عند الله

- ‌ النذر لأضرحة المشايخ شرك

- ‌ السجود على المقابر والذبح عليها

- ‌ الذبح للميت الذي يدعي أنه ولي الله ويبنى عليه الجدران

- ‌ الذبح عند القبر

- ‌ ذبح الذبائح عند أضرحة الأولياء

- ‌ علماء يضربون الدفوف والطبل ويبنون مساجد على القبور

- ‌ الطواف حول أضرحة الأولياء

- ‌ الذبح للجن

- ‌ أحل ذبيحة مشرك الشرك الأكبر لذكره اسم الله عليها

- ‌(الذبح على عتبة المنزل الجديد)

- ‌ أكل اللحم الذي يذبح لمولد النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الموالد

- ‌ من نطق بالشهادتين مصدقا بما دلتا عليه وعمل بمقتضاهما فهو مسلم مؤمن

- ‌ ذبح الذبيحة للضيف

- ‌ الصلاة خلف رجل يأكل ما ذبح لغير الله

- ‌تعظيم غير الله سبحانه

- ‌ لا يجوز الانحناء تحية للمسلم ولا للكافر

- ‌ وقوف الطلبة لمدرسيهم أثناء دخولهم الفصول

- ‌ تحية العلم في الجيش وتعظيم الضباط وحلق اللحية فيه

- ‌ تلاوة سورة الإخلاص والمعوذتين والفاتحة للاستشفاء

- ‌ الرقية بالقرآن والأذكار والأدعية

- ‌ التداوي من القرآن والتراقي به واتخاذ المعوذات والتمائم منه

- ‌ رقية المريض بقراءة القرآن والأذكار والدعوات النبوية

- ‌ كتابة شيء من آيات القرآن الكريم

- ‌ رقية المسلم أخاه بقراءة القرآن عليه مشروعة

- ‌ الرقية بالقرآن وبالأذكار والدعوات الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ العلاج الشرعي للذي مسه الجني

- ‌ الرقية بما ليس فيه شرك

- ‌ للمسلم أن يدعو بأسماء الله تعالى لشفاء الأمراض

- ‌ الذهاب إلى السيد في حالات المرض

- ‌ رقية يتداولها بعض البوادي للاستشفاء بها من لدغات الهوام وغيرها

- ‌ الذهاب إلى من يفعل أعمال الشرك من دعاء أصحاب القبور والاستغاثة بهم

- ‌ علاج المريض بمس الجن بقراءة آيات من القرآن عليه

- ‌تأثير العين

- ‌ حقيقة العين -النضل

- ‌ علاج الإصابة بالعين

- ‌مس الجن وعلاجه

- ‌ الجن صنف من مخلوقات الله ورد ذكرهم في القرآن والسنة

- ‌ مس الجن الإنسان أمر واقع

- ‌ الذهاب إلى الكنيسة لعلاج الصرع

- ‌التمائم

- ‌ كتابة آيات من القرآن أو غيرها من الأدعية المأثورة وتعليقها على المريض

- ‌ تعليق التمائم على الإنسان أو غيره من القرآن

- ‌ التميمة والحجاب بآيات قرآنية

- ‌ قراءة القرآن في الماء للمريض وشربه

- ‌ حكم الرقى والتمائم

- ‌«من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له

- ‌ الصلاة بالتمائم

- ‌ استخدام السلسلة لحماية النفس وللتسويق، وتقديمها إلى بنت للزواج معها

- ‌ تعليق التمائم من القرآن وغيره

- ‌السجود لغير الله

- ‌ الركوع لأحد مثل الوالدين

- ‌ الحلف بغير الله

- ‌ القسم بغير الله

- ‌ الصلاة خلف من يحلف بغير الله ويلبس التمائم

- ‌ الحلف بالله وصفاته

- ‌الحلف بشيخ من الصالحين

- ‌الخوف

- ‌ دعته امرأة ذات جمال إلى الفاحشة فأبى خوفا من الله

- ‌ الخوف من الله ومن وعيده وعذابه مما يحمد شرعا

- ‌ الخوف من الله

- ‌اليأس من رحمة الله

- ‌ حقيقة التوكل على الله

- ‌الغلو في الدين

- ‌ زيارة القبور لغير النساء

- ‌«لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق

- ‌ السجود على المقابر والذبح عليها وثنية جاهلية وشرك أكبر

- ‌ الصلاة في مسجد دفن فيه ميت

- ‌ الصلاة في المساجد التي يوجد بها قبور ومقامات

- ‌ بناء المساجد على قبور أولياء الله الصالحين

- ‌ البناء على القبور بدعة منكرة

- ‌ سب دين الإسلام ردة عظيمة

- ‌ جعل القبر في المسجد

- ‌ تخصيص موضع من المسجد لدفن من بنى المسجد وغيره

- ‌زيارة المسجد النبوي

- ‌ الله تعالى وحده هو الواجب الوجود بنفسه

- ‌ أول خلق الله من البشر آدم عليه الصلاة والسلام

- ‌ النبي صلى الله عليه وسلم نور هدى ورشاد

- ‌ لم تخلق السماوات والأرض من أجله صلى الله عليه وسلم

- ‌ نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم حي في قبره حياة برزخية

- ‌ دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ونداؤه والاستعانة به بعد موته

- ‌«من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي

- ‌أبو طالب

- ‌ مات أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم كافرا

- ‌التوسل

- ‌ التوسل بالأولياء

- ‌ التوسل بالأنبياء والأولياء

- ‌ التوسل بجاه الرسول صلى الله عليه وسلم وبجاه أولياء الله

- ‌ التوسل بالقرآن والأيام

- ‌ الحلف بغير الله

- ‌ التوسل بحق الأنبياء والأولياء والسؤال بهم:

- ‌ التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بصيغة التمريض

- ‌ الكذب والمخادعة لولي الأمر والاحتيال عليه

- ‌«لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق

- ‌ترك الحجاب معصية

- ‌ طاعة الوالدين واجبة في المعروف

- ‌ تعلم السحر

- ‌ التسبب بإيذاء الغير وإيصال المضرة إليه

- ‌ علاج السحر الذي يبيحه الشرع

- ‌ حل السحر بسحر مثله

- ‌ فك السحر بالسحر

- ‌خوارق العاداتوما يظن أنه منها

- ‌ كرامات الأولياء

- ‌أولياء الله: هم أهل الإيمان والتقوى

- ‌ الكهانة

- ‌ النظر في الطالع

- ‌ الصلاة خلف الكاهن الفاسق الذي يدعي علم المغيبات

- ‌ الاستعانة بالجن واللجوء إليهم في قضاء الحاجات

- ‌ الذهاب إلى الكاهن والعراف ونحوهما وسؤالهم

- ‌ إتيان الكهان والعرافين والسحرة ولا سؤالهم عن شيء من أمور الغيب

- ‌ إتيان الكهان للعلاج ونحوه

- ‌ إتيان الكهان وتصديقهم

- ‌ لا ثأثير لأحد بنفع أو ضر إلا بشيء قد كتبه الله

- ‌ الذهاب لمن يدعون علم المغيبات

- ‌ مراجعة الطبيب الذي يعالج بالأدوية العربية

- ‌ التنجيم

- ‌ بناء الأحكام على مواقيت النجوم

- ‌ الحديث إلى الحجر ودعاؤه ومناجاته شرك

- ‌ علم الحساب والنظر في النجوم

- ‌ يومية المنار بنسبة رمضان

- ‌ الشعوذة

- ‌استخدام الجني واستحضاره بأدعية وتعويذات

- ‌ تكليم الموتى

- ‌ المخترعات الحديثة

- ‌التشاؤم من الشهور أو الأيام أو الطيور ونحوها

- ‌التصوير

- ‌ التصوير الشمسي والاحتفاظ بالصور الشمسية

- ‌ التصوير في الإسلام

- ‌ تصوير ذوات الأرواح بالكاميرا أو غيرها من آلات التصوير

- ‌ تصوير ذوات الأرواح حرام سواء كان تصويرا مجسما أو شمسيا أو نقشا بيد أو آلة

- ‌ التصوير بالكاميرا

- ‌ شبهات حول تحريم التصوير الفوتوغرافي

- ‌ رسم ذوات الأرواح

- ‌ تصوير ذوات الأرواح

- ‌ تصوير ذوات الأرواح مطلقا حرام

- ‌ الصيني الموجود عليه تصوير مع العلم أنه يترك ولا يستخدم إلا للضرورة

- ‌ عشق الصور

- ‌ الصور التوضيحية التي في الكتب الدراسية، والكتب العلمية والمجلات

- ‌ الرسم على السبورة رسوما تخطيطية في عملية التعليم

- ‌ المجسمات الفنية للحرمين الشريفين

- ‌ وضع صورة إنسان أو حيوان في المسجد

- ‌ اقتناء المجلات التي فيها صور

- ‌ اصطحاب الجرائد اليومية والمجلات التي تحتوي على صور

- ‌ الصور التي في داخل الكتب

- ‌ ما كان من الفن نحتا أو تصويرا لذوات الأرواح

- ‌ إقامة التماثيل

- ‌ النحت والتصوير الكلاسيكي والفن التجريدي

- ‌ التصوير بالكاميرا صورا عائلية

- ‌ اقتناء الصور التذكارية

- ‌ أخذ صور المصلين في حالة الجماعة وصور الأطفال حين يقرأون القرآن

- ‌ الصور التي على النقود

- ‌جعل صور ذوات الأرواح في الحيطان ونحوها

- ‌ تعليق الصور في الحيطان

- ‌ تعليق الصور بالحائط أو جدران المنازل

- ‌ الاحتفاظ بما حرم الله من الصور

- ‌ تصوير ذوات الأرواح حرام والكسب به

- ‌ تمثيل الصحابة

- ‌ اقتناء الطيور والحيوانات المحنطة

- ‌ صورة وجه المرأة في جواز السفر وغيره

- ‌الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة

- ‌ تصوير ذوات الأرواح من إنسان أو حيوان حرام إلا ما ألجأت إليه الضرورة

- ‌ تصوير دفاتر حفائظ النفوس والمستندات التي تحمل صورا

- ‌الكبائر

- ‌ لا يقال لمن زنى أو شرب الخمر: أنت كافر

- ‌ لا يخلد المؤمن في النار

- ‌ حلق اللحية وإسبال الملابس

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ

- ‌ خلق الله الخلق لعبادته وحده لا شريك له

- ‌ الظواهر الشركية في المجتمعات الإسلامية

- ‌ حكم الجاهل المخالف للعقيدة

- ‌الشرك الأصغر

- ‌ الحلف بغير الله

- ‌ التفاخر في العلم أمام الناس

- ‌ التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه سلم عند الاختلاف

- ‌ الطاغوت: كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع

- ‌ لا يجوز للمسلم أن يتحاكم إلى حكومة غير مسلمة

- ‌ مشاركة المسلم للنصراني فيما لا يخالف شرائع الإسلام

- ‌ الدعاء على الحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله

الفصل: ‌ ‌التوسل

‌التوسل

ص: 491

فتوى رقم (315) :

س: يوجد في بلادي قبر ميت، يقال إنه من الصالحين، وقد بني عليه بيت مزخرف ومزين الزينة الكاملة، وله رجلان مناصيب كما يقولون قد توارثوا هذه المنصبة أبا عن جد، فتجدهم يدعون الناس بقولهم: إن صاحب القبر قال الليلة كذا وكذا وطلب كذا، وقد اجتذب قلوب الناس الذين هم يسكنون حول هذا القبر فصاروا يعتقدون كل ما يقول هذا المنصوب فتراهم يتقربون ويطوفون ويذبحون، و.. و

إلخ، فما هو حكم من اعتقد بضر ونفع هذا الولي، وهل يجوز النذر والذبح للولي، ثم ما هو الواجب على الفرد الواحد إذا كان يعلم أن هذا ينافي الشرع؟ علما أن هذا الفرد المذكور يسكن مع هؤلاء؟

ج: هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في زيارة القبور جاء مبينا في الأحاديث الصحيحة، فمن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن بريدة رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا للمقابر، فكان قائلهم يقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أنتم لنا

ص: 492

فرط، وأسأل الله لنا ولكم العافية (1) » ، وروى الإمام أحمد والترمذي وحسنه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:«مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه فقال: السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر (2) » ، وقد درج على ذلك الخلفاء الأربعة وغيرهم من الصحابة والتابعين لهم بإحسان. وهؤلاء الذين يقصدون صاحب القبر إن كانوا يفعلون ذلك من أجل دعاء الله عنده، ويظن قاصده أن هذا أجدى للدعاء ويريد التوسل به والاستشفاع به - فهذا لم تأت به الشريعة، والوسائل لها حكم الغايات في المنع، قال تعالى:{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} (3) فدلت الآية على أن هذا المدعو إما أن يكون مالكا أو لا، وإذا لم يكن مالكا فإما أن يكون شريكا أو لا، وإذا لم يكن شريكا فإما أن يكون معينا أو لا، وإذا لم يكن معينا فإما أن يكون شافعا بغير إذن الله أو لا، والأقسام الأربعة باطلة، فتعين الأخير

(1) الإمام أحمد (2 / 300، 375، 408) ، و (5 / 353، 359، 360) و (6 / 71، 76، 111، 180، 221) ، و [مسلم بشرح النووي](7 / 44، 45) ، والنسائي (4 / 94) ، وابن ماجه (1 / 494) .

(2)

الترمذي (3 / 369) .

(3)

سورة سبأ الآية 22

ص: 493

وهو: أن الشافع لا يشفع إلا بإذنه، وقد دل قوله تعالى:{وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} (1) على أن رضاه عن المشفوع شرط، فهذان شرطان للشفاعة. والصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يتوسلون بذات الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما كانوا يطلبون منه أن يدعو لهم، فالاستعانة بالحي الحاضر القادر فيما يقدر عليه جائزة، ولا يجوز أن يطلب منه ما هو من حق الله جل وعلا، هذا في الحي، فأما الميت فلا يجوز التوسل به والاستشفاع به مطلقا، بل هو وسيلة من وسائل الشرك كما سبق.

وأما من يعكف عند هذا القبر فلا يخلو من أمرين:

أحدهما: أن يكون الغرض منه عبادة الله، فهذا لا يجوز؛ لما فيه من الجمع بين معصية العكوف ومعصية عبادة الله عند القبر، وذلك من وسائل الشرك التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما بالنسبة لتحريم العكوف فروى الترمذي في جامعه وصححه عن أبي واقد الليثي قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، فمررنا بسدرة فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكبر، إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما

(1) سورة الأنبياء الآية 28

ص: 494

قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة؛ قال: إنكم قوم تجهلون، لتركبن سنن من كان قبلكم (1) » .

فأخبر صلى الله عليه وسلم أن هذا الأمر الذي طلبوه منه وهو اتخاذه شجرة للعكوف عندها وتعليق الأسلحة بها تبركا كالأمر الذي طلبه بنو إسرائيل من موسى عليه السلام، فكذا العكوف عند القبور، وروى الترمذي وأبو داود وابن ماجه في سننهم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم (2) » ، وأما بالنسبة لعبادة الله عندها فقد نهى عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فروى البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (3) » ، والنهي عن اتخاذ القبور مساجد يشمل اتخاذها لعبادة الله أو لعبادة غير الله سواء كانت في مسجد مبني أو لا؟

وأما المجيء إلى صاحب هذا القبر ودعاؤه واعتقاد أنه يملك النفع والضر فهذا شرك أكبر، ومن فعل ذلك فإما أن يكون جاهلا

(1) رواه الإمام أحمد (5 / 218) ، والترمذي (4 / 475) .

(2)

الإمام أحمد (2 / 367) ، و [مسلم بشرح النووي](6 / 67، 68) ، وأبو داود (2 / 534) ، والترمذي (5 / 157) ، وابن ماجه (1 / 438) ، والجهضمي في [فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم] رقم (20، 30) .

(3)

انظر باب (الغلو في القبور) .

ص: 495

أو عالما، فإن كان عالما - فهو مشرك شركا أكبر يخرجه عن الإسلام، وإن كان جاهلا فإنه يبين له، فإن رجع إلى الحق فالحمد لله، وإن لم يرجع إلى الحق، فإنه كالعالم في الحكم، والأدلة على ذلك كثيرة، قال تعالى:{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (1){لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} (2)

إلخ السورة، وقال تعالى:{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (3) وفي الحديث القدسي: «من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه (4) » وأما ما ذكره السائل من بناء بيت مزين ومزخرف على هذا القبر - فهذا لا يجوز، فإنه من تعظيم صاحب القبر تعظيما مبتدعا. ومن وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم:«أن لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبرا مشرفا إلا سويته (5) » .

وثبت عنه صلى الله عليه وسلم: «أنه نهى أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه (6) » ، وأما الواجب على الفرد في ذلك فقد بينه

(1) سورة الكافرون الآية 1

(2)

سورة الكافرون الآية 2

(3)

سورة الإخلاص الآية 4

(4)

صحيح مسلم الزهد والرقائق (2985) ، سنن ابن ماجه الزهد (4202) ، مسند أحمد بن حنبل (2/301) .

(5)

الإمام أحمد (1 / 96، 129) ، و [مسلم بشرح النووي](7 / 36) ، والنسائي (4 / 88، 89) ، والترمذي (3 / 366) .

(6)

الإمام أحمد (3 / 295، 399) ، و (6 / 299) ؛ و [مسلم بشرح النووي](7 / 37) ، والترمذي (3 / 368) ، وأبو داود (3 / 552) ، والنسائي (4 / 86، 87) ، وابن ماجه (1 / 498) .

ص: 496

النبي صلى الله عليه وسلم بقوله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (1) » ، فيجب إزالة هذا البناء بقدر الإمكان، وأما ما ذكره السائل من السكنى مع هؤلاء فالسكنى معهم لا تجوز ما دام يمكنه أن يسكن مع غيرهم ممن لم يعمل مثل عملهم؛ لقوله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) وأما الذبح والنذر للولي - فهو شرك أكبر؛ لأن كلا منهما عبادة لله وحده وحق من حقوقه التي اختص بها جل وعلا فلا يجوز صرفها لغيره، قال تعالى:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (3){لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (4) وقال صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه (5) » ، «ولما نذر رجل أن ينحر إبلا ببوانة سأل الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال له صلى الله عليه وسلم: هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ ، قالوا: لا. قال: فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ ، قالوا: لا. قال:

(1)[مسلم بشرح النووي](2 / 21، 22) ، وأبو داود (1 / 677) ، والترمذي (4 / 407) ، والنسائي (8 / 111) ، وابن ماجه (2 / 230) ، وعبد بن حميد في [المنتخب](2 / 74) .

(2)

سورة التغابن الآية 16

(3)

سورة الأنعام الآية 162

(4)

سورة الأنعام الآية 163

(5)

أحمد (6 / 36) ، والبخاري (7 / 233، 234) ، وأبو داود (3 / 593) ، والترمذي (4 / 104) ، والنسائي (7 / 17) ، وابن ماجه (1 / 687) ، والدارمي (2 / 184) ، والطحاوي في [شرح معاني الآثار](3 / 133) .

ص: 497