المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الأشياء التي يحرم فيها الربا - فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى - جـ ١٣

[اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء]

فهرس الكتاب

- ‌على ماذا يقوم الاقتصاد الإسلامي

- ‌حديث دخول السوق

- ‌بيع الرجل على ولده

- ‌تجارة المرأة

- ‌الشراء من كفار مع وجود مسلمين

- ‌ما يعمل بالزائد عن عينات تحليل الجودة للبضائع المستوردة

- ‌مما تجوز فيه التجارة

- ‌شروط البيع

- ‌بيع المحرم

- ‌بيع الكلاب

- ‌بيع القردة

- ‌بيع أشرطة التسجيل

- ‌آلات اللهو

- ‌بيع الزهور

- ‌مكافآت المتبرع بالدم

- ‌بيع النجس

- ‌شراء المجلات المصورة

- ‌بيع الفيز

- ‌بيع الشخص الميزات التي له الحق في الحصول عليها

- ‌شراء محصول الثمار لعدة سنوات

- ‌بيع المجهول

- ‌البيع بالأجل وتحديد الربح

- ‌بيع الحاضر للباد وتلقي الركبان

- ‌السمسرة

- ‌بيع العربون

- ‌بيع العينة

- ‌بيع الدين

- ‌ تأخير الثمن والمثمن مع انعقاد البيع

- ‌ شراء الكتب بالتقسيط

- ‌وفاء الدين

- ‌المماطلة في سداد الدين

- ‌وفاء الدين بالعملة القائمة وقت الشراء

- ‌الاحتكار والتسعير

- ‌حقوق طبع الأشرطة

- ‌الشروط في البيع

- ‌ اشترى بيتا من شخص، واشترط على البائع أن يستأجر منه جزءا

- ‌كتابة البائع عبارة: (البضاعة لا ترد ولا تستبدل)

- ‌الخيار في البيع

- ‌ ترطيب الزهو

- ‌بيع ما لا يملك

- ‌ الطريقة السليمة لبيع السيارات دينا لمدة سنة أو أقساطا

- ‌ تسهيل عملية الدين

- ‌الربا

- ‌ سبب تحريم الربا

- ‌ الأشياء التي يحرم فيها الربا

- ‌ بيع الملح بالدين

- ‌استلام الرواتب من البنوك

- ‌بيع الحيوان بالوزن

- ‌أكل الربا لمبرر

- ‌الشهادة على عقد الربا

- ‌بيع الأسهم

- ‌شراء السند المؤجل

- ‌ربا النسيئة

- ‌ بيع دراهم نقدا بدراهم أكثر منها إلى أجل:

- ‌ بيع الشيكات أو الكمبيالات

- ‌ الزيادة مقابل التأخير

- ‌ بيع الكالئ بالكالئ

- ‌الإيداع

- ‌ كاتب الحسابات في بنك أجنبي

- ‌ العمل في البنوك

- ‌ الفائدة التي تأخذها البنوك من المقترضين

- ‌ إيداع أموال القاصرين في بنوك تتعامل بالفائدة

- ‌ وضع الأموال في شركة الراجحي

- ‌قرض البنك بدون ربا

- ‌ادخار النقود

- ‌الصرف

- ‌ قضاء الدين بنقد آخر

- ‌ بيع وشراء العملات

- ‌ تبادل العملات

- ‌ تحويل العملة من بلد إلى بلد آخر

- ‌بيع البنوك والمصارف ما يسمى شيكا سياحيا

- ‌ المبادلة بالنقود

- ‌ أخذ عمولة على صرف وتحويل العملات

- ‌بيع العملة المعدنية السعودية بعملة ورقية أجنبية

- ‌بيع الذهب

- ‌ دفع قيمة الذهب بعد مدة من عقد البيع

- ‌ حجز الذهب بالتليفون

- ‌ رهن الذهب في الفضة

- ‌ بيع الذهب على المشورة

- ‌ بيع الذهب على الشور

- ‌ بيع الذهب المصنوع للرجال

- ‌ ادخار الذهب

- ‌ بيع الذهب مؤجلا جميع القيمة أو بعضها

- ‌ الأجرة على صناعة الذهب

- ‌ تحري ما أحله الله في البيوع وغيرها

- ‌ شراء الذهب أو بيعه مقابل شيكات محالة للبنك

- ‌إدخال الذهب في يد المرأة المشترية

- ‌ بيع الذهب بالذهب بدون تقابض في مجلس العقد

- ‌ قاعدة الربا:

- ‌المساهمة في البنوك الربوية

- ‌ المساهمة في البنوك التي لا تتعامل بالربا

- ‌ المساهمة في الشركات والبنوك

- ‌الادخار

- ‌ صندوق الادخار للموظفين

- ‌بطاقات التعامل التجاري والاقتراض من البنوك

الفصل: ‌ الأشياء التي يحرم فيها الربا

السؤال الثالث من الفتوى رقم (16875)

س3: ما هي‌

‌ الأشياء التي يحرم فيها الربا

؟

ج3: الأشياء التي يحرم فيها الربا هي: الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح، وما شارك هذه الأصناف الستة في علة الربا، وهي في النقدين الثمنية، وفي بقية الأصناف الكيل مع الطعمية على الصحيح من أقوال العلماء.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

عضو

الرئيس

بكر أبو زيد

عبد العزيز آل الشيخ

صالح الفوزان

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

ص: 268

السؤال الأول والثاني من الفتوى رقم (3630)

س1، 2: هل يحرم الربا حيث وجد، وبأي صورة على الطرفين (الطرف المرابي والطرف المقترض) على الإطلاق؟ أم يحرم فقط على الطرف المرابي دون الطرف المقترض، وإن لم يكن هناك جناح ولا وزر على الطرف المقترض فهل هذا مشروط بالحاجة لهذا المال، وعدم الاستطاعة والفقر، أم ليست الحاجة شرطا فيه؟ فإذا كان يجوز لمن كانت به حاجة فهل يجوز لمن لم تكن به حاجة شديدة الاقتراض من بنك يتعامل بالربا بفائدة سنوية مشروطة 15% في السنة مثلا، حيث يستطيع العمل في هذا المال، وتحقيق ربح أكبر من الفائدة المشروطة

ص: 268

50 % في السنة مثلا، وبذلك يحقق ربحا من خلال الفرق بين الفائدة المشروطة وبين الربح الذي حصل عليه من خلال عمله في المال المقترض 35% تبعا للمثال المضروب، أم لا يجوز؟

ج1، 2: أولا: يحرم الربا حيث وجد، وبأي صورة كان، على صاحب رأس المال، ومن اقترض منه بفائدة، سواء كان المقترض فقيرا أم غنيا، وعلى كل منهما وزر، بل كل منهما ملعون، ومن أعانهما على ذلك، من كاتب وشاهد ملعون أيضا؛ لعموم الآيات والأحاديث الثابتة الدالة على تحريمه، قال الله تعالى:{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (1){يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} (2) الآيات، وروى عبادة بن الصامت رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه

(1) سورة البقرة الآية 275

(2)

سورة البقرة الآية 276

ص: 269

قال: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، سواء بسواء، يدا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى (1) » رواه مسلم في صحيحه وروى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز (2) » رواه البخاري ومسلم وروى الإمام أحمد والبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، يدا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء (3) » ، وثبت عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنه قال:

(1) صحيح البخاري البيوع (2176) ، صحيح مسلم المساقاة (1584) ، سنن الترمذي البيوع (1241) ، سنن النسائي البيوع (4565) ، مسند أحمد بن حنبل (3/50) ، موطأ مالك البيوع (1324) .

(2)

مالك 2 / 632-633، والشافعي في (المسند) 2 / 156-157، 157، وفي (الرسالة) ص276-277، برقم (758) (ت: شاكر) ، وأحمد 3 / 4، 51، 53، 61، والبخاري 3 / 30-31، ومسلم 3 / 1208، 1209 برقم (1584) ، والترمذي 3 / 543 برقم (1241) ، والنسائي 7 / 278-279، 279 برقم (4570، 4571) ، وعبد الرزاق 8 / 122 برقم (14563، 14564) ، وابن أبي شيبة 7 / 101 (بنحوه مختصرا) ، وابن حبان 11 / 391، 392 برقم (5016، 5017) ، وابن الجارود 2 / 226 برقم (649) ، والطيالسي ص290 برقم (2181) مختصرا، والبيهقي 5 / 276، 10 / 157، والبغوي 8 / 64-65 برقم (2061) .

(3)

صحيح البخاري البيوع (2176، 2177) ، صحيح مسلم المساقاة (1584، 1584، 1587) ، سنن الترمذي البيوع (1240، 1241) ، سنن النسائي البيوع (4561، 4565) ، سنن أبو داود البيوع (3349) ، سنن ابن ماجه التجارات (2254) ، مسند أحمد بن حنبل (3/4، 3/47، 3/51، 3/53) ، كتاب باقي مسند المكثرين (3/61) ، باقي مسند المكثرين (3/73، 3/81، 3/9) ، باقي مسند الأنصار (5/314) ، موطأ مالك البيوع (1324) ، سنن الدارمي كتاب البيوع (2579) .

ص: 270

«لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء (1) » رواه مسلم.

وورق البنكنوت في الوقت الحاضر حل محل الذهب والفضة في الثمنية، فكان الحكم فيه كالحكم فيهما، فالواجب على كل مسلم الاكتفاء بما أحل والحذر مما حرم الله عز وجل، وقد وسع الله على المسلمين أبواب العمل في الحياة لكسب الرزق، فللفقير أن يعمل أجيرا أو متاجرا في مال غيره مضاربة بنسبة من الربح كالنصف ونحوه، لا بنسبة من رأس المال، ولا بدراهم معلومة الربح، ومن عجز عن العمل مع فقره؛ حلت له المسألة والزكاة والضمان الاجتماعي.

ثانيا: ليس لمسلم سواء كان غنيا أو فقيرا أن يقترض من البنك أو غيره بفائدة، 5% أو 15% أو أكثر أو أقل؛ لأن ذلك من الربا، وهو من كبائر الذنوب، وقد أغناه الله عن ذلك بما شرعه من طرق الكسب الحلال كما تقدم، من العمل عند أرباب الأعمال أجيرا أو الانتظام في عمل حكومي مباح، أو الإتجار في مال غيره مضاربة بجزء مشاع معلوم من الربح كما تقدم.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

نائب رئيس اللجنة

الرئيس

عبد الله بن قعود

عبد الله بن غديان

عبد الرزاق عفيفي

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

(1) صحيح مسلم المساقاة (1598) ، مسند أحمد بن حنبل (3/304) .

ص: 271

السؤال الأول من الفتوى رقم (7301)

س1: من منطلق ثقتنا في علمكم وتقواكم ولا نزكي على الله أحدا؛ أتوجه إليكم بطلب فتوى في أمر يهم كل مسلم، وخاصة المسلمين لدينا هنا بأوروبا، هذا بعد محاولتنا استيفاء دراسة هذا الأمر من كتب الفقه المختلفة، وتتبع ما ذكر في هذا الأمر في مختلف المؤتمرات الإسلامية، تلك المحاولات وصلت بأعضاء مجلس جمعيتنا الخيرية إلى رأيين في هذا الشأن: ألا وهو فوائد البنوك، هل هي ربا والعياذ بالله أم لا؟

فالرأي الأول يقول: إن فوائد البنوك سواء قلت أو كثرت فهي ربا، ويجب ألا يستحلها أي مسلم، وخاصة جمعية خيرية، بناء على فتاوى كبار العلماء في مختلف المؤتمرات الإسلامية، وحتى وإن كان في الأمر بعض الغموض، فالأتقى الابتعاد عن هذه الفوائد؛ عملا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه:«إن الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس (1) » . . . إلى آخر الحديث، وإن القروض ترد دون زيادة أو نقصان، فما يعد يعد، وما يوزن يوزن، وما يكال يكال.

والرأي الثاني يقول: إنه من منطلق الحفاظ على أموال المسلمين من التناقص الذي يصيبها نتيجة التضخم في قيمتها (القدرة الشرائية للنقود) ؛ فلذا يلزم تعويض هذا النقصان عن طريق الاستثمار، وهذا غير متيسر؛ لأننا لسنا جهة مالية متخصصة، أو أنها تحفظ في أحدى البنوك مقابل فائدة تقل عن

(1) صحيح البخاري الإيمان (52) ، صحيح مسلم المساقاة (1599) ، سنن الترمذي البيوع (1205) ، سنن النسائي البيوع (4453) ، سنن أبو داود البيوع (3329) ، سنن ابن ماجه الفتن (3984) ، مسند أحمد بن حنبل (4/270) ، سنن الدارمي البيوع (2531) .

ص: 272

نسبة التضخم في الأسعار؛ لتعويض ولو جزء من الخسارة الناشئة عنه، وضرب المثل التالي: إذا اقترض زيد من أحمد كمية معينة من التمر، وكان ثمنها في ذلك الوقت يعادل 100 ريال، وعندما حل موعد السداد لم يكن عند زيد تمر، وأراد أن يسدد ثمنها، وقبل ذلك أحمد، فعندما سألوا عن ثمنها في السوق وجدوه 150 ريالا، وكانا يعلمان أن ثمنها عند الاقتراض 100 ريال، فقط، فهل يقبل أحمد الـ 150 ريال، أم الـ 100 ريال، وإنه في صدر الإسلام كانت النقود هي من الذهب والفضة، كل وحدة منها لها وزن معين، فهي سلعة في حد ذاتها، لها قيمة ترتفع وتنخفض حسب الارتفاع والانخفاض في الأسعار، بخلاف النقود الورقية، فهي ليست إلا قصاصة من الورق، ليس لها أي قيمة في حد ذاتها.

هذا باختصار عرض لكل من الرأيين الموكل لهم مهمة البحث في هذه المشكلة، وللأسف لم يتوصلوا إلى حكم الدين في مشكلة فوائد البنوك؛ نظرا لعدم العثور على سند فتاوى المؤتمرات الإسلامية وعلماء المسلمين القائلين بحرمة هذه الفوائد، وكذلك لم يتعرض أي منهم لمشكلة التضخم وحكم الدين فيها، هذا مما جعل كلا من الفريقين يتمسك برأيه.

لذا سوف نعرض هذين الرأيين على الجمعية العمومية القادم في شهر مارس حتى يقرر بعد التصويت ما يجب أن يتخذ تجاه هذه المشكلة، وإيمانا منا بأنه ليس هناك للتصويت مجال في أمور الدين، طالما هناك من يعلم ويقدر على الإفتاء؛ لذا أرجو

ص: 273

من فضيلتكم التكرم بإرسال فتواكم حتى نهاية شهر فبراير، وسند الفتوى الذي هو في درجة أهمية الفتوى لتوضح ولنوضح لأعضاء الجمعية وللمسلمين رأي الدين في هذه المشكلة، التي ما من مسلم إلا ويواجهها، خاصة في الدول الغربية، ولكي يكون تقرير الجمعية العمومية موافقا لما يحبه الله ويرضاه. وجزاكم الله عنا وعن الإسلام خير الجزاء.

ج1: أولا: الصحيح أنه تجب المماثلة والتقابض في بيع الأموال الربوية، بعضها ببعض، إذا اتحد الجنس، أما إذا اختلف الجنس فيجوز بيع بعضها ببعض متفاضلا، لكن يجب التقابض في مجلس العقد، إلا إذا كان أحد العوضين ذهبا أو فضة، أو ما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية، والآخر من غيرهما، فيجوز تأجيل أحد العوضين، كما في السلم وبيوع الآجال.

وعلى هذا تكون زيادة أحد العوضين عن الآخر من ربا الفضل إذا اتحد جنس المال الربوي.

ثانيا: لم يضطرنا الله تعالى في تنمية الأموال وحفظها من النقصان إلى إيداعها في البنوك مثلا بفائدة ربوية، ولم يضيق علينا في طرق الكسب الحلال، حتى نلجأ إلى التعامل الربوي، بل شرع لنا الاستثمار عن طريق التجارة والزراعة والصناعة، وغيرها من وجوه الإنتاج والاستثمار؛ لتنمية الأموال، وبين لنا الحلال من

ص: 274

الحرام، فمن استطاع أن يباشر بنفسه طريقا من طرق الكسب الحلال فليفعل، ومن لم يستطع أعطى ماله أمينا موثوقا خبيرا بطرق الاستثمار ليعمل له فيه بنسبة معلومة من الربح، ويسمى ذلك: شركة مضاربة أو مزارعة أو مساقاة، تبعا لاختلاف أنواع الأعمال، وهذه الطرق ونحوها من أسباب الكسب الحلال وحفظ الأموال من النقصان بحول الله وقوته مع التوزيع العادل للأرباح والخسارة.

فدعوى الطرف الثاني أنه لا طريق لحفظ المال من النقصان إلا إيداعه في البنوك الربوية بفائدة ربوية غير صحيحة.

وعلى ذلك يجب قضاء القروض بمثلها من جنسها، وهو مقتضى العدل، فإن ارتفاع القيمة المذكورة وهبوطها من الأمور التي يعود نفعها وضررها على الطرفين، وتقلب الأسعار ارتفاعا وانخفاضا قد كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يغير من أجله القاعدة الشرعية التي رسمها للمسلمين؛ ليسيروا على ضوئها في التعامل.

وللمقترض أن يرد قيمة القرض وقت القضاء إذا رضي صاحب الحق بذلك؛ لما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنه، أنه قال:«كنا نبيع الإبل بالدنانير، ونأخذ الدراهم ونبيع بالدراهم، ونأخذ الدنانير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء (1) »

(1) أحمد 2 / 33، 83-84، 139، وأبو داود 3 / 650-652 برقم (3354، 3355) ، والترمذي 3 / 544 برقم (1242) ، والنسائي 7 / 281- 282، 282 برقم (4582، 4583) ، وابن ماجه 2 / 760 برقم (2262) ، والدارمي 2 / 259، والدارقطني 3 / 23-24، وعبد الرزاق 8 / 119 برقم (14550) ، وابن حبان 11 / 287 برقم (4920) ، والحاكم 2 / 44، والطحاوي في (المشكل) 2 / 95، 96 (ط: الهند) ، والطيالسي (ص / 255) برقم (1868) ، وابن الجارود 2 / 230 برقم (655) ، والبيهقي 5 / 284، 315.

ص: 275

رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

الرئيس

عبد الله بن قعود

عبد الله بن غديان

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

ص: 276

السؤال الثاني والثالث من الفتوى رقم (6904)

س 2، 3: هل يجوز أن يعطي الرجل 40 من الغنم، على أن ترد له بعد 4 سنوات 80 من الغنم مقسطة على أربع سنوات أخرى، كل سنة يؤدي منها 20 رأس؟ وهل في هذا ربا، وإن كان ربا فماذا نعمل بما سلف جزاكم الله خيرا؟

هل يجوز بيع تيس باثنين من الماعز حالا أو مؤجلا؟ أفتونا جزاكم الله خيرا.

ج2، 3: يجوز بيع الحيوان بالحيوان متفاضلا ومؤجلا؛ لما أخرج الإمام أحمد وأبو داود، عن عبد الله بن عمرو رضي الله

ص: 276

عنهما قال: «أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبعث جيشا على إبل كانت عندي، قال: فحملت الناس عليها حتى نفدت الإبل، وبقيت بقية من الناس، قال: فقلت: يا رسول الله: الإبل قد نفدت، وقد بقيت بقية من الناس لا ظهر لهم، فقال لي: "ابتع علينا إبلا بقلائص من إبل الصدقة إلى محلها، حتى تنفذ هذا البعث" قال: وكنت ابتاع البعير بقلوصين وثلاث قلائص من إبل الصدقة إلى محلها، حتى نفذت ذلك البعث، فلما جاءت إبل الصدقة أداها رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) » رواه الدارقطني بمعناه، وأخرجه البيهقي في السنن من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

نائب رئيس اللجنة

الرئيس

عبد الله بن قعود

عبد الله بن غديان

عبد الرزاق عفيفي

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

(1) أحمد 2 / 171، 216، وأبو داود 3 / 653 برقم (3357) ، وعبد الرزاق 8 / 22 برقم (14144) ، والدارقطني 3 / 69، 70، والحاكم 2 / 56-57، والبيهقي 5 / 287، 288.

ص: 277

الفتوى رقم (20021)

س: اشتريت (30) ثلاثين رأسا من الغنم، الرأس برأس ومائة ريال، المائة حاصلة، والغنم بعد مهلة سبع سنوات، وأصابني الشك من ذلك. فأرجو من الله ثم من فضيلتكم

ص: 277

إفتائي، والله يحفظكم.

ج: مذهب جمهور العلماء أن ما لا كيل فيه ولا وزن، كالثياب والحيوان ونحوهما يجوز بيعه بجنسه أو بغيره متساويا أو متفاضلا مع نسيئة، أي تأجيل أحد العوضين أو بعضه، وقبض العوض المقدم؛ لئلا يكون بيع دين بدين المنهي عنه شرعا، لكن يشترط أن يبين جنس العوض المؤخر، وبيان عدده وصفته التي ينضبط بها، وتحديد مدة معلومة لتسليمه حتى لا يحصل غرر بسبب عدم ذلك، ويدل لمشروعية ذلك ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال:«جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا على إبل من إبل الصدقة حتى نفدت، وبقي ناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اشتر لنا إبلا من قلائص الصدقة إذا جاءت، حتى نؤديها إليهم" فاشتريت البعير بالاثنين، والثلاث قلائص، حتى فرغت، فأدى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من إبل الصدقة (1) » رواه الإمام أحمد في مسنده، وهذا لفظه ج2 ص171، ورواه أبو داود، والدارقطني وصححه وقال الحافظ ابن حجر: إسناده ثقات، ويدل لذلك أيضا ما ذكره البخاري في صحيحه ج3 ص41 في باب بيع العبيد والحيوان بالحيوان نسيئة، واشترى ابن عمر رضي الله عنهما راحلة بأربعة أبعرة مضمونة عليه، يوفيها صاحبها بالربذة، وقال

(1) سنن أبو داود البيوع (3357) ، مسند أحمد بن حنبل (2/171) .

ص: 278

ابن عباس: قد يكون البعير خيرا من البعيرين، واشترى رافع بن خديج رضي الله عنه بعيرا ببعيرين، فأعطاه أحدهما، وقال: آتيك بالآخر غدا رهوا إن شاء الله.

وأما أحاديث النهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة كالحديث الذي رواه الترمذي في جامعه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن سمرة رضي الله عنه، «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة (1) » - فقد علل الإمام أحمد أحاديث المنع، وقال: ليس فيها حديث يعتمد عليه، وقال أبو داود: إذا اختلفت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم نظرنا إلى ما عمل به أصحابه من بعده، وقد تواتر عن الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم جوازه متفاضلا ونسيئة، وأمر به صلى الله عليه وسلم كما سبق، فدل ذلك على أنه الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تقوى أحاديث النهي عن ذلك على المعارضة، وعلى ذلك فإنه يجوز بيع ثلاثين رأسا من الغنم بمثلها، كل رأس برأس، أو أكثر وزيادة مائة ريال أو أقل أو أكثر، عن كل رأس سواء اشترط قبض المائة في مجلس العقد أو اشترط تسليمها مع الثلاثين رأسا من الأغنام المؤجلة، بشرط بيان جنس الأغنام المؤجلة، وأوصافها، وعددها، وتحديد مدة معلومة لتسليمها.

(1) سنن الترمذي كتاب البيوع (1237) ، سنن النسائي كتاب البيوع (4620) ، سنن أبو داود البيوع (3356) ، سنن ابن ماجه كتاب التجارات (2270) ، مسند أحمد بن حنبل (5/19) ، سنن الدارمي كتاب البيوع (2564) .

ص: 279

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

نائب الرئيس

الرئيس

بكر أبو زيد

صالح الفوزان

عبد العزيز آل الشيخ

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

ص: 280

الفتوى رقم (3791)

س: هل يجوز بيع ثياب متر واحد بمترين، أو صنفان بصنف واحد؟

ج: يجوز إبدال الثياب بعضها ببعض مع التساوي، أو زيادة بعضها على بعض سواء كانت من جنس واحد أم أكثر، وسواء كان ذلك عاجلا أو لأجل؛ لأن القماش ليس من الأجناس التي يدخلها الربا.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

نائب رئيس اللجنة

الرئيس

عبد الله بن قعود

عبد الله بن غديان

عبد الرزاق عفيفي

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

ص: 280

الفتوى رقم (18092)

س: نفيد سماحتكم بخطابنا هذا، أنه يوجد لدينا قضية تتضمن أن رجلا باع على آخر مائة كيس قهوة نيبارية، بمبلغ أربعين ألف ريال، وأجل الثمن إلى شهر محرم عام 1414هـ، وذلك من تاريخ البيع وهو 22 \ 10 \ 1413 هـ، ثم اتفقا أن

ص: 280