الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث: «لعن الله زائرات القبور»
(1)
س111: سائلة تقول: ورد في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: «لعن الله زائرات القبور» (2) فأرجو التوضيح هل يقصد به النساء جميعا، أم هناك نساء معينات؟ وكيف الحال عند زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وما هي الأدعية التي تقال عند زيارة القبور؟ أفيدونا بارك الله فيكم.
الجواب: اختلف العلماء في زيارة النساء للقبور بعدما أجمعوا على سنيتها للرجال، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن زيارة القبور في أول الإسلام خشية الفتنة بالقبور; لأن الجاهلية كانت تعظم القبور، وربما عبدت بعض المقبورين من دون الله.
فنهاهم عن زيارة القبور حماية للتوحيد وسدا لذرائع الشرك، ثم أذن للرجال بالزيارة، قال عليه الصلاة والسلام:«كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة» (3) وفي رواية: «فإنها تذكركم الموت» (4) .
واختلف العلماء في النساء: هل دخلن في هذا أم لا؟ على قولين لأهل العلم.
والصواب أنهن لا يدخلن في الرخصة، بل ينهين عن زيارة القبور لأنه ورد عنه صلى الله عليه وسلم من عدة طرق أنه:«لعن زائرات القبور» (5) وفي لفظ: «زوارات القبور» (6) من حديث أبي هريرة، ومن حديث ابن عباس، ومن حديث حسان بن ثابت رضي الله عنهم، وفيها لعن زائرات القبور.
فالصواب أنهن لا يزرن القبور مطلقا.
هذا هو الأرجح من قولي العلماء، حتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم لا يزرنه ولا
(1) سنن الترمذي الصلاة (320) ،سنن النسائي الجنائز (2043) ،سنن أبو داود الجنائز (3236) ،سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1575) ،مسند أحمد بن حنبل (1/337) .
(2)
سنن الترمذي الصلاة (320) ،سنن النسائي الجنائز (2043) ،سنن أبو داود الجنائز (3236) ،سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1575) ،مسند أحمد بن حنبل (1/337) .
(3)
صحيح مسلم الجنائز (977) ،سنن الترمذي الجنائز (1054) ،سنن النسائي الجنائز (2033) .
(4)
صحيح مسلم الجنائز (976) ،سنن النسائي الجنائز (2034) ،سنن أبو داود الجنائز (3234) ،سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1572) ،مسند أحمد بن حنبل (2/441) .
(5)
سنن الترمذي الصلاة (320) ،سنن النسائي الجنائز (2043) ،سنن أبو داود الجنائز (3236) ،سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1575) ،مسند أحمد بن حنبل (1/337) .
(6)
سنن الترمذي الجنائز (1056) ،سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1576) .
يقفن عليه، ولكن يصلين على النبي صلى الله عليه وسلم في كل مكان; في المسجد النبوي، وفي الطريق، وفي بيوتهن، وفي البيت، في كل مكان، والنبي عليه الصلاة والسلام قال:«لا تجعلوا قبري عيدا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم» (1) .
فالرسول صلى الله عليه وسلم حثنا ورغبنا في الصلاة عليه والسلام عليه، كما أمر الله بذلك في كتابه العظيم حيث قال سبحانه:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (2)[الأحزاب: 56] صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه صلاة وسلاما دائمين إلى يوم الدين.
فالمشروع للنساء الصلاة عليه والسلام عليه في كل مكان، كالرجال، ولا يشرع لهن زيارة القبور لا في بلدهن ولا في غير بلدهن. هذا هو المعتمد والأرجح من قولي العلماء في هذه المسألة.
وإذا كانت المرأة في المدينة زائرة فإنها تصلي في المسجد مع الناس، وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وهي في المسجد فليس هناك حاجة إلى أن تذهب عند القبر وتصلي عليه، بل تصلي عليه في محلها وتسلم عليه، تقول: اللهم صل وسلم على رسول الله، عليك الصلاة والسلام يا رسول الله، ونحو ذلك.
ويكفي هذا والحمد لله احتياطا وبعدا عما حرم الله.
(1) سنن أبو داود المناسك (2042) ،مسند أحمد بن حنبل (2/367) .
(2)
سورة الأحزاب الآية 56
س112: هل يشمل المنع قبور الأئمة أيضا؟ وما هو الدعاء الذي يقال عند زيارة القبور؟
الجواب: نعم، المنع يشمل قبور الأئمة وغيرهم، ويشمل قبور الناس جميعا; فلا يشرع للمرأة أن تزور القبور مطلقا ; لا قبر أبيها، ولا قبر أمها، ولا غير ذلك فجميع القبور تنهى المرأة عن زيارتها في بلدها وغيرها، وإنما الزيارة للرجال خاصة.
ولعل الحكمة في ذلك، والله أعلم، أنهن قليلات الصبر وقد يفتن بهن الرجال، فكان من حكمة الله أن منعهن من الزيارة حتى لا تكون القبور محل فتنة ولا محل نياحة وجزع وقلة الصبر، وبذلك رحم الله النساء وكفاهن ما قد يترتب على زيارتهن للقبور من الفتنة، بخلاف الرجال فإنهم أصبر وأقل خطرا إذا زاروا القبور من النساء، وفي زيارة القبور ذكرى للآخرة وذكرى للموت.
والمرأة في إمكانها أن تتذكر الموت بالصلاة على الجنائز في المساجد مع الناس، فالمرأة تصلي على الجنازة في المسجد وفي المصلى، وإنما المنهي عنه ذهابها إلى القبور واتباعها للجنائز إلى القبور، أما صلاتها على الجنازة في المسجد أو في المصلى فمشروع وفيه ذكرى ويغني عن ذهابها للقبور، وهكذا تتذكر الموت دائما وتجعله على البال وتتذكر الآخرة، وكل هذا يكفي بحمد الله في تذكر الآخرة والإعداد لها.
أما الدعاء فقد بينه النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية وربما زاد فقال: «اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد» (1) إذا
(1) صحيح مسلم الجنائز (974) ،سنن النسائي الجنائز (2039) .