الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حلم بعض النساء بالذبح للخضر وغيره
س78: كثيرا ما تحلم بعض النساء أنه جاءها رجل وقال لها: اذبحوا لله وللخضر ذبائح، وإلا يقبل عليكم مرض، ويقولون أيضا: إن الذي لا يذبح تنقص عائلته بالموت. أفيدونا عن هذا أفادكم الله.
الجواب: هذا الحلم وما أشبهه من الشيطان، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:«الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان فإذا رأى أحدكم ما يكره فلينفث عن يساره ثلاث مرات وليتعوذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأى ثلاث مرات ثم ينقلب على جنبه الآخر فإنها لا تضره ولا يخبر بها أحدا» (1) فهذه الرؤيا من الشيطان.
فإذا رأت المرأة أو الرجل مثل هذا الحلم، كأن يرى أنه يضرب، أو يهدد بقتل، أو في محل مخوف، فكل هذا من الشيطان، فعليه أن ينفث عن يساره؛ بأن يتفل عن يساره ثلاث مرات بريق خفيف، ويقول: أعوذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأيت؛ ثلاث مرات، ثم ينقلب على جنبه الآخر، فإنها لا تضره، ولا يخبر بها أحدا.
والذبح لله عبادة في أي وقت، فإذا ذبح لله وتصدق بها فلا بأس. أما الذبح للخضر أو لغيره من الأموات والغائبين للتقرب إليهم وطلب شفاعتهم أو نحو ذلك فهذا من الشرك الأكبر وهو من عمل كفار قريش وأشباههم كما قال الله سبحانه:{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (2) الآية [يونس: 18] ، فالذبح لغير الله لا يجوز، بل هو من الشرك كما قال الله سبحانه:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (3){لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (4)[الأنعام: 162، 163]
(1) صحيح البخاري بدء الخلق (3118) ،صحيح مسلم الرؤيا (2261) ،سنن الترمذي الرؤيا (2277) ،سنن أبو داود الأدب (5021) ،سنن ابن ماجه تعبير الرؤيا (3909) ،مسند أحمد بن حنبل (5/303) ،موطأ مالك الجامع (1784) ،سنن الدارمي الرؤيا (2142) .
(2)
سورة يونس الآية 18
(3)
سورة الأنعام الآية 162
(4)
سورة الأنعام الآية 163
ونسكي: يعني ذبحي، ويقول الله سبحانه:{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (1){فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (2)[الكوثر: 1، 2]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لعن الله من ذبح لغير الله» (3) خرجه مسلم في صحيحه من حديث علي رضي الله عنه.
فلا يجوز الذبح للخضر، ولا للبدوي، ولا للحسين، ولا لغيرهم من الناس، ولا للأصنام، ولا للجن، بل الذبح يكون لله وحده، والتقرب بالذبح يكون لله وحده سبحانه، كالضحايا والهدايا. أما الخضر، أو البدوي، أو الحسين، أو المرسي، أو ابن عربي، أو الشيخ عبد القادر، أو فلان، فكل هؤلاء لا يجوز الذبح لهم أصلا. والتقرب إليهم بالذبائح ليشفعوا لك، أو ليشفوا ولدك. . كل هذا من الشرك الأكبر والعياذ بالله، مثل الذبح للأصنام والجن والكواكب فكله شرك أكبر. فيجب الحذر من هذا وأشباهه، ويجب التواصي بترك ذلك، والتناصح؛ فالذبح يكون لله وحده سبحانه وتعالى. وهكذا الدعاء والاستغاثة؛ لا يستغاث بالخضر، ولا بالبدوي، ولا بالحسين، ولا بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا بغيرهم، بل الاستغاثة بالله وحده.
ولا يستغاث بالأموات، ولا بالجن، ولا بالملائكة، ولا بالأصنام، ولا بالكواكب، إنما يدعى الله وحده، ويستغاث به وحده سبحانه. ولا يطلب المدد من الأموات كالبدوي وغيره، ولا من الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا من غيرهم، بل المدد يطلب من الله عز وجل؛ لأنه هو الذي يملك كل شيء سبحانه، ولا بأس به من الحي القادر. تقول: يا أخي
(1) سورة الكوثر الآية 1
(2)
سورة الكوثر الآية 2
(3)
صحيح مسلم الأضاحي (1978) ،سنن النسائي الضحايا (4422) ،مسند أحمد بن حنبل (1/118) .
ساعدني على كذا وهو يسمعك، أو بالكتابة، أو بالبرقية، أو بالهاتف، فتقول له: ساعدني على كذا وهو قادر، أقرضني كذا، فهذا لا بأس به، وهذه أمور عادية، وأسباب حسية لا حرج فيها. لكن كونك تأتي الميت وتقول: يا سيدي البدوي اشف مريضي، أو رد غائبي، أو مدد المدد، أو يا سيدي الحسين، أو يا سيدي يا رسول الله، أو يا سيدي ابن عربي، أو يا شيخ عبد القادر، أو ما أشبه ذلك، فهذا من الشرك الأكبر. ويجب على كل مسلم أن يتنبه لهذا الأمر، ويجب على العلماء - وفقهم الله - أن ينصحوا الناس، وأن يعلموهم، يقول الله سبحانه:{فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1)[الجن: 18]، ويقول عز وجل:{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (2){إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (3)[فاطر: 13، 14] ، سبحانه وتعالى، فسمى دعاءهم شركا.
وهكذا يقول سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (4)[المؤمنون: 117] ، فسمى دعاء غير الله كفرا وشركا، فيجب التنبه لهذا الأمر الذي وقع فيه كثير من العامة والجهلة، ويجب على أهل العلم وعلى طلبة العلم أن ينصحوا لله ولعباده، ويعلموا هؤلاء الجهال حتى لا يستهينوا بدعوة القبور وأهلها، وحتى يدعوا الله وحده، ويستغيثوا به في حاجاتهم.
أما الحي الحاضر القادر فلا بأس، كأن يكون أخاك أو قريبك
(1) سورة الجن الآية 18
(2)
سورة فاطر الآية 13
(3)
سورة فاطر الآية 14
(4)
سورة المؤمنون الآية 117
أو صديقك فتقول له: أقرضني كذا، أو عاوني بكذا فلا بأس؛ فهو حي يسمع كلامك، أو بالهاتف (التليفون) ، أو بالبرقية، أو بالتلكس، أو بالمكاتبة، فتطلب منه شيئا وهو قادر فلا بأس، فهذا ليس من العبادات، بل هذه أمور عادية حسية.
وكان الصحابة يطلبون من النبي في حياته صلى الله عليه وسلم؛ يطلبون منه أن يشفع لهم أو يعينهم على كذا، فلا بأس بهذا في حياته صلى الله عليه وسلم، لكن بعد الوفاة لا يسأل هو ولا غيره بعد الوفاة.
وهكذا يوم القيامة حين يبعثه الله يسأله الناس يوم القيامة ليشفع لهم، فلا بأس لأنه حي حاضر بين أيديهم، أما بعدما توفاه الله وقبل يوم القيامة فإنه لا يدعى، ولا يستغاث به، ولا يذبح له، ولا ينذر له، بل هذا من الشرك.
وهكذا غيره كالخضر، أو نوح، أو موسى، أو عيسى، لا يدعون مع الله، ولا يستغاث بهم، ولا ينذر لهم، ولا يذبح لهم، وهكذا البدوي، وهكذا الحسين، وهكذا زينب، ونفيسة، وغيرهم ممن يعبدهم الجهلة، وهكذا الشيخ عبد القادر، وهكذا أبو حنيفة، وهكذا غيرهم كل هؤلاء وغيرهم ليس لأحد أن يدعوهم من دون الله، وليس له أن يستغيث بهم، كما أنه لا يجوز أن تدعى الأصنام التي يعبدها الجهلة، أو الجن، أو الكواكب، أو الأشجار، أو الأحجار، فكل هذا لا يجوز.
فالعبادة حق الله وحده، يقول سبحانه:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (1)[الإسراء: 23]، ويقول سبحانه:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (2)[الفاتحة: 5]، وقال تعالى:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (3)[الجن: 18] ،
(1) سورة الإسراء الآية 23
(2)
سورة الفاتحة الآية 5
(3)
سورة الجن الآية 18
ويقول عز وجل: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (1)[يونس: 106] ، يعني المشركين. والآيات في هذا المعنى كثيرة.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وهو يدعو لله ندا دخل النار» (2) رواه البخاري في صحيحه. والند الشبيه والمثيل، يعني يدعو ميتا أو صنما أو شجرا أو حجرا مع الله، يقول: أغثني أو المدد المدد، أو اشف مريضي، أو رد غائبي، أو نحو ذلك من الأدعية، فكل هذا من الشرك الأكبر، وكله مما نهى الله عنه ورسوله وكله من اتخاذ الأنداد المنهي عنه.
فيجب على أهل العلم وعلى طلبة العلم، وعلى كل من عنده بصيرة أن يعلم الناس وأن يحذرهم من هذا الشرك، في كل مصر، وفي كل مكان، وفي كل زمان، وهذا واجب المسلمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«الدين النصيحة قيل لمن يا رسول الله؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» (3) أخرجه مسلم في صحيحه.
وهكذا يقول الرب عز وجل: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (4)[النحل: 125]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من دل على خير فله مثل أجر فاعله» (5) ولما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى خيبر ليدعو اليهود إلى الدخول في الإسلام، قال له عليه الصلاة والسلام:«فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم» (6) متفق على صحته، يقسم صلى الله عليه وسلم ويحلف وهو الصادق وإن لم يحلف، أن هداية واحد على يد الداعية إلى الله خير من حمر
(1) سورة يونس الآية 106
(2)
صحيح البخاري تفسير القرآن (4227) ،صحيح مسلم الإيمان (92) ،مسند أحمد بن حنبل (1/443) .
(3)
صحيح مسلم الإيمان (55) ،سنن النسائي البيعة (4197) ،سنن أبو داود الأدب (4944) ،مسند أحمد بن حنبل (4/102) .
(4)
سورة النحل الآية 125
(5)
صحيح مسلم الإمارة (1893) ،سنن الترمذي العلم (2671) ،سنن أبو داود الأدب (5129) ،مسند أحمد بن حنبل (4/120) .
(6)
صحيح البخاري المناقب (3498) ،صحيح مسلم فضائل الصحابة (2406) ،سنن أبو داود العلم (3661) ،مسند أحمد بن حنبل (5/333) .