الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم زيارة القبور ودعاء الأموات والصلاة خلف من يفعل ذلك
س84: يوجد إمام مسجد في إحدى القرى، ممن يزورون القباب ويسألون أصحابها الأموات النفع، وجلب المصالح، وكذلك يلبس الحجب، ويتبرك بالحجارة التي على الأضرحة فهل تجوز الصلاة خلفه؟ وإذا كانت الإجابة بالنفي، فماذا نفعل مع العلم بأنه ليس هناك مسجد آخر؟
الجواب: من شرط الإمامة، أن يكون الإمام مسلما، واختلف العلماء، هل يشترط أن يكون عدلا أم تصح خلف الفاسق؟ على قولين لأهل العلم.
والصواب: أنها تصح خلف الفاسق إذا كان مسلما ولكن لا ينبغي أن يولى مع وجود غيره؛ بل ينبغي لولاة الأمور أن يتحروا في الإمام أن يكون مسلما عدلا، طيب السيرة، حسن العمل؛ لأنه يقتدى به.
أما من كان يزور القبور، ليدعو أهلها من دون الله ويستغيث بهم، ويتمسح بقبورهم، ويسألهم شفاء المرضى، والنصر على الأعداء، فهذا ليس بمسلم؛ هذا مشرك؛ لأن دعاء الأموات والاستغاثة بهم، والنذر لهم، من أنواع الكفر الأكبر؟ فلا يجوز أن يتخذ إماما، ولا يصلى خلفه.
وإذا لم يجد المسلمون مسجدا آخر، صلوا قبله أو بعده، صلوا في المسجد الذي يصلي فيه إذا لم يكن فيه قبر، لكن قبله أو بعده، فإن تيسر عزله، وجب عزله، وإن لم يتيسر، فإن المسلمين ينتظرون صلاة هؤلاء،
ثم يصلون بعدهم، أو يتقدمونهم إذا دخل الوقت ويصلون قبلهم إن أمكن ذلك، فإن لم يمكنهم، صلوا في بيوتهم، لقول الله سبحانه:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1)[التغابن: 16]
وينبغي أن يعلم هذا الإمام، ويرشد إلى الحق، لأنه في حاجة إلى الدعوة إلى الله. والمسلم ينصح للمسلمين، وينصح لغيرهم، ويدعو إلى الله، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر لدعوة اليهود إلى الإسلام:«فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم» (2) وقال صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» (3)
والله يقول سبحانه وتعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (4)[فصلت: 33] وقال سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (5)[يوسف: 108] وقال سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (6)[النحل: 125]
فهذا الإمام يدعى إلى الله، ويوجه إلى الخير، ويعلم أن عمله باطل، وأنه شرك، بالأساليب الحسنة، وبالرفق والحكمة، لعله يهتدي ويقبل الحق، فإن لم يتيسر ذلك، فيتصل بالمسئول عن المسجد، كالأوقاف وغيرها، ويبين لهم أن هذا الإمام لا يصلح، والواجب عزله، وأن يولى المسجد رجل موحد مؤمن مسلم، حتى لا يتفرق الناس عن المسجد، وحتى لا يصلي بهم إنسان كافر.
هذا هو الواجب على المسلمين، أن يتعاونوا على الخير، وأن ينصحوا
(1) سورة التغابن الآية 16
(2)
صحيح البخاري المناقب (3498) ،صحيح مسلم فضائل الصحابة (2406) ،سنن أبو داود العلم (3661) ،مسند أحمد بن حنبل (5/333) .
(3)
صحيح مسلم الإمارة (1893) ،سنن الترمذي العلم (2671) ،سنن أبو داود الأدب (5129) ،مسند أحمد بن حنبل (4/120) .
(4)
سورة فصلت الآية 33
(5)
سورة يوسف الآية 108
(6)
سورة النحل الآية 125
لولاة الأمور، وأن ينصحوا لهذا الإمام الجاهل، لعله يهتدي.
س85: هناك من الناس الطيبين من تكلم في هذا المسجد حول الشرك، واستدل بآيات من القرآن وأحاديث من السنة، فقال الإمام: إن هذه الآيات والأحاديث إنما هي في المشركين الأوائل. فهل آيات الشرك والكفر، خاصة بالمشركين الأوائل؟ أم تنطبق على كل من يعمل عملهم؟
الجواب: ليست خاصة بهم، بل هي لهم ولمن عمل أعمالهم، فالقرآن نزل لهم ولغيرهم إلى يوم القيامة، فهو حجة الله على عباده إلى يوم القيامة؛ يقول سبحانه وتعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1)[الذاريات: 56] فهذا يعم من كان في زمانه صلى الله عليه وسلم وقبله وبعده إلى يوم القيامة.
وقوله سبحانه: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (2)[الجن: 18] يعم أهل مكة، وأهل المدينة، ويعم جميع الناس، كلهم منهيون أن يدعوا مع الله أحدا، في زمانه صلى الله عليه وسلم وبعد ذلك إلى يوم القيامة. وهكذا قوله تعالى:{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (3)[المؤمنون: 117] فهذا عام.
وهكذا قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} (4)[سبأ: 22] هذا يعم جميع الخلائق، كما يعم الأصنام ويعم جميع ما يعبد من دون الله.
(1) سورة الذاريات الآية 56
(2)
سورة الجن الآية 18
(3)
سورة المؤمنون الآية 117
(4)
سورة سبأ الآية 22
وهكذا قوله سبحانه: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا} (1){أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} (2)[الإسراء 56، 57] وهذا يعم جميع الناس.
وكذلك قوله سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (3){إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (4)[فاطر: 13، 14]
فبين سبحانه أن المدعو من دون الله، من أصنام أو جن أو ملائكة أو أنبياء أو صالحين، لا يسمعون دعاء من دعاهم:{إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ} (5) وأنهم ما يملكون من قطمير، وهو اللفافة التي على النواة، فهم لا يملكون ما يطلب منهم ولا يستطيعون أن يسمعوا:{إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ} (6)
هذا كلام الحق سبحانه وتعالى، ثم قال:{وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} (7) فلو فرض أنهم سمعوا لم يستجيبوا لعجزهم، ثم قال:{وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (8) فسمى دعاءهم إياهم شركا بهم.
فوجب على أهل الإسلام أن يتركوا ذلك ويحذروا الناس منه، وعلى كل مكلف أن يدع ذلك، وألا يدعو إلا الله سبحانه وتعالى.
وهذا يعم جميع العصور، من عصره صلى الله عليه وسلم إلى آخر الدهر.
نسأل الله للجميع الهداية.
(1) سورة الإسراء الآية 56
(2)
سورة الإسراء الآية 57
(3)
سورة فاطر الآية 13
(4)
سورة فاطر الآية 14
(5)
سورة فاطر الآية 14
(6)
سورة فاطر الآية 14
(7)
سورة فاطر الآية 14
(8)
سورة فاطر الآية 14