الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حيث كان يعلمهم إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية» (1) وفي حديث عائشة رضي الله عنها: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين» (2) وحديث ابن عباس: «السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر» (3) .
هذا هو المشروع، وأما الإقامة عند القبر للأكل والشرب، أو للتهاليل، أو للصلاة، أو لقراءة القرآن ; فكل هذا منكر. بل الصواب أن يسلموا ويذهبوا، ويدعوا للميت، ويترحموا عليه، أما اتخاذه محل دعاء، أو محل قراءة، أو محل طواف، أو محل تهاليل، أو محل أكل يوم أو يومين- فهذا ليس له أصل، وهذا بدعة ومن وسائل الشرك. فيجب الحذر من ذلك، ويجب ترك ذلك.
(1) صحيح مسلم الجنائز (975) ،سنن النسائي الجنائز (2040) ،سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1547) ،مسند أحمد بن حنبل (5/353) .
(2)
سنن النسائي الجنائز (2037) ،مسند أحمد بن حنبل (6/221) .
(3)
سنن الترمذي الجنائز (1053) .
تعظيم قبر جد النبي صلى الله عليه وسلم
س131: يقول السائل: يوجد في فلسطين قبر جد النبي صلى الله عليه وسلم هاشم على ما يقال وهذا القبر موجود داخل مسجد، وهو مبنى قديم لعله من عهد دولة المماليك، ويعتبر الناس هذا المسجد أثريا، ويعزونه ويعظمونه، وبعضهم يعتبره محلا للتبرك، فقام بعض الشباب الصالحين بهدم هذا القبر درءا للمفسدة، ومنعا لاجتماع الرجال والنساء عنده، وتقديم الشموع والنقود، فأنكر عليهم كثير من المنتسبين للدين ذلك، وقالوا: إن هؤلاء منحرفون ويبغضون النبي صلى الله عليه وسلم ويخالفون جماعة المسلمين، ومما زاد الطين بلة ما صدر عن دار إفتاء
بلد عربي مجاور قالوا: إن الذين هدموا قبر هاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم خارجون عن الإسلام.
فنرجو من سماحتكم بيان حكم ذلك؟ وهل لجد النبي صلى الله عليه وسلم حق علينا أن نقول له: سيدنا، أو أن نعظم قبره، أو ما شابه ذلك، أفيدونا أفادكم الله؟
الجواب: هؤلاء الذين هدموه وأحسنوا إلى الناس بإزالة هذه الفتنة مأجورون; لأن جد النبي صلى الله عليه وسلم مات في الجاهلية، فجد النبي صلى الله عليه وسلم هاشم مات على الجاهلية ليس بمسلم، وهكذا عبد المطلب، وهكذا أبو النبي عبد الله، كلهم ماتوا في الجاهلية، فليس لأحد أن يعظمهم، ولا أن يقول لهم: سيدنا فلان؛ لأنهم ماتوا في الجاهلية على دين الكفرة، على دين الضالين، وأحسن أحوالهم أن يكونوا من أهل الفترة، أمرهم إلى الله عز وجل يوم القيامة إذا كانت ما بلغتهم الدعوة -دعوة الأنبياء الماضين-.
فعلى كل حال هم ماتوا في الجاهلية، وماتوا على أعمال الجاهلية، فليس لهم حق في أن يعظموا ولا أن يدعى على قبورهم، أو تعظم قبورهم، أو يقال سيدنا فلان; هاشم أو غيره، كل هذا لا يجوز، ولا يجوز تعظيم قبره لو عرف، مع أنه لا يعرف قبره، لكن لو عرف لم يجز تعظيمه، لا بالشموع، ولا بالبناء عليه، ولا بغير ذلك، حتى لو كان مسلما، فكيف وهو مات على الجاهلية.
وإذا قال بعض الناس إن هؤلاء أخطئوا، أو أنهم يبغضون النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا جهل من قائله، بل الذي يفعل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يحب النبي صلى الله عليه وسلم، حتى لو كان صاحب القبر مسلما، وهدم البناء على القبور مما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم ومما يحبه الرسول عليه الصلاة
والسلام، وهو القائل:«لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (1) .
وقد قال جابر رضي الله عنه: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يجصص القبر وأن يبنى عليه وأن يقعد عليه» (2) رواه الإمام مسلم في صحيحه، فهو نفسه صلى الله عليه وسلم نهى عن تجصيص القبور، ونهى عن البناء عليها، فالذي يهدم البناء على القبور قد فعل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم; وامتثل أمره، واتبع سنته، ولكن الجهل هو المصيبة كما قال الشاعر:
ما يبلغ الأعداء من جاهل
…
ما يبلغ الجاهل من نفسه
فالواجب على علماء الإسلام أن يبينوا مثل هذه الأمور، وألا يتركوا الجهلة يتكلمون، فالبناء على القبور -حتى ولو كان أهلها مسلمين- لا يجوز، ولا يجوز اتخاذ قبورهم مساجد ولا البناء عليها، بل هذا منكر نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وحذر منه، وهو من وسائل الشرك، ولا يعرف قبر هاشم ولا غيره من أجداده صلى الله عليه وسلم.
ولو قدر أنه عرف في فلسطين أو غيرها فلا يجوز البناء عليه، ولا اتخاذه مسجدا، ولا اتخاذ الشموع عليه، ولا تعظيمه بالسيادة، حتى قبر الخليل عليه السلام، وهو موجود في الخليل في المغارة فلا يجوز البناء عليه، ولا اتخاذ المسجد عليه، ولا دعاء الخليل من دون الله، ولا الاستغاثة به وهو إبراهيم أبو الأنبياء، خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز البناء على قبره لو عرف عينه، ولا يجوز دعاؤه من دون الله، ولا الاستغاثة به عليه الصلاة والسلام بل تشرع الصلاة عليه، ومحبته في الله؛ لأنه خليل الرحمن، أما أن يدعى من دون الله أو
(1) صحيح البخاري الجنائز (1324) ،صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (531) ،سنن النسائي المساجد (703) ،مسند أحمد بن حنبل (6/121) ،سنن الدارمي الصلاة (1403) .
(2)
صحيح مسلم الجنائز (970) ،سنن الترمذي الجنائز (1052) ،سنن النسائي الجنائز (2027) ،سنن أبو داود الجنائز (3225) ،مسند أحمد بن حنبل (3/339) .