الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن يسأل أهل العلم إن كانوا عنده، أو يكتب إليهم في أي البلاد، ويسألهم عما أشكل عليه من أمور دينه حتى يكون على بصيرة، لأن الله تعالى قال:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (1)[النحل: 43] .
فالواجب على أهل الإسلام إذا لم يكن عندهم علم أن يسألوا، وعلى كل إنسان ليس عنده علم أن يسأل عما أشكل عليه في أمور القبور، أو في أمور صلاته، أو في زكاته، أو في صيامه، أو في معاملاته، وفي كل شيء
(1) سورة النحل الآية 43
الطواف بالقبور
س128: يقول السائل: كنت جالسا مع إخوة لي من أبناء وطني من صعيد مصر، فقالوا لي: يوجد عندنا مقام لأبي الحسن الشاذلي من طاف به سبع مرات كانت له عمرة، ومن طاف به عشر مرات كان له حجة، ولا يلزمه الذهاب إلى مكة، فقلت لهم: إن هذا الفعل كفر بل شرك -والعياذ بالله- فهل أنا مصيب؟ وبماذا تنصحون من ينخدع بذلك؟
الجواب: نعم قد أحسنت، لا يجوز الطواف بالقبور، لا بقبر أبي الحسن الشاذلي، ولا بقبر البدوي، ولا بقبر الحسين، ولا بالسيدة زينب، ولا بالسيدة نفيسة ولا بقبر من هو أفضل منهم، لأن الطواف عبادة لله وإنما يكون بالكعبة خاصة، ولا يجوز الطواف بغير الكعبة أبدا، وإذا طاف بقبر أبي الحسن الشاذلي أو بمقامه يتقرب إليه بالطواف، صار شركا أكبر، وليس هو يقوم مقام حجة، ولا مقام عمرة، بل هو كفر وضلال، ومنكر عظيم، وفيه إثم عظيم.
فإن كان طاف يحسب أنه مشروع، ويطوف لله لا لأجل أبي الحسن فهذا يكون بدعة ومنكرا، وإذا كان طوافه من أجل أبي الحسن ومن أجل التقرب إليه فهو شرك أكبر -والعياذ بالله- وهكذا دعاؤه والاستغاثة بأبي الحسن الشاذلي، أو النذر له، أو الذبح له، كله كفر أكبر -نعوذ بالله- وكذلك الحلف بأبي الحسن، وكذلك الحلف بالنبي، أو بالحسن، أو بالحسين، أو بفاطمة، أو بالكعبة، أو بالأمانة، أو الحلف بحياة فلان أو شرفه كله لا يجوز لأن الحلف بغير الله ممنوع وهو شرك أصغر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت» (1) . ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من حلف بغير الله فقد كفر» (2) وفي لفظ: «فقد أشرك» وفي لفظ آخر: «فقد كفر أو أشرك» (3) ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من حلف بالأمانة فليس منا» (4) ولقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون» (5)
فالحلف يكون بالله وحده; لأنه تعظيم لا يليق إلا بالله وحده، فالحلف بغير الله من الشرك الأصغر وقد يكون أكبر إذا حصل في قلبه من التعظيم للمخلوق ما هو من جنس تعظيم الله يكون كفرا أكبر، فالدعاء والاستغاثة بالأموات، والذبح لهم، والنذر لهم، والتوكل عليهم، أو اعتقاد أنهم يعلمون الغيب، أو يتصرفون في الكون، أو يعلمون ما في نفوس أصحابهم، والداعين لهم، والطائفين بقبورهم، كل هذا شرك أكبر -نعوذ بالله من ذلك- فالغيب لا يعلمه إلا الله; لا يعلمه الأنبياء ولا غيرهم، وإنما يعلمون من الغيب ما علمهم الله إياه،
(1) صحيح البخاري الشهادات (2533) ،صحيح مسلم الأيمان (1646) ،سنن الترمذي النذور والأيمان (1534) ،سنن النسائي الأيمان والنذور (3766) ،سنن أبو داود الأيمان والنذور (3249) ،سنن ابن ماجه الكفارات (2094) ،مسند أحمد بن حنبل (2/7) ،موطأ مالك النذور والأيمان (1037) ،سنن الدارمي النذور والأيمان (2341) .
(2)
صحيح البخاري الأدب (5757) ،صحيح مسلم الأيمان (1646) ،سنن الترمذي النذور والأيمان (1535) ،سنن النسائي الأيمان والنذور (3766) ،سنن أبو داود الأيمان والنذور (3251) ،سنن ابن ماجه الكفارات (2094) ،مسند أحمد بن حنبل (2/125) ،موطأ مالك النذور والأيمان (1037) ،سنن الدارمي النذور والأيمان (2341) .
(3)
سنن الترمذي النذور والأيمان (1535) .
(4)
سنن أبو داود الأيمان والنذور (3253) ،مسند أحمد بن حنبل (5/352) .
(5)
صحيح البخاري المناقب (3624) ،صحيح مسلم الأيمان (1646) ،سنن الترمذي النذور والأيمان (1534) ،سنن النسائي الأيمان والنذور (3766) ،سنن أبو داود الأيمان والنذور (3249) ،سنن ابن ماجه الكفارات (2094) ،مسند أحمد بن حنبل (2/76) ،موطأ مالك النذور والأيمان (1037) ،سنن الدارمي النذور والأيمان (2341) .
ويقول الله سبحانه وتعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (1)[النمل: 65] .
فمن زعم أن شيخه يعلم الغيب، أو يعلم ما في نفس زائره، أو ما في قلب زائره فهذا كفر أكبر-والعياذ بالله- فالغيب لله وحده سبحانه وتعالى، وكذلك إذا عكف على القبر يطلب فضل صاحب القبر، ويطلب أن يثيبه أو يدخله الجنة بالجلوس عند قبره، أو بالقراءة عند قبره، أو بالاستغاثة به أو نذره له، أو صلاته عنده، أو نحو ذلك، فهذا كفر أكبر.
فالحاصل أن الواجب على المؤمن أن يحذر الشرك كله وأنواعه. والقبور إنما تؤتي للزيارة، يزورها المؤمن للدعاء لهم، والترحم عليهم، فيقول:«السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يغفر الله لنا ولكم يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية» (2) وهكذا.
أما أن يدعوهم مع الله، أو يستغيث بهم، أو ينذر لهم، أو يتقرب إليهم بالذبائح بالبقر، أو بالإبل، أو بالغنم، أو بالدجاج فكل هذا كفر أكبر -والعياذ بالله- فالواجب الحذر والواجب التفقه في الدين، المسلم عليه أن يتفقه في دينه حتى لا يقع في الشرك والمعاصي.
وعلماء السوء علماء ضلالة يضلون الناس ويغشونهم، فالواجب على علماء الحق أن يتقوا الله وأن يعلموا الناس من طريق الخطب والمواعظ وحلقات العلم، ومن طريق الإذاعة، ومن طريق الكتابة والصحافة، ومن طريق التلفاز، يعلمون الناس دينهم ويرشدونهم إلى
(1) سورة النمل الآية 65
(2)
سنن النسائي الجنائز (2037) ،مسند أحمد بن حنبل (6/221) .