الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم
من يتوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم
س:164: يقول السائل: فضيلة الشيخ، ما هو حكم المسلم الذي يقيم الفرائض ويتوسل بجاه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم؟ وهل يجوز رميه بالشرك أفيدوني أفادكم الله؟
الجواب: المسلم الذي يوحد الله، ويدعوه وحده سبحانه وتعالى ويؤمن بأنه الإله الحق، ويعتقد معنى لا إله إلا الله، وأن معناها لا معبود حق إلا الله، ويؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وأنه رسول الله حقا أرسله الله إلى العالمين من الجن والإنس، هذا يقال له مسلم لأنه أتى بالشهادتين، ووحد الله وحده، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يكون مسلما.
فإذا أتى شيئا من المعاصي فإن هذا يكون قدحا في الإيمان ونقصا في الإيمان، كالزنا والسرقة والربا، إذا لم يعتقد حل ذلك ولكن أطاع الهوى في فعل هذه المعاصي أو بعضها فهذا يكون نقصا في إيمانه وضعفا في إيمانه.
أما إذا توسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: اللهم إني أسألك يا رب بجاه محمد أو بحق محمد; فهذا بدعة عند جمهور أهل العلم، ونقص في الإيمان وضعف، ولا يكون مشركا ولا يكون كافرا بل هو مسلم، لكن يكون هذا نقصا في الإيمان وضعفا في الإيمان مثل بقية المعاصي والبدع التي لا تخرج من الدين؛ لأن الدعاء ووسائل الدعاء توقيفية، ولم يرد في الشرع ما يدل على أن التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم من الوسائل الشرعية، بل هذا مما أحدثه الناس.
فالقول بالتوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، أو بجاه الأنبياء، أو بحق النبي، أو بحق الأنبياء، أو بجاه فلان أو بجاه علي، أو بجاه أهل البيت، كل هذا من البدع، والواجب ترك ذلك لكن ليس بشرك، وإنما هو من وسائل الشرك وليس بشرك، ولا يكون صاحبه مشركا، بل هو مسلم ولكن أتى ببدعة تنقص الإيمان وتضعف الإيمان عند جمهور أهل العلم، لأن الوسائل في الدعاء توقيفية، فالمسلم يتوسل بأسماء الله وصفاته، كما قال الله عز وجل:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (1)[الأعراف: 180] .
ويتوسل بالتوحيد والإيمان كما جاء في الحديث: «اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد» (2) ، وهذا توسل بتوحيد الله.
وهكذا التوسل بالأعمال الصالحات، كما في حديث أصحاب الغار، الذين انطبقت عليهم صخرة لما دخلوا الغار من أجل المطر أو المبيت «فانطبقت عليهم صخرة فلم يستطيعوا دفعها فقال بعضهم لبعض إنه لن ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم فدعوا الله بصالح أعمالهم فتوسل أحدهم ببره بوالديه فانفرجت الصخرة بعض الشيء
ثم توسل الآخر بعفته عن الزنا وأنه كانت له ابنة عم يحبها كثيرا، فأرادها لنفسه فأبت عليه، ثم إنه ألمت بها سنة، فجاءت إليه تطلب منه العون، فقال: إلا أن تمكنيني من نفسك، فوافقت على أن يعطيها مائة وعشرين دينارا من الذهب، فلما جلس بين رجليها، قالت له: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فخاف من الله سبحانه وتعالى وقام عنها،
(1) سورة الأعراف الآية 180
(2)
سنن الترمذي الدعوات (3475) ،سنن ابن ماجه الدعاء (3857) .
ولم يأت الفاحشة، وقال: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة بعض الشيء، ولكن لا يستطيعون الخروج.
ثم توسل الثالث بأداء الأمانة، وأنه كان عنده آصع لبعض العمال تركها عنده فنماها، وعمل فيها حتى صارت مالا كثيرا من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فلما جاء صاحبها أداها إليه كاملة، فقال: يا رب إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت عنهم الصخرة وخرجوا» (1) .
وهذا يدل على أن التوسل بالأعمال الصالحات من أسباب الإجابة.
أما التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، أو بجاه فلان، أو بجاه علي، أو بجاه عمر، أو بجاه أبي بكر الصديق، أو بجاه آل البيت، أو ما أشبه ذلك فهذا ليس له أصل، ولكن يتوسل بإيمانه، فيقول: اللهم إني أسألك بإيماني بك، وبمحبتي لك، وبمحبتي لنبيك عليه الصلاة والسلام فهذا طيب وهذه وسيلة طيبة، أو يتوسل بالتوحيد: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، بأنك الواحد الأحد، كل هذا طيب، أو يتوسل إلى الله ببره بالوالدين، أو بالمحافظة على الصلوات أو بعفته عن الفواحش، كل هذه أعمال صالحة، هذا هو الذي قرره أهل العلم وأهل التحقيق وأهل البصيرة، أما التوسل بجاه فلان أو بحق فلان فهذا بدعة، والذي عليه جمهور أهل العلم أنه غير مشروع.
(1) صحيح البخاري الإجارة (2152) ،صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2743) ،مسند أحمد بن حنبل (2/116) .