الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والدنا يرفض زواجنا
…
مأساة
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 1/3/1425هـ
السؤال
نحن أربع بنات، والدي -الله يهديه- يرفض أن يزوجنا، ولا نعرف إذا كان يتقدم أحد لخطبتنا أم لا؟ هو دائما يقول لنا: ربما يكون الخير لكن أن تجلسن مع أبويكم، والمشكلة أنه لا يريد لأحد أن يرانا، صحيح هو لم يحرمنا من التعليم، وتعلمنا ولكن لا نخرج من البيت مطلقاً إلا للمدرسة أو للمستشفى فقط، لا نذهب إلى أفراح ولا حتى يريدنا أن نتكلم مع الجيران أو نتعرف عليهم.
الوضع الآن في البيت هو كالآتي: والدي ووالدتي منفصلان يعيشان معنا في بيت واحد، ولكنهما لا يتكلمان مع بعضهما أبداً، وكل واحد منهما ينام في غرفة منفصلة، وكل ذلك بسبب مشاكل كثيرة حصلت بينهما منذ سنوات عديدة.
هل والدتي تأثم؛ لأنها بإمكانها أن تساعدنا وهي تهدد والدنا وفي نيتها أنها لا تريد أن تزوجنا.
أيضا إخواني الأولاد هل يتحملون الذنب ويأثمون؛ لأنهم أيضاً لا يريدون أن يساعدونا؟ تقدم لأختي الكبيرة وعمرها 35 سنة الآن خاطبان، وكان التفاهم مع أخي ولكنه لم يكن متفاهما معهما، وأختي رفضت؛ لأنها تخاف لو علم والدي ماذا يفعل بها؟
الآن يوجد المشروع الخيري للزواج، وقدمت طلب للزواج به، ووجدوا لي شخصاً مناسباً واتصلوا بي، ولكن الآن لو جاء وتقدم لوالدي سوف يرفضه، وأنا أفكر لو رفضه والدي سوف أذهب وأشتكي في المحكمة؛ لأنني سألت قاضياً في المحكمة، وقال لي اشتكي والدك حتى تتزوجي، وأنا الآن خائفة لو ذهبت لأشتكي أن يطلق والدي أمي ويطردها من البيت، ولكن القاضي قال لي مشاكل الزواج أكبر من أي مشاكل أخرى، فهل لو ذهبت واشتكيت لأزوج نفسي هل آثم على ذلك؟
الآن لو اشتكيت في المحكمة وسقطت الولاية عن والدي وربما رفض أخي أن يأخذ الولاية حتى يزوجني، ولكن في حالة أن أخي أخذ الولاية ووافق
على تزويجي ولكن أمي مانعت وعارضت وأثرت على أخي وهو بالتأكيد سوف يقوم برضا أمي في هذه الحالة، هل يكون عليه إثم كبير؟ وأيهما الأهم أن يرضي أمي أم يزوجني؟
الجواب
الأخت الكريمة: - سلمها الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله أن تجدي منا النفع والفائدة. والجواب على ما سألت كالتالي:
أولاً: أدعو الله لكم بالثبات على الطاعة، وأن يصبركم على ما ابتلاكم به إنه رحيم ودود. ثانياً: لا شك أن ما تعرضتم له بلاء كبير يحتاج منكم الصبر والاحتساب، فإن الأجر مترتب على ذلك.
ثالثاً: لا يخفى عليكم أن بر الوالدين واجب، ولو قصرا في حق أبنائهم فلا يجوز أن يصور لكم الشيطان أن ما فعله والداكم يجيز لكم العقوق أو العنف أو الإساءة في حقهما، فإن الله سبحانه أخبرنا أن البر واجب على العبد ولو دعاه والداه إلى الشرك فلا يطعهما، ولكن يصاحبهما في الدنيا معروفاً، قال تعالى:"وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ"[لقمان:15] .
رابعاً: إذا كان أبواكما أو أحدهما يتعمدان عدم تزويجكم فإنهما آثمان في ذلك؛ لأن الزواج حق لكل واحدة منكن.
خامساً: ما يتعلق بأخيك فالأصل أنه ليس وليك مع وجود والدك، وبالتالي لا يلحقه إثم في عدم تزويجك، ولكن لا ينبغي أن يكون سلبياً بهذه الصورة؛ بل الواجب عليه أن يتقي الله ويساعد أخواته في الزواج لأنهن عرضه وبقية أهله.
سادساً: أما التقدم للجنة المهتمة بشؤون التزويج والخوف أن والدك يرفض ذلك الشاب، فالذي ينبغي أن لا يخبر والدك أنه جاء من طريق اللجنة هذا أولاً.
وثانياً: لا تتعجلي الحكم برفضه فقد يشرح الله صدره لذلك الشاب، وبالإمكان إدخال خالك أو عمك أو أي أحد في العائلة له تأثير على والديك ليقوم بإقناع والدك في الموضوع بأسلوب مناسب.
سابعاً: من المعلوم شرعاً أن الأب إذا منع ابنته من الزواج بغير سبب شرعي ومنطقي فإنه آثم وارتكب بذلك محرماً، وهو ما يسمى شرعاً بالعضل، فيجب تذكيره بذلك، وإذا ما أصرَّ على ذلك حق للفتاة أن تشتكيه إلى القاضي ليلزمه بتزويجها، فإن رفض نقل الولاية إلى أقرب ولي أو قام هو بتزويجها ممن يراه مناسباً، ولكن أرى أن لا تقدمي على هذه الطريقة حتى تستنفذي جميع الوسائل المتاحة للضغط عليه وإقناعه بأهمية تزويجك وبقية أخواتك، وعجباً لأب يرى الستر قادم لبناته فيرفضه، إنه يعرض نفسه للعار والشنار والأذى، وللإثم عند الله عز وجل.
ثامناً: لو انتقلت ولايتك إلى أخيك فيجب أن يتقي الله في اختيار المناسب، وإذا ما رفضت أمك فالواجب أن ينظر ما علة رفضها؟ هل سبب شرعي أم مجرد هوى وتعصب؟ فإن كان الأول فيجب أخذه في الاعتبار، وإن كان الثاني فلا يلتفت إليها، لكن لا بد من التلطف معها وحسن العهد.
والله أسأل لكم التيسير والإعانة والتوفيق والسداد إنه جواد كريم.