الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحببنا بعضاً ولم نتصارح بذلك
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 24-11-1423
السؤال
أنا طالبة في الكلية من بلاد النيل ودائماً يقال أني صاحبة عقل متزنة فأنا أكبر أخوتي وعلى خلق وتربية دينية سليمة.
كان هنالك شاب يتكلم واستشعرت من كلامه أنه يكنّ لي بعض المشاعر ولكن لم يصرح بها والمشكلة أني بدأت أرتاح إليه وهو فعلاً رجل في كل معاملاته وهو عاقل وأنا مقدرة أنه لا يستطيع أن يصرح بمشاعره لأنه ما زال طالباً لكن المشكلة أني حقاً أحبه وأتمناه لي زوجاً وليس حب الطيش وحاولت مراراً أن أنساه وأنشغل بأشياء أخرى ولكن لم أستطع.
أريد المشورة وأطلب النصيحة أو الحل.
الجواب
الأخت الكريمة..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم"
حينما أتاك ذلك الشعور بالحب والميل العاطفي نحو ذلك الشاب الذي وصفتيه بالرجولة والاتزان والتدين فإنما هو شعور طبيعي جداً ولا أحد يستطيع لومك عليه. فالمرأة أو الرجل وفي هذا السن بالذات حينما توجد مثل هذه المشاعر وهي الميل نحو الجنس الآخر والتفكير فيه أو الاغتباط به إذا وجد فإنما هي مشاعر تمليها الطبيعة البشرية والسنة الكونية التي خلقها الله في جوانحنا وداخل أفئدتنا وما ذلك إلا معجزة إلهية قدرها الخالق سبحانه وتعالى كي يستمر البقاء والإعمار لهذا الكون ويحصل الاستخلاف الذي أراده المولى جل وعلا.
فهذه المشاعر إنما هي مشاعر طبيعية ولكنها مع الأسف الشديد وكما يثبته الواقع المشاهد وتشهد بذلك جميع الأمور الحياتية هي مشاعر ذات حدين فهي إما أن تصان وتراعى خصوصيتها وتبقى محفوظة يحفظها الإيمان والتعقل والاتزان إلى أن تحين الفرصة الجيدة والوقت المناسب والأجل المكتوب ليبثها صاحبها ويخرجها من جنانه العميق ويسعى بالطرق الشرعية والأصول المعتبرة للقرب من صاحبه بالخطبة والزواج ليباركه الله عز وجل فيعم بذلك النعيم والسعادة والمودة والسكن الذي أشار إليه ربنا عز وجل بقوله: (وَمن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآياتٍ لقوم يتفكرون)[سورة الروم: 21] .
هذه المودة وهذا السكن وهذا النعيم أنى يتأتي لأي أحد من الجنسين المتحابين والمتعاشقين إذا لم يكن اجتماعهما والتقائهما وتواصلهما تواصلاً والتقاءً شرعياً يقوم ويتأصل ويتأسس بأسس السنة النبوية المحمدية الطاهرة وترعاه عين الله وتكلئه بحفظه، وتحفّه بالهناء والسعادة؟
وفي الجانب المقابل وهو الجانب الخطير لهذه المسألة وهو أنه إذا استعجل الرجل أو المرأة في أمرهما وسعيا دون تحفظ في بث شجونهما وأبرزاها وأخرجاها من دون مراعاة لوقت مناسب أو فرصة ملائمة ولم تحفَّها أصول شرعية يرتكز عليها ولم تخيفهما كذلك عادات وأعراف معتبرة تحجّم من ذلك الاندفاع فإن العاقبة لن تكون إلا حسرة تعقب لذة قليلة وندامة بعد هناء مؤقت وهمٌّ طويل طغى على زهرة الشوق بينهما وغم ثقيل يبدد حرارة العشق ويئدها وهي لا زالت في مهدها ويغلف ذلك كله ويختم عليه غضب الله عز وجل ومقته والابتعاد عن مباركته، كيف لا وهما قد استعجلا ولم يراعيا في سلوكهما رضى الله والبعد عن عصيانه وسخطه.
صدقيني أيتها الأخت الكريمة أن مثل ما أنت فيه لن يصلح معه إلا أمران مهمان وهما الصبر والدعاء. أما الصبر فالوقت لا زال مبكراً في التفكير في الزواج كما أشرت بذلك في ثنايا سؤالك فقد لا تلاقي فكرة الزواج ترحيباً من المحيطين بكم من الأهل والأقارب وربما كذلك من ذلك الشاب نفسه حتى يتخرج من الجامعة على الأقل ويتحصل على عمل يؤسس من خلاله عش الزوجية.
وحتى تستطيعين الصبر على ذلك والهروب من شبح الزلل بعقد علاقات محرمة مع ذلك الشاب واستعجال اللقاء قبل الأوان فإن مصدر قوتك في ذلك هو الدعاء والالتجاء إلى الله ليعصمك ويحفظك والتقرب إليه بالطاعة والبعد عن المعصية فإنه سبحانه إن عرف صدقك أنالك ما تتمنينه وبارك له فيه.
وهذه المشاعر التي تجدينها تجاه ذلك الشاب احفظيها ولا تقتليها، ارعيها كما يرعى الإنسان زهرة جميلة لديه وستجدين أنه لن يدوم الحال حتى تتأكدي أن وقت قطافها قد حان وأمام الناس والملأ ولا خشية من أحد ما دام أن ذلك القطف لتلك الوردة الجميلة كان بأصول معتبرة.
أخيرا أذكرك بأن البنت وفي مثل هذا السن جميل منها أن تكون على علاقة خاصة بأمها تبث إليها مثل هذه الأشجان فسنك الآن يسمح لك بمشاورتها وإعلامها بالدقيق والجليل من أمور حياتك خاصة إذا كانت الأم واعية وعاقلة وتزن الأمور بروية وأناة بالغَيْن، وصدقيني أنك لن تجدي منها إلى العون والسداد في الرأي.
أعانك الله وحرسك وأنالك مُناك،،،