الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عرضتُ نفسي عليه، فهل أنا مخطئة
؟!
المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس
مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 16/1/1425هـ
السؤال
التمست في شاب متدين كل الصفات التي أريدها، ولرغبتي في الحفاظ على نفسي طلبت الزواج منه، فرفض؛ لعدم قدرته على الزواج؛ ولانشغاله بالدعوة، ولكني أمهلته شهرين للرد علي مرة أخرى! أنا حائرة، لا أدري ما أفعل، فأنا أحس بأني لا أريد أحداً غيره، فهل انتظر رده أم أبادر بالسؤال؟ طبعاً كل ذلك بالرسائل، فأنا لم أكلمه قط. -وجزاك الله خيراً-.
الجواب
جميل جداً أن تحرصي على الارتباط بشاب تتوسمين فيه الخير، والتدين، والاستقامة، وهذا الحرص يدلني على صفتين فيك:
الأولى: أنك فتاة مستقيمة، تطمحين لبناء حياتك، كما أمر الله سبحانه وتعالى.
الثانية: أنك تملكين عقلاً راجحاً بالرغم من صغر سنك.
وهاتان الصفتان يقل وجودهما في فتيات هذا الجيل، -مع الأسف الشديد- ولكن، بمجرد قراءتي لسؤالك، قفز إلى ذهني تساؤل: كيف عرفت أنه شاب متدين، وفيه كل الصفات التي تريدينها، بالرغم من أنك لم تكلميه، ومن باب أولى لم تريه؟! (وليس بينكما إلا الرسائل فقط؟!) . بما أن سؤالك لا يوحي بإجابة عن هذا التساؤل فسأضع عدة افتراضات:
أولها: أنك تعرفت على صفاته من خلال برامج الحوار، أو منتدياتها على شبكة الإنترنت، فاستمعت إلى حديث، أو قرأت كلماته، وبالتالي أعجبت به، ولكن هذا لا يعني أبداً أنه يحمل الصفات التي تتخيلينها فيه؛ إذ إن الفتاة إذا أحبت فإنها تتخيل في محبوبها الصفات التي تتمناها هي، لا الصفات التي هو متصف بها بالفعل، وهذه المشاعر هي التي تسببت في انزلاق كثير من الفتيات نحو الخطأ، وسهلت كثيراً لذئاب البشر اقتناصهن، وهنا يلح سؤال لا بد أن يجد منك إجابة منطقية، تستخدمين للبحث عنها عقلك لا عواطفك: هل هو فعلاً كما تخيلته أنا؟ أو كما أوحى به إلي؟! مجرد معرفتك به بهذه الصورة تجيب عن هذا السؤال إجابة صحيحة، فالإنترنت عالم (أشباح) يستطيع كل داخل أن يتشكل فيه كما يريد، ويتصف بالصفات التي يريد، وإذا تحققت من الواقع قد تصدمين بشكله، وجنسه، وصفاته، كما صدم غيرك كثيراً! وتذهب أحلامك أدراج الرياح.
ثانيهما: أن تكوني عرفتيه حقيقة بأي طريقة من الطرق، وتأكتدي من صفاته، وكونه الإنسان المناسب لك، وهنا لا بد أن تعي عدة أمور:
1-
عرض المرأة نفسها على الرجل بهذه الصورة أخشى أن يؤدي إلى ابتذالها، فهو وإن كان جائزاً في الأصل، لكننا في زمن لم يعتد الناس فيه على هذا الأسلوب، وقد يؤثر هذا الفكر العام على مكانتك وكبريائك، ولذلك دائماً أنصح الأخوات أن يعرضن أنفسهن إذا اضطررن لذلك، بطريق غير مباشر عن طريق قريب، أو صديقة، أو غيرها، ولذلك أنصحك بالتوقف عن مراسلته، وسؤاله عن قراره؛ حفاظاً على كرامتك.
2-
من أهم مقومات الزواج الناجح قناعة كل من الطرفين بالآخر، والقناعة ليس بالضرورة أن تكون بالشكل فقط، بل أهم منها القناعة بالإقدام على الزواج أصلاً، ولذلك غالباً ما يفشل الزواج الذي يتم بالإكراه، أو الإجبار، أو الإحراج، أو غير ذلك. وما دام الرجل أبدى لك عذره، وعدم قدرته فلا تلحي عليه؛ لأني أخشى - إن هو تزوجك- أن يفشل زواجكما، ثم تعيشين معاناة جديدة ما أنت فيه الآن أهون منها بكثير.
3-
هنا افتراض لا بد أن تضعيه في ذهنك، وهو أنه قد يكون لديه عذر آخر، لا يستطيع البوح لك به، فالدعوة قد لا تشغل الإنسان عن الزواج، وعامة من عرفنا من الإخوة الدعاة المؤثرين متزوجون، وبعضهم معدد، ولم يمنعهم من الدعوة، ربما كان الزواج معيناً عليها إذا وفق الرجل إلى امرأة تهتم بأمر أمتها، ولذلك قد تضعينه أنت بهذا الإلحاح في موقف محرج بين أن يحافظ على مشاعرك، وأن يراعي ظروفك.
بقي أمر مهم: تقولين: (أحس بأني لا أريد أحداً غيره) هل تعلمين أنك بهذه الكلمة تحكمين على نفسك بالإعدام وحياتك بالنهاية؟!.
أستغرب كيف تصدر مثل هذه الكلمة من فتاة عاقلة مثلك، وأنت تعلمين أن في الحياة من هم خير منه بمراحل؟!.
وهل كل فتاة حولك تزوجت من الرجل الذي كانت تتمناه؟ وهل أصبحت حياتها جحيماً بسبب ذلك؟! بالطبع لا.
اسألي من تعرفين من النساء هل تزوجن من كان يداعب خيالها في سني المراهقة؟ من النادر أن تجدي من تقول لك: نعم، ومع ذلك سارت حياتهن مستقرة سعيدة، وأنجبن الأولاد وعمرن البيت.
إنك بهذا الإحساس تدفعين نفسك دفعاً على الشقاء والتعاسة، وتحجبين عنها أفقاً رحباً من التفاؤل بالمستقبل، والعطاء، والإيجابية.
لا يا أختي: في الحياة أشياء أجمل وفي الرجال من هم أكمل، ولا أدعى للراحة من التسليم لله الذي يقول:"وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنت لا تعلمون"[البقرة:216] . وإياك أن يدفعك خوفك من شبح العنوسة لمثل هذا الشعور، فإن الله كما قدر لك رزقك، وأكلك، وشربك، وعمرك، قدر أيضاً زواجك، ولا راد لقدر الله إذا جاء، ولا مقدم له، ولا مؤخر.
أسأل الله أن يرزقك زوجاً صالحاً تقر به عينك، وتسكن إليه نفسك، ويرزقك الله به النية الصالحة.