الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل يتزوج بمن زنى بها
؟
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 15/11/1425هـ
السؤال
أنا شاب، أبلغ من العمر 24 عاماً، ومتعسر في دراستي، وأنوي أن أطرق بابًا آخر بجانب الدراسة حتى أستطيع أن أفتح بيتاً، مع العلم أن والدي متيسر ماديًا، ولدي شقة، وأنا على علاقة بفتاة غلبتني نفسي وشهوتي وتطورت علاقتي بها حتى وقعنا في الفاحشة، وأريد عدم الرجوع لهذا الذنب لأني أعلم أنني اقترفت كبيرة. وأعلم أيضا أن الذنوب محق للبركة. وأنا الآن في حيرة من أمري؛ لأني كنت أحلم دائما "بأن أتزوج من فتاة ملتزمة ذات دين كما أمر رسول الله، وأخاف أن تزوجت من تلك الفتاة أن أكون قد جنيت على نفسي، مع العلم أني لا زلت أحبها؛ لأني أعلم أنها فعلت ذلك معي بدافع حبها لي وضعفها أمام شهوتها، ولكني خائف ليس منها، وإنما من تكرار فعلنا لهذا الذنب، فأخاف أن يكون زواجي منها عقاب من المولى عز وجل. مع العلم أنها لا تزال بكرًا، ومع العلم أيضا أني استطعت بعون الله أن أصلح من بعض عيوبها، وهي تحاول دائمًا إرضائي ولكن المشكلة في هذه المصيبة التي اقترفناها، فتكرار فعل هذه الفعلة يجعلني أشعر في بعض الأحيان بالاشمئزاز من نفسي ومنها، وأحيانا أخرى بالحيرة، وأحيانا أخرى بالذنب تجاهها لأني أنا الرجل صاحب العقل الذي جعل الله له القوامة. ولي عدة استفسارات في هذا الشأن:
1-
كيف التوبة من هذا الذنب لي ولها؟
2-
هل أقدم على الزواج منها أم أتركها؟ ولماذا؟
3-
وإن كان رأي الشرع هو الزواج منها، فكيف ستكون العلاقة بيني وبينها حتى أتقدم لخطبتها، مع العلم أني لا أستطيع التقدم لها الآن لأني في تلك اللحظة التي أكتب فيها لكم لا أملك ما يعينني على أن افتح بيتا؟
4-
هل يستطيع مذنب مثلي -وقع في تلك الفاحشة مع الفتاة التي ستكون زوجة له وأماً لأولاده- أن يصنع أسرة مسلمة تتخذ من كتاب الله وسنة رسول الله منهجاً لها. آسف للإطالة، وجزاكم الله كل خير عني وعن الإسلام، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أخي الكريم: أما بالنسبة للتوبة من هذا الذنب الذي وقعت فيه -أنت، وهذه الفتاة- فإن التوبة تكون بالإقلاع عن الذنب أولاً، والندم على فعله ثانيًا، والعزم على عدم العودة إليه ثالثًا، ومن تاب تاب الله عز وجل عليه، والله أفرح بتوبة عبده، والله عز وجل يفرح بتوبة عبده إذا تاب، وليس هناك ذنب إلا ومغفرة الله أعظم منه وأوسع، "إن رحمة الله وسعت كل شيء"، فأقبل على الله يقبلك، وأقبل على رب رحيم هو أرحم بك من أمك التي ولدتك، ولا بد -مع العزم على التوبة- من إصلاح حالك ووضعك الذي يجرؤك على هذا الأمر، فتقطع الصلة بهذه الفتاة، وتبتعد عن المثيرات الجنسية، وتبتعد عن الأماكن التي تذكرك بهذا الفعل، وتبين لهذه الفتاة أن مكانتها عندك بمحافظتها على نفسها منك أولاً كما هو من غيرك.
ثانيًا: قولك: هل أقدم على الزواج منها أم أتركها؟ ولماذا؟
هذا الأمر يرجع إلى اعتبارات أنت أعلم بها، فإن كنت ترى أن هذه الفتاة مناسبة لك في حياتك الزوجية، وأنها فتاة عفيفة، ولم تقع في هذا الأمر إلا معك، بسبب ما ذكرته من حبها لك وتعلقها بك استسلمت لك، وتعلم أنها لا تقع في هذا الأمر مع غيرك، فإنها إذا تابت إلى الله توبة نصوحًا، وتبت أنت كذلك إلى الله توبةً نصوحًا فإن الزواج بينكما جائز. أما إذا كانت هذه الفتاة تقع في هذا الأمر معك ومع غيرك فلا يصح أن تتزوجها، وكذلك إذا لم تتوبا، فلا يجوز لكما الزواج إلا بعد التوبة من هذا الأمر؛ لأنه لا يجوز الزواج بالزانية.
ثالثًا: تقول: إذا كان رأي الشرع هو الزواج فكيف ستكون العلاقة بيني وبينها حتى أتقدم لخطبتها، مع العلم أني لا أستطيع التقدم لها الآن؟ لأنني في تلك اللحظة التي أكتب فيها إليكم لا أملك ما يعينني على أن أفتح بيتًا.
كما قلت لك الشرع يبيح لك الزواج، لا يوجبه عليك، وإنما أنت الذي تقرر إن كانت هذه المرأة تتوفر فيها الشروط وتناسبك للارتباط بها أو لا.
أما كيف تكون العلاقة بينك وبينها إلى أن تتزوجا؟ فهي كالعلاقة بأي امرأة أجنبية، ولا يجوز لك معاشرتها ولا مصافحتها، ولا النظر إلى زينتها؛ لأنها أجنبية عنك، فيبقى بينك وبينها الاتفاق على الزواج، وخلال تلك المدة أنتما أجنبيان عن بعضكما إلى أن يتم عقد النكاح، ولا يصح أن يكون بينك وبينها لقاءات ولا علاقات حتى يتم عقد النكاح، فهي كأي امرأة أجنبية منك، أما قولك: هل يستطيع مذنب مثلي -وقع في تلك الفاحشة مع الفتاة، والتي ستكون زوجة له وأمًا لأولاده- أن يصنع أسرة مسلمة؟
نقول: هذا الأمر يترتب على معرفتك بهذه الفتاة، فإن كنت ترى أنها ستتوب توبة نصوحًا، وأنها مناسبة لك في بقية صفاتها وبقية أحوالها، فإن ذلك ممكن، أما إذا كان يتحرك في خاطرك أدنى ريبة أوشك فإني لا أنصحك بالارتباط بها؛ لأن الحياة لا تؤسس على الشك، وربما ترتبط بإنسان غيرك، وترتبط أنت بفتاة غيرها، وتستقيم أموركما.
أما إذا كان لا يوجد في نفسك أدنى شك فيها، وترى أنها امرأة عفيفة مع غيرك فإن ما فعلتما تغسله التوبة، ويمحوه الإقلاع عن الذنب. أسأل الله لك التوفيق والسداد.