الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل مرتب التقاعد ميراث
؟
هاني بن عبد الله الجبير القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة 28/3/1424
29/05/2003
وردنا سؤال من أحد الإخوة حول منحة التقاعد في الجزائر، وهل تعد ميراثاً أم لا؟ فأجاب فضيلة الشيخ هاني الجبير بأنها لا تعد إرثاً، ثم جاءنا تعقيب حول هذه الفتوى يبين ماهية هذه المنحة وخصائصها، وقد عرضناها على الشيخ المفتي فتكرم بالتوضيح والبيان.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ ـ هاني الجبير ـ حفظه الله جزاكم الله خيرا على إرسالكم لنا الفتوى بخصوص منحة التقاعد التي سألناكم عنها والمتعلقة بتقاعد فرنسي لأخ جزائري كان يعمل هناك، وقد أرسلتم بأن ما يعطى من منحة التقاعد لا يعتبر إرثا. وإني يا فضيلة الشيخ: أريد أن أبين لكم بعض التوضيح في خصوص هذه المسألة واستميحكم مبدئيا، فأقول: إن منحة التقاعد التي تعطى هاهنا في الجزائر أو ما أشبهها من الدول كفرنسا فالأمر يختلف يا شيخ حيث أن هذه المنحة ليست تكريما لهم، وإنما هي حصيلة ما كان يأخذه صندوق الضمان الاجتماعي من العامل حيث يأخذون من مرتبه ما نسبته 9 بالمائة وتخزن له في صندوق خاص ـ وهذه تؤخذ جبرا دون دخل للعامل فيها ـ وقد تختلف النسبة من بلد لبلد، ثم هذه الأموال يكون منها استرجاع قيمة الأدوية وتكون أيضا في حالة وقوع الحوادث، وفي آخر الأمر عند الكبر وبلوغ سن 60 سنة يعطى من ذلك منحة التقاعد وإذا مات فيعطى باسم زوجته، وعلى هذا يا شيخ: هل الفتوى تبقى كما هي مع هذه المعطيات أم تتغير.
نرجو أن ترسلوا لنا الجواب مرة أخرى ومعذرة ثم معذرة على هذا التوضيح ولكن ربما تستدعيه الفتوى والله أعلم وبارك الله فيكم.
البيان:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأشكر الأخ السائل الكريم على تواصله واستفهامه فهذا ما يسعد ويثلج الصدر زاده الله توفيقاً.
وما ذكره من إيضاح للتقاعد كان معلوماً، وهو ما بنيت عليه جوابي السابق، وزيادة في الإيضاح فإني أقول:
أولاً: إن خصم نسبة التقاعد من الراتب هو فيما يظهر خصم صوري لا حقيقي وذلك لأمور منها:
1.
أن الموظف يخصم منه جبراً ولو لم يوافق ولم يرغب.
2.
أن الموظف لا خيار له في زيادة أو نقص مقدار الخصم.
3.
أن الموظف يعرف عند تقدمه للوظيفة راتبه مخصوماً منه تلك النسبة، فهو مدرك أن الراتب هو مقدار ما يستلمه بعد الخصم.
4.
أن الموظف قد يعرف بالتحديد مقدار ما يخصم منه.
ثانياً: إن الموظف قد يتقاعد أو يموت بعد عمله بمدةٍ يسيرة فيستحق هو أو ورثته تقاعداً قد يكون أكثر مما خصم منه، بل هذا في الواقع هو الغالب أن مقدار التقاعد المصروف يفوق نسبة الخصم.
فلذا وحيث إن الخصم صوري في الواقع ولأنه قد يأخذ أكثر مما خصم منه علماً أن التقاعد منحة من الدولة للموظف ولمن لا يستقل بنفسه ممن كان ينفق عليهم في حياته، لكن جاء حسابها باعتبار زيادة تسعة في المائة من الراتب ثم خصمها منه شهرياً ليحسب بعد ذلك مقدار ما يأخذه بعد مقارنته بسنوات الخدمة.
ويتضح ذلك أكثر إذا عرفنا أن منشأ التقاعد إنما كان إعمالاً لمبدأ التأمين فالحكومة تؤمن مصدر دخل لكل من انقطع دخله بتوقفه عن العمل أو موت مورثه الموظف بهذا التقاعد ولذا فإنه متى استطاع الاستقلال بنفسه أو استغنى عنه مُنع استحقاقه وكذلك يقسم بين الورثة حسب قسمة الإرث الشرعيّة.
هذا هو الظاهر لي وعليه فتوى بعض مشايخنا وممن وقفت على رأيه في ذلك فضيلة الشيخ عبد الله بن منيع (مجموع فتاوى وبحوث 4/173) .
وهو على كل حال محض اجتهاد يحتمل الخطأ والصواب والله أعلم. وفي المقابل لو كان الذي تدفعه الدولة هو نفس مقدار الخصم الذي يؤخذ من راتب الموظف تماماً فإن الحال يختلف إذ لا يكون الخصم صورياً بل حقيقياً أجبر الموظف عليه أو أخر تسليمه له.
وفي هذه الحال فإنه يحتم قسمته بين ورثته حسب الإرث الشرعي ويكون جزءاً من حق الموظف لورثته تحصيله بما يستطيعون.
ولعل هذه الفتوى إذا نشرت كان في تواصل الإخوة والمشايخ تعزيزاً أو استدراكاً لها.
اللهم ألهمنا رشدنا وقنا شر أنفسنا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.