الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استدراك وتعقيب على فتوى مشروعية الأذان الأول للجمعة
د. يوسف بن أحمد القاسم 6/3/1427
04/04/2006
نشرت فتوى بعنوان: (مشروعية الأذان الأول يوم الجمعة) ، للشيخ الدكتور/ يوسف بن أحمد القاسم "عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء"، وقد ورد إلى الموقع تعقيب على الفتوى المذكورة من أحد الإخوة الزوار، وبعد عرضه على الشيخ أجاب بما يلي:
التعقيب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ الفاضل: يوسف القاسم.
تعليقاً على فتوى مشروعية الأذان الأول يوم الجمعة فقد ذكرتم عمل المسجد الحرام، والمسجد النبوي بهذه السنة الراشدة، والذي أراه أن في المسجدين الشريفين ليس السنة، إذ ليس بين الأذانين وقت حتى يستعد فيه من لم يستعد للجمعة، فهل هذا يعد من البدعة إذ ليس هو يقيناً من السنة، إذ السنة إما أذان واحد حين يجلس الإمام كما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما أو أذانين بينهما ما يستعد فيه الغافل كما في عهد عثمان رضي الله عنه أما ما يحدث الآن فماذا يسمى؟ ولماذا لم تنته هذه العادة التي لم توافق ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما ولا وافقت ما كان عليه عثمان رضي الله عنهم جميعاً، وأما أثر الزهري عن السائب فقد توفي الزهري سنة (125) ، فبقاء هذا العمل إلى هذه السنة لا يستدل به على العمل في وقتنا هذا، ولم تتوفر الوسائل في عهد الزهري كما توفرت الآن وجزاك الله خيراً.
الرد:
فما ذكره السائل من عدم وجود وقتٍ كافٍ بين الأذان الأول والثاني في الحرمين الشريفين، فلا يتحقق المقصود من مشروعية الأذان الأول، هو كلام صحيح، وقد أشرت إلى ذلك في الجواب على السؤال عن مشروعية الأذان الأول، حيث قلت: (
…
مع قرب الأذان الأول للثاني بما لا يحقق الحاجة المعتبرة) ، والواجب حينئذ أن يتقدم الأذان الأول على الثاني بوقت يحقق المقصود من مشروعية الأذان.
وأما أثر الزهري المشار إليه، فلا يفهم منه كما فهم السائل حيث ذكر أن وفاة الزهري رحمه الله في سنة (125هـ) فيبقى العمل بالأذان الأول إلى تلك السنة (!!) بل يفهم منه إجماع الأمة في ذلك العصر على هذا الأذان إجماعاً سكوتياً، كما صرح بهذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى [ (24/193-194) ]، حيث قال: (
…
ويتوجه أن يقال: هذا الأذان لما سنه عثمان رضي الله عنه واتفق المسلمون عليه، صار أذاناً شرعياً
…
) اهـ. وبهذا الإجماع السكوتي احتجت اللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية، كما في فتاوى اللجنة المنشورة (8/198-199) .
وأيضاً فإن العلة التي لأجلها شرع هذا الأذان هي كثرة الناس، كما أشار إلى هذا السائب بن يزيد حيث قال: (
…
فلما كان في خلافة عثمان رضي الله عنه وكثروا، أمر عثمان
…
) الأثر، وإذا كثر الناس تباعدت المنازل، وكثرت الأشغال الصارفة عن العبادة، فكان من المصلحة تذكير الناس بالجمعة ليستعدوا لها، وهذه العلة متحققة في هذا العصر بشكل أكبر، حيث كثر الناس، وضعف الوازع الديني لدى كثيرين، وأما الوسائل فلا أدري ما يعني بها السائل - تحديداً- وبكل حال فإن الأصل بقاء هذه الشعيرة، لحاجة الناس إلى التذكير بهذه الصلاة للاستعداد لها، ويمكن أن يقال: بأن بعض المراكز الإسلامية الموجودة في بلاد الكفر والتي لا يصرح لها برفع الأذان عبر المكبرات بأنه لا يسن لهم هذا الأذان، لعدم تحقق المصلحة المقصودة من هذا الأذان، ولكنه يبقى مشروعاً في سائر الأمصار، كما قاله الإمام بدر الدين العيني (ت855هـ) تعليقاً على قول السائب (فثبت الأمر على ذلك)، حيث قال: أي ثبت أمر الأذان على أذانين وإقامة، كما أن اليوم العمل عليه في جميع الأمصار اتباعاً للخلف والسلف) اهـ عمدة القاري (6/214) ، ومع هذا فإنه يبقى أن الأمر واسع في هذه المسألة؛ لأنه لم يقل أحد بوجوب هذا الأذان، فهو سنة يثاب على فعلها، ولا يعاقب على تركها، ولذا فإنه لا ينبغي تفرق بعض المسلمين واختلافهم لمجرد الخلاف في بعض المسائل الاجتهادية من حيث تنزيلها على الواقع، كما هو الحال في بعض المراكز الإسلامية في بلاد الكفر. والله تعالى هو الموفق والهادي.