الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الترغيب في العمل الصالح في عشر ذي الحجة وفضله]
1782 -
عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا من أَيَّام الْعَمَل الصَّالح فِيهَا أحب إِلَى الله عز وجل من هَذِه الْأَيَّام يَعْنِي أَيَّام الْعشْر قَالُوا يَا رَسُول الله وَلَا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله قَالَ وَلَا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله إِلَّا رجل خرج بِنَفسِهِ وَمَاله ثمَّ لم يرجع من ذَلِك بِشَيْء رَوَاهُ البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه
(1)
.
وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِإِسْنَاد جيد وَلَفظه قَالَ مَا من أَيَّام أعظم عِنْد الله وَلَا أحب إِلَى الله الْعَمَل فِيهِنَّ من أَيَّام الْعشْر فَأَكْثرُوا فِيهِنَّ من التَّسْبِيح والتحميد والتهليل وَالتَّكْبِير
(2)
.
قوله: عن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم الكلام على مناقبه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام"، يعني أيام العشر، قالوا يا رسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء" الحديث، قال الله تعالى:{وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}
(3)
(1)
البخاري (969)، والترمذي (757)، وأبو داود (2438)، وابن ماجه (1727)، وابن خزيمة (2865)، وابن حبان (324).
(2)
الطبراني في الكبير (11116)، والبيهقي في شعب الإيمان (3751).
(3)
سورة الحج، الآية:28.
وقد اختلف العلماء في الأيام المعلومات سميت بذلك لاستواء علم الناس بها وكذا قال جماعة من المفسرين
(1)
وقال الشافعي وأبو حنيفة والجمهور: الأيام المعلومات أيام العشر قال: وفيها يوم النحر، وروي عن علي وابن عمر أن المعلومات يوم النحر ويوما بعده وبه قال مالك
(2)
، وفي حديث عائشة قال ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صام العشر قط، وفي رواية "لم يصم العشر"
(3)
قال النووي
(4)
: قال العلماء هذا الحديث مما يوهم كراهة صوم العشر وهذا مما يتأول وسيأتي الكلام على هذا الحديث.
اعلم أنه يستحب الإكثار من الأذكار والأوراد والصدقات وفعل الخيرات في هذه العشر زيادة على غيره وفي يوم عرفة من الفضل يتجاوز الله عن الذنوب العظام ما ليس لسائر الأيام على ما ثبت عن سيد الأنام وأن الله تعالى يباهي بمن وقف فيه الملائكة
(5)
ويغفر لمن صامه السنة الماضية والسنة
(1)
مشارق الأنوار (2/ 83)، ومطالع الأنوار (4/ 437 - 438).
(2)
الاستذكار (5/ 244)، والتمهيد (12/ 130). بحر المذهب (4/ 89)، والبيان (4/ 430)، واختلاف الأئمة (1/ 315)، والمجموع (8/ 381)، وفتح الباري (9/ 5 - 6) ولطائف المعارف (ص 269 - 270).
ولأبى حنيفة قولان الأول كقول الشافعى وأحمد في المشهور عنه والجمهور والثانى: المعلومات ثلاثة أيام: يوم عرفة ويوم النحر ويومان بعده ويوم الفطر.
(3)
أخرجه مسلم (9 و 10 - 1176)، وابن ماجه (1729)، وأبو داود (2439)، والترمذي (756).
(4)
شرح النووي على مسلم (8/ 71).
(5)
أخرجه مالك في الموطأ (1269) عن طلحة بن عبيد الله بن كريز، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما رئي الشيطان يوما، هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ، منه في يوم عرفة، وما =
الآتية
(1)
والمراد بالعشر هنا: الأيام التسعة من أول ذي الحجة وليس في صوم هذه التسعة كراهة بل هي مستحبة استحبابا شديدا لا سيما التاسع منها وهو يوم عرفة
(2)
كما سيأتي فضله والكلام عليه فذو الحجة آخر شهور السنة والعمل في الخاتمة أفضل وأكمل فهو إلى الله تعالى أحب وقال سهيل بن
= ذاك إلا لما رأى من تنزل الرحمة، وتجاوز الله عن الذنوب العظام، إلا ما أري يوم بدر، قيل وما رأى يوم بدر يا رسول الله؟ قال: أما إنه قد رأى جبريل يزع الملائكة. ووصله البيهقي في الشعب (5/ 499 رقم 3776). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (739). وأما مباهاة الملائكة فقد صح من حديث عائشة وأبى هريرة وعبد الله بن عمرو: أما حديث عائشة: فأخرجه مسلم (436 - 1348) بلفظ: ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار، من يوم عرفة، وإنه ليدنو، ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟.
وأما حديث أبي هريرة: أخرجه ابن خزيمة (2839) وابن حبان (3852) بلفظ: إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء، فيقول لهم: انظروا إلى عبادي جاءوني شعثا غبرا. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1152).
وأحديث عبد الله بن عمرو: فأخرجه أحمد 2/ 224 (7089) والطبراني في الصغير (1/ 345 رقم 575) والأوسط (8/ 142 رقم 8218) والكبير (13/ 604 - 605 رقم 14522) بلفظ: إن الله عز وجل يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة، فيقول: انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا. وقال الهيثمي في المجمع 3/ 251 - 252: رواه أحمد والطبراني في الصغير والكبير، ورجال أحمد موثقون. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1153).
(1)
أخرجه مسلم (196، 197 - 1162) عن أبي قتادة مرفوعا بلفظ: وسئل عن صوم يوم عرفة؟ فقال: يكفر السنة الماضية والباقية.
(2)
شرح النووي على مسلم (8/ 71).
أبي صالح عن أبيه عن كعب قال: اختار الله تعالى الزمان فأحب الزمان إليه الشهر الحرام وأحب الأشهر الحرم إلى الله تعالى ذو الحجة وأحب ذي الحجة إلى الله تعالى العشر الأول
(1)
وقال مسروق في قوله تعالى: {وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)}
(2)
هي أفضل أيام السنة
(3)
وأيضا فأيام هذا العشر يشتمل على يوم عرفة فروي أنه أفضل أيام الدنيا وفيه يوم النحر وفي حديث عبد الله بن قرط عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر" خرجه الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما
(4)
وهذا كله يدل على أن عشر ذي الحجة
(1)
أخرجه المروزي في تعظيم قدر الصلاة (326)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 15) والبيهقي في الشعب (5/ 302 - 303 رقم 3465) وتمامه:، واختار الله الأيام فأحب الأيام إلى الله يوم الجمعة، واختار الله الليالي فأحب الليالي إلى الله عز وجل ليلة القدر، واختار الله ساعات الليل والنهار فأحب الساعات إلى الله ساعات الصلوات المكتوبات، واختار الله الكلام فأحب الكلام إلى الله تعالى لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، من قال لا إله إلا الله فهي كلمة الإخلاص كتب له بها عشرون حسنة وحط عنه بها عشرون سيئة، ومن قال الله أكبر فذاك جلال الله كتب له بها عشرون حسنة، ومحى عنه بها عشرين سيئة، ومن قال سبحان الله، قال الله عز وجل حين خلق خلقه استوى على العرش سبح له عرشه كتب له بها عشرون حسنة، ومحى عنه بها عشرين سيئة، ومن قال الحمد لله فذاك ثناء الله، كتب الله له بها ثلاثين حسنة، ومحا عنه بها ثلاثين سيئة.
(2)
سورة الفجر، الآية:2.
(3)
أخرجه عبد الرزاق (8120).
(4)
أخرجه أحمد 4/ 350 (19075)، وأبو داود (1765)، وابن خزيمة (2866) و (2917)، والنسائي في الكبرى (4098)، وابن قانع في معجم الصحابة 2/ 103 - 104، وابن حبان (2811)، والحاكم في المستدرك 4/ 221. وصححه الحاكم ووافقه الذهبى. وصححه الألباني في صحيح أبي داود (1549) المشكاة (2643)، الإرواء (2018).
أفضل من غيره من الأيام من غير استثناء هذا في أيامه فأما لياليه فمن المتأخرين من زعم أن ليالي عشر رمضان أفضل من لياليه لاشتمالها على ليلة القدر وهذا بعيد جدا ولو صح حديث أبي هريرة "قيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر"
(1)
لكان صريحا في تفضيل لياليه على ليالي عشر رمضان فإن عشر رمضان فضل بليلة واحدة فيه وهذا جميع لياليه متساوية لها في القيام على هذا الحديث ولكن حديث جابر الذي خرجه أبو موسى
(2)
صريح في تفضيل لياليه كتفضيل أيامه أيضا والأيام إذا أطلقت دخل فيها الليالي تبعا وكذلك الليالي تدخل أيامها تبعا وقد أقسم الله تعالى بلياليه فقال: {وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)}
(3)
وهذا يدل على تفضيل لياليه أيضا لكن لم يثبت أن لياليه ولا شيء منها يعدل ليلة القدر والتحقيق ما قاله بعض أعيان المتأخرين من العلماء أن يقال مجموع هذا العشر أفضل من مجموع عشر رمضان وإن كان في عشر رمضان ليلة لا يفضل عليها غيرها
(4)
والله أعلم.
قوله: في حديث ابن عباس وهو حديث الباب "قالوا: يا رسول الله ولا
الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء" فقوله إلا رجلا ذكره الحافظ الدمياطي بالنصب
(1)
أخرجه ابن ماجه (1728)، والترمذي (758) عن أبي هريرة. وقال الألباني: ضعيف، المشكاة (1471)، والضعيفة (5142).
(2)
لم أقف عليه في مظانه بهذه الزيادة.
(3)
سورة الفجر، الآيتان: 1 - 2.
(4)
لطائف المعارف (ص 267).
وذكره غيره بالرفع
(1)
اهـ. ومعنى: إلا رجلا إلا عمل رجل على حذف المضاف لأنه استثناء من العمل
(2)
اهـ.
قيل يحتمل ألا يرجع بشيء من ماله ويرجع هو ويحتمل أن لا يرجع هو ولا ماله فيرزقه الله الشهادة وقد وعد الله عليها الجنة
(3)
اهـ قاله الحافظ المنذري في حواشي مختصر سنن أبي داود وفي رواية "إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشي" هذا نص صحيح البخاري
(4)
وقد تلقاه الأئمة العدول عن ابن عباس أنه عشر ذى الحجة وكذا قال لهم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي تلقى الوحي من المنزل عليه.
قوله: "يخاطر بنفسه وماله أي يلقيها في الهلكة يعني الجهاد أنفق ماله [وسلاحه ونفسه] وفرسه فلم يرجع بشيء" لأنه أنفق جميع ذلك في سبيل الله ولم يرجع بنفسه أي يقاتل فيقتل فيكون شهيدًا
(5)
والله أعلم.
قد دل هذا الحديث على أن العمل في أيامه أي العشر أحب إلى الله من العمل في أيام الدنيا من غير استثناء شيء منها وإذا كان أحب إلى الله فهو أفضل عنده قد ورد هذا الحديث بلفظ "ما من أيام العمل فيها أفضل من أيام
(1)
المتجر الرابح (ص 416).
(2)
شواهد التوضيح (ص 177) وإرشاد السارى (2/ 217).
(3)
قاله ابن بطال كما في شرح الصحيح (2/ 562).
(4)
صحيح البخاري (969).
(5)
مشارق الأنوار (1/ 234)، ومطالع الأنوار (2/ 431).
العشر"
(1)
وروي بالشك في لفظة "أحب أو أفضل"، وإذا كان العمل في أيام العشر أفضل وأحب إلى الله تعالى من العمل في غيره من أيام السنة كلها صار العمل فيه وإن كان مفضولا أفضل من العمل في غيره وإن كان فاضلا ولهذا قالوا: يا رسول الله "ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله" ثم استثنى جهادا واحدا هو أفضل الجهاد فإنه صلى الله عليه وسلم سئل أي الجهاد أفضل قال "من عقر جواده وأهريق دمه
(2)
وصاحبه أفضل درجة عند الله"، سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو: اللهم أعطني أفضل ما تعطي عبادك الصالحين فقال له: "إذا يعقر جوادك وتستشهد"
(3)
فهذا الجهاد بخصوصه يفضل على العمل في العشر وأما بقية أنواع الجهاد فإن العمل في عشر ذي الحجة أفضل وأحب إلى الله عز وجل منها وكذلك سائر الأعمال وهذا يدل على أن العمل المفضول في الوقت الفاضل يلتحق بالعمل الفاضل في غيره ويزيد عليه
(1)
أخرجه ابن ماجه (1728) الترمذي (768)، والبيهقي في شعب الإيمان (3757)، والبغوي في شرح السنة (1126)، وينظر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (3/ 398).
(2)
أخرجه أبو داود (1449)، والنسائي في المجتبى 4/ 533 (2545) عن عبد الله بن حُبْشي وصححه الألباني في المشكاة (3833)، وصحيح أبي داود (1303).
(3)
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 222)، والبزار (1112 و 1113)، والنسائي في الكبرى (9841) وابن حبان (4640)، والحاكم (1/ 207) و (2/ 74)، عن سعد بن أبي وقاص. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وقال الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 388): هذا حديث حسن. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (855).
بمضاعفة ثوابه وأجره وقد روي في حديث ابن عباس هذا زيادة "والعمل فيهن يضاعف بسبعمائة"
(1)
.
1783 -
وَفِي رِوَايَة للبيهقي قَالَ مَا من عمل أزكى عِنْد الله وَلَا أعظم أجرا من خير يعمله فِي عشر الْأَضْحَى قيل وَلَا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله قَالَ وَلَا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله إِلَّا رجل خرج بِنَفسِهِ وَمَاله فَلم يرجع من ذَلِك بِشَيْء فَقَالَ فَكَانَ سعيد بن جُبَير إِذا دخل أَيَّام الْعشْر اجْتهد اجْتِهَادًا شَدِيدا حَتَّى مَا يكَاد يقدر عَلَيْهِ
(2)
.
وقوله صلى الله عليه وسلم في رواية الطبراني
(3)
: "ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إلى الله العمل فيهن من أيام العشر فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير" أما استحباب الإكثار من الذكر فيها فقد دل عليه قول الله عز وجل {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}
(4)
فإن الأيام المعلومات عند جمهور العلماء هي أيام العشر وأما مشاركة أهل الأمصار للحجاج في الذكر في الأيام المعلومات فإنه يشرع للناس كلهم الإكثار من ذكر الله في ايام العشر
(1)
لطائف المعارف (ص 261). ومضاعفته بسبعمائة: وردت عند البيهقي في الشعب (5/ 311 - 312 رقم 3481) عن ابن عباس بلفظ: وإن صيام يوم منها يعدل بصيام سنة، والعمل فيهن يضاعف سبعمائة ضعف.
(2)
البيهقي في شعب الإيمان (3752)، والدارمي (1815)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2970).
(3)
سبق تخريجه.
(4)
سورة الحج، الآية:28.
خصوصا لهذا الحديث واختلف العلماء هل يشرع إظهار التكبير والجهر به في الأسواق في العشر فأنكرته طائفة واستحسنه الإمام أحمد والشافعي ولكن الشافعي خصه بحال رؤية بهيمة الأنعام والإمام أحمد يستحسنه مطلقا روى المروزي في كتاب الورع بإسناده عن عبد الملك بن عمير عن رجل إما من الصحابة أو من التابعين أن آتيا أتاه في منامه في العشر من ذي الحجة قال ما من مسلم إلا يغفر له في هذه الأيام كل يوم خمس مرات إلا أصحاب الشاة يقولون مات ما موته يعني أصحاب الشطرنج فإذا كان اللاعب بالشطرنج مانع من المغفرة فما الظن بالإصرار على الكبائر المجمع عليها
(1)
.
1784 -
وَعَن عبد الله يَعْنِي ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا من أَيَّام الْعَمَل الصَّالح فِيهَا أفضل من أَيَّام الْعشْر قيل وَلَا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله قَالَ وَلَا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح
(2)
.
قوله: وعن عبد الله يعني ابن مسعود رضي الله عنه وقد تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام العمل الصالح فيها أفضل من أيام العشر قيل ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله" الحديث. فإن قيل: "ما من أيام العمل فيها أحب إلى الله تعالى من هذه الأيام" هل يقتضي تفضيل كل
(1)
لطائف المعارف (ص 272 - 273).
(2)
الطبراني في الكبير (10455)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 259)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 16)، ورجاله رجال الصحيح.
عمل صالح وقع في شيء من أيام العشر على جميع ما يقع في غيرها وإن طالت مدته أم لا؟ قيل: الظاهر والله أعلم أن المراد أن العمل في هذه الأيام العشر أفضل من العمل في أيام عشر غيرها فكل عمل صالح يقع في هذا العشر فهو أفضل من عمل في عشرة أيام سواها من أي شهر كان فيكون تفضيلا للعمل في كل يوم منه على العمل في كل يوم من أيام السنة وغيره، وقد قيل إنما يفضل العمل فيها على الجهاد إذا كان العمل فيها [مستغرقا لأيام العشر فيفضل على جهاد في عدد تلك الأيام من غير العشر وإن كان العمل مستغرقا لبعض أيام العشر فهو أفضل من جهاد في نظير ذلك الزمان من غير العشر واستدل على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل العمل الدائم الذي لا يفتر من صيام وصلاة معادلا للجهاد في أي وقت كان فإذا وقع ذلك العمل الدائم في العشر كان أفضل من الجهاد في مثل أيامه لفضل العشر وشرفه ففي الصحيحين عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: دلني على عمل يعدل الجهاد؟ قال: أجده قال: "لا هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر وتصوم ولا تفطر" قال: ومن يستطيع ذلك ولفظه للبخاري ولمسلم معناه وزاد ثم قال: "مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله الذي لا يفتر من صلاة ولا صيام حتى يرجع المجاهد في سبيل الله"
(1)
وللبخاري: "مثل المجاهد في سبيل الله والله أعلم بمن يجاهد في سبيله كمثل الصائم القائم" وللنسائي: "كمثل الصائم
(1)
أخرجه البخاري (2785)، ومسلم (110 - 1878).
القائم الخاشع الراكع الساجد"
(1)
ويدل على أن المراد تفضيله على جهاد في مثل أيامه خاصة: ما في صحيح ابن حبان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحجة" فقال رجل: يا رسول الله هو أفضل أم عدتهن جهاد في سبيل الله؟ قال: "هو أفضل من عدتهن جهادا في سبيل الله"
(2)
فلم يفضل العمل في العشر إلا على الجهاد في عدة أيام العشر لا مطلقا]
(3)
(4)
.
1785 -
وَعَن جَابر رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ أفضل أَيَّام الدُّنْيَا الْعشْر يَعْنِي عشر ذِي الْحجَّة قيل وَلَا مِثْلهنَّ فِي سَبِيل الله قَالَ وَلَا مِثْلهنَّ فِي سَبِيل الله إِلَّا رجل عفر وَجهه بِالتُّرَابِ الحَدِيث رَوَاهُ الْبَزَّار بِإِسْنَاد حسن. وَأَبُو يعلى بِإِسْنَاد صَحِيح وَلَفظه قَالَ مَا من أَيَّام أفضل عِنْد الله من أَيَّام عشر ذِي الْحجَّة قَالَ فَقَالَ رجل يَا رَسُول الله هن أفضل أم عدتهن جهادا فِي سَبِيل الله قَالَ هن أفضل من عدتهن جهادا فِي سَبِيل الله إِلَّا عفير يعفر وَجهه فِي التُّرَاب الحَدِيث وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَيَأْتِي بِتَمَامِهِ إِن شَاءَ الله
(5)
.
(1)
أخرجه البخاري (2787) والنسائي في المجتبى 5/ 363 (3150).
(2)
أخرجه ابن حبان (3853). وضعفه الألباني في الضعيفة (679).
(3)
لطائف المعارف (ص 264 - 265).
(4)
بياض في أصل المخطوط من 127 أ (من النصف) إلى 128 أ ورقم الحديث: 1827.
(5)
البزار (1128)، وأبو يعلى (2090)، وابن حبان (3853)، وابن خزيمة (2840)، والبيهقي في شعب الإيمان (4068) وصححه الألباني في صحيح الجامع (1133).
1786 -
وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا من أَيَّام أحب إِلَى الله أَن يتعبد لَهُ فِيهَا من عشر ذِي الْحجَّة يعدل صِيَام كل يَوْم مِنْهَا بصيام سنة وَقيام كل لَيْلَة مِنْهَا بِقِيَام لَيْلَة الْقدر رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث مَسْعُود بن وَاصل عَن النهاس بن قهم وَسَأَلت مُحَمَّدًا يَعْنِي البُخَارِيّ عَن هَذَا الحَدِيث فَلم يعرفهُ من غير هَذَا الْوَجْه
(1)
. قَالَ الْحَافِظ: روى الْبَيْهَقِيّ وَغَيره عَن يحيى بن عِيسَى الرَّمْلِيّ حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب البَجلِيّ عَن عدي بن ثَابت وَهَؤُلَاء الثَّلَاثَة ثِقَات مَشْهُورُونَ تكلم فيهم.
1787 -
وَعَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا من أَيَّام أفضل عِنْد الله وَلَا الْعَمَل فِيهِنَّ أحب إِلَى الله عز وجل من هَذِه الْأَيَّام يَعْنِي من الْعشْر فَأَكْثرُوا فِيهِنَّ من التهليل وَالتَّكْبِير وَذكر الله وَإِن صِيَام يَوْم مِنْهَا يعدل بصيام سنة وَالْعَمَل فِيهِنَّ يُضَاعف بسبعمائة ضعف
(2)
.
1788 -
وَعَن أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ كانَ يُقَال فِي أَيَّام الْعشْر بِكُل يَوْم ألف يَوْم وَيَوْم عَرَفَة عشرَة آلَاف يَوْم قَالَ يَعْنِي فِي الْفضل رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ والأصبهاني وَإسْنَاد الْبَيْهَقِيّ لَا بَأْس بِهِ
(3)
.
(1)
الترمذي (758)، وابن ماجه (1728)، والبيهقي في شعب الإيمان (3757)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (5161).
(2)
البيهقي في شعب الإيمان (3758).
(3)
البيهقي في شعب الإيمان (3766)، والأصبهاني في الترغيب (371).
1789 -
وَعَن الْأَوْزَاعِيّ رضي الله عنه قَالَ بَلغنِي أَن الْعَمَل فِي الْيَوْم من أَيَّام الْعشْر كَقدْر غَزْوَة فِي سَبِيل الله يصام نَهَارهَا ويحرس لَيْلهَا إِلَّا أَن يخْتَص امْرُؤ بِشَهَادَة قَالَ الْأَوْزَاعِيّ حَدثنِي بِهَذَا الحَدِيث رجل من بني مَخْزُوم عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ
(1)
.
(1)
البيهقي في شعب الإيمان (3753).