الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترغيب في النفقة في سبيل الله وتجهيز الغزاة وخلفهم ها أهليهم
1931 -
عَن خريم بن فاتك رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أنْفق نَفَقَة فِي سَبِيل الله كتبت بسبعمائة ضعف رَوَاهُ النَّسَائيِّ وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الإِسْنَاد
(1)
.
1932 -
وروى الْبَزَّار حَدِيث الإِسْرَاء من طَرِيق الرّبيع بن أنس عَن أبي الْعَالِيَة أَو غَيره عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أُتِي بفرس يَجْعَل كل خطو مِنْهُ أقْصَى بَصَره فَسَار وَسَار مَعَه جِبْرَائِيل عليه السلام فَأتى على قوم يزرعون فِي يَوْم ويحصدون فِي يَوْم كلما حصدوا عَاد كمَا كانَ فَقَالَ يَا جِبْرَائِيل من هَؤُلاءِ قَالَ هَؤُلاءِ المجاهدون فِي سَبِيل الله تضَاعف لَهُم الْحَسَنَة بسبعمائة ضعف وَمَا أَنْفقُوا من شَيْء فَهُوَ يخلفه فَذكر الحَدِيث بِطُولهِ
(2)
.
قوله: عن خريم بن فاتك [هو أبو يحيى، وقيل: أبو أيمن خريم، بضم الخاء وفتح الراء، ابن فاتك بن الأخرم بن شداد بن عمرو بن فاتك بن
(1)
النسائي في الكبرى (4395)، والترمذي (1625)، وابن حبان (4647)، والحاكم (2/ 87)، وأحمد (19036)، وابن أبي عاصم في الجهاد (71)، وفي الآحاد والمثاني (1047)، والطبراني في الكبير (4155)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (6110).
(2)
البزار (55)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 67)، ورجاله موثقون، إلا أن الربيع بن أنس قال: عن أبي العالية أو غيره فتابعيه مجهول.
القليب، بضم القاف، ابن عمرو بن أسد بن خزيمة الأسدى. شهد هو وأخوه سبرة بدرا، وقيل: لم يشهدها، والصحيح الأول، وبه قال البخاري والأكثرون، وهو معدود في الشاميين، وقيل: في الكوفيين، نزل الرقة. روى عنه ابنه أيمن، والمعرور بن سويد، والربيع بن عميلة، بضم العين، وآخرون].
قوله صلى الله عليه وسلم: "من أنفق نفقة في سبيل الله كتبت له بسبعمائة ضعف" الحديث، وروى البزار حديث الإسراء، وفي آخره فقال: يا جبريل: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء المجاهدون في سبيل الله تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه.
قوله: في حديث الإسراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بفرس يجعل كل خطو منه أقصى بصره، الحديث، هذا الفرس هو البراق مركب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام موصوف في الحديث يحتمل أن يسمى براقا من البرق لسرعة سيره وأنه يضع حافره حيث يجعل طرفه أو لكونه أبرق وهو الأبيض كما قال في الحديث، أ. هـ قاله عياض
(1)
.
فائدة: في الصلاة قال الحربي ويحيى بن سلام والسهيلي أن الصلاة قبل [الإسراء] كانت صلاتين قبل الغروب وقبل الطلوع ركعتين ركعتين ويشهد له قوله تعالى في سورة غافر وهي مكية {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ}
(2)
(1)
إكمال المعلم بفوائد مسلم (6/ 293).
(2)
سورة غافر، الآية:55.
ثم صارت الصلوات خمسا، وزيدت في العدد أيضا فمعنى قول عائشة: فرضت الصلاة أي قبل الإسراء ركعتين وبهذا قال طائفة من السلف منهم ابن عباس وأنكر أبو عمر هذا وقال: ليس فيه أثر صحيح ورجح أن الخمس فرضت ركعتين ركعتين لأن [الإشارة بالألف واللام إلى الصلاة] معناه [إشارة إلى الصلاة المعهودة وهذا هو الظاهر المعروف في الكلام وقد أجمع العلماء أن الصلوات الخمس إنما فرضت في الإسراء والظاهر من حديث عائشة أنها أرادت تلك الصلاة وقولها] زيد في الحضر في [المدينة]، وقال الحسن ونافع بن جبير: أول ما فرضت أربعًا، وفي البيهقي
(1)
أن جبريل عليه السلام صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم أربعًا أربعًا وكل هذا ضعيف يرده قوله في الصحيح ثم هاجر ففرضت أربعا بل قال الحسن والشعبي إن الزيادة كانت بعد الهجرة بعام أو نحوه ذكره أبو عمر وغيره وجزم به السهيلي، وقال بعضهم: بعد شهر من مقدمه المدينة لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول قال الدولابي: يوم الثلاثاء
(2)
، قال أبو عمر: وأجمعوا على عدم قصرهما الآن ولا يضر الاختلاف في الأصل
(3)
والله أعلم، قاله في شرح الإلمام.
1933 -
وَعَن ابْن عمر رضي الله عنه قَالَ لما نزلت: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ
(1)
أخرجه البيهقي في الكبرى (1/ 532 رقم 1694) عن أبي مسعود. قال البيهقي: أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم لم يسمع من أبي مسعود الأنصاري، إنما هو بلاغ بلغه.
(2)
انظر: التمهيد (8/ 33 - 35) و (8/ 48)، والروض 3/ 12، وعيون الأثر (1/ 173 - 177)، والإشارة (1/ 182).
(3)
عيون الأثر (1/ 176).
يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)}
(1)
. قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رب زد أمتِي فَنزلت: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}
(2)
. رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صحِيحه وَالْبَيْهَقِيّ
(3)
.
1934 -
وَعَن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب وَأبي الدَّرْدَاء وَأبي هُرَيْرَة وَأبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ وَعبد الله بن عمر وَجَابِر بن عبد الله وَعمْرَان بن حُصَيْن رضي الله عنه كلهم يحدث عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ من أرسل نَفَقَة فِي سَبِيل الله وَأقَام فِي بَيته فَلهُ بِكُل دِرْهَم سَبْعمِائة دِرْهَم وَمن غزا بِنَفسِهِ فِي سَبِيل الله وَأنْفق فِي وَجهه ذَلِك فَلهُ بِكُل دِرْهَم سَبْعمِائة ألف دِرْهَم ثمَّ تَلا هَذِه الآيَة: {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ}
(4)
. رَوَاهُ ابْن مَاجَه عَن الْخَلِيل بن عبد الله وَلا يحضرني فِيهِ جرح وَلا عَدَالَة عَن الْحسن عَنْهُم وَرَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن عَن عمرَان فَقَط
(5)
.
قَالَ الْحَافِظ وَالْحسن لم يسمع من عمرَان وَلَا من ابْن عمر وَقَالَ الْحَاكِم أَكثر مَشَايِخنَا على أَن الْحسن سمع من عمرَان انْتهى وَالْجُمْهُور على أَنه لم
(1)
سورة البقرة، الآية:261.
(2)
سورة الزمر، الآية:10.
(3)
ابن حبان (4648)، والبيهقي في شعب الإيمان (4280).
(4)
سورة البقرة، الآية:261.
(5)
ابن ماجه (2761)، وقال البوصيري في الزوائد (2/ 388) هذا إسناد ضعيف، الخليل بن عبد الله، لا يعرف؛ قاله الذهبي وابن عبد الهادي، وقال الحافظ في التقريب: مجهول. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (5390).
يسمع من أبي هُرَيْرَة أَيْضا وَقد سمع من غَيرهم وَالله أعلم
قوله: وعن ابن عمر تقدم الكلام على ابن عمر وعلى الحديث.
1935 -
وَعَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ طُوبَى لمن أَكثر فِي الْجِهَاد فِي سَبِيل الله من ذكر الله فَإِن لَهُ بِكُل كلمة سبعين ألف حَسَنَة كل حَسَنة مِنْهَا عشرَة أَضْعَاف مَعَ الَّذِي لَهُ عِنْد الله من الْمَزِيد قيل يَا رَسُول الله النَّفَقَة قَالَ النّفقَة على قدر ذَلِك قَالَ عبد الرَّحْمَن فَقلت لِمعَاذ إِنَّمَا النَّفَقَة بسبعمائة ضعف فَقَالَ معَاذ قل فهمك إِنَّمَا ذَاك إِذا أنفقوها وهم مقيمون فِي أَهْليهمْ غير غزَاة فَإِذا غزوا وأنفقوا خبأ الله لَهُم من خَزَائِن رَحمته مَا يَنْقَطِع عَنا علم الْعباد وصفتهم فَأُولَئِك حزب الله وحزب الله هم الغالبون رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ فِي الْكَبِير وَفِي إِسْنَاده راو لم يسم
(1)
.
قوله: وعن معاذ بن جبل، معاذ بالذال المعجمة وهو: أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل بن عمرو بن [أوس] بن عائذ الأنصاري الخزرجي الجشمي المدني الفقيه الفاضل الصالح يشهد العقبة الثانية مع السبعين من الأنصار ثم شهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وآخي رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عبد الله بن مسعود، روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة حديث وسبعة وخمسون حديثا، اتفقا على حديثين وانفرد البخاري بثلاثة ومسلم بحديث، توفي رضي الله عنه في طاعون عمواس وهذا الطاعون منسوب إلى بلدة يقال
(1)
الطبراني في المعجم الكبير (20/ رقم 143)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 282)، وفيه رجل لم يسم. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3639).
لها عمواس وهي بين المقدس والرملة من أرض الشام سنة ثمانية عشرة، وقيل: سنة سبع عشرة، والصحيح الأول، وقبره في مشاريق غوربيسان وتوفي شهيدًا في الطاعون وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، وقيل: أربع وثلاثين سنة، وقيل: غير ذلك، ولما وقع الطاعون بالشام قال معاذ: اللهم أدخل على آل معاذ نصيبهم من هذا فطعنت له امرأتان فماتتا ثم طعن ابنه عبد الرحمن فمات ثم طعن معاذ فجعل يغشى عليه فإذا أفاق قال: رب غمني غمك وعزتك لإنك تعلم أني لأحبك ثم يغشى عليه فإذا أفاق قال مثل ذلك فلما حضرته الوفاة قال: مرحبا بالموت مرحبا بزار حبيب جاء على فاقة اللهم إنك تعلم أني كنت أخافك وأنا اليوم أرجوك إني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لجري الأنهار ولا لغرس الأشجار ولكن لظمأ الهواجر ومكابدة الساعات ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر، ومناقبه كثيرة مشهورة.
قوله صلى الله عليه وسلم: "طوبي لمن أكثر في الجهاد في سبيل الله من ذكر الله فإن له بكل كلمة سبعين ألف حسنة" الحديث، تقدم الكلام على طوبى في الباب قبله.
1936 -
وَعَن زيد بن خَالِد الْجُهنِيّ رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من جهز غازيا فِي سَبِيل الله فقد غزا وَمن خلف غازيا فِي أَهله بخَير فقد غزا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائيّ
(1)
.
(1)
البخاري (2843)، ومسلم (1895)، وأبو داود (2509)، والترمذي (1628)، والنسائي في الكبرى (4389)، وأحمد (17039).
1937 -
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَلَفظه من جهز غازيا فِي سَبِيل الله أَو خَلفه فِي أَهله كتب الله لَهُ مثل أجره حَتَّى إِنَّه لا ينقص من أجر الْغَازِي شَيء وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه بِنَحْوِ ابْن حبَان لم يذكر خَلفه فِي أَهله
(1)
.
1938 -
وروى ابْن مَاجَه أَيْضا عَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه قَالَ سَمِعت
رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من جهز غازيا حَتَّى يسْتَقلّ كَانَ لَهُ مثل أجره حَتَّى يَمُوت
أَو يرجع
(2)
.
قوله: وعن زيد بن خالد الجهني
(3)
، كنيته أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو طلحة، وقيل: أبو زرعة سكن المدينة وشهد الحديبية روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد وثمانون حديثا، اتفق البخاري ومسلم على خمسة وانفرد مسلم بثلاثة، توفي بالمدينة، وقيل: بالكوفة وقيل: بمصر سنة ثمان وستين وهو ابن خمس وثمانين سنة، وقيل: توفي سنة خمسين وقيل سنة ثنتين وسبعين، وقيل: ثمان وسبعين والله أعلم.
(1)
ابن حبان (4630)، وابن ماجه (2759)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (6194).
(2)
ابن ماجه (2758)، وابن أبي عاصم في الجهاد (92)، قال البوصيري في الزوائد (2/ 386)، هذا إسناد صحيح إن كان عثمان بن عبد الله سمع من عمر بن الخطاب، فقد قال في التهذيب: إن روايته عنه مرسلة. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (5547).
(3)
طبقات ابن سعد: 4/ 344، والجرح والتعديل: 2540، وثقات ابن حبان: 1/ 145، ورجال صحيح مسلم لابن منجوبه، 50، ورجال البخاري للباجي، 58، والاستيعاب: 2/ 549، وأسد الغابة: 2/ 228، وتهذيب الأَسماء واللغات: 1/ 253، وتهذيب التهذيب: 3/ 410، والإصابة: 1/ 565.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزى، ومن خلف غازيا في أهله بخير فقد غزى" وفي رواية ابن حبان: "من جهز غازيا في سبيل الله أو خلفه في أهله كتب الله له مثل أجره حتى إنه لا ينقص من أجر الغازي شيء"، وفي رواية ابن ماجه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من جهز غازيا في سبيل الله حتى يستقل كان له مثل أجره حتى يموت أو يرجع" الحديث، أي: حصل له أجر سبب الغزو وهذا الأجر يحصل بكل جهاز سواء قليله وكثيره ولكل خالف له في أهله بخير من قضاء حاجة لهم أو إنفاق عليهم أو ذب عنهم أو مساعدتهم في أمر لهم ويختلف قدر الثواب بقلة ذلك وكثرته، كل من أعان مؤمنا على عمل بر فللمعين عليه مثل أجر العامل به وإذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من جهز غازيا فقد غزى وكذلك من فطَّر صائما أو قواه على صومه وكذلك من أعان حاجا أو معتمرا بما يتقوى به [على حجه أو عمرته حتى يأتى ذلك] على تمامه فله مثل أجره ومن أعان [فإنما يجيء] بحق من حقوق الله بنفسه أو بماله فله مثل أجر القائم ومثله المعونة على معاصي الله للمعين عليها من الوزر والإثم مثل ما لعاملها
(1)
فينبغي لمن تجهز للغزو وعاقه عنه مرض أو غيره أن يدفع ما تجهز به إلى غيره ليغزو لقوله صلى الله عليه وسلم: "من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزى"
(2)
أ. هـ.
(1)
شرح الصحيح (5/ 51 - 52) لابن بطال.
(2)
مشارع الأشواق (ص 307).
وفي هذا الحديث الحث على الإحسان إلى من فعل مصلحة المسلمين أو قام بأمر من مهماتهم
(1)
والله أعلم.
1939 -
وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بعث إِلَى بني لحيان ليخرج من كل رجلَيْنِ رجل ثمَّ قَالَ للقاعد أَيّكُم خلف الْخَارِج فِي أَهله فَلهُ مثل أجره رَوَاه مسلم وَأَبُو دَاوُد وَغَيرهمَا
(2)
.
قوله: وعن أبي سعيد تقدم الكلام عليه.
قوله: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى بني لحيان ليخرج من كل رجلين رجل ثم قال: للقاعد أيكم خلف الخارج في أهله فله مثل أجره" الحديث، وقد اتفق العلماء على أن بني لحيان كانوا في ذلك الوقت كفارا فبعث إليهم بعثا يغزوهم وقال: لذلك البعث ليخرج من كل قبيلة نصف عددها، وهو المرإد بقوله صلى الله عليه وسلم من كل رجلين رجل، أما اللحيان بكسر اللام وفتحها والكسر أشهر اسم قبيلة وهو لحيان بن هذيل [بن مدركة بن إلياس بن مضر]
(3)
والبعث جماعة يرسلهم الإمام إلى ناحية للغزو، وأما كون الأجر بينهما فهو بقوله على ما إذا أخلف المقيم الغازي في أهله بخير كما صرح به في باقي الأحاديث، قال الإمام أبو بكر بن المنذر
(4)
: وفي هذا الحديث دليل على أن
(1)
شرح النووي على مسلم (13/ 40).
(2)
مسلم (1896)، وأبي داود (2510)، وابن حبان (4629)، وأحمد (11110).
(3)
اللباب (3/ 129).
(4)
الإشراف (4/ 12).
فرض الجهاد ساقط عن الناس إذا قام به منهم من فيه الكفاية وكان منهم من إذا تخلف عن الغزو اجتهد في مشاركة الغزاة في أجورهم، فإما أن يخرج مكانه رجلا بماله، وأما أن يعين غازيا وأما أن يخلفه في أهله بخير، فإن من فعل هذا كله فقد غزى.
1940 -
وَعَن زيد بن ثَابت رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من جهز غازيا فِي سَبِيل الله فَلهُ مثل أجره وَمن خلف غازيا فِي أَهله بِخَير أَو أنْفق على أَهله فَلهُ مثل أجره رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ فِي الأوْسَط وَرِجَاله رجال الصَّحِيح
(1)
.
قوله: وعن زيد بن ثابت
(2)
الصحابي، هو: أبو سعيد وقيل أبو عبد الرحمن وقيل أبو خارجة زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان بفتح اللام وإسكان الواو وهو بذال معجمة بن عمرو بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري النجاري المدني الفرضي الكاتب كاتب الوحي والمصحف، وكان عمره حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة إحدى عشرة سنة، وحفظ قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجرًا ست عشرة سورة، وقتل أبوه ولزيد بن ثابت ست سنين واستصغره النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر فرده وشهد أحدًا،
(1)
الطبراني في الأوسط (7883)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 283)، رواه الطبراني
في الأوسط ورجاله رجال الصحيح.
(2)
طبقات ابن سعد: 2/ 358، طبقات خليفة: 89، التاريخ الكبير: 3/ 380 - 381، الجرح والتعديل: 3/ 558، الاستيعاب: 2/ 537، أسد الغابة: 2/ 278، تهذيب التهذيب 3/ 399 الإصابة: 4/ 41.
وقيل: لم يشهدها وشهد الخندق وما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم يوم تبوك راية بني النجار، وقال القرآن مقدم وزيد أكثر أخذًا للقرآن وكان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكتب له أيضًا المراسلات إلى الناس وكان يكتب لأبي بكر وعمر بن الخطاب في خلافتهما وكان أحد الثلاثة الذين جمعوا المصحف، أمره بذلك أبو بكر وعمر وكان عمر يستخلفه إذا حج وكان معه حين قدم الشام، قال ابن أبي داود وآخرون: كان زيد أعلم الصحابة بالفرائض للحديث: "أفرضكم زيد"روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنان وتسعون حديثا اتفقا منها على خمسة، وانفرد البخاري بأربعة ومسلم بحديث، روى عنه جماعات من الصحابة، توفي بالمدينة سنة أربع وخمسين، وقيل سنة ست وخمسين، وقيل: سنة أربعين، وقيل: خمس وأربعين، وقيل: سنة إحدى وأربعين، وقيل: غير ذلك.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ومن خلف غازيا في أهله بخير" الحديث، ومعنى خلف غازيا قام بعده بما كان يفعله وذلك بأن يتولى مصالح الغازي في أهله وماله وينوب منابه فيما يهتم به في غيبته، أ. هـ.
1941 -
وَعَن عبد الله بن سهل بن حنيف رضي الله عنه أَن سهلا رضي الله عنه حَدثهُ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من أعَان مُجَاهدًا فِي سَبيل الله أَو غارما فِي عسرته أَو مكَاتبا فِي رقبته أظلهُ الله فِي ظله يَوْم لا ظلَّ إِلَّا ظله رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل عَنهُ
(1)
.
(1)
أحمد (15987)، والبيهقي في شعب الإيمان (4277)، وابن أبي عاصم في الجهاد =
1942 -
وَعَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه: قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أظل رَأس غاز أظلهُ الله يَوْم الْقِيَامَة وَمن جهز غازيا فِي سَبِيل الله فَلهُ مثل أجره وَمن بنى لله مَسْجِدا يذكر فِيهِ اسْم الله بنى الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْبَيْهَقِيّ
(1)
.
قوله: وعن عبد الله بن سهل بن حنيف [عبد الله بن سهل بن حنيف الأنصاري ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تقدم نسبه عند ذكر أبيه، وأمه أميمة التي كانت امرأة حسان بن الدحداح، وفيها نزلت:{إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ}
(2)
، رواه ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، أنه بلغه ذلك والصحيح أن عبد الله يروي عن أبيه سهل بن حنيف].
قوله صلى الله عليه وسلم: "من أعان مجاهدًا في سبيل الله أو غازيا في عسرته أو مكاتبا في رقبته" الحديث، المكاتب هو العبد الذي يبتاع نفسه من سيده على نجوم معلومة فإذا أداها إليه وحط عنه السيد بعض النجوم صار حرًا وتقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله" المراد بالظل هنا ظل العرش يوم القيامة وتقدم معنى الظل في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، تقدم الكلام على الظل وعلى باقي الحديث.
= (94)، والحاكم (2/ 89)، والطبراني في الكبير (5590)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 283)، وفيه عبد الله بن سهل بن حنيف، ولم أعرفه. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (5447).
(1)
ابن حبان (4628)، والبيهقي في شعب الإيمان (4276).
(2)
سورة الممتحنة، الآية:12.
1943 -
وَعَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الصَّدقَات ظلّ فسطاط فِي سَبِيل الله ومنحة خَادِم فِي سَبِيل الله أَو طروقة فَحل فِي سَبِيل الله رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح غريب
(1)
.
طروقة الْفَحْل بِفَتْح الطَّاء وبالإضافة هِيَ النَّاقة الَّتِي صلحت لطرق الْفَحْل وَأَقل سنّهَا ثَلَاث سِنِين وَبَعض الرَّابِعَة وَهَذِه هِيَ الحقة وَمَعْنَاهُ أَن يعْطى الْغَازِي خَادِمًا أَو نَاقَة هَذِه صفتهَا فَإِن ذَلِك أفضل الصَّدقَات.
قوله: وعن أبي أمامة، تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصدقات ظل فسطاط في سبيل الله" الفسطاط: خيمة كبيرة من شعرة، قيل: الفسطاط ضرب من الأبنية في السفر دون السرادق، وقيل: الفسطاط البيت من الشعر يعني: أعطاه خيمة يستريح بظلها المجاهدون.
قوله: "ومنحة خادم في سبيل الله أو طروقة فحل" قال الحافظ
(2)
: طروقة الفحل هي الناقة التي صلحت لطرق الفحل أي استحقت أن يطرقها [الذكر] ليضربها، وأقل سنها ثلاث سنين وبعض الرابعة وهذه هي الحقة، والطروقة: بفتح الطاء وطروقة هي فعولة بمعنى مفعولة أي مركوبة للفحل والطرق في الأصل ماء الفحل وقيل: هو الضراب ثم سمي به الماء ومنه الحديث: "كان
(1)
الترمذي (1627)، وعبد الله بن أحمد في زيادات المسند (22321)، والطبراني في الكبير (7916)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1109).
(2)
فتح الباري لابن حجر (6/ 3).
يصبح جنبا من غير [طروقة]". أي زوجها: وكل امرأة طروقة زوجها وكل ناقة طروقة فحل ومنه الحديث: "ومن حقها إطراق فحلها" أي: إعارته للضراب، فاستطراق الفحل إعارته لذلك، ومنه حديث عمر: "والبيضة منسوبة إلى طرقها" أي [إلى فحلها] والله أعلم، قاله في النهاية
(1)
، ومعناه: أن يعطي الغازي خادما أو ناقة هذه صفتها فإن ذلك أفضل الصدقة، أ. هـ، وقال غيره: معنى الحديث إن من أظل الغازي بفسطاط وهو الخيمة أو منحة خادمًا يعني أعطاه إياه بغير عوض أو أعطاه ناقة هذه صفتها كان ذلك أفضل الصدقات قاله ابن النحاس
(2)
.
خاتمة: عن أبي مسعود الأنصاري قال: جاء رجل بناقة مخطومة فقال: هذه في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومه"
(3)
أي: الزمام في أنفها.
(1)
النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 122) ونصه: وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ "والبَيْضَةُ منسُوبَة إِلَى طَرْقِها" أَيْ إِلَى فَحْلِهَا ..
(2)
مشارع الأشواق (ص 312).
(3)
أخرجه مسلم (132 - 1892).