الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترغيب في الغدوة في سبيل الله والروحة وما جاء في فضل المشي والغبار في سبيل الله والخوف فيه
1983 -
عَن أنس بن مَالك رضي الله عنه: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لغدوة فِي سَبِيل الله أَو رَوْحَة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَقَاب قَوس أحدكم من الْجنَّة أَو مَوضِع قيد يَعْني سَوْطه خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَو أَن امْرَأَة من أهل الْجنَّة اطَّلَعت إِلَى أهل الأرْض لأضَاءَتْ مَا بَينهمَا وَلَمَلأتهُ ريحًا وَلنَصِيفهَا على رَأسهَا خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا
(1)
.
الغدوة بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة هِيَ الْمرة الْوَاحِدَة من الذّهاب. والروحة بِفَتْح الرَّاء هِيَ الْمرة الْوَاحِدَة من الْمَجِيء.
قوله: عن أنس بن مالك تقدم الكلام عليه.
قوله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لغدوة في سبيل الله أو روحة" الغدوة هي المرة الواحدة الذهاب والروحة هي المرة الواحدة من المجيء، قاله الحافظ المنذري: وتقدم الكلام على الغدوة والروحة هي المرة مبسوطا في أول الرباط.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ولقاب قوس أحدكم من الجنة أو موضع قيد يعني سوطه خير من الدنيا وما فيها" القاب والقيد هنا قيل هو القدر يقال بيني وبينه قاب رمح
(1)
البخاري (2796)، ومسلم (1880)، والترمذي (1651)، وابن ماجه (2757)، وابن حبان (7398)، وأحمد (13780).
وقاب قوس أي مقدارهما.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ولو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحا""ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها" النصيف الخمار والخمار ما يغطى به الرأس ويقال أيضا للعمامة وكل ما غطى الرأس نصيف وقد رواه البزار مختصرا بإسناد حسن، قال: موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها، ومعنى الحديث: ولقدر قوس أحدكم أو قدر الموضع الذي يوضع فيه سوطه خير من الدنيا وما فيها.
1984 -
وَعَن أبي أَيُّوب رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم غدْوَة فِي سَبيل الله أَو رَوْحَة خير مِمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس أَو غربت رَوَاه مسلم وَالنَّسَائيُّ
(1)
.
قوله: وعن أبي أيوب تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "غدوة في سبيل الله أو روحة خير مما طلعت عليه الشمس وغربت" وتقدم الكلام على ذلك في الحديث قبله.
1985 -
وَعَن سهل بن سعد رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ رِبَاط يَوْم فِي سَبِيل الله خير من الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا وَمَوْضِع سَوط أحدكُم من الْجنَّة خير من الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا والروحة يروحها العَبْد فِي سَبِيل الله أَو الغدوة خير من الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَتقدم
(2)
.
(1)
مسلم (1883).
(2)
البخاري (2892)، ومسلم (1881)، والترمذي (1648، 1664)، وأحمد (15560)، وابن ماجه (2756).
قوله: وعن سهل بن سعد [هو أبو العباس، وقيل: أبو يحيى سهل بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأنصارى الساعدى المدنى، كان اسمه حزنا، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم سهلا. شهد سهل قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في المتلاعنين. قال الزهرى: سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وكان له يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم خمس عشرة سنة. وتوفى بالمدينة سنة ثمان وثماثين، وقيل: سنة إحدى وتسعين. قال ابن سعد: هو آخر من مات من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ليس فيه خلاف. وقال غيره: بل فيه خلاف. روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة حديث وثمانية وثمانون حديثا، اتفقا على ثمانية وعشرين، وانفرد البخاري بأحد عشر. روى عنه الزهرى، وأبو حاتم، وغيرهما
(1)
].
قوله صلى الله عليه وسلم: "رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها وموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما عليها" والروحة يروحها العبد في سبيل الله، والغدوة خير من الدنيا وما عليها، تقدم تفسير ذلك.
1986 -
وَرُوِيَ عَنهُ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا رَاح مُسلم فِي سَبِيل الله مُجَاهدًا أَو حَاجا مهلا أَو ملبيا إِلَّا غربت الشَّمْس بذنوبه رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ فِي الأوْسَط
(2)
.
(1)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 238 ترجمة 237).
(2)
الطبراني في الأوسط (6165)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 209)، وفيه من لم أعرفه.
قوله: وروى عنه، تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ما راح مسلم في سبيل الله مجاهدا أو حاجا مهلا أو ملبيا إلا غربت الشمس بذنوبه" تقدم الكلام عليه في الحج، والإهلال: رفع الصوت بالتلبية.
1987 -
وَعَن ابْن عمر رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الْغَازِي فِي سَبِيل الله والحاج إِلَى بَيت الله والمعتمر وَفد الله دعاهم فَأَجَابُوهُ رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَاللَّفْظ لَهُ كلَاهُمَا عَن عمرَان بن عُيَيْنَة عَن عَطاء بن السَّائِب عَن مُجَاهِد عَنهُ وَالْبَيْهَقِيّ من هَذِه الطَّرِيق فَوَقفهُ وَلم يرفعهُ
(1)
.
وَرَوَاهُ بِنَحْوِهِ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة النَّسَائيُّ وَابْن مَاجَه وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَقَالَ ابْن مَاجَه فِي آخِره إِن دَعوه أجابهم وَإِن استغفروه غفر لَهُم
(2)
.
قوله: وعن ابن عمر، تقدم الكلام على ابن عمر.
قوله صلى الله عليه وسلم: "الغازي في سبيل الله والحاج إلى بيت الله والمعتمر وفد الله دعاهم فأجابوا" الوفد الجماعة، واحدهم وافد وتقدم الكلام على الوفد.
1988 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تضمن الله لمن خرج فِي سَبيله لا يُخرجهُ إِلَّا جِهَاد فِي سبيلي وإيمان بِي وتصديق برسلي فَهُوَ ضَامِن أَن أدخلهُ الْجنَّة أَو أرجعه إِلَى منزله الَّذِي خرج مِنْهُ نائلا مَا نَالَ من أجر
(1)
ابن ماجه (2893)، وابن حبان (4613)، والطبراني في الكبير (13556)، والبيهقي (5/ 262). وصححه الألباني في صحيح الجامع (4171).
(2)
النسائي في الكبرى (3604)، وابن ماجه (2892)، وابن خزيمة (2511).
أَو غنيمَة وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ مَا كلم يكلم فِي سَبِيل الله إِلَّا جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة كَهَيْئَته يَوْم كلم لَونه لون دم وريحه ريح مسك وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَوْلا أَن أشق على الْمُسلمين مَا قعدت خلاف سَرِيَّة تغزو فِي سَبِيل الله أبدا وَلَكِن لا أجد سَعَة فأحملهم وَلا يَجدونَ سَعَة ويشق عَلَيْهِم أَن يتخلفوا عني وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَوَدِدْت أَن أغزو فِي سَبِيل الله فأقتل ثمَّ أغزو فأقتل ثمَّ أغزو فأقتل رَوَاه مسلم وَاللَّفْظ لَهُ
(1)
.
وَرَوَاهُ مَالك وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائيُّ وَلَفْظهمْ تكفل الله لمن جَاهد فِي سَبيله لا يُخرجهُ من بَيته إِلَّا الْجِهَاد فِي سَبيله وتصديق بكلماته أَن يدْخلهُ الْجنَّة أَو يردهُ إِلَى مَسْكَنه بِمَا نَالَ من أجر أَو غنيمَة الحَدِيث
(2)
.
الْكَلم بِفَتْح الْكَاف وَسُكُون اللَّام هُوَ الْجرْح.
قوله: عن أبي هريرة، تقدم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "تضمن الله عز وجل لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمان وتصديق برسلي" الحديث، معنى تضمن: أي تكفل الله لمن خرج في سبيلة مجاهدا، وفي الرواية الأخرى:"تكفل الله" والتكفل من الكفالة وهي الضمان، قال النووي
(3)
: ومعناهما أوجب الله له الجنة بفضله
(1)
مسلم (1876)، وأحمد (7157).
(2)
البخاري (3123)، ومسلم (1876)، ومالك في الموطأ (1284)، وابن حبان (4610)، وأحمد (9174).
(3)
شرح النووي على مسلم (13/ 35).
وكرمه سبحانه وتعالى، قال الشيخ تقي الدين: والضمان والكفالة هنا عبارة عن تحقيق هذا الموعود من الله سبحانه وتعالى، فإن الضمان والكفالة مذكوران لما تضمن وتكفل به، وتحقيق ذلك من لوازمه، وفي رواية:"انتدب الله لمن خرج في سبيله" المعنى والله أعلم: التزم الله أي أجابه إلى غفرانه يقال وندبته فانتدب أي بعثه ودعوته فأجاب، قيل: معناه سارع في الثواب وحسن الجزاء، وقيل: أجاب وقيل: تكفل والندب الحث على الشيء والرغبة فيه وهذا الضمان والكفالة والانتداب موافق لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}
(1)
الآية، فقوله:"لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمان بي" معناه: لا يخرجه إلا محض الإيمان والإخلاص لله تعالى.
تنبيه: في قوله "لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمان بي" الحديث وقع في الصحيحين: "إلا جهادًا" وكذا "إيمانًا" و"تصديقًا" في جميع النسخ بالنصب وهو مفعول على أنه مفعول له، وتقديره: ولا يخرجه المخرج ويحركه المحرك إلا الجهاد والإيمان والتصديق.
وقوله: "أو تصديق" وفي بعض النسخ "وتصديق" بالواو الواصلة وهو ظاهر.
فإن قلت: إذا كان بأو الفاصلة فمعناه إذ لابد من الأمرين الإيمان بالله والتصديق برسل الله لأن الإيمان بالله مستلزم لتصديق رسله إذ من جملة
(1)
سورة التوبة، الآية:111.
الإيمان بالله الإيمان بأحكامه وأفعاله وكذا التصديق بالرسل، يستلزم الإيمان بالله وهو ظاهر، وتقديره: لا يخرج المخرج إلا الإيمان والتصديق انتهى.
قوله: "فهو ضامن إن أدخله الجنة" ذكروا في قوله "ضامن" هنا وجهين أحدهما أنه بمعنى مضمون كـ {مَاءٍ دَافِقٍ}
(1)
بمعنى مدفوق، و {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} و
(2)
بمعنى مرضية، و {لَا عَاصِمَ}
(3)
بمعنى معصوم، وفسر كاتم بمعنى مكتوم، والثاني: أنه بمعنى ذو ضمان.
قوله: "إن أدخله الجنة" فإن قلت: جميع المؤمنين يدخلهم الله الجنة، فيا وجه اختصاصهم بذلك؟ قلت: قال القاضي: يحتمل أنه يدخله الجنة عند موته، قال تعالى في الشهداء:{أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}
(4)
وفي الحديث: "أرواح الشهداء في الجنة" قال: ويحتمل أن يكون المراد دخوله الجنة عند دخول السابقين والمقربين بلا حساب ولا عذاب ولا مؤاخذة بذنب، وتكون الشهادة مكفرة لذنوبه كما صرح به في الحديث الصحيح.
قوله: "أو أراجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة" ومعنى الحديث أن الله تعالى ضمن أن الخارج للجهاد ينال خيرا بكل حال فأما أن يستشهد فيدخل الجنة، وإما أن يرجع بأجر، وإما بأجر وغنيمة فهو
(1)
سورة الطارق، الآية:6.
(2)
سورة القارعة، الآية:7.
(3)
سورة هود، الآية:43.
(4)
سورة آل عمران، الآية:169.
مضمون إحدى الحسنيين وضمانه على الله إما الجنة إن قتل وإما الرجوع إلى أهله بالأجر والغنيمة وإنما عطف الغنيمة على الأجر لأن المجاهد لا يأخذها أجرة على قتاله وإنما هي نحلة من الله تعالى أباحها لهذه الأمة ولم تكن لغيرهم من الأمم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي" وهذا بظاهره يقتضي أن المجاهد لا ينقص أجره بالغنيمة لأنه لم يقاتل ليأخذ الغنيمة وإنما قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فلا يجوز أن يكون ما منحه الله سببا للنقص في ثوابه، وفي هذا الحديث الحث المؤكد على الجهاد، فإن كفالة الله تعالى باعث عظيم، فقوله صلى الله عليه وسلم:"بما نال من أجر وغنيمة" قد يتوهم متوهم أن الأجر لا يجتمع مع الغنيمة وليس كذلك بل المعنى أن الله تعالى يرده بأجر كامل إن لم تحصل غنيمة أو بأجر ما وغنيمة، ومما يدل على أن الأجر يحصل مع الغنيمة قوله صلى الله عليه وسلم:"ما من غازية أو سرية يسلمون ويغنمون إلا تعجلوا ثلثي أجرهم" و (أو) في قوله "بأجر أو غنيمة" قال أبو الوليد بن رشد في مقدماته: (أو) هنا بمعنى الواو إذ لا تنفي الغنيمة الأجر، وقد تكون (أو) على بابها فيكون معنى الكلام: مع ما نال من أجر دون غنيمة أو غنيمة مع أجر، قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد: وهذا التقدير لا بأس به.
قوله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده ما كلمٌ يكلم في سبيل الله" الكلم الجرح، والجرح بفتح الجيم على المصدر لا غير قاله الأزهري، فأما الجرح بالضم فهو الاسم، قاله في النهاية
(1)
.
(1)
يراجع: النهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 198).
قوله: "إلا جاء يوم القيامة كهيئته يوم يكلم لونه لون دم وريحه ريح المسك" فيه دليل على أن الشهيد لا يزال عنه الدم بغسل ولا غيره، الحكمة في مجيئه يوم القيامة على هيئته أن يكون معه شاهد فضيلته وبذله نفسه في طاعة الله تعالى، وفيه دليل على جواز اليمين وانعقادها بقوله صلى الله عليه وسلم:"والذي نفس محمد بيده" ونحو هذه الصيغة من الحلف بما دل على الذات ولا خلاف في هذا، قال النووي
(1)
: قال أصحابنا: اليمين تكون بأسماء الله تعالى أو صفاته وما دل على ذاته قال القاضي عياض
(2)
: واليد هنا بمعنى القدرة والملك والله أعلم
(3)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على المسلمين ما قعدت خلف سرية تغزوا في سبيل الله أبدًا" الحديث، يعني: خلفها وبعدها، وفيه ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الشفقة على المسلمين والرأفة بهم، وأنه كان صلى الله عليه وسلم يترك بعض ما يختاره للرفق بالمسلمين، وأنه إذا تعارضت المصالح بدئ بأهمها.
وفيه: مراعاة الرفق بالمسلمين، والسعي في زوال المكروه والمشقة عنهم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده لوددت أني أغزو في سبيل الله فأقتل، ثم أغزوا فأقتل، ثم أغزوا فأقتل" الحديث، وفيه الحث على حسن النية، وفيه:
(1)
شرح النووي على مسلم (13/ 58).
(2)
إكمال المعلم بفوائد مسلم (6/ 69).
(3)
سبق الكلام على صفة اليد وقلنا أن مذهب أهل السنة هو إثبات اليد بلا تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل.
استحباب القتل في سبيل الله وجواز قول الإنسان: وددت حصول كذا من الخير الذي يعلم أنه يحصل، قال: وهذا الفضل وإن كان ظاهره أنه في قتال الكفار يدخل فيه من [خرج في سبيل الله في] قتال البغاة [و] الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحوه، أ. هـ، قاله الكرماني
(1)
، قال النووي
(2)
: فيه فضيلة الغزو والشهادة وفيه تمني الشهادة والخير وتمني ما لا يمكن في العادة من الخيرات، وفيه: أن الجهاد فرض كفاية لا فرض عين [وقوله و] السرية بتخفيف الراء وتشديد الياء، أي: ما تخلفت عنها بل خرجت في جميعها [بنفسي] لعظم الأجر فيه بارتفاع الدرجات ونيل السعادات بسببه، قال إبراهيم الحربي: السرية هي الخيل تبلغ أربعمائة ونحوها قالوا: سميت سرية لأنها تسري في الليل ويخفي ذهابها وهي فعيلة بمعنى فاعلة يقال: أسرى وأسرى إذا ذهب ليلا.
فائدة أخرى ثانية: وكانت سراياه صلى الله عليه وسلم التي بعث بها على ما ذكره ابن سعد والحافظ شرف الدين الدمياطي ستا وخمسين سرية، وقال موسى بن عقبة سبعا وأربعين سرية، وقيل: ثمانيا وأربعين، وقيل: ستا وثلاثين، وقيل: غير ذلك، قالوا: ولم يقاتل صلى الله عليه وسلم إلا في تسع بدر وكانت غزوة بدر في السنة الثانية من الهجرة، وغزوة أحد كانت في السنة الثالثة من الهجرة، والخندق وبني قريظة، وقريظة قبيلة من اليهود كانوا في قلعة، وبني المصطلق بضم الميم
(1)
الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري (12/ 92).
(2)
شرح النووي على مسلم (13/ 35).
وسكون المهملة الأولى وفتح الثانية وكسر اللام وقاف، عرب من خزاعة، وكانت هذه الغزوة في سنة ست من الهجرة، وخيبر: وهي بلدة معروفة نحو أربع مراحل من المدينة إلى نحو الشام فتحت سنة سبع، وفتح مكة، وحنين وهو واد بين مكة والطائف وراء عرفات، وكانت غزوة حنين في السنة الثامنة من الهجرة، والطائف: وهي بلدة معروفة على مرحلتين من مكة من جهة الشرق، وقيل: قاتل بوادي القرى وفي الغابة، وبني النضير، والنضير بفتح النون وكسر الضَّاد الْمُعْجَمَة، وهما قبيلتان عظيمتان من يهود خيبر وقد دخلوا في العرب فقريظة والنضير إشارة إلى قبيلتين عظيمتين من يهود خيبر.
فائدة ثالثة أخرى: وكانت عدة غزوات النبي صلى الله عليه وسلم التي غزاها بنفسه الكريمة على ما ذكره ابن إسحاق وموسى بن عقبة سبعا وعشرين غزوة، ونقل أبو عبد الله محمد بن سعد في الطبقات الاتفاق على أن غزواته صلى الله عليه وسلم بنفسه ما ذكره ابن إسحاق وموسى بن عقبة، قال غيرهما: خمسا وعشرين وهذا هو المشهور، وفي صحيح مسلم عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزى تسع عشرة غزوة.
فائدة رابعة: وهذه الغزوات التي تقدمت هي التي غزاها بنفسه الشريفة صلى الله عليه وسلم، ومنها: ما قاتل فيه، ومنها: ما لم يتفق فيها قتال، وأعظم سراياه سرية زيد بن حارثة وهي غزوة مؤتة وكانت في جمادي الأولى من سنة ثمان، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة في ثلاثة آلاف من المسلمين إلى أرض البلقا من أطراف الشام، وقال: "إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس، فإن
أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة على الناس" فتجهز الناس ثم تهيأوا للخروج، أ. هـ.
1989 -
وَعَن أبي مَالك الأشْعَرِيّ رضي الله عنه: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من فصل فِي سَبِيل الله فَمَاتَ أَو قتل فَهُوَ شَهِيد أَو وقصه فرسه أَو بعيره أَو لدغته هَامة أَو مَاتَ على فرَاشْه بِأَيّ حتف شَاءَ الله مَاتَ فَإِنَّهُ شَهِيد وَإِن لَهُ الْجنَّة.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من رِوَايَة بَقِيَّة بن الْوَليد عَن ابْن ثَوْبَان وَهُوَ عبد الرَّحْمَن بن ثَابت بن ثَوْبَان وَيَأْتِي الْكَلَام على بَقِيَّة وَعبد الرَّحْمَن
(1)
.
فصل بالصَّاد الْمُهْملَة محركا أَي خرج وقصه بِالْقَافِ وَالصَّاد الْمُهْملَة محركا أَي رَمَاه فَكسر عُنُقه الحتف بِفَتْح الْمُهْملَة وَسُكُون الْمُثَنَّاة فَوق هُوَ الْمَوْت.
قوله: وعن أبي مالك الأشعري، تقدم الكلام عليه.
قال ابن هشام: حدثني من أثق به من أهل العلم أن جعفر بن أبي طالب أخذ اللواء بيمينه يوم مؤتة بعد قتل زيد بن حارثة فقطعت يده فأخذها بشماله فقطعت فاحتضنه بعضديه حتى قتل وهو ابن ثلاث و [ثلاثين] سنة [فأثابه] جناحين يطير بهما في الجنة حيث شاء، ويقال: إن رجلا من الروم ضربه فقطعه نصفين انتهى قاله في الديباجة، وسيأتي الكلام على غزوة مؤتة في فضل الشهداء مبسوطا إن شاء الله تعالى.
قوله: وعن أبي مالك الأشعري، تقدم الكلام عليه.
(1)
أبو داود (2499)، والمشكاة (3840)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (6413).
قوله صلى الله عليه وسلم: "من فصل في سبيل الله فمات أو قتل فهو شهيد" قال الحافظ
(1)
: فصل بالصاد المهملة محركا أي خرج، وقال غيره: خرج من منزله و بلده ومنه الحديث: "لا رضاع بعد فصال" أي: بعد أن يفصل الولد عن أمه، وبه سمي الفصيل من أولاد الإبل فعيل بمعنى مفعول، وقال بعضهم: فصل أي مشى ومنه قوله تعالى: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ}
(2)
أي: مشى.
وقوله: "أو وقصه فرسه أو بعيره" قال الحافظ
(3)
: أي رماه فكسر عنقه، أ. هـ، وقال غيره: الوقص الدق والكسر.
قوله: "أو لدغته هامة" هو بفتح الدال المهملة والغين المعجمة، والهامة بتشديد الميم واحدة الهوام، وهي ذوات السموم القاتلة كالحية والعقرب ونحوهما، وقال بعضهم: ما له سم إلا أنه لا يقتل فهو من الهوام كالعقرب والزنبور ونحوهما، وقد تقع الهامة على كل ما يدب من الحيوان.
وقوله: "أو مات على فراشه" أي: في طريق الغزو بأي حتف شاء الله مات فإنه شهيد وإن له الجنة، والحتف هو الموت.
1990 -
وَعَن أبي هُرَيرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله عمن خرج حَاجا فَمَاتَ كتب الله لَهُ أجر الْحَاج إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَمن خرج مُعْتَمِرًا فَمَاتَ كتب الله لَهُ أجر الْمُعْتَمِر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَمن خرج غازيا فَمَاتَ كتب الله لَهُ أجر
(1)
فتح الباري لابن حجر (6/ 16).
(2)
سورة البقرة، الآية:249.
(3)
فتح الباري لابن حجر (6/ 37).
الْغَازِي إِلَى يَوْم الْقِيَامَة رَوَاهُ أَبُو يعلى من رِوَايَة مُحَمَّد بن إِسْحَاق وَبَقِيَّة إِسْنَاده ثِقَات
(1)
.
قوله: وعن أبي هريرة، تقدم الكلام عليه وعلى الحديث في الحج.
1991 -
وَعَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه قَالَ عهد إِلَيْنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي خمس من فعل وَاحِدَة مِنْهُنَّ كَانَ ضَامِنا على الله عز وجل من عَاد مَرِيضا أَو خرج مَعَ جَنَازَة أَو خرج غازيا فِي سَبِيل الله أَو دخل على إِمَام يُرِيد بذلك تعزيره وتوقيره أَو قعد فِي بَيته فَسلم وَسلم النَّاس مِنْهُ رَوَاهُ أَحْمد وَاللَّفْظ لَهُ وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحَيْهِمَا
(2)
.
1992 -
وَعَن ابْن عمر رضي الله عنهما عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَحْكِي عَن ربه قَالَ أَيّمَا عبد من عبَادي خرج مُجَاهدًا فِي سبيلي ابْتِغَاء مرضاتي ضمنت لَهُ إِن رجعته أرجعه بِمَا أصَاب من أجر أَو غنيمَة وَإِن قَبضته غفرت لَهُ رَوَاهُ النَّسَائيُّ
(3)
.
قوله: وعن معاذ بن جبل، تقدم الكلام على معاذ رضي الله عنه.
قوله: "عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في خمس، من فعل واحدة منهن كان ضامنا
(1)
أبو يعلى (6327).
(2)
أحمد (22093)، والبزار (1649)، والطبراني في الكبير (55)، وابن خزيمة (1495)، وابن حبان (372)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 277)، رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط، ورجال أحمد رجال الصحيح خلا ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف.
(3)
النسائي في الكبرى (4334)، وأحمد (5977)، وقال الألباني صحيح، في صحيح سنن النسائي.
على الله" ومعنى ضامن على الله أي صاحب ضمنا والضمان الرعاية للشيء كما يقال: تامر ولابن، أي: صاحب تمر ولبن، فمعناه أنه في رعاية الله تعالى وما أجزل هذه العطية اللهم ارزقناها ذكره النووي في أذكاره، وتقدم ذلك في الجلوس في المساجد.
1993 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لا يلج النَّار رجل بَكَى من خشيَة الله حَتَّى يعود اللَّبن فِي الضَّرع وَلا يجْتَمع غُبَار فِي سَبِيل الله ودخان جَهَنَّم رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب صَحِيح
(1)
.
وَالنَّسَائيُّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ إِلَّا أَنهم قَالُوا وَلا يجْتَمع غُبَار فِي سَبيل الله ودخان جَهَنَّم فِي منخري مُسلم أبدا وَقَالَ الْحَاكم صَحِيح الإِسْنَاد
(2)
.
قوله: وعن أبي هريرة، تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع" هو مثل قوله تعالى: {وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ}
(3)
علقه على شيء لا يكون، ومعناه: لا يدخل النار أبدًا.
اعلم: أن البكاء يكون من سبعة أشياء، البكاء من الحزن، والبكاء من الوجع، والبكاء من الفزع، والبكاء من الفرح، والبكاء من الرياء والكذب، والبكاء من الشكر، والبكاء من خشية الله عز وجل، وحُقّ لمن لم يعلم ما
(1)
الترمذي (1633)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (7778).
(2)
الحاكم (2/ 72)، والبيهقي في شعب الإيمان (4257)، وأحمد (10560)، وابن حبان (4607).
(3)
سورة الأعراف، الآية:40.
جرى أنه من الحكم في سابق علم الله تعالى بالسعادة جرى له القلم أو بالشقاوة، ولا يعلم ما الذي ينكشف له من الحال عند المعاينة وبماذا يختم له وهو فيما بين هاتين الحالتين قد ركب المحظورات، وخالف خالقه في المنهيات أن يكثر بكاؤه ونحيبه، قال الهروي: والولوج الدخول.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم"، وفي رواية البيهقي وغيره:"ولا يجتمع غبار في سبيل الله في منخري مسلم أبدًا"، وسئل ابن المبارك - قدس الله روحه - أيهما أفضل، معاوية أو عمر بن عبد العزيز؟ فقال: والله إن الغبار الذي دخل في أنف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من عمر بألف مرة، صلى معاوية خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"سمع الله لمن حمده"، فقال معاوية: ربنا ولك الحمد، فما بعد هذا، قال ابن النحاس - عفا الله عنه -: وقد رئي السيد الجليل عبد الله بن المبارك في المنام فقيل: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، قال: بعملك الذي بثتته للناس، قال: لا ولكن بما دخل منخري من الغبار في سبيل الله تعالى.
1994 -
وَعَن عبد الرَّحْمَن بن جبر رضي الله عنه: قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا اغبرت قدما عبد فِي سَبِيل الله فَتَمَسهُ النَّار رَوَاهُ البُخَارِيّ وَاللَّفْظ لَهُ
(1)
.
وَرَوَاهُ النَّسَائيُّ وَالتِّرْمِذِيّ فِي حَدِيث وَلَفظه من اغبرت قدماه فِي سَبيل الله فهما حرَام على النَّار
(2)
.
(1)
البخاري (2811).
(2)
البخاري (907)، الترمذي (1632)، وقال: حسن صحيح، وأحمد (15935)، وابن أبي عاصم في الجهاد (112)، وابن حبان (4605).
قوله: وعن عبد الرحمن بن جبر، وكنيته: أبو عبس وهو أنصاري صحابي له صحبة شهد بدرًا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن عبد البر
(1)
: وهو معدود من كبار الصحابة من الأنصار، توفي وهو ابن سبعين سنة وصلى عليه عثمان ودفن بالبقيع ونزل في قبره أبو بردة بن نيار وقتادة بن النعمان ومحمد بن مسلمة وسلمة بن سلامة ولم يخرج له مسلم في كتابه شيئًا، ولم يخرج له من أصحاب الكتب الستة غير الثلاثة وهم البخاري والترمذي والنسائي والمذكورين أخرجوا له هذا الحديث خاصة.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ما أغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار" قال ابن بطال في شرح البخاري
(2)
: مصداق هذا الحديث قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} إلى قوله: {إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ}
(3)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ذلك العمل الصالح بأنه لا تمس النار من اغبرت قدماه في سبيل الله" وهذا وعد من النبي صلى الله عليه وسلم، والوعد منه منجز، وسبيل الله جميع الطاعات، أ. هـ قاله في الديباجة.
(1)
الاستذكار (5/ 124) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (16/ 222).
(2)
شرح صحيح البخاري لابن بطال (5/ 5).
(3)
سورة التوبة، الآيتان: 119 - 120.
1995 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه: عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لا يَجْتَمِعَانِ فِي النَّار اجتماعا يضر أَحدهمَا الآخر مُسلم قتل كَافِرًا ثمَّ سدد الْمُسلم وقارب وَلا يَجْتَمِعَانِ فِي جَوف عبد غُبَار فِي سَبِيل الله ودخان جَهَنَّم وَلا يَجْتَمِعَانِ فِي قلب عبد الإِيمَان وَالشح رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالْحَاكم وَاللَّفْظ لَهُ وَهُوَ أتم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم وَقَالَ النَّسَائيُّ الإِيمَان والحسد وَصدر الحَدِيث فِي مُسلم
(1)
.
قوله: وعن أبي هريرة تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يجتمعان في النار اجتماعا يضر أحدهما الآخر مسلم قتل كافرا ثم سدد المسلم وقارب " الحديث، وفي حديث آخر"لا يجتمع كافر وقاتله في النار أبدًا" أي: إذا كان الكافر في النار ولا يكون قاتله في النار بل يخرج قاتله بعد استيفاء ما وجب عليه من العذاب، وقيل: يحتمل أن هذا مختص بمن قتل كافرًا في مجاهدة العدو، وأن ذلك تكفير للذنوب حتى لا يعاقب عليها، أو يكون بنية مخصوصة الله أعلم بها، ويحتمل أن يكون عقابه إن عوقب بغير النار في الأعراف كالحبس عن دخول الجنة، ولا يدخل النار أبدًا، أو يكون أن عوقب بها لا يكون حيث يعاقب الكفار ولا يكون معهم في إدراكها والله أعلم.
وقوله في أول الحديث "اجتماعا يضر أحدهما الآخر": يدل أنه اجتماع مخصوص وأنه لا يجتمع معه في وقت أن يستحق العقاب فيعيره بدخوله معه وأن إيمانه وقتله إياه لم يغنه والله أعلم ذكره المنذري في الحواشي.
(1)
الحاكم (2/ 72).
1996 -
وَروِيَ عَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا من رجل يغبر وَجهه فِي سَبِيل الله إِلَّا آمنهُ الله دُخان النَّار يَوْم الْقِيَامَة وَمَا من رجل تغبر قدماه فِي سَبِيل الله إِلَّا آمن الله قَدَمَيْهِ النَّار يَوْم الْقِيَامَة رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَالْبَيْهَقِيّ
(1)
.
قوله: وعن أبي أمامة تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من رجل يغبر وجهه في سبيل الله إلا أمنه الله دخان النار يوم القيامة" الحديث، تقدم تفسيره في الأحاديث قبله.
1997 -
وَعَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه يرفع الحَدِيث إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لا يجمع الله عز وجل فِي جَوف عبد غبارا فِي سَبِيل الله ودخان جَهَنَّم وَمن اغبرت قدماه فِي سَبِيل الله باعد الله مِنْهُ النَّار يَوْم الْقِيَامَة مسيرَة ألف عَام للراكب المستعجل وَمن جرح جِرَاحَة فِي سَبِيل الله ختم لَهُ بِخَاتم الشُّهَدَاء لَهُ نور يَوْم الْقِيَامَة لَوْنهَا مثل لون الزَّعْفَرَان وريحها مثل ريح الْمسك يعرفهُ بهَا الأولونَ وَالآخرُونَ يَقُولُونَ فلَان عَلَيْهِ طَابع الشُّهَدَاء وَمن قَاتل فِي سَبِيل الله فوَاق نَاقَة وَجَبت لَهُ الْجنَّة رَوَاهُ أَحْمد ورواة إِسْنَاده ثِقَات إِلَّا أَن خَالِد بن دريك لم يدْرك أَبَا الدَّرْدَاء
(2)
.
(1)
الطبراني في الكبير (7482)، والبيهقي في شعب الإيمان (4296)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 287)، وفيه جميع بن ثوب، متروك. وقال الألباني ضعيف جدًّا، في ضعيف الجامع (5178).
(2)
أحمد (27503)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 285)، ورجاله ثقات، إلا أن خالد بن دريك لم يسمع من أبي الدرداء، ولم يدركه.
1998 -
وروى الطَّبَرَانيُّ فِي الأوْسَط عَن عَمْرو بن قيس الْكِنْدِيّ قَالَ أَنا مَعَ أبي الدَّرْدَاء منصرفين من الصائفة فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس اجْتَمعُوا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من اغبرت قدماه فِي سَبِيل الله حرم الله سَائِر جسده على النَار
(1)
.
قَوْله من الصائفة أَي من غَزْوَة الصائفة وَهِي غَزْوَة الرّوم سميت بذلك لأَنهم كَانُوا يغزونهم فِي الصَّيف خوفًا من الْبرد والثلج فِي الشتَاء.
قوله: وعن أبي الدرداء تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يجمع الله عز وجل في جوف عبد غبارا في سبيل الله ودخان جهنم" تقدم ذكره.
قوله: "ومن اغبرت قدماه في سبيل الله" يعني: جميع الطرق الموصلة إلى الله وهي طاعته "باعد الله منه النار يوم القيامة مسيرة ألف عام" ومعنى المباعدة من النار: المعافاة منها.
فائدة [محل هذه الفائدة تقدم في الحديث الذي سبق فيه ذكر السيد الجليل عبد الله بن المبارك - نفعنا الله به -]: قال عبد الله بن محمد قاضي نصيبين: حدثني محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة قال: أملى علي عبد الله بن المبارك هذه الأبيات بطرسوس وأرسلها معي إلى الفضيل بن عياض
(2)
في
(1)
الطبراني في المعجم الأوسط (5533)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 286)، وفيه صدقة بن موسى الدقيقي، ضعفه الجمهور، ووثقه مسلم بن إبراهيم.
(2)
إكمال المعلم بفوائد مسلم (6/ 293).
سنة سبع وسبعين ومائة وكان عبد الله يفضل الجهاد على الانقطاع للعبادة، والفضيل يرى عكس ذلك، وهذه الأبيات ستذكر بكمالها ونذكر منها ما يتعلق بهذا الحديث:
يَا عَابِدَ الحَرَمِيْنِ لَوْ أَبْصَرْتَنَا
…
لَعَلِمْتَ أنَّكَ فِي العِبَادَةِ تَلْعَبُ
رِيْحُ العَبيْرِ لَكُمْ وَنَحْنُ عَبِيْرُنَا
…
رَهَجُ السَّنَابِكِ وَالغبارُ الأطْيَبُ
وَلَقَدْ أَتَانَا مِنْ مَقَالِ نَبِيِّنَا
…
قَوْلٌ صَحِيْحٌ صَادِقٌ لا يُكْذَبُ
لَا يَسْتَوِي وَغُبَارُ خَيْلِ اللهِ فِي
…
أَنْفِ امْرِئٍ وَدُخَانُ نَارٍ تَلهبُ
هَذَا كتَابُ اللهِ يَنْطِقُ بَيْنَنَا
…
لَيْسَ الشَّهِيْدُ بِمَيِّتٍ لَا يُكْذَبُ
وكان عبد الله بن المبارك فرد زمانه، وكان يقال: هو أمير المؤمنين في كل شيء، قرأ القرآن على أبي عمرو بن العلاء وجالس أبا حنيفة في الفقه، وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَطْلَبَ لِلْعِلْمِ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ، وَهُوَ فِي المُحَدِّثِيْنَ مِثْلُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ فِي النَّاسِ. وقَالَ نُعَيْمُ بن حَمَّادٍ: قَالَ رَجُل لابْنِ المُبَارَكِ: قرأت القرآن البارحة في ركعة، فقال: لكنّي أعرف رجلا لم يزل البارحة يردد {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)}
(1)
إلى الصُّبْح ما قدِر أن يتجاوزها، يعني نفسه. أ. هـ قاله في الديباجة
(2)
.
قوله: "ومن جرح جراحة في سبيل الله ختم له بخاتم الشهداء له نور يوم القيامة" إلى قوله: "يقولون فلان عليه طابع الشهداء" والطابع بالطاء المهملة
(1)
سورة التكاثر، الآية:1.
(2)
ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء (8/ 397). وفي تاريخ الإسلام (4/ 882).
وبعد الألف باء موحدة مفتوحة هو: الخاتم يختم به على الشيء وكسر الباء لغة فيه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ومن قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة" فواق الناقة بضم الفاء وفتحها هو ما بين الحلبتين من الوقت لأنها تحلب ثم تترك سويعة يرضعها الفصيل لتدر ثم تحلب، ومنه الحديث:"عبادة المريض قدر فواق الناقة"، قال الزمخشري
(1)
: وسمي فواقا لأن اللبن ينزل فيه من فوق الضرع إلى أسفله، أ. هـ، وقيل: ما بين الشخبتين والله أعلم.
1999 -
وَعَن ربيع بن زِيَاد رضي الله عنه: أَنه قَالَ بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يسير إِذا هُوَ بِغُلَام من قُرَيْش معتزل من الطَّرِيق يسير فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَليْسَ ذَاك فلَان قَالُوا بلَى قَالَ فَادعوهُ فَدَعوهُ قَالَ مَا بالك اعتزلت الطَّرِيق قَالَ يَا رَسُول الله كرهت الْغبار قَالَ فَلَا تعتزله فوالذي نفس مُحَمَّد بيَدِهِ إِنَّه لذريرة الْجنَّة رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مراسيله
(2)
.
قوله: وعن ربيع بن زياد [وقيل: ربيعة بن زيد. وقيل: ابن يزيد السلمي. روى عنه أبو كرز وبرة قال البغوي: لا أدري له صحبة أم لا؟ وجعله أبو داود والنسائي من التابعين].
قوله: قال: يا رسول الله كرهت الغبار قال: "فلا تعتزله فوالذي نفس
(1)
الفائق في غريب الحديث (3/ 146).
(2)
أبو داود (305)، والنسائي في الكبرى (8819)، والطبراني في الكبير (4608)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 287)، ورجاله ثقات.
محمد بيده إنه لذريرة الجنة" الذريرة بالذال المعجمة وهي فتات قصب طيب يجاء به من الهند، خرج ابن عساكر بإسناده عن أنس بن مالك قال: قال رسول لله صلى الله عليه وسلم: "الغبار في سبيل الله اسفار الوجوه يوم القيامة" قال ابن النحاس - عفا الله عنه - لما كانت الوجوه يوم القيامة منها {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41)}
(1)
أمن الله الوجه الذي علاه الغبار في سبيل الله من غبره ذلك اليوم وزاده على ذلك أن جعله مسفرا ضاحكا مستبشرا والله ذو الفضل العظيم، أ. هـ.
وفي حديث مكحول أنه كره التلثم من الغبار في الغزو، أي: سد الفم باللثام وهو ثوب يتقنع به وإنما كرهه رغبة في زيادة الثواب بما يناله من الغبار في سبيل الله قاله في النهاية
(2)
، وحكي ابن يونس الصقلي في كتاب الجامع لمسائل المدونة عن مكحول أنه كره التلثم في سبيل الله يعني من أجل الغبار، قال - عفا الله عنه - وينبغي أن يكون مكروهًا عند غيره أيضًا لما ورد من النهي عن التلثم والترغيب في الغبار وفضله، وقد كره جماعة من العلماء السواك للصائم بعد الزوال لا لنهي ورد فيه ولكن لإزالة الخلوف الذي هو أحب إلى الله من ريح المسك فكراهة التلثم للاحتراز من الغبار أولى لأن السواك من أجل السنن وآكدها وقد صار مكروها لإزالة ذلك الأثر المرغب فيه، فلم لا يُكره التلثم الذي ليس بمسنون ولا مستحب ككونه
(1)
سورة عبس، الآيات: 38 - 41.
(2)
النهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 231).
يمنع الغبار الذي هو سبب التحريم على النار، وقد نهى عنه هذا مما لا ينبغي أن يكون في كراهته خلاف والله أعلم.
2000 -
وَعَن أبي المصبح المقرائي رضي الله عنه قَالَ بَيْنَمَا نَحن نسير بِأَرْض الرّوم فِي طَائِفَة عَلَيْهَا مَالك بن عبد الله الْخَثْعَمِي إِذْ مر مَالك بجابر بن عبد الله رضي الله عنهما. وَهُوَ يَقُود بغلا لَهُ فَقَالَ لَهُ مَالك أَي أَبَا عبد الله اركب فقد حملك الله فَقَالَ جَابر أصلح دَابَّتي وأستغني عَن قومِي وَسمعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من اغبرت قدماه فِي سَبِيل الله حرمه الله على النَّار فَسَار حَتَّى إِذا كَانَ حَيْثُ يسمعهُ الصَّوْت نَادَى بِأَعْلَى صَوته يَا أَبَا عبد الله اركب فقد حملك الله فَعرف جَابر الَّذِي يُرِيد فَقَالَ أصلح دَابَّتي وأستغني عَن قومِي وَسمعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من اغبرت قدماه فِي سَبِيل الله حرمه الله على النَّار فتواثب النَّاس عَن دوابهم فَمَا رَأَيْت يَوْمًا أَكثر مَاشِيا مِنْهُ رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَاللَّفْظ لَهُ
(1)
.
2001 -
وَرَوَاهُ أَبُو يعلى بِإِسْنَاد جيد إِلَّا أَنه قَالَ عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى قَالَ بَينا نَحن نسير فَذكره بِنَحْوِهِ وَقَالَ فِيهِ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول مَا اغبرت قدما عبد فِي سَبِيل الله إِلَّا حرم الله عَلَيْهِمَا النَّار فَنزل مَالك وَنزل النَّاس يَمْشُونَ فَمَا رئي يَوْمًا أَكثر مَاشِيا مِنْهُ
(2)
.
(1)
ابن حبان (4604)، وابن المبارك في الجهاد (32)، والطيالسي (1881)، والبيهقي (9/ 162).
(2)
أبو يعلى (944)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 286)، ورجاله ثقات.
المصبح بِضَم الْمِيم وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة.
والمقرائي بِضَم الْمِيم وَقيل بِفَتْحِهَا وَالضَّم أشهر وبسكون الْقَاف بعْدهَا رَاء وَألف ممدودة نِسْبَة إِلَى قَرْيَة بِدِمَشْق.
قوله: وعن أبي المصبح المقرأي، المصبح: قال المنذري: بضم الميم وفتح الصاد المهملة وكسر الباء الموحدة، أ. هـ وقال غيره: بضم الميم وتشديد الباء الموحدة وكسرها، والمقرأى بضم الميم وقيل بفتحها والضم أشهر وسكون القاف بعدها راء وألف ممدودة نسبة إلى قرية بدمشق، أ. هـ وقال غيره: نسبة إلى مقرأ قرية بدمشق في ذيل جبل قاسيون، قاله ابن النحاس.
قوله: بينما نحن نسير بأرض الروم في طائفة عليها مالك بن عبد الله الخثعمي، الحديث، الروم: بنو الأصفر، وسموا به لأن جيشا من الحبشة غلبوهم على ناحيتهم في وقت فوطئ أي الجيش نساءهم فولدت أولادا صفرا بين سواد الحبشة وبياض الروم، وقيل: نسبوا إلى الأصفر بن الروم بن عيصو بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام، أ. هـ؟ قال ابن النحاس: مالك بن عبد الله الخثعمي هذا صحابي مشهور يعرف تلك السرايا لأنه كان كثير الغزو، وقاد سرايا الطوائف في سبيل الله تعالى أربعين سنة.
2002 -
وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول مَا خالط قلب امرئ رهج فِي سَبِيل الله إِلَّا حرم الله عَلَيْهِ النَّار رَوَاهُ أَحْمد وَرُوَاته ثِقَات
(1)
.
(1)
أحمد (24548)، وابن أبي عاصم في الجهاد (122)، والطبراني في الأوسط (9419)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 275)، رواه أحمد والطبراني في الأوسط، ورجال أحمد ثقات، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5616).
الرهج بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الْهَاء وَقيل بِفَتْحِهَا هُوَ مَا يداخل بَاطِن الإِنْسَان من الْخَوْف والجزع وَنَحْوه.
قوله: وعن عائشة تقدم الكلام على عائشة.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ما خالط قلب امرئ رهج في سبيل الله إلا حرم الله عليه النار" الرهج: هو ما بدا من باطن الإنسان من الخوف والجزع ونحوها. هـ، قاله المنذري، وقال بعض العلماء: الرهج الغبار.
قوله: حديث آخر: "من دخل جوفه الرهج لم يدخله حر النار"أ. هـ.
2003 -
وَرُوِيَ عَن سلمَان رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا رجف قلب الْمُؤمن فِي سَبِيل الله تحاتت عَنهُ خطاياه كَمَا يتحات عذق النَّخْلَة رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ فِي الْكَبِير والأوسط
(1)
.
العذق بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَإِسْكَان الذال الْمُعْجَمَة بعْدهَا قَاف هُوَ القنو وَهُوَ المُرَاد هُنَا وبفتح الْعين النَّخْلَة.
2004 -
وَعَن أم مَالك البهزية رضي الله عنها قَالَت ذكر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فتْنَة فقربها قَالَت قلت يَا رَسُول الله من خير النَّاس فِيهَا قَالَ رجل فِي مَاشِيَة يُؤَدِّي حَقّهَا ويعبد ربه وَرجل أَخذ بِرَأْس فرسه يخيف الْعَدو ويخيفونه رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن
(1)
الطبراني في الكبير (6086)، وفي الأوسط (8345)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 367)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 276)، وفيه عمرو بن الحصين، وهو ضعيف. وقال الألباني موضوع في ضعيف الجامع (518).
رجل عَن طَاوس عَن أم مَالك وَقَالَ حَدِيث غَرِيب وَتقدم
(1)
.
قوله: وعن سلمان تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا رجف قلب المؤمن في سبيل الله تحاتت عنه خطاياه كما تتحات عذق النخلة" قال المنذري: العذق بكسر العين المهملة وإسكان الذال المعجمة بعدها قاف هو القنو وهو المراد هنا وبفتح العين النخلة.
(1)
الترمذي (2177). تقدم.