الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّرْغِيب فِي صَدَقَة الْفطر وبَيَان تأكيدها
1651 -
عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ فرض رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم صَدَقَة الْفطر طهرة للصائِم من اللَّغْو والرفث وطعمة للْمَسَاكين فَمن أَدَّاهَا قبل الصَّلَاة فَهِيَ زَكَاة مَقْبُولَة وَمن أَدَّاهَا بعد الصَّلَاة فَهِيَ صَدَقَة من الصَّدَقَة رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ
(1)
.
قَالَ الْخطابِيّ رحمه الله قَوْله فرض رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم زَكاة الْفطر فِيهِ بَيَان أَن صَدَقَة الْفطر فرض وَاجِب كافتراض الزَّكَاة الْوَاجِبَة فِي الأمْوَال وَفِيه بَيَان أَن مَا فرض رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم فَهُوَ كمَا فرض اللّه لِأن طَاعَته صادرة عَن طَاعَة اللّه وَقد قَالَ بفرضية زَكَاة الْفطر ووجوبها عَامَّة أهل الْعلم وَقد عللت بِأَنَّهَا طهرة للصائِم من الرَّفَث واللغو فَهِيَ وَاجِبَة على كل صَائِم غني ذِي جدة أَو فَقير يجدهَا فضلا عَن قوته إِذا كَانَ وُجُوبهَا لعِلَّة التَّطْهِير وكل الصائمين محتاجون إِلَيْهَا فَإِذا اشْتَركُوا فِي الْعلَّة اشْتَركُوا فِي الْوُجُوب انْتهى
(2)
.
وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو بكر بن الْمُنْذر أجمع عوام أهل الْعلم على أَن صَدَقَة الْفطر فرض وَمِمَّنْ حفظنا ذَلِك عَنهُ من أهل الْعلم مُحَمَّد بن سِيرِين وَأَبُو الْعَالِيَة وَالضَّحَّاك وَعَطَاء وَمَالك وسُفْيَان الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو ثَوْر وَأحمد
(1)
أبو داود (1609)، وابن ماجه (1827)، والحاكم (1/ 409) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1078).
(2)
معالم السنن (2/ 40).
وَإِسْحَاق وَأَصْحَاب الرَّأْي وَقَالَ إِسْحَاق هُوَ كالإجماع من أهل الْعلم انْتهى.
1652 -
وَعَن عبد اللّه بن ثعْلَبَة أَو ثَعْلَبَة بن عبد اللّه بن أبي صعير عَن أَبِيه رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم صَاع من بر أَو قَمح على كل صَغِير أَو كبِير حر أَو عبد ذكر أَو أنثَى غَني أَو فَقير أما غنيكم فيزكيه اللّه وَأما فقيركم فَيرد اللّه عَلَيْهِ أَكثر مِمَّا أعْطى رَوَاهُ أَحْمد رأَبُو دَاوُد
(1)
.
صعير هُوَ بِالْعينِ الْمُهْملَة مُصَغرًا
1653 -
وَعَن جرير رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم صَوْم شهر رَمَضَان مُعَلّق بَين السَّمَاء وَالأرْض وَلا يرفع إِلا بِزَكاة الْفطر رَوَاهُ أَبُو حَفْص بن شاهين فِي فَضَائِل رَمَضَان وَقَالَ حَدِيث غَرِيب جيد الإِسْنَاد
(2)
.
1654 -
وَعَن كثير بن عبد اللّه الْمُزنِيّ رضي الله عنه عَن أَبِيه عَن جده قَالَ سُئِلَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم عَن هَذِه الآيَة {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15)}
(3)
قَالَ: أنزلت فِي زَكاة الفطر" رَوَاهُ ابْن خُزَيمه في صحِيحه
(4)
.
قَالَ الْحَافِظ: كثير بن عبد اللّه واه.
قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم الكلام على ابن عباس.
(1)
أحمد (23664)، وأبو داود (1619)، والدارقطني (2/ 147)، والبيهقي في السنن (4/ 167).
(2)
ابن شاهين في الترغيب، كما في كنز العمال (24124)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3413).
(3)
سورة الأعلى، الآيتان: 14 - 15.
(4)
ابن خزيمة (2420)، والبيهقي (4/ 159).
قوله: [أن] رسول اللّه صلى الله عليه وسلم صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه" الحديث.
يوم عاشوراء له فضيلة عظيمة وحرمة قديمة، وصومه لفضله كان معروفا بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقد صامه نوح وموسى عليهما السلام، وكان للنبي صلى الله عليه وسلم في صيامه أربع حالات، الحالة الأولى: أنه كان يصومه بمكة وكان لا يأمر الناس بالصوم، الحالة الثانية: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة ورأى صيام أهل الكتاب له وتعظيمهم له وكان يحب موافقتهم فيما لم يؤمر به صامه وأمر بصيامه وأكد الأمر بصيامه والحث عليه حتى كانوا يصومونه أطفالهم؛ الحالة الثالثة: أنه لما فرض صيام شهر رمضان ترك النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بصيام عاشوراء وتأكيده فيه ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "صام النبي عاشوراء وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك ذلك"
(1)
، وفي ذلك أحاديث كثيرة جدا فهذه الأحاديث كلها تدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يجدد أمر الناس بصيامه بعد فرض صيامه شهر رمضان بل تركهم على ما كانوا عليه من غير نهي عن صيامه فإن كان أمره صلى الله عليه وسلم بصيامه قبل فرض صيامه رمضان للوجوب فإنه ينبني على أن الوجوب إذا نسخ هل يبقى الاستحباب أم لا؟ وفيه خلاف مشهور بين العلماء وإن كان أمره للاستحباب المؤكد فقد قيل: إنه زالى التأكيد وبقي أصل الاستحباب، ولهذا قالى قيس بن سعد: ونحن نفعله وأكثر العلماء على استحباب صيامه من غير تأكيد، الحالة الرابعة: أن النبي صلى الله عليه وسلم عزم في آخر عمره على أن لا يصومه مفردا بل يضم إليه يوما آخر
(1)
صحيح البخاري (1892)، صحيح مسلم (1125).
مخالفة لأهل الكتاب في صيامه ففي صحيح مسلم
(1)
عن ابن عباس فذكر الحديث وفي آخره: "فإذا كان العام المقبل إن شاء اللّه صمنا اليوم التاسع" قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي [وقع هنا بتراً أيضًا، بيض له المصنف رحمه الله بنحو ما هنا] قوله: من حديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه، هو: عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك بن عامر العنزي.
* * *
(1)
أخرج مسلم (1134)، وأبو داود (2445).