الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّرْغِيب فِي الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَسْجِد الْمَدِينَة وَبَيت الْمُقَدّس وقباء
1827 -
عَن ابْن عمر رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ صَلاة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام رَوَاهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه
(1)
. [اللوحة 128/ أ].
من الأحكام التي تخالف سائر البلاد خمسة أحكام:
أحدها: أنه لا يدخلها أحد إلا بإحرام بحج أو عمرة.
الثاني: أن لا يحارب أهلها فإن بغوا على أهل العدل فقد ذهب بعض الفقهاء إلى تحريم قتالهم ويضيق عليهم حتى يرجعوا عن البغي ويدخلوا في أحكام أهل العدل والذي عليه أكثر الفقهاء أنهم يقاتلون على بغيهم.
الثالث: تحريم صيده على المحلين والمحرمين من أهل الحرم وممن طرأ عليه.
الرابع: تحريم قطع شجره.
الحكم الخامس: أن يمنع جميع من خالف دين الإسلام من دخوله مقيما كان أو مارا هذا مذهب الشافعي وأكثر الفقهاء وجوزه أبو حنيفة إذا لم يستوطنوه هذا آخر كلام الماوردي
(2)
وترك الماوردي من الأحكام الذي
(1)
مسلم (1395)، وابن ماجه (1405)، وأحمد (4646).
(2)
الأحكام السلطانية (ص 250 - 252)، وتهذيب الأسماء واللغات (3/ 83 - 84).
يتميز بها الحرم اللقطة فإن لقطة الحرم لا تحل إلا لمنشد لا للتمليك على المذهب الصحيح بخلاف غيره
(1)
وترك أيضا تحرم إخراج أحجاره وترابه منه إلى غيره وهو حرام ونباته مشهور في كتب المذهب
(2)
.
فرع: وَجٌّ: وَادٍ بِصَحْرَاءِ الطَّائِفِ،
(3)
وَصَيْدُهُ حَرَامٌ عَلَى الْمَذْهَبِ و [الصحيح] أنه لا ضمان فيه
(4)
.
فرع آخر: تنفير صيد الحرم [وهو] إزعاجه عن مكانه وتنحيته عن موضعه وذلك كله حرام وفاعله عاص فإن نفر الصيد فتلف بتنفيره عصا وضمنه
(1)
روضة الطالبمِن (6/ 38) وتهذيب الأسماء واللغات (3/ 84)، وإعلام الساجد (ص 152).
(2)
تهذيب الأسماء واللغات (3/ 84)، إعلام الساجد (ص 137 - 138).
(3)
في المجاز بين اليمامة والحجاز ص: 264، و 265 قال: أما أودية الطائف فمن أبرزها وأنبهها ذكرا وادي وج وكانت المدينة تسمى باسمه قديما حتى أطيف حولها بسور فسميت الطائف، على ما جاء في الأخبار من تحصن ثقيف بمدينتهم حينما زاحمهم العرب على بلادهم. إ هـ. وانظر كذلك: معجم البلدان 5/ 361 والقاموس المحيط 1/ 211 وشرح المواهب 4/ 9 و 10. أما التحريم فقال الخطابي: ولست أعلم لتحريمه وجًّا معنى إلا أن يكون ذلك على سبيل الحمى لنوع من منافع المسلمين، ويحتمل أن يكون ذلك التحريم إنما كان في وقت معلوم، وفي مدة محصورة ثم نسخ وبين الخطابي أن المسلمين أثناء حصار الطائف أفادوا من شجر وصيد ومرفق المكان فدل ذلك على أنها حل مباح (مختصر سنن أبي داؤد للمنذري 2/ 442). فإن الإمام الشافعي أخذ بهذا الحديث في القديم ولم يأخذ به في الجديد بل اتفق فيه رأيه مع رأي الجمهور بعدم تحريم وج (الزرقاني: شرح المواهب اللدنية 4/ 10).
(4)
روضة الطالبين (3/ 169)، وتنبيه الغافلين (ص 345). وزاد المعاد:(3/ 508).
والدليل على ذلك كله قوله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة "إن هذا البلد حرمه الله" وفيه لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده
(1)
.
فرع: صيد الحرم حرام بالإجماع على الحلال والمحرم ولو أدخل صيدا من الحل إلى الحرم فله التصرف فيه بالدم [بالذبح والأ] كل وغيره وهو قول لمالك وقال أبو حنيفة وأحمد لا يجوز له ذبحه ولا التصرف فيه بل يلزمه أن يسأله فإن أدخله مذبوحا جاز أكله اهـ قاله ابن النحاس في تنبيهه
(2)
.
فرع: ما يصحبه الإنسان معه من الكيزان والأكر ونحو ذلك على سبيل الهدية إن كان معمولا من تراب الحرم [حرم إخراجه] ووجب رده إليه ولو طالت المسافة وكذلك الكواويز التي يشترونها للشرب بها في الطريق وسواء في ذلك تراب [حرم مكة والمدينة]
(3)
.
وترك الماوردي أيضا إدخال الأحجار والتراب من غيره إليه فإنه مكروه وترك أيضا اختصاص نحر الهدايا ودماء الحج به وترك وجوب قصده بالنذر خلاف غيره كمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيت المقدس على أحد القولين فيهما وترك أيضا تغليظ الدية بالقتل فيه وترك أيضا تحريم دفن المشرك فيه وإنه إن دفن نبش إن لم ينقطع وإنه لا يجوز الإذن في الدخول إليه على حال وأنه لا دم على المتمتع والقارن إذا كان من أهله وبقيت أشياء وهذا الذي ذكره
(1)
تنبيه الغافلين (ص 343).
(2)
تنبيه الغافلين (ص 344).
(3)
تنبيه الغافلين (ص 344).
الماوردي من أن البغاة إذا امتنعوا في الحرم يقاتلون عند أكثر الفقهاء هو الصحيح وقد نص عليه الشافعي اهـ ذكره النووى
(1)
.
وقال بعض العلماء أيضا ويتحصل في المراد بالمسجد الحرام التي تضاعف فيه الصلاة سبعة أقوال:
الأول: أنه المكان الذي يحرم على الجنب الإقامة فيه. الثاني: أنه مكة الثالث: أنه الحرم كله إلا الحدود الفارقة بين الحل والحرم قاله عطاء والماوردي وغيره والروياني. الرابع: أنه الكعبة وهو أبعدها. الخامس: أنه الكعبة والمسجد حولها وهو الذي قاله النووي
(2)
في استقبال القبلة. السادس: أنه جميع الحرم وعرفة قاله ابن حزم.
والسابع: أنه الكعبة وما في الحجر من البيت وهو قول صاحب البيان من أصحابنا فقال في باب استقبال القبلة وقد ذكر في حديث مضاعفة الصلاة في المسجد الحرام سألت الشريف محمد بن أحمد العثماني ما المراد بالمسجد الحرام من هذا الخبر؟ فقال المراد به الكعبة والمسجد حولها وسائر بقاع الحرم لأن الله تعالى أطلق الإسراء على المسجد الحرام ومعلوم أنه أسري بنبيه من بيت خديجة وكل موضع أطلق فيه المسجد الحرام فالمراد به جميع الحرم قال صاحب البيان: والذي تبين لي أن المراد بهذا الخبر: الكعبة، وما في الحجر من البيت، وهو ظاهر كلام الأصحاب في "المهذب"
(3)
والله أعلم.
(1)
تهذيب الأسماء واللغات (3/ 84).
(2)
ينظر: شرح النووي على مسلم (8/ 202).
(3)
إعلام الساجد (ص 120 - 121).
1828 -
وَعَن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ من الْمَسَاجِد إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَصَلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام أفضل من مائَة صَلاة فِي هَذَا رَوَاهُ أَحْمد وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَزَاد يَعْنِي فِي مَسْجِد الْمَدِينَة.
وَالْبَزَّار وَلَفظه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ من الْمَسَاجِد إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام فَإِنَّهُ يزِيد عَلَيْهِ مائَة صَلَاة وَإِسْنَاده صَحِيح أَيْضا
(1)
.
1829 -
وَعَن جَابر رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ صَلَاة فِي مَسْجِدي أفضل من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَصَلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام أفضل من مائَة ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ رَوَاهُ أَحْمد وَابْن مَاجَه بِإِسْنَادَيْنِ صَحِيحَيْنِ
(2)
.
قوله: وعن عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن قصي الأسدي المدني
(3)
يلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصي كنيته أبو بكر وقيل أبو
(1)
أحمد (16117)، وابن حبان (1620)، والبزار (425)، والطيالسي (1367)، والبيهقي في السنن (5/ 246)، وفي شعب الإيمان (4141)، وعبد بن حميد (521)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 5)، ورجال أحمد والبزار رجال الصحيح، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3841).
(2)
أحمد (14694)، وابن ماجه (1406)، قال البوصيري في الزوائد (1/ 4531)، هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3838).
(3)
سير أعلام النبلاء (3/ 363)، التاريخ الكبير 5/ 6، الحلية 1/ 329، الاستيعاب: 905، =
خبيب بضم الخاء المعجمة ويقال أبو بكير القرشي المكي الصحابي ابن الصحابي وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق وأبوه الزبير أحد العشرة المشهود لهم بالجنة وحواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمه بنت أبي بكر الصديق وجدته لأبيه صفية نجت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنها أسلمت وهاجرت إلى المدينة وعمة أبيه خديجة بنت خويلد أم المؤمنين وخالته عائشة أم المؤمنين وهو أول مولود ولد للمهاجرين إلى المدينة بعد الهجرة وفرح المسلمون بولادته فرحا شديدا لأن اليهود كانوا يقولون قد سحرناهم فلا يولد لهم ولد فأخزاهم الله تعالى فحنكه رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمرة لاكها فكان ريق رسول الله أول شيء نزل في جوفه وسماه عبد الله وكناه أبو بكر الصديق بكنية جده وسماه باسمه قاله ابن عبد البر
(1)
ولد بعد عشرين شهرا من الهجرة وقيل في السنة الأولى وكان رضي الله عنه صواما قواما طويل الصلاة وصولا للرحم عظيم الشجاعة ومن مجاهدته في العبادة المنقوله عنه أنه قسم الدهر ثلاثا ليلة يصلي قائما حتى الصباح وليلة راكعا حتى الصباح وليلة ساجدا حتى الصباح، روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة وثلاثون حديثا اتفق على ستة وانفرد مسلم بحديثين، واعلم أن عبد الله بن الزبير هو أحد
= أسد الغابة 3/ 242، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 1/ 266، وفيات الأعيان 3/ 71، تهذيب الكمال: 682، تذهيب التهذيب 2/ 144 الإصابة 2/ 309، تهذيب التهذيب 5/ 213.
(1)
ينظر: الاستيعاب: 905.
العبادلة الأربعة وهم: عبد الله بن الزبير، عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص هكذا قاله الإمام أحمد بن حنبل وسائر المحدثين، وتقدم الكلام على ذلك في أول الكتاب في حديث الغار قيل للإمام أحمد بن حنبل فابن مسعود؟ قال هو ليس منهم ويلتحق بابن مسعود في هذا سائر المسمين عبد الله من الصحابة وهم نحو مائتين وعشرين وأما قول الجوهري في صحاحه: أن ابن مسعود هو أحد العبادلة وإخراج ابن عمرو بن العاص فغلط ظاهر نبهت عليه لئلا يغتر به ولما مات يزيد ببن معاوية منتصف شهر ربيع الأول سنة أربعة وستين بويع لعبد الله بن الزبير بالخلافة وأطاعه أهل الحجاز واليمن والعراق وخراسان وجدد عمارة الكعبة وبقي في الخلافة إلا أن حصره الحجاج بن يوسف بمكة أول ليلة من ذي الحجة سنة ثنتين وسبعين وحج الحجاج بالناس ولم يزل محاصره إلا أن قتله يوم الثلاثاء سابع عشر جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين هكذا نقله ابن سعد عن أهل العلم ونقله غيرهم وكان أملس لا لحية له ومناقبه كثيرة مشهورة
(1)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في هذا" وزاد ابن حبان يعني "في مسجد المدينة" يحتمل أن يكون المراد منه إلا المسجد الحرام فإن الصلاة فيه تعدل تسعمائة فيما سواه وعلى هذا يكون
(1)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 266 - 267 ترجمة 297).
مسجد المدينة أفضل إلا أن هذا الاحتمال ينفيه ما رواه الإمام أحمد في المسند والبيهقي في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وصلاة في المسجد الحرام تعدل مائة صلاة في مسجدي" واختلف العلماء في هذه الصلاة هل هي الفريضة أم النافلة.
تنبيهات: الأول: إن هذه الصلاة في المسجدين لا تختص بالفريضة بل تعم الفرض والنفل كما قال النووي في شرح مسلم
(1)
: أنه المذهب، وقال الطحاوي من الحنفية في شرح الأثار: هو مختص بالفرض وإن فعل النوافل في البيت أفضل من المسجد الحرام وكذلك ذكره ابن ابي زيد من المالكية وقال ابن أبى الصيف اليمني: هذا التضعيف في الصلوات يحتمل أن يعم الفرض والنفل وهو ظاهر الأخبار ويحتمل أن يختص بالفرض دون النفل لأن النفل دونه وقد ورد أن ثواب الفرض يزيد على ثواب النفل بسبعين درجة وأن ثواب الصلاة تزيد على صلاة المنفرد بخمس وعشرين أو سبع وعشرين في المساجد الثلاثة وغيرها وذلك في الفرائض ويلحق بها ما شرع لهم جماعة من النوافل
(2)
.
الثاني: أن اختلاف الروايات في التضعيف [يحتمل إن] صحت كلها أن يكون حديث الأقل قبل حديث الأكثر ثم تفضل الله تعالى بالأكثر شيئا بعد شيء كما قيل في الجمع بين رواية أبي هريرة في فضل الجماعات بخمس
(1)
ينظر: شرح النووي على مسلم (8/ 208).
(2)
إعلام الساجد (ص 124 - 125).
وعشرين وبين رواية ابن عمر بسبع وعشرين بأن حديث أبي هريرة قبل حديث ابن عمر فزادهم درجتين ويحتمل أن تكون الأعداد تنزل على الأحوال فقد جاء أن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعين إلى سبعمائة وأنها تضاعف إلى غير نهاية وقد روي تفكر ساعة خير من عبادة سنة لتفاوت الأحوال
(1)
.
الثالث: بحث قاضي القضاة تاج الدين السبكي مع الشيخ والده في صلاة الظهر بمنى يوم النحر إذا جعلنا منى خارجة عن حدود الحرم أن تكون أفضل من صلاتها في المسجد لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها بمنى يومئذ والاقتداء به أفضل أو في المسجد لأجل المضاعفة فقال الشيخ بل في منى وإن لم يحصل بها المضاعفة فإن في الاقتداء بأفعال النبي صلى الله عليه وسلم من الخير ما يزيد على المضاعفة
(2)
.
الرابع: أن التضعيف لا يختص بالصلاة بل وسائر أنواع الطاعات كذلك قياسا على ما ثبت في الصلاة والنظر إلى الكعبة فالحق به ما في معناه من أعمال البر قال الحسن البصري: صوم يوم بمكة بمائة ألف وصدقة درهم بمائة ألف وكل حسنة بمائة ألف اهـ قاله الزركشي في كتابه الذي ألفه في فضل المساجد
(3)
.
(1)
إعلام الساجد (ص 125 - 126).
(2)
إعلام الساجد (ص 126).
(3)
إعلام الساجد بأحكام المساجد (ص 126).
1830 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا خير من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام رَوَاهُ البُخَارِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه
(1)
.
1831 -
وروى الْبَزَّار عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنا خَاتم الْأَنْبِيَاء ومسجدي خَاتم مَسَاجِد الْأَنْبِيَاء أَحَق الْمَسَاجِد أَن يزار وتشد إِلَيْهِ الرَّوَاحِل الْمَسْجِد الْحَرَام ومسجدي وَصَلَاة فِي مَسْجِدي أفضل من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ من الْمَسَاجِد إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام
(2)
.
قوله: عن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عن أبي هريرة.
قوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام" استثناء يحتمل أمورا ثلاثة أن يكون مساويا لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفضل منه أدون منه بأن يراد بأن مسجد المدينة خير منه بألف صلاة بل خير منه بتسعمائة مثلا ونحوه قال الجمهور مكة أفضل من المدينة وكذا مسجد مكة أفضل من مسجد المدينة [وعكس مالك] وأول الحديث بأن معناه إلا المسجد الحرام فإن الصلاة في مسجدي تفضله بدون الأ [لف]
(3)
اهـ.
(1)
البخاري (1190)، ومسلم (1394)، والترمذي (325)، وابن ماجه (1404)، وأحمد (7253).
(2)
البزار (1193)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 4)، رواه البزار وفيه مسوى بن عبيدة، وهو ضعيف.
(3)
الكواكب الدراري (7/ 14).
قوله صلى الله عليه وسلم في رواية البزار "وأنا خاتم الأنبياء ومسجدي خاتم مساجد الأنبياء أحق المساجد أن يزار وتشد إليه الرواحل المسجد الحرام ومسجدي" الحديث.
وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر في صحيح مسلم "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى"، وفي رواية "ومسجد إيلياء" هكذا وقع في صحيح مسلم هنا وإيلياء هو بيت المقدس وفيه ثلاثة لغات أفصحهن وأشهرهن إيلياء بكسر الهمزة واللام والمد والثانية كذلك إلا أنه مقصور والثالثة إلياء بحذف الياء وبالمد وسمي الأقصى لبعده من المسجد الحرام ومسجد الحرام ومسجد الأقصى هو من إضافة الموصوف على صفته وقد أجازه النحويون الكوفيون وتأوله البصريون على أن فيه محذوفا تقديره مسجد المكان الحرام والمكان الأقصى منه قوله تعالى:{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ}
(1)
أن المكان الغربي ونظائره
(2)
.
وقوله: "لا تشد الرحال" والرحال جمع رحل البعير وهو أصغر من القتب والرحل أيضا مسكن الرجل
(3)
والمعنى على الأول والمسجد الحرام مجرور وكذا ما عطف عليه من البدل من الثلاثة ففيه بيان عظيم لفضيلة هذه المساجد الثلاثة ومزيتها على غيرها لكونها مساجد الأنبياء
(1)
سورة القصص، الآية:44.
(2)
شرح النووي على مسلم (9/ 168).
(3)
الصحاح (4/ 1706 - 1707).
صلوات الله وسلامه عليهم ومتعبداتهم ولفضل الصلاة فيها
(1)
، ومعنى الحديث لا يسافر لمسجد [لفعل] قربة إلا في هذه المساجد
(2)
.
وقوله: "لا تشد الرحال" قال الخطابي
(3)
: لا تشد لفظه لفظ خبر ومعناه الإيجاب فيما نذر الإنسان من الصلاة في البقاع التي يتبرك بها والشد الى المسجد الحرام فرض للحج والعمرة وكان يشد إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته للهجرة وكانت واجبة على الكفاية وأما إلى بيت المقدس فإنما هو فضيلة واستحباب، وقد تأول معنى الحديث على وجه آخر وهو أنه لا يرحل في الاعتكاف إلا إلى هذه الثلاثة فقد ذهب بعض السلف إلى أن الاعتكاف لا يصح إلا فيها دون سائر المساجد، وفيه فضيلة شد الرحال إليها ولا خلاف في أن هذه المساجد الثلاثة أفضل من سائر المساجد كلها.
ومعناه عند جمهور العلماء: لا فضيلة في شد الرحال إلى مسجد غيرها وشد الرحال كناية عن السفر
(4)
.
وقال في المفهم: شد الرحال كناية عن السفر البعيد
(5)
، وقد فسر هذا المعنى في [الرواية الأخرى] التي فيها إنما يسافر إلى ثلاثة مساجد، ولو نذر
(1)
شرح النووي على مسلم (9/ 106).
(2)
المفهم (11/ 8).
(3)
أعلام الحديث (1/ 647)، ومعالم السنن (2/ 222).
(4)
شرح النووي على مسلم (9/ 167)، والكواكب الدراري (7/ 12).
(5)
المفهم (11/ 8).
الذهاب إلى المسجد الحرام لزمه قصده بحج أو عمرة ولو نذر الذهاب إلى المسجدين الآخرين فقولان للشافعي رحمه الله
(1)
أصحهما عند أصحابه يستحب قصدهما ولا يجب، والثاني: يجب وبه قال كثير من العلماء أما باقي المساجد سوى الثلاثة فلا يجب قصدها بالنذر ولا ينعقد نذر قصدها هذا مذهبنا أو مذهب العلماء كافة إلا محمد بن مسلمة المالكي فقال: إذا نذر قصد مسجد قباء لزمه قصده لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتيه كل سبت راكبا وماشيا
(2)
أ. هـ.
فصار شد الرحال في هذا الحديث عبارة عن السفر البعيد، فأما لو كان المسجد قريبا منه لزمه المضي إليه إذا نذر الصلاة فيه إذ لم يتناوله هذا النهي قاله القرطبي
(3)
، وقال الليث بن سعد لزمه قصد ذلك المسجد أي مسجد كان وعلى مذهب الجماهير لا ينعقد نذره ولا يلزمه شيء وقال أحمد بن حنبل: تلزمه كفارة يمين، واختلف العلماء في شد الرحال وأعمال المضي إلى غير المساجد الثلاثة كالذهاب إلى قبور الصالحين وإلى المواضع الفاضلة ونحو ذلك فقال الشيخ أبو محمد الجويني من أصحابنا هو حرام وهو الذي أشار القاضي عياض إلى اختياره، وهذا القول الذى قاله الجوينى
(1)
ينظر: الأم للشافعي (2/ 119) وينظر أيضا: البيان في مذهب الإمام الشافعي (4/ 5) أسنى المطالب في شرح روض الطالب (1/ 443).
(2)
شرح النووي على مسلم (9/ 106).
(3)
المفهم (11/ 8).
غلط، قال النووي
(1)
: والصحيح عند أصحابنا وهو الذي اختاره إمام الحرمين والمحققون أنه لا يحرم ولا يكره، قالوا: والمراد أن الفضيلة التامة إنما هي في شد الرحال إلى هذه الثلاثة خاصة. أ. هـ.
فينبغي للعاقل أن لا يشتغل إلا بما له فيه صلاح دنيوي أو فلاح أخروي، ولما كان ما عدا ذلك من المساجد متساوي الإقدام في الشرف والفضل وكان التنقل والارتحال لأجلها عبثا ضائعا نهى الشارع صلى الله عليه وسلم عنه
(2)
والله أعلم.
1832 -
وَعَن أنس بن مَالك رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من صلى فِي مَسْجِدي أَرْبَعِينَ صَلَاة لَا تفوته صَلَاة كتبت لَهُ بَرَاءَة من النَّار وَبَرَاءَة من الْعَذَاب وبرئ من النِّفَاق رَوَاهُ أَحْمد وَرُوَاته رُوَاة الصَّحِيح وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط
(3)
وَهُوَ عِنْد التِّرْمِذِيّ بِغَيْر هَذَا اللَّفْظ
(4)
.
1833 -
وَعنهُ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صَلَاة الرجل فِي بَيته بِصَلَاة وَصلَاته فِي مَسْجِد الْقَبَائِل
(5)
بِخمْس وَعشْرين صَلَاة وَصَلَاة فِي الْمَسْجِد الَّذِي يجمع فِيهِ بِخَمْسِمِائَة صَلَاة وَصَلَاة فِي الْمَسْجِد الْأَقْصَى بِخَمْسِينَ ألف
(1)
شرح النووي على مسلم (9/ 106).
(2)
تحفة الأبرار (1/ 255).
(3)
أحمد (12583)، والطبراني في الأوسط (5444)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 8)، ورجاله ثقات.
(4)
الترمذي (241)، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (364).
(5)
قال الصنعاني: المراد به مسجد الحارة المنسوب إليها كمسجد بني فلان ونحوه. التنوير (7/ 28).
صَلَاة وَصَلَاة فِي مَسْجِدي بِخَمْسِينَ ألف صَلَاة وَصَلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام بِمِائَة ألف صَلَاة رَوَاهُ ابْن مَاجَه
(1)
. وَرُوَاته ثِقَات إِلَّا أَن أَبَا الْخطاب الدِّمَشْقِي لَا تحضرني الْآن تَرْجَمته وَلم يخرج لَهُ من أَصْحَاب الْكتب السِّتَّة أحد إِلَّا ابْن مَاجَه وَالله أعلم.
قوله: وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، تقدم الكلام على أنس.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من صلى في مسجدي أربعين صلاة لا تفوته صلاة كتبت له براءة من النار وبراءة من العذاب" الحديث.
قوله: وعن أنس أيضا، تقدم الكلام على أنس أيضا.
قوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الرجل في بيته بصلاة وصلاته في مسجد القبائل بخمس وعشرين صلاة وصلاة في المسجد الذي يجمع فيه بخمسمائة صلاة" أي تصلى فيه الجمعة، الصلاة في الجامع أفضل من المسجد الصغير لكثرة الجماعة، حدثنا عبد الله بن السمي فذكره إلى أن قال: حدثني نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصلاة في المسجد الجامع تعدل الفريضة حجة مبرورة والنافلة الحجة المتقبلة" وفضلت الصلاة في الجامع على ما سواه من المساجد بخمس مائة صلاة [لا يروى] هذا الحديث عن نافع إلا عطاء ولا
(1)
ابن ماجه (1413)، والطبراني في الأوسط (7008)، ذكره ابن الجوزي في العلل المتناهية (946) وقال: هَذا حديثٌ لَا يَصِحُّ. وقال البوصيري في الزوائد (1/ 456): هذا إسناد ضعيف، أبو الخطاب الدمشقي لا يعرف حاله، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3509). وقال في ضعيف الترغيب (756): ضعيف جدًا.
عن عطاء إلا نوح، تفرد بن زهير قاله الزركشى
(1)
.
قوله: "وصلاة في المسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة" الحديث، أجمع المسلمون على استحباب زيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه وعلى فضله قال الله سبحانه وتعالى:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى}
(2)
الآية، وروى الحاكم في المستدرك عن عبادة بن الصامت أنه كان على سور بيت المقدس الشرقي يبكي فقال له بعضهم ما يبكيك يا أبا الوليد فقال من ها هنا أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى جهنم، ثم قال صحيح الإسناد
(3)
، وروى الحافظ أبو نعيم في تاريخ أصبهان
(4)
في ترجمة محمد بن هارون بن عبد الله في قوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ}
(5)
قال: قال الحسن هو بيت المقدس، لأنه يسرج
(1)
إعلام الساجد (ص 376).
(2)
سورة الإسراء، الآية:1.
(3)
أخرجه الشاشى (1311)، وابن حبان (7464)، والطبراني في الشاميين (342 و 343)، والحاكم في المستدرك 2/ 478 - 479. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وتعقبه الذهبى فقال: بل منكر وآخره باطل، لأنه ما اجتمع عبادة برسول الله صلى الله عليه وسلم هناك ثم من هو ابن ميمون وشيخه، وفي نسخة أبي مسهر عن سعيد، عن زياد بن أبي سودة قال: رئي عبادة على سور بيت المقدس يبكي وقال: من ها هنا أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى جهنم، فهذا المرسل أجود. وضعفه الألباني في الضعيفة (5663).
(4)
تاريخ أصبهان أو أخبار أصبهان (2/ 206).
(5)
سورة النور، الآية:36.
فيه أحد عشرة آلاف قنديل
(1)
، وفي المستدرك في كتاب الفتن [والملاحم] عن أبي ذر قال: تذاكرنا ونحن عند النبي صلى الله عليه وسلم أيما أفضل، مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو مسجد بيت المقدس؟ فقال صلى الله عليه وسلم:"صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه ولنعم المصلى"
(2)
وفيه أبو الخطاب الدمشقي، أبو الخطاب الدمشقي هذا اسمه حماد روى عن أبي عبد الله رزيق الألهاني هذا الحديث وليس له في الكتب الستة سواه، قال في التهذيب
(3)
: أبو الخطاب الدمشقي مولى واثلة بن الأسقع يقال إنه [رأى] أنس بن مالك روى عن واثلة بن الأسقع، وأبو عبد الله رزيق بتقديم الراء المهملة الألهاني صدوق
(4)
قاله في شرح الإلمام.
(1)
تفسير ابن أبي حاتم (8/ 2605).
(2)
أخرجه الطحاوى في المشكل (608)، والطبراني في الأوسط (7/ 103 رقم 6983) و (8/ 148 رقم 8230) والشاميين (2714) و (2769)، والحاكم في المستدرك (4/ 509).
وقال الطبراني في الموضع الأول: لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا الحجاج، وسعيد بن بشير، تفرد به: إبراهيم بن طهمان، عن الحجاج، وتفرد به: ابن سليمان بن أبي داود، عن سعيد. وقال في الثانى: لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا الحجاج، وسعيد بن بشير، تفرد به عن الحجاج: إبراهيم بن طهمان، ونفرد به عن سعيد: محمد بن سليمان بن أبي داود.
وصححه الحاكم ووافقه الذهبى. وقال الهيثمي في المجمع 4/ 7: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني في الصحيحة (2902) وصحيح الترغيب (1179).
(3)
تهذيب الكمال (28/ 269 - 271 ترجمة 6089).
(4)
تهذيب الكمال (9/ 185 - 186 ترجمة 1907).
1834 -
وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه قَالَ دخلت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي بَيت بعض نِسَائِهِ فَقلت يَا رَسُول الله أَي المسجدين الَّذِي أسس على التَّقْوَى فَأخذ كفا من حَصْبَاء فَضرب بِهِ الأَرْض ثمَّ قَالَ هُوَ مَسْجِدكُمْ هَذَا لمَسْجِد الْمَدِينَة رَوَاهُ مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ. وَالنَّسَائِيّ وَلَفظه قَالَ تمارى رجلَانِ فِي الْمَسْجِد الَّذِي أسس على التَّقْوَى من أول يَوْم فَقَالَ رجل هُوَ مَسْجِد قبَاء وَقَالَ رجل هُوَ مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم هُوَ مَسْجِدي هَذَا
(1)
.
قوله: وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "أي المسجدين الذي أسس على التقوى؟ فأخذ كفا من حصباء فضرب به الأرض ثم قال "هو مسجدكم هذا لمسجد المدينة" الحديث، فيه رد قول ابن عباس إذ قال إنه مسجد قباء، قال لأنه أول مسجد بني في الإسلام وذلك أنه رأى مسجد قباء أول مسجد بناه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وذلك أنه لما هاجر صلى الله عليه وسلم نزل على بني عمرو بن عوف في قباء يوم الاثنين فأقام فيهم إماما وأسس فيها مسجد قباء ثم إنه ارتحل عنهم يوم الجمعة إلى بني سالم بن عوف فصلى عندهم الجمعة وهي أول جمعة جمعت في الإسلام ثم إنه دخل المدينة فنزل على بني مالك بن النجار على أبي أيوب
(2)
، أ. هـ.
(1)
مسلم (1398)، والترمذي (3099)، وأحمد (11046)، وابن حبان (1606)، والطبري في التفسير (17220).
(2)
المفهم (11/ 47).
ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة نزل على أبي أيوب فبركت الناقة على باب مسجده وهو يومئذ مربد لغلامين يتيمين من بني مالك بن النجار في حجر معاذ بن عفراء سهل وسهيل ابني عمرو، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المربد لمن هو؟ فقال له معاذ بن عفراء يا رسول الله لسهل وسهيل ابنى عمرو وهما يتيمان لي وسأرضيهما منه فاتخذه مسجدا فبناه النبي صلى الله عليه وسلم وعمل فيه بيده ليرغب الناس في العمل فعمل فيه المهاجرون والأنصار فبناه النبي صلى الله عليه وسلم وجعل عضادتيه الحجارة وسواريه جذوع النخل وسقفه بالجريد بعد أن نبش قبور المشركين وسواها وقطع النخل فلما استخلف أبو بكر لم يحدث في المسجد شيئا ثم لما كان عمر زاد فيه دار العباس وغيرها فلما كان عُثْمَانَ بَنَاهُ فِي خِلافَتِهِ بِالْحِجَارَةِ وَالْغُصَّةِ، وَجَعَلَ عُمُدَهُ حِجَارَةً وَسَقْفَهُ بِالسلاج، وَزَادَ فِيهِ، وَنَقَلَ إِلَيْهِ الْحَصْبَاءَ مِنَ الْعَقِيقِ. ثم لم يزل كذلك إِلَى أَنْ وَلِيَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بَعْدَ أَبِيهِ، فَكتب إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ عَامِلُهُ عَلَى الْمَدِينَةِ يَأْمُرُهُ بِهَدْمِ الْمَسْجِدِ وَبِنَائِهِ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِمَالٍ وَفُسَيْفِسَاءَ وَرُخَامٍ، وَبِثَمَانِينَ صَانِعًا مِنَ الرُّوم وَالْقِبْطِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ، فَبَنَاهُ وَزَادَ فِيهِ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ، وَيُقَالُ: فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ، ثُمَّ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ أَحَدٌ مِنَ الْخُلَفَاءِ شَيْئًا حَتَى اسْتُخْلِفَ الْمَهْدِيُّ. فأرسل إليه عمالا عملوا فيه سنة وزاد في مؤخره مائة ذراع وعرضه مائتي ذراع وتم بناؤه فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ
(1)
أ. هـ قاله في الديباجة.
(1)
عيون الأثر (1/ 223 - 226).
فمسجد قباء هو الذي أسس على التقوى كما ورد به القرآن العظيم وفي السنة الأولى من الهجرة بنى النبي صلى الله عليه وسلم مسجد المدينة، ومسجد قباء فلما تساوى المسجدان المذكوران في بناء النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لهما صار كل واحد من المسجدين مؤسسا على التقوى فلما قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:{لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ}
(1)
أشكل التعيين فسأل عن ذلك فأجاب بأنه مسجد المدينة.
فإن قيل: إذا كان كل واحد منهما أسس على التقوى فما المزية التي أوجبت تعيين مسجد المدينة؟ قلنا: يمكن ان يقال إن بناء مسجد قباء لم يكن بأمر جزم من الله تعالى لنبيه عليه السلام بل ندب إليه أو كان رأيا رآه بخلاف مسجد المدينة فإنه أمر بذلك وجزم عليه فأشبه امتثال الواجب وكان بذلك الاسم أحق أو حصل له صلى الله عليه وسلم ولأصحابه من الأحوال القلبية عند بنائه ما يحصل لهم عند غيره فكان أحق بذلك والله أعلم ذكره القرطبي
(2)
.
1835 -
وَعَن سهل بن سعد رضي الله عنه قَالَ اخْتلف رجلَانِ فِي الْمَسْجِد الَّذِي أسس على التَّقْوَى فَقَالَ أَحدهمَا هُوَ مَسْجِد الْمَدِينَة وَقَالَ الآخر هُوَ مَسْجِد قبَاء فَأتوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ هُوَ مَسْجِدي هَذَا رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه
(3)
.
(1)
سورة التوبة، الآية:108.
(2)
المفهم (11/ 48).
(3)
ابن حبان (1604)، وأحمد (22805)، والطبراني في الكبير (6025)، والطبري في التفسير (17218)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 10)، رواه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح.
قوله: وعن سهل بن سعد رضي الله عنه، كنيته: أبو العباس، وقيل: أبو يحيى سهل بْن سَعْد بْن مَالِك بْن خالد بْن ثعلبة بْن حارثة الأنصاري الساعدي المدني
(1)
كان اسمه حزنا فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سهلا، روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة حديث وثمانية وثمانون حديثا، اتفق البخاري ومسلم على ثمانية وعشرين وانفرد البخاري بأحد عشر حديثا، وتوفي رضي الله عنه بالمدينة سنة ثمان وثمانين، وقيل: سنة أحدى وتسعين، قال ابن سعد هو آخر من مات من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ليس فيه خلاف، وقال غيره بل فيه خلاف
(2)
والله أعلم.
قوله: اختلف رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"هو مسجدي هذا" تقدم الكلام على ذلك.
1836 -
وَعَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام بِمِائَة ألف صَلَاة وَالصَّلَاة فِي مَسْجِدي بِأَلف صَلَاة وَالصَّلَاة فِي بَيت الْمُقَدّس بِخَمْسِمِائَة صَلَاة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير.
وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَلَفظه قَالَ صَلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام أفضل مِمَّا سواهُ من الْمَسَاجِد بِمِائَة ألف صَلَاة وَصَلَاة فِي مَسْجِد الْمَدِينَة أفضل من ألف
(1)
أسد الغابة 2/ 472، الإصابة 2/ 88، الاستيعاب: 664، سير أعلام النبلاء (3/ 422)، الجرح والتعديل 4/ 198، مشاهير علماء الأمصار: ت 114، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 1/ 238، تهذيب الكمال: 558، تذهيب التهذيب 2/ 61،، تهذيب التهذيب 4/ 252، خلاصة تذهيب الكمال: 133، شذرات الذهب 1/ 99.
(2)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 238 ترجمة 237).
صَلَاة فِيمَا سواهُ وَصَلَاة فِي مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس أفضل مِمَّا سواهُ من الْمَسَاجِد بِخَمْسِمِائَة صَلاة.
وَرَوَاهُ الْبَزَّار وَلَفظه قَالَ فضل الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام على غَيره بِمِائَة ألف صَلَاة وَفِي مَسْجِدي ألف صَلَاة وَفِي مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس خَمْسمِائَة صَلَاة وَقَالَ الْبَزَّار إِسْنَاده حسن كَذَا قَالَ
(1)
.
قوله: وعن أبي الدرداء رضي الله عنه، أبو الدرداء اسمه عويمر، وقيل: عامر بن زيد بن قيس بن الخزرج بن الحارث الأنصاري
(2)
، روي له عن رسول لله صلى الله عليه وسلم مائة حديث وتسعة وسبعون حديثا، اتفق البخاري ومسلم منها على حديثين وانفرد البخاري بثلاث ومسلم بثمانية وكان رضي الله عنه فقيها زاهدا حليما، شهد ما بعد أحد من المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، اختلفوا في شهوده أحدا، وكان اسلامه تأخر قليلا عن أول الهجرة وولي قضاء دمشق في خلافة عثمان سنة إحدى وقيل سنة ثنتين وثلاثين من الهجرة، وقبره وقبر زوجته أم
(1)
الطبراني في الكبير، كما في مجمع الزوائد (4/ 7)، والبيهقي في شعب الإيمان (4140)، والبزار (422)، وابن خزيمة (3339)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (609)، قال البزار: لا نعلمه يروى بهذا اللفظ مرفوعا إلا بهذا الإسناد، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، ورجاله ثقات، وفي بعضهم كلام، وهو حديث حسن، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3569).
(2)
معرفة الصحابة لأبي نعيم (4/ 2102) حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة (1/ 244) سير السلف الصالحين لإسماعيل بن محمد الأصبهاني (ص: 553) مشاهير علماء الأمصار (ص: 84).
الدرداء الصغرى بباب الصغير من دمشق مشهوران وكان له امرأتان كل واحدة يقال لها أم الدرداء صحابية وتابعية تزوج التابعية بعد وفاة الصحابية، فالصحابية هي الكبرى اسمها خيرة لها صحبة ورواية عن النبي صلى الله عليه وسلم ويقال أنها ماتت قبل أبي الدرداء والتابعية اسمها هجيمة وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبي الدرداء وسلمان الفارسي رضي الله عنهما وحديث زيارة سلمان له في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهور في صحيح البخاري وغيره والله أعلم، ويقال جهيمة بنت حيي ويقال بنت حي الأصابية ويقال الوصابية والوصاب بطن من حمير وهي التي مات عنها أبو الدرداء وخطبها معاوية فلم تقبل، روت عن سلمان الفارس وفضالة بن عببد وزوجها أبي الدرداء وأبي هريرة وعائشة وعنها أمم، وقالت: سمعت أبا الدرداء يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرأة لأخر أزواجها فلست أريد بأبي الدرداء بدلا"
(1)
وفي رواية أنها قالت لأبي الدرداء عند الموت إنك خطبتني إلى أبوي في الدنيا فأنكحوني وإني أخطبك إلى نفسك في الآخرة، قال: فلا تنكحي بعدنا فخطبها معاوية بن أبي سفيان فأخبرته بالذي كان فقال: عليك بالصيام وكانت ذا حسن وجمال وفقه وكانت تقول أفضل العلم المعرفة وكانت تكتب في ألواح الصبيان [فيما تعلمهم] تَعلَّمُوا الْحِكْمَةَ صِغَارًا تَعْمَلُوا بِهَا كِبَارًا، إِنَّ كل زارع حاصدٌ مِنْ خيرٍ أَوْ شَرٍّ وقال سليم بن عامر أَرْسَلَتْنِي أُمُّ الدَّرْدَاءِ إِلَى نَوْفٍ الْبِكَالِيِّ
(1)
شرح مشكل الآثار (2/ 121) وصحح الشطر الاول الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (1281).
وَإِلَى رَجُلٍ آخَرَ كَانَ يَقُصُّ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَتْ: قُلْ لَهُمَا: اتَّقِيَا اللهَ وَلْتَكُنْ مَوْعِظَتُكُمَا النَّاسَ مَوْعِظَتَكُمَا لَأَنْفُسِكُمَا
(1)
. وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبي الدرداء وسلمان الفارسي رضي الله عنهما وحديث زيارة سلمان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهور في صحيح البخاري وغيره
(2)
والله أعلم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة والصلاة في مسجدي بألف صلاة والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة" قد اختلفت الأحاديث في مضاعفة الصلاة في بيت المقدس، الأول: بخمسمئة صلاة لحديث أبي الدرداء هذا، الثاني: ألف صلاة لما روى ابن ماجه بسنده عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قلت: يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس قال: "أرض المحشر والنشر ائتوه فصلوا فيه فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره"
(3)
، الثالث: خمسين ألف صلاة ولما [روى ابن ماجه] في سننه عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ["صلاة الرجل في بيته بصلاة، وصلاته في مسجد القبائل بخمس وعشرين صلاة، وصلاته في المسجد الذي يجمع فيه بخمس مائة صلاة، وصلاته في المسجد الأقصى بخمسين ألف
(1)
الزهد لأحمد (981)، وحلية الأولياء (6/ 52).
(2)
تهذيب الأسماء واللغات (2/ 228 - 229 ترجمة 780) و (2/ 359 - 361 ترجمة 1194).
(3)
أخرجه أحمد (27626)، وابن ماجه (1407)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (610)، والطبراني في مسند الشاميين (471)، والضياء المقدسي في فضائل بيت المقدس (17)، الآحاد والمثاني (3448).
صلاة، وصلاته في مسجدي بخمسين ألف صلاة، وصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة"
(1)
وعنه أيضا قال:] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى في بيت المقدس خمس صلوات نافلة كل صلاة أربع ركعات يقرأ في الخمس عشرة آلاف قل هو الله أحد فقد اشترى نفسه من الله ليس للنار عليه سلطان"
(2)
.
1837 -
وَرُوِيَ عَن بِلَال بن الْحَارِث رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رَمَضَان بِالْمَدِينَةِ خير من ألف رَمَضَان فِيمَا سواهَا من الْبلدَانِ وجمعة بِالْمَدِينَةِ خير من ألف جُمُعَة فِيمَا سواهَا من الْبلدَانِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير
(3)
.
قوله: وروي عن بلال بن الحارث رضي الله عنه، كنيته: أبو عبد الرحمن بلال بن الحارث بن عاصم بن سعيد بن قرة بن خلاوة بفتح الخاء المعجمة بن ثعلبة بن ثور بن هذمة بضم الهاء وإسكان الذال المعجمة [ابن لاطم بن عثمان بن عمرو بن أد بن طابخة] بن إلياس بن مضر بن نزار المزني وبلال مدني وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد مزينة سنة خمس من الهجرة وأقطعه النبي صلى الله عليه وسلم المعادن القبلية بفتح القاف والباء وكان يحمل لواء مزينة يوم فتح مكة ثم سكن البصرة وتوفي سنة ستين وهو ابن ثمانين سنة روى له عن النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
أخرجه ابن ماجه (1413). وضعفه الألباني جدا في المشكاة (752)، وضعيف الترغيب (756).
(2)
ذكره ابن الجوزى في تاريخ بيت المقدس (ص 46) ولم نقف على سنده.
(3)
الطبراني في الكبير (1144)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 301)، وفيه عبد الله بن كثير، وهو ضعيف وقال الألباني موضوع، في ضعيف الجامع (3138).
ثمانية أحاديث
(1)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "رمضان بالمدينة خير من ألف رمضان فيما سواها من البلدان" الحديث.
1838 -
وَعَن عبد الله بن عَمْرو رضي الله عنهما عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لما فرغ سُلَيْمَان بن دَاوُد عليهما السلام من بِنَاء بَيت الْمُقَدّس سَأَلَ الله عز وجل ثَلَاثًا أَن يؤتيه حكما يُصَادف حكمه وملكا لَا يَنْبَغِي لَاحَدَّ من بعده وَأَنه لَا يَأْتِي هَذَا الْمَسْجِد أحد لَا يُرِيد إِلَّا الصَّلَاة فِيهِ إِلَّا خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أما اثْنَتَيْنِ فقد أعطيهما وَأَرْجُو أَن يكون قد أعطي الثَّالِثَة رَوَاهُ أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحَيْهِمَا وَالْحَاكِم أطول من هَذَا وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا وَلَا عِلّة لَهُ
(2)
.
قوله: وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي، هو: أبو محمد، وقيل: أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو نصير عبد الله بن عمرو بن العاصي القرشي
(3)
الزاهد العابد الصحابي بن الصحابي كان بينه وبين أبيه في السن اثنتا عشرة سنة،
(1)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 135 - 136 ترجمة 87).
(2)
أحمد (6644)، والنسائي في الكبرى (683)، وابن ماجه (1408)، وابن خزيمة (1334)، وابن حبان (1633)، والحاكم (1/ 30)، وقال الألباني صحيح، أخرجه ابن ماجه (1408)، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه.
(3)
سير أعلام النبلاء (3/ 79)، طبقات بن سعد 2/ 373، التاريخ الكبير 5/ 5، المعرفة والتاريخ 1/ 251، الجرح والتعديل 5/ 116، الحلية 1/ 283، الاستيعاب: 956، أسد الغابة 3/ 349، تهذيب الكمال: 716، تذكرة الحفاظ 1/ 39.
وقيل: إحدى عشرة سنة وأمه ريطة بنت منبه بن الحجاج أسلمت، قالوا: وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: نعم أهل البيت عبد الله وأبو عبد الله وأم عبد الله، وأسلم عبد الله قبل أبيه وكان كثير العلم مجتهدا في العبادة وكان أكثر الناس أخذا للحديث والعلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثبت في الصحيح
(1)
عن أبي هريرة قال: ما كان أحد أكثر حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مني إلا عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب، وكان رضي الله عنه تلاءا للقرآن روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعمائة حديث، اتفق البخاري ومسلم منها على تسعة عشر وانفرد البخاري بثمانية ومسلم منها على سبعة عشر وانفرد البخاري بثمانية ومسلم بعشرين وإنما قلت الرواية عنه مع كثرة ما حمل لأنه سكن مصر وكان الواردون إليها قليلا بخلاف أبي هريرة فإنه استوطن المدينة وهي مقصد المسلمين من كل جهة ونقلوا عنه رضي الله عنه، قال حفظت عن النبي صلى الله عليه وسلم ألف مثل، وأنه قال لخبر أعلمه اليوم أحب إلي من مثليه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تهمنا الآخرة ولا تهمنا الدنيال وإنا اليوم مالت بنا الدنيا، وشهد مع أبيه فتح الشام وكانت معه راية أبيه يوم اليرموك توفي عبد الله سنة ثلاث وستين وقيل خمس وستين بالطائف، وقيل: توفي بفلسطين سنة خمس وستين وكان عمره ثنتين وسبعين سنة ومناقبة كثيرة مشهورة
(2)
.
(1)
صحيح البخاري (113).
(2)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 281 - 282 ترجمة 323).
قوله صلى الله عليه وسلم: "لما فرغ سليمان بن داود عليهما السلام من بناء بيت المقدس سأل الله عز وجل ثلاثا أن يؤتيه حكما يصادف حكمه" الحديث، وأما الحكم الذي يوافق حكم الله تعالى فقد أثنى الله تعالى عليه وعلى أبيه في قوله تعالى:{وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ}
(1)
الآية، {وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا}
(2)
قد ذكر شريح القاضي وغير واحد من السلف أن هؤلاء القوم كان لهم كرم فنفشت.
فإن قيل: ما الحكمة فى تمني سليمان الملك مع أنه كان منزها عنها؟
فالجواب: إن الملك كان معجزة له كالعصى لموسى وشبه ذلك، وقيل: ليتمكن به من الطاعة ويستعين على الخير وكان يجالس المساكين ويقول: مسكين جالس مسكينا
(3)
، أ. هـ.
قال أبو إسحاق الثعلبي في كتاب العرائس
(4)
في قول الله عز وجل: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ}
(5)
أي نبوته وعلمه وكلمته دون سائر أولاد داود، وكان لداود عليه السلام اثنا عشر ابنا، قال: وكان سليمان عليه الصلاة والسلام ملك الشام إلى اصطخر، قال وقيل: ملك الأرض، وقد روى عن ابن عباس
(1)
سورة الأنبياء، الآية:78.
(2)
سورة الأنبياء، الآية:79.
(3)
انظر معانى القرآن (4/ 333) للزجاج، وتفسير السمرقندى (3/ 168)، وتفسير الثعلبى (8/ 209)، وأحكام القرآن (4/ 68) لابن العربى.
(4)
عرائس المجالس (ص 400) وتهذيب الأسماء واللغات (1/ 233).
(5)
سورة النمل، الآية:16.
-رضي الله عنهما قال: ملك الأرض مؤمنان سليمان وذو القرنين وكافران نمرود وبخت نصر، قال: قال كعب الأحبار ووهب بن منبه: كان سليمان عليه السلام أبيض جسيما وسيما وضيئا جميلا خاشعا متواضعا يلبس الثياب البيض ويجالس المساكين ويقول مسكين جالس مسكينا وكان أبوه يشاوره في كثير من أموره مع صغر سنه لوفور عقله وعلمه، قالط: وكان سليمان حين ملك كثير الغزو ولا يكاد يتركه فتحمله الريح هو وعسكره ودوابهم حين أراد وتمر به وبعسكره الريح على المزرعة فلا تحرك الزرع، قال: وقال محمد بن كعب القرظي بلغنا أن عسكر سليمان كان مائة فرسخ خمسة وعشرون للإنس ومثلها للجن ومثلها للطير ومثلها للوحش، قال: قال أهل التاريخ كان عمر سليمان ثلاثا وخمسين سنة وملك وهو ابن ثلاثين سنة، وابتدأ بناء بيت المقدس بعد ابتداء ملكه بأربع سنين صلى الله عليه وسلم
(1)
أ. هـ، هذا الحديث صريح في أن سؤال سليمان الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده كان بعد إكمال بناء بيت المقدس، وعن كعب الأحبار أن سليمان عليه [السلام بني البيت المقدس على أساس قديم. كان أسسه سام بن نوح وذكر أبو بكر محمد بن أحمد الواسطى في كتاب فضائل القدس: أن سلمان اشترى أرضه بسبعة قناطير ذهب، وعن عطاء الخرساني. قال: بيت المقدس] بنته الأنبياء وعمرته الأنبياء والله ما فيه موضع شبر إلا وقد سجد فيه نبي
(2)
، وقال أبو العباس
(1)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 234).
(2)
إعلام الساجد (ص 283).
القرطبي
(1)
: الحديث لا يدل على أن بناء سليمان لما [بنى] ابتدأ وضعه له بل ذلك تجديد لما أسسه غيرهما [وبدأه] وقد روي أن أول من بنى البيت آدم وعلى هذا فيجوز أن يكون غيره من ولده وضع البيت المقدس بعده، وقيل: إن إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما فرغ من بناء البيت الحرام وذهب إلى الشام ابتنى بيت المقدس ثم جدده سليمان عليه السلام وقال ابن كثير في كتاب الأنبياء [وعند] أهل الكتاب أن يعقوب عليه السلام هو الذي أسس المسجد الأقصى وهو مسجد إيلياء وهو مسجد بيت المقدس وهذا متجه.
فعلى هذا يكون بناء يعقوب وهو إسرائيل عليه السلام بعد بناء الخليل وابنه إسماعيل المسجد الحرام وما جاء في الحديث [أن سليمان] بن داود لما بنى بيت المقدس سأل الله تعالى خلالا ثلاثا .. الحديث. المراد من ذلك أنه جدد بناءه
(2)
، قال الخطابي
(3)
: يشبه أن يكون الأقصى بناه بعض أولياء الله تعالى قبل داود وسليمان ثم إنهما زادا فيه ووسعاه فأضيف إليهما بناؤه وقد ينسب هذا المسجد إلى [إيلياء فالله أعلم أهو اسم من بناه أو غيره] والله أعلم [وقال] في موضع آخر في حديث أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول مسجد وضع في الأرض فقال: "المسجد الحرام" قلت: ثم أي؟ قال: "المسجد الأقصى" قلت: وكم بينهما؟ قال: "أربعون عاما"
(4)
وقد أشكل
(1)
المفهم (5/ 43).
(2)
البداية والنهاية (1/ 375 - 376).
(3)
الكواكب الدراري (14/ 27).
(4)
صحيح مسلم (520).
هذا الحديث على بعضهم، فقال معلوم: عن سليمان بن داود هو الذي بنى المسجد الأقصى كما ورد في حديث النسائي بإسناد صحيح وهو بعد إبراهيم عليه السلام كما قال أهل التاريخ بأكثر من ألف عام وهذا القائل جهل التاريخ فإن سليمان عليه السلام إنما كان له من المسجد الأقصى تجديده لا تأسيسه والذي أسسه هو يعقوب عليه السلام بن إسحاق صلى الله عليه وسلم بعد بناء إبراهيم الكعبة بهذا القدر ولما ذكره الحافظ أبو حاتم بن حبان البستي في صحيحه المسمى بالتقاسيم والأنواع
(1)
قال فيه [دحض] لقول من زعم أن بين إسماعيل وداود [صلى الله عليه وسلم] عليهما ألف سنة ورد عليه الحافظ الضياء المقدسي في استدراكاته عليه، وقال: وجه هذا الحديث أن هذين المسجدين وضعا قديما ثم خربا ثم بنيا
(2)
أ. هـ.
وزعم بعضهم أن أول من بنى البيت آدم وأن غيره من ولده رفع بيت المقدس بعده بأربعين عاما، حكاه ابن الجوزي وغيره وذكر ابن هشام في كتاب التيجان
(3)
: ان آدم لما بنى البيت أمره جبريل بالمسير إلى بيت المقدس وأن يبنيه فبناه ونسك فيه أ. هـ، قاله الزركشي
(4)
.
1839 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة وَعَائِشَة رضي الله عنهما قَالَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صَلَاة فِي مَسْجِدي خير من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ من الْمَسَاجِد إِلَّا الْمَسْجِد الْأَقْصَى
(1)
صحيح ابن حبان (14/ 120 تبويبا على الحديث قال: ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن بين إسماعيل، وداود ألف سنة).
(2)
إعلام الساجد (ص 29 - 30)
(3)
التيجان في ملوك حمير (ص 22).
(4)
إعلام الساجد (ص 30).
رَوَاهُ أَحْمد وَرُوَاته رُوَاة الصَّحِيح
(1)
.
قوله: وعن أبي هريرة أو عائشة رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليهما.
قوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة في مسجدي خير من ألف صلاة [فيما سواه] من المساجد" تقدم الكلام على ذلك.
1840 -
وَعَن أبي ذَر رضي الله عنه أَنه سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الصَّلَاة فِي بَيت الْمُقَدّس أفضل أَو فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من أَربع صلوَات فِيهِ ولنعم الْمصلى هُوَ أَرض الْمَحْشَر والمنشر وليأتين على النَّاس زمَان ولقيد سَوط أَو قَالَ قَوس الرجل حَيْثُ يرى مِنْهُ بَيت الْمُقَدّس خير لَهُ أَو أحب إِلَيْهِ من الدُّنْيَا جَمِيعًا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ وَفِي مَتنه غرابة
(2)
.
قوله: وعن أبي ذر رضي الله عنه، تقدم الكلام عليه.
قوله: أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في بيت المقدس أفضل أو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره إلى أن قال "ولنعم المصلى هو أرض المحشر والمنشر وليأتين على الناس زمان ولقيد سوط أو قال قوس الرجل حيث يرى
(1)
أحمد (7739)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 5)، حديث أبي هريرة في الصحيح، خلا قوله:"إلا المسجد الاقصى".
(2)
البيهقي في شعب الإيمان (4145)، والحاكم (4/ 509)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (608)، والطبراني في الأوسط (8230)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 7)، ورجاله رجال الصحيح.
منه بيت المقدس خير له أو أحب إليه من الدنيا جميعا" قيد القوس أو السوط معناه قدر سوط أو قوس، وسيأتي تفسير ذلك في آخر الكتاب في صفة الجنة، وعن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قال: قلت: يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس، قال: "أرض المحشر والمنشر ائتوه فصلوا فيه فإن فيه كألف صلاة في غيره" قلت: أرأيت إن لم أستطع أن أتحمل إليه، قال: "فتهدي إليه زيتا يسرج فيه فمن فعل ذلك فهو كمن أتاه" رواه أبو داود وابن ماجه بإسناد جيد، وفي رواية: "من فعل ذلك فهو كمن صلى فيه"
(1)
؛ وميمونة هي ميمونة بنت سعد خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم روى عنها [زياد] بن أبى سودة وغيره، وأخرجه أيضا الإمام أحمد وفي رواية لأحمد
(2)
عن بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: يا رسول الله فإن لم تستطع إحدانا أن تأتيه قال: "فإن لم تستطع [قال إذا لم تستطع إحداكن أن تأتيه] فلتبعث له بزيت يسرج فيه [فإن من] بعث له بزيت يسرج فيه كان كمن صلى فيه" وروي بعضه أبو داود وقال بعض الأشياخ
(3)
: من حسن الأدب ومحاسن التعبد أن يعتقد المؤمن إذا كان بالمسجد الحرام أفضليته على ما سواه وكذلك إذا كان بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
أخرجه ابن ماجه (1407)، وأبو داود (457). قال الذهبى: هذا حديث منكر جدا، رواه سعيد بن عبد العزيز، عن زياد، عنها، فهذا منقطع. ورواه ثور بن يزيد، عن زياد متصلا. قال عبد الحق: ليس هذا الحديث بقوي. وقال ابن قطان: زياد وعثمان ممن يجب التوقف عن روايتهما. (ميزان الاعتدال)[2/ 90]. وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود (68).
(2)
سبق تخريجه.
(3)
هو الشيخ ولى الدين المنفلوطى كما في تسهيل المقاصد (لوحة 65).
وليس من الأدب إذا كان بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول بأفضلية المسجد الحرام، قاله ابن العماد
(1)
.
فأفضل مساجد الأرض الكعبة ثم مسجد مكة المحيط بالكعبة ثم مساجد الحرم ثم مسجد المدينة ثم مسجد الأقصى ثم مسجد الطور
(2)
، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"إن الدجال يطوف الأرض إلا أربعة مساجد مسجد المدينة ومسجد مكة والأقصى ومسجد الطور" رواه أحمد
(3)
في المسند في [هذه الأحاديث] تفضيل هذه المساجد على غيرها والمسجد الأقصى وصف بذلك لبعد ما بينه وبين المسجد الحرام، وقيل: لأنه أقصى موضع في الأرض ارتفاعا وقربا من السماء، قال الزمخشري: المسجد الأقصى يطلق ويراد به بيت المقدس لأنه لم يكن حينئذ وراءه مسجد
(4)
.
1841 -
وَعَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الصَّلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَالْجُمُعَة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف جُمُعَة فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَشهر رَمَضَان فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف شهر رَمَضَان فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد
(1)
تسهيل المقاصد (لوحة 65).
(2)
تسهيل المقاصد (لوحة 64).
(3)
أخرجه أحمد 5/ 434 (23683) و (23684) و 5/ 435 (23685)، والطحاوى في المشكل (14/ 376). وقال الهيثمي في المجمع 7/ 343: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني في الصحيحة (2934).
(4)
الكواكب الدراري (7/ 13).
الْحَرَام رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ
(1)
. وَرَوَاهُ أَيْضا هُوَ وَغَيره من حَدِيث ابْن عمر بِنَحْوِهِ
(2)
. وَتقدم حَدِيث بِلَال مُخْتَصرا.
قوله: وروي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، تقدم الكلام على جابر.
قوله صلى الله عليه وسلم: "الصلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام" تقدم معناه.
قوله:
1842 -
وعنْ أسيد بن ظهير الأنصاري رضي الله عنه، أسيد بضم الهمزة يحدِّث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: صلاة في مسجد قباء كعمرةٍ. رواه الترمذي، وابن ماجه، والبيهقي، وقال الترمذي: حديث حسن غريب
(3)
.
قال الحافظ: ولا نعرف لأسيد حديثًا صحيحًا غير هذا، والله أعلم.
وكان من الصحابة يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو نعيم وابن مندة أنه عم رافع بن خديج، والصواب أنه ابن عمه وظهير بضم الظاء المعجمة وفتح
(1)
البيهقي في شعب الإيمان (4147) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3572).
(2)
البيهقي في شعب الإيمان (4148)، وقال: هذا إسناد ضعيف بمرة.
(3)
الترمذي (324)، وقال: حديث أسيد حديث حسن غريب وفي نسخة د. شار: حسن صحيح، وقال في الحاشية وفي بعض النسخ حسن غريب، ولا نعرف لأسيد بن ظهير شيئا يصح غير هذا الحديث، وابن ماجه في الإقامة (1411)، والبيهقي في شعب الإيمان (4190)، والحاكم (1/ 478)، وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، إلا إن ابا الأبرد مجهول، ووافقه الذهبي، وأبو يعلى (7172)، والطبراني في الكبير (570)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3872).
الهاء له ولابنه صحبة [روى له] الأربعة وهذا الحديث رواه أبو القاسم الطبراني قاله في الديباجة.
قوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة في مسجد قباء كعمرة" سيأتي الكلام على مسجد قباء.
1843 -
وَعَن سهل بن حنيف رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من تطهر فِي بَيته ثمَّ أَتَى مَسْجِد قبَاء فصلى فِيهِ صَلَاة كانَ لَهُ كَأَجر عمْرَة رَوَاهُ أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَاللَّفْظ لَهُ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَالْبَيْهَقِيّ وَقَالَ وَرَوَاهُ يُوسُف بن طهْمَان عَن أبي أُمَامَة بن سهل عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِمَعْنَاهُ وَزَاد وَمن خرج على طهر لَا يُرِيد إِلَّا مَسْجِدي هَذَا يُرِيد مَسْجِد الْمَدِينَة ليُصَلِّي فِيهِ كَانَت بِمَنْزِلَة حجَّة
(1)
.
قَالَ الْحَافِظ انْفَرد بِهَذِهِ الزِّيَادَة يُوسُف بن طهْمَان وَهُوَ واه وَالله أعلم
(2)
.
1844 -
وروى الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من تَوَضَّأ فَأحْسن الْوضُوء ثمَّ دخل مَسْجِد قبَاء فيركع فِيهِ أَربع رَكعَات كانَ ذَلِك عدل رَقَبَة
(3)
.
(1)
أحمد (15981)، وابن ماجه (1412)، والحاكم (3/ 12)، والبيهقي في شعب الإيمان (4191)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (6354).
(2)
البخاري في التاريخ الكبير (8/ 379)، ويوسف بن طهمان واه، كما قال المنذري، راجع ترجمته في لسان الميزان.
(3)
الطبراني في الكبير (5560)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 11)، وفيه موسى بن عبيد، وهو ضعيف.
قوله: وعن سهل بن حنيف
(1)
، كنتيه: أبو ثابت ويقال أبو سعيد ويقال أبو الوليد سهل بن حنيف بن واهب بن العكيم بن ثعلبة [بن مجدعة بن الحارث بن عمرو ابن خنساء بن عوف] بن مالك بن الأوس الأنصاري المدني شهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعون حديثا اتفقا على أربعة وانفرد مسلم بحديثين، توفي رضي الله عنه بالكوفة سنة ثمان وثلاثين وصلى عليه علي بن أبي طالب وحديث سهل بن حنيف في قيامه في الناس ووعظه إياهم مشهور في الصحيحين
(2)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له
(1)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 238 ترجمة 236).
(2)
البخاري (3182) مسلم (1785)، ولفظه: قَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ يَوْمَ صِفِّينَ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ، لَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَلَوْ نَرَى قِتَالًا لَقَاتَلْنَا، وَذَلِكَ فِي الصُّلْحِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ، فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ؟ قَالَ:"بَلَى"، قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: "بَلَى"، قَالَ: فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا، وَنَرْجِعُ، وَلَمَّا يَحْكُمِ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَقَالَ:"يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، إِنِّي رَسُوُل اللهِ وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللهُ أَبَدًا"، قَالَ: فَانْطَلَقَ عُمَرُ فَلَمْ يَصْبِرْ مُتَغَيِّظًا، فَأَتَى أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَعَلَامَ نُعْطِيَ الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا، وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ؟ فَقَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللهُ أَبَدًا، قَالَ: فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْفَتْحِ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ، فَأَقْرَأَهُ إِيَّاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوْ فَتْحٌ هُو؟ قَالَ:"نَعَمْ"، فَطَابَتْ نَفْسُهُ وَرَجَعَ.
كأجر عمرة" الحديث، المراد بالتطهير الوضوء الشرعي ففي هذا الحديث بيان فضيلة مسجد قباء حيث جعل الصلاة فيه معادلة لعمرة مع ما انضم إلى ذلك من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور قباء راكبا وماشيا، قال ابن عبد البر: وليس في [إتيان رسول الله صلى الله عليه وسلم] مسجد قباء راكبا وماشيا ما يعارض قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد"
(1)
لأن قوله ذلك معناه عند العلماء من نذر على نفسه الصلاة في أحد المساجد الثلاثة أنه يلزمه إتيانها دون غيرها، وأما إتيان قباء ونحوها فلا بأس به
(2)
أ. هـ، والله أعلم.
1845 -
وَرُوِيَ عَن كَعْب بن عجْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من تَوَضَّأ فأسبغ الْوضُوء ثمَّ عمد إِلَى مَسْجِد قبَاء لَا يُرِيد غَيره وَلَا يحملهُ على الغدو إِلَّا الصَّلَاة فِي مَسْجِد قبَاء فصلى فِيهِ أَربع رَكْعَات يقْرَأ فِي كل رَكعَة بِأم الْقُرْآن كَانَ لَهُ كَأَجر الْمُعْتَمِر إِلَى بَيت الله تَعَالَى رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَهَذِه الزِّيَادَة فِي الحَدِيث مُنكرَة
(3)
.
قوله: وروي عن كعب بن عجرة رضي الله عنه، تقدم الكلام على مناقب كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنه.
قوله: "من توضا فأحسن الوضوء" تقدم الكلام على إحسان الوضوء.
(1)
البخاري (1189)، مسلم (1397) ولفظه: لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ.
(2)
الاستذكار (2/ 330 - 331).
(3)
الطبراني في الكبير (19/ رقم 319)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 11)، وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي، وهو ضعيف.
وقوله: "ثم عمد إلى مسجد قباء" عمد بفتح الميم في الماضي وكسرها في المضارع معناه قصد.
وقوله: "لا يريد غيره ولا يحمله على الغدو إلا الصلاة في مسجد قباء" الغدو هو الذهاب.
قوله: "فصلى فيه أربع ركعات" فذكره إلى أن قال "كان له كأجر المعتمر إلى بيت الله تعالى" تقدم الكلام على العمرة في أول كتاب الحج.
1846 -
وَعَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ كانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يزور قبَاء أَو يَأْتِي قبَاء رَاكِبًا وماشيا. زَاد فِي رِوَايَة فَيصَلي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم
(1)
.
1847 -
وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْتِي مَسْجِد قبَاء كل سبت رَاكبًا وماشيا وَكَانَ عبد الله يَفْعَله
(2)
.
قوله: وعن ابن عمر رضي الله عنهما، تقدم الكلام على ابن عمر.
قوله: كان النبي صلى الله عليه وسلم يزور قباء أو يأتي قباء راكبا وماشيا".
قوله فى رواية "فيصلي فيه ركعتين" ورواية "كان يأتي مسجد قباء كل سبت راكبا وماشيا" الحديث وينبغي أن يلحق بالمساجد الثلاثة في التعيين مسجد قباء بهذا الحديث [كما] ينبغي أن يلحق فيه مسجد الطور لما تقدم من حديث المساجد الأربعة والله أعلم، وقباء بضم القاف وبالباء الموحدة والأفصح
(1)
البخاري (1194)، ومسلم (1399)، وأبو داود (2040)، وابن حبان (1618)، وأحمد (4846).
(2)
البخاري (1193)، ومسلم (1399)، وابن حبان (1632).
المشهور فيه المد والتذكير والصرف
(1)
وهو قرية عرفت باسم بئر هناك وبها مسجد التقوى وهو على ثلاثة أميال من المدينة عواليها وما حواليها والأصحاب ذكروا تفضيل المساجد الثلاث على سائر المساجد ولم يذكروا في مسجد قباء وبنبغي أن يتعين بالنذر للاعتكاف فيه
(2)
كما يتعين المسجد الأقصى ومسجد مكة والمدينة، قاله ابن العماد
(3)
، وذكر ابن عبد البر
(4)
والقاضي عياض
(5)
أن أدناها ميلان وأبعدها ثمانية فليست مما يشد إليها
(6)
الرحال فلا يتناولها الحديث المشهور المذكور في الباب في ذلك والظاهر أنه من جملة العوالي فإنها القرى التي حول المدينة من جهة أعلاها، وفي هذه الأحاديث بيان فضل قباء وفضل مسجده والصلاة فيه وفضيلة زيارته
(7)
.
واتفق العلماء على استحباب زيارته والصلاة فيه، وهكذا جميع المواضع الفاضلات يستحب زيارتها راكبا وماشيا
(8)
وكونه عليه الصلاة والسلام يأتيها يأتيها راكبا وماشيا بحسب ما اتفق له وكان تعاهده لقباء لفضيلة مسجدها، ولتفقد أهلها اعتناء بهم وتشريفا لهم وليس في تعاهده عليه السلام مسجد قباء ما
(1)
شرح النووي على مسلم (9/ 170).
(2)
النجم الوهاج (10/ 123).
(3)
تسهيل المقاصد (لوحة 64).
(4)
ينظر: التمهيد (8/ 205).
(5)
ينظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم (4/ 176).
(6)
اللوحة 133 تكرار للوحة 132.
(7)
شرح النووي على مسلم (9/ 170).
(8)
شرح النووي على مسلم (9/ 170).
يدل على إلحاق مسجدها بالمساجد الثلاثة كما ذهب إليه محمد بن مسلمة المالكي
(1)
وفي هذا الحديث أنه يستحب أن تكون صلاة النفل بالنهار ركعتين كصلاة الليل وهو مذهبنا ومذهب الجمهور وفيه خلاف أبي حنيفة
(2)
.
وقوله: "كل سبت" فيه جواز تخصيص بعض الأيام بالزيارة وهذه هو الصواب وقول الجمهور أ. هـ قاله النووي
(3)
، وأصل مذهب الإمام مالك كراهة تخصيص شيء من الأوقات بشيء من القرب إلا ما ثبت به توقيف
(4)
فلذلك كرهه ابن مسلمة المالكي، وقالوا: لعله لم تبلغه هذه الأحاديث
(5)
أ. هـ قاله ابن عقيل.
وقوله: "كل سبت" معنى هذا أنه كان يزوره في كل أسبوع وعبر بالسبت عن الأسبوع كما يعبر عنه بالجمعة ذكره أبو شامة المقدسي في كتابه في البدع المحدثة
(6)
وهو أحد شيوخ الشيخ محي الدين النووي هكذا قاله قاضي القضاة العسقلاني الشهير بابن حجر تغمده الله بالرحمة والرضوان.
1848 -
وَعَن عَامر بن سعد وَعَائِشَة بنت سعد سمعا أباهما رضي الله عنه يَقُول لِأَن أُصَلِّي فِي مَسْجِد قبَاء أحب إِلَيّ من أَن أُصَلِّي فِي مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس
(1)
المفهم (11/ 48).
(2)
شرح النووي على مسلم (9/ 171).
(3)
شرح النووي على مسلم (9/ 171).
(4)
المفهم (11/ 48).
(5)
شرح النووي على مسلم (9/ 171).
(6)
الباعث على إنكار البدع والحوادث (ص 53).
رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ إِسْنَاده صَحِيح على شَرطهمَا
(1)
.
قوله: وعن عامر بن سعد وعائشة بنت سعد، هو: سعد بن أبي وقاص.
قوله: أنهما سمعا أباهما رضي الله عنه يقول: لأن أصلي في مسجد قباء أحب إلي من أن أصلي في مسجد بيت المقدس، تقدم الكلام على مسجد بيت المقدس في الأحاديث المتقدمة.
1849 -
وَعَن ابْن عمر رضي الله عنهما أَنه شهد جَنَازَة بالأوساط فِي دَار سعد بن عبَادَة فَأقبل مَاشِيا إِلَى بني عَمْرو بن عَوْف بِفنَاء الْحَارِث بن الْخَزْرَج فَقيل لَهُ أَيْن تؤم يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن قَالَ أؤم هَذَا الْمَسْجِد فِي بني عَمْرو بن عَوْف فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من صلى فِيهِ كَانَ كَعدْل عمْرَة رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه
(2)
.
قوله: وعن ابن عمر رضي الله عنهما، تقدم الكلام على ابن عمر.
قوله: أنه شهد جنازة بالأوساط في دار سعد بن عبادة فأقبل ماشيا إلى بني عمرو بن عوف بفناء الحارث بن الخزرج، الأوساط اسم [موضع تلقاء الحديبية].
قوله: فقيل له أين تؤم يا أبا عبد الرحمن، أي تقصد.
1850 -
وَعَن جَابر يَعْنِي ابْن عبد الله رضي الله عنهما أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم دَعَا فِي مَسْجِد الْفَتْح ثَلَاثًا يَوْم الِاثْنَيْنِ وَيَوْم الثُّلَاثَاء وَيَوْم الْأَرْبَعَاء فاستجيب لَهُ يَوْم الْأَرْبَعَاء
(1)
الحاكم (3/ 12)، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يرخاه، ووافقه الذهبي.
(2)
ابن حبان (1627).
بَين الصَّلَاتَيْنِ فَعرف الْبشر فِي وَجهه قَالَ جَابر فَلم ينزل بِي أَمر مُهِمّ غليظ إِلَّا توخيت تِلْكَ السَّاعَة فأدعو فِيهَا فأعرف الْإِجَابَة رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار وَغَيرهمَا وَإسْنَاد أَحْمد جيد
(1)
.
قوله: وعن جابر يعني ابن عبد الله، تقدم الكلام على جابر.
قوله: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا في مسجد الفتح أي على الأحزاب ثلاثا يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين" الحديث، يعني الظهر والعصر، والمعنى فيه: إن أبواب السماء تفتح بعد زوال الشمس فلا ترتج أي لا تغلق حتى يفرغ من الصلاة، كذا رواه أبو أيوب الأنصاري عنه صلى الله عليه وسلم، وإذا فتحت أبواب السماء استجيب الدعاء ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالدعاء وأمرهم أن يسألوا الله العافية، قال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى
(2)
: وقد ورد حديث خاص باستجابة الدعاء يوم الأربعاء بعد الزوال أو أثر عن بعض الصحابة والله أعلم قاله ابن العماد.
قوله: قال جابر فلم ينزل بي أمر مهم غليظ إلا توخيت تلك الساعة فأدعو فيها فأعرف الإجابة" التوخي التحري وتقدم معناه في الصوم المطلق.
(1)
أحمد (14563)، والبزار (431)، والبخاري في الأدب المفرد (704)، والبيهقي في شعب الإيمان (3874)، والمقدسي في الترغيب في الدعاء (47)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 12)، رواه أحمد والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح.
(2)
ينظر: تفسير القرطبي (2/ 414).