الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين
(1)
كتاب الجهاد
الجهاد: محاربة الكفار وهو المبالغة واستفراغ ما في الوسع والطاقة من قول أو فعل، يقال: جهد الرجل في الشيء أي جد فيه وبالغ وجاهد في الحرب مجاهدة وجهادا
(2)
[عن] أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم[قال:]"جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم [وألسنتكم] " رواه أبو داود وفي لفظ [وأيديكم] ورواه أحمد والدارمي والنسائي، فيه وجوب الجهاد للأمر به، واختلف في ذلك فقيل: هو فرض [على الأعيان]، وقيل: كان على الأعيان في أول الإسلام ثم صار على الكفاية فإن [دهمهم] العدو أو كان [قريبا منهم] تعين [الدفع على] حرهم وعبدهم [وقيل كان فرض عين] في زمنه عليه السلام، وقال [الماوردى]
(3)
: كان فرض عين على المهاجرين وكفاية على غيرهم [وقال السهيلي: كان فرض عين] على الأنصار دون غيرهم
(4)
، وقالت جماعة: هو سنة، وقيل: بالتخيير [وقوله]"جاهدوا المشركين" عام ولكنه [مخصوص بما] سوى الرهبان والنساء والصبيان إذا لم يقاتلوا فإن
(1)
[كذا بخط المؤلف بإثبات الحمد بعد البسملة لا غير].
(2)
النهاية (1/ 319).
(3)
الحاوى (14/ 112).
(4)
الروض الأنف (7/ 396).
قاتلوا قتلوا عند جماهير العلماء وأما الشيوخ [من الكفار] فإن كان فيهم أهل رأي قتلوا وإلا [ففيهم] والرهبان خلاف، وقال [مالك] أبو حنيفة: لا يقتلون والأصح [فى مذهب] الشافعي: قتلهم
(1)
.
واعلم [أن الجهاد شرع] لإعلاء كلمة الإسلام [فيقاتلوا حتى يجيبوا على الاسلام] أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون إن كانوا أهل كتاب [لأن اسم المشرك] يطلق على أهل الكتاب [وغيرهم وكان تخصيصهم معلوما عند الصحابة واختلفوا في قدر الجزية فقال الشافعي أقلها دينار على الغني ودينار على الفقير أيضا في كل سنة وأكثرها ما يقع به التراضي وقال مالك هي أربعة دنانير على أهل الذهب وأربعون درهما على أهل الفضة وقال أبو حنيقة رضي الله تعالى عنه وغيره من الكوفيين وأحمد رضي الله تعالى عنه على الغني ثمانية وأربعون درهما والمتوسط أربعة وعشرون والفقير اثنا عشر
(2)
].
واعلم أن الجهاد والمجاهدة والاجتهاد والتجاهد بذل الوسع، وجاء الجهاد في القرآن على ثلاثة أوجه، أحدها: القتال لقوله تعالى في سورة النساء {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ
(1)
شرح النووي على مسلم (12/ 48).
(2)
شرح النووي على مسلم (12/ 39).
أَجْرًا عَظِيمًا (95)}
(1)
، الثاني: الجهاد [بالقول] لقوله تعالى في سورة التوبة {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}
(2)
الآية، ونظيرها في التحريم والفرقان {وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}
(3)
، الثالث: العمل لقوله في الحج: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ}
(4)
وفي العنكبوت {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ}
(5)
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}
(6)
.
قوله: {فِينَا} أي في مرضاتنا وهذه الآية نزلت قبل الجهاد العرفي وهو جهاد [وإنما هو جهاد عام] في دين الله وطلب مرضاته بذلك، قال الحسن: الآية في العبادة، قال إبراهيم بن أدهم: هي في الذين يعملون بما يعلمون، وقال عليه السلام:"من عمل بما علم علمه الله ما لم يعلم" رواه أبو نعيم في الحلية من حديث أنس وضعفه، وقال أبو سليمان الداراني: ليس الجهاد في هذه الآية قتال العدو فقط بل هو نصر الدين والرد على المبطلين والقمع للظالمين وعظمه الأمر [بالمعروف] والنهي عن المنكر ومنه مجاهدة النفس في طاعة الله [وهو] الجهاد الأكبر
(7)
أ. هـ قاله في الديباجة.
(1)
سورة النساء، الآية:95.
(2)
سورة التوبة، الآية:73.
(3)
سورة الفرقان، الآية:52.
(4)
سورة الحج، الآية:78.
(5)
سورة العنكبوت، الآية:6.
(6)
سورة العنكبوت، الآية:69.
(7)
تفسير ابن عطية (4/ 326)، وعنه نقله القرطبى في التفسير (13/ 364 - 365).