الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترهيب من الفرار من الزحف
2083 -
عَن أبي هُرَيْرَة صلى الله عليه وسلم عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ اجتنبوا السَّبع الموبقات قَالُوا يَا رَسُول اللّه وَمَا هن قَالَ الإِشْرَاك بِاللّه وَالسحر وَقتل النَّفس الَّتِي حرم اللّه إِلَّا بِالْحَقِّ وَأكل الرِّبَا وَأكل مَال الْيَتِيم والتولي يَوْم الزَّحْف وَقذف الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ
(1)
.
وَالْبَزَّار وَلَفظه قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم الْكَبَائِر سبع أولَاهُنَّ الإِشْرَاك بِاللّه وَقتل النَّفس بِغَيْر حَقّهَا وَأكل الرِّبَا وَأكل مَال الْيَتِيم والفرار يَوْم الزَّحْف وَقذف الْمُحْصنَات والانتقال إِلَى الْأَعْرَاب بعد هجرته
(2)
.
قوله: عن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم "اجتنبوا السبع الموبقات"، أي: المهلكات.
قوله: قالوا: يا رسول اللّه: وما هن؟ قال: "الشرك باللّه والسحر وقتل النفس التي حرم اللّه إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات"، أما عده السحر من الكبائر
(1)
البخاري (2766)، ومسلم (89)، وأبو داود (2874)، والنسائي (6498)، وابن حبان (5561).
(2)
البزار (109)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 103)، وفيه عمر بن أبي سلمة، ضعفه شعبة وغيره، ووثقه أبو حاتم وابن حبان وغيرهما.
فهو دليل لمذهبنا الصحيح المشهور ومذهب الجماهير أن السحر حرام من الكبائر تعلمه وتعليمه، ذكره النووي
(1)
.
قوله: "والتولي يوم الزحف"، التولّي: هو الإعراض، والزحف: الجيش يزحفون إلى العدو أي يمشون نحوهم
(2)
ويوم الزحف يوم الجهاد ولقاء العدو في الحرب ويحرم الانصراف عن الصف إذا لم يزد عدد الكفار على مثلينا، فإن فرَّ متحرفًا لقتال أو متحيزا إلى فئة يستنجد بها جاز هذا في حال الغزوة، أما من عجز بمرض أو نحوه أو لم يبق معه سلاح فله الانصراف بكل حال، فالعبد إذا لثحهد الوقعة بغير إذن سيده فلا يحرم عليه الانصراف، والنساء إذا شهدن القتال فلا يأثمن بالتولي
(3)
واللّه أعلم.
2084 -
وَرُوِيَ عَن ثَوْبَان رضي الله عنه: عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ثَلاثَة لَا ينفع مَعَهُنَّ عمل الشّرك بِاللّه وعقوق الْوَالِدين والفرار من الزَّحْف رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير
(4)
.
قوله: وعن ثوبان رضي الله عنه، تقدم الكلام على ثوبان.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا ينفع معهن عمل: الإشراك باللّه، وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف"، تقدم الكلام على ذلك.
(1)
شرح النووي على مسلم (2/ 88).
(2)
النهاية (2/ 297).
(3)
النجم الوهاج (9/ 329 - 331).
(4)
الطبراني في الكبير (1920)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 104)، وفيه يزيد بن ربيعة، ضعيف جدًّا. وقال الألباني ضعيف جدًّا، في ضعيف الجامع (2606).
2085 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم من لَقِي اللّه عز وجل لا يُشْرك بِهِ شَيْئا وَأدّى زَكاة مَاله طيبَة بهَا نَفسه محتسبا وَسمع وأطاع فَلهُ الْجنَّة أَو دخل الْجنَّة وَخمْس لَيْسَ لَهُنَّ كفَّارَة الشّرك بِاللّه وَقتل النَّفس بِغَيْر حق وبهت مُؤمن والفرار من الزَّحْف وَيَمِين صابرة يقتطع بهَا مَالا بِغَيْر حق رَوَاهُ أَحْمد وَفِيه بَقِيَّة بن الْوَليد
(1)
.
قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه، تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من لقي اللّه عز وجل لا يشرك به شيئًا وأدى زكاة ماله طيبة بها نفسه محتسبا وسمع وأطاع فله الجنة" تقدم الكلام عليه في الزكاة.
قوله صلى الله عليه وسلم: "خمس ليس لهن كفارة الشرك باللّه وقتل النفس بغير حق و [بهت] مؤمن والفرار من الزحف ويمين صابرة يقتطع بها مالا بغير حق" سيأتي الكلام على ذلك في بابه.
قوله: وفيه بقية بن الوليد، وبقية بن الوليد [أحد الأعلام ثقة عند الجمهور لكنه مدلس، قال النسائي: وغيره إذا قال حدّثنا أو أخبرنا فهو ثقة وقال أحمد هو أحب إليّ من إسماعيل بن عيَّاش، وروى له مسلم في صحيحه شاهدا حديث "من دعي إلى عرس أو نحوه فليجب" لم يرو له غيره وفيه كلام كثير مبسوط في كتب الرجال].
(1)
أحمد (8737)، وابن أبي عاصم في الجهاد (278)، وابن أبي حاتم في العلل (1/ 339)(ح 1005)، والطبراني في مسند الشاميين (1184).
2086 -
وَعَن عبد اللّه بن عَمْرو رضي الله عنهما قَالَ صعد رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم الْمِنْبَر فَقَالَ لَا أقسم لَا أقسم ثمَّ نزل فَقَالَ أَبْشِرُوا أَبْشِرُوا من صلى الصَّلَوَات الْخمس واجتنب الْكَبَائِر دخل من أَي أَبْوَاب الْجنَّة شَاءَ قَالَ الْمطلب سَمِعت رجلًا يسْأَل عبد اللّه بن عَمْرو أسمعت رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم يذكرهن قَالَ نعم عقوق الْوَالِدين والشوك بِاللّه وَقتل النَّفس وَقذف الْمُحْصنَات وَأكل مَال الْيَتِيم والفرار من الزَّحْف وَأكل الرِّبَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَفِي إِسنَاده مُسلم بن الْوَليد بن الْعَبَّاس لا يحضرني فِيهِ جرح وَلَا عَدَالَة
(1)
.
قوله: وعن عبد اللّه بن عمرو رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من صلى الصلوات الخمس واجتنب الكبائر، قَالَ الْمُطَّلِبُ: سَمِعْتُ رَجُلًا يَسْأَلُ عَبْدَ اللّهِ بْنَ عَمْرٍو: أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُهُنَّ؟، قَالَ: نَعَمْ: "عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَالشِّرْكُ بِاللّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ، وَأَكْلُ الرِّبَا"
[قوله: وفي إسناده (مسلم بن الوليد بن العبَّاس)].
2087 -
وَعَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم رضي الله عنه: عَن أَبِيه عَن جدّه أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم كتب إِلَى أهل الْيمن بِكِتَاب فِيهِ الْفَرَائِض وَالسّنَن والديات فَذكر فِيهِ وَإِن أكبر الْكَبَائِر عِنْد اللّه يَوْم الْقِيَامَة الإِشْرَاك بِاللّه وَقتل النَّفس
(1)
الطبراني في الكبير (14587)، وابن بشران في أماليه (436)، والفاكهي في حديثه (137)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 104)، وفيه مسلم بن الوليد بن العبَّاس، ولم أر من ذكره.
المؤمنة بِغَيْر الْحق والفرار فِي سَبِيل اللّه يَوْم الزَّحْف وعقوق الْوَالِدين وَرمي المحصنة وَتعلم السحر وَأكل الرِّبَا وَأكل مَال الْيَتِيم الحَدِيث رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه
(1)
.
قوله: وعن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جدّه [أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، أنصارى مدنى من تابعى التابعين، وثقات المسلمين وأئمتهم، يقال: اسمه كنيته لا اسم له غيرها، ويقال: اسمه أبو بكر، وكنيته أبو محمد. واتفقوا على توثيقه، وإمامته، وجلالته، قال محمد بن سعد: كان ثقة، كثير الحديث، توفى بالمدينة سنة عشرين ومائة، وهو ابن أربع وثمانين سنة
(2)
، وأبوه هو أبو عبد الملك، ويقال: أبو سليمان، ويقال: أبو القاسم محمد بن عمرو بن حزم بن زيد بن لوذان، المدنى. ولد في حياة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بنجران، وأبوه عامل عليها لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وهو من كبار التابعين. قال ابن سعد: كان ثقة، قليل الحديث، له عقب بالمدينة وببغداد، قتل يوم الحرة بالمدينة سنة ثلاث وستين، وكان فقيها، فاضلًا من صالحي المسلمين
(3)
، وجده هو أبو الضحاك، ويقال: أبو محمد عمرو بن حزم بن زيد بن لوزان، بفتح اللام وإسكان الواو بذال معجمة، ابن عمرو بن عبد عوف بن غنم بن مالك بن النجار الأنصارى الخزرجى النجارى المدني،
(1)
ابن حبان (6559).
(2)
تهذيب الأسماء واللغات (2/ 195 - 196 ترجمة 739).
(3)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 89 ترجمة 21).
وقيل في نسبه غير هذا، أول مشاهده مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم الخندق، واستعمله رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على نجران باليمن وهو ابن سبع عشرة سنة، وبعث معه كتابا فيه الفرائض، والسنن، والصدقات، والجروح، والديات، وكتابه هذا مشهور في كتب السنن. توفى بالمدينة سنة إحدي، وقيل: ثلاث، وقيل: أربع وخمسين
(1)
].
قوله: أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات فذكر فيه وإن أكبر الكبائر عند اللّه يوم القيامة الإشراك باللّه وقتل النفس المؤمنة بغير حق والفرار في سبيل اللّه يوم الزحف وعقوق الوالدين ورمي المحصنات وتعلم السحر وأكل الربا وأكل مال اليتيم" الحديث، الكبائر جمع كبيرة، وهي: ما كان حراما محضا شرع عليها عقوبة محضة بنص قاطع في الدنيا أو في الآخرة
(2)
، وقيل: كلّ صغيرة جاءت مخالفة لأمر اللّه تعالى فهي كبيرة، قال ابن عباس: كلّ ما نهى اللّه عنه فهو كبيرة
(3)
[وقالت طائفة: ما اقترن بالنهي عنه وعيد من لعن أو غضب أو عقوبة فهو كبيرة، وما لم يقترن به شيء من ذلك فهو صغيرة، وقيل: كلّ ما ترتب عليه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة، فهو كبيرة، وما لم يرتب عليه لا هذا ولا هذا، فهو صغيرة،
(1)
تهذيب الأسماء واللغات (2/ 26 ترجمة 448).
(2)
التعريفات للجرجانى (ص 183).
(3)
تفسير الطبرى (6/ 650) وشعب الإيمان (1/ 462 - 463 رقم 288) و (9/ 349 رقم 6749).
وقيل: كلّ ما اتفقت الشرائع على تحريمه فهو من الكبائر، وما كان تحريمه في شريعة دون شريعة فهو صغيرة، وقيل: كلّ ما لعن اللّه أو رسوله فاعله فهو كبيرة، وقيل: كلّ ما ذكر من أولط سورة النساء إلى قوله: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}
(1)
، وقالت طائفة الذنوب كلها بالنسبة إلى الجراءة على اللّه سبحانه ومعصيته ومخالفة أمره، كبائر، فالنظر إلى من عصى أمره وانتهك محارمه، يوجب أن تكون الذنوب كلها كبائر، وهي مستوية في هذه المفسدة]
(2)
، وسيأتي الكلام على كلّ واحدة من الكبائر المذكورة في الحديث في بابها إن شاء الله تعالى.
2088 -
وَعَن عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ عَن أَبِيه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم فِي حجَّة الْوَدَاع إِن أَوْليَاء اللّه المصلون وَمن يُقيم الصَّلَوَات الْخمس الَّتِي كتبهن اللّه عَلَيْهِ ويصوم رَمَضَان ويحتسب صَوْمه وَيُؤْتى الزَّكاة محتسبا طيبَة بهَا نَفسه ويجتنب الْكَبَائِر الَّتِي نهى اللّه عَنْهَا فَقَالَ رجل من أَصْحَابه يَا رَسُول اللّه وَكم الْكَبَائِر قَالَ تسع أعظمهن الْإِشْرَاك بِاللّه وَقتل الْمُؤمن بِغَيْر حق والفرار من الزَّحْف وَقذف المحصنة وَالسحر وَأكل مَال الْيَتِيم وَأكل الرِّبَا وعقوق الْوَالِدين الْمُسلمين وَاسْتِحْلَال الْبَيْت الْحَرَام قبلتكم أَحيَاء وأمواتا لَا يَمُوت رجل لم يعْمل هَؤُلَاءِ الْكَبَائِر وَيُقِيم الصَّلَاة ويؤتي الزَّكَاة إِلَّا رافق مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم
(1)
سورة النساء، الآية:31.
(2)
انظر: الجواب الكافى (ص 292 - 294)، شرح عقيدة الطحاوية ص 418، والزواجر (1/ 12 - 13).
فِي بحبوحة جنَّة أَبْوَابهَا مصاريع الذَّهَب رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِإِسْنَاد حسن
(1)
.
بحبوحة الْمَكَان بحاءين مهملتين وياءين موحدتين مضمومتين هُوَ وَسطه قَالَ الْحَافِظ كانَ الشَّافِعِي رضي الله عنه: يَقُول إِذا غزا الْمُسلمُونَ فَلَقوا ضعفهم من الْعَدو حرم عَلَيْهِم أَن يولوا إِلَّا متحرفين لقِتَال أَو متحيزين إِلَى فِئَة وَإِن كَانَ الْمُشْركُونَ أَكثر من ضعفهم لم أحب لَهُم أَن يولوا وَلَا يستوجبون السخط عِنْدِي من اللّه لَو ولوا عَنْهُم على غير التحرف لِلْقِتَالِ أَو التحيز إِلَى فِئَة وَهَذَا مَذْهَب ابْن عَبَّاس الْمَشْهُور عَنهُ
(2)
.
قوله: وعن عبيد بن عمير الليثي عن أبيه [هو أبو عاصم، عبيد بن عمير بن قتادة بن سعد بن عامر الليثي الحجازي، قاضي أهل مكة. ولد في زمن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ويقال: رآه، وهو معدود في كبار التابعين، سمع عمر، وأبا ذر، وعبد اللّه بن عمرو بن علي توثيقه، أخرج له الجماعة، وأبوه صحابى ذكره البر في وقال له حديثان].
قوله صلى الله عليه وسلم: "إن أولياء اللّه المصلون ومن يقيم الصلوات" فذكر الحديث إلى أن قال "ويجتنب الكبائر التي نهى اللّه عنها"، فقال رجل من أصحابه: يا رسول اللّه وكم الكبائر؟ قال: "تسع أعظمهن الإشراك باللّه وقتل المؤمن بغير
(1)
الطبراني في المعجم الكبير (101)، والحاكم (1/ 59)، والبيهقي (10/ 186)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 48)، رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون.
(2)
الأم، للإمام الشافعي (4/ 92).
حق والفرار من الزحف وقذف المحصنة والسحر وأكل مال اليتيم وأكل الربا وعقوق الوالدين واستحلال البيت الحرام"، تقدم في حديث أبي هريرة في أول الباب أن الكبائر سبع، وفي حديث أبي بكر بن محمد بن حزم عدها ثمانية، وفي حديث عبيد بن عمير عدها تسعا
(1)
.
قوله: "والفرار من الزحف" قال الحافظ
(2)
: كان الشافعي رحمه الله يقول: إذا غزا المسلمون فلقوا ضِعفهم (ضِعف الشيء: مثلاه) من العدو حرم عليهم أن يولوا إلا متحرفين لقتال أو متحيزين إلى فئة، وان كان المشركون أكثر من ضعفهم لم أحب لهم أن يولوا ولا يستوجبون السخط عندي من اللّه لو ولوا عنهم على غير التحرف للقتال أو التحيز إلى فئة، وهذا مذهب ابن عباس المشهور عنه، ا. هـ.
قال غيره: اعلم أن الفرار من الزحف حيث لا يجوز من أعظم كبائر الذنوب عند اللّه تعالى بإجماع العُلماء وفعله مستحق لغضب اللّه ومقته وأليم عذابه، وقد ورد في الترهيب من ذلك والتحذير من فعله جملة أحاديث
(3)
، واعلم أن الجهاد إذا كان فرض كفاية على الإنسان ثم حضر الصف صار عليه فرض عين وحرم عليه الفرار، وإنما يحرم الفرار إذا لم يزد عدد الكفار على المسلمين فإن فر متحيزا القتال كمن ينصرف ليكمن في موضع ويهجم
(1)
بياض في الأصل بمقدار سطرين.
(2)
أي المنذري.
(3)
مشارع الأشواق (ص 566).
أو يكون في مضيق فينصرف فيتبعه العدو لمتسع يسهل القتال فيه أو يتحول من مقابلة الشمس والريح ونحو هذا جاز وسواء كانت تلك الفئة قليلة أو كثيرة قريبة أو بعيدة على الصحيح، ومن عجز بمرض ونحوه أو لم يبق معه سلاح فله الانهزام كما تقدم إن لم يمكنه الرمي بالحجارة فإن أمكنه الرمي بالحجارة حرم عليه الانهزام على الأصح وإن زاد عدد الكفار على المثلين جاز الانهزام وإن كانوا رجالة والمسلمون فرسانا، فلو كان المسلمون رجالة والكفار فرسانا حرمت الهزيمة، ويحرم انهزام مائة بطل من مائتين وواحد ضعفاء على الأصح لأنهم يقاومونهم لو ثبتوا وإنما يراعي العدد عند تقارب الأوصاف واللّه أعلم، ذكره ابن النحاس عفا اللّه عنه
(1)
.
(1)
مشارع الأشواق (ص 569).