المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترهيب من إخافة أهل المدينة أو إرادتهم بسوء - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ٦

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌التَّرْغِيب فِي تَعْجِيل الْفطر وَتَأْخِير السّحُور

- ‌الترغيب في الفطر على التمر فإن لم يجد فعلى الماء

- ‌التَّرْغِيب فِي إطْعَام الطَّعَام

- ‌ترغيب الصَّائِم فِي أكل المفطرين عِنْده

- ‌ترهيب الصَّائِم من الغَيْبَة وَالْفُحْش وَالْكذب وَنَحْو ذَلِك

- ‌التَّرْغِيب فِي الِاعْتِكَاف

- ‌التَّرْغِيب فِي صَدَقَة الْفطر وبَيَان تأكيدها

- ‌كتاب الْعِيدَيْنِ وَالْأُضْحِيَّة

- ‌التَّرْغِيب فِي إحْيَاء لَيْلَتي الْعِيدَيْنِ

- ‌التَّرْغِيب فِي التَّكْبِير فِي الْعِيد وَذكر فَضله

- ‌التَّرْغِيب فِي الْأُضْحِية وَمَا جَاءَ فِيمَن لم يضح مَعَ الْقُدْرَة وَمن بَاعَ جلد أضحيته

- ‌التَّرْهِيب من الْمثلَة بِالْحَيَوَانِ وَمن قَتله لغير الْأكل وَمَا جَاءَ فِي الْأَمر بتحسين القتلة والذبحة

- ‌كتاب الحج

- ‌الترغيب في الإحرام من المسجد الأقصى

- ‌التَّرْغِيب فِي النَّفَقَة فِي الْحَج وَالْعمْرَة وَمَا جَاءَ فِيمَن أنْفق فيهمَا من مَال حرَام

- ‌التَّرْغِيب فِي الْعمرَة فِي رَمَضَان

- ‌التَّرْغِيب فِي التَّوَاضُع فِي الْحَج والتبذل وَلبس الدون من الثِّيَاب اقْتِدَاء بالأنبياء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام

- ‌التَّرْغِيب فِي الْإِحْرَام والتلبية وَرفع الصَّوْت بهَا

- ‌التَّرْغِيب فِي الْإِحْرَام من الْمَسْجِد الْأَقْصَى

- ‌الترغيب في الطواف واستلام الحجر الأسود والركن اليماني وما جاء في فضلهما وفضل المقام ودخول البيت

- ‌[الترغيب في العمل الصالح في عشر ذي الحجة وفضله]

- ‌التَّرْغِيب فِي الْوُقُوف بِعَرَفَة والمزدلفة وَفضل يَوْم عَرَفَة

- ‌التَّرْغِيب فِي رمي الْجمار وَمَا جَاءَ فِي رَفعهَا

- ‌التَّرْغِيب فِي حلق الرَّأْس بمنى

- ‌التَّرْغِيب فِي شرب مَاء زَمْزَم وَمَا جَاءَ فِي فَضله

- ‌ترهيب من قدر على الْحَج فَلم يحجّ وَمَا جَاءَ فِي لُزُوم الْمَرْأَة بَيتهَا بعد قَضَاء فرض الْحَج

- ‌التَّرْغِيب فِي الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَسْجِد الْمَدِينَة وَبَيت الْمُقَدّس وقباء

- ‌الترغيب في سكنى المدينة إلى الممات وما جاء في فضلها وفضل أحد ووادي [القرى]

- ‌الترهيب من إخافة أهل المدينة أو إرادتهم بسوء

- ‌كتاب الجهاد

- ‌الترغيب في الرباط في سبيل الله عز وجل

- ‌الترغيب في الحراسة في سبيل الله تعالى

- ‌الترغيب في النفقة في سبيل الله وتجهيز الغزاة وخلفهم ها أهليهم

- ‌الترغيب في احتباس الخيل في الجهاد لا رياء ولا سمعة وما جاءه في فضلها، والترغيب فيها يذكر منها والنهي عن قص نواصيها لأن فيها الخير والبركة

- ‌ترغيب الغازي والمرابط في الإكثار من العمل الصالح من الصوم والصلاة والذكر ونحو ذلك

- ‌الترغيب في الغدوة في سبيل الله والروحة وما جاء في فضل المشي والغبار في سبيل الله والخوف فيه

- ‌الترغيب في سؤال الشهادة في سبيل الله

- ‌الترغيب في الرمي في سبيل الله وتعلمه والترهيب من تركه بعد تعلمه رغبة عنه

- ‌التَّرْغِيب فِي الْجِهَاد فِي سَبِيلِ اللّه تَعَالَى وَمَا جَاءَ فِي فضل الْكَلم فِيهِ وَالدّعَاءِ عِنْد الصَّفّ والقتال

- ‌الترغيب في إخلاص النية في الجهاد وما جاء فيمن يولد الأجر والغنيمة والذكر وفضل الغزاة إذا لم يغنموا

- ‌الترهيب من الفرار من الزحف

- ‌الترغيب في الغزاة في البحر وأنها أفضل من عشر غزوات في البر

- ‌الترهيب من الغلول والتشديد فيه وما جاء فيمن ستر على غال

- ‌الترغيب في الشهادة وما جاء في فضل الشهداء

- ‌الترهيب من أن يموت الإنسان ولم يغز ولم ينو الغزو وذكر أنواع من الموت تلحق أربابها بالشهداء والترهيب من الفرار من الطاعون

- ‌فصل

الفصل: ‌الترهيب من إخافة أهل المدينة أو إرادتهم بسوء

‌الترهيب من إخافة أهل المدينة أو إرادتهم بسوء

1887 -

عَن سعد رضي الله عنه قَالَ سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول لَا يكيد أهل الْمَدِينَة أحد إِلَّا انماع كَمَا ينماع الْملح فِي المَاء رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم

(1)

.

1888 -

وَفِي رِوَايَة لمُسلم وَلَا يُرِيد أحد أهل الْمَدِينَة بسوء إِلَّا أذابه الله فِي النَّار ذوب الرصاص أَو ذوب الْملح فِي المَاء

(2)

.

وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة فِي الصِّحَاح وَغَيرهَا

(3)

.

قوله: عن سعد رضي الله عنه، تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يكيد أهل المدينة أحد إلا انماع كما ينماع الملح في الماء" الحديث، إنماع أي يذوب كما يذوب الملح ويسيل يقال ماع الشيء يميع وانماع إذا ذاب وسال ومنه حديث جرير "مَاؤُنا يَمِيع، وجَنَابُنَا مَريع" قاله في النهاية

(4)

، وفي الرواية الأخرى:"لا يريد أحد لأهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص وذوب الملح في الماء"

(5)

الحديث [قال القاضي هذه

(1)

البخاري (1877)، ومسلم (1387).

(2)

مسلم (1363).

(3)

مسلم (1386)، وأحمد (7755)، والنسائي في الكبرى (4268)، وابن ماجه (3114)، وعبد الرزاق (17156).

(4)

النهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 381).

(5)

مسلم (1363).

ص: 269

الزيادة وهي قوله في النار تدفع إشكال الأحاديث التي لم تذكر فيها] هذه الزيادة وتبين أن هذا حكمه في الآخرة، قال: وقد يكون المراد به من أرادها في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم كفي المؤمنون أمره واضمحل كيده كما يضمحل الرصاص في النار والملح في الماء، ويحتمل أن يكون ذلك لمن أرادها في الدنيا فلا يمهله الله تعالى بل يرهبه عن قرب كما انقضى حال من [حاربها] أيام بني أمية كمسلم بن عقبة فإنه هلك في منصرفه عنها ثم هلك يزيد بن معاوية مرسلة على أثر ذلك وغيرهما ممن صنع صنيعهما

(1)

ودليل حمل ذلك على زمانه وحياته صلى الله عليه وسلم ما في الحديث الآخر لا يخرج أحد منها رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيرا منه وقد خرج منها بعد موته صلى الله عليه وسلم من الصحابة من لم يعوض الله خيرا منه فدل على أن ذلك محمول على حياته فإن الله تعالى كان يعوض أبدا رسوله خيرا ممن رغب عنه وهذا واضح، ويحتمل أن يكون قوله "أذابه الله" كناية عن إهلاكه في الدنيا [قبل موته وقد فعل الله ذلك بمن غزاها وقاتل أهلها كمسلم بن عقبة إذ أهلكه الله] بعد منصرفه عنها إلى مكة لقتال ابن الزبير ابتلاه الله بالماء الأصفر في بطنه فمات بقديد بعد الوقعة بثلاث ليال

(2)

.

1889 -

وَعَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنهما أَن أَمِيرا من أُمَرَاء الْفِتْنَة قدم الْمَدِينَة وَكانَ قد ذهب بصر جَابر فَقيل لجَابِر لَو تنحيت عَنهُ فَخرج يمشي بَين ابنيه

(1)

شرح النووي على مسلم (9/ 137 - 138).

(2)

التذكرة (ص 1185).

ص: 270

فانكب فَقَالَ تعس من أَخَاف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ ابناه أَو أَحدهمَا يَا أبتاه وَكَيف أَخَاف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقد مَاتَ فَقَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من أَخَاف أهل الْمَدِينَة فقد أَخَاف مَا بَين جَنْبي رَوَاهُ أَحْمد وَرِجَاله رجال الصَّحِيح

(1)

.

1890 -

وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِى صَحِيحه مُخْتَصرا قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أَخَاف أهل الْمَدِينَة أخافه الله

(2)

.

قوله: وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، تقدم الكلام على جابر.

قوله: أن أميرا من أمراء الفتنة قدم المدينة، فذكره إلى أن قال: تعس من أخاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، تعس بفتح التاء [وكسر العين قال ابن الأثير وقد تفتح العين - ومعناه لغة: عثر وانكب لوجهه، وهو دعاء عليه بالهلاك

(3)

].

1891 -

وَعَن عبَادَة بن الصَّامِت رضي الله عنه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ اللَّهُمَّ من ظلم أهل الْمَدِينَة وأخافهم فأخفه وَعَلِيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ وَلَا يقبل مِنْهُ صرف وَلَا عدل رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْكَبِير بِإِسْنَاد جيد

(4)

.

(1)

أحمد (14818)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 306)، ورجاله رجال الصحيح، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5978).

(2)

ابن حبان (3738)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5977).

(3)

النهاية (1/ 190).

(4)

الطبراني في الأوسط (3589)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 306)، رواه الطبراني في الأوسط والكبير، ورجاله رجال الصحيح.

ص: 271

1892 -

وروى النَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ عَن السَّائِب بن خَلاد رضي الله عنه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ اللَّهُمَّ من ظلم أهل الْمَدِينَة وأخافهم فأخفه وَعَلِيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ لَا يقبل الله مِنْهُ صرفا وَلَا عدلا

(1)

.

1893 -

وَفِي رِوَايَة للطبراني قَالَ من أَخَاف أهل الْمَدِينَة أخافه الله يَوْم الْقِيَامَة وَغَضب عَلَيْهِ وَلم يقبل مِنْهُ صرفا وَلَا عدلا

(2)

.

الصّرْف هُوَ الْفَرِيضَة الْعدْل التَّطَوُّع قَالَه سُفْيَان الثَّوْريّ.

وَقيل هُوَ النَّافِلَة وَالْعدْل الْفَرِيضَة.

وَقيل الصّرْف التَّوْبَة وَالْعدْل الْفِدْيَة قَالَه مَكْحُول.

وَقيل الصّرْف الِاكْتِسَاب وَالْعدْل الْفِدْيَة.

وَقيل الصّرْف الْوَزْن وَالْعدْل الْكَيْل وَقيل غير ذَلِك.

قوله: وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" هذا الحديث فيه وعيد شديد لمن ارتكب هذا، قال القاضي عياض

(3)

رحمه الله تعالى: واستدلوا بهذا على أن ذلك من

(1)

النسائي في الكبرى (4265، 4266)، والطبراني في الكبير (6636)، وأحمد (16559)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 372)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثالي (2152)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 307)، وفيه من لم أعرفه.

(2)

الطبراني في الكبير (6637)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 306)، وفيه موسى بن عبيدة، وهو ضعيف.

(3)

ينظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم (4/ 176).

ص: 272

الكبائر لأن اللعنة لا تكون إلا في كبيرة، ومعناه: ان الله تعالى يلعنه كذلك والملائكة تلعنه والناس أجمعون وهذا مبالغة في إبعاده عن رحمة الله تعالى وعن الجنة فإن اللعن في اللغة هو الطرد والإبعاد قالوا والمراد باللعن هنا العذاب الذي يستحقه على ذنبه والطرد عن الجنة أول الأمر وليس هي كلعنة الكفار الذين يبعدون عن رحمة الله كل الإبعاد أولا وآخرا، أ. هـ والله أعلم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا يقبل منه صرف ولا عدل" قال الحافظ المنذري: الصرف هو الفريضة والعدل هو التطوع، قاله سفيان الثوري، وقيل: هو النافلة والعدل الفريضة، أ. هـ قاله الحسن البصري عكس قول الجمهور، قال الحافظ

(1)

: وقيل: الصرف التوبة والعدل الفدية قاله مكحول، قال القاضي عياض

(2)

رحمه الله: وقيل معناه لا تقبل فريضته ولا نافلته قبول رضى وإن قبل قبول جزاء، وقيل: يكون القبول هنا بمعنى تكفير الذنب بهما قال: وقد يكون معنى الفدية هنا أنه لا يجد في القيامة فداء يفتدي به بخلاف غيره من المذنبيين الذين يتفضل الله تعالى على من يشاء منهم بأن يفديه من النار بيهودي أو نصراني كما ثبت في الصحيحين

(3)

أنه صلى الله عليه وسلم قال: "يؤتى كل مؤمن برجل من اليهود أو من النصارى فيقال له: هذا فداؤك من النار" أ. هـ.

(1)

ينظر: فتح الباري لابن حجر (3/ 491).

(2)

ينظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم (4/ 263).

(3)

أخرجه أحمد (19600) والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 39). وأخرجه مسلم (2767)(50) وأحمد (19485) ولفظه: لَا يَمُوتُ مُسْلِمٌ، إِلَّا أَدْخَلَ اللهُ عز وجل مَكَانَهُ النَّارَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا.

ص: 273

1894 -

وَرُوِيَ عَن عبد الله بن عَمْرو رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من آذَى أهل الْمَدِينَة آذاه الله وَعَلِيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ لَا يقبل مِنْهُ صرف وَلَا عدل رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير

(1)

.

قوله: وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من آذى أهل المدينة آذاه الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" تقدم الكلام على اللعنة في الحديث قبله.

1895 -

وَعَن سعد بن أبي وَقاص رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ اكفهم من دهمهم ببأس يَعْنِي أهل الْمَدِينَة وَلَا يريدها أحد بِسوء إِلَّا أذابه الله كَمَا يذوب الْملح فِي المَاء رَوَاهُ الْبَزَّار بِإِسْنَاد حسن

(2)

. وَآخر فِي الصَّحِيح بِنَحْوِهِ وَتقدم.

دهمهم محركة: أَي غشيهم بِسُرْعَة وَالله أعلم.

قوله: وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، تقدم الكلام على منقابه في صلاة الاستخارة وغيرها مبسوطا رضي الله تعالى عنه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم اكفهم من دهمهم ببأس يعني أهل المدينة" دهمهم محركة أي غشيهم بسرعة، أ. هـ، قاله المنذري، والدهيم والدهيماء مصغران

(1)

الطبراني في الكبير، كما في مجمع الزوائد (3/ 307)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، وفيه العباس بن الفضل الأنصاري، وهو ضعيف، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (5313).

(2)

البزار (1183)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 307).

ص: 274

من أسماء الدواهي قاله عياض

(1)

وقال القرطبي

(2)

: الدهيم والدهيماء من أسماء الداهية والجيش العظيم أو الفساد العظيم، أ. هـ.

فائدة في أسماء المدينة: ولها أسماء كثيرة منها وهو المشهور المدينة قال الله تعالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ}

(3)

وقال تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا}

(4)

وهي إذا أطلقت أريد بها دار الهجرة التي فيها بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنبره وقبره، ثم قال قطرب وابن فارس وغيرهما

(5)

: إنها مشتقة من دان إذا أطاع والدين الطاعة فتكون الميم على هذا زائدة، وقيل: من مدن بالمكان إذا أقام به فتكون الميم أصله وجمعها مدن بضم الدال وإسكنها ومدائن بالهمز وتركه وترك الهمز أفصح وبه جاء القرآن، أ. هـ، ومنها: اسمها طابة وفي صحيح مسلم

(6)

عن جابر بن سمرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل سمى المدينة طابة" ومعناه طاهرة التربة وهي سبخة فدل ذلك على جواز التيمم بالسباخ، وقيل: معناه الطاهرة من النفاق، ومنها: اسمها طيبة بفتح الطاء وسكون الياء وسميت بذلك من الطيب وهو الرائحة الحسنة والطيبة.

(1)

ينظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم (4/ 297).

(2)

ينظر: تفسير القرطبي (2/ 404).

(3)

سورة التوبة، الآية:20.

(4)

سورة التوبة، الآية:101.

(5)

ينظر: لسان العرب (13/ 402)، تاج العروس (36/ 156)، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (6/ 2201).

(6)

صحيح مسلم (1385).

ص: 275

والطيب لغتان بمعنى واحد، وقيل: هو مأخوذ من الشيء الطيب وهو الطاهر لخلوصه من الشرك وطهارتها منه، وقيل: لطيبها كساكنها وأمنهم ودعتهم فيها، وقيل: من طيب العيش، يقال: طاب لي الشيء أي وافقني، قال ابن بطال

(1)

: من سكنها يجد في تربتها وحيطانها رائحة طيبة [والمعجونات] من الطيب فيها أحد رائحة من غيرها، ومنها: اسمها طيبة بتشديد الياء ومنه الحديث: "جعلت لي الأرض طيبة طهورا" أي نظيفة غير خبيثة قاله في النهاية

(2)

، ومنها: اسمها الطيبة، ومنها: اسمها المحببة، ومعناها غير معنى المحبة، حكي هذه الثالثة ابن بري عن ابن خالويه، ومنها: اسمها الدار، قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ}

(3)

ولا خلاف أنها المدينة، سميت بذلك لأمنها والاستقرار بها، ومنها: المسكينة، ذكر ابن زبالة

(4)

بإسناده عن كعب قال: نجد في كتاب الله تعالى الذي نزله على موسى صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى قال للمدينة: يا طيبة يا طابة يا مسكينة لا تقبلي الكنوز ارفعي أحاجيرك على أحاجير القرى، وهي إما من السكينة أو المسكنة، ومنها: اسمها جابرة، ومنها: اسمها: المجبورة، ومنها: اسمها العذراء، قال ابن سيدة في المحكم

(5)

قال: وأراها سميت بذلك لأنها لم تنل بمكروه ولا أصيبت

(1)

ينظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال (4/ 544 - 545).

(2)

النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 149).

(3)

سورة الحشر، الآية:9.

(4)

أخبار المدينة (ص 187).

(5)

المحكم والمحيط الأعظم (2/ 74).

ص: 276

سكانها بأذاة عدو، ومنها: المحبة ذكره [أبو] عبيد البكري، ومنها: اسمها المحبوبة، ومنها: اسمها القاصمة لأنها قصمت الجبابرة، ومنها: اسمها الحبيبة حكاه ابن خالويه، ومنها: مدخل صدق هو المدينة في قول أكثر المفسرين، ومنها: اسمها حسنة قيل: في قوله تعالى: {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}

(1)

قيل: هي المدينة، ومنها: اسمها دار السنة، ومنها: اسمها دار الهجرة، ومنها: اسمها دار الإيمان لقوله تعالى {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ}

(2)

، قال ابن أبي خيثمة: الإيمان من أسمائها، قال عبد العزيز بن محمد: وبلغني أن لها في التوراة أربعين اسما، ومنها: تسميتها يثرب فهو اسمها في الجاهلية وسماها في الحديث به، فقيل: يحتمل أن هذا كان قبل النهي، وقيل: لبيان الجواز وأن النهى للتنزيه لا للتحريم، وقيل: خوطب به من يعرفها به، ولهذا جمع بينه وبين اسمها الشرعي، فقال المدينة يثرب هكذا هو مذكور فأما تسميتها بذلك ففي معجم البكري سميت بيثرب بن وائل من بني آدم بن سام بن نوح لأنه أول من نزلها، وعن أبي عبيدة: يثرب اسم أرض ومدينة الرسول في ناحية منها، وقال الماوردي في يثرب وجهان، أحدهما: المدينة حكاه ابن عباس، والثاني: ان المدينة في ناحية من يثرب قاله أبو عبيدة، وفي الكشاف: يثرب اسم للمدينة وقيل أرض وقعت المدينة في ناحية منها، وكذا قال ابن عطية وسميت في القرآن بذلك حكاية عن قول من

(1)

سورة النحل، الآية:41.

(2)

سورة الحشر، الآية:9.

ص: 277

قالها من المنافقين والذين في قلوبهم مرض، وقد جاء النهي عن تسميتها بذلك لأنه مأخوذ من الثرب وهو الفساد أو من التثريب وهو التوبيخ والملامة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الاسم الخبيث، وروي الإمام أحمد في مسنده وأبو يعلى برجال ثقات من حديث البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سمى المدينة بيثرب فليستغفر الله تعالى هي طيبة وهي طابة"

(1)

قال ابن بطال

(2)

: وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال "من قال يثرب فكفارته أن يقول المدينة عشر مرات"

(3)

يريد بذلك التوكيد أن يقال لها المدينة، ورينا في كتاب الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آخر قرية من قرى الإسلام خرابا المدينة"

(4)

أ. هـ، هكذا ذكر هذه الأسماء للمدينة الزركشي

(5)

وغيره.

تنبيه: حكى ابن الحاج في المدخل

(6)

عن النووي أنه كان يكره أن يلقب بمحي الدين كراهة شديدة، قال: وقد وقع في بعض الكتب المنسوبة إليه أنه

(1)

أخرجه أحمد 4/ 285 (18519)، وابن شبة في تاريخ المدينة 1/ 165، وأبو يعلى (1688). وقال الهيثمي في المجمع 3/ 300: رواه أحمد وأبو يعلى، ورجاله ثقات! قلنا: يزيد بن أبي زياد ضعفوه. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (5635).

(2)

ينظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال (4/ 222).

(3)

أخرجه ابن طهمان في مشيخته (43)، والبخاري في التاريخ الكبير (6/ 217)، والعقيلى في الضعفاء (3/ 198). وقال البخاري: ولا يتابع عليه، وفى إسناده نظر.

(4)

أخرجه الترمذي (3919). وابن حبان (6776). وضعفه الألباني في الضعيفة (1300).

(5)

إعلام الساجد (ص 232 - 236).

(6)

المدخل (1/ 127).

ص: 278

قال: إني لا أجعل أحدا في حل ممن يسميني بمحيى الدين، قال: وقد رأيت في بعض الفضلاء من الشافعية من أهل الخير والصلاح يقول: إذا حكي شيئا عن النووي قال: يحيى النووي فسألته عن ذلك فقال: إنما نكره أن نسميه باسم كان يكرهه في حياته أ. هـ.

خاتمة: هل المدينة يمانية أو شامية؟ قال الشيخ أبو زكريا النووي في فتاويه: مدينة النبي صلى الله عليه وسلم ليست يمانية ولا شامية بل هي حجازية، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء أ. هـ، وما حكاه من الاتفاق على أنها ليست يمانية عجيب فقد نص الشافعي على أنها يمانية، وحكاه البيهقي في المعرفة في الكلام على الآذان للصبح قبل الفجر ولفظه: قال الشافعي: ومكة والمدينة يمانيان، وفي مسند الشافعي عن الحسن بن القاسم الأزرق قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثنية تبوك فقال: ما ها هنا شام وأشار بيده إلى الشام ومن ها هنا يمن وأشار بيده إلى جهة المدينة، قال ابن الأثير

(1)

في شرحه: الغرض من هذا الحديث بيان حد الشام واليمن وقد جعل المدينة من اليمن ثم قال في جهة الشام ما ها هنا ومن جهة اليمن من ها هنا وبينهما فرق وذلك ان قوله من ها هنا يفيد أن ابتداء اليمن من هذه البقعة وقوله: ما ها هنا، إشارة إلى أن هذه البقعة من الشام وإن لم يتعرض إلى أنها ابتداء الشام أو لا، انتهى كلام ابن الأثير، قاله الزركشي

(2)

.

(1)

الشافي شرح مسند الشافعي (5/ 530).

(2)

إعلام الساجد (ص 237).

ص: 279

انتهى الجزء الثاني من فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب.

قاله مؤلفه عفا الله عنه انتهى.

ووجدت على أول ورقة من هذا الجزء المنتسخ منه بخط مؤلفه تسمية المؤلف نفسه بما نصه: تأليف كاتبه حسن بن علي الفيومي، سامحه الله انتهى، نفعنا الله به وبتآليفه بجاه النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

وغفر لنا وله ولسائر المسلمين.

* * *

(1)

لا يجوز التوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم ولا بجاه غيره من الأنبياء والصالحين لأن ذلك بدعة لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم فلا يجوز التوسل إلا بما قرره الدليل، ولو كان التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم جائزًا، لأمرنا به، وحثَّنا عليه، كيف وهو لم يترك شيئًا يقربنا إلى الله إلا ودلَّنا عليه.

ص: 280