المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترغيب في الاقتصاد في طلب الرزق والإجمال فيه وما جاء في ذل الحرص وحب المال - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ٨

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌التَّرْغِيب فِي الاقتصاد فِي طلب الرزق والإجمال فِيهِ وَمَا جَاءَ فِي ذلّ الْحِرْص وَحب المَال

- ‌[التَّرْغِيب فِي طلب الْحَلَال وَالْأكل مِنْهُ والتَّرهيب ما اكْتِسَاب الْحَرَام وَأكله ولبسه وَنَحْو ذَلِك]

- ‌[الترغيب في الورع وترك الشبهات وما يحوك في الصدور]

- ‌[الترغيب في السماحة في البيع والشراء وحسن التقاضي والقضاء]

- ‌[الترغيب في إقالة النادم]

- ‌[الترهيب من بخس الكيل والوزن]

- ‌[الترهيب من الغش والترغيب في النصيحة في البيع وغيره]

- ‌[الترهيب من الاحتكار]

- ‌[ترغيب التجار في الصدق وترهيبهم من الكذب ومن الحلف وإن كانوا صادقين]

- ‌[الترهيب من خيانة أحد الشريكين الآخرة]

- ‌[الترهيب من التفريق بين الوالدة وولدها بالبيع ونحوه]

- ‌[الترهيب من الدين وترغيب المستدين والمتزوج أن ينوبا الوفاء والمبادرة إلى قضاء دين الميت]

- ‌[الترهيب من مطل الغني والترغيب في إرضاء صاحب الدين]

- ‌[الترغيب في كلمات يقولهن المديون والمهموم والمكروب والمأسور]

- ‌[الترهيب من اليمين الكاذبة الغموس]

- ‌[الترهيب من الربا]

- ‌[الترهيب من غصب الأرض وغيرها]

- ‌[الترهيب من البناء فوق الحاجة تفاخرا وتكاثرا]

- ‌[الترهيب من منع الأجير أجره والأمر بتعجيل إعطائه]

- ‌[ترغيب المملوك وأداء حق اللّه تعالى وحق مواليه]

- ‌[ترهيب العبد من الإباق من سيده]

- ‌[الترغيب في العتق والترهيب من اعتباد الحر أو بيعه]

- ‌(فصل)

- ‌كتاب النكاح

- ‌الترغيب في غض البصر والترهيب من إطلاقه ومن الخلوة

- ‌[الترغيب في النكاح سيما بذات الدين الولود]

- ‌فصل

- ‌فصل يذكر فيه خلق آدم وتزويجه بحواء وخروجهما من الجنة وتوبة اللّه عليهما وغير ذلك مما يتعلق بالحديث

- ‌فصل في تزويج آدم بحواء عليها السلام

- ‌فصل في خروج آدم وحواء من الجنة وبكائها وتوبة اللّه عليهما

- ‌[الترهيب من ترجيح إحدى الزوجات وترك العدل بينهم]

- ‌[الترغيب في النفقة على الزوجة والعيال والترهيب من إضاعتهم وما جاء في النفقة على البنات وتأديبهن

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌[الترغيب في الأسماء الحسنة وما جاء في النهي عن الأسماء القبيحة وتغييرها]

- ‌[فصل]

الفصل: ‌الترغيب في الاقتصاد في طلب الرزق والإجمال فيه وما جاء في ذل الحرص وحب المال

بسم الله الرحمن الرحيم

بداية الجزء الثالث

‌التَّرْغِيب فِي الاقتصاد فِي طلب الرزق والإجمال فِيهِ وَمَا جَاءَ فِي ذلّ الْحِرْص وَحب المَال

2625 -

عَن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه أَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "السمت الْحسن والتؤدة والاقتصاد جُزْء من أَرْبَعَة وَعشْرين جُزْءًا من النُّبُوَّة" رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ: حَدِيث حسن غَرِيب وَرَوَاهُ مَالك وَأَبُو دَاوُد بِنَحْوِهِ من حَدِيث ابْن عَبَّاس إِلَّا أَنَّهُمَا قَالا: من خَمْسَة وَعشْرين

(1)

.

(1)

أخرجه الترمذي في السنن (2010)، وعبد بن حميد كما في المنتخب (512) والطبراني في الأوسط (1/ 303 رقم 1017) والصغير (2/ 222 رقم 1065) عن عبد الله بن سرجس.

وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وقال الألباني: حسن صحيح الترمذي (2010)، وصحيح الجامع (3692) وصحيح الترغيب والترهيب (1696). وأخرجه مالك في الموطأ (2745) بلاغًا عن ابن عباس.

ووصله أحمد في المسند 1/ 296 (2742) و (2743)، والبخاري في الأدب المفرد (468) و (791)، وأبو داود (4776)، والطحاوى في مشكل الآثار (1234)، والطبراني في الكبير (12/ 106 رقم 12608) و (12/ 106 رقم 12609)، والبيهقى في الكبرى (10/ 326 رقم 20801) والشعب (8/ 493 رقم 6135) و (10/ 371 رقم 7645) و (11/ 11 رقم 8061 و 8062 و 8063) من طرق عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس بلفظ "إِنَّ الْهَدْيَ الصَّالِحَ، وَالسَّمْتَ الصَّالِحَ، وَالاقْتِصَادَ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ النّبوَّةِ". =

ص: 5

قوله: "عن عبد اللّه بن سرجس"

(1)

وَسَرْجِسُ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْجِيمِ وَآخِرُهُ سِينٌ أُخْرَى" وهو عبد اللّه بن سرجس المدني البصري حليف بني مخزوم روى عن النبي صلى الله عليه وسلم سبعة عشر حديثًا روى له مسلم منها ثلاثة أحاديث (قوله صلى الله عليه وسلم: السمت) الحسن والتؤدة والاقتصاد جزء من أربعة وعشرين (جُزْءا من النُّبُوَّة) الحديث (قوله: السمت) الحسن بفتح السين المهملة وسكون الميم وبالتاء المثناة من فوق السيرة والطريقة (قال) الجوهري: طريق أهل الخير

(2)

، قال الزمخشري

(3)

: قالوا ما أحسن (سمته أَي طَرِيقَته الَّتِي ينتهجها فِي تحري) الخير والتزييّ بزيّ الصَّالِحين قال ابن الأثير: الدل (والهدي والسمت عبارة عن الحالة التي) يكون عليها الإنسان من السكينة والوقار وحسن (السيرة والطريقة واستقامة) المنظر والهيئة والتؤدة التأني والمعنى التأني في كلّ (شيء مستحسن إلا في عمل الآخرة) واللّه أعلم والاقتصاد سلوك القصد في الْأَمر (والدخول فيه برفق وعلى سبيل يمكن الدوام عليه وقيل) القصد عدم الميل إلى التفريط والإفراط والمقتصد

= قال الهيثمى في مجمع الزوائد (8/ 90): رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عُثْمَانُ بْنُ فَايِدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وقال في الموضع الثانى: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ قَابُوسُ بْنُ أَبِي ظَبْيَانَ وَهُوَ ثِقَةٌ وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ. وحسنه الألبانى في صحيح أبي داود والروض النضير (374) وصحيح الجامع (1993).

(1)

ترجمته في أسد الغابة (3/ 257)، وتهذيب الكمال (15/ 13 رقم 3294).

(2)

الصحاح (1/ 254) للجوهرى وعنده: والسَمْتُ: هيئة أهل الخير.

(3)

الفائق في غريب الحديث (2/ 199).

ص: 6

(في الأمور التي لا يميل إلى أحد طرفى التفريط) والإفراط ومنه كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم (قصدا وخطبته قصدا وقال رسول الله) جماع عال مقتصد "ولا يعيل" أي لا يفتقر من لا يسرف في الإنفاق فقد مدح الله تعالى من فعل ذلك فقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67)}

(1)

(ومعنى الحديث أن) هذه الخلال من شمائل الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه ومن الخصال المعدودة من خصالهم وأنها جزء من أجزاء فضائلهم [فاقتدوا بهم فيها وتابعوهم عليها وليس معناه] أن النبوة تتجزأ ولا أن من جمع هذه الخصال كان فيه جزء من النبوة مكتسبة ولا مجتلبة بالأسباب وإنما هي كرامة من الله يختص بها من يشاء من عباده (فالله) أعلم حث يجعل رسالاته وقد انقطعت النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم (ويجوز أن يكون المراد) بالنبوة هاهنا ما جاءت به النبوة ودعت إليه من الخيرات (أي إن هذه الخلال جزء من خمس) وعشرين جزءًا مما جاءت به النبوة (ودعا إليه الأنبياء صلوات الله عليهم.، وتخصيص هذا العدد مما) يستأثر به النبي صلى الله عليه وسلم بمعرفته وقيل معناه أن من اجتمعت فيه هذه الخصال لقيه الناس بالتعظيم والتوقير وألبسه الله تعالى لباس التقوى الذي ألبسه أنبياءه قاله البغوي في شرح السنة

(2)

(وأما وجه تحديد الأجزاء مثل ما قال في) حديث عبد الله هذا جزء من أربع عشرين جزءًا وفي رواية مالك وأبي داود جزء من

(1)

سورة الفرقان، الآية:67.

(2)

شرح السنة (13/ 178).

ص: 7

خمس وعشرين فيجوز أن يكون هذا باعتبار توفر الخصال في شخص وعدم توفرها في آخر فمن توفرت فيه كانت من أربعة وعشرين واللّه أعلم بمراد نبيه صلى الله عليه وسلم وترك التاء في أربع وخمس يجوز أن يكون على معنى الخصلة أو القطعة واللّه أعلم ذكره في التنقيح

(1)

.

2626 -

وَعَن جَابر رضي الله عنه أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تستبطئوا الرزق فَإِنَّهُ لم يكن عبد ليَمُوت حَتَّى يبلغ آخر رزق هُوَ لَهُ فأجملوا فِي الطّلب أَخذ الْحَلَال وَترك الْحَرَام" رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا

(2)

.

2627 -

وَعنهُ رضي الله عنه: قَالَ: قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم: "يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا اللّه وأجملوا فِي الطّلب فَإِن نفسًا لن تَمُوت حَتَّى تستوفي رزقها وَإِن أَبْطَأَ عَنْهَا فَاتَّقُوا اللّه وأجملوا فِي الطّلب خُذُوا مَا حل ودعوا مَا حرم" رَوَاهُ ابْن مَاجَة وَاللَّفْظ لَهُ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم

(3)

.

(1)

كَشْفُ المنَاهِجِ وَالتّنَاقِيحِ في تَخْريج أحَادِيثِ المَصَابِيحِ (4/ 235) لتاج الدين المناوى.

(2)

أخرجه ابن حبان (3239 و 3241)، والحاكم (2/ 4)، والبيهقي في السنن الكبري (5/ 264، 265)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 165، 7/ 158). وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وقال الألبانى: صحيح لغيره - "الترغيب"(3/ 7) وصحيح الجامع (7323).

(3)

أخرجه ابن ماجة (2144)، والحاكم 4/ 325 من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، والحاكم 2/ 4 من طريق محمد بن بكر، كلاهما عن ابن جريج، عن أبي الزبير عن جابر بن عبد اللّه. وصححه الحاكم وقال الذهبى: على شرط مسلم.

وصححه الألبانى في الجامع (4508) وقال في الصحيحة (2607): وأقول: هو كما قالا، =

ص: 8

قوله: وعن جابر تقدم الكلام عليه.

قوله: "فاتقوا وأجملوا في الطلب" بقطع الهمزة أي أحسنوا فيه بأن تأتوه من وجهه قاله عياض

(1)

وقيل: معناه أي ارفعوا فيه ولا تغلوا استبطاءه وعده بطيئًا.

2628 -

وَعَن أبي حميد السَّاعِدِيّ رضي الله عنه أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ أجملوا فِي طلب الدُّنْيَا فَإِن كلا ميسر لما خلق لَهُ رَوَاهُ ابْن مَاجَة وَاللَّفْظ لَهُ وَأَبُو الشَّيْخ ابْن حيَّان فِي كتاب الثَّوَاب وَالْحَاكِم إِلَّا أنَّهُمَا قَالا فَإِن كلا ميسر لما كتب لَهُ مِنْهَا وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرطهمَا

(2)

.

= فقد أمنا تدليس أبي الزبير وصاحبه بتصريحهما بالتحديث في رواية حجاج بن محمد: أخبرنا ابن جريج: أخبرني أبو الزبير سمع جابر بن عبد اللّه به. أخرجه السلفي في الطيوريات، وعلقه البيهقي. وقال البوصيرى (3/ 8): هذا إسناد ضعيف.

(1)

مشارق الأنوار على صحاح الآثار للقاضي عياض (1/ 152).

(2)

أخرجه ابن ماجة (2142)، وابن أبي عاصم في السنة (418)، وفي الزهد (236)، والقضاعي في مسند الشهاب (716) من طريق عمارة بن غزية.

وأخرجه البزار في مسنده (3719) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وابن خزيمة في التوكل كما في إتحاف المهرة 14/ 93، والحاكم 2/ 3، وأبو نعيم في حلية الأولياء 3/ 265، والبيهقي 5/ 264 والفضاء والقدر (ص 208 رقم 233)، وابن عبد البر في التمهيد 24/ 435 من طريق سليمان بن بلال، ثلاثتهم عن ربيعة الرأي، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ. وقال الحاكم: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. وقال الذهبي: على شرط البخاري ومسلم.

وصححه الألبانى في صحيح ابن ماجة والجامع (157) والصحيحة (898)، وقال: وأقول: إنما هو على شرط مسلم وحده، فإن عبد الملك هذا لم يخرج له البخاري شيئًا.

ص: 9

قوله: وعن أبي حميد

(1)

اسمه (عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن مالك بن خالد الساعدي وقيل: ابن المنذر بن سعد الخزرجي، مدنى توفى في آخر خلافة معاوية، روى عنه جماعة ووصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم).

قوله: "أجملوا في طلب الرزق الدنيا" الحديث قبله.

قوله: الدنيا الحديث تقدم معنى الإجمال في طلب الرزق في الحديث قبله.

قوله: "فإن كلا ميسر لما خلق له" الحديث أي مهيئا [ومصروفا مسهلا] قال أبو طالب المكي في قوت القلوب

(2)

: في الخبر أن اللّه تعالى خلق كلّ صانع وصنعته فكل ميسر لما خلق له فمن كانت صنعته العبادة وخلق لها تيسرت له ومن كانت صنعته الدنيا وخلق لها تيسرت له أي من قدر أنه من أهل الجنة قدر له ما قربه إليها من الأعمال ووفق لذلك ومن قدر أنه من أهل النار قدر له خلاف ذلك فأتى بأعمال أهل النار، أصر عليها حتى طوى عليه صحيفة عمره.

قوله: وعن جابر تقدم قوله: فأجملوا في الطلب أخذ الحلال وترك الحرام الحديث الحرام هو الذي يثاب تاركه ويعاقب فاعله.

2629 -

وَعَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ لَيْسَ من عمل يقرب من الْجنَّة إِلَّا قد أَمرتكُم بِهِ وَلَا عمل يقرب من النَّار إِلَّا وَقد نَهَيْتُكُمْ عَنهُ فَلَا

(1)

تهذيب الأسماء واللغات 2/ 215، تحفة الأشراف 9/ 144 تهذيب الكمال 3/ 1599، المعرفة والتاريخ 3/ 169، تاريخ الإسلام 1/ 337، الإصابة 7/ 80.

(2)

قوت القلوب (2/ 50) لأبى طالب المكى محمد بن علي بن عطية الحارثي، (المتوفى: 386 هـ).

ص: 10

يستبطئن أحد مِنْكُم رزقه فَإِن جِبْرِيل ألْقى فِي روعي أَن أحدا مِنْكُم لن يخرج من الدُّنْيَا حَتَّى يستكمل رزقه فَاتَّقُوا اللّه أَيهَا النَّاس وأجملوا فِي الطّلب فَإِن استبطأ أحد مِنْكُم رزقه فَلَا يَطْلُبهُ بمَعْصِيَة اللّه فَإِن اللّه لَا ينَال فَضله بمعصيته رَوَاهُ الْحَاكِم

(1)

.

(1)

أخرجه الحاكم (2/ 4 - 5) وعنه البيهقي في الاعتقاد (ص 173) والقضاء والقدر (1/ 209 رقم 235) ومن طريق الليث بْن سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سعيد بن أبي هلال، عن سعيد بن أبي أمية الثقفي، عن يونس بن بكير، عن ابن مسعود. وأخرجه ابن أبي شيبة في المُصَنِّف (34332) وإسحاق كما في إتحاف الخيرة 3/ 270 (2722/ 1) والمطالب العالية (927)، وهناد في الزهد (1/ 281، رقم 494)، وابن أبي الدنيا في القناعة (محموع 90/ 1/ 112)، وابن مردويه في ثلاثة مجالس من أماليه (24)، والدارقطنى في العلل (5/ 273، رقم 875)، والبيهقى في شعب الإيمان (13/ 19، رقم 9891)، والقضاعى في مسند الشهاب (1151) من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الملك بن عمير [وزبيد الأيامي] عن عبد الله بن مسعود.

وعند ابن أبي شيبة عن عبد الملك بن عمير قال: أُخبرت أنْ ابن مسعود قال، فذكره. وزاد الدارقطني عن زبيد عن مرة عن ابن مسعود. قال الدَّارقُطْنِي: وغير هشيم يرويه عن إسماعيل عن زبيد مرسلا عن ابن مسعود، وهذا أصح.

وقال العراقى في تخريج الإحياء (ص 504 رقم 3): رواه بن أبي الدنيا في القناعة، والحاكم من حديث ابن مسعود وذكره شاهدا لحديث أبي حميد وجابر وصححهما على شرط الشيخين، وهما مختصران، ورواه البيهقي في شعب الإيمان وقال: إنه منقطع. وقال البوصيرى: قلت: فيه انقطاع.

وصححه الألباني في تخريج أحاديث مشكلة الفقر (ص 19) وقال: وأظن أن قوله عن يونس بن بكير مقحم من الناسخ أو الطابع، فإِن ابن بكير هذا من شيوخ أحمد، وسعيد بن أبي أمية أورده ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (4/ 5) قائلًا: روى عن أبي أمامة =

ص: 11

قوله: وعن ابن مسعود تقدم الكلام عليه.

قوله: "فإن جبريل عليه السلام ألقى في روعى" الحديث الروع بضم الراء أي في نفسي وقيل في خلدي وهما بمعنى وقيل الروع بالضم موضع الروع ورواه بعضهم بالفتح وهو الفزع قاله عياض

(1)

وفي حديث "إن روح القدس نفث في روعي" وروح القدس هو جبريل عليه السلام وداله مضمومة وقد تسكن سمي بذلك لأنه روح مطهرة مقدسة ا. هـ، ومعناه ألقي في عقلي وقلبي وأوحى إليّ.

2630 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ يَا أَيهَا النَّاس إِن الْغنى لَيْسَ عَن كثْرَة الْعرض وَلَكِن الْغنى غنى النَّفس وَإِن اللّه عز وجل يُؤْتِي عَبده مَا كتب لَهُ من الرزق فأجملوا فِي الطّلب خُذُوا مَا حل ودعوا مَا حرم رَوَاهُ أَبُو يعلى وَإِسْنَاده حسن إِن شَاءَ اللّه

(2)

.

= الباهلي، روى عنه عنبسة بن أبان القرشي ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. وقد روى عنه سعيد بن أبي هلال أيضًا في هذا الحديث، فهو مجهول الحال وبقية الرجال ثقات. وصححه في الصحيحة (2866).

قلت: قوله يونس بن بكير إلى آخره

نتيجة تصحيف فيه صوابه يونس بن كثير كما في اتحاف المهرة (14008). ويونس بن كثير ذكره البخاري في التاريخ الكبير (8/ 409): يُونُس بْن كَثِير عَنِ ابْنِ مَسعُود. رَوَى عَنه: سَعِيد بْن أُمَية الثَّقَفِيُّ.

(1)

مشارق الأنوار على صحاح الآثار للقاضي عياض (1/ 352).

(2)

أخرجه أبو يعلى (6583)، والقضاعي في مسند الشهاب (1209) من طريق عبد الله بن وهب، عن أسامة، عن عبيد بن نسطاس، مولى كثير بن الصَّلْت، حدّثه عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة.

قال الهيثمى في مجمع الزوائد (4/ 70 - 71): رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ عُبَيْدُ بْنُ نِسْطَاسٍ مَوْلَى =

ص: 12

قوله: وعن أبي هريرة تقدم الكلام عليه.

قوله: "ليس الغنى عن كثرة العرض" الحديث العرض بفتح العين والراء ما يقتنى من المال وغيره وتقدم معنى الإجمال في طلب الرزق.

2631 -

وَعَن حُذَيْفَة رضي الله عنه: قَالَ: قَامَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَدَعَا النَّاس فَقَالَ: "هلموا إِلَيّ فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ فجلسوا فَقَالَ هَذَا رَسُول رب الْعَالمين جِبْرِيل عليه السلام نفث فِي روعي أَنه لا تَمُوت نفس حَتَّى تستكمل رزقها فَإِن أَبْطَأَ عَلَيْهَا فَاتَّقُوا اللّه وأجملوا فِي الطّلب وَلَا يحملنكم استبطاء الرزق أَن تأخذوه بِمَعْصِيَة اللّه فَإِن اللّه لا ينَال مَا عِنْده إِلَّا بِطَاعَتِهِ"، رَوَاهُ الْبَزَّار وَرُوَاته ثِقَات إِلَّا قدامَة بن زَائِدَة بن قدامَة فَإِنَّهُ لَا يحضرني فِيهِ جرح وَلَا تَعْدِيل

(1)

.

قوله: وعن حذيفة تقدم الكلام عليه (قال): قام النبي فدعا الناس فقال: هلموا إليّ فاقبلوا إليه فجلسوا فقال: هذا رسول رب العالمين جبريل صلى الله عليه وسلم

= كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ، وَلَمْ أَجِدْ مَنْ تَرْجَمَهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ. وقال البوصيرى في إتحاف الخيرة (3/ 272): هذا إسناد حسن.

(1)

أخرجه البزار (2914) عن إبراهيم بن هانئ النيسابوري وعبد اللّه بن أبي ثمامة الأنصاري ومحمد بن عمر بن هَيَّاج قالوا: أنا قدامة بن زائدة بن قدامة، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (960) عن أبيه، جميعا عن زائدة بن قدامة، ثني أبي عن عاصم عن زِر عن حذيفة.

وقال: لا نعلمه يُروى عن حذيفة إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 71): وَفِيهِ قُدَامَةُ بْنُ زَائِد بنِ قُدَامَةَ، وَلَمْ أَجِدْ مَنْ تَرْجَمَهُ، وَيَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

وأخرجه ابن عدى في الكامل (7/ 572) من طريق عَمرو بن خالد الأعشى الكوفي، قال: حَدثنا عاصم بن أبي النجود، عن زر، عن حذيفة. وقال ابن عدى: وأبو حفص الأعشى له غير ما ذكرت، ورواياته بالأسانيد التي يرويها غير محفوظة.

ص: 13

نفث في روعي الحديث، ومعنى نفث في روعي أي أوحى إليّ والنفث بالنون والفاء والثاء المثلثة شبيه بالنفخ وهو أقل من التفل لأن التفل لا يكون إلا ومعه شيء من الريق بخلاف النفحث ومنه قوله تعالى:{وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)}

(1)

يقال: نفث الراقي ونفث الساحر ينفث وينفث بكسر الفاء وضمها.

تنبيه وفائدة: النفث التبرك بالهواء والنفت المباشر للرقية والذكر الحسن كما يتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر والأسماء الحسنى وكان مالك رحمه الله ينفث إذا رقى [نفسه] ا. هـ.

2632 -

وَعَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن الرزق ليطلب العَبْد كمَا يَطْلُبهُ أَجله رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْبَزَّار وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد جيد إِلَّا أَنه قَالَ إِن الرزق ليطلب العَبْد أَكثر مِمَّا يَطْلُبهُ أَجله

(2)

.

(1)

سورة الفلق، الآية:4.

وقال البوصيرى في إتحاف الخيرة (3/ 272): هذا إسناد حسن.

(2)

أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (264)، والبزار (4099) وابن حبان في روضة العقلاء (ص 154) والصحيح (3238) وأبو نعيم في الحلية (6/ 82) والبيهقى في القضاء والقدر (1/ 210 رقم 239)، من طريق هشام بن خالد، وأبو بكر الإسماعيلي في المعجم (1/ 452)، ومن طريقه السهمي في تاريخ جرجان (ص 413) والبيهقى في الشعب (2/ 411 رقم 1147) من طريق هشام بن عمار، والطبراني في مسند الشاميين (560) من طريق صفوان بن صالح، ثلاثتهم، عن الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء مرفوعًا.

وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (5/ 134) عن عبد الله بن يوسف، والبيهقي في الشعب (2/ 412 رقم 1148)، من طريق الهيثم بن خارجة، كلاهما عن عبد الله بن =

ص: 14

قوله: وعن أبي الدرداء تقدم الكلام.

قوله: "إن الرزق [ليطلب العَبْد أكثر مما يطلبه الأجل] " الحديث قال الإمام القرطبي رحمه اللّه تعالى

(1)

: روى يزيد بن هارون عن محمد بن إسحاق عن نافع عن، ابن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من رزق على الأرض [وَلا ثِمَارٍ عَلَى الْأَشْجَارِ] ولا حبة في ظلمات الأرض إلا عليها

= عبد الرحمن قال: سمعتُ إسماعيل بن عبيد اللّه يقول: سمعتُ أم الدرداء تقول: سمعتُ أبا الدرداء يقول فذكره موقوفًا. قال البيهقي: وهذا أصح، واللّه أعلم.

قال البزارة وَهَذَا الْحَدِيثُ لا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَن رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا عَن أَبِي الدَّرْدَاءِ، ولَا نَعْلَمُ لَهُ طَرِيقًا غَيْرَ هَذَا الطَّرِيقِ، ولَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنِ الْوَلِيدِ إلَّا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ وَلَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ إلَّا أنَّهُ لَمْ يُتَابَعْ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدِ احْتَمَلَهُ عَنْهُ أَهْلُ الْعِلْمِ وَذَكَرُوهُ عَنْهُ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ إلَّا مَا ذَكَرُوا مِنْ تَفَرُّدِ هِشَامِ بْنِ خَالِدٍ بِهِ، ولَا نَعْلَمُ له علة.

قال الدارقطني في العلل 6/ 224 (1089): رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ مَرْفُوعًا. قَالَ ذَلِكَ: هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ الْوَلِيدِ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، وَغَيْرُهُ، يَرْوِيهِ عَنْهُ مَوْقُوفًا. وَقِيلَ: عَنْ هِشَامِ بْنِ خَالِدٍ أَيْضًا، عَنِ الْوَلِيدِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللّهِ، وَلَا يَصِحُّ فِيهِ الْأَوْزَاعِيُّ.

وَرَوَاهُ الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللّهِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَوْقُوفًا، وَهُوَ الصَّوَابُ. وقال الهيثمى في مجمع الزوائد (4/ 72): رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ إِلَّا أَنهُ قَالَ:"أَكْثَرَ مِمَّا يَطْلُبُهُ أَجْلُهُ".

وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ. قال الألبانى: حديث حسن ورجاله ثقات لكن فيه من يدلس ومن يروج عليه التدليس كما بينته في تخريج المشكاة 5312 وإنما قويته بشاهدين له خرجتهما معه في الأحاديث الصحيحة 950.

(1)

الجامع لأحكام القرآن (8/ 406).

ص: 15

مكتوب بسم اللّه الرحمن الرحيم [رزق فلان بن فُلَانٍ وَذَلِكَ] "

(1)

. قوله: تعالى: {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ}

(2)

الآية [وَقَالَ عُمَرُ بْنُ] الخطاب مبين العبد وبين رزقه حجاب [فَإِنْ قَنَعَ وَرَضِيَتْ نَفْسُهُ، آتَاهُ رِزْقَهُ، وَإِنِ] اقتحم وهتك الحجاب لم يزد فوق رزقه

(3)

ا. هـ ذكره ابن رجب

(4)

.

(1)

أخرجه الخطيب البغدادى في تاريخ بغداد (5/ 213)، والواحدى في الوسيط (2/ 281)، وابن الجوزى في العلل المتناهية (230) من طريق حمويه بن الحُسين بن معاذ، قال: حدّثني أحمد بن خليل البغدادي، قال: حدّثني يزيد بن هارون الواسطي، عن محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر.

قال الخطيب: قال ابن نعيم: هذا حديث تفرد به حمويه بن الحُسين، عن أحمد بن الخليل وهو غير مقبول منه، فإن أحمد بن الخليل ثقة مأمون، قلت: وقد رواه أبو علي محمد بن علي بن عمر المذكر النيسابوري، عن أحمد بن الخليل، وكان هذا المذكر كذابا معروفا بسرقة الأحاديث، ونراه سرقه من حمويه.

(2)

سورة الأنعام، الآية:59.

(3)

أخرجه ابن قُتيبة في عيون الأخبار (3/ 183) والدينورى في المجالسة (1112) عَنْ مُجَاهِدٍ؛ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. وأخرجه ابن أبي عمر كما في المطالب العالية (3126) عن أبي البَخْتَرِي، عن الباهلي قَالَ: إِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه، قَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا، مَدْخَلَهُمُ الشَّامَ بِالْجَابِيَةِ، فذكره بطوله ولفظه: واعلموا أن بين العبد وبين رزقه حجاب، قال: فيترأى له رزقه وإن اقتحم هتك الحجاب، ولم يدرك فوق رزقه. قال ابن كثير في مسند الفاروق (2/ 459): إسناد جيد، وله شواهد. قال البوصيرى في إتحاف الخيرة (7/ 404 - 403): رواه محمد بن يحيى بن أبي عمر بسند ضعيف لضعف ابن لهيعة.

(4)

جامع العلوم والحكم (2/ 502).

ص: 16

2633 -

وَرُوِيَ عَن الْحسن بن عَليّ رضي الله عنهما قالَ صعد رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم الْمِنْبَر يَوْم غَزْوَة تبوك فَحَمدَ اللّه وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ يَا أَيهَا النَّاس [إِنِّي وَاللّهِ

(1)

] مَا آمركُم إِلَّا بِمَا أَمركُم اللّه [بِهِ] وَلَا أنهاكم إِلَّا عَمَّا نهاكم اللّه عَنهُ فأجملوا فِي الطّلب فَوَالَّذِي نَفْسُ أَبِي الْقَاسِمِ بِيَدِهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَطْلُبُهُ رِزْقُهُ كَمَا يَطْلُبهُ أَجَلُهُ، فَإِن تعسر عَلَيْكُم شَيء مِنْهُ فَاطْلُبُوهُ بِطَاعَةِ اللّهِ عز وجل رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير

(2)

.

قوله [عَن الْحسن بن عَليّ رضي الله عنهما تقدم] الكلام عليه صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر يوم غزوة تبوك تقدم الكلام على غزوة تبوك في الجهاد.

قوله: "فوالذي نفس أبي القاسم [بيده تقدم الكلام علي] ذلك".

قوله: إن أحدكم ليطلبه رزقه كما يطلبه أجله الحديث روى الحكيم الترمذي عَن أبي هُرَيْرَة قال: قال: رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إن للّه ملائكة موكلين بأرزاق بني آدم، [وقد علموا أرزاقهم على درجاتهم] ثم قال لهم: أيما عبدٍ [من عبادي] جعل همه همًا واحدًا، فضمنوا [رزقه] السماوات والأرض، وبني آدم، وأي عبدٍ وجدتموه طلب رزقه، فأعطوه رزقه من حيث أراد، فإن تحرى مكاسبه بالعدل، فطيبوا له رزقه بالعدل، وإن تعدى إلى الحرام، [فليأخذه من هواه إلى غاية درجته التي ليس له فوقها ثم حولوا بينه وبين سائر الدنيا فلا يأخذ من حلالها

(1)

زيادة من المعجم الكبير.

(2)

أخرجه الطبراني في الكبير 3/ 84 (2737). قال الهيثمى في مجمع الزوائد (4/ 71 - 72): رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ الْحَاطِبِيُّ؛ ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ.

ص: 17

ولا من حرامها فوق الدرجة التي كتبت له]

(1)

.

قال الإمام القرطبي: للعبد [أحوال أرفعها أن يعتمل] على الله تعالى وهذا هو الذي جعل همه واحدا فإن وجد من يستعمله وبه قوة [فهو أعلى] والله أعلم

(2)

.

2634 -

وَعَن أبي ذَر رضي الله عنه قَالَ جعل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَتْلُو هَذِه الآيَة وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا وَيَرْزقهُ من حَيْثُ لا يحْتَسب الطَّلاق فَجعل يُرَدِّدهَا حَتَّى نَعَست فَقَالَ يَا أَبَا ذَر لَو أَن النَّاس أخذُوا بهَا لكفتهم رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد

(3)

.

(1)

أخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول (1502) من طريق مسلم بن جبير، عن أبي هريرة. وفيه الحسن بن ذكوان ضعفه يحيى بن مَعين وأبو حاتم والنسائي وقال أحمد: أحاديثه بواطيل.

وعبد الواحد بن قيس مختلف فيه وثقه يحيى والعجلي والباقي على ضعفه حتى قال ابن حبان: لا يعتبر بمقاطيعه، ولا بمراسيله، ولا برواية الضعفاء عنه، وهو الذي يروى عن أبي هريرة، ولم يره. ومسلم بن جبير مجهول. وأخرجه ابن حبان في روضة العقلاء (ص 154) عن رياح القيسي قوله.

(2)

قمع الحرص بالزهد والقناعة للقرطبي (ص 78).

(3)

أخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 492) من طريق كهمس بن الحسن التميمي عن أبي السليل ضريب بن نقير عن أبي ذر. وقال الحاكم: هَذَا حَدِيث صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. وقال الذهبي: صحيح.

وأصل الحديث أخرجه أحمد 5/ 187 (21952)، والدارمى (2931)، وابن ماجة (4225) والنسائي (11539)، وابن أبي الدنيا في الفرج بعد الشدة (9) والقناعة والتعفف (117)، وابن حبان (6669)، والطبراني في الأوسط (3/ 59 رقم 2474)، =

ص: 18

قوله: وعن أبي ذر تقدم الكلام عليه.

[قوله: جعل] رسول الله صلى الله عليه وسلم[يَتْلُو هَذِه الْآيَة وَمن] يتق الله يجعل له مخرجا الآية إلى قوله {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}

(1)

[فَجعل يُرَدِّدهَا] حتى نعست فقال يا أبا ذر لو أن الناس أخذوا بها لكفتهم يعني أنهم لو حققوا [التَّقْوَى وَالتَّوَكُّلَ] لاكتفوا بذلك في مصالح دِينِهِمْ [وَدُنْيَاهُمْ] وحقيقة التوكل هو صدق اعتماد الْقَلْبِ عَلَى اللهِ عز وجل في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلها [وَكِلَةُ الْأُمُورِ كُلِّهَا] إليه وتحقيق الإيمان بأنه لا يعطي ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع سواه قاله [ابن

= وأبو نعيم في الحلية (1/ 165) و (1/ 166) ومعرفة الصحابة (1563) والبيهقى في الزهد (1/ 328 رقم 881) والشب (2/ 476 رقم 1269) من طرق عن كَهْمَسٍ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، عَن أَبِي ذَرٍّ.

وقال الهيثمى في مجمع الزوائد (5/ 226): رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ أَبَا سَلِيلِ ضُرَيْبَ بْنَ نُفيْرٍ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا ذَرٍّ.

وقال البوصيرى في مصباح الزجاجة (4/ 241 رقم 6051): هذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع أبو السليل لم يدرك أبا ذر قاله في التهذيب ورواه النسائي في التفسي عن محمد بن عبد الأعلى عن المعتمر بن سليمان به ورواه أحمد بن منيع في مسنده بزيادة طويلة كما أفردته في زوائد المسانيد العشرة فقال ثنا يزيد بن هارون ثنا كهمس بن الحسن فذكره وقال الألبانى في ضعيف ابن ماجة ومشكاة المصابيح (5306): ضعيف.

وقال في ضعيف الترغيب (1056): كذا قال، وهو منقطع بين (ضُريب بن نقَير القيسي) و و (أبي ذر)، فإنه لم يدركه كما في التهذيب وكذلك رواه أحمد (5/ 178).

(1)

سورة الطلاق، الآية:3.

ص: 19

رجب]

(1)

[وقال] المراد بقوله: "لكفتهم" الكفاية الظاهرة والباطنة وتكفيهم المخوفات [والمكروهات وتوجب] لهم طمأنيته القلب بما وعدوا به من الحسنات ودفع السيئات.

تتمة: [وأفاد] الخطيب البغدادي في تاريخ [بغداد] عن ابن عباس أنه قال: من قرأ هذه الآية [وَمَنْ يَتَّقِ اللّهَ يَجْعَلْ لَهُ] مخرجا إلى قوله: قدرا عند سلطان يخافه أو عند موج يخاف منه الغرق أو [أَوْ عِنْدَ سَبُعٍ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ] في ذلك

(2)

ا. هـ، قاله في الصفوة

(3)

وفي الحديث "لو توكلتم على اللّه حق توكله [لرزقكم كما يرزق] الطير تغدو خماصا وتروح بطانا"

(4)

أي تغدوا بكرة

(1)

جامع العلوم والحكم (2/ 497).

(2)

أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (9/ 85) ومن طريقه ابن الجوزى في الموضوعات 2/ 230، من طريق أبي عثمان سعيد بن القاسم البغدادي، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس. قال ابن الجوزى: هَذَا حَدِيث مَوْضُوع.

(3)

لم أعثر عليه في صفة الصفوة.

(4)

أخرجه أحمد في الزهد (97) والمسند 1/ 30 (210)، وعبد بن حميد (10)، والبزار (340)، وأبو يعلى (247)، وابن حبان (730)، والحاكم 4/ 318، وأبو نعيم في الحلية 10/ 69. وأخرجه ابن المبارك في الزهد (559) ومن طريق ابن المبارك ومن طريقه الطيالسي (51) و (139)، والترمذي (2344)، وأبو نعيم 10/ 69، والقضاعي في مسند الشهاب (1444)، والبغوي في شرح السنة والضياء في المختارة 1/ 333 (227) و 1/ 334 (228) عن عمر بن الخطاب.

قال البزار: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَأَحْسَبُ أَنَّ بَكْرَ بْنَ عَمْرٍو لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي تَمِيمٍ. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وسكت عنه الذهبي في تلخيص المستدرك. =

ص: 20

وهي جياع وتروح عشاء [بطانًا أي ممتلئة] الأجواف ومنه الحديث الآخر خماص البطون خفافا الظهور

(1)

أي أنهم أعفة (عن أموال الناس فهم ضامروا البطون من أكلها خفاف الظهور من ثقل وزرها قاله في النهاية

(2)

.

2635 -

وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه: قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم لَو فر أحدكُم من رزقه أدْركهُ كمَا يُدْرِكهُ الْمَوْت رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالصَّغِير بِإِسْنَاد حسن

(3)

.

= وأخرجه أحمد 1/ 52 (376) و (379)، وابن ماجة (4164)، والقضاعي في مسند الشهاب (1445).

وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ وَأَبُو تَمِيمٍ الجَيْشَانِيُّ اسْمُهُ: عَبْدُ اللّهِ بْنُ مَالِكٍ. وقال الضياء: إسناده صحيح. وقال الألباني: صحيح صحيح ابن ماجة وصحيح الترمذي، والصحيحة (310).

(1)

أخرجه نعيم بن حمَّاد في الفتن (379)، وابن المُظَفَّر البزاز في حديث شعبة (11)، والحاكم في المستدرك (4/ 470 - 471)، وأبو نعيم في الحلية (2/ 32)، والبيهقى في الكبرى (8/ 334 رقم 16810)، من طرق عن أبي برزة. وقال الذهبي: على شرط البخاري ومسلم. وأصله في صحيح البخاري (7112) و (7271).

(2)

النهاية في غريب الحديث (2/ 80).

(3)

أخرجه ابن أبي الدنيا في القناعة والتعفف (93)، وابن الأعرابى في المعجم (2/ 730 رقم 1479) والطبراني في الأوسط (4/ 363 رقم 4444) والصغير (1/ 365 رقم 611)، وابن عدى في الكامل (7/ 128 - 129). قال ابن عدى: ولفضيل أحاديث حسان وأرجو أن لا بأس به. وقال الهيثمى في مجمع الزوائد (4/ 72): رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالصَّغِيرِ، وَفِيهِ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ وُثِّقَ. وقال الألبانى في الصحيحة (952): قلت: وهذا إسناد =

ص: 21

2636 -

وَرُوِيَ عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم لَا تعجلن إِلى شَيْء تظن أَنَّك إِن استعجلت إِليْهِ أَنَّك مدركه إِن كَانَ لم يقدر لَك ذَلِك وَلَا تستأخرن عَن شَيء تظن أَنَّك إِن استأخرت عَنهُ أَنه مَدْفُوع عَنْك إِن كانَ اللّه قدره عَلَيْك رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط

(1)

.

[قوله: وروي عن معاوية بن أبي سفيان تقدم الكلام عليه.

قوله: "لَا تَعْجَلَنَّ إِلَى شَيْءٍ تَظُنُّ أَنَّكَ إِنِ اسْتَعْجَلْتَ إِلَيْهِ أَنَّكَ مُدْرِكُهُ" تقدم معناه.

2637 -

وَعَن ابْن عمر رضي الله عنهما أَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رأى تَمْرَة عائرة فَأَخذهَا فناولها سَائِلًا فَقَالَ أما إِنَّك لَو لم تأتها لأتتك رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بإسْنَاد جيد وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْبَيْهَقِيّ

(2)

.

= ضعيف مسلسل بالضعفاء، عطية العوفي فمن دونه ثم قال: وقد صححه ابن حبان، فالحديث حسن على أقل المراتب. وقال في صحيح الترغيب والترهيب (1704): حسن لغيره.

(1)

أخرجه الطبراني في الأوسط (3/ 355 رقم 3391)، والكبير (19/ 347 رقم 807)، وابن عدى في الكامل (6/ 513)، وابن سمعون في الأمالى (178)، وابن بطة في الإبانة (1907)، والبيهقى في القضاء والقدر (ص 209 رقم 238). قال البيهقى: عبد الوهَّاب بن مجاهد ليس بالقوي وفيما قبله كفاية. وقال ابن عدى: ولعبد الوهَّاب أحاديث وليس بالكثيرة وعامة ما يرويه، لا يتابع عليه.

وقال الهيثمى في مجمع الزوائد (7/ 199): رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُجَاهِدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وضعفه الألبانى في الضعيفة (5316) وقال في ضعيف الترغيب والترهيب (1057): ضعيف جدًّا.

(2)

أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (265) والطبراني في الكبير (13/ 95 رقم 13738)، وابن حبان (3240) عن الحسن بن سفيان، والبيهقي في شعب الإيمان (1146)، =

ص: 22

قوله وعن ابن عمر تقدم الكلام عليه:

قوله: أَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رأى تَمْرَة عائرة فَأَخذهَا فناولها سَائِلًا فَقَالَ: أما إِنَّك لَو لم تأتها لأتتك الحديث، [التمرة العائرة هي الساقطة لا يعرف لها مالك.

من عَار الْفرس يعنى إِذا انْطلق من مربطه مارا على وَجهه لا يدرى صاحبه أي لا يعلم. ومنه الحديث "مثل المنافق مثل الشاة العائرة بين غنمين" أي المترددة بين قطيعين، لا تدري أيهما تتبع

(1)

. ومنه الحديث "أن رجلًا أصابه سهم عائر فقتله"

(2)

هو الذي لا يدرى من رماه]. ا. هـ.

وهذا أصل في الورع وفى أن كلّ ما لا يستبينه الإنسان مباحا فإنه يجتنبه.

وفيه دليل على أن التمرة ونحوها من الطعام إذا وجدها الإنسان ملقاة أن له أخذها وأكلها إن شاء وليس لها حكم اللقطة ذكره المنذري في حواشيه على مختصر سنن أبي داود

(3)

.

2640 -

وَعَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم مَا طلعت شمس قطّ إِلَّا بعث بجنبتيها ملكان يناديان يسمعان أهل الْأَرْض إِلَّا الثقلَيْن يَا أَيُّهَا الناس هلموا إِلَى ربكُم فَإِن مَا قل وَكفى خير مِمَّا كثر وألهى وَلَا آبت شمس قطّ إِلَّا بعث بجنبتيها ملكان يناديان يسمعان أهل الأرْض إِلَّا الثقلَيْن اللَّهُمَّ

= ومسعود بن الحسن الثقفي في عروس الأجزاء (92) عن ابن عمر. ورواه أبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 159 - 160) عن عبد اللّه بن مسعود. قال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1705): صحيح.

(1)

أخرجه مسلم في الصحيح (17 - 2784) عن ابن عمر.

(2)

أخرجه البخاري (6707) عن أبي هريرة.

(3)

معالم السنن (2/ 72) ومختصر سنن أبي داود (2/ 246).

ص: 23

أعْط منفقا خلفا وَأعْطِ ممسكا تلفا رَوَاهُ أَحْمد بإسْنَاد صَحِيح وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن حبان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَصَححهُ

(1)

.

قوله عن أبي الدرداء تقدم الكلام عليه وعلى الحديث في الإنفاق في وجوه الخير.

2638 -

وَعَن عبد اللّه بن مَسْعُود رضي الله عنه: قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم مَا خلق اللّه من صباح يعلم ملك من السَّمَاء وَلَا فِي الأرْض مَا يصنع اللّه فِي ذَلِك الْيَوْم وَإِن العَبْد لَهُ رزقه فَلَو اجْتمع عَلَيْهِ الثَّقَلَان الْجِنّ وَالإِنْس أَن يصدوا عَنهُ شَيْئا من ذَلِك مَا اسْتَطَاعُوا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد لين وَيُشبه أَن يكون مَوْقُوفا

(2)

.

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في المسند (36) وأحمد في الزهد (102) والمسند 5/ 197 (22135)، والطيالسي (979)، وعبد بن حميد (207)، والطبري في مسند ابن عباس من تهذيب الآثار 1/ 266 و 267 و 269، وابن حبان (686) و (3329)، والطبراني في الأوسط (3/ 159 رقم 2891)، وابن السني في القناعة (22) و (23) و (24)، والحاكم 2/ 444 - 445، وأبو نعيم في الحلية 1/ 226، والقضاعي في مسند الشهاب (810)، والبيهقي في الشعب (5/ 90 رقم 3139) و (13/ 17 رقم 9888)، والبغوي في شرح السنة (4045).

وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 255): وَرِجَالُ أَحْمَدَ، وَبَعْضُ رِجَالِ أَسَانِيدِ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

وقال ابن حجر في الأمالى المطلقة (1/ 155): هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ. وقال الألباني: صحيح - "الصحيحة"(920)، "تخريج فقه السيرة"(443) وصحيح الترغيب (1706) و (3167).

(2)

أخرجه الطبراني في الأوسط (4/ 16 رقم 3497). قال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 72): رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ بَقِيَّةُ، وَهُوَ لَيِّنُ الْحَدِيثِ. وقال الألباني: ضعيف (1058) ضعيف الترغيب والترهيب والضعيفة (5309).

ص: 24

قوله: وعن ابن مسعود تقدم الكلام عليه.

قوله: مَا خلق اللّه من صباح يعلم ملك من السَّمَاء وَلا فِي الأرْض مَا يصنع اللّه فِي ذَلِك الْيَوْم وَإِن العَبْد لَهُ رزقه، الحديث ومعناه لا يدرى ما فعل اللّه فيه هل جعله ذخيرة للمؤمن بسبب فعله فيه من الأعمال الصالحة أو جعله وبالا عليه بسبب تضييعه إياه في البطالة أو في الأعمال الصالحة قاله أبو القاسم الأصبهانى في شرح الأربعين الودعانية

(1)

.

2639 -

وَعَن حَبَّة وَسَوَاء ابْني خَالِد رضي الله عنهما أَنَّهُمَا أَتَيَا رَسُول اللّه وَهُوَ يعْمل عملا يَبْنِي بِنَاء فَلَمَّا فرغ دَعَانَا فَقَالَ لا تنافسا فِي الرزق مَا تهزهزت رؤوسكما فَإِن الْإِنْسَان تلده أمه أَحْمَر لَيْسَ عَلَيْهِ قشر ثمَّ يُعْطِيهِ اللّه وَيَرْزقهُ رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه

(2)

.

(1)

شرح الأربعين الودعانية (ص 207).

(2)

أخرجه وكيع في الزهد (487)، وابن سعد في الطبقات (6/ 33)، وأحمد 3/ 469 (16096) و (16097) و (16098)، والبخاري في التاريخ الكبير 3/ 92، وفي الأدب المفرد (453)، وابن أبي الدنيا في القناعة والتعفف (132)، وابن ماجة (4165)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثانى (1466)، والبغوى في معجم الصحابة (2/ 191 رقم 544 و 545) و (3/ 280 رقم 1219)، وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 323)، وابن حبان (3242)، والطبراني في الكبير (4/ 7 رقم 3479) و (4/ 7 رقم 3480) و (7/ 137 رقم 6610 و 6611) و (7/ 138 رقم 6612)، والبيهقى في الآداب (1/ 314 رقم 776) والشعب (2/ 486 رقم 1287).

قال البوصيرى في مصباح الزجاجة (4/ 229 رقم 1494): قلت ليس لحبة وسواء ابني خالد عند ابن ماجة سوى هذا الحديث وليس لهما رواية في شيء من الكتب الخمسة =

ص: 25

قوله: عن حبة وسواء ابنى خالد

(1)

الحديث، حبة وسواء ليس لهما في الكتب [الخمسة] إلا هذا الحديث، وفى الخبر لكل عبد رزق فهو آتيه لا محالة فمن قنع [به] ورضى بورك له فيه ووسعه ومن لم يقنع به ولم يرض لم يبارك له فيه ولم يوسع عليه ويقال لو هرب العبد من رزقه لأدركه في وقته كما لو هرب من الموت لأدركه

(2)

. أ. هـ.

وفي وصية النبي - صلى الله عليه ويلم - لابن عباس إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الخلائق لو اجتهدوا على أن ينفعوك بشئ لم ينفعوك إلا بشئ كتبه الله لك فذكر الحديث إلى أن قال طويت الصحف وجفت الأقلام

(3)

.

فمن كانت هذه مشاهدته في القسم المعلوم سقط عنه جملة من الهموم

= وإسناد حديثهما صحيح رجاله ثقات رواه أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده بهذا الإسناد.

وعلق الحافظ الناجي في الإملاء على تخريج المنذري (4/ 646) فقال: هذا عجيب، فالحديث رواه (بنحوه) أحمد وابن ماجه، لكن لفظهما (وهو الصواب): لا تيأسا من الرزق ما تهززت رؤوسكما. (وتنافسا: تصحيف). وقال ابن حجر في الأمالى المطلقة (1/ 26): هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

قال الألباني: ضعيف ضعيف ابن ماجه "الضعيفة"(4798) وقال في ضَعيفُ التَّرْغِيب وَالتَّرْهِيب (1059): منكر.

(1)

الاستيعاب (1/ 318) و (2/ 689)، وأسد الغابة (1/ 670) و (2/ 588).

(2)

قوت القلوب (2/ 12).

(3)

أخرجه الترمذي (2516)، وابن السنى في اليوم والليلة (425)، والحاكم (3/ 541 - 542). قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الألباني في المشكاة (5302).

ص: 26

[واستراح من النظر إلى الخلق] واستراح الخلق من أذاه واشتغل عنهم بخدمة مولاه.

وروى أن رجلا لزم باب عمر كل غداة فشهد عمر منه مجيئه لأجل الطلب فقال له: يا هذا أهاجرت إلى عمر، أو إلى الله عز وجل، إذهب فتعلّم القرآن، فإنه سيغنيك عن باب عمر، فذهب الرجل فغاب زمانًا حتى افتقده عمر، فسأل عنه فدلّ عليه فأتاه، فإذا هو قد اعتزل الناس وأقبل على العبادة فقال له عمر رضي الله عنه: إني قد اشتقت إليك، فما الذي شغلك عنا؟ فقال: إني قد قرأت القرآن فأغناني عن عمر وعن آل عمر، فقال له عمر: رحمك الله فما الذي وجدت فيه؟ فقال: وفي السماء رزقكم وما توعدون فقلت: رزقي في السماء وأنا أطلبه في الأرض، فبكى عمر، وكانت موعظة له منه

(1)

.

وفى الأثر: من رضى من الله بالقليل من الرزق رضى الله منه بالقليل من العمل

(2)

.

2641 -

وَعَن سعد بن أبي وَقاص رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول خير الذّكر الْخَفي وَخير الرزق مَا يَكْفِي رَوَاهُ أَبُو عوَانَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحَيْهِمَا

(3)

.

(1)

قوت القلوب (2/ 12).

(2)

أخرجه أبو بكر الأزدى في حديثه (33) والآبنوسي (169) عن علي بن أبي طالب. وقال الألباني في الضعيفة (1925): ضعيف جدا.

(3)

أخرجه أبو عوانة كما في إتحاف المهرة الرقاق (5038)، وابن حبان (809). وقال الألباني في ضعيف الترغيب (1060) و (1873) وضعيف الجامع (2887): ضعيف.

ص: 27

[واستراح من النظر إلى الخلق] واستراح الخلق من أذاه واشتغل عنهم بخدمة مولاه.

وروى أن رجلا لزم باب عمر كل غداة فشهد عمر منه مجيئه لأجل الطلب فقال له: يا هذا أهاجرت إلى عمر، أو إلى الله عز وجل، إذهب فتعلّم القرآن، فإنه سيغنيك عن باب عمر، فذهب الرجل فغاب زمانًا حتى افتقده عمر، فسأل عنه فدلّ عليه فأتاه، فإذا هو قد اعتزل الناس وأقبل على العبادة فقال له عمر رضي الله عنه: إني قد اشتقت إليك، فما الذي شغلك عنا؟ فقال: إني قد قرأت القرآن فأغناني عن عمر وعن آل عمر، فقال له عمر: رحمك الله فما الذي وجدت فيه؟ فقال: وفي السَّماء رزقكم وما توعدون فقلت: رزقي في السَّماء وأنا أطلبه في الأرض، فبكى عمر، وكانت موعظة له منه

(1)

.

وفى الأثر: من رضى من الله بالقليل من الرزق رضى الله منه بالقليل من العمل

(2)

.

2641 -

وَعَن سعد بن أبي وَقاص رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول خير الذّكر الْخَفي وَخير الرزق مَا يَكْفِي رَوَاهُ أَبُو عوَانَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحَيْهِمَا

(3)

.

(1)

قوت القلوب (2/ 12).

(2)

أخرجه أبو بكر الأزدى في حديثه (33) والآبنوسي (169) عن علي بن أبي طالب. وقال الألباني في الضعيفة (1925): ضعيف جدا.

(3)

أخرجه أبو عوانة كما في إتحاف المهرة الرقاق (5038)، وابن حبان (809). وقال الألباني في ضعيف الترغيب (1060) و (1873) وضعيف الجامع (2887): ضعيف. =

ص: 28

قوله: عن سعد بن أبي وقاص

(1)

له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة حديث وأحد وسبعون حديثا

(2)

[أخرج له منها في الصحيحين ثمانية وثلاثون].

قوله: "خير الذكر الخفي" الحديث قال صاحب المغيث

(3)

: ذهب قوم إلى أن الذكر هاهنا ذكر الله تبارك وتعالى والدعاء وأن خيره ما أخفاه الداعي والذاكر وستره عن الناس وقال الحربي

(4)

: والذي عندي أنه الشهرة وانتشار

= وقال الهيثمي في المجمع (10/ 81): رواه أحمد، وأبو يعلى، وفيه محمد بن عبد الرحمن بن لبيبة، وقد وثقه ابن حبان، وقال: روى عن سعد بن أبي وقاص، قلت: وضعفه ابن معين، وبقية رجالهما رجال الصحيح.

وقال الناجى في عجالة الإملاء (4/ 647 - 649): عزوه حديث سعد: خير الذكر الخفي

إلى أبي عوانة وابن حبان. عجيب، فقد رواه أحمد والبيهقي وغيرهما، وفي إسناده أسامة بن زيد الليثي، وهو صدوق يهم. ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة، وهو ضعيف كثير الإرسال.

(1)

طبقات ابن سعد: 3/ 1/ 97 - 105، الاستيعاب: 4/ 170 - 177، أسد الغابة: 2/ 366 - 370، تهذيب الأسماء واللغات: 1/ 213 - 214، تهذيب الكمال: 478، الإصابة: 4/ 160 - 164.

(2)

كذا هو والذى عند ابن الجوزى في مشكل الصحيحين (1/ 231): وروى عَنهُ مِائَتي حَدِيث وَسبعين حَدِيثا، وقال الكرمانى في الكواكب الدرارى (1/ 129): نقل عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائتا حديث وسبعون حديثًا ذكر البخاري عشرين منها توفي بقصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة وحمل على رقاب الرجال إلى المدينة وصلى عليه مروان بن الحكم ودفن بالبقيع سنة إحدى أو خمس أو ست أو سبع أو ثمان وخمسين وهو آخر العشرة موتًا.

(3)

المجموع المغيث في غريبى القرآن والحديث (1/ 901) لأبى موسى المديني.

(4)

غريب الحديث (2/ 845).

ص: 29

خبر الرجل، [لأن سَعدًا، رضي الله عنه، أَجابَ ابنَه على ما أَرادَه عليه، ودَعَاه إليه من الظُّهور وطَلَب الخِلافَةِ بهذا الحَدِيث] وفي الحديث أيضا "اذكروا الله ذكرا خاملا" أي منخفضا توقيرا لجلاله يقال خفض

(1)

صوته إذا وضعه وأخفاه ولم يرفعه قاله: في النهاية

(2)

، وقال القاضي عياض

(3)

رحمه الله: الذكر الخفي هو الفكر في عظمة الله تعالى وجلاله وجبروته وملكوته وآياته في سماواته وأرضه قال: القاضي عياض رحمه الله واختلفوا هل تكتبه الملائكة فقيل تكتبه ويجعل الله لهم علامة يعرفونه بها، وقيل لا يكتبونه فإنه لا يطلع عليه غير الله تعالى، قال النَّووي

(4)

قلت: الصحيح أنهم يكتبونه أن ذكر اللسان مع حضور القلب أفضل من القلب وحده، وقد ذكر ذلك مبسوطا في كتاب الذكر والله أعلم.

فائدة: وقد اعترض بعض الفضلاء على الذكر جهرا مستدلا بقوله تعالى {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً}

(5)

وبقوله صلى الله عليه وسلم: "خير الذكر الخفي" الجواب أن الله تعالى خاطب عامة عباده بمثل قوله {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17)}

(6)

وخاطب الخاص بمثل قوله: {أَفَلَا

(1)

كذا في الأصل وفى النهاية خمل صوته.

(2)

النهاية (2/ 81).

(3)

إكمال المعلم (8/ 189).

(4)

شرح النووى (17/ 16).

(5)

سورة الأعراف، الآية:205.

(6)

سورة الغاشية، الآية:17.

ص: 30

2642 -

وَعَن عمرَان بن حُصَيْن رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من انْقَطع إِلَى الله عز وجل كفاهُ الله كل مؤونة ورزقه من حَيْثُ لا يحْتَسب وَمن انْقَطع إِلَى الدُّنْيَا وَكله الله إِلَيْهَا رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخ فِي كتاب الثَّوَاب وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا من رِوَايَة الْحسن عَن عمرَان وَفِي إِسْنَاده إِبْرَاهِيم بن الأشْعَث خَادِم الْفضل وَفِيه كَلَام قريب

(1)

.

= يخرجاه، ووافقه الذهبي. وقال النووى كما في خلاصة الأحكام (2/ 970): رواه أبو داود بإسناد على شرط الصحيحين. وقال الألباني في ضعيف أبي داود: ضعيف، وضعيف الأحكام (142).

(1)

أخرجه البيهقى في الشعب (2/ 351 رقم 1044) و (2/ 487 رقم 1289) و (2/ 488 رقم 1290).

وأخرجه ابن أبي الدنيا في القناعة والتعفف (55) والفرج بعد الشدة (26)، والطبرانى في الأوسط (3/ 346 رقم 3359) والصغير (1/ 201 رقم 321)، وابن منده في مجالس من أماليه (17)، وأبو العباس العصمى في جزئه (24)، والسلمى في الأربعون في التصوف (11)، والقضاعى في مسند الشهاب (493) و (494) و (495) و (496) و (497)، والخطيب في تاريخ بغداد (8/ 96)، والشجرى في الأمالى (2209)، والأصبهانى في الترغيب والترهيب (661)، وابن عساكر في المعجم (1370)، والمقدسى في التوكل (15 و 16) من طرق عن فضيل بن عياض عن هشام عن الحسن عن عمران. قال العصمى: غريب من حديث الحسن عن عمران غريب من حديث الفضيل عن هشام بن حسان عن الحسن لم يروه عنه إلا إبراهيم خادم الفضيل.

قال العراقى في تخريج الإحياء (1/ 1602): رواه الحسن عن عمران بن حصين ولم يسمع منه، وفيه إبراهيم بن الأشعث تكلم فيه أبو حاتم.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 303 - 304): رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْعَثِ صَاحِبُ الْفُضَيْلِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَات، =

ص: 31

قوله: وعن عمران بن حصين تقدم.

قوله: صلى الله عليه وسلم "من انقطع إلى الله" الحديث معناه اختاره على كل ما سواه كما يقال: انقطع فلان عن المدينة إلى مكة أي ترك المدينة وفارقها واختار مكة عليها وحقيقته أن الله تعالى قطعه عما كان موصولا به من العلائق فانقطع [هو].

قوله: صلى الله عليه وسلم "كفاه الله كل مؤونة ورزقه من حيث لا يحتسب" أي قضى حوائجه وسد [مفاقره] أي وجوه فقره

(1)

وأصل المؤونة ما لابد منه عن القوت والمسكن ومنه قولهم مؤونة [المرأة] على الزوج ومؤونة الولد على الوالد.

قوله: صلى الله عليه وسلم "ومن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها" الحديث وكله بالتخفيف أي تركه معها ولم ينعم عليه بالمعونة وكفاية المؤونة فيكون معذبا بالحرص والهوان ومعاقبا بالخيبة والحرمان ا. هـ.

2643 -

وَعَن أنس رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من كَانَت الدُّنْيَا همته وسدمه وَلها شخص وَإِيَّاهَا يَنْوِي جعل الله الْفقر بَين عَيْنيهِ وشتت عَلَيْهِ ضيعته وَلم يَأْته مِنْهَا إِلَا مَا كتب لَهُ مِنْهَا وَمن كَانَت الْآخِرَة همته وسدمه وَلها شخص وَإِيَّاهَا يَنْوِي جعل الله عز وجل الْغنى فِي قلبه وَجمع عَلَيْهِ ضيعته وأتته الدُّنْيَا وَهِي صاغرة. رَوَاهُ الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَرَوَاهُ

= وَقَالَ: يُغَرِّبُ وَيُخْطِئُ وَيُخَالِفُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

وقال الألباني في الضعيفة (6854) وضعيف الترغيب (1061) و (1638) و (1843) و (1885): ضعيف.

(1)

أساس البلاغة (2/ 30).

ص: 32

التِّرْمِذِيّ أخصر من هَذَا وَيَأْتِي لَفظه فِي الْفَرَاغ لِلْعِبَادَةِ إِن شَاءَ الله

(1)

.

سدمه بِفَتْح السِّين وَالدَّال الْمُهْمَلتَيْنِ أَي همه وَمَا يحرص عَلَيْهِ ويلهج بِهِ وَقَوله شتت عَلَيْهِ ضيعته بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة أَي فرق عَلَيْهِ حَاله وصناعته وَمَا هُوَ مهتم بِهِ وشعبه عَلَيْهِ.

قوله: وعن أنس تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من كانت الدنيا همته وسدمه" الحديث أي همه وما يحرص عليه ويلهج به قاله المنذري.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وشتت عليه ضيعته" الحديث أي فرق عليه حاله وصناعته وما هو مهتم به وشعبه عليه قاله الحافظ المنذري ا. هـ ومعنى الحديث أن من كان همه الدنيا وسع عليه أسباب معاشه، وشعبها عليه وأكثر تعبه وكده وسعيه مع أنه لا يأتيه منها إلا ما قدر له، ومن كانت الآخرة همه كان بعكس ذلك ا. هـ.

2644 -

وَرُوِيَ عَن ابْن عباس رضي الله عنهما قَالَ خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي مَسْجِد الْخيف فَحَمدَ الله وَذكره بِمَا هُوَ أَهله ثمَّ قَالَ من كَانَت الدُّنْيَا همه فرق الله

(1)

أخرجه البزار (6704)، والطبرانى في الأوسط (1/ 150 رقم 5990) و (8/ 363 رقم 8882) وابنُ حبان في المجروحين (1/ 291). وأصله عند الترمذي (2465).

والحديث صححه الألباني في الصحيحة (949) وقال في صحيح الترغيب والتَّرهيب (1707): صحيح لغيره. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 247): رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِسَنَدَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، وَفِي الْآخَرِ أَيُّوبُ بْنُ حَوْطٍ، وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ جِدًّا. وقال أيضا: رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْمَكِّيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

ص: 33

شَمله وَجعل فقره بَين عَيْنَيْهِ وَلم يؤته من الدُّنْيَا إِلَّا مَا كتب لَهُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ

(1)

.

قوله: وروى ابن عباس تقدم الكلام عليه.

قوله: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد الخيف الحديث تقدم الكلام على مسجد الخيف من منى مبسوطا وما قاله الأزرقي في ذلك.

قوله: صلى الله عليه وسلم "من كانت الدنيا همه فرق الله شمله" الحديث تقدم.

2645 -

وَرُوِيَ عَن أبي ذَر رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أصبح وهمه الدُّنْيَا فَلَيْسَ من الله فِي شَيْء وَمن لم يهتم بِالْمُسْلِمين فَلَيْسَ مِنْهُم وَمن أعْطى الذلة من نَفسه طَائِعا غير مكره فَلَيْسَ منا. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ

(2)

.

قوله: وروى عن أبي ذر تقدم الكلام عليه.

قوله: صلى الله عليه وسلم: "ومن أعطى الذلة من نفسه طائعا غير مكره فليس منا" أي ليس على سيرتنا ومذهبنا والتمسك بسنتنا كما [يقول الرجل لصاحبه أنا منك

(1)

أخرجه الطبرانى في الكبير (11/ 266 رقم 11690) ومن طريقه ابن النجار في ذيل تاريخ بغداد (16/ 250)، والشجرى في الأمالى (2270) من طريق أبى حمزة الثمالى، عن عكرمة، عن ابن عباس.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 248): رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وقال الألباني: صحيح لغيره صحيح الترغيب (1708).

(2)

أخرجه الطبرانى في الأوسط (1/ 151 رقم 471). قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 248): رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ يَزِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ الرَّحَبِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ. وقال الألباني في الضعيفة (310) وضعيف الترغيب والتَّرهيب (1062) و (1886): ضعيف جدا.

ص: 34

وإليك] يريد المتابعة والموافقة وذهب بعضهم إلى أنه أراد به النفي عن يدن الإسلام ولا يصح والله أعلم.

2646 -

وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذْ قضي الأمر وهم فِي غَفلَة قَالَ فِي الدُّنْيَا رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِمَعْنَاهُ فِي آخر حَدِيث يَأْتِي فِي آخر صفة الْجنَّة إِن شَاءَ الله

(1)

.

قوله: وعن أبي سعيد الخدري تقدم الكلام عليه

(2)

.

2647 -

وَرُوِيَ عَن أنس رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَة من الشَّقَاء جمود الْعين وقسوة الْقلب وَطول الأمل والحرص على الدُّنْيَا رَوَاهُ الْبَزَّار وَغَيره

(3)

.

قوله: صلى الله عليه وسلم "أربعة من الشقاء جمود العين وقسوة القلب وطول الأمل

(1)

أخرجه ابن حبان (652). قال الألباني في صحيح الترغيب (1709) و (3249): صحيح.

(2)

لم يذكر المصنف تحته شرحًا.

(3)

أخرجه البزار (6442) وابن عدى في الكامل (2/ 163) وأبو نعيم في الحلية (6/ 175).

قال أبو نعيم: تَفَرَّدَ بِرَفْعِهِ مُتَّصِلًا عَنْ صَالِحٍ، حَجَّاجٌ. وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (4/ 641): وهو حديث يرويه هانئ بن المتوكل، قال: حدثنا عبد الله بن سليمان، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس. وعبد الله بن سليمان قد حدث عن المقرئ وغيره أحاديث لم يتابع عليها. قاله البزار.

وهانئ بن المتوكل، إسكندراني، لا تعرف حاله. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 226): رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ هَانِئُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وقال الألباني: ضعيف ضعيف الجامع (758) والضعيفة (1522) وضعيف الترغيب (1063) و (1952).

ص: 35

والحرص على الدنيا"

(1)

.

2648 -

وَرُوِيَ عَن عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لا ترْضينَ أحدا بسخط الله وَلَا تحمدن أحدا على فضل الله وَلَا تذمن أحدا على مَا لم يؤتك الله فَإِن رزق الله لا يَسُوقهُ إِلَيْك حرص حَرِيص وَلا يردهُ عَنْك كرَاهِيَة كَارِه وَإِن الله بِقسْطِهِ وعدله جعل الرّوح والفرج فِي الرِّضَا وَالْيَقِين وَجعل الْهم والحزن فِي السخط" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير

(2)

.

قوله: وروي عن عبد الله بن مسعود تقدم الكلام عليه.

قوله: "لا ترضين أحدا بسخط الله ولا تحمدن أحدا على فضل الله ولا تذمن أحدا على ما لم يؤتك الله" الحديث "فإن رزق الله لا يسوقه إليك حرص حريص ولا يرده عنك كراهية كاره وإن الله بقسطه وعدله جعل الروح والفرج في الرضا واليقين وجعل الهم والحزن في السخط" وفي الحديث آخر

(1)

لم يذكر المصنف تحته شرحًا.

(2)

أخرجه الطبرانى في الكبير (10/ 215 رقم 10514)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 121) و (7/ 130)، والقضاعى في مسند الشهاب (947)، والبيهقى في الأربعون (ص 99 - 100) والشعب (1/ 383 - 384 رقم 204) من طريق خالد بن يزيد العمري، قال: ثنا سفيان الثوري، وشريك بن عبد الله، وسفيان بن عيينة، عن سليمان، عن خيثمة، عن ابن مسعود. قال أبو نعيم: غريب من حديث الثوري ومن حديث الأعمش، تفرد به خالد بن يزيد العمري. وقال البيهقى: هكذا رواه خالد العمري عنهم. وإنما رواه الثقات عن سفيان بن عيينة، عن أبي هارون المدني قال: قال ابن مسعود (يعنى قوله).

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 71): رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَفِيهِ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْعُمَرِيُّ، وَاتُّهِمَ بِالْوَضْعِ. وقال الألباني في ضعيف الترغيب (1064): موضوع.

ص: 36

عن أبي سعيد الخدري قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله، وأن تحمدهم على رزق الله، وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله، إن رزق الله لا يجره إليك حرص حريص، ولا يرده كره كاره، إن الله جعل الروح والفرج في الرضى واليقين، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط"

(1)

قال السادة الصوفية: فاليقين روح أعمال القلوب التي هي أرواح أعمال الجوارح ومتى وصل اليقين إلى القلب امتلأ به نورا وإشراقا وانتفى عنه كل ريب وشك وسخط وهم وغم وامتلأ محبة لله تعالى وخوفا منه ورضى به شكرا له وتوكلا عليه وإنابة إليه فهو مادة جميع المقامات والحامل لها واختلف فيه: هل هو كسبي أو موهبي؟ فقيل هو العلم المستودع في القلوب يشير إلى أنه غير كسبي، وقال سهل رحمه الله: اليقين من زيادة الإيمان ولا ريب أن الإيمان كسبي، والتحقيق أنه كسبي باعتبار أسبابه موهبي باعتبار نفسه وذاته وعند القوم اليقين لا يساكن قلبا فيه سكون إلى غير الله وقال الجنيد رحمه الله: اليقين هو استقرار العلم الذي لا ينقلب ولا يحول ولا يتغير في القلب ولهم ثلاث مقامات يعبرون عنها علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين وقد مثلت المراتب الثلاث بمن أخبرك أن عنده عسلا وأنت لا تشك في صدقة ثم أراك إياه فازددت يقينا ثم ذقت منه فالأول

(1)

أخرجه أبو نعيم في الحلية (5/ 106) و (10/ 41)، والبيهقى في شعب الإيمان (1/ 221، رقم 207) وقال: محمد بن مروان ضعيف. وقال الألباني في الضعيفة (1482): موضوع وأورده في ضعيف الجامع (2009).

ص: 37

علم اليقين، والثاني عين اليقين، والثالث حق اليقين فعلمنا الآن بالجنة والنار علم اليقين فإذا أزلفت الجنة في الموقف وشاهدها الخلائق وبرزت الجحيم وعاينها الخلائق فذلك عين اليقين فإذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار فذلك حينئذ حق اليقين انتهى

(1)

فأمر الله إبراهيم عليه السلام أن يأخذ أربعة من الطير الآية ليحصل له علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين فعلم اليقين هو المستفاد من الأخبار وعين اليقين مستفاد من المشاهدة وحق اليقين يكون بالمعاينة والمباشرة والله أعلم.

2649 -

وَعَن كعْب بن مَالك رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا ذئبان جائعان أرسلا فِي غنم بأفسد لهَا من حرص الْمَرْء على المَال والشرف لدينِهِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن

(2)

.

قَالَ المملي رضي الله عنه: وَسَيَأْتِي غير مَا حَدِيث من هَذَا النَّوْع فِي الزّهْد إِن شَاءَ الله.

(1)

مدارج السالكين (2/ 374 - 379) بتصرف.

(2)

أخرجه أحمد 3/ 456 (16025) و 3/ 460 (16036)، والدارمى (2730)، والترمذى (2376)، والنسائى في الكبرى (11796)، وابن أبي الدنيا في إصلاح المال (13) والقناعة والتعفف (139)، وابن حبان (3228). وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيح. وصححه الألباني في "الروض النضير"(رقم 5 - 7)، وصحيح الترغيب (1710) و (3250) وصحيح الجامع (5620).

ص: 38

قوله: وعن كعب بن مالك

(1)

كنيته: أبو عبد الله ويقال: أبو محمد ويقال: أبو بشير كعب بن مالك بن عمرو بن القين بن سواد بن غنم بن كعب بن مسلمة بكسر اللام بن سعد بن علي الأنصاري الخزرجي السلمي بفتح السين واللام شهد العقبة وأحدا وسائر المشاهد كلها إلا بدرا وتبوكا وهو أحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم وأنزل فيهم: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا}

(2)

الآية والثلاثة كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية، روى كعب بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانون حديثا اتفقا على ثلاثة وللبخاري حديث ولمسلم حديثا فخرج كعب يوم أحد احد عشر جرحًا وهو أحد شعراء رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا ثلاثة حسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك توفي بالمدينة قبل الأربعين، وقيل سنة خمسين، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى مبسوطا في باب الصدق في التخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف" الحديث ولفظ حديث جابر "ما ذئبان ضاريان باتا في عنم"

(3)

، وفي حديث ابن عباس "حب المال والشرف بذل الحرص"

(4)

فهذا

(1)

انظر ترجمته: الاستيعاب: 3/ 1323، أسد الغابة: 4/ 487، تهذيب الكمال: 1147، تهذيب التهذيب: 8/ 440 - 441، الإصابة: 8/ 304.

(2)

سورة التوبة، الآية:118.

(3)

أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 67)، والبيهقي في الشعب (12/ 490 رقم 9787 و 9788) من طريق موسى بن يعقوب الزمعي، عن معان بن رفاعة الأنصاري ثم الزرقي، عن جابر بن عبد الله. ولفظه: مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ ضَارِيَانِ فِي غَنَمٍ قَدْ غَابَ عَنْهَا رِعَاؤُهَا بِأَفْسَدَ فِيهَا مِنَ الْتِمَاسِ الشَّرَفِ وَالْمَالِ لِدَيْنٍ الْمُؤْمِنِ موسى بن يعقوب الزمعى المطلبي، قال ابن حجر في التقريب: صدوق سيء الحفظ.

(4)

أخرجه الطبراني في الكبير (10/ 319 رقم 10778)، وفي الأوسط (1/ 260 رقم 851)، وعنه أخرجه أبو نعيم في الحلية (3/ 219) من طريق عيسى بن ميمون، عن محمد بن كعب، عن ابن عباس بلفظ "مَا ذِئْبَانِ ضَارِيَانِ بَاتَا فِي غَنَمٍ، بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حُبِّ ابْنِ آدَمَ الشَّرَفِ وَالْمَالِ".

قال الهيثمي في المجمع (10/ 250): رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عيسى بن ميمون، وهو ضعيف، وقد وثق.

ص: 39

مثل عظيم جدا ضربه النبي صلى الله عليه وسلم لفساد دين المسلم بالحرص على المال والشرف وإن فساد الدين بذلك ليس بدون فساد الغنم بذئبين جائعين ضاريين باتا في الغنم وقد غاب عنها رعاتها ليلا فهما يأكلان في الغنم ويفرسان فيها ومعلوم أنه لا ينجوا من الغنم من إفساد الذئبين المذكورين والحالة هذه إلا القليل فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم: "أن حرص المرء على المال والشرف ليس إفساده لدينه بأقل من إفساد هذين الذئبيين لهذا الغنم" بل إما أن يكون مساويا وإما أن يكون أكثر يشير إلى أنه لا يسلم من دين المرء المسلم مع حرصه على المال والشرف في الدنيا إلا القليل كما أنه لا يسلم من الغنم مع إفسادا الذئبين المذكورين فيهما إلا القليل فهذا المثل العظيم يتضمن غاية التحذير من شر الحرص على المال والشرف في الدنيا فأما الحرص على المال فهو نوعان أحدهما شدة محبة المال مع شدة طلبه من وجهه المباحة والمبالغة في طلبه والجد في تحصيله واكتسابه من وجوهه مع

ص: 40

الجهد والمشقة ولو لم يكن في الحرص على المال إلا تضييع العمر الشريف الذي لا قيمة له وقد كان يمكن صاحبه فيه اكتساب الدرجات ولو فعل فاز بالعلى والنعيم المقيم فضيعه الحريص في طلب رزق مضمون مقسوم لا يأتي منه إلا ما قدر وقسم ثم لا ينتفع به بل يتركه لغيره ويرتحل عنه فيبقى حسابه عليه ونفعه لغيره فيجمع لمن لا يحمده ويقدم على من لا يعذره لكفى بذلك ذمًا للحريص فالحريص يضيع زمانه الشريف ويخاطر بنفسه التي لا قيمة لها في الأسفار وركوب الأخطار لجمع مال ينتفع به غيره كما قيل:

ومن ينفق الأعمار في جمع ماله

مخافة فقر فالذي فعل الفقر

ولا تحسبن الفقر فقرا من الغنا

ولكن فقر الدين من أعظم الفقر

وفي بعضِ الآثارِ الإسرائيلية: الرزق مقسوم والحريص محروم. ابن آدم إذا أفنيت عمرك في طلب الدنيا فمتى تطلب الآخرة.

شعر:

يا جامعًا مانعًا والدهرُ يرمقُه

مفكرًا أيُّ بابٍ منه يغلقُه

جمعتَ مالًا ففكرْ هل جمعتَ له

يا جامعَ المالِ أياما تفرقُه

المالُ عندَك مخزونٌ لوارثهِ

ما المالُ مالك إلا يومَ تنفقُه

إِنَّ القناعةَ من يَحللْ بساحتِها

لم يلق في ظلِّها همًّا يؤرقُه

كان عبد الواحد بن زيد يحلف بالله لحرص المرء على الدنيا أخوف عليه عندي من أعدى أعدائك.

وأما الحرص على الشرف فهو أشد هلاكا من الحرص على المال فإن طلب الشرف الدنيا والرفعة فيها والرياسة على الناس والعلو في الأرض أضر

ص: 41

على العبد من طلب المال وضرره أعظم والزهد فيه أصعب فإن المال يبذل في طلب الرياسة والشرف.

والحرص قسمان:

أحدهما: طلب الشرف بالولاية والسلطان والمال وهذا خطر جدا وهو الغالب يمنع خير الآخرة وشرفها وكرامتها وعزها.

وقل من يحرص على رياسة الدنيا فطلب الولايات فوفق بل يوكل إلى نفسه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن سمرة يا عبد الرحمن "لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها"

(1)

الحديث.

القسم الثاني: طلب الشرف والعلو على الناس بالأمور الدينية كالعلم والعمل والزهد فهذا أفحش من الأول وأفتح وأشد فسادا وخطرا فإن العمل والعلم والزهد إنما يطلب بها ما عند الله من الدرجات العلى والنعيم المقيم ويطلب بها ما عند الله والقرب منه والزلفى لديه قال الثوري رحمت الله عليه: إنما فضل العلم لأنه يتقى به الله وإلا كان كسائر الأشياء فإذا طلب بشيء من هذا عرض الدنيا الفاني فهو - أيضا - نوعان.

أحدهما: أن يطلب به المال فهذا من أنواع الحرص وطلبه بالأشياء المحرمة.

الثاني: من يطلب بالعمل والعلم والزهد والرياسة على الخلق فهذا وعيده النار واعلم أن حب الشرف بالحرص على نفوذ الأمر والنهي وتدبير أمر

(1)

أخرجه البخاري (6622)، ومسلم (1652).

ص: 42

الناس إذا كان القصد بذلك مجرد علو المنزلة على الخلق والتعاظم عليهم وإظهار صاحب الشرف حاجة الناس إليه وافتقارهم إليه وذلهم له في طلب حوائجهم منه فهذا نفسه مزاحمة لربوبية الله تعالى وإلاهيته وربما تسبب بعض هؤلاء إلى إيقاع الناس في أمر يحتاجون إليه ويتعاظم بذلك ويتكبر به وهذا لا يصلح إلا لله تعالى وحده لا شريك له فالكلام على هذا الحديث من أوله إلى آخره من كلام الشيخ زين الدين بن رجب الحنبلي رحمه الله

(1)

.

2650 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ قلب الشَّيْخ شَاب على حب اثْنَتَيْنِ حب الْعَيْش أَو قَالَ طول الْحَيَاة وَحب المَال رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ إِلَا أَنه قَالَ طول الْحَيَاة وَكثْرَة المَال

(2)

.

2651 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كانَ يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من علم لا ينفع وَمن قلب لا يخشع وَمن نفس لا تشبع وَمن دُعَاء لا يسمع" رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالنَّسَائِيّ وَرَوَاه مسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَغَيرهمَا من حَدِيث زيد بن أَرقم وَتقدم فِي الْعلم

(3)

.

(1)

مجموع رسائل ابن رجب (1/ 63 - 96).

(2)

أخرجه البخاري (6420) ومسلم واللفظ له (113 و 114 - 1046)، والترمذى (2338). ولم يدرج المصنف تحته شرحًا.

(3)

أخرجه الطيالسى في المسند (2442)، وابن أبي شيبة في المصنف (6/ 17 رقم 29126)، وإسحاق (426)، وأحمد 2/ 340 (8604) و 2/ 365 (8901) و 2/ 451 (9964)، وابن ماجه (250) و (3837)، وأبو داود (1548)، والنسائى في المجتبى 8/ 351 (5511) و 8/ 390 (5580) و 8/ 391 (5581) عن أبي هريرة. =

ص: 43

قوله: وعن أبي هريرة تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "قلب الشيخ شاب على حب اثنتين حب العيش أو قال طول الحياة وحب المال" الحديث رواه البخاري ومسلم ورواه الترمذي إلا أنه قال: "طول الحياة وكثرة المال".

قوله: "طول الحياة وكثرة المال" يجوز فيهما الرفع على أنهما خبران لمبتدأ محذوف ويجوز فيهما النصب على أنهما بدل من قوله اثنتين.

قال النووي

(1)

: وهذا مجاز واستعارة، ومعنى الحديث أن قلب الشيخ كامل الحب للمال محتكم في ذلك كاحتكام قوة الشباب في شبابه، قال النووي: هذا أصوابه ا. هـ، وقيل وصفه بكونه شابا لوجود هذين الأمرين فيه اللذين هما في الشباب أكثر ولهم أليق للرجاء في طول أعمارهم ودوام استمتاعهم ولذاتهم في الدنيا وحب الدنيا هو كثرة المال وطول الأمل هو طول الحياة والمذكوران في الرواية الأخرى وكذا حب العيش المذكور في

= وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه وصحيح أبي داود وصحيح النسائي وصحيح الترغيب (1712). وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (6/ 17 رقم 29124)، وأحمد 4/ 371 (19616)، وعبد بن حميد (267)، ومسلم (73 - 2722)، والترمذي (3572)، والنسائى في المجتبى 8/ 346 (5502) و 8/ 391 (5582) من حديث زيد ابن أرقم. وأخرجه أحمد 2/ 167 (6557)، والترمذى (3482)، والنسائى في المجتبى 8/ 335 (5486) من حديث عبد الله بن عمرو. وصححه الألباني في صحيح الترمذي.

ولم يدرج المصنف تحت هذا الحديث شرحًا.

(1)

شرح النووى على مسلم (7/ 138).

ص: 44

رواية مسلم هو طول الحياة، وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَتَشِبُّ مِنْهُ اثْنَتَانِ: الحِرْصُ عَلى المَالِ، وَالحِرْصُ عَلى العُمُرِ" رواه مسلم في الزكاة.

قال النَّووي

(1)

: فيه ذم الحرص على الدنيا وحب المكارم بها والرغبة فيها.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وَتَشِبُّ مِنْهُ اثْنَتَانِ" بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِ الشِّينِ وهو بمعنى قلب الشيخ شاب على حب اثنتين ا. هـ.

2652 -

وَعَن أنس رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَو كَانَ لابْنِ آدم واديان من مَال لابتغى إِلَيْهِمَا ثَالِثا وَلا يمْلأ جَوف ابْن آدم إِلَا التُّرَاب وَيَتُوب الله على من تَابَ رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم

(2)

.

قوله: وعن أنس تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى إليهما ثالثا" الحديث آدم غير منصرف للعلمية والعجمة وأقرب أمره أن يكون على فاعل كان قاله جار الله العلامة والابتغاء الطلب وتعديته بالي لتضمينه معنى ضم أي لضم إليهما.

ثالثا: فأخبر عن حرص العباد على الزيادة في المال أنه لا غاية له يقنع بها ويقتصر عليها ثم اتبع ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب" الحديث يعني إذا مات وصار في قبره ملأ جوفه التراب لأنه لا يزال حريصا

(1)

المصدر السابق (7/ 139).

(2)

أخرجه البخاري (6439، 6440) ومسلم (116 و 117 - 1048).

ص: 45

على الدنيا حتى يموت ويمتليء جوفه من تراب قبره وهذا الحديث خرج على حكم غالب بني آدم في الحرص على الدنيا ويؤيده.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ويتوب الله على من تاب" وهو متفق مع ما قبله ومعناه أن يقبل التوبة من الحرص المذموم وغيره من المذمومات ففي هذا الحديث ذم الحرص على الدنيا وحب المكاثرة بها والرغبة فيها وطول الأمل والله أعلم، ولهذا الحديث آثر كثير من السلف التقلل من الدنيا والقناعة والكفاف فرارا من التعرض لما لا يعلم كيف النجاة من شر فتنته واستعاذ النبي من شدة فتنة الغنى وقد علم كل مؤمن أن الله تعالى قد أعاذه من شر كل فتنة وإنما دعاؤه بذلك تواضعا لله وتعليما لأمته وحضا لهم على إيثار الزهد في الدنيا ا. هـ، قاله في الديباجة.

2653 -

وَعَن ابْن عباس رضي الله عنهما قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول لَو أَن لابْنِ آدم وَاديا من ذهب لأحب أَن يكون إِلَيْهِ مثله وَلا يمْلأ عين ابْن آدم إِلَا التُّرَاب وَيَتُوب الله على من تَابَ رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم

(1)

.

قوله: وروى عن ابن عباس تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "لو أن لابن آدم واديا من ذهب لأحب أن يكون إليه مثله ولا يملأ عين ابن آدم إلا التراب" الحديث تقدم الكلام عليه وفي حديث أنس ولا يملأ فاه إلا التراب.

(1)

أخرجه البخاري (6436) و (6437) ومسلم (118 - 1549).

ص: 46

2654 -

وَعَن [ابْن]

(1)

عباس بن سهل بن سعد رضي الله عنهم قَالَ سَمِعت ابْن الزبير على مِنْبَر مَكَّة فِي خطبَته يَقُول يَا أَيهَا النَّاس إِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول لَو أَن ابْن آدم أعطي وَاديا من ذهب أحب إِلَيْهِ ثَانِيًا وَلَو أعطي ثَانِيًا أحب إِلَيْهِ ثَالِثا وَلا يسد جَوف ابْن آدم إِلَا التُّرَاب وَيتُوب الله على من تَابَ رَوَاهُ البُخَارِيّ

(2)

.

قوله: وعن عباس بن سهل بن سعد (بسكون العين والهاء وعباس بالموحدة المشددة آخره مهملة والد أبى بن عباس، وعبد المهيمن بن عباس. أدرك زمان عثمان بن عفان، وهو ابن خمس عشرة سنة)

(3)

.

قوله: سمعت ابن الزبير على منبر مكة في خطبته يقول يا أيها الناس إن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يقول: "لو أن ابن آدم أعطي واديا من ذهب أحب إليها ثانيا ولو أعطي ثالثا ولا يسد جوف ابن آدم إلا التراب"(الحديث)

(4)

.

2655 -

وَعَن بُرَيْدَة رضي الله عنه قَالَ سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يقْرَأ فِي الصَّلَاة لَو أَن لابْنِ آدم وَاديا من ذهب لابتغى إِلَيْهِ ثَانِيًا وَلَو أعطي ثَانِيًا لابتغى إِلَيْهِ ثَالِثا وَلا يمْلأ جَوف ابْن آدم إِلَا التُّرَاب وَيَتُوب الله على من تَابَ رَوَاهُ الْبَزَّار بِإِسْنَاد جيد

(5)

.

(1)

كذا هو في نسخ الترغيب وهي مقحمة.

(2)

أخرجه البخاري (6438).

(3)

طبقات ابن سعد 5/ 271، تهذيب الكمال: 657، تاريخ الإِسلام 4/ 17، و 262، 263 تهذيب التهذيب 5/ 118.

(4)

لم يدرج المصنف تحته شرحًا.

(5)

أخرجه البزار (4433). وصححه الألباني في الصحيحة (2911) وقال في صحيح الترغيب (1716): حسن صحيح.

ص: 47

وعن بريدة

(1)

(بن الحصيب بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين، أبو عبد الله، وقيل: أبو سهل، وقيل: أبو ساسان بريدة بن الحصيب بن عبد الله بن الحارث الأسلمي أسلم قبل بدر ولم يشهدها وهو من المهاجرين. نزل البصرة ثم مرو وقبره بها وشهد خيبر والفتح وكان أميرًا على ربع أسلم، روى عنه ابناه عبد الله وسلمان، والشعبي وجماعة. وكان فارسًا شجاعًا مات سنة ثلاث وستين وقال المقدسي: ابن اثنين أو ثلاث وستين. وهو آخر من مات من الصحابة بخراسان، روي له عن النبي صلى الله عليه وسلم مائة حديث وأربعة وستون حديثًا، اتفقا على حديث واحد. وانفرد البخاري بحديثين، ومسلم بأحد عشر).

قوله: سمعت رسول الله يقرأ في الصلاة "لو أن لابن آدم واديا من ذهب لابتغى ثالثا" الحديث تقدم معناه.

تنبيه: وقد ثبت في السنة من رواية الإمام أحمد وغيره أن هذا كان قرءانا فنسخ خطه، وفي رواية عن أنس وابن عباس قال فلا ندري أشيء أنزل أم شيء كان يقوله؟

(2)

، وروى عن أبي قال: كنا نرى هذا من القرءان حتى نزلت: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)}

(3)

رواه البخاري

(4)

1. هـ.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد 4/ 241 - 243، التاريخ الكبير 2/ ترجمة رقم 1977، الجرح والتعديل 2/ ترجمة 1984، أسد الغابة 1/ 209، الإصابة 1/ ترجمة رقم 632.

(2)

أخرجه مسلم (1048) م من حديث أنس.

وأخرجه البخاري (6437) ومسلم (118 - 1049) عن ابن عباس.

(3)

سورة التكاثر، الآية:1.

(4)

أخرجه البخاري (6440).

ص: 48

2656 -

وَعَن أنس رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ يجاء بِابْن آدم كَأَنَّهُ بذج فَيُوقف بَين يَدي الله عز وجل فَيَقُول الله لَهُ أَعطيتك وخولتك وأنعمت عَلَيْك فَمَا صنعت فَيَقُول يَا رب جمعته وثمرته فتركته أَكثر مَا كَانَ فارجعني آتِك بِهِ فَيَقُول الله لَهُ أَرِنِي مَا قدمت فَيَقُول يَا رب جمعته وثمرته فتركته أَكثر مَا كَانَ فارجعني آتِك بِهِ فَإِذا عبد لم يقدم خيرا فيمضى بِهِ إِلَى النَّار رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن إِسْمَاعِيل بن مُسلم الْمَكِّيّ وَهُوَ واه عَن الْحسن وَقَتَادَة عَنهُ وَقَالَ رَوَاهُ غير وَاحِد عَن الْحسن وَلم يُسْنِدُوهُ

(1)

.

قَوْله البذج بباء مُوَحدَة مَفْتُوحَة ثمَّ ذال مُعْجمَة سَاكِنة ثمَّ جِيم هُوَ ولد الضَّأْن شبه بِهِ لما يَأْتِي فِيهِ من الصغار والذل والحقارة.

قَالَ الْحَافِظ: وَتَأْتِي أَحَادِيث كَثِيرَة فِي ذمّ الْحِرْص وَحب المَال فِي الزّهْد وَغَيره إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

قوله: وعن أنس تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "يجاء بابن آدم كأنه بذج فيوقف بين يدي الله تعالى" الحديث قد ضبطه الحافظ وفسره هو ولد الضأن شبه به لما يأتي فيه من الصغار والذل والحقارة وقال في حياة الحيوان البذج من أولاد الضأن بمنزلة العتود من

(1)

أخرجه ابن المبارك في المسند (98)، ومن طريقه الترمذي (2427) والبغوى في شرح السنة (4058)، وهناد في الزهد (2/ 435) من طريق إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن أنس. وقال الألباني: ضعيف ضعيف الترمذي وضعيف الجامع (6413) وضعيف الترغيب (1889).

ص: 49

أولاد المعز وجمعه بذجان قال: الراجر:

قد هلكت جارتنا من الهمج

وإن تجمع تأكل عتودا أبو بذج

قال الجوهري

(1)

: ومراده بالهمج سوء التدبير في المعاش، وفي الحديث يخرج رجل من الناس كأنه بذج ترْعد أوصاله وفي مسند أبي يعلى الموصلي عن أنس بن مالك قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بابن آدم يوم القيامة كأنه بذج من الذل فيقول الله تعالى أنا خير قسيم يا ابن آدم انظر إلى عملك الذي عملت لي فأنا أجزيك به وانظر إلى عملك الذي عملته لغيرى فإن جزاءه على الذي عملت له"

(2)

والبذج كلمة فارسية تكلمت بها العرب، وعن بعض الأعراب أنه وجد متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول اللهم أمتني ميتة أبي خارجة فقيل وكيف مات أبو خارجة قال أكل بذجا وشرب مشعلا ونام شامسا فلقي الله شبعان ريان دفئان.

المشعل إناء ينبذ فيه انتهى.

(1)

الصحاح للجوهرى (1/ 351).

(2)

أخرجه أبو يعلى (4121). وقال الهيثمي في المجمع 10/ 221 - 222: رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ مُدَلِّسُونَ.

ص: 50