المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في خروج آدم وحواء من الجنة وبكائها وتوبة الله عليهما - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ٨

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌التَّرْغِيب فِي الاقتصاد فِي طلب الرزق والإجمال فِيهِ وَمَا جَاءَ فِي ذلّ الْحِرْص وَحب المَال

- ‌[التَّرْغِيب فِي طلب الْحَلَال وَالْأكل مِنْهُ والتَّرهيب ما اكْتِسَاب الْحَرَام وَأكله ولبسه وَنَحْو ذَلِك]

- ‌[الترغيب في الورع وترك الشبهات وما يحوك في الصدور]

- ‌[الترغيب في السماحة في البيع والشراء وحسن التقاضي والقضاء]

- ‌[الترغيب في إقالة النادم]

- ‌[الترهيب من بخس الكيل والوزن]

- ‌[الترهيب من الغش والترغيب في النصيحة في البيع وغيره]

- ‌[الترهيب من الاحتكار]

- ‌[ترغيب التجار في الصدق وترهيبهم من الكذب ومن الحلف وإن كانوا صادقين]

- ‌[الترهيب من خيانة أحد الشريكين الآخرة]

- ‌[الترهيب من التفريق بين الوالدة وولدها بالبيع ونحوه]

- ‌[الترهيب من الدين وترغيب المستدين والمتزوج أن ينوبا الوفاء والمبادرة إلى قضاء دين الميت]

- ‌[الترهيب من مطل الغني والترغيب في إرضاء صاحب الدين]

- ‌[الترغيب في كلمات يقولهن المديون والمهموم والمكروب والمأسور]

- ‌[الترهيب من اليمين الكاذبة الغموس]

- ‌[الترهيب من الربا]

- ‌[الترهيب من غصب الأرض وغيرها]

- ‌[الترهيب من البناء فوق الحاجة تفاخرا وتكاثرا]

- ‌[الترهيب من منع الأجير أجره والأمر بتعجيل إعطائه]

- ‌[ترغيب المملوك وأداء حق اللّه تعالى وحق مواليه]

- ‌[ترهيب العبد من الإباق من سيده]

- ‌[الترغيب في العتق والترهيب من اعتباد الحر أو بيعه]

- ‌(فصل)

- ‌كتاب النكاح

- ‌الترغيب في غض البصر والترهيب من إطلاقه ومن الخلوة

- ‌[الترغيب في النكاح سيما بذات الدين الولود]

- ‌فصل

- ‌فصل يذكر فيه خلق آدم وتزويجه بحواء وخروجهما من الجنة وتوبة اللّه عليهما وغير ذلك مما يتعلق بالحديث

- ‌فصل في تزويج آدم بحواء عليها السلام

- ‌فصل في خروج آدم وحواء من الجنة وبكائها وتوبة اللّه عليهما

- ‌[الترهيب من ترجيح إحدى الزوجات وترك العدل بينهم]

- ‌[الترغيب في النفقة على الزوجة والعيال والترهيب من إضاعتهم وما جاء في النفقة على البنات وتأديبهن

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌[الترغيب في الأسماء الحسنة وما جاء في النهي عن الأسماء القبيحة وتغييرها]

- ‌[فصل]

الفصل: ‌فصل في خروج آدم وحواء من الجنة وبكائها وتوبة الله عليهما

‌فصل في خروج آدم وحواء من الجنة وبكائها وتوبة اللّه عليهما

قال ابن عباس: رضي الله عنه بكى آدم وحواء عليهما السلام على ما فاتهما من نعيم الجنة مائتي سنة ولم يأكلا ولم يشربا أربعين يومًا ولم يقرب آدم حواء مائة سنة

(1)

وبقيت حواء شاخصة ببصرها إلى السماء دهرا وقد وضعت يدها على رأسها فأورثت ذلك بناتها عند المصائب إلى آخر الدهر

(2)

وروى هشام عن الحسن البصري قال: اهبط آدم من الجنة فبكى ثلاثمائة سنة لا يرفع رأسه إلى السماء ولا يلتفت إلى المرأة ولا يضع يده عليها

(3)

وعن وهب بن منبه قال: بقي من دموع آدم في الأرض إلى أن كف عن البكاء مائة سنة يشرب منها الطير والسباع والوحوش وله رائحة كالمسك يقال لو وضع بكاء يعقوب على يوسف مع بكاء داود عليه السلام وبكاء جميع الخلق له حج بكاءآدم عليه السلام وبكت لآدم الأنعام والسباع في الآكام وصارت الأرض كدرة لشدة حزن آدم حتى بكى الملائكة المكرمين فقالوا أقل عثرته فإنه قد احترق قلبه لطول بكائه وحزنه فرحم اللّه عز وجل آدم لطول بكائه وحزنه ونادى جبريل وقال له: هذا آدم بديع فطرتي قد أبكي أهل سمواتى وأرضي ولا يذكر غيرى ولا يخاف سواى وهو أول من دعاني بأسمائي الحسنى وأنا

(1)

الطبقات لابن سعد (1/ 36)، تاريخ الطبرى (1/ 133).

(2)

سمط النجوم العوالى (1/ 103).

(3)

مرآة الزمان (1/ 261) وكنز الدرر (2/ 58).

ص: 639

الرحمن الذي سبقت رحمتي غضبي وقد قضيت أن من دعاني بها متضرعا أن تدركه رحمتي وهذه كلمات قد خصصته بها فأنزل إليه فأخذ جبريل عليه السلام الكلمات من ربه ولها نور وهو ضاحك مستبشر وهبط إلى الأرض وقال لآدم: السَّلام عليك يا طويل البكاء يا كثير الأسى فلم يسمعه آدم لغليان صدره فنادى بصوت رفيع السَّلام عليك يا آدم قد آن لك أن تقبل توبتك ثم نشر جناحه فأمره على وجهه وصدره حتى كف عن بكائه وسمع الصوت فقال لبيك يا خليلي أبنداء السخط تنادي أم بنداء الغفران قال: بل بنداء الرحمة والغفران فقد بكيت الملائكة المقربين وشمت فيك إبليس اللعين دونك هذه الكلمات فذلك قوله: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)}

(1)

وبعث اللّه تعالى ميكائيل إلى حواء فبشرها بتوبتها وتوبة آدم فانطلقت إلى ساحل البحر تغتسل وتقول أليس اللّه قد قبل توبتك يا آدم فمتى الملتقى وتبكي فكل قطرة من دموعها في البحر انقلبت لؤلؤا ومرجانا فلما اغتسلت انصرفت إلى موضعها تنتظر أن ترى آدم وسأل آدم جبريل عليه السلام عليها فأخبره بأن الله عز وجل قد قبل توبتها وبشره بأن اللّه عز وجل يبني له بيتا يطوف به ويسعى وتؤدي صلاته فيه كما رأى الملائكة تفعله حول البيت المعمور وأنه سيعرض عليه اللعين إبليس هناك فيرجمه كما رجمته الملائكة حين امتنع من السجود فأصل رمى الجمار من هناك وأنه يجتمع هناك بحواء عليها السلام فضحك آدم ووثب قائما وأمر اللّه

(1)

سورة البقرة، الآية:37.

ص: 640

تعالى الملائكة وجميع الحيوانات أن يقربوا من آدم ويهنؤه فاتته جميع الأشياء زمرة بعد زمرة حتى الذرة والبعوضة فذلك قوله عز وجل فتاب عليه وأنه التواب الرحيم

(1)

.

فإن قيل لم قال اللّه تعالى فتاب عليه ولم يقل فتاب عليهما.

فجواب: أن هذا مخرجه مخرج الإيجاز وإن كان المراد به الاثنين كما قال اللّه تعالى واللّه ورسوله أحق أن يرضوه وكذا وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها

(2)

واللّه أعلم ا. هـ قاله ابن الفرات الحنفي في تاريخه.

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام على مناقبه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء" وفي الحديث الآخر الذي سيأتي استوصوا بالنساء خيرا الاستيصاء قبول الوصية أي أوصيكم أيها الرجال بهن خيرا فاقبلوا وصيتي فيهن واعملوا بها فاصبروا عليهن وارفقوا بهن وأحسنوا إليهن فإنهن خلقن من ضلع والضلع استعير للمعوج أي خلقهن خلقا فيه إعوجاج فكأنهن خلقن من أصل معوج فلا يتهيأ والانتفاع بهن إلا بمداراتهن والصبر على إعوجاجهن وقيل أراد به أن أول النساء وهي حواء خلقت من ضلع من أضلاع آدم

(3)

.

(1)

نهاية الأرب (13/ 22 - 25).

(2)

انظر: تفسير القرطبي (1/ 325).

(3)

المفاتيح (2/ 372).

ص: 641

قوله صلى الله عليه وسلم: "إن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج ما في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته" وهو من التقويم أصله تقومه.

قوله: "وإن تركته لم يزل أعوج" أي معوجا وفي رواية مسلم أن المرأة خلقت من ضلع لن يستقيم لك على طريقه وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها

(1)

الحديث الضلع بكسر الضاد وفتح اللام وسكونها أيضًا والفتح أفصح ا. هـ قاله المنذري والضلع مفرد الضلوع وفائدة هذه المقدمة بيان أنها خلقت من الضلع الأعوج وهو الذي في أعلى الضلوع أو بيان أنها لا تقبل الإقامة لأن الأصل في التقويم هو أعلى الضلع لا أسفله وهو في غاية الإعوجاج

(2)

.

قوله: "فإن استمعت بها وفيه عوج" العوج بكسر العين وفتح الواو وقيل إذا كان فيما هو منتصب كالحائط والعصى قيل فيه عوج بكسر العين وفتح الواو قاله ابن السكيت ا. هـ نقله المنذري وضبطه بعضهم هنا بفتح العين وضبطه بعضهم بكسرها ولعل الفتح أكثر وضبطه الحافظ أبو القاسم بن عساكر وآخرون بالكسر وهو الأرجح وقال أهل اللغة العوج بالفتح في كلّ منتصب كالحائط والعود وشبهه وبالكسر ما كان في بساط أو أرض أو معاش أو دين ويقال فلان في دينه عوج بالكسر هذا كلام أهل اللغة وقال صاحب المطالع

(3)

(1)

اللوحة 84 تكرار للوحة 83.

(2)

الكواكب الدرارى (13/ 228).

(3)

مطالع الأنوار (5/ 52).

ص: 642

قال أهل اللغة: العوج بالفتح في كلّ شخص وبالكسر فيما ليس بمرئى كالرأي والكلام قال: وانفرد عنهم أبو عمرو الشيباني فقال كلاهما بالكسر ومصدرهما بالفتح معا حكاه عنه ثعلب ومنه الحديث حتى يقيم به الملة العوجاء يعني ملة إبراهيم التي غيرتها العرب عن استقامتها فالمرأة كالضلع إن رمت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها ومما أنشدوا في المعنى:

هي الضلع العوجاء لست تقيمها

ألا إن تقويم الضلوع انكسارها

أيجمعن ضعفا واقتدارا على الفتى

أليس عجيبا ضعفها واقتداراها

(1)

فيستحب ملاطفة النساء والإحسان إليهن وملاعبتهن والصبر عليهن وسعة خلقه عليهن وتحمل إسائتهن والصبر على عوج خلقهن واحتمال ضعف عقلهن وكراهة طلاقهن بلا سبب ففيه الحث على الرفق بهن وأنه لا مطمع في استقامتهن لهذا الحديث

(2)

ويستحب أن لا يزيد على امرأة واحدة لأنه ربما لا يتسع خلقه على الصبر على أكثر من واحدة قال اللّه تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}

(3)

(4)

.

فإن قيل: فالنبي صلى الله عليه وسلم نكح زيادة على الواحدة فهلا استحب لغيره الزيادة إلى أربع فعنه ثلاثة أجوبة:

(1)

أنشده ابن الأعرابى كما في ذم الهوى (ص 173) وهو لحاجب بن ذبيان كما في تاج العروس (21/ 418).

(2)

شرح النووي على مسلم (10/ 57).

(3)

سورة النساء، الآية:3.

(4)

الحاوى (11/ 417)، البيان (9/ 118) و (11/ 189 - 190).

ص: 643

أحدهما: أنه صلى الله عليه وسلم واسع الخلق كثير الحلم يسع خلقه كلّ أحد بخلاف غيره.

والثاني: أنه صلى الله عليه وسلم إنما كان يزيد على الواحدة لتنقل عنه الشريعة قال اللّه تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ}

(1)

.

والثالث: قيل إنما كان يزيد على الواحدة براءة له صلى الله عليه وسلم مما نسب إليه من تعلم السحر وغيره لأن النساء تتوفر دواعيهن على نقل ما يجدنه في بيوتهن وعلى الإخبار بحال الزوج فلما لم تقل واحدة منهم أنه يفعل السحر في الخلوة ولا يعلمه بشر دل على ذلك على صدقة وكذب ما نسب إليه صلى الله عليه وسلم ا. هـ.

2967 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه. قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم لا يفرك مُؤمن مُؤمنَة إِن كره مِنْهَا خلقا رَضِي مِنْهَا آخر وَقَالَ غَيره رَوَاهُ مسلم

(2)

.

يفرك بِسُكُون الْفَاء وَفتح الْيَاء وَالرَّاء أَيْضًا وَضمّهَا شَاذ أَي يبغض.

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة" الحديث يفرك بسكون الفاء وفتح الياء والراء أيضًا وضمها شاذ أي يبغض ا. هـ قاله المنذري وضبطه بعضهم فقال بفتح الأول والثالث وقد يضم ثالثه أصله في النساء فركت المرأة زوجها (إذا أبغضته) قال أهل اللغة: فركه بكسر الراء يفركه بفتحها والفرك بفتح الفاء وإسكان الراء البغض يستعمل في الرجل أيضًا ولكن قليلا وقد

(1)

سورة التوبة، الآية:34.

(2)

أخرجه أحمد 2/ 329 (8478)، ومسلم (61 - 1469)، وأبو يعلى (6418) و (6419)، وأبو عوانة (4928) و (4929)، وأبو نعيم في المستخرج (3448)، والبيهقى في الكبرى (7/ 482 رقم 14727).

ص: 644

حكى (عاما) ومنه قيل إنها حسناء لا تفرك

(1)

وكذلك فركها زوجها ولم يسمع هذا الحديث في غير الزوجة يقال رجل مفرك بالتشديد للذي يبغضه النساء حكاه الجوهري

(2)

كأنه حث على حسن العشرة منه حديث ابن مسعود أتاه رجل فقال تزوجت امرأة شابة وإني أخاف أن تفركني فقال: إن الحب من اللّه تعالى والفرك من الشيطان ا. هـ قاله في النهاية

(3)

قال القاضي عياض رحمه الله

(4)

: هذا ليس على النهي بل هو على الخبر أي لا يقع منه بغض تام لها أي أن بغض الرجال للنساء خلاف بغضهن لهم ولهذا قال: إن كره منها خلقا رضي منها آخر قال النووي

(5)

: وما قاله ضعيف أو غلط بل الصَّواب أنه نهى ألا لا ينبغي أن يبغضها لأنه إن وجد فيها خلقا يكره وجد فيها خلقا مرضيا بأن تكون شرسة الخلق لكنها دينه أو جميلة أو عفيفة أو رفيقة به أو نحو ذلك وهذا الذي ذكرته من أنه نهى يتعين لوجهين أحدهما أن المعروف في الروايات لا يفركها بإسكان الكاف لا برفعها وهذا يتعين فيه النهي ولو روى مرفوعًا لكان نهيا بلفظ الخبر والثاني: أنه وقع خلافه فبعض الناس يبغض زوجته ولو كان خبرا لم يقع خلافه وهذا واقع وما أدري ما حمل القاضي على هذا التفسير

(6)

ا. هـ والله أعلم.

(1)

مطالع الأنوار (5/ 214).

(2)

الصحاح (4/ 1603)، والميسر (3/ 767).

(3)

النهاية (2/ 441).

(4)

إكمال المعلم (4/ 680 - 681).

(5)

شرح النووي على مسلم (10/ 58).

(6)

شرح النووي على مسلم (10/ 58 - 59).

ص: 645

2968 -

وَعَن مُعَاوِيَة بن حيدة رضي الله عنه قَالَ قلت يَا رَسُول اللّه مَا حق زَوْجَة أَحَدنَا عَلَيْهِ قَالَ أَن تطعمها إِذا طعمت وتكسوها إِذا اكتسيت وَلَا تضرب الْوَجْه وَلَا تقبح وَلَا تهجر إِلَّا فِي الْبَيْت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان فِي صَحِيحه إِلَّا أَنه قَالَ إِن رجلًا سَأل رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم مَا حق الْمَرْأَة على الزَّوْج فَذكره لا تقبح بتَشْديد الْبَاء أَي لا تسمعها الْمَكْرُوه وَلَا تشتمها وَلَا تقل قبحك اللّه وَنَحْو ذَلِك

(1)

.

قوله: وعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه تقدم.

قوله: قال قلت يا رسول اللّه ما حق زوجة أحدنا عليه قال "أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت" ففيه وجوب النفقة والكسوة للزوجة هو على قدر وسع الرجل وذلك بحسب الحاجة وعلى قدر الحال قال اللّه تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ}

(2)

الآية وفي صحيح مسلم ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف قال الخطابي

(3)

: وإذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم حقا فهو ألزم حضر أو غاب وإذا لم يجده في وقته كان دينا عليه كسائر الحقوق الواجبة سواء فرض لها القاضي عليه أيام غيبته أو لم يفرض ا. هـ

(1)

أخرجه أحمد 4/ 446 (25330) و 4/ 447) (20332) و 5/ 3 (20341) و (20347) و 5/ 5 (20362)، وأبو داود (2142) و (2143)، وابن أبي الدنيا في النفقة على العيال (487)، والنسائي في الكبرى (9126) و (9136) و (11038)، وابن حبان (4175).

وصححه الألباني في الصحيحة (687)، وصحيح الترغيب (1929).

(2)

سورة الطلاق، الآية:7.

(3)

معالم السنن (3/ 221).

ص: 646

قال الشافعي رحمه الله: والنفقة نفقة المقتر ونفقة المعسر فأما ما يلزم المقتر (لامرأته) إن كان الأغلب ببلدها أنها لا تكون إلا مخدومة (عالها وخادما واحدا بما لا يقوم بدن على أقل منه وذلك) مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم في كلّ يوم من طعام البلد الأغلب من قوت مثلها ولخادمها مثله ومكيلة من أدم بلادها زيتا كان أو سمنا ويفرض لها دهن ومشط أقل ما يكفيها ولا يكون ذلك لخادمها وفي كلّ جمعة رطل لحم وفرض لها من الكسوة ما يكسي مثلها ببلدها عند المقتر وإن كان زوجها موسعا فرض لها مدان ومن الادام واللحم ضعف ما لامرأة المقتر وكذلك في الدهن والمشط وجعل لخادمها مدا وثلثا وإنما جعلت أقل الفرض مدا بالدلالة عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في دفعه إلى الذي أصاب أهله في شهر رمضان عرقا فيه خمسة عشر صاعا لستين مسكينا وإنما جعلت أكثر ما افترض مدين لأن أكثر ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في فدية الأذى مد (ان) لكل مسكين والفرض على (الوسط) الذي ليس بالموسع والمقتر مد ونصف ولخادمها مد (هذا كلام الشافعي ومذهبه)

(1)

.

قوله: "ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت" الحديث فيه إيجاب النفقة والكسوة لها وفيه دلالة على جواز ضربها في غير الوجه وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ضرب الوجه نهيا عاما فلا يضرب آدمي ولا بهيمة على الوجه

(2)

جاء التصريح بالأذن قرآنا (قال تعالى: {وَاضْرِبُوهُنَّ} أي

(1)

شرح السنة (9/ 325).

(2)

معالم السنن (3/ 221).

ص: 647

ضربًا غير مبرح أي لا يظهر له أثر على البدن يعني) بجرح أو كسر وقد قال صلى الله عليه وسلم فيمن ضرب زوجته لا تجدون أولئك خياركم وقد نهى في حديث آخر فيحتمل أن يكون النهي قبل نزول الآية (بضرب) النساء (ثم لما ذئرت النساء أذن) في ضربهن أنزل القرآن (مؤيدا) له في ذلك ثم لما بالغوا (في الضرب أخبر النبي صلى الله عليه وسلم) أن الصبر عليهن وترك الضرب أفضل

(1)

وهذا كلّه إذا (منعت) المرأة حق زوجها وليس له ضربها على ترك الصلاة (ولا) غيره من الآداب بل يأمرها (باللين) ويعلمها من غير ضرب (فإن) ذلك للحكام وقد قال العُلماء في قوله تعالى: {فَعِظُوهُنَّ}

(2)

أي أول النشوز فإن لم ينتهوا فاهجروهن في المضاجع فإن لم ينتهوا فاضربوهن قال البغوي

(3)

: في هذا الحديث دليل على جواز ضرب النساء على ما أتين به من الفواحش وعلى ما تركن من الفرائض وكذلك إذا خرجت (بغير إذنه) من بيته أو أدخلت بيته (غير ذي) محرم لها أو خانته خيانة ظاهره فله تأديبها لأنه قيم عليها ومسئول عنها وروى أن معاذا رءا امرأته تنظر من كسوة في خباء فضربها.

قوله: "ولا تقبح" معناه ولا تسمعها المكروه ولا تشتمها أي كأن يقول لها قبحك اللّه أو يذكر معايبها وما أشبه ذلك من الكلام

(4)

قال في النهاية يقال قبحت فلانًا إذا قلت له قبحك اللّه من القبح وهو الإبعاد ومنه ولا تقبحوا

(1)

شرح السنة (9/ 187).

(2)

سورة النساء، الآية:34.

(3)

شرح السنة (9/ 187).

(4)

تحفة الأبرار (2/ 378).

ص: 648

الوجه وقيل لا تنسبوه إلى القبيح ضد الحسن لأن اللّه تعالى صوره وقد أحسن كلّ شيء خلقه

(1)

.

قوله: "ولا تهجر إلا في البيت" أي لا تهجرها إلا في المضجع ولا تتحول عنها أو تحولها إلى دار أخرى

(2)

قال اللّه تعالى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ}

(3)

ولما في وحدتها من الوحشة ومنهم من حمل الآية على ترك النكاح والله أعلم.

2968 -

م - وَعَن عَمْرو بن الْأَحْوَص الجشمي رضي الله عنه: أَنَّه سمع رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم فِي حجَّة الْوَدَاع يَقُول بعد أَن حمد اللّه وَأثْنى عَلَيْهِ وَذكر وَوعظ ثمَّ قَالَ أَلا وَاسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا فَإِنَّمَا هن عوان عنْدكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئا غير ذَلِك إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينه فَإِن فعلن فاهجروهن فِي الْمضَاجع واضربوهن ضربا غير مبرح فَإِن أطعنكم فَلا تَبْغُوا عَلَيهِنَّ سَبِيلا أَلا إِن لكم على نِسَائِكُم حَقًا ولنسائكم عَلَيْكُم حَقًا فحقكم عَلَيْهِنَّ أَن لا يوطئن فرشكم من تَكْرَهُونَ وَلَا يَأْذَن فِي بُيُوتكُمْ لمن تَكْرَهُونَ أَلا وحقهن عَلَيْكُم أَن تحسنوا إلَيْهِنَّ فِي كسوتهن وطعامهن رَوَاهُ ابْن مَاجَة وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح

(4)

.

(1)

النهاية (4/ 3).

(2)

شرح السنة (9/ 160).

(3)

سورة النساء، الآية:34.

(4)

أخرجه ابن أبي شيبة في المسند (562)، وابن ماجة (1851)، والترمذي (1197) و (3341)، والنسائي في الكبرى (9124) والطحاوى في مشكل الآثار (2524) =

ص: 649

عوان بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْوَاو أَي أسيرات.

قوله: وعن عمرو بن الأحوص الحشمي رضي الله عنه الجشمي منسوب إلى جشم جد قبيلة وهو بضم الجيم وفتح الشين.

قوله: أنه سمع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول بعد أن حمد اللّه وأثنى عليه وذكر ووعظ" أي ذكرههم بما يخاف ويحذر منه من القبر والحشر وعذاب جهنم والوعظ هو الخوف وأصل الوعظ التخويف وتقدم الكلام على حجة الوداع.

قوله: "ثم قال ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم" الحديث عوان جمع عانية وهي الأسيرة فالمرأة عند الرجل بمثابة الأسير والعاني الأسير من العنوة وهي النهر والذل ومنه قوله تعالى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ}

(1)

أي خشعت وذلت

(2)

وذلك أنها محبوسة لحق الزوج وله التصرف فيها والسلطنة عليها شبه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم المرأة في دخولها تحت حكم الزوج بالأسير

(3)

ومعنى الحديث افعلوا بهن خيرا في أسرهن عندكم وملازمتهن الحجال إذا هن أسيرات في ملازمة بيوتكم.

= و (4865). وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (1930) والمشكاة 2670، والإرواء 2030.

(1)

سورة طه، الآية:111.

(2)

غريب الحديث (2/ 186)، وشرح السنة (5/ 214 - 215).

(3)

رياض الصالحين (ص 120)، المفهم (10/ 82).

ص: 650

قوله صلى الله عليه وسلم: "فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح" وقد تقدم وأما المبرح الضرب فهو الشديد الشاق ومعناه اضربوهن ضربا ليس بشديد ولا شاق وإنما هو للتأديب والبرح المشقة الشديدة والمبرح بضم الميم وفتح الباء الموحّدة وكسر الراء المشددة ومعناه واضربوهن ضربا با لا يظهر تأثيره وفي هذا الحديث إباحة ضرب الرجل امرأته للتأديب على وجه الرفق فإن ضربها الضرب المأذون فيه فماتت منه وجبت ديتها على عاقلة الضارب ووجبت الكفارة من ماله

(1)

.

فائدة: عن عبد اللّه بن زمعة

(2)

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يجلد أحدكم أمته جلد البعير ثم يجامعها في آخر اليوم" أخرجاه بلفظ "لا يجلد أحدكم أهله جلد العبد"

(3)

وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة قال شارح الإلمام: (وهو غريب) جدًّا اللفظ الذي ذكره الشيخ وهو هذا الحديث والمراد بالشيخ الشيخ تقي الدين صاحب الإلمام في شيء من الكتب ولا مناسبة هنا

(1)

شرح النووي على مسلم (8/ 184).

(2)

في الأصل عبد الله بن ربيعة.

(3)

أخرجه أبو الحسن السكرى في حديثه (2) من طريق سويد بن سعيد، حدّثني حفص بن ميسرة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن زمعة بلفظ: وعظهم في شأن النساء، فقال: علام يجلد أحدكم امرأته أو أمته؟ ثم يضاحكها من آخر النهار.

وأخرجه البخاري (4942) و (5204) و (6042)، ومسلم (49 - 2855)، وابن ماجة (1983)، والترمذي (3343)، والنسائي في الكبرى (9121) بلفظ:"لَا يَجْلِدُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ العَبْدِ، ثُمَّ يُجَامِعُهَا فِي آخِرِ اليَوْمِ". وعند البخاري: "بِمَ يَضْرِبُ أَحَدُكُمُ امْرَأتَهُ ضَرْبَ الفَحْلِ، أَوِ العَبْدِ، ثُمَّ لَعَلَّهُ يُعَانِقُهَا".

ص: 651

ولعله سبق قلم.

قوله: "لا يجلد" بضم اللام وكسرها وهو نهي تحريم وقيل تنزيه ويدل عليه قوله يجامعها والمعنى النهي عن الضرب الشديد الموجب للنفرة لأنه ربما أدى ذلك إلى الفراق بل يتذكر ما بينهما من المودة ويبقى للصلح موضعا فإن للعشرة حقا (يمنع) الأذى وفيه جواز ضرب العبد أشد من ضرب الزوجة ولكن للتأديب لا لحظ النفس وأما إن وجد ما ذكره الشيخ ففيه النهي عن جلد الأمة كما يجلد البعير فإن البعير يضربه ليروضه وليس له رقة البشرية

(1)

واللّه أعلم، قاله في شرح الإلمام.

قوله تعالى: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} أي لا تطلبوا طريقا تحتجون به عليهن وتؤذهن به

(2)

واللّه أعلم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "فحقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم من تكرهون" الحديث معناه أن لا تأذن لأحد من الرجال الأجانب أن يدخل فيتحدّث إليهن على عادة العرب

(3)

وقال بعضهم: معنى هذا لا يدخلن منازلكم أحدا ممن تكرهونه وقال بعضهم أيضًا: لا يبحن الإضطجاع فيها والتحدّث مع الرجال ولم يرد زناها ولو كان المراد بوطيء الفرش الزنى لما قيد بالكراهة

(4)

وقال

(1)

انظر: فتح البارى (9/ 303).

(2)

جامع الأصول (6/ 504)، ورياض الصالحين (ص 120).

(3)

معالم السنن (2/ 201)، والنهاية (5/ 201).

(4)

جامع الأصول (3/ 459).

ص: 652

القاضي عياض

(1)

: كانت عادة العرب حديث الرجال مع النساء ولم يكن ذلك عيبا ولا ريبة عندهم فلما نزلت آية الحجاب نهوا عن ذلك هذا كلام القاضي والمختار أن معناه لا يأذن لأحد تكرهونه في دخوله بيوتكم والجلوس في منازلكم سواء كان المأذون له من الرجال أو من النساء الأقرباء والجانب فالنهي يتناول جميع ذلك وهذا حكم المسألة عند الفقهاء أنها لا يحل لها أن تأذن لرجل ولا امرأة لا محرم ولا غيرها في دخول منزل الزوج إلا من علمت أو ظنت أن الزوج لا يكرهه

(2)

.

قوله: "ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن" الحديث في هذا الحديث وجوب نفقة الزوجة وكسوتها وذلك ثابت بالإجماع

(3)

ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف أي يعرف من حاله وحالها وهو حجة الإمام مالك حيث يقول إن النفقات على الزوجات غير مقدرات وإنما ذلك بالنظر إلى أحوالهم وأحوالهن والله أعلم قاله الإمام القرطبي

(4)

وفي صحيح مسلم من طريق جعفر بن محمد الصادق وعن أبيه عن جابر بن عبد اللّه أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم خطب يوم حجة الوداع فذكر حديثًا طويلا وفيه فاتقوا اللّه في النساء فإنكم أخذتموهن بامانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة اللّه ولكم عليهن أن لا يوطيئن فرشكم احدا تكرهونه فإن فعلن ذلك

(1)

إكمال المعلم (4/ 277).

(2)

شرح النووي على مسلم (8/ 183 - 184).

(3)

شرح النووي على مسلم (8/ 184).

(4)

المفهم (10/ 83).

ص: 653

فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف قد تركت فيكم ما لم تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب اللّه وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت

(1)

.

قوله: "يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه" أي لا يبحن الاضطجاع فيها والتحدّث مع الرجال على عادة أهل الجاهلية مع الأجانب وتقدم (ذلك).

2969 -

وَعَن أم سَلمَة رضي الله عنه قَالَت قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم أَيّمَا امْرَأَة مَاتَت وَزوجهَا عَنْهَا رَاض دخلت الْجنَّة رَوَاهُ ابْن مَاجَة وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم كلهم عَن مساور الْحِمْيَرِي عَن أمه عَنْهَا وَقَالَ الْحَاكِم: صَحِيح الإِسْنَاد

(2)

.

قوله: وعن أم سلمة رضي الله عنها تقدم الكلام عليها.

قوله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة"(فيه بيان ثواب طاعة الزوجة زوجها).

قوله: كلهم عن مساور الحميري عن أمه عنها (وهما مجهولان).

(1)

أخرجه مسلم (147 - 1218).

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في المُصَنِّف 2/ 557 (17123)، وعبد بن حميد (1541)، وابن ماجة (1854)، والترمذى (1161)، وابن أبي الدنيا في النفقة على العيال (532)، وأبو يعلى (6903)، والطبراني في الكبير 23/ 374 (884)، والحاكم 4/ 173، والبيهقى في الشعب 11/ 178 - 179 رقم 8370) وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(1039).

وقال الترمذي: حسن غريب. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وقال ابن الجوزي: مساور مجهول، وأمه مجهولة. وقال الألباني في "الضعيفة" (1426) وضعيف الترغيب (1211): منكر.

ص: 654

2970 -

وَعَن أبي هُرَيرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم إِذا صلت الْمَرْأَة خمسها وحصنت فرجهَا وأطاعت بَعْلهَا دخلت من أَي أَبْوَاب الْجنَّة شَاءَت رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه

(1)

.

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه: تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلت المرأة خمسها" أي الحمس الصلوات المفروضات.

"وحصنت فرجها" المراد بتحصين الفرج حفظه من الزنى "وأطاعت بعلها" الرماد بالبعل الزوج وطعته أن لا تعصيه في شيء الحديث يريده منها.

2971 -

وَعَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم إِذا صلت الْمَرْأَة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجهَا وأطاعت زَوجهَا قيل لهَا ادخلي الْجنَّة من أَي أَبْوَاب الْجنَّة شِئْت رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَرَوَاهُ أَحْمد وَرُوَاته رُوَاة الصَّحِيح خلا ابْن لَهِيعَة وَحَدِيثه حسن فِي المتابعات

(2)

.

(1)

أخرجه ابن حبان (4163)، والطبرانى في الأوسط (5/ 34 رقم 4598)، وابن فاخر في موجبات الجنة (70). قال ابن حبان: تفرد بهذا الحديث عبد الملك بن عمير من حديث أبي سلمة وما رواه عن عبد الملك إلا هدبة بن المنهال وهو شيخ أهوازي. وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن عبد الملك بن عمير إلا هدبة بن المنهال، ولا عن هدبة إلا أبو همام، تفرد به: داهر بن نوح. وقال الألباني في صحيح الترغيب (1931) و (2411): حسن لغيره.

(2)

أخرجه أحمد 1/ 191 (1683)، والخرائطى في اعتلال القلوب (146)، والطبراني في الأوسط (8/ 339 - 340 رقم 8805). وقال الهيثمي في المجمع 4/ 306: رواه أحمد، والطبراني في الأوسط، وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح. وقال السخاوي في البلدانيات (ص 162): هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (1932).

ص: 655

قوله: وعن عبد الرحمن بن عوف

(1)

رضي الله عنه هو عبد الرحمن بن عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب كنيته أبو محمد وأمه صفية وهي زهرية أيضًا وهو بدري ذي الهجرتين وشهد المشاهد كلها صلى خلف النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك قال الزهري: وتصدق بأربعين ألف دينار وأوصى بحديقة بيعة بأربعمائة ألف وحمل على خمسين فرس في سبيل اللّه وعلى خمسمائة راحلة في عامة ماله من التجارة ومرض عثمان رضي الله عنه فكتب بلا خلافة له بعده فدعا له أن يميته قبل عثمان فمات بعد ستة أشهر عن خمسة وسبعين سنة في سنة اثنتين وثلاثين من خلافة عثمان وسيأتي الكلام عليه مبسوطا في كتاب الزهد في الدنيا.

2972 -

وَعَن حُصَيْن بن مُحصن رضي الله عنه أَن عمَّة لَهُ أَتَت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لهَا أذات زوج أَنْت قَالَت نعم قَالَ فَأَيْنَ أَنْت مِنْهُ قَالَت مَا آلوه إِلَّا مَا عجزت عَنهُ قَالَ فَكيف أَنْت لَهُ فَإِنَّهُ جنتك ونارك رَوَاهُ أَحْمد وَالنَّسَائِيّ بِإِسْنَادَيْنِ جَيِّدين وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الإِسْنَاد

(2)

.

(1)

ترجمته: الاستيعاب 2/ 1389، وأسد الغابة 3/ 3370، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 357، وتهذيب الكمال 17/ 3923، والإصابة 2/ 5179.

(2)

أخرجه مالك في موطأ الشيبانى (952)، ومسدد كما في إتحاف الخيرة (4/ 77)، والحميدى (358)، وابن أبي شيبة 3/ 557 (17125)، وإسحاق (2182) و (2183) و (2184)، وأحمد 4/ 341 (19358) و 6/ 419 (27995)، وابن أبي الدنيا في النفقة على العيال (529) ومداراة الناس (174)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثانى (3357)، والنسائي في الكبرى (8913 و 8914 و 8915 و 8916 و 8917 و 8918 =

ص: 656

قوله: وعن حصين بن محصن

(1)

، رضي الله عنه (الخطمي اختلف في صحبته، ذكره عبدان وابن شاهين العسكري والطبراني في الصحابة وقال ابن السكن: يقال إن له صحبة، غير أن روايتُه عن عمته، وليس له رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم).

قوله: قالت ما آلوه إلا ما عجزت عنه، ألوه غير ممدود الهمزة ومعناه ما أقصر ولا أترك شيئًا من حقه إلا ما لا أقدر عليه.

2973 -

وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت سَأَلت رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم أَي النَّاس أعظم حَقًا على الْمَرْأَة قَالَ زَوجهَا قلت فَأَي النَّاس أعظم حَقًا على الرجل قَالَ أمه رَوَاهُ الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَإسْنَاد الْبَزَّار حسن

(2)

.

= و 8919 و 8920)، والطبراني في الكبير 25/ 183 (448) و (449) و (450)، وفي الأوسط (532)، والحاكم 2/ 189، والبيهقي في الشعب (11/ 170 - 171 رقم 8355 و 8356 و 8357). وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. قال الهيثمي في المجمع 4/ 306: رواه أحمد، والطبراني في الكبير، والأوسط إلا أنه قال: فانظري كيف أنت له. ورجاله رجال الصحيح خلا حصين، وهو ثقة. وصححه الألباني في الصحيحة (2612) وصحيح الترغيب (1933).

(1)

ترجمته: أسد الغابة 2/ 1190، وتهذيب الكمال 6/ 1370، والإصابة 2/ 1746.

(2)

أخرجه ابن منيع كما في إتحاف الخيرة (4/ 82)، وابن أبي الدنيا في النفقة على العيال (525)، والبزار كما في كشف الأستار (1462)، والنسائي في الكبرى (9103)، وأبو الشيخ في الفوائد (21)، والحاكم 4/ 150 و 175. وقال البزار: لا نعلمه مرفوعًا إلا بهذا الإسناد، وأبو عتبة لا نعلم حدّث عنه إلا مسعر. وقال الحاكم: صحيح الإسناد. قال المزى في تحفة الأشراف (11/ 815): رواه معاوية بن هشام، عن مسعر، عن أبي عتبة، عن رجل، عن عائشة.

وقال ابن حجر في النكت الظراف: قلتُ: أورد هذا أبو أحمد الحاكم في "الكنى وقال: أبو =

ص: 657

قوله: وعن عائشة رضي الله عنها قال الواقدي: توفيت ليلة الثلاثاء لسبع عشرة مضت من رمضان سنة ثمان وخمسين وهي بنت ست وستين سنة وأوصت أن تدفن مع صويحباتها بالبقيع وصلى عليها أبو هريرة وتقدم الكلام على مناقبها مبسوطا في مواضع من هذا التعليق.

قولها رضي الله عنها "سألت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أي الناس أعظم حقا على المرأة قال زوجها" فذكره إلى أن قال: "قلت فأي الناس أعظم حقا على الرجل قال أمه" الحديث وورد الحديث بأن امرأة استأذنت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في عيادة أبيه كان زوجها غائبا فقال: صلى الله عليه وسلم "اتقي اللّه وأطيعي زوجك "فمات أبوها فاستأذنت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في أن تخرج فقال رسول اللّه "اتقي اللّه وأطيعي زوجك" فلم تخرج وجاء جبريل فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن اللّه تعالى غفر لأبيه بطاعتها لزوجها

(1)

وفي كلام بعض العُلماء أن (النساء) لا يشرع لهن عيادة المرضى

= عتبة لا يعرف اسمه. وقال البوصيري في الإتحاف: هذا إسناد حسن. وقال الهيثمي في المجمع 4/ 309: وفيه أبو عتبة، ولم يحدّث عنه غير مسعر، وبقية رجاله رجال الصحيح. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1212).

(1)

أخرجه عبد بن حميد (1369)، والحارث بن أبي أسامة (499)، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (791)، والطبرانى في الأوسط (7/ 332 رقم 7648)، وابن عدى في الكامل (8/ 481)، والأصبهانى في الترغيب والترهيب (1522) عن أنس.

قال ابن عدي: وهذه الأحاديث عن ثابت، وله غير هذا عن ثابت، وكلها غير محفوظة. قال العراقي في تخريج الإحياء (1007): رواه الطبراني في الأوسط من حديث أنس بسند ضعيف إلا أنه قال غفر لأبيها. وقال الهيثمي في المجمع 4/ 313: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عصمة بن المتوكل، وهو ضعيف. وضعفه الألباني في الإرواء (2015).

ص: 658

ولا فرق بين الخروج لعيادة أبيها أو غيره وليس لها الخروج لموته ولا لشهود جنازته لهذا الحديث قاله الحموي في شرح السنة وروي عن أنس بن مالك قال: أتى رجل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله "إن لي أما سيئة الخلق فانتهره النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "أما كانت سيئة الخلق حين حملتك في بطنها تسعة أشهر أما كانت سيئة الخلق حين أرضعتك حولين كاملين أما كانت سيئة الخلق حين أسهرت ليلها وأظمأت نهارها" فقال: رسول اللّه إني حملتا على عاتقي إلى بيت اللّه الحرام حججت بها فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "اللهم يا من ستر الزلات وغفر السيئات وأبدلها حسنات أجرنا من مكرك وزينا بذكرك واستعملنا بأمرك ووفقنا لشكرك واغفر لنا وللمسلمين أفضل الناس من عفا عن قدرة وتواضع عن رفعة وأنصف عن قوة"

(1)

.

(1)

لم أجده بهذا السياق وإنما روى بعضه عن ابن عمر. أخرجه المروزى في البر والصلة (37)، والبخارى في الأدب المفرد (11)، والفاكهى في أخبار مكة (642) وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (235) من طرق عن شعبة، قال: حدّثنا سعيد بن أبي بردة، قال: سمعتُ أبي يحدّث؛ أنه شهد ابن عمر ورجل يماني يطوف بالبيت، حمل أمه وراء ظهره، يقول: إني لها بعيرها المذلل

إن أذعرت ركابها لم أذعر. ثم قال: يا ابن عمر؛ أتراني جزيتها؟ قال: لا؛ ولا بزفرة واحدة.

ثم طاف ابن عمر، فأتى المقام، فصلى ركعتين، ثم قال: يا ابن أبي موسى! إن كلّ ركعتين تكفران ما أمامهما. وصححه الألباني في الأدب المفرد.

وأخرجه البزار كما في كشف الأستار (1872) من طريق الحسن بن أبي جعفر، عن ليث، يعني: ابن أبي سليم، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه مرفوعًا. قال البزار: لا نعلمه مرفوعًا إلا من هذا الوجه. وإسناده ضعيف.

ص: 659

2974 -

وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ جَاءَت امْرَأَة إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَت يَا رَسُول اللّه أَنا وافدة النِّسَاء إِلَيْك هَذَا الْجِهَاد كتبه اللّه على الرِّجَال فَإن يُصِيبُوا أجروا وَإِن قتلوا كَانُوا أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ وَنحن معشر النِّسَاء نقوم عَلَيْهِم فَمَا لنا من ذَلِك قَالَ فَقَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم أبلغي من لقِيت من النِّسَاء أَن طَاعَة الزَّوْج واعترافا بِحقِّهِ يعدل ذَلِك وَقَلِيل مِنْكُن من يَفْعَله رَوَاهُ الْبَزَّار هَكَذَا مُخْتَصرا وَالطَّبَرَانِيّ فِي حَدِيث قَالَ في آخِره ثمَّ جَاءَتْهُ يَعْنِي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم امْرَأَة فَقَالَت إِنِّي رَسُول النِّسَاء إِلَيْك وَمَا مِنْهُنَّ امْرَأَة علمت أَو لم تعلم إِلَّا وَهِي تهوى مخرجي إِلَيْك اللّه رب الرِّجَال وَالنِّسَاء وإلههن وَأَنت رَسُول اللّه إِلَى الرِّجَال وَالنِّسَاء كتب اللّه الْجِهَاد على الرِّجَال فَإن أَصَابُوا أجروا وَإِن اسْتشْهدُوا كانُوا أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ فَمَا يعدل ذَلِك من أَعْمَالهم من الطَّاعَة قَالَ طَاعَة أَزوَاجهنَّ والمعرفة بحقوقهن وَقَلِيل مِنْكُن من يَفْعَله

(1)

.

قوله: وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما. تقدم.

قوله: قال "جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول اللّه أنا وافدة النساء إليك" الوافدة مأخوذة من الوفد والوفد جمع وافد والوافد هو الذي يرسله

(1)

أخرجه لوين في جزئه (112)، والبزار (5209)، وابن الجوزى في العلل المتناهية (1038) عن ابن عباس. قال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد ورشدين بن كريب قد حدّث عنه جماعة ثقات من أهل العلم واحتملوا حديثه. قال ابن الجوزى: هذا حديث لا يصح. وقال الهيثمي في المجمع 4/ 305: رواه البزار، وفيه رشدين بن كريب، وهو ضعيف. وضعفه الألباني في الضعيفة (5340) وضعيف الترغيب (1213).

ص: 660

كبير إلى كبيرًا أو سلطان في رسالة ونحوها ويكون من خيار القوم وورد في الحديث "نعم النساء نساء الأنصار لا يمنعهن الحياء من التفقه في الدين"

(1)

.

2975 -

وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه قَالَ أَتَى رجل بابنته إِلَى رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إِن ابْنَتي هَذِه أَبَت أَن تتَزَوَّج فَقَالَ لهَا رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم أطيعي أَبَاك فَقَالَت وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لا أَتزوّج حَتَّى تُخبرنِي مَا حق الزَّوْج على زَوجته قَالَ حق الزَّوْج على زَوجته لَو كَانَت بِهِ قرحَة فلحستها أَو انتثر منخراه صديدا أَو دَمًا ثمَّ ابتلعته مَا أدَّت حَقه قَالَت وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لا أَتزوّج أبدًا فَقَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لَا تنكحوهن إِلَّا بإذنهن رَوَاهُ الْبَزَّار بِإِسْنَاد جيد رُوَاته ثِقَات مَشْهُورُونَ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه

(2)

.

قوله: وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: قال"ومن حق الزوج على الزوجة لو كانت به قرحة فلحستها" الحديث القرحة واحدة القروح وهي حيات تخرج في بدن الإنسان.

(1)

أخرجه مسلم (61 - 332) وأبو داود (316) وابن ماجة (642) من قول عائشة.

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في المُصَنّف 3/ 556 - 557 (17122)، والبزار في الزوائد (1465)، والنسائي في الكبرى (5365)، وابن حبان (4164) والدارقطني (3571)، والحاكم 2/ 188 - 189، والبيهقى في الكبرى (7/ 476 رقم 14707). قال البزار: لا نعلمه يروى إلا بهذا الإسناد، ولا رواه عن ربيعة إلا جعفر. وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي فقال: بل منكر، قال أبو حاتم: ربيعة بن عثمان يعني المذكور في إسناده منكر الحديث. وقال الهيثمي في المجمع 4/ 307: رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح خلا نهار العبدي، وهو ثقة. وقال الألباني في صحيح الترغيب (1934): حسن صحيح.

ص: 661

قوله: "أو انتثر منخراه صديدا أو دما ثم ابتلعته ما أدت حقه" الصديد والقيح هما دمان مستحيلا إلى نتن وفساد قال الجوهري: الصديد ماء رقيق مختلط بدم وقال ابن فارس: دم مختلط بقيح قاله النووي في تحريره

(1)

.

قوله: منخراه المنخران مثنى منخر بفتح الميم وكسر الخاء وقد تكسر الميم اتباعا لكسرة الخاء كما قالوا منتن وهو ثقب الأنف.

2976 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَت أَنا فُلَانَة بت فلَان قَالَ قد عرفتك فَمَا حَاجَتك قَالَت حَاجَتي إِلَى ابْن عمي فلان العابد قَالَ قد عَرفته قَالَت يخطبني فَأَخْبرنِي مَا حق الزَّوْج على الزَّوْجَة فَإِن كَانَ شَيْئا أُطِيقهُ تزوجته قَالَ من حَقه أَن لَو سَالَ منخراه دَمًا وقيحا فلحسته بلسانها مَا أدَّت حَقه لَو كَانَ يَنبغِي لبشر أَن يسْجد لبشر لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا إِذا دخل عَلَيْهَا لما فَضله اللّه عَلَيْهَا قَالَت وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لا أَتزوّج مَا بقيت الدُّنْيَا رَوَاهُ الْبَزَّار وَالْحَاكِم كِلاهُمَا عَن سُلَيْمَان بن دَاوُد اليمامي عَن الْقَاسِم بن الحكم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد

(2)

.

(1)

تحرير ألفاظ التنبيه (ص 328).

(2)

أخرجه البزار (8634)، وابن عدى في الكامل (4/ 273)، والحاكم 2/ 189 و 4/ 171 - 172 والبيهقى في الكبرى (7/ 134 - 135 رقم 13485). قال البزار: سليمان بن داود لين، ولم يتابع على هذا. قال ابن عدى: ولسليمان بن داود غير ما ذكرت، عن يحيى بهذا الإسناد وعامة ما يروي، عن يحيى بن أبي كثير يعرف وعامة ما يرويه بهذا الإسناد لا يتابعه أحد عليه. وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي فقال: بل منكر سليمان بن داود اليمامي فيه وهو واه، والقاسم بن الحكم صدوق تكلم فيه. قال الهيثمي في المجمع 4/ 307: رواه =

ص: 662

قَالَ الْحَافِظ سُلَيْمَان واه وَالقَاسِم تَأتي تَرْجَمته.

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم.

قوله: "من حقه لو سال منخراه دما أو قيحا فلحسته بلسانها" تقدم في الحديث قبله.

قوله: رواه البزار والحاكم كلاهما عن سليمان بن داود اليمامي عن القاسم بن الحكم سليمان بن داود (وهو واه، والقاسم بن الحكم صدوق، وثقه الناس، وقال أبو حاتم: وحده لا يحتج به).

2977 -

وَعَن أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ كانَ أهل بَيت من الْأَنْصَار لَهُم جمل يسنون عَلَيْهِ وَإنَّهُ استصعب عَلَيْهِم فَمَنعهُمْ ظَهره وَإِن الْأَنْصَار جاؤوا إِلَى رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا إِنَّه كانَ لنا جمل نسني عَلَيْهِ وَإنَّهُ استصعب علينا ومنعنا ظَهره وَقد عَطش الزَّرْع وَالنَّخْل فَقَالَ صلى الله عليه وسلم لأصحابه قومُوا فَقَامُوا فَدخل الْحَائِط والجمل فِي ناحيته فَمشى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نَحوه فَقَالَت الْأَنْصَار يَا رَسُول اللّه قد صَار مثل الْكَلْب نَخَاف عَلَيْك صولته قَالَ لَيْسَ عَليّ مِنْهُ بَأْس فَلَمَّا نظر الْجمل إِلَى رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم أقبل نَحوه حَتَّى خر سَاجِدا بَين يَدَيْهِ فَأخذ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم بناصيته أذلّ مَا كانَت قطّ حَتَّى أدخلهُ فِي الْعَمَل فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه يَا رَسُول اللّه هَذَا بَهِيمَة لَا يعقل يسْجد لَك وَنحن نعقل فَنحْن أَحَق أَن نسجد لَك قَالَ لَا يصلح لبشر أَن يسْجد لبشر وَلَو صلح لبشر أَن يسْجد

= البزار، وفيه سليمان بن داود اليمامي، وهو ضعيف. وقال الألباني: صحيح لغيره صحيح الترغيب (1935).

ص: 663

لبشر لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا لعظم حَقه عَلَيْهَا لَو كَانَ من قدمه إِلَى مفرق رَأسه قرحَة تنبجس بالقيح والصديد ثمَّ استقبلته فلحسته مَا أدَّت حَقه رَوَاهُ أَحْمد وَالنَّسَائِيّ بِإِسْنَاد جيد رُوَاته ثِقَات مَشْهُورُونَ وَالْبَزَّار بِنَحْوِهِ

(1)

وَرَوَاهُ مُخْتَصرا وَابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة بِنَحْوِهِ بِاخْتِصَار وَلم يذكر قَوْله لَو كَانَ إِلَى آخِره

(2)

وَرُوِيَ معنى ذَلِك فِي حَدِيث أبي سعيد الْمُتَقَدّم قَوْله يسنون عَلَيْهِ بِفَتْح الْيَاء وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة أَي يستقون عَلَيْهِ المَاء من الْبِئْر والحائط هُوَ الْبُسْتَان تنبجس أَي تتفجر وتنبع.

قوله: وعن أنس بن مالك رضي الله عنه تقدم.

قوله: "قال كان أهل بيت من الأنصار لهم جمل يسنون عليه" أي يستقون عليه الماء من البئر والسانية هي الناقة التي يسقى عليها الأرضون.

(1)

أخرجه أحمد 3/ 158 (12809)، وابن أبي الدنيا في النفقة على العيال (527)، والبزار (6452)، والنسائي في الكبرى (9102)، والآجرى في الشريعة (1072)، وأبو نعيم في الدلائل (287)، واصبهانى في منهى رغبات السامعين (88)، والضياء في المختارة 6/ 130 - 131 (2129 و 2130). وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ، عن أنس إلا بهذا الإسناد وحفص ابن أخي أنس فلا نعلم حدّث عنه إلا خلف بن خليفة.

وحسنه الضياء. وقال الهيثمي في المجمع 9/ 4: رواه أحمد والبزار، ورجاله رجال الصحيح غير حفص ابن أخي أنس وهو ثقة. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1935).

(2)

أخرجه الترمذي (1159) والبزار (كشف 2451) وابن حبان (4162)، وابن أبي الدنيا في العيال (534). قال الترمذي: حديث حسن غريب. وقال الهيثمي في المجمع 9/ 7: وإسناده حسن. وقال الألباني: حسن صحيح صحيح الترغيب (1937) و (1940) والإرواء (1998).

ص: 664

قوله: "فدخلوا الحائط" والحائط البستان قاله الحافظ.

قوله: صلى الله عليه وسلم "لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه" المفرق بفتح الميم والراء وكسرها.

قوله: "قرحة تنبجس بالقيح والصديد ثم استقبلته فلحسته ما أدت حقه" والقرحة واحدة القروح تقدم ذكرها.

قوله: "تنبجس" أي تتفجر وتنبع ومنه قوله تعالى: {فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا}

(1)

أي انفجرت واندفعت.

قوله: "بالقيح والصديد ثم استقبلتها فلحسته"(القيح) المدة وقد قاحت القرحة وتقيحت تقدم الكلام على القيح والدم في الحديث قاله في النهاية

(2)

.

2978 -

وَعَن قيس بن سعد رضي الله عنه قَالَ أتيت الْحيرَة فرأيتهم يَسْجُدُونَ لمرزبان لَهُم فَقلت رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم أَحَق أَن يسْجد لَهُ فَأتيت رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم فَقلت إِنِّي أتيت الْحيرَة فرأيتهم يَسْجُدُونَ لمرزبان لَهُم فَأَنت أَحَق أَن يسْجد لَك فَقَالَ لي أَرَأَيْت لَو مَرَرْت بقبري أَكنت تسْجد لَهُ فَقلت لَا فَقَالَ لَا تَفعلُوا لَو كنت آمُر أحدا أَن يسْجد لأحَد لأمرت النِّسَاء أَن يسجدوا لأزواجهن لما جعل اللّه لَهُم عَلَيْهِنَّ من الْحق رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي إِسْنَاده شريك وَقد أخرج لَهُ مُسلم فِي المتابعات ووثق

(3)

.

(1)

سورة الأعراف، الآية:160.

(2)

النهاية (4/ 130).

(3)

أخرجه الدارمي (1607)، وأبو داود (2140)، والطحاوي في مشكل الآثار (1487)، =

ص: 665

قوله: وعن قيس بن سعد رضي الله عنه مات قيس بن ساعدة سنة ستين.

قوله: قال "أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم" الحديث والحيرة بكسر الحاء المهملة سكون الياء آخر الحروف وبعدها راء مهملة مفتوحة وتاء تأنيث مدينة معروفة عند الكوفة كانت للنعمان بن المنذر سكنها ملوك قحطان وغيرهم وقد جاء ذكرها في غير ما حديث والحيرة أيضًا محلة نيسابور وقيل محتمل أن يكون بعض أهل الحيرة الكوفة سكنوا هذه المحلة التي بنيسابور فنسبي إليها كما جرى مثل هذا في غير موضع لا سيما وقد ذكر بعض من ينسب إلى حيرة بنيسابور أن أجداده كانوا من حيرة الكوفة جاء إلى نيسابور فاستوطنوها والحيرة أيضًا قرية بأرض فارس والحيرة أيضًا بلدة قريبة من عامة قاله المنذري في حواشي. مختصر أبي داود واللّه أعلم.

تنبيه: الحيرة تشبه الجيزة التي ببساط مصر بالجيم والزاي ومخيرة بفتح الخاء المعجمة والموحدة والراء من قرى شيراز وكان مكان الحيرة من أطيب البلاد وأرقه هواء وأخفه ماء (وأغذاه) تربة وأصفاه جوا ا. هـ.

قوله: "فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم" والمرزبان بفتح الميم وسكون الراء المهملة وضم الزاي الرئين من الفرس والجمع المرازبة وهو فارس

= وابن أبي عاصم في الآحاد والمثانى (2023)، والطبراني في الكبير 18/ 351 (895)، والحاكم في المستدرك 2/ 187، والبيهقى في الكبرى (7/ 475 - 476 رقم 14705).

وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وضعفه الألباني في المشكاة (3266) وضعيف الترغيب (1214)، وصححه في تخريج أبي داود الأم (6/ 357) دون قوله لو مررت بقبرى.

ص: 666

معرب واللّه أعلم.

قوله: صلى الله عليه وسلم: "لو كنت آمر أحدا أن يسجد لاحد لأمرت النساء أن يسجدوا لأزواجهن" الحديث قال الغزالي

(1)

: حقوق الزوجة على الزوج كثيرة وأهمها أمران أحمدهما: الصيانة والستر والآخر ترك المطالبة بما وراء الحاجة وينبغي أن تتعفف عن كسبه إذا كان حراما وهذه عادة النساء فيما سلف كان الرجل إذا خرج من منزله تقول له امرأته وابنته إياك وكسب الحرام فإنا نصبر على الجوع والضراء ولانصبر على النار قال: ومن الواجبات عليها أن لا تفرط في ماله بل تحفظه عليه فإن أطعمت عن رضاه كان لها مثل أجره وإن أطعمت بغير إذنه كان له الأجر وعليها الوزر ومن حقها على الوالدين تعلميهما حسن المعيشة وآداب العشرة مع الزوج قال الغزالي والقول الجامع في آداب المرأة من غير تطويل أن تكون قاعدة في قعر بيتها لازمة لمغزلها لا تكثر صعودها واطلاعها قليلة الكلام لجيرانها لا تدخل عليهم إلى في حالة توجب الدخول تحفظ زوجها في حضرته وفي غيبته وتطلب مسرته في جميع أموره ولا تخونه في نفسها وفي ماله ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه وإذا خرجت تكون مختفية في هيئة رثة تطلب المواضع الخالية دون الشوارع والأسواق ومحترزة من أن يسمع غريب صوتها أو يعرفها بشخصها ولا تتعرض إلى صديق بعلها في حاجاتها بل تتنكر على من يظن أنه يعرفها وتكون همتها في صلاح شأنها وتزيين بيتها مقبلة على صلاتها وصيامها وإذا

(1)

إحياء علوم الدين (2/ 58 - 60).

ص: 667

استأذن صديق لبعلها على الباب وليس البعل حاضرا لم تستقبله ولم تعادوه في الكلام غيره على نفسها وعلى زوجها وتكون قانعة من زوجها بما رزقه اللّه ومقدمة حقه على حق نفسها وحق أقاربها كلهم متنظفة في نفسها مستعدة في الأحوال ليستمتع بها إن شاء مشفقة على أولادها حافظة للسر عليهم قصيرة اللسان عن سب الأولاد ومراجعة الزوج أ. هـ هذا الحديث وعيد شديد لهن في تعظيم حق الزواج ولزوم طاعتهم على النساء.

2979 -

وَعَن ابْن أبي أوفى رضي الله عنه قَالَ لما قدم معَاذ بن جبل من الشَّام سجد للنَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم مَا هَذَا قَالَ يَا رَسُول اللّه قدمت الشَّام فوجدتهم يَسْجُدُونَ لبطارقتهم وأساقفهم فَأَرَدْت أَن أفعل ذَلِك بك قَالَ فَلَا تفعل فَإِنِّي لَو أمرت شَيْئا أَن يسْجد لشَيء لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لا تُؤدِّي الْمَرْأَة حق رَبهَا حَتَّى تُؤدِّي حق زَوجهَا رَوَاهُ ابْن مَاجَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَاللَّفْظ لَهُ وَلَفظ ابْن مَاجَة فَقَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم لا تَفعلُوا فَإِنِّي لَو كنت آمرا أحدا أَن يسْجد لغير اللّه لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَا تُؤدِّي الْمَرْأَة حق رَبهَا حَتَّى تُؤدّي حق زَوجهَا وَلَو سَأَلَهَا نَفسهَا وَهِي على ظهر قتب لم تَمنعهُ

(1)

وروى الْحَاكِم الْمَرْفُوع مِنْهُ من

(1)

أخرجه أحمد 4/ 381 (19713)، وابن ماجة (1853)، وابن أبي الدنيا في العيال (541) وابن حبان (4171) وابن صاعد في مسند ابن أبي أوفى (4 و 5 و 6)، وأبو نعيم في الدلائل (286)، والبيهقي في الدلائل (6/ 29)، والخطيب في تلخيص المتشابه (1/ 528).

وقال الألباني في صحيح الترغيب (1938): حسن صحيح.

ص: 668

حَدِيث معَاذ وَلَفظه قَالَ لَو أمرت أحدا أَن يسْجد لأَحَد لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا من عظم حَقه عَلَيْهَا وَلَا تَجِد امْرَأَة حلاوة الإِيمَان حَتَّى تُؤدّي حق زَوجهَا وَلَو سَأَلَهَا نَفسهَا وَهِي على ظهر قتب.

قوله: وعن ابن أبي أوفى رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله: "قدمت الشام فوجدتهم يسجدون لبطارقتهم وأساقفهم" البطارقة جمع بطريق وهو الحادق بالحرب وأمورها قاله ابن الأثير

(1)

وقال عياض

(2)

: البطريق قواد ملوك الروم وخواص دولتهم وأهل الرأي والمشورة يقال البطريق العظيم من الروم قال الحربي: هو المختال المتعاظم المزهو ولايقال ذلك للنساء. ا. هـ.

قوله: "وأساقفتهم" الأسقف هو عالم رأى من علماء النصارى ورؤسائهم وهو اسم سرياني ويحتمل أن يكون سمي به لخضوعه وانحنائه في عبادته والسقف في اللغة طول في انحناء وبه سمي السقف لعلوه وطول جداره

(3)

ا. هـ.

2980 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَو كنت آمرا أحدا أَن يسْجد لأَحَد لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح

(4)

.

(1)

النهاية (1/ 135).

(2)

مشارق الأنوار (1/ 87).

(3)

النهاية (2/ 379).

(4)

أخرجه الترمذي (1159) والبزار (كشف 2451) وابن حبان (4162)، وابن أبي الدنيا في العيال (534). قال الترمذي حديث حسن غريب. وقال الهيثمي في المجمع 9/ 7: =

ص: 669

2981 -

وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَو أمرت أحدا أَن يسْجد لأَحَد لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا وَلَو أَن رجلًا أَمر امْرَأَته أَن تنْتَقل من جبل أَحْمَر إِلَى جبل أسود أَو من جبل أسود إِلَى جبل أَحْمَر لَكَانَ نولها أَن تفعل" رَوَاهُ ابْن مَاجَة من رِوَايَة عَليّ بن زيد بن جدعَان وَبَقِيَّة رُوَاته مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح

(1)

.

قوله: وعن عائشة رضي الله عنه تقدم الكلام عليها.

قوله: "ولو أن رجلًا أمر امرأته أن تنتقل من جبل أحمر إلى جبل أسود" وأراد بالجبل الأحمر والجبل الأسود الشيء الصعب المشى الشديد الامتناع وهو ضرب مثل ويتصل بهذا المعنى قوله تعالى: {وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ}

(2)

والجدد جمع جدة وهو الطريقة من الجبل وغرابيب سود لفظتان بمعنى واحد.

قوله: "لكان نولها أن تفعل" أي لكان حقها أن تفعل وينبغي لها أن تفعل

= وإسناده حسن. وقال الألباني: حسن صحيح صحيح الترغيب (1937) و (1940) والإرواء (1998).

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة 3/ 558 (17134)، وأحمد 6/ 76 (25109)، وابن ماجة (1852)، والآجرى في الشريعة (1073)، وابن بشران في الثانى من أماليه (1378).

وقال الهيثمي في المجمع 4/ 310: رواه أحمد، وفيه علي بن زيد، حديثه حسن، وقد ضعف. وقال في المجمع 9/ 9: رواه أحمد وإسناده جيد.

قال البوصيرى في الزجاجة 2/ 95: هذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان في إسناده علي بن زيد وهو ضعيف. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1215).

(2)

سورة فاطر، الآية:27.

ص: 670

قال الجوهري

(1)

: وقولهم نولك أن تفعل (كذا أي) حقك وينبغي لك وأصله من التناول كأنك قلت تناولك لك كذا وكذآ وإذا قلت ما نولك أن تفعل كذا أي ما ينبغي لك ومنه حديث موسى والخضر (حملوهما في السفينة) بغير نول أي بغير حق لهم علينا ا. هـ.

قوله: رواه ابن ماجة من رواية علي بن زيد بن جدعان وبقية رواته محتج بهم في الصحيح.

2982 -

وَعَن أنس بن مَالك رضي الله عنه عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَلا أخْبركُم برجالكم فِي الْجنَّة قُلْنَا بلَى يَا رَسُول اللّه قَالَ النَّبِيّ فِي الْجنَّة وَالصديق فِي الْجنَّة وَالرجل يزور أَخَاهُ فِي نَاحيَة الْمصر لَا يزوره إِلَّا للّه فِي الْجنَّة أَلا أخْبركُم بنسائكم فِي الْجنَّة قُلْنَا بلَى يَا رَسُول اللّه قَالَ: كلّ ودود ولود إِذا غضِبت أَو أُسِيء إِلَيْهَا أَو غضب زَوجهَا قَالَت هَذِه يَدي فِي يدك لَا أكتحل بغمض حَتَّى ترْضى رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَرُوَاته مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح إِلَّا إِبْرَاهِيم بن زِيَاد الْقرشِي فإنني لم أَقف فِيهِ على جرح وَلَا تَعْدِيل وَقد رُوِيَ هَذَا الْمَتْن من حَدِيث ابْن عَبَّاس وَكعب بن عجْرَة وَغَيرهمَا

(2)

.

(1)

الصحاح (5/ 1836).

(2)

أخرجه الطبراني الأوسط (2/ 206 رقم 1743) والصغير (1/ 89 رقم 118) ومن طريقه ابن فاخر في موجبات الجنة (379)، والأصبهانى في الترغيب والترهيب (1525).

وقال الطبراني: لم يروه عن أبي حازم سلمة بن دينار الزاهد إلا إبراهيم بن زياد تفرد به ابن بكار وهو ممن يكنى أبا حازم ممن روى عن أبي هريرة أبو حازم هذا وقد روى عن سهل بن سعد، وأبو حازم التمار المدني، وأبو حازم الأشجعي الكوفي يروي عنه منصور، والأعمش =

ص: 671

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ..

= يسمى ميسرة، وقد اختلف في اسمه وأبو حازم الذي روى عنه إسماعيل بن أبي خالد اسمه نبتل وهو كوفي. وقال الإمام الدمياطي في المتجر الرابح (649): رواه الطبراني، وإسناده جيد إن شاء اللّه، وله شواهد. وقال الهيثمي في المجمع 4/ 312: رواه الطبراني في الصغير، والأوسط، وفيه إبراهيم بن زياد القرشي قال البخاري: لا يصح حديثه، فإن أراد تضعيفه فلا كلام، وإن أراد حديثًا مخصوصا فلم يذكره، وأما بقية رجاله فهم رجال الصحيح. وصححه الألباني في الصحيحة (3380) وقال في صحيح الترغيب (1941): حسن لغيره.

وأما حديث ابن عباس: أخرجه ابن أبي الدنيا في النفقة على العيال (530)، ومداراة الناس (176)، والبزار (كشف 2168)، والنسائي في الكبرى (9094)، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (1098)، وأبو بكر الأنبارى (91)، وابن البخترى في مصنفاته (354)، والطبراني في الكبير (12/ 59 رقم 12467 و 12468) ومن طريقه الضياء في المختارة 10/ 402 (424) و 10/ 403 (425) و (426)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 303)، وابن حيويه في الثالث من مشيخته (17)، وأبو الطاهر المخلص في المخلصيات (2717)، وتمام في الفوائد (1311)، والبيهقى في الشعب (11/ 171 - 172 رقم 8358 و 8359) و (11/ 332 - 333 رقم 8612).

وقال الهيثمي في المجمع 4/ 313: رواه الطبراني، وفيه عمرو بن خالد الواسطي، وهو كذاب. وقال في 7/ 219: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن معاوية بن مالج وهو ثقة. وحسنه الألباني في الصحيحة (287).

وأما حديث كعب بن عجرة: أخرجه أبو يعلى كما في المطالب العالية (2618)، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (1099)، والطبراني في الأوسط (6/ 11 - 12 رقم 5648) والكبير (19/ 140 رقم 307)، ومن طريقه ابن فاخر في موجبات الجنة (381)، وابن عدي (4/ 368).

وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الشعبي إلا السري بن إسماعيل، ولا عن سري إلا محمد بن خالد الضبي، تفرد به سعيد بن خثيم، ولا يروى عن كعب بن عجرة إلا بهذا الإسناد. وقال الهيثمي في المجمع 4/ 312: رواه الطبراني في الكبير، والأوسط، وفيه السري بن إسماعيل، وهو متروك. وحسنه الألباني في (الروض النضير 46).

ص: 672

قوله: وعن أنس بن مالك رضي الله عنه تقدم.

قوله: "والرجل يزور أخاه في ناحية المصر لا يزوره إلا للّه" الحديث المصر البلد الكبير الذي يكون فيه نائب السلطان.

قوله: صلى الله عليه وسلم "ألا أخبركم بنسائكم في الجنة قلنا بلى يا رسول اللّه قال ودود ولود" تقدم الكلام على الودود الولود قريبا.

قوله: "لا أكتحل بغمض حتى ترضى" الغمض النوم.

قوله: إلا إبراهيم بن زياد القرشي.

2983 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ لا يحل لامْرَأَة أَن تَصُوم وَزوجهَا شَاهد إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا تَأذن فِي بَيته إِلَّا بِإِذْنِهِ رَوَاهُ البُخَارِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَمُسلم وَغَيرهمَا

(1)

.

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم.

قوله: صلى الله عليه وسلم قال "لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه" أي وزوجها حاضر معها في البلد وهذا في صوم النافلة التطوع وتقدم الكلام على ذلك في الصوم.

قوله: صلى الله عليه وسلم "ولا تأذن في بيته إلا بإذنه" تقدم الكلام على ذلك أيضًا قريبا.

(1)

أخرجه البخاري (5192) و (5195)، ومسلم (84 - 1026)، وأبو داود (2458)، وابن ماجة (1761)، والترمذى (782)، وابن خزيمة (2168)، وابن حبان (3572) و (3573) و (4168) و (4170).

ص: 673

2984 -

وَعَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه: عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللّه أَن تَأذن فِي بَيت زَوجهَا وَهُوَ كَارِه وَلَا تخرج وَهُوَ كَارِه وَلَا تطيع فِيهِ أحدا وَلَا تعزل فرَاشه وَلَا تضربه فَإِن كَانَ هُوَ أظلم فلتأته حَتَّى ترضيه فَإِن قبل مِنْهَا فبها ونعمت وَقبل اللّه عذرها وأفلج حجتها وَلَا إِثْم عَلَيْهَا وَإِن هُوَ لم يرض فقد أبلغت عِنْد اللّه عذرها رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الإِسْنَاد كَذَا قَالَ أفلج بِالْجِيم حجتها أَي أظهر حجتها وقواها

(1)

.

قوله: وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه: تقدم الكلام عليه.

قوله: "لا يحل لامرأة تؤمن باللّه أن تأذن في بيت زوجها وهو كاره" تقدم الكلام عليه.

قوله: "فإن قبل منها فبها ونعمت" الحديث يعني ونعمت الخصلة قاله في الصحاح

(2)

.

قوله: "وأفلج حجتها" أي أظهر حجتها وقواها قاله المنذري.

(1)

أخرجه أبو يعلى كما في المطالب العالية (1672)، والطبراني في الكبير (20/ 62 رقم 114) و (20/ 107 رقم 210 و 211)، والحاكم في المستدرك (2/ 189 - 190)، والبيهقى في الكبرى (7/ 478 رقم 14715)، والأصبهانى في الترغيب والترهيب (2110). وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي فقال: بل منكر وإسناده منقطع. وقال الهيثمي في المجمع 4/ 313: رواه الطبراني بإسنادين، ورجال أحدهما ثقات.

وقال ابن حجر في المطالب 8/ 352: هذا حديث رجاله ثقات أثبات، إلا شيخ أبي يعلى، فهو من منكراته، وكان صدوقا في نفسه، إلا أن وراقه أدخل عليه ما ليس من حديثه، وكانوا يحذرونه من ذلك فلا يرضى. وقال الألباني في ضعيف الترغيب (1216): منكر.

(2)

الصحاح (5/ 2041).

ص: 674

2985 -

وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما، أَن امْرَأَة من خثعم أَتَت رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم فَقَالَت يَا رَسُول اللّه أَخْبرنِي مَا حق الزَّوْج على الزَّوْجَة فَإِنِّي امْرَأَة أيم فَإِن اسْتَطَعْت وَإِلَا جَلَست أَيّمَا قَالَ فَإِن حق الزَّوْج على زَوجته إِن سَأَلَهَا نَفسهَا وَهِي على ظهر قتب أَن لَا تَمنعهُ نَفسهَا وَمن حق الزَّوْج على الزَّوْجَة أَن لا تَصُوم تَطَوّعا إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِن فعلت جاعت وعطشت وَلَا يقبل مِنْهَا وَلَا تخرج من بَيتهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِن فعلت لعنتها مَلائِكَة السَّمَاء وملائكة الرَّحْمَة وملائكة الْعَذَاب حَتَّى ترجع قَالَت لا جرم وَلَا أَتزوّج أبدًا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ

(1)

.

قوله: وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما تقدم الكلام عليه.

قوله: "أن امرأة من خثعم أتت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم" الحديث خثعم اسم قبيلة من قبائل العرب.

قوله: "فإني امرأة أيم" قال العُلماء المرأة الأيم هي التي لا زوج لها وهي عزباء قال القاضي

(2)

: اختلف الفقهاء بالمراد بالأيم هنا مع أهل اللغة على أنها تطلق على امرأة لا زوج لها صغيرة كانت أو كبيرة بكرا أو ثيبا قاله

(1)

أخرجه مسدد كما في إتحاف الخيرة (4/ 76) والمطالب العالية (1665)، وابن أبي الدنيا في النفقة على العيال (523) ومداراة الناس (175)، والبزار كما في كشف الأستار (1464)، وأبو يعلى (2455)، والبيهقى في الكبرى (7/ 478 رقم 14714)، والواحدى في التفسير الوسيط (1/ 334). قال الهيثمي في المجمع 4/ 307: رواه البزار، وفيه حسين بن قيس المعروف بحنش، وهو ضعيف، وقد وثقه حصين بن نمير، وبقية رجاله ثقات.

وقال الألباني في ضعيف الترغيب (1217): ضعيف جدًّا.

(2)

إكمال المعلم (4/ 564 - 565).

ص: 675

إبراهيم الحربي وإسماعيل القاضي وغيرهما ورجل أيم وامرأة (أيم) قال القاضي: ثم اختلف العُلماء في المراد بها هنا فقال علماء الحجاز (والفقهاء) كافة المراد الثيب واستدلوا بأنه جاء في الرِّواية الأخرى (مفسرا) بالثيب وبأنها تجعل مقابلة للبكر وبأن (أكثر) استعمالها في اللغة للثيب وقال الكوفيون وزفر: الأيم هنا كلّ امرأة لا زوج لها بكر كانت أو ثيبا كما هو مقتضاه في اللغة فالأيم في (الأصل) التي لا زوج لها مطلقة كانت أو متوفي عنها ويراد بالأيم في هذا الحديث الثيب خاصة يقال تأيمت المرأة وأيمت إذا (أقامت) لا تتزوج والاسم من هذه اللفظة الأيمة وهي طول العزبة وقد تطلق على المرأة البالغة وإن كانت بكرا مجازا (واتساعا).

قوله: قالت "لا جرم ولا أتزوج أبدًا" الحديث نقل الجوهري عن الفراء أنها كلمة كانت في الأصل بمعنى لابد ولا محالة فجرت على ذلك وكثرت حتى تحولت إلى معنى القسم وصارت بمنزلة حقا فلذلك يجاب عنه باللام كما يجاب بها عن القسم والله أعلم.

وقال غير الجوهري

(1)

: هذه كلمة ترد بمعنى تحقيق الشيء وقد اختلف العُلماء في (أصلها) قيل أصلها لا التبرئة بمعنى لا بد ثم استعملت في معنى حقا وقيل بمعنى كسب وقيل بمعنى وجب وحق ولا رد لها قبلها من الكلَام

(1)

قاله الفراء كما في مطالع الأنوار (2/ 109) ونسبه ابن سيده إلى الفراء وثعلب والكسائى المحكم والمحيط الأعظم (7/ 416).

ص: 676

ثم يبتدأ بها كقوله تعالى: {لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ}

(1)

أي ليس الْأَمر كما قالوا ثم ابتدأ فقال وجب بهم النار وقيل في قوله تعالى: {لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي}

(2)

أي لا يحملنكم ويجدوكم وقد تكررت في الحديث.

2986 -

وَعَن زيد بن أَرقم رضي الله عنه: قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم الْمَرْأَة لا تُؤدِّي حق اللّه عَلَيْهَا حَتَّى تُؤدِّي حق زَوجهَا كُله وَلَو سَأَلَها وَهِي على ظهر قتب لم تَمنعهُ نَفسهَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد جيد

(3)

.

قوله: وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه

(4)

: هو زيد بن أرقم بن زيد بن قيس بن

(1)

سورة النحل، الآية:62.

(2)

سورة هود، الآية:89.

(3)

أخرجه البزار (4317)، والطبرانى في الكبير (5/ 200 رقم 5084) والأوسط (7/ 255 - 256 رقم 7433). وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلم أحدا رواه بهذا اللفظ إلا زيد بن أرقم، ولا نعلم أحدا حدّث به، عن سعيد، عن قتادة إلا محمد بن سواء. وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا سعيد بن أبي عروبة، ولا عن سعيد إلا محمد بن سواء، تفرد به: الأسفاطي، عن بشر بن عبد الملك. وقال الهيثمي في المجمع 4/ 312: رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح خلا محمد بن ثعلبة بن سواء، وقد روى عنه جماعة، ولم يضعفه أحد، وقد رواه الطبراني في الكبير بنحوه، ورجاله رجال الصحيح خلا المغيرة بن مسلم، وهو ثقة، وقد تقدم.

قال الهيثمي في المجمع 4/ 308: رواه الطبراني في الكبير، والأوسط بنحوه، ورجاله رجال الصحيح خلا المغيرة بن مسلم، وهو ثقة. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1943) والصحيحة (1203).

(4)

ترجمته: الاستيعاب 2/ 837، وأسد الغابة 2/ 1819، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 184، وتهذيب الكمال 10/ 2087، والإصابة 2/ 2880.

ص: 677

النعمان الأنصاري الخزرجي في كنيته أقوال نزل الكوفة وغزى مع النبي صلى الله عليه وسلم سبع عشرة غزوة والله أعلم.

قوله: "ولو سألها وهي على ظهر قتب لم تمنعه نفسها" القتب للجمل كالأكاف لغيره ومعناه الحث لهن على مطاوعة أزواجهن وأنه لا يسعهن الامتناع في هذه الحال فكيف في غيرها وقيل إن نساء العرب كن إذا أردن الولادة جلسن قتب ويقلن إنه أسلس لخروج الولد (فأرادت) تلك الحالة قال أبو عبيد: كنا نرى أن المعنى وهي تسير على ظهر البعير فجاء التفسير بغير ذلك ا. هـ قاله في النهاية

(1)

.

2987 -

وَعَن عبد اللّه بن عَمْرو رضي الله عنهما عَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ لا ينظر اللّه تبارك وتعالى إِلَى امْرَأَة لا تشكر لزَوجهَا وَهِي لا تَسْتَغْنِي عَنهُ رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالْبَزَّار بِإِسْنَادَيْنِ رُوَاة أَحدهمَا رُوَاة الصَّحِيح وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد

(2)

.

(1)

النهاية (4/ 11).

(2)

أخرجه ابن أبي الدنيا في النفقة على العيال (533)، والبزار (2348) و (2349)، والنسائي في الكبرى (9086) و (9087)، والسراج (593)، والطبرانى في الكبير (13/ 368 - 369 رقم 14184) و (13/ 369 رقم 14185)، وابن عدي في الكامل (6/ 133)، ابن عبد البر في التمهيد (3/ 327)، والحاكم في المستدرك (2/ 195) و (4/ 174)، والبيهقى في الكبرى (7/ 485 رقم 14725)، والخطيب في تاريخ بغداد (9/ 448).

قال البزار: لا نعلم أحدا رواه إلا عبد اللّه بن عمرو، ولم يسنده عن سعيد إلا ابن المبارك.

وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وقال البيهقى: هكذا أتي به مرفوعًا والصحيح أنه من قول عبد اللّه غير مرفوع. وقال الهيثمي في المجمع 4/ 309: رواه البزار بإسنادين، =

ص: 678

قوله: وعن عبد اللّه بن عمرو رضي الله عنهما تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: قال"لا ينظر اللّه تبارك وتعالى إلى امرأة لا تشكر لزوجها" الحديث نظر اللّه سبحانه وتعالى هو رحمته لعباده.

2988 -

وَعَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لا تؤذي امْرَأَة زَوجهَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا قَالَت زَوجته من الْحور الْعين لا تؤذيه قَاتلك اللّه فَإِنَّمَا هُوَ عنْدك دخيل يُوشك أَن يفارقك إِلَيْنَا رَوَاهُ ابْن مَاجَة وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن يُوشك أَي يقرب ويسرع ويكاد

(1)

.

قوله: وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله: "لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين" فذكره إلى أن قال "فإنما هو عندك دخيل" الدخيل هو الضيف والنزيل ومنه

= والطبراني وأحد إسنادي البزار رجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني في الصحيحة (289) وصحيح الترغيب (1944).

(1)

أخرجه أحمد 5/ 242 (22528)، وابن ماجة (2014)، والترمذي (1174)، والشاشي (1374)، وابن أبي داود في البعث (77)، وأبو العبَّاس الأصم في مجموعه (20)، والطبراني في الكبير 20/ 113 (224)، وفي الشاميين 2/ 190 (1166)، وأبو نعيم في الحلية 5/ 220، وفي صفة الجنة (86). وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقال أبو زرعة الرازى في العلل (1264): ما أدري من أين جاء به نعيم أراه شبه على نعيم، لم يرو هذا الحديث عن بحير غير إسماعيل بن عيَّاش، إلا أن يكون بقية، عن إسماعيل بن عيَّاش. وذكر أبو زرعة: أن هذا الحديث ليس عندهم بحمص في كتب بقية. وقال الألباني: صحيح، الصحيحة (173)، آداب الزفاف (178)، صحيح الترغيب (1945).

ص: 679

حديث عدي وكان لنا جارا أو دخيلًا.

قوله: "يوشك أن يفارقك إلينا" يوشك أي يقرب ويسرع ويكاد قاله المنذري ومن آداب الزوجة ألا تفاخر على الزوج بجمالها ومالها ولا تزدري زوجها لقبحه أو لفقره وقد روى الأصمعي قال: دخلت البادية فإذا بامرأة حسناء من أحسن الناس وجها تحت أقبح الناس وجها فقلت يا هذه أترضين لنفسك أن تكوني تحت مثله فقالت يا هذا اسكت أسأت فيما بيني وبين خالقي فجعله عقوبتي أفلا أرضى فيما رضي اللّه لي فأسكتتني قال الأصمعي: رأيتُ في البادية امرأة عليها قميص أحمر وهي مختضبة وبيدها سبحة فقلت ما أبعد هذا من هذا فقالت:

وللّه مني جانب لا أضيعه

وللهو مني والبطالة جانب

قال: ومن آداب المرأة ملازمة الصلاح والانقباض في غيبة زوجها وتنبسط في حضوره وتذب عنه ولا ينبغي أن تؤذي زوجها بحال قاله الغزالي

(1)

.

2989 -

وَعَن طلق بن عَليّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم إِذا دَعَا الرجل زَوجته لِحَاجَتِهِ فلتأته وَإِن كَانَت على التَّنور رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه

(2)

.

(1)

إحياء علوم الدين (2/ 59).

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة 3/ 558 (17135)، وأحمد 4/ 22 - 23 (16545)، والترمذى (1160)، والنسائي في الكبرى (8922)، وابن حبان (4165)، والطبراني في الكبير =

ص: 680

قوله: وعن طلق بن علي

(1)

رضي الله عنه: (هو طلق بن قيس بن عمرو بن عبد اللّه بن عمرو بن العزى بن سحيم بن مرة بن الدؤل بن حنيفة الربعي الحنفي السحيمي وهو والد قيس بن طلق كنيته أبو علي، وكان من الوفد الذين قدموا على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من اليمامة فأسلموا، مخرج حديثه عن أهل اليمامة).

قوله: "إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور.

2990 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم إِذا دَعَا الرجل امْرَأَته إِلَى فرَاشه فَلم تأته فَبَاتَ غَضْبَان عَلَيْهَا لعنتها الْمَلَائِكَة حَتَّى تصبح.

رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ

(2)

وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ وَمُسلم قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا من رجل يَدْعُو امْرَأَته إِلَى فرَاشه فتأبى عَلَيْهِ إِلَّا كانَ الَّذِي فِي السَّمَاء ساخطا عَلَيْهَا حَتَّى يرضى عَنْهَا

(3)

وَفِي رِوَايَة لَهما وَالنَّسَائِيّ إِذا باتت الْمَرْأَة هاجرة فرَاش زَوجهَا لعنتها الْمَلائِكَة حَتَّى تصبح

(4)

وَتقدم فِي الصَّلاة حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثة لا ترْتَفع

= (8/ 331 رقم 8240)، والمخلص في المخلصيات (2216)، والبيهقى في الكبرى (7/ 477 رقم 14710). وصححه الألباني في الصحيحة (1202)، وصحيح الترغيب (1946).

(1)

ترجمته: الاستيعاب 2/ 1300، وأسد الغابة 3/ 2636، وتهذيب الكمال 13/ 2990، والإصابة 2/ 4283.

(2)

أخرجه البخاري (3237) و (5193)، ومسلم (122 - 1436)، وأبو داود (2141)، وابن أبي الدنيا في النفقة على العيال (524) و (544)، والنسائي في الكبرى (11930).

(3)

أخرجه مسلم (121 - 1436) بهذا اللفظ.

(4)

أخرجه مسلم (120 - 1436)، والبزار (9545)، والنسائي في الكبرى (8921).

ص: 681

صلَاتهم فَوق رؤوسهم شبْرًا رجل أم قوما وهم لَهُ كَارِهُون وَامْرَأَة باتت وَزوجهَا عَلَيْهَا ساخط وَأَخَوَانِ متصارمان رَوَاهُ ابْن مَاجَة وَابْن حبَان في صَحِيحه وَاللَّفْظ لابْنِ مَاجَة وروى التِّرْمِذِيّ نَحوه من حَدِيث أبي أُمَامَة وَحسنه وَتقدم فِي إباق العَبْد.

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه. وهذا الحديث إلى آخره متأخر عن القولة المتأخرة آخر الباب وهي قوله فبات غضبان.

قوله: صلى الله عليه وسلم "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح" الحديث وفي الحديث لعن الله المسوفة

(1)

والمسوفة هي التي أراد زوجها أن يأتيها لم تطاوعه وقالت سوف أفعل والتسويف المطل والتأخير

(2)

.

هذا الحديث دليل على تحريم امتناعها من فراشه لغير عذر شرعي وليس الحيض بعذر في الامتناع لأنه له حقا في الاستمتاع بها فوق الإزار وسبب اللعن هو أن على الزوجة طاعة زوجها فيما لا معصية فيه ويجب عليها تمكينه من نفسها إذا أراد ذلك فإذا أبت من ذلك وعصته استحقت اللعن ومعنى الحديث أن اللعنة تستمر عليها حتى تزول المعصية بطلوع

(1)

أخرجه ابن أبي الدنيا في العيال (553)، والطبراني في الأوسط (4/ 346 رقم 4393) والكبير (13/ 225 - 226 رقم 13954) عن ابن عمر. وأخرجه أبو يعلى (6467)، والعقيلى (4/ 229)، وابن عدى (9/ 27)، والخطيب في تاريخ بغداد (13/ 65).

قال أبو حاتم: باطل. وضعفه الألباني في الضعيفة (4312).

(2)

المجموع المغيث (2/ 150)، والنهاية (2/ 422).

ص: 682

الفجر والاستغناء عنها أو بتوبتها ورجوعها إلى الفراش

(1)

والمرأة في ذلك بخلاف الرجل فلو دعته إلى ذلك لم يجب عليه إلا أن يقصد الامتناع مضارتها فيحرم عليه ذلك والفرق بينهما أن الرجل هو الذي ابتغى بماله فهو المالك لمنفعة البضع وللرجال عليهن درجة وهي السلطة بذلك الملك وأيضًا فقد لا ينشط الرجل وقت طلبها ولا يتهيأ له ذلك بخلافها قاله في المفهم

(2)

وكنى هنا بالفراش عن الجماع بدليل الرِّواية الثانية إذا دعاها إلى فراشه أي إلى الجماع حتى لو لم يكن ثم فراش كان كذلك وليس المراد ترك النوم معه على فراش فإنه قد جاء في السنن فراش لك وفراش لزوجتك وفراش للضيف والرابع للشيطان

(3)

وربما خشيت من نومها معه أن يظهر منها ما يوجب النفرة متعذر في ذلك وقد تدعو حاجتها إلى نومها معه فيستحب أو يتعين وتقييد الرِّواية الثانية (بدعوته امرأته) بما يدلّ على أنها لو هجرت من غير طلب منه ولا قرينة تدل على الطلب لا يحرم وهو كذلك فتعين حمل الأول على الثانية وكذلك تقييدها بغضبه حتى لو لم يؤثر ذلك عنده وأسقط حقه زال ذلك قاله في شرح الإلمام.

قوله: "فبات غضبان عليها" وفي بعض النسخ "فبات غضبانا عليها" والأول أصح قوله وفي رواية البخاري ومسلم إلا كان الذي في السماء

(1)

شرح النووي على مسلم (10/ 7 - 8).

(2)

المفهم (24/ 13).

(3)

أخرجه مسلم (41 - 2084) عن جابر.

ص: 683

ساخطا عليها حتى يرضى عليها" الحديث أي اللّه تعالى وذلك على معنى أن أمره ونهيه جاء من السماء فوقعت الإشارة إلى مثل في ذلك أنه يريد به نفسه تعالى كذا ذكره في الميسر

(1)

وتقدم الكلام على ما جاء في أحاديث هذا الباب واللّه أعلم.

2991 -

وَعَن جَابر بن عبد اللّه رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم ثَلَاثة لَا تقبل لَهُم صَلَاة وَلَا تصعد لَهُم إِلَى السَّمَاء حَسَنَة العَبْد الْآبِق حَتَّى يرجع إِلَى موَالِيه فَيَضَع يَده فِي أَيْديهم وَالْمَرْأَة الساخط عَلَيْهَا زَوجهَا حَتَّى يرضى والسكران حَتَّى يصحو رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من رِوَايَة عبد اللّه بن مُحَمَّد بن عقيل وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحَيْهِمَا من رِوَايَة زُهَيْر بن مُحَمَّد وَاللَّفْظ لابْنِ حبَان

(2)

.

2992 -

وَعَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم اثْنَان لا تجَاوز صلاتهما رؤوسهما عبد أبق من موَالِيه حَتَّى يرجع وَامْرَأَة عَصَتْ زَوجهَا حَتَّى

(1)

الميسر (3/ 778).

(2)

أخرجه ابن خزيمة (940)، وابن حبان (5355)، والطبراني في الأوسط (9/ 95)، والبيهقى في الكبرى (1/ 573 رقم 1830) والشعب (7/ 409 - 410 رقم 5202) و (11/ 94 - 95 رقم 8237) و (11/ 169 رقم 8353).

قال الهيثمي في المجمع 4/ 313: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عبد اللّه بن محمد بن عقيل، وحديثه حسن، وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات.

وضعفه الألباني في الضعيفة (1075) وضعيف الترغيب (1189) و (1218) و (1420).

وهذا الحديث مر في باب ترهيب العبد من الإباق.

ص: 684

ترجع رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد جيد وَالْحَاكِم

(1)

.

2993 -

وَعنهُ رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن الْمَرْأَة إِذا خرجت من بَيتهَا وَزوجهَا كَارِه لذلك لعنها كلّ ملك فِي السَّمَاء وكل شَيْء مرت عَلَيْهِ غير الْجِنّ وَالإنْس حَتَّى ترجع رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَرُوَاته ثِقَات إِلَّا سُويد بن عبد الْعَزِيز

(2)

.

(1)

أخرجه الطبراني في الأوسط (4/ 67 رقم 3628) والصغير (1/ 289 رقم 478)، والحاكم (4/ 173). قال الطبراني: لم يروه، عن إبراهيم بن مهاجر، إلا عمر بن عبيد، ولا رواه، عن عمر بن عبيد، إلا إبراهيم بن أبي الوزير، تفرد به: ابن أبي صفوان. وقال الهيثمي في المجمع 4/ 313: رواه الطبراني في الصغير، والأوسط، ورجاله ثقات. وصححه الألباني في الصحيحة (288) وصحيح الترغيب (1888) و (1948). وهذا الحديث مر في باب ترهيب العبد من الإباق.

(2)

أخرجه الطبراني في الأوسط (1/ 164 رقم 513). وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن عمرو بن دينار إلا محمد بن زيد، تفرد به: سويد بن عبد العزيز. وقال الهيثمي في المجمع 4/ 313: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه سويد بن عبد العزيز، وهو متروك، وقد وثقه دحيم، وغيره، وبقية رجاله ثقات. وقال الألباني في الضعيفة (1102) و (5341) وضعيف الترغيب (1219): ضعيف جدًّا. ولم يدرج المُصَنِّف تحته شرحا.

ص: 685