الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الترغيب في كلمات يقولهن المديون والمهموم والمكروب والمأسور]
2801 -
عَن عَليّ رضي الله عنه: أَن مكَاتبا جَاءَهُ فَقَالَ إِنِّي عجزت عَن مكاتبتي فأعني فَقَالَ أَلا أعلمك كَلِمَات علمنيهن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم لَو كَانَ عَلَيْك مثل جبل صير دينا أَدَّاهُ اللّه عَنْك قل اللَّهُمَّ اكْفِنِي بحلالك عَن حرامك وأغنني بِفَضْلِك عَمَّن سواك رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الإِسْنَاد
(1)
.
قوله: عن علي رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله: "أن مكاتبا جاءه فقال إني عجزت عن مكاتبتي فأعني" المكاتب هو العبد الذي يشتري نفسه من سيده.
قوله: فقال ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم "لو كان عليك مثل جبل صير دينا أداه اللّه عنك" الحديث صير جبل معروف
(2)
.
قوله: "قل اللهم اكفني بحلالك عن حرامك" الحديث.
2802 -
وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه: قَالَ دخل رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم ذَات يَوْم الْمَسْجِد فَإِذا هُوَ بِرَجُل من الأَنصَار يُقَال لَهُ أَبُو أُمَامَة جَالِسا فِيهِ فَقَالَ يَا أَبَا
(1)
أخرجه عبد اللّه بن أحمد في زوائد المسند 1/ 153 (1335) وفضائل الصحابة (1208)، والترمذى (3563)، والبزار (563)، والحاكم 1/ 538. قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وحسنه الألباني في الصحيحة (266)، وصحيح الترغيب (1820)، والكلم الطيب (143/ 99).
(2)
قال ابن الأثير في النهاية (3/ 9): هو جبل لطيئ.
أُمَامَة مَا لي أَرَاك جَالِسا فِي الْمَسْجِد فِي غير وَقت صَلَاة قَالَ هموم لزمتني وديون يَا رَسُول اللّه قَالَ أَفلا أعلمك كلَاما إِذا قلته أذهب اللّه عز وجل همك وَقضى عَنْك دينك فَقَالَ بلَى يَا رَسُول اللّه قَالَ قل إِذا أَصبَحت وَإِذا أمسيت اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْهم والحزن وَأَعُوذ بك من الْعَجز والكسل وَأَعُوذ بك من الْبُخْل والجبن وَأَعُوذ بك من غَلَبَة الدّين وقهر الرِّجَال قَالَ فَقلت ذَلِك فَأذْهب اللّه عز وجل همي وَقضى عني ديني رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
(1)
.
قوله: وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: تقدم.
قوله: "فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة" تقدم الكلام على أبي أمامة الباهلي اسمه صدى بن عجلان والمكاتب لفظه مأخوذ من الكتابة والأشهر في كافها الكسر وهو (تعليق عتق) لصفة تضمنت (معاوضة) منجمة ولفظها (إسلامى) لا يعرف في الجاهلية وهي (معدولة عن القياس) لأنها بيع ماله بماله سميت كتابة في العرف الجاري بكتابة ذلك في كتاب (توثقة) وقيل مشتقة من الكتب وهو الضم إذ فيها ضم نجم إلى نجم ولأن العرب ما كانت تعرف الحساب ولا الكتابة وإنما كانت تعرف الأوقات (بالنجوم) وهي ثمانية وعشرون نجما منازل القمر فسميت باسمها مجازا والأصل فيها قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ
(1)
أخرجه أبو داود (1555)، والبيهقى في الدعوات الكبير (1/ 414 رقم 305) عن أبي سعيد. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1141)، وضعيف الجامع (2169) وغاية المرام (347).
فِيهِمْ خَيْرًا}
(1)
نزلت في صبيح بضم (الصاد مولى) حويطب بن عبد العزى (جد محمد بن) إسحاق من قبل (أمه) ا. هـ (قوله): هموم ولزمتني وديون الحديث والهموم جمع هم وهو الحزن الذي يذيب الإنسان يقال همني الشيء إذا أذابني وسنام همومى أي مذاب همومي والحزن خشونة في النفس لما يحصل فيها من الغم والدنيا دار غم ودار هم قوله: صلى الله عليه وسلم "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن" وما أحسن جمع النبي صلى الله عليه وسلم في تعوذه بين الهم والحزن لأن الهم عبارة عن خوف ما يتوقع من الحالات والحزن في الغالب عبارة عن الأسف على ما فات وليس هذا بعجيب ممن أوتى جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم وقد ظن بعضهم أن الهم والحزن يتحدان في المعنى وإنما عطف أحدهما على الآخر لاختلاف اللفظين وليس الأمر كذلك فإن الهم إنما يكون في الأمر المتوقع والحزن فيما قد وقع كما ذكر أولا وقيل هما بمعنى واحد وهو تحسر القلب وشغله بالفكر والتأسف على ما فات من الدنيا، وقيل هو شغل القلب وفكرته بما يخاف ويرجى في المستقبل من غنى أو فقر وغير ذلك من الحوادث (الطارئة) المتوقعة وقيل الحزن على ما فات والهم بما هو آت واستعاذ من ذلك كله صلى الله عليه وسلم ومقاطعة أسنى ومنزلته في التوكل أعلى من أن يحزنه أو يهمه شيء من أمور الدنيا يقال: حزنني وأحزننني لغتان وحزن وحزن ا. هـ قاله عياض
(2)
.
(1)
سورة النور، الآية:33.
(2)
مشارق الأنوار (1/ 191) لعياض ومطالع الأنوار (2/ 268) لابن قرقول.
قوله صلى الله عليه وسلم: "وأعوذ بك من العجز والكسل" لأن العجز ضعف النفس عن شهود قدرتها على ما يراد والكسل وضعف البدن عن أداء ما وجب على العباد وليس هذا بعجب ممن أوتي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم فالعجز أصله التأخر عن الشيء وصار في التعارف اسما للقصور عن فعل الشيء وهو ضد القدرة وقيل هو ترك ما يجب فعله والتسويف به والكسل هو التشاغل عن الأمر مع وجود القدرة عليه وقال رحمه الله: بعضهم هو عدم انبعاث النفس للخير وقلة الرغبة فيه مع القدرة (عليه).
قوله: "وأعوذ بك من البخل والجبن" والجبن هو بضم الباء وسكونها مصدر الحيار وما أحسن جمع النبي صلى الله عليه وسلم في تعوذه بين البخل والجبن لأن البخل عبارة عن عدم الجود بالمال والجبن عدم السماحة بالنفس في القتال وليس هذا بعجب ممن أوتي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم فأما استعاذته صلى الله عليه وسلم من البخل والجبن فلما فيهما من التقصير عن أداء الواجبات والقيام بحقوق اللّه تعالى وإزالة المنكر والإغلاظ عن العصاة ولأنه بشجاعة النفس وقوتها المعتدلة تتم العبادات وتقوم بنصر المظلوم والجهاد وبالسلامة من البخل تقوم بحقوق المال وسعة الإنفاق والجود ومكارم الأخلاق وتمنع من الطمع فيما ليس له قال العلماء رضي الله عنهم واستعاذته صلى الله عليه وسلم من هذه الأشياء لتكمل صفاته في كل أحواله وشرعه أيضًا تعليما لأمته، وفي هذا الحديث دليل لاستحباب الدعاء والاستعاذة من هذه وأهل الفتاوي في الأمصار في كل الأعصار وذهبت طائفة من الزهاد وأهل المعارف إلى أن ترك الدعاء أفضل استسلاما
للقضاء، وقيل غير ذلك واللّه أعلم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال" وما أحسن جمع النبي صلى الله عليه وسلم في تعوذه به ضلع الدين وقهر الرجال وضلع الدين بفتح الضاد المعجمة واللام جميعا هو ثقله وشدة حمله شدته وثقل حمله لأن غلبة الدين هو غلبة على الباطن بشدة الاهتمام، وقهر الرجال هو استيلاؤهم على الظاهر بقهر الاحتكام وليس هذا بعجب ممن أوتي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم وقهر الرجال يريد بذلك قهر السلطان وجوره وقد روي وغلبة الرجال واللّه أعلم ذكر هذا التفسير غالبه ابن النحاس.
2803 -
وَعَن أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم لِمعَاذ أَلا أعلمك دُعَاء تَدْعُو بِهِ لَو كَانَ عَلَيْك مثل جبل أحد دينا لأداه الله عَنْك قل يَا معَاذ اللَّهُمَّ مَالك الْملك تؤتي الْملك من تشَاء وتنزع الْملك مِمَّن تشَاء وتعز من تشَاء وتذل من تشَاء بِيَدِك الْخَيْر إِنَّك على كل شَيْء قدير رَحْمَن الدُّنْيَا وَالآخِرَة ورحيمهما تعطيهما من تشَاء وتمنع مِنْهُمَا من تشَاء ارْحَمْنِي رَحْمَة تغنيني بهَا عَن رَحْمَة من سواك رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير بِإِسْنَاد جيد
(1)
.
قوله: عن أنس بن مالك رضي الله عنه تقدم.
(1)
أخرجه الطبراني في الصغير (1/ 336 رقم 588) من طريق وهب الله بن راشد، حدثنا يونس بن يزيد الأيلي، عن الزهري، عن أنس بن مالك. وقال: لم يروه عن الزهري إلا يونس، ولا عنه إلا وهب الله. قال الهيثمي في المجمع 10/ 186: رواه الطبراني في الصغير، ورجاله ثقات. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (1821).
قوله: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لمعاذ "ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثل جبل أحد دينا لأداه اللّه عنك" الحديث وجبل أحد معروف وقد ذكر جبل ثبير وأحد وغيرهما من الجبال التي بنيت الكعبة منها في كتاب الحج مبسوطا فمن أراد ذلك فعليه بكتاب الحج من هذا التعليق واللّه أعلم.
2804 -
وَرُوِيَ عَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم افتقده يَوْم الْجُمُعَة فَلَمَّا صلى رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم أَتَى معَاذًا فَقَالَ يَا معَاذ مَا لي لم أرك فَقَالَ يَا رَسُول اللّه ليهودي عَليّ أُوقِيَّة من تبر فَخرجت إِلَيْك فحبسني عَنْك فَقَالَ لَهُ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم يَا معَاذ ألا أعلمك دُعَاء تَدْعُو بِهِ فَلَو كَانَ عَلَيْك من الدّين مثل صبير أَدَّاهُ اللّه عَنْك وصبير جبل بِالْيمن فَادع اللّه يَا معَاذ قل اللَّهُمَّ مَالك الْملك تؤتي الْملك من تشَاء وتنزع الْملك مِمَّن تشَاء وتعز من تشَاء وتذل من تشَاء بِيَدِك الْخَيْر إِنَّك على كل شَيء قدير تولج اللَّيْل فِي النَّهَار وتولج النَّهَار فِي اللَّيْل وَتخرج الْحَيّ من الْمَيِّت وَتخرج الْمَيِّت من الْحَيّ وترزق من تشَاء بِغَيْر حِسَاب رَحْمَن الدّنْيَا وَالآخِرَة ورحيمهما تُعْطِي من تشَاء مِنْهُمَا وتمنع من تشَاء ارْحَمْنِي رَحْمَة تغنيني بهَا عَن رَحْمَة من سواك وَفِي رِوَايَة قَالَ معَاذ كَانَ لرجل عَليّ بعض الْحق فخشيته فَلَبثت يَوْمَيْنِ لا أخرج ثمَّ خرجت فَجئْت رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا معَاذ مَا خَلفك قلت كَانَ لرجل عَليّ بعض الْحق فخشيته حَتَّى استحييت وكرهت أَن يلقاني قَالَ أَلا آمُرك بِكَلِمَات تقولهن لَو كانَ عَلَيْك أَمْثَال الْجبَال قَضَاهُ اللّه قلت بلَى يَا رَسُول الله قَالَ قل اللَّهُمَّ مَالك الْملك فَذكر نَحوه بِاخْتِصَار وَزَاد فِي آخِره اللَّهُمَّ أغنني من الْفقر واقض عني
الدّين وتوفني فِي عبادتك وَجِهَاد فِي سَبِيلك رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ
(1)
.
قوله: وروي عن معاذ بن جبل تقدم.
قوله صلى الله عليه وسلم: قل يا معاذ "ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثل جبل صبير دينا لأداه اللّه عنك" وصبير جبل باليمن الحديث قال الشيخ الإمام ولي الدين الملوي في كتابه الأدعية الشافية: صبر قيل هو علي فعل اسم جبل باليمن في جانبه حصي تسمى تعز مشرف على الحصن وفيه مزارع وثمار وسكان وفي الحديث من فعل كذا وكذا كان له خيرا من صبير ذهبا وهذه الكلمة وقعت في حديثي على ومعاذ أما علي فهو صير وأما معاذ صبير كذا فرق بينهما بعضهم قاله في النهاية
(2)
وكذا حرره شيخنا النواحي بخطه على نسختين بالحاشية كذلك قال: ولا يبعد أن يكون فيهما صبر واتسع في إحدى الرواتين فقال صبير والياء تنشئ عن الكسرة كما تنشأ الألف عن الفتحة والواو عن الضمة واللّه أعلم ا. هـ، وقال صاحب سلاح المؤمن
(3)
صبير بصاد مهملة ثم باء موحدة ثم ياء مثناة وهكذا وجدته في غير ما نسخة من الترمذي
(1)
أخرجه الطبرانى في الكبير (20/ 154 رقم 323) و (20/ 159 رقم 332)، ومسند الشاميين (3/ 219 - 320 رقم 2398)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 204) قال الهيثمي في المجمع 10/ 186: رواه كله الطبراني، وفي الرواية الأولى نصر بن مرزوق ولم أعرفه، وبقية رجالها ثقات، إلا أن سعيد بن المسيب لم يسمع من معاذ، وفي الرواية الثانية من لم أعرفه. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1142).
(2)
النهاية (3/ 9).
(3)
سلاح المؤمن في الدعاء والذكر (ص 486) لابن الإمام.
وقد قال الصاغاني: في العباب في صبير بالصاد والياء المثناة والصبر جبل على الساحل بين سيراف وعمان وصبره أيضا جبل بساحل عدن ا. هـ.
فائدة: قال كاتبة عفا اللّه عنه: ولقد أخبرني بعض الفقراء الصالحين اليمنين أن حص تعز مدينة كبيرة باليمن وفيه قلعة بها يكون سلطان اليمن وجبل صبرا المذكور في الحديث مطل على تعز وفيه مزارع وثمار وسكان وهو جبل كبير يسير الراكب في طوله نحو نصف يوم أو أكثر وفيه مغار يقال: أن فيه أصحاب الكهف وقد بنى على باب المغار مرار لهم والناس تزورهم الآن ويتبركون بذلك المكان ا. هـ قوله: فلبثت يومين لا أخرج الحديث لبثت بإدغام الثاء المثلثة في التاء المثناة وبالإظهار وهما قراءتان قرئي بهما في السبع أي مكثت يومين لا أخرج.
2805 -
وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت دخل عَليّ أَبُو بكر فَقَالَ سَمِعت من رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم دُعَاء علمنيه قلت مَا هُوَ قَالَ كَانَ عِيسَى ابْن مَرْيَم يعلم أَصْحَابه قَالَ لَو كانَ على أحدكم جبل ذهب دينا فَدَعَا اللّه بذلك لقضاه اللّه عَنهُ اللَّهُمَّ فارج الْهم وَكَاشف الْغم ومجيب دَعْوَة الْمُضْطَرين رَحْمَن الدُّنْيَا وَالآخِرَة ورحيمهما أَنْت ترحمني فارحمني برحمة تغنيني بهَا عَن رَحْمَة من سواك، قَالَ أَبُو بكر الصّديق رضي الله عنه: وَكَانَت عَليّ بَقِيَّة من الدّين وَكنت للدّين كَارِهًا فَكنت أَدْعُو اللّه بذلك فَأَتَانِي اللّه بفائدة فَقضى عني ديني قَالَت عَائِشَة كَانَ لأسماء بنت عُمَيْس رضي الله عنها عَليّ دِينَار وَثَلَاثة دَرَاهِم وَكَانَت تدخل عَليّ فأستحيي أَن أنظر فِي وَجههَا لا أجد مَا أقضيها فَكنت أَدْعُو بذلك الدُّعَاء فَمَا
لَبِثت إِلَا يَسِيرا حَتَّى رَزَقَنِي الله رزقا مَا هُوَ بِصَدقَة تصدق بهَا عَليّ وَلا مِيرَاث ورثته فقضاه الله عني وَقسمت فِي أَهلِي قسما حسنا وحليت ابْنة عبد الرَّحْمَن بِثَلاث أَوَاقٍ من ورق وَفضل لنا فضل حسن رَوَاهُ الْبَزَّار وَالْحَاكِم والأصبهاني كلهم عَن الحكم بن عبد الله الأيْلِي عَن الْقَاسِم عَنْهَا وَقَالَ الْحَاكم صَحِيح الإِسْنَاد قَالَ الْحَافِظ عبد الْعَظِيم كَيفَ وَالْحكم مَتْرُوك مُتَّهم وَالقَاسِم مَعَ مَا قيل فِيهِ لم يسمع من عَائِشَة
(1)
.
قوله: وعن عائشة رضي الله عنها "اللهم فارج الهم وكاشف الغم" تقدم الكلام على الهم وأما الغم فقال الجوهري
(2)
: الغم الذي يأخذها بالنفس.
قوله: قالت عائشة كان لأسماء بنت عميس على دينار وثلاثة دراهم وكانت تدخل على فأستحي أن أنظر في وجهها لأني ما أجد ما أقضيها الحديث أسماء بنت عميس
(3)
خثعيمة من بنى خثعم بن أنمار بن معد بن عدنان كانت تحت جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وهاجرت معه إلى أرض
(1)
أخرجه المروزى في مسند أبى بكر (40)، والبزار (62)، وابن عدى في الكامل (2/ 481)، والحاكم 1/ 515، والأصبهانى في الترغيب والترهيب (1281). وقال الحاكم صحيح. وقال الذهبي: الحكم ليس بثقة. قال جامعه: وكذا رأيته في نسخة شيخنا صلاح الدين العلائي وصوابه الحكم بن عبد الله الأيلي فإنه المذكور في إسناده. قال الهيثمي في المجمع 10/ 186: رواه البزار، وفيه الحكم بن عبد الله الأيلي، وهو متروك. وقال الألباني في ضعيف الترغيب (1143): موضوع.
(2)
الصحاح (1/ 211) مادة كرب. قلت فسر به معنى الكرب.
(3)
ترجمتها: الاستيعاب 4/ ترجمة 1784، وأسد الغابة: 7/ ترجمة 6713، تهذيب الأسماء واللغات: 2/ ترجمة 1141، والإصابة: 8/ ترجمة 10809.
الحبشة قتل عنها يوم مؤتة فتزوجها أبو بكر الصديق رضي الله عنه فمات عنها ثم تزوجها علي بن أبي طالب، وولدت لجعفر عبد الله ومحمدا وعونا، وولدت لأبي بكر محمدا وولدت لعلي يحي وأسماء أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأخت أم الفضل أم العباس وأم أسماء بنت عميس هذه هند بنت عون بن (زهير بن الحارث بن كنانة) وكانت رضي الله عنها أكرم الناس أصهارا فمن أصهارها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمزة والعباس وغيرهم أسلمت قديما قال ابن سعد: أسلمت قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بمكة وبايعت رضي الله عنها ومناقبها كثيرة مشهورة قولها رضي الله عنها فكنت أدعو الله بذلك الدعاء فما لبثت إلا يسيرا وتقدم الكلام عليه في الحديث قولها وفضل لنا فضل حس يقال فضل بفتح الضاد المعجمة وكسرها لغتان مشهورتان والله أعلم.
2806 -
وَعَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا أصَاب أحدا قطّ هم وَلا حزن فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي عَبدك وَابْن عَبدك وَابْن أمتك ناصيتي بِيَدِك مَاض فِي حكمك عدل قضاؤك أَسأَلك بِكُل اسْم هُوَ لَك سميت بِهِ نَفسك أَو أنزلته فِي كتابك أَو عَلمته أحدا من خلقك أَو استأثرت بِهِ فِي علم الْغَيْب عنْدك أَن تجْعَل الْقُرْآن ربيع قلبِي وَنور صَدْرِي وجلاء حزني وَذَهَاب همي إِلَّا أذهب الله عز وجل همه وأبدله مَكَان حزنه فَرحا قَالُوا يَا رَسُول الله يَنْبَغِي لنا أَن نتعلم هَؤُلاءِ الْكَلِمَات قَالَ أجل يَنْبَغِي لمن سمعهن أَن يتعلمهن رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكم كلهم عَن أبي سَلمَة الْجُهَنِيّ عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن ابْن مَسْعُود وَقَالَ الْحَاكم صَحِيح على
شَرط مُسلم إِن سلم من إرْسَال عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه قَالَ الْحَافِظ لم يسلم وَأَبُو سَلمَة الْجُهَنِيّ يَأْتِي ذكره
(1)
وروى هَذَا الحَدِيث الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أبي مُوسَى الأشْعَرِيّ بِنَحْوِهِ وَقَالَ فِي آخِره قَالَ قَائِل يَا رَسُول الله إِن المغبون لمن غبن هَؤُلاءِ الْكَلِمَات قَالَ أجل فقولوهن وعلموهن فَإِنَّهُ من قالهن وعلمهن التمَاس مَا فِيهِنَّ أذهب الله كربه وَأطَال فرحه
(2)
.
قوله: وعن ابن مسعود تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب أحد قط هم ولا حزن" تقدم الكلام على الهم
(1)
أخرجه ابن أبي شيبة في المسند (329) والمصنف 6/ 40 (29318)، وأحمد 1/ 391 (3788)، والبزار (1994)، وابن أبي الدنيا في الفرج (49)، والحارث كما في الزوائد (1057)، وأبو يعلى (5297)، والشاشي (282)، وابن حبان (972)، والطبراني في الكبير (10/ 169 رقم 10352)، وفي الدعاء (1035)، والحاكم في المستدرك 1/ 509 - 510.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم إن سلم من إرسال عبد الرحمن بن عبد الله، عن أبيه، فإنه مختلف في سماعه من أبيه، وتعقبه الذهبي: أبو سلمة لا يدرى من هو، ولا رواية له في الكتب الستة. وصححه الألباني في الصحيحة (198) وصحيح الترغيب (1822) والكلم الطيب (124).
(2)
أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (339) وابن حجر في نتائج الأفكار (4/ 97) من طريق الطبرانى، من طريق جعفر بن برقان، عن فياض الكوفي. عن عبيد الله بن زبيد، عن أبي موسى الأشعري. قال الهيثمي في المجمع 10/ 137: رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفه. وقال ابن حجر في نتائج الأفكار 4/ 98: هذا حديث غريب. أخرجه ابن السني من رواية مخلد بن يزيد الحراني، عن جعفر بن برقان - وهو بضم الموحدة وسكون الراء بعدها قاف - وشيخه مجهول، وكذا شيخ شيخه.
والحزن في الأحاديث قبله وسيأتي الكلام على ذلك مبسوطا في الأمراض والأسقام.
قوله: "ناصيتي بيدك" والناصية عبارة (مقدمة الرأس).
قوله: بيدك المراد بيد الله تعالى (كناية عن الحفظ والدفاع).
قوله: صلى الله عليه وسلم "ماض في حكمك" الحديث حكم الرب تبارك وتعالى ماض في عبده وقضاؤه عدل فيه كما في الحديث ومن لم يرض بالعدل فهو من أهل الظلم والجور والله تعالى أعلم.
قوله: "أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك" فهذا يدل على أن لله عز وجل أسماء لم ينزلها في كتابه حجبها عن خلقه.
قوله: "إن لله تسعة وتسعين اسما" دليل على أن الأسماء واأعلاها في الذكر الله فلذلك (أضيفت سائر الأسماء) إليه ا. هـ.
فائدة: في كتاب الدعاء للشيخ الإمام العلامة أبي بكر محمد بن الوليد (الفهرى) الطرطوشى
(1)
عن مطرف بن عبد الله أبي مصعب المدني أنه قال دخلت على المنصور فرأيته مغموما حزينا وقد امتنع من الكلام لفقد بعض أحبته فقال لي يا مطرف طرقني من الهم ما لا يكشفه إلا الله فهل من دعاء أدعوا به عسى يكشفه الله عني قلت يا أمير المؤمنين حدثني محمد بن ثابت عن عمرو بن ثابت البصري قال: دخلت في أذن رجل من أهل البصرة بعوضة حتى وصلت إلى صماخة فأنصبته وأسهرته ليلة ونهاره فقال رجل من
(1)
الدعاء المأثور وآدابه للطرطوشى (ص 41 - 42).
أصحاب الحسن ادع بدعاء العلاء بن الحضرمي صاحب رسول الله الذي دعابه في (المفازة وفي البحر فخلصه الله تعالى. فقال له الرجل: وما هو رحمك الله؟ فقال قال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه: بعث) العلاء بن الحضرمي إلى البحرين فسلكوا مفازة وعطشوا عطشا حتى خافوا الهلاك فنزل فصلى ركعتين يا حليم يا عليم يا علي يا عظيم اسقنا فجاءت سحابه كأنها جناح طائر فتقعق عليهم وأمطرتهم حتى ملؤا الأنية وسقوا الركاب قال: ثم انطلقنا حتى أتينا على خليج من البحر (ما) خيض قبل ذلك (اليوم) ولا خيض بعده فلم يجد سفنا فصلى ركعتين ثم قال: يا حليم يا عليم يا علي يا عظيم أجرنا ثم أخذ بعنان فرسه ثم قال: جوزوا باسم الله.
قال أبو هريرة: فمشينا على الماء فوالله ما ابتل لنا قدم ولا خف ولا حافر وكان الجيش أربعة الآف قال: فدعا الرجل بها فواللّه ما خرجنا حتى خرجت من أذنه لها طنين حتى صكت الحائط وبرا قال: فاستقبل المنصور القبلة ودعا بهذا الدعاء ساعة ثم انصرف بوجهه إلى وقال يا مطرف قد كشف الله عني ما كنت أجده من الهم ودعا بالطعام فأجلسني وأكلت معه ا. هـ.
مطرف بن عبد الله بن مطرف المدني مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكان ابن أخت مالك بن أنس توفي سنة وعشرين ومائتين وثقه بعضهم (وضعفه ابن عدى) وقال أبو حاتم: مضطرب الحديث صدوق ا. هـ قاله في حياة الحيوان
(1)
.
(1)
حياة الحيوان (1/ 188).
قوله: "استأثرت به في علم الغيب عندك" استأثرت معناه (انفردت، محمول علي أنه انفرد به بنفسه، ولا ألهم أحدًا ولا أنزل في كتاب).
قوله: "أن تجعل القرآن ربيع قلبي" جعله ربيعا لأن الإنسان يرتاح قلبه في الربيع من الأزمان ويميل إليه قاله في النهاية.
قوله: أجل ينبغي لمن سمعه أن يتعلمهن أجل معناه نعم.
قوله: عن أبي سلمة الجهني عن القاسم بن عبد الرحمن (بن عبد الله بن مسعود الهذلى أبو عبد الرحمن الكوفى، قاضيها، وكان لا يأخذ على القضاء والفتيا أجرًا، واتفقوا على توثيقه).
2807 -
وَعَن أبي بكرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ كلِمَات المكروب اللَّهُمَّ رحمتك أَرْجُو فَلَا تَكِلنِي إِلَى نَفسِي طرفَة عين وَأصْلح لي شأني كله رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَزَاد فِي آخِره لا إِلَه إِلَا أَنْت
(1)
.
قوله: وعن أبي بكرة
(2)
اسمه نفيع بن مسروح الحبشي ويقال: نفيع بن
(1)
أخرجه الطيالسى (910)، وابن أبي شيبة في المصنف 6/ (29154)، وأحمد 5/ 42 (20759)، والبخارى في الأدب المفرد بإثر (701)، وأبو داود (5090)، والنسائى في الكبرى (10412) واليوم والليلة (651)، وابن حبان (970)، والطبرانى في الدعاء (1/ 314 رقم 1032)، والبيهقى في الدعوات الكبير (1/ 268 رقم 183). وقال الهيثمي في المجمع 10/ 137: رواه الطبراني، وإسناده حسن. وحسنه الألباني في الأدب المفرد وتمام المنة (232)، وتخريج الكلم (121)، وصحيح الترغيب (1823).
(2)
ترجمته: الاستيعاب 4/ ترجمة 1530، وأسد الغابة 5/ ترجمة 5289، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ ترجمة 743، وتهذيب الكمال 30/ ترجمة 6465، والإصابة 7/ ترجمة 9638.
الحارث بن كلدة بكاف ثم لام مفتوحتين بن عمر والثقفي البصري وكان من عبيدة فأستخلفه غلبت عليه كنيته وأمه سمية أمة للحارث بن كلدة وهي أيضا أم زياد بن أمية بن الحارث وكان أبو بكرة رضي الله عنه كثيرا ما يقول أنا من إخوانكم في الدين وأنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أبى الناس ألا ينسبوني فأنا نفيع بن مسروح وذكره ابن أبي خيثمة في تاريخه في موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: خرج غلامان يوم الطائف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتقتهما أحدهما أبو بكرة فكانا مولييه ويقال: أن أبا بكرة نزل من حصن الطائف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببكرة وكان أسلم وعجز عن الخروج من الطائف إلا هكذا فكناه أبا بكرة روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة حديث واثنان وثلاثون حديتا اتفق البخاري ومسلم منها على ثمانية أحاديث وانفرد البخاري بخمسة ومسلم بحديث نزل أبو بكرة البصرة وأوطنها وكان أبو بكرة من الفضلاء الصالحين ولم يزل على كثرة العبادة حتى توفي وكانت أولاده بها أشرافا في كثرة العلم والمال والكرم والولايات وله بها عقب كثير. قال الحسن: لم يكن بالبصرة من الصحابة أفضل من عمران بن حصين وأبي بكرة وتوفي أبو بكرة بالبصرة سنة إحدى وخمسين وقيل سنة اثنتين وخمسين.
قوله: كلمات المكروب "اللهم رحمتك أرجو" والكرب الغم والهم والدنيا دار غم ودار هم كما تقدم.
2808 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من لزم الاسْتِغْفَار جعل الله لَهُ من كل ضيق مخرجا وَمن كل هم فرجا ورزقه من حَيْثُ لا
يحْتَسب رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَاللَّفْظ لَهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ كلهم من رِوَايَة الحكم بن مُصعب وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الإِسْنَاد
(1)
.
قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنهما تقدم الكلام عليه.
قوله: صلى الله عليه وسلم "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا" تقدم تفسير الهم.
قوله: من رواية الحكم بن مصعب (قال أَبُو حاتم: هو شيخ للوليد بن مسلم، لا أعلم روى عنه أحد غيره، وذكره ابنُ حِبَّان في كتاب "الثقات"، وَقَال: يخطئ).
2809 -
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَيْضا رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من قَالَ لا إِلَه إِلَا الله قبل كل شَيْء وَلا إِلَه إِلَا الله يبْقى رَبنَا ويفنى كل شَيء عوفي من الْهم والحزن رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ
(2)
.
(1)
أخرجه أحمد 1/ 248 (2270)، وابن ماجه (3819)، وأبو داود (1518)، وابن أبي الدنيا في التوبة (174) والفرج بعد الشدة (8)، والنسائي في الكبرى (10217) واليوم والليلة (456)، ومحمد بن نصر في قيام الليل (ص 42)، والطبراني في الأوسط (6/ 240 رقم 6291) والكبير (10/ 281 رقم 10665)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 211)، والحاكم 4/ 262، والبيهقي في الكبرى (3/ 460 رقم 6421) والشعب (2/ 150 رقم 636) والدعوات الكبير (1/ 236 رقم 162). وصححه الحاكم، وتعقبه الذهبي، فقال: الحكم فيه جهالة. وضعفه الألباني في الضعيفة (705) ضعيف الجامع الصغير (5829)، ضعيف ابن ماجه (834)، المشكاة (2339)، وضعيف الترغيب (1002) و (1145).
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير (10/ 290 رقم 10691) ومن طريقه الشجرى في الأمالى (1/ 38).
وقال الألباني في الضعيفة (427) و (5176) وضعيف الترغيب (1146): موضوع.
قوله: وعن ابن عباس تقدم الكلام عليه.
قوله: "من قال لا إله إلا الله قبل كل شيء" الحديث "عوفي من الهم والحزن" تقدم الكلام على الهم والحزن.
2810 -
عَن أبي هرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من قَالَ لا حول وَلا قُوَّة إِلَا بِالله كانَ دَوَاء من تِسْعَة وَتِسْعين دَاء أيسرها الْهم رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الأوْسَط وَالْحَاكِم كِلاهُمَا من رِوَايَة بشر بن رَافع أبي الأسباط وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الإِسْنَاد
(1)
.
قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه. تقدم الكلام عليه.
قوله: صلى الله عليه وسلم "من قال لا حول ولا قوة إلا بالله كان دواء من تسعة وتسعين داء أيسرها الهم" الحديث الحول الحركة والقوة الاستطاعة أي لا حركة ولا استطاعة إلا بمشيئة الله تعالى وإقداره.
قوله: رواه الطبراني والحاكم من رواية بشر بن رافع أبي الأسباط.
(1)
أخرجه إسحاق (541)، وابن أبي الدنيا في الفرج (11) ومن طريقه البيهقى في الدعوات الكبير (1/ 275 رقم 191)، والطبرانى في الأوسط (5/ 187 رقم 5028)، والحاكم 1/ 542، وأبو نعيم في الطب (231). وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي فقال: فيه بشر بن رافع وهو واه. وقال الهيثمي في المجمع 10/ 98: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه بشر بن رافع الحارثي، وهو ضعيف وقد وثق، وبقية رجاله رجال الصحيح إلا أن النسخة من الطبراني الأوسط سقط منها عجلان والد محمد الذي بينه وبين أبي هريرة، والله أعلم.
وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (970) وضعيف الجامع (6286).
2811 -
وَعَن أَسمَاء بنت عُمَيْس رضي الله عنها قَالَت قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَلا أعلمك كَلِمَات تقوليهن عِنْد الكرب أَو فِي الكرب الله رَبِّي لا أشرك بِهِ شَيْئا، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَاللَّفْظ لَهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الدُّعَاء وَعِنْده فَلْيقل الله رَبِّي لا أشرك بهِ شَيْئا ثَلَاث مَرَّات وَزَاد وَكَانَ ذَلِك آخر كَلام عمر بن عبد الْعَزِيز عِنْد الْمَوْت
(1)
.
قوله: وعن أسماء بنت عميس رضي الله عنها تقدم الكلام عليها.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا أعلمك كلمات تقوليهن عند الكرب أو في الكرب الله ربي لا أشرك به شيئا" الكرب هو الغم أو الهم أو السوء.
قال الجوهري
(2)
: الكرب الغم الذي يأخذ بالنفس وكربه الغم إذا اشتد عليه.
قوله: "وكان ذلك آخر كلام عمر بن عبد العزيز عند الموت".
هو أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان
(3)
وهو أشج بني أمية وأمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب بويع له بدابق في شهر صفر سنة تسع وتسعين وله ست وثلاثون سنة وكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر وأربعة
(1)
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 6/ 20 (29156)، وإسحاق (2135)، وأحمد 6/ 369 (27724)، وابن ماجه (3882)، وأبو داود (1525)، والنسائي في الكبرى (10408) و (10410) واليوم والليلة (650)، والطبر انى في الدعاء (ص 312 و 313 و رقم 1025 و 1027 و 1028) والأوسط (6/ 177 رقم 6119) والكبير 24/ 135 (363). وقال ابن حجر في نتاج الأفكار 4/ 90: هذا حديث حسن. وقال الألباني: حسن أو صحيح الصحيحة (2755) وصححه في صحيح الترغيب (1824).
(2)
الصحاح (1/ 211) مادة كرب.
(3)
سيرة عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم، سيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي، تهذيب الكمال 1017، سيرة عمر بن عبد العزيز للآجري، كنز الدرر (4/ 342 - 344).
عشر يوما ولي الأمر بعهد من سليمان بن عبد الملك له وذلك لما توفي سليمان وصاح عليه النساء عليه تحير الناس فخرج إليهم رجاء بن حيوة ومعه ابن معبد فقال رجاء: إن سليمان قد مات (وقد أعلمتكم في حياته أنه) قد عهد عهدا وها هو ففض فإذا بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله سليمان أمير المؤمنين إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على محمد صلى الله عليه وسلم وقد استخلف عليكم عمر بن عبد العزيز ويزيد بن عبد الملك من بعده فاسمعوا لهما وأطيعوا والسلام توفي بدير عبد العزيز سمعان من أرض حمص لست بقين من رجب سنة إحدى ومائة وله تسع وثلاثون سنة وستة أشهر وصلى عليه يزيد بن عبد الملك وكان أسمر نحيفا حسن الوجه غائر العينين حسن اللحية بجبهته أثر شجة من دابة فلذلك قيل أشج بني أمية وقد وخطه الشيب ا. هـ قاله في تاريخ كنز الدرر والله أعلم
(1)
.
2812 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كانَ يَقُول عِنْد الكرب لا إِلَه إِلَا الله الْحَلِيم الْعَظِيم لا إِلَه إِلَا الله رب الْعَرْش الْعَظِيم لا إِلَه إِلَا الله رب السَّمَوَات وَالأرْض وَرب الْعَرْش الْكَرِيم رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتّرْمِذِيّ إِلَّا أَنه قَالَ فِي الأولى لا إِلَه إِلَا الله الْعلي الْحَلِيم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه إِلَّا أَنه قَالَ لا إِلَه إِلَا الله الْحَلِيم الْكَرِيم سُبْحَانَ الله رب الْعَرْش الْعَظِيم سُبْحَانَ الله رب السَّمَوَات السَّبع وَرب الْعَرْش الْكَرِيم
(2)
.
(1)
كنز الدرر (4/ 342 - 344) للداودارى.
(2)
أخرجه البخاري (6346) و (7426) و (7431)، ومسلم (83 - 2730)، والترمذى (3435)، وابن ماجه (3883)، والنسائى في الكبرى (10413) واليوم والليلة (652). =
قوله: عن ابن عباس رضي الله عنهما تقدم الكلام عليه.
قوله: صلى الله عليه وسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند الكرب، الكرب على زمة الضرب هو الغم الذي يأخذ النفس كما تقدم تفسيره عن الجوهري.
قوله: "لا إله إلا الله الحليم" وفي رواية أخرى الكريم، الحليم الذي لا يستفزه غضب ولا يحمله غيظ على استعجال العقوبة والمسارعة في الانتقام وحط العبد منه أن يتخلي به ويحمل نفسه على كظم الغيظ والله أعلم.
قوله: "العظيم" العظيم الذي (لا يمكن الامتناع عليه بالإطلاق، والله جل ثناؤه قادر لا يعجزه شيء، ولا يمكن أن يعصى كرها، أو يخالف أمره قهرا، فهو العظيم إذا حقا وصدقا) والكريم اختلفوا في معنى الكريم على أقوال أحسنها ما قاله الإمام الغزالي في المقصد الأسنى
(1)
: أن الكريم هو الذي إذا قدر عفى وإذا وعد وفى وإذا أعطى زاد على منتهى الرجاء ولا بيالي كم أعطى ولا لمن أعطى وإذا رفعت حاجتك إلى غيره لا يرضى وإذا خاف عاتب واستقضى ولا يضيع من ذبة والتجا ويغنيه عن الوسائل والشفعاء فمن اجتمع له ذلك لا بالتكليف فهو الكريم المطلق وقال أبو جعفر: الكريم الصفوح عن الذنوب وقيل: المرتفع يقال: فلان أركم قومه أي أرفعهم منزلة وأعظمهم قدرا.
= وقال الألباني: صحيح، الروض النضير (679)، وصحيح الترغيب (1825)، والصحيحة (2045).
(1)
المقصد الأسنى (ص 117).
قوله: "العليم"(معناه المدرك لما يدركه المخلوقين بعقولهم وحواسهم وما لا يستطيعون إدراكه من غير أن يكون موصوفا بعقل أو حس. وذلك راجع إلى أنه لا يغرب عنه شيء ولا يعجزه إدراك شيء كما يعجز "عن ذلك" من لا عقل له ولا حسن، من المخلوقين) وهو حديث جليل ينبغي الاعتناء به والإكثار منه عند الكرب والأمور العظيمة قال الطبري: كان السلف رضي الله عنهم يدعون به ويسمونه دعاء الكرب فإن قيل هذا ذكر وليس فيه دعاء قلنا قال بعضهم: هذا ذكر يستفتح به الدعاء ثم يدعوا بما شاء وقد يجاب بما أجاب به سفيان بن عيينة حيث قال: أما علمت قوله: "من شغله ذكري من مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين" وقال الشاعر:
إذا أثنى عليك المرء يوما
…
كفاه من تعرضه الثناء
ذكره النووي في أذكاره
(1)
.
2813 -
وَعَن سعد بن أبي وَقاص رضي الله عنه: قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دَعْوَة ذِي النُّون إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بطن الْحُوت {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}
(2)
فَإِنَّهُ لم يدع رجل مُسلم فِي شَيْء قطّ إِلَا اسْتَجَابَ الله لَهُ رَوَاهُ التّرْمِذِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الإِسْنَاد وَزَاد الْحَاكِم فِي رِوَايَة لَهُ فَقَالَ رجل يَا رَسُول الله هَل كَانَت ليونس خَاصَّة أم للْمُؤْمِنين عَامَّة
(1)
شرح النووي على مسلم (17/ 47 - 48) ولم أجده في الأذكار.
(2)
سورة الأنبياء، الآية:87.
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَلا تسمع إِلَى قَول الله عز وجل: {وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}
(1)
(2)
.
قوله: وعن سعد بن أبي وقاص تقدم.
قوله: صلى الله عليه وسلم "دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} فإنه لم يدع رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له "الحديث وذو النون يونس بن متى عليه السلام ومتى بفتح الميم وتشديد الفوقانية وبالألف اسم لأبيه وقال في جامع الأصول: قيل هو اسم أمه وهو ذو النون أرسله الله إلى أهل الموصل وذهب قوم إلى أن نبوته كانت بعد خروجه من بطن الحوت قاله الكرماني
(3)
.
تنبيه: قال الإمام أبو عبد الله القرطبي
(4)
: وفي خبر هذه الآية شرط الله لمن دعاه أن يجبه كم أجابه وينجيه كما أنجاه وهو قوله: تعالى: {وَكَذَلِكَ نُنْجِي
(1)
سورة الأنبياء، الآية:88.
(2)
أخرجه أحمد 1/ 170 (1480)، والترمذى (3505)، وابن أبي الدنيا في الفرج (33)، والبزار (1163) و (4/ 14)، والنسائي في اليوم والليلة (656) والكبرى (10416) و (10417)، وأبو يعلى (707) و (772)، والخرائطى في مكارم الأخلاق (1048)، والطبراني في الدعاء (ص 56 رقم 124)، والحاكم 5/ 501 و 2/ 382 - 383 و 2/ 584، والبيهقى في الشعب (2/ 134 - 135 رقم 611) و (12/ 459 رقم 9744). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1644) و (1826).
(3)
الكواكب الدرارى (14/ 47).
(4)
الجامع لأحكام القرآن (11/ 334) و (15/ 123).
الْمُؤْمِنِينَ}
(1)
وليس هنا دعاء صريح وإنما هو مضمون قوله: {إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}
(2)
فأعترف بالظلم فكان تلويحا بالدعاء والله أعلم ا. هـ وروى الترمذي عن سعد بن أبي وقاص المجاب الدعوة رض الله تعالى عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول "إني لأعلم كلمة ما قالها مكروب إلا فرج الله كربه ولا دعاء بها عبد مسلم إلا استجيب له دعوة أخي يونس {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} وروى البزار بإسناد جيد عن أبي هريرة
(3)
رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لما أراد الله سبحانه وتعالى حبس يونس في بطن الحوت عليه السلام أوحى الله تعالى إلى الحوت ألا تخدش له لحما ولا تكسر له عظما فأخذه تم أهوى به مالي سكنه في البحر فلما انتهى إلى أسفل البحر سمع يونس جشا فقال: في نفسه ما هذا فأوحى الله تبارك وتعالى إليه وهو في بطن الحوت أن هذا تسبيه دواب الأرض فسبح هو في بطن الحوت فسمعت الملائكة تسبحه فقالوا يا ربنا إنا نسمع صوتا ضعيفا بأرض غربة فقال: تبارك تعالى ذاك عبدي يونس حبسته في بطن الحوت في البحر فقالوا العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم وليلة عمل
(1)
سورة الأنبياء، الآية:88.
(2)
سورة الأنبياء، الآية:87.
(3)
أخرجه البزار (8227)، والطبرى في التفسير (16/ 384 - 385). وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد.
وقال الهيثمي 7/ 98: رواه البزار عن بعض أصحابه ولم يسمه وفيه ابن إسحاق وهو مدلس وبقية رجاله رجال الصحيح.
صالح قال: نعم فاستغفروا له عند ذلك فأمر الحوت فقدمه في الساحل كما قال: الله سبحانه وتعالى: {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145)}
(1)
الحديث.
تنبيه: وكان يوذس بن متى عليه السلام في بطن الحوت في غاية الهوى والانخفاض وجمعت الظلمات لشدة تكأفها ظلمه بكن الحوت وظلمة الليل وظلمة البحر وقيل وظلمة حوت التقم الحوت الأول فسار به أربعين يوما مسيرة أربعة الآف سنة حتى طاف به السبعة الأبحر والدجلة والفرات ونيل مصر إلى أن انتهى به إلى اللجة الخضراء فلم يكن أحدهما أقرب من صاحبه بالمسافة وروى أن الحوت مشى به البحار كلها حتى لقاه في نصيبين من ناحية الموصل فنبذه الله في العراء وهي الأرض الفيحاء التي لا شجر فيها ولا معلم وهو سقيم كالطفل المنعوس بضعة لحم إلا أنه لم ينقص من خلقه شيء فأنعشه الله في ظل اليقطينة وقيل بل كان يتغذى من اليقطينة ويجد منها ألوان الطعام وألوان شهواته وروى أنه كان يوما نائما تحت شجرة من يقطين فأيبس الله تعالى تلك اليقطينة وقيل أرسل الله تعالى عليها الأرضة فأكلت عروقها فانتبه يونس فوجد حر الشمس فعز عليه شأنها وجزع فأوحى الله تعالى إليه يا يوذس جزعت ليبس يقطينة ولم تجزع لهلاك مائة ألف أو يزيدون تابوا فتبت عليهم ا. هـ، وفي تفسير ابن أبي حاتم عن أبي هريرة أنه قال طرح يونس بن متى صلى الله عليه وسلم بالعراء وأنبت الله عليه اليقطينة وهيأ له أروية وحشية ترعى من البرية وتأتيه فتفسح عليه فترويه من لبنها كل عشية وبكرة حتى نبت
(1)
سورة الصافات، الآية:145.
لحمه وقال: به ونعمته عليه وإحسانه إليه، الأروية بضم الهمزة وكسر الواو وتشديد الياء الأنثى من الوعول وقيل الآروى غنم الجبل والأروى وتسكن شغف الجبال ا. هـ قاله في الكمال في كتابه
(1)
.
لطيفة: ويقال: ثمانية حيتان من العجائب حوت موسى عليه السلام تحت الأرضين والحوت الذي وقع سفينة نوح عليه السلام والحوت الذي نزل على مائدة عيسى عليه السلام وحوت داود عليه السلام وحوت يونس عليه السلام ا. هـ.
فائدة واختلف العلماء في مدة مكثه في بطن الحوت فقيل سبع ساعات وقيل ثلاثة أيام وقيل سبعة أيام وقيل أربعة عشر يوما وقال السهيلي: أقام في بطنه أربعين يوما يتردد به في ماء الدجلة وقال بعضهم: وإنما حبس بونس أربعين يوما في بطن الحوت فلأن قومه تضرعوا أربعين يوما فبعد أربعين رفع الله عنهم العذاب ويقال: لأنه كان بين قومه أربعين ولم يحمل إذا هم فحبسه أربعين يوما.
لطيفة: ونقل أحمد الإمام أحمد في كتاب الزهد رجلان قال للشعبي مكث يونس في بطن الحوت أربعين يوما فقال: الشعبي ما مكث غلآ أقل من يوم القمه ضحى فلما كان بعد العصر وقربت الشمس الغروب تثاوب الحوت فرأ يونس عليه السلام ضوء الشمس فقال: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} قال: فنبذه وصار كأنه فرخ فقال الرجل للشعبي أتنكر قدرة الله عز
(1)
حياة الحيوان الكبرى (1/ 41).
وجل ولو أراد الله تبارك وتعالى أن يجعل في بطنها سوقا لفعل ا. هـ.
فائدة: فإن قيل لم أنبت عليه شجرة اليقطين دون غيره قيل لأن فيه شفاء للمعلولين وأيضا فإنه لا يقع عليه الذباب وظلها أبرد الظل وأيضا هي الطف الأشجار وأسرعها نباتا فأنبت ذلك عليه وقيل بل كان يتغذى من اليقطينة ويجد فيها ألوان الطعام وأنواع شهواته ولأن اليقطين لا يقربه الذباب أيضا فأقام تحتها إلى أن صح جسده لأن ورق الفرع أنفع شيء لم ينسلخ جلده كيونس عليه السلام.
تنبيه: يونس يجوز فيه ضم النون وفتحها وكسرها.
41 -
وَعَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَلا أعلمك الْكَلِمَات الَّتِي تكلم بهَا مُوسَى عليه السلام حِين جَاوز الْبَحْر ببني إِسْرَائِيل فَقُلْنَا بلَى يَا رَسُول الله قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ لَك الْحَمد وَإِلَيْك المشتكى وَأَنت الْمُسْتَعَان وَلا حول وَلا قُوَّة إِلَا بِالله الْعلي الْعَظِيم قَالَ عبد الله فَمَا تركتهن مُنْذُ سَمِعتهنَّ من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير بِإِسْنَاد جيد
(1)
.
قوله: وعن ابن مسعود إسلامه كان قبل عمر كان سادسا في الإسلام ثم ضمه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان من خواصه وصاحب سره فيدخل لا يحجب وقال:
(1)
أخرجه الخرائطى في فضيلة الشكر (11)، والطبرانى في الأوسط (3/ 356 رقم 3394) والصغير (1/ 211 رقم 339)، والبيهقى في الدعوات الكبير (1/ 354 رقم 264).
قال الهيثمي في المجمع 10/ 183: رواه الطبراني في الأوسط والصغير، وفيه من لم أعرفهم. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1150).
فيه "إن الله يرضى كل ما رضيه ابن أم عبد الله" قال البيهقي في المدخل
(1)
: وهذا في قضية خاصة وذلك أنه تكلم بحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: رضيت لكم الله ربا والإسلام دينا ومحمد صلى الله عليه وسلم رسول فحينئذ قال: ذلك أيضا فإنه قال: رضي بلفظ الماضي وقال: عليه السلام كنيف مليء علما وإنما سماه كنيفا لأن قامته كانت بطول الجالين وكان في ساقيه دقة وخموشة وصعد يوما نخلة فضحك القوم من دقة ساقيه فقال: عليه الصلاة السلام لرجله في الميزان أثقل من أحد وشهد له بالجنة وكان من قراء الختمة بكمالها وقال صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أنزل فليقرأ على قراءة ابن أم عبد الله" ولي قضاء الكوفة وبيت مالها لعمر وعثمان ثم صار إلى المدينة فمات بها سنة اثنتين وثلاثين ودفن بالبقيع وله بضع وستون سنة ا. هـ وتقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا أعلمك الكلمات التي تكلم بها موسى عليه السلام حين جاوز البحر ببني إسرائيل" تقدم الكلام علي بنى إسرائيل وتقدم الكلام علي بني إسرائيل وتقدم الكلام أيضا على قوله "لا حول ولا قوة إلا بالله".
2814 -
وَعَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه: عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذا نَادَى الْمُنَادَي فتحت لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء واستجيب الدُّعَاء فَمن نزل بِهِ كرب أَو شدَّة فليتحين الْمُنَادِي فَإِذا كبر كبر وَإِذا تشهد تشهد وَإِذا قَالَ حَيّ على الصَّلاة قَالَ حَيّ على الصَّلاة وَإِذا قَالَ حَيّ على الْفَلاح قَالَ حَيّ على الْفَلاح ثمَّ يَقُول اللَّهُمَّ رب هَذه الدعْوَة
(1)
المدخل إلى السنن الكبرى (ص 138 - 140).
التَّامَّة الصادقة المستجابة المستجاب لَهَا دَعْوَة الْحق وَكلمَة التَّقْوَى أحينا عَلَيْهَا وأمتنا عَلَيْهَا وابعثنا عَلَيْهَا واجعلنا من خِيَار أَهلهَا أَحيَاء وأمواتا ثمَّ يسْأَل الله حَاجته رَوَاهُ الْحَاكِم من رِوَايَة عفير بن معدان وَهُوَ واه وَقَالَ صَحِيح الإِسْنَاد
(1)
.
قوله: وعن أبي أمامة تقدم الكلام عليه.
قوله: "إذا نادى المنادي فتحت له أبواب السماء واستجيب الدعاء فمن نزل به كرب أو شدة" تقدم الكلام على الكرب وتقدم الكلام أيضا على قوله: "فليتحين المنادي" أي: ينتظر بدعوته إذا أذن المؤذن في الأذان وتقدم الكلام على قوله: "حي على الصلاة" وإذا قال حي على الفلاح" وعلى الإجابة في الأذان.
قوله: رواه الحاكم من رواية عفير بن معدان.
2815 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا كربني أَمر إِلَا تمثل لي جِبْرِيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد قل توكلت على الْحَيّ الَّذِي لا يَمُوت وَالْحَمْد لله الَّذِي لم يتَّخذ ولدا وَلم يكن لَهُ شريك فِي الْملك وَلم يكن لَهُ ولي من الذل
(1)
أخرجه أبو يعلى كما في إتحاف الخيرة (1/ 486) والمطالب العالية (1/ 242) وعنه ابن السني في اليوم والليلة (98)، والطبراني في الدعاء (ص 159 رقم 458)، والحاكم 1/ 547 - 546، وأبو نعيم في الحلية (10/ 212). وقال الحاكم: صحيح الإسناد. وتعقبه الذهبي فقال: فيه عفير بن معدان وهو واه جدا. وقال الألباني في ضعيف الترغيب (177) و (1151): ضعيف جدا.
وَكبره تَكْبِيرا. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الإِسْنَاد
(1)
.
وروى الْأَصْبَهَانِيّ عَن إِبْرَاهِيم يَعْنِي ابْن الأشْعَث قَالَ سَمِعت الفضيل يَقُول إِن رجلا على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أسره الْعَدو فَأَرَادَ أَبوهُ أَن يفْدِيه فَأبَوا عَلَيْهِ إِلَا بِشَيْء كثير لم يطقه فَشَكا ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ اكتُبْ إِلَيْهِ فليكثر من قَوْله توكلت على الْحَيّ الَّذِي لا يَمُوت وَالْحَمْد لله الَّذِي لم يتَّخذ ولدا إِلَى آخرهَا قَالَ فَكتب بهَا الرجل إِلَى ابْنه فَجعل يَقُولهَا فَغَفَلَ الْعَدو عَنهُ فاستاق أَرْبَعِينَ بَعِيرًا فَقدم وَقدم بهَا إِلَى أَبِيه قَالَ الْحَافِظ وَهَذَا معضل وَتقدم فِي بَاب لا حول وَلا قُوَّة إِلَا بِالله الْعلي الْعَظِيم
(2)
.
قوله: عن أبي هريرة رضي الله عنه: تقدم الكلام عليه.
قوله: صلى الله عليه وسلم "ما كربني أمر إلا تمثل لي جبريل فقال يا محمد قل توكلت على الحي الذي لا يموت والحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا".
(1)
أخرجه أبو يعلى (6671) عنه ابن السنى في اليوم والليلة (546)، والطبرانى في الدعاء (ص 318 رقم 1045)، والحاكم 1/ 509، والبيهقى في الدعوات الكبير (1/ 270 رقم 185). قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. قال الهيثمي في المجمع 10/ 258: رواه أبو يعلى، وفيه موسى بن عبيدة الربذي، وهو ضعيف، وفيه توثيق لين، ولكن حرب بن ميمون، وبقية رجاله ثقات. وقال البوصيرى في إتحاف الخيرة 7/ 448: رواه أبو يعلى الموصلي بسند ضعيف لضعف موسى بن عبيدة. وضعفه الألباني في الضعيفة (6317) وضعيف الترغيب (1152).
(2)
أخرجه الأصبهانى في الترغيب والترهيب (1319). وقال الألباني في ضعيف الترغيب (1153): معضل.
قوله: وروى الأصبهاني عن إبراهيم يعني ابن الأشعث قال سمعت الفضيل يقول إن رجلا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسره العدو فأراد أبوه أن يفديه فأبوا عليه إلا بشيء كثير لم يطقه فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اكتب إليه فليكثر من قوله توكلت على الحي الذي لا يموت والحمد لله الذي لم يتخذ ولدا إلى آخرها قال فكتب بها الرجل إلى ابنه فجعل يقولها فغفل العدو عنه فاستاق أربعين بعيرا فقدم وقدم بها إلى أبيه.
قوله: قال الحافظ: وهذا معضل وتقدم في باب لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
2816 -
وَعَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق رضي الله عنه. قَالَ جَاءَ مَالك الأشْجَعِيّ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أسر ابْن عَوْف فَقَالَ لَهُ أرسل إِلَيْهِ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَأْمُرك أَن تكْثر من قَول لا حول وَلا قُوَّة إِلَا بِالله فَذكر الحَدِيث
(1)
.
(1)
أخرجه ابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير (8/ 170) والدر المنثور (8/ 197). وقال الألباني في ضعيف الترغيب (972) و (1153): ضعيف. وأخرجه الطبرانى في الدعاء (ث 477 رقم 1672) من طريق مندل بن علي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس. وهذا إسناد واه جدا الكلبي متهم بالكذب ومندل بن علي ضعيف.