المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الترغيب في النفقة على الزوجة والعيال والترهيب من إضاعتهم وما جاء في النفقة على البنات وتأديبهن - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ٨

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌التَّرْغِيب فِي الاقتصاد فِي طلب الرزق والإجمال فِيهِ وَمَا جَاءَ فِي ذلّ الْحِرْص وَحب المَال

- ‌[التَّرْغِيب فِي طلب الْحَلَال وَالْأكل مِنْهُ والتَّرهيب ما اكْتِسَاب الْحَرَام وَأكله ولبسه وَنَحْو ذَلِك]

- ‌[الترغيب في الورع وترك الشبهات وما يحوك في الصدور]

- ‌[الترغيب في السماحة في البيع والشراء وحسن التقاضي والقضاء]

- ‌[الترغيب في إقالة النادم]

- ‌[الترهيب من بخس الكيل والوزن]

- ‌[الترهيب من الغش والترغيب في النصيحة في البيع وغيره]

- ‌[الترهيب من الاحتكار]

- ‌[ترغيب التجار في الصدق وترهيبهم من الكذب ومن الحلف وإن كانوا صادقين]

- ‌[الترهيب من خيانة أحد الشريكين الآخرة]

- ‌[الترهيب من التفريق بين الوالدة وولدها بالبيع ونحوه]

- ‌[الترهيب من الدين وترغيب المستدين والمتزوج أن ينوبا الوفاء والمبادرة إلى قضاء دين الميت]

- ‌[الترهيب من مطل الغني والترغيب في إرضاء صاحب الدين]

- ‌[الترغيب في كلمات يقولهن المديون والمهموم والمكروب والمأسور]

- ‌[الترهيب من اليمين الكاذبة الغموس]

- ‌[الترهيب من الربا]

- ‌[الترهيب من غصب الأرض وغيرها]

- ‌[الترهيب من البناء فوق الحاجة تفاخرا وتكاثرا]

- ‌[الترهيب من منع الأجير أجره والأمر بتعجيل إعطائه]

- ‌[ترغيب المملوك وأداء حق اللّه تعالى وحق مواليه]

- ‌[ترهيب العبد من الإباق من سيده]

- ‌[الترغيب في العتق والترهيب من اعتباد الحر أو بيعه]

- ‌(فصل)

- ‌كتاب النكاح

- ‌الترغيب في غض البصر والترهيب من إطلاقه ومن الخلوة

- ‌[الترغيب في النكاح سيما بذات الدين الولود]

- ‌فصل

- ‌فصل يذكر فيه خلق آدم وتزويجه بحواء وخروجهما من الجنة وتوبة اللّه عليهما وغير ذلك مما يتعلق بالحديث

- ‌فصل في تزويج آدم بحواء عليها السلام

- ‌فصل في خروج آدم وحواء من الجنة وبكائها وتوبة اللّه عليهما

- ‌[الترهيب من ترجيح إحدى الزوجات وترك العدل بينهم]

- ‌[الترغيب في النفقة على الزوجة والعيال والترهيب من إضاعتهم وما جاء في النفقة على البنات وتأديبهن

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌[الترغيب في الأسماء الحسنة وما جاء في النهي عن الأسماء القبيحة وتغييرها]

- ‌[فصل]

الفصل: ‌[الترغيب في النفقة على الزوجة والعيال والترهيب من إضاعتهم وما جاء في النفقة على البنات وتأديبهن

‌[الترغيب في النفقة على الزوجة والعيال والترهيب من إضاعتهم وما جاء في النفقة على البنات وتأديبهن

قال الحافظ: وقد تقدم في كتاب الصدقة باب في الترغيب في الصدقة على الزوج والأقارب وتقديمهم على غيرهم].

2997 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم دينَار أنفقته فِي سَبِيل اللّه ودينار أنفقته فِي رَقَبَة ودينار تَصَدَّقت بِهِ على مِسْكينَ ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجرا الَّذِي أنفقته على أهلك رَوَاهُ مُسلم

(1)

.

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه: تقدم الكلام عليه رضي الله عنه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "دينار أنفقته في سبيل اللّه ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك" الحديث إنما قضى بتفضيل الدينار المنفق على الأهل على غيره مما أنفق في سبيل اللّه عز وجل لأن النفقة على الأهل واجبة وجوبا متعينا بخلاف الإنفاق في سبيل اللّه عز وجل فقد لا يتعين وأيضًا فإن النفقة على الأهل مصلحة محققة بخلاف النفقة في سبيل اللّه عز وجل فقد تكون المصلحة المترتبة عليها غير محققة إذ من المحتمل أن ينفق في سبيل اللّه وينكسر المسلمين فلا

(1)

أخرجه أحمد 2/ 476 (10315)، والبخارى في الأدب المفرد (751)، ومسلم (39 - 996)، والطبرانى في الأوسط (9/ 39 رقم 9079)، والبيهقى في الكبرى (7/ 770 رقم 15697)، والبغوى في شرح السنة (1678).

ص: 697

تتحقق المصلحة وأيضًا فإن النفقة على العيال في حكم الديون وقضاء الدين متعين على أن النفقة على العيال وإن كانت واجبة إذا احتسبها كانت صدقة فالاحتساب طلب الثواب من اللّه تعالى يعني إذا أنفق الرجل على عياله للّه ويطلب منه الثواب يحصل له الثواب والمعنى باحتسابها أن يقصد بالإنفاق على أهله أداء ما أوجبه الشرع عليه فيكون في هذا التقدير تحصيلا لأجر الصدقة ثبت عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "وإن نفقة الرجل على أهله يحتسبها صدقة"

(1)

فالاحتساب طلب الثواب من الله تعالى: يعني إذا انفق الرجل على عياله وطلب منه الثواب يحصل له الثواب وثبت عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كفي بالمرء إثما أن يضيع من يعول"

(2)

.

2998 -

وَعَن ثَوْبَان رضي الله عنه: مولى رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم أفضل دِينَار يُنْفِقهُ الرجل دِينَار يُنْفِقهُ على عِيَاله ودينار يُنْفِقهُ على فرسه فِي سَبِيل اللّه ودينار يُنْفِقهُ على أَصْحَابه فِي سَبِيل اللّه قَالَ أَبُو قلابَة بَدَأَ بالعيال ثمَّ قَالَ أَبُو قلابَة أَي رجل أعظم أجرا من رجل ينْفق على عِيَال صغَار يعفهم اللّه بِهِ أَو يَنْفَعهُمْ اللّه بِهِ ويغنيهم رَوَاه مسلم وَالتِّرْمِذِيّ

(3)

.

(1)

أخرجه البخاري (55) و (4006) و (5351)، ومسلم (48 - 1002)، والترمذى (1965)، والنسائي في المجتبى 4/ 548 (2564) عن أبي مسعود.

(2)

أخرجه مسلم (40 - 996)، وأبو داود (1692)، والنسائي في الكبرى (9132) و (9133) واللفظ للنسائي. عن عبد اللّه بن عمرو.

(3)

أخرجه مسلم (38 - 994)، وابن ماجة (2760)، والترمذى (1966)، والنسائي في الكبرى (9138). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

ص: 698

قوله: وعن ثوبان رضي الله عنه كنيته: أبو عبد اللّه القرشي الهاشمي مولى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله" الحديث وإنما قدم ذكر العيال لوجوب نفقتهم ثم ذكر نفقة الدابة لأنها بمنزلة المملوك وخصها في سبيل اللّه عز وجل لأن خير الدواب ما اتخذ لذلك والنفقة على الأصحاب من باب التبرع يعني الإنفاق على هؤلاء الثلاثة خير من الإنفاق على غيرهم.

قوله: قال أبو قلابة بدأ بالعيال ثم قال أبو قلابة أي رجل أعظم أجرا من رجل ينفق على عيال صغار يعفهم اللّه به أو ينفعهم اللّه به ويغنيهم قال أبو قلابة: هذا هو الجرمى عبد اللّه بن زيد مات سنة ست أو سبع ومائة وقال أبو عبيد وخليفة وجماعة سنة أربع ومائة قاله الذهبي

(1)

.

2999 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم عرض عَليّ أول ثَلَاثَة يدْخلُونَ الْجنَّة وَأول ثَلَاثَة يدْخلُونَ النَّار فَأَما أول ثَلَاثَة يدْخلُونَ الْجنَّة فالشهيد وَعبد مَمْلُوك أحسن عبَادَة ربه ونصح لسَيِّده وعفيف متعفف ذُو عِيَال وَأما أول ثَلَاثَة يدْخلُونَ النَّار فأمير مسلط وَذُو أثر من مَال لا يُؤَدِّي حق اللّه فِي مَاله وفقير فخور رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان بِنَحْوِهِ

(2)

.

(1)

تذهيب تهذيب الكمال (5/ 156 ترجمة 3330).

(2)

أخرجه ابن المبارك في الجهاد (46)، وأحمد 2/ 425 (9623)، والترمذى (1642)، وابن خزيمة (2249)، وابن حبان (4312) و (7248) والحاكم 1/ 387، وأبو نعيم في =

ص: 699

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم.

قوله: صلى الله عليه وسلم "عرض علي أول ثلاثة يدخلون الجنة" تقدم الكلام على الثلاثة، "وأما الثلاثة الذين يدخلون النار فأمير مسلط" أي ظالم "وذو أثر من مال لا يؤدي حق اللّه في ماله" وذو بمعنى صاحب المراد بذلك الذي لا يؤدي زكاة ماله المفروضة "وفقير فخور" الفخور المراد به المعجب المتكبر.

3000 -

وَعَن سعد بن أبي وَقاص رضي الله عنه أَن رَسُول اللّه قَالَ لَهُ وَأنك لن تنْفق نَفَقَة تبتغي بهَا وَجه اللّه إِلَّا أجرت عَلَيْهَا حَتَّى مَا تجْعَل فِي فِي امْرَأَتك رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي حَدِيث طَوِيل

(1)

.

قوله: وعن سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه تقدم الكلام على مناقبه.

قوله: أن رسول اللّه قال له "وإنك لن تنفق نفقة" عام في القليل والكثير لأنها نكرة في سياق النفى والكاف في إنك للخطاب العام.

قوله: "تبتغي بها وجه اللّه" أي تطلب بها وجه اللّه والوجه الجهة بمعنى ويقال هذا وجه الرأي أي هو الرأي نفسه والحديث من المتشابهات.

قوله: "إلا أجرت عليها" أجرت بضم الهمزة وفي بعض النسخ "بها" بدل عليها.

= صفة الجنة (80). قال الترمذي: هذا حديث حسن. وقال الألباني: ضعيف ضعيف الجامع (3702)، المشكاة (3832)، ضعيف الترغيب (464) و (495) و (1185) و (1221).

(1)

أخرجه البخاري (56) و (1295) و (2742) و (2744) و (3936) و (4409) و (5354) و (5659) و (5668) و (6733)، ومسلم (5 و 8 - 1628).

ص: 700

قوله: "حتى ما تجعل في في امرأتك" الحديث وروى في فم امرأتك وفيه ست لغات فم وفم فم بالتشديد وهل المراد الوضع في فم المرأة على ظاهره أو يعم كلّ ما يمكن منه وتأكله وتلبسه الظاهر الأول وفائدتها أن المبالغة وهو دال على قلب العادة عبادة بالنية والمباح قربة وناهيك بهذا الإكسير ا. هـ ذكره في حدائق الأولياء

(1)

وفي هذا الحديث استحباب الإنفاق على العيال يثاب عليه إذا قصد بذلك وجه اللّه تعالى وفيه المباح إذا قصد به وجه اللّه تعالى صار طاعة ويثاب عليه وقد نبه صلى الله عليه وسلم على هذا بقوله صلى الله عليه وسلم "حتى اللقمة تضعها في في امرأتك" لأن زوجة الإنسان هي أخص حظوظه الدنيوية وشهواته وملاذه المباحة إذا وضع اللقمة في فيها فإنما يكون ذلك في العادة عند الملاعبة والملاطفة والتلذذ بالمباح فهذه الحالة أبعد الأشياء عن الطاعة وأمور الآخرة مع هذا فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه إذا قصد بهذا اللقمة وجه اللّه تعالى حصل له الأجر بذلك فغير هذه الحالة أولى بحصول الأجر إذا أراد وجه اللّه تعالى ويتضمن ذلك أن الإنسان إذا فعل شيئًا أصله على الإباحة وقصد به وجه اللّه تعالى يثاب عليه وذلك كالأكل بنية التقوية على الطاعة اللّه تعالى كالنوم للاستراحة لقيام الليل وللعلم فإذا كان الذي هو من حظوظ النفس بالمحل المذكور من ثبوت الأجر فيه وكونه طاعة وعملا أخرويا إذا أريد به وجه اللّه تعالى فكيف الظن بغيره مما يراد به وجه اللّه تعالى وهو مباعد للحظوظ النفسانية وتمثيله صلى الله عليه وسلم باللقمة مبالغة في تحقيق هذه الطاعة التي

(1)

حدائق الأولياء (1/ 41).

ص: 701

ذكرتها لأنه إذا ثبت الأجر في لقمة لزوجة غير مضطرة فكيف الظن بمن أطعم اللقمة لمحتاج أو أطعمه كسرة أو رغيفا أو فعل من أفعال البر ما هو في معنى هذا أو عمل مع نفسه من العبادات البدنية ما مشقته فوق مشقة اللقمة الذي هو من الحقارة بالمحل الأعلى

(1)

ا. هـ

ويتضمن ذلك أن الإنسان إذا فعل شيئًا أصله على الإباحة وقصد به وجه اللّه تعالى يثاب عليه وذلك كالأكل بنية التقوية على الطاعة اللّه تعالى وكالنوم والاستراحة ليقام الليل وللعلم وليقوم إلى العبادة نشيطا وكالاستمتاع بزوجته أو جاريته ليكف نفسه وبصره ونحوهما عن المحرمات وليقضي حقها وليحصل له ولد صالح وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "وفي بضع أحدكم صدقة"

(2)

واللّه أعلم.

3001 -

وَعَن أبي مَسْعُود البدري رضي الله عنه عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذا أنْفق الرجل على أَهله نَفَقَة وَهُوَ يحتسبها كَانَت لَهُ صَدَقَة رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ

(3)

.

قوله: وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه أبو مسعود هو عقبة بن عمرو الأنصاري البدري

(4)

.

(1)

شرح النووي على مسلم (11/ 77 - 78).

(2)

شرح النووي على مسلم (11/ 78).

(3)

أخرجه البخاري (55) و (4006) و (5351)، ومسلم (48 - 1002)، والترمذى (1965)، والنسائي في المجتبى 4/ 548 (2564) عن أبي مسعود.

(4)

ترجمته: الاستيعاب 3/ الترجمة 1827، وأسد الغابة 4/ الترجمة 3717، والإصابة 4/ الترجمة 5623.

ص: 702

قال الطوفي

(1)

: أبو مسعود البدري لم يشهد بدرا وإنما سكنها أو نزلها مرة فنسب إليها وشبيه بهذا أبو سعيد المقبري كان ينزل المقابر أو يكثر غشيانها فنسب إليها ويزيد الفقير من رجال الصحيح لم يكن فقيرا من المال وإنما انكسر فقاره فقال له الفقير وفلان الضال لم يضل في دينه بل في الطريق مكة ونظائره كثيرة واللّه أعلم.

قوله: صلى الله عليه وسلم قال "إذا أنفق الرجل على أهله نفقة وهو يحتسبها كانت له صدقة" الحديث تقدم الكلام على المراد بالأهل واختلاف العُلماء في ذلك فقيل الزوجة وقيل المراد من تلزمه نفقته فيه بيان أن المراد بالصدقة والنفقة المطلقة في باقي الأحاديث إذا احتسبها ومعناه أراد بها اللّه تعالى فلا يدخل فيه من أنفقها ذاهلا وإنما يدخل المحتسب وطريقه في إلاحتساب أنه يتذكر أنه يجب عليه الإنفاق على الزوجة وأطفال أولاده والمملوك وغيرهم ممن تجب نفقته على حسب أحوالهم واختلاف العُلماء فيهم وأن من غيرهم ممن ينفق عليه مندوب إلى الإنفاق عليهم فينفق بنية أداء ما أمر به وقد أمر بالإحسان إليهم

(2)

.

فإن قيل: كيف يكون إطعام الرجل زوجته الطعام صدقة وذلك فرض عليه فالجواب أن اللّه تعالى جعل من الصدقة فرضا وتطوعا ولا شك أن

(1)

التعيين في شرح الأربعين (ص 167).

(2)

شرح النووي على مسلم (7/ 88 - 89).

ص: 703

الفرض أفضل من التطوع

(1)

. واللّه أعلم

3002 -

وَعَن الْمِقْدَام بن معديكرب رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم مَا أطعمت نَفسك فَهُوَ لَك صَدَقَة وَمَا أطعمت ولدك فَهُوَ لَك صَدَقَة وَمَا أطعمت زَوجتك فَهُوَ لَك صَدَقَة وَمَا أطعمت خادمك فَهُوَ لَك صَدَقَة رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد جيد

(2)

.

قوله: وعن المقدام بن معديكرب

(3)

رضي الله عنه (وكَرِب: بفتح الكاف وكسر الراء، أما الباء فيجوز كسرها مع التنوين على الإضافة، ويجوز فتحها على البناء، وهما وجهان مشهوران في العربية، وهو أبو كريمة، وقيل: أبو صالح، وأبو يحيي، وأبو بشر، والأول أشهر، المقدام بن معدى كرب بن عمرو بن يزيد بن معدى كرب الكندى. وفد على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في وفد كندة، عداده في أهل الشام، سكن حمص. رُوى له عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم سبعة وأربعون حديثًا)

(1)

شرح الصحيح لابن بطال (7/ 528).

(2)

أخرجه أحمد 4/ 131 (17452) و 4/ 132 (17464)، والبخاري في الأدب المفرد (82) و (195)، وابن ماجة (2138)، وابن أبي الدنيا في العيال (15) و (31)، والنسائي في الكبرى (9141) و (9160)، والطبراني في الكبير 20/ 268 (634)، وفي مسند الشاميين (2/ 169 رقم 1124)، وأبو نعيم في الحلية 9/ 309، وفي تاريخ أصبهان 2/ 76، والبيهقى في الكبرى (4/ 301 رقم 7766). قال الهيثمي في المجمع 3/ 119: رواه أحمد، ورجاله ثقات. وصححه الألباني في الصحيحة (452) وصحيح الترغيب (1955).

(3)

ترجمته: الاستيعاب 4/ 2562، وأسد الغابة 6/ 6199، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ 655، وتهذيب الكمال 28/ 6164، والإصابة 6/ 8202.

ص: 704

قوله: صلى الله عليه وسلم "ما أطعمت نفسك فهو لك صدقة وما أطعمت ولدك فهو لك صدقة" الحديث أي يكتب لك مثل ثواب أجر الصدقة على الأجانب أو محارمه الذين لا تلزمه نفقتهم.

3003 -

وَعَن عبد اللّه بن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم الْيَد الْعليا خير من الْيَد السُّفْلى وابدأ بِمن تعول أمك وأباك وأختك وأخاك وأدناك فأدناك رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد حسن

(1)

وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا بِنَحْوِ من حَدِيث حَكِيم بن حزَام وَتقدم.

قوله: وعن عبد اللّه بن مسعود رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله: صلى الله عليه وسلم "اليد العليا خير من اليد السفلى" تقدم الكلام على ذلك في الصدقات.

قوله: "وابدأ بمن تعول" أي بمن تعوله وتلزمك نفقته فتصدق عليه فإن فضل شيء فليكن للأجانب يقال عال الرجل عياله يعولهم إذا قام بما

(1)

أخرجه البزار (1727) و (1944)، والشاشى (594) و (737)، والطبرانى في الكبير (10/ 186 رقم 10405)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 375). وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه رواه عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد اللّه إلا زياد هذا. وقال في الموضع الثانى: وهذا الحديث لا نعلمه يروى من حديث الشعبي، عن مسروق إلا من حديث ابن أبي ليلي، والسري بن إسماعيل.

وقال أبو نعيم: غريب من حديث الأعمش لم نكتبه إلا من حديث وكيع. وقال الهيثمي في المجمع 3/ 120: رواه الطبراني في الكبير، وإسناده حسن. وقال الألباني في صحيح الترغيب (1956): حسن صحيح.

ص: 705

يحتاجون إليه وقد يدخل في قوله وابدأ بمن تعول كلّ من يمونه الإنسان وإن لم تكن نفقته واجبة عليه ويوافقه تفسير صاحب المحكم العيال

(1)

ويوافقه كلام الشيخ الإمام تقي الدين السبكي في قسم الصدقات فإنه قال: الظاهر أن المراد بالعيال من تلزمه نفقته ومن لا تلزمه نفقته ممن تقضي المروءة والعادة بقيامه بنفقتهم ممن يمكن صرف الزكاة إليه من قريب حر وغيره وكذا الزوجة لأن نفقتها آكد وإن كانت دينا فإنما تجب يومًا بيوم

(2)

.

ويستدل به على تحريم الإيثار بقوته أو قوت عياله لما في ذلك من مخالفة أمره عليه الصلاة والسلام بالبداءة بمن تعول وأقوى في الدلالة على هذا قوله عليه الصلاة والسلام "كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول" وهو الذي صححه النووي في شرح المهذب لكنه صحح في الروضة جواز الإيثار بقوته لا بقوت عياله قاله في شرح المهذب ولا يشترط في جواز الضيافة الفضل عن نفقته ونفقة عياله لتأكدها وكثرة الحث عليها قال: وليست الضيافة صدقة واستدل على ذلك بحديث الأنصاري الذي نزل به الضيف فأطعمه قوت صيانه لكنه خالف ذلك في شرح المهذب فقال: لا يجوز لأنها غير واجبة وأجاب عن الحديث المذكور بحمله على أن الصبيان لم يكونوا محتاجين للأكل وإنما طلبوه على عادة الصبيان في الطلب من غير حاجة واللّه تعالى

(1)

عبارة المحكم (2/ 245): وعيال الرجل وعيله: الذين يتكفل بهم. وانظر طرح التثريب (7/ 178 - 176).

(2)

طرح التثريب (7/ 178).

ص: 706

أعلم

(1)

وفي حديث آخر ابدأ بمن تعول ولا تلام على كفاف" أي إذا لم يكن عندك كفاف لم تلم على أن لا تعطي أحدا قاله في النهاية

(2)

.

3004 -

وَعَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم من أنْفق على نَفسه نَفَقَة يستعف بهَا فَهِيَ صَدَقَة وَمن أنْفق على امْرَأَته وَولده وَأهل بَيته فَهِيَ صَدَقَة رَوَاهُ الطَّبَرَانيّ بِإِسْنَادَيْنِ أَحدهمَا حسن

(3)

.

قوله: وعن أبي أمامة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله: صلى الله عليه وسلم "من أنفق على نفسه نفقة يستعف بها فهي صدقة" الحديث يعني يستعف بها عن سؤال الناس.

3005 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمًا لأصحابه تصدقوا فَقَالَ رجل يَا رَسُول اللّه عِنْدِي دِينَار قَالَ أنفقهُ على نَفسك قَالَ إِن عِنْدِي آخر قَالَ أنفقهُ على زَوجتك قَالَ إِن عِنْدِي آخر قَالَ أنفقهُ على ولدك قَالَ إِن عِنْدِي آخر قَالَ أنفقهُ على خادمك قَالَ عِنْدِي آخر قَالَ أَنْت أبْصر بِهِ

(1)

طرح التثريب (7/ 178).

(2)

النهاية (4/ 191).

(3)

أخرجه الطبراني في الأوسط (4/ 173 رقم 3897) والشاميين (3/ 116 رقم 1901)، وابن منده في مجالس من إملائه (38). قال ابن منده: غريب من حديث داود بن أبي هند، والزبيدي، وعدي هذا هو والد الهيثم بن عدي، روى عنه إبراهيم بن طهمان. وقال الهيثمي في المجمع 3/ 120: رواه الطبراني في الأوسط، والكبير بإسنادين أحدهما حسن. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (1957).

ص: 707

رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَفِي رِوَايَة لَهُ تصدق بدل أنْفق فِي الْكل

(1)

.

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم.

قوله: فقال "رجل يا رسول اللّه عندي دينار قال أنفقه على نفسك قال إن عندي آخر قال أنفقه على زوجتك" إلى أن قال: "أنت أبصر به" الحديبث قال: أبو سليمان الخطابي رحمه الله في الكلام على هذا الحديث

(2)

: هذا الترتيب إذا تأمله علمت أنه صلى الله عليه وسلم قدم الأولى فالأولى والأقرب فالأقرب وهو أنه أمره أن يبدأ بنفسه ثم بولده لأن الولد كبضعة فإذا ضيعه هلك ولم يجد من ينوب في الإنفاق عليه ثم ثلث بالزوجة وأخرها عن درجة الولد لأنها إذا لم تجد ما ينفقه عليها فسخت نكاحها منه وفرق بينهما وكان لها زوج آخر

(1)

أخرجه الشافعي في المسند (1211) ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (7524) والطحاوى في مشكل الآثار (5485)، والحميدى (1210)، والقاسم بن سلام في الأموال (1538)، وأحمد 2/ 251 (7537) و 2/ 471 (10225)، والبخارى في الأدب المفرد (197)، وأبو داود (1691)، وابن أبي الدنيا في العيال (8)، والبزار (8490)، والنسائي في المجتبى 4/ 540 (2554) والكبرى (2327) و (9137)، وأبو يعلى (6616)، والطحاوى في مشكل الآثار (5483) و (5484)، وابن حبان (3337) و (4233) و (4235)، والطبرانى في الأوسط (8/ 237 رقم 8508). والحاكم 1/ 415، والبيهقي في الصغير (3/ 187 رقم 2888) والكبرى (7/ 768 رقم 15691) و (7/ 784 - 785 رقم 15734)، والبغوي (1685) و (1686). وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وحسنه الألباني في الإرواء (895) وصححه في صحيح الترغيب (1958).

(2)

معالم السنن (2/ 81 - 82).

ص: 708

يمونها أو قريب يجب نفقتها عليها ثم ذكر الخادم لأنه يباع عليه إذا عجز عن نفقته ثم قال أنت أعلم إن شئت تصدقت وإن شئت أمسكت رواه ابن حبان وأبو داود والحاكم في مستدركه بتقديم الولد على الزوجة والذي أطبق عليه أصحابنا الشافعية كما قاله الرافعي والنووي تقديم نفقة الزوجة على الولد لأن نفقتها آكد فإنها لا تسقط بمضي الزمان ولا بالإعسار ولأنها وجبت عوضا لكن اعترضه إمام الحرمين بأن نفقتها إذا كانت كذلك كانت كالديون ونفقة الغريب في مال المفلس يقدم على الديون وهو وجه حكاه المتولي والخطابي مشى على هذا في شرح الحديث المتقدم

(1)

واللّه أعلم.

3006 -

وَعَن كَعْب بن عجْرَة رضي الله عنه قَالَ مر على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رجل فَرَأى أَصْحَاب رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم من جلده ونشاطه فَقَالُوا يَا رَسُول اللّه لَو كَانَ هَذَا في سَبِيل اللّه فَقَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم إِن كَانَ خرج يسْعَى على وَلَده صغَارًا فَهُوَ فِي سَبِيل اللّه وَإِن كَانَ خرج يسْعَى على أبوين شيخين كبيرين فَهُوَ في سَبِيل اللّه وَإِن كَانَ خرج يسْعَى على نَفسه يعفها فَهُوَ في سَبِيل اللّه وَإِن كَانَ خرج يسْعَى رِيَاء ومفاخرة فَهُوَ فِي سَبِيل الشَّيْطَان رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَرِجَاله رجال الصَّحِيح

(2)

.

(1)

طرح التثريب (7/ 177 - 178).

(2)

أخرجه الطبراني في الصغير (2/ 148 رقم 940) والأوسط (7/ 56 رقم 6835) والكبير 19/ 129 (282). قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الحكم إلا إسماعيل بن مسلم، ولا رواه عن إسماعيل إلا همام، تفرد به: محمد بن كثير، ولا يروى عن كعب بن عجرة إلا بهذا الإسناد. وقال الهيثمي في المجمع 4/ 325: رواه الطبراني في الثلاثة، ورجال الكبير رجال الصحيح. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1692) و (1959).

ص: 709

قوله: وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه تقدم الكلام على كعب بن عجرة.

قوله: مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل فرأى أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من جلده ونشاطه فقالوا يا رسول الله لو كان هذا في سبيل اللّه فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل اللّه" الحديث وتقدم الكلام على هذا الحديث أيضًا في البيوع.

3007 -

وَرُوِيَ عَن جَابر رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم مَا أنْفق الْمَرْء على نَفسه وَولده وَأَهله وَذي رَحمَه وقرابته فَهُوَ لَهُ صَدَقَة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وشواهده كَثِيرَة

(1)

.

قوله: وروي عن جابر رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "كلّ معروف صدقة" تقدم الكلام على ذلك في الصدقات.

قوله: "ما أنفق المرء على نفسه وولده وأهله وذي رحمه وقرابته فهو له صدقة" تقدم الكلام على الأهل في الأحاديث قبله.

3008 -

وَعَن جَابر رضي الله عنه أَيْضًا قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم كلّ مَعْرُوف صَدَقَة وَمَا أنْفق الرجل على أَهله كتب لَهُ صَدَقَة وَمَا وقى بِهِ الْمَرْء عرضه كتب لَهُ بِهِ صَدَقَة وَمَا أنْفق الْمُؤمن من نَفَقَة فَإِن خلفهَا على اللّه وَاللّه ضَامِن إِلَّا مَا كَانَ فِي

(1)

أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 74 - 75 رقم 6896). وقال: لم يرو هذا الحديث، بهذا التمام، عن محمد بن المنكدر إلا مسور بن الصَّلْت، ولا عن مسور إلا عمر بن إبراهيم، تفرد به: صالح بن بشر. وقال الهيثمي في المجمع 3/ 119 - 120: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه مسور بن الصَّلْت، وهو متروك. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (1960).

ص: 710

بُنيان أَو مَعْصِيّة قَالَ عبد الحميد يَعْنِي ابْن الْحسن الْهِلَالِي فَقلت لابْنِ الْمُنكدر وَمَا مَا وقى بِهِ الْمَرْء عرضه قَالَ مَا يُعْطي الشَّاعِر وَذَا اللِّسَان المتقى رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَصحح إِسْنَاده قَالَ الْحَافِظ وَعبد الحميد الْمَذْكور يَأْتِي الْكَلام عَلَيْهِ

(1)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وما وقى به المرء عرضه كتتب له به صدقة" قال الحافظ المنذري قال: عبد الحميد يعني ابن الحسن الهلالي فقلت لابن المنكدر وما وقى به عرضه قال: ما يعطي الشاعر وذا اللسان المتقي ا. هـ

(1)

أخرجه عبد بن حميد (1083)، وابن أبي الدنيا في اصطناع المعروف (9) وقضاء الحوائج (9)، وأبو يعلى (2040)، والخرائطى في مكارم الأخلاق (83)، وابن عدي في الكامل (6/ 2424)، والدارقطني (2895)، والحاكم 2/ 50، وتمام في الفوائد (1724)، والبيهقى في الكبرى (10/ 409 رقم 21132 و 21133) والشعب (5/ 148 - 147 رقم 3220) و (13/ 223 - 224 رقم 10229)، والقضاعي في مسند الشهاب (88)، والبغوي (1646). وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي فقال: عبد الحميد ضعفوه. وقال ابن عدى: ولعبد الحميد عن ابن المنكدر، عن جابر أحاديث بعضها مشاهير، وبعضها لا يُتَابَعُ عَليه، وقد روى عن غير ابن المنكدر من أهل المدينة مثل أبي حازم وغيره، وروى عنه ما لا يُتَابَعُ عَليه.

وقال الهيثمي في المجمع 3/ 136: رواه بطوله أبو يعلى، واختصره الإمام أحمد كما تقدم، وفي إسناد أحمد المنكدر بن محمد بن المنكدر، وثقه أحمد وغيره، وضعفه النسائي وغيره، وفي إسناد أبي يعلى مسور بن الصَّلْت، وهو ضعيف. وقال الذهبي في الميزان (2/ 250)، والسير (11/ 419): غريب جدًّا. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4254)، والسلسلة الضعيفة (898) وضعيف الترغيب (1178) و (1222).

ص: 711

قوله صلى الله عليه وسلم: "وما أنفق المؤمن من نفقة فإن خلفها على اللّه واللّه ضامن إلا ما كان في بنيان أو معصية" أما نفقة الإنسان في المعصية فلا خلاف أنه غير مثاب عليه ولا مخلوف له وأما البنيان فما كان منه ضروريا يكن الإنسان ويحفظه فذلك مخلوف عليه ومأجور في بنيانه وذلك كحفظ بيت يسكنه قال صلى الله عليه وسلم ليس لابن آدم حق في سوى هذه الخصال بيت يسكنه والذي رأيته في الحديث بيت يكنه وهو بمعنى يسكنه وثوب يواري عورته وجلف الخبز والماء

(1)

ا. هـ. ذكره

(1)

أخرجه أحمد 1/ 62 (447) والزهد (114) ومن طريقه ابن الجوزي في العلل (2/ 313)، وعبد بن حميد (46) والترمذي (2341)، وابن أبي الدنيا في الجوع (171) والزهد (85)، والطبرانى في الكبير (1/ 91 رقم 147)، وابن السنى في القناعة (68 و 69 و 70)، والحاكم (4/ 312) وأبو نعيم في الحلية (1/ 61)، وفي أخبار أصبهان (1/ 254)، والخطيب في تاريخ بغداد (6/ 183). وعند ابن السنى بيت يكنه وعند الباقي يسكنه. قال الخلال في المنتخب من العلل (ص 42) بعد ذكره للحديث: ما كان به بأس؛ إلا أنه روى حديثًا منكرا، عن عثمان عن النبي (صلى الله عليه وسلم)؛ وليس هو عن النبي (صلى الله عليه وسلم) - يعني هذا الحديث.

قال الترمذي: هذا حديث صحيح وهو حديث الحريث بن السائب وسمعت أبا داود سليمان بن سلم البلخي، يقول: قال النضر بن شميل: جلف الخبز يعني ليس معه إدام.

وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص. وقال الدارقطني في العلل (265): كذا رواه حريث بن السائب، عن الحسن، عن حمران، عن عثمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ووهم فيه. والصواب: عن الحسن، عن حمران، عن بعض أهل الكتاب - وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحريث قد ضعفه الساجي، وقال الدارقطني: وهم حريث في هذا، والصواب عن الحسن، عن حمران، عن بعض أهل الكتاب. وضعفه الألباني في المشكاة (5186) والضعيفة (1063) وقال منكر، وضعيف الجامع (4914).

ص: 712

القرطبي

(1)

. واللّه أعلم.

3009 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم إِن المعونة تَأتي من اللّه على قدر المؤونة وَإِن الصَّبْر يَأْتِي من اللّه على قدر الْبلاء رَوَاهُ الْبَزَّار وَرُوَاته مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح إِلَّا طَارق بن عمار فَفِيهِ كَلَام قريب وَلم يتْرك والْحَدِيث غَرِيب

(2)

.

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله: صلى الله عليه وسلم "إن المعونة تأتي من اللّه على قدر المؤونة وإن الصبر يأتي من اللّه على قدر البلاء" الحديث المعونة شيء من الإعانة من الله تعالى للعبد على القيام بما يكفيه ويكفي عياله من المؤنة وأن الصبر يأتي من اللّه تعالى

(1)

تفسير القرطبي (14/ 308).

(2)

أخرجه البزار (8878)، ابن أبي الدنيا في الصبر (111)، وابن عدي في الكامل (2/ 37) و (4/ 115) و (6/ 401) وابن فيل في جزئه (45)، والحكيم الترمذي (439)، وأبو أحمد الحاكم في الأسامي والكنى (2/ 264)، والفاكهي في فوائده (111) وابن شاهين في فضائل الأعمال (272)، والبيهقي في شعب الإيمان (12/ 337 - 338 رقم 9483).

قال البزار: لا نعلمه عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد. وقال أبو حاتم في العلل (1870)، وأبو أحمد الحاكم: هذا حديث منكر. قال أبو زرعة: الصحيح ما رواه الدراوردي عن عباد بن كثير عن أبي الزناد فبين معاوية بن يحيى وأبي الزناد عباد بن كثير، وعباد ليس بالقوي. وقال البيهقي:"تفرَّد به طارق بن عمار وعباد، وقد قيل: عن عباد، عن طارق، و [هو] الأصح، وطارق يُعرَف بهذا الحديث".

وقال الهيثمي في المجمع 4/ 324: رواه البزار، وفيه طارق بن عمار قال البخاري: لا يتابع على حديثه، وبقية رجاله رجال الصحيح. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (1961) والصحيحة (1664).

ص: 713

على قدر ما يصيبه المؤمن من الأمراض والأسقام إذا كان راضيا بذلك.

3010 -

وَرُوِيَ عَن جَابر رضي الله عنه عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أول مَا يوضع فِي ميزَان العَبْد نَفَقَته على أَهله رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط

(1)

.

قوله: وروي عن جابر رضي الله عنه: تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: قال "أول ما يوضع في ميزان العبد نفقته على أهله" وتقدم أن المراد بالأهل الزوجة وهذا الحديث ظاهر في ثبوت الميزان في المعاد حقيقة خلافا للمعتزلة أن بعضهم إذا قالوا الميزان الوارد ذكره في الكتاب والسنة كناية عن إقامة العدل فالحساب لأنه ميزان حقيقة ذو كفتين ولسان كما يقال يد فلان ميزان والظواهر في إثبات كونه حقيقة مع أهل السنة وقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم أين نجدك يا رسول الله في القيامة قال: عند الحوض والصراط أو الميزان لا أخطأ هذه الثلاث مواطن الحديث

(2)

وهو كما تراه ظاهر فيما ذكرناه ا. هـ

(1)

أخرجه الطبراني في الأوسط (6/ 174 رقم 6135). وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن محمد بن المنكدر إلا عبد الحميد بن الحسن. قال الهيثمي في المجمع 4/ 325: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه من لم أعرفه. وضعفه الألباني في الضعيفة (5179) وضعيف الترغيب (1223) وقال منكر.

(2)

أخرجه أحمد 3/ 178 (13022)، والترمذى (2433)، والدينورى في المجالسة (30)، وابن مكرم البزاز في فوائده (225)، واللالكائى في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (2220) والكلاباذى في بحر الفوائد (ص 304)، وابن ناصر الدين في منهاج السلامة (ص 82 - 83)، والضياء في المختارة 7/ 246 (2691) و 7/ 247 (2692) و (2693) و 7/ 248 (2694) عن أنس. وقال الترمذي: حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

وصحح إسناده الضياء. وقال الذهبي في إثبات الشفاعة (ص 27): والحديث إسناده جيد. =

ص: 714

ذكره الطوفي في شرح الأربعين

(1)

.

3011 -

وَعَن عَمْرو بن أُميَّة رضي الله عنه: قَالَ مر عُثْمَان بن عَفَّان أَو عبد الرَّحْمَن بن عَوْف بمرط واستغلاه قَالَ فَمر بِهِ على عَمْرو بن أُميَّة فَاشْتراهُ فَكَسَاهُ امْرَأَته سخيلة بنت عُبَيْدَة بن الْحَارِت بن الْمطلب فَمر بِهِ عُثْمَان أَو عبد الرَّحْمَن فَقَالَ مَا فعل المرط الَّذِي ابتعت قَالَ عَمْرو تَصَدَّقت بِهِ على سخيلة بنت عُبَيْدَة فَقَالَ إِن كلّ مَا صنعت إِلَى أهلك صَدَقَة فَقَالَ عَمْرو سَمِعت رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم يَقُول ذَاك فَذكر مَا قَالَ عَمْرو لرَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم فَقَالَ صدق عَمْرو كلّ مَا صنعت إِلَى أهلك فَهُوَ صَدَقَة عَلَيْهِم رَوَاهُ أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَرُوَاته ثِقَات وروى أَحْمد الْمَرْفُوع مِنْهُ قَالَ مَا أعْطى الرجل أَهله فَهُوَ صَدَقَة المرط بِكَسْر الْمِيم كسَاء من صوف أَو خَز يؤتزر بِهِ

(2)

.

قوله: عن عمرو بن أمية

(3)

هو أبو أمية عمرو بن أمية بن خويلد بن عبد اللّه بن إياس بن عبد اللّه بن ناشرة بن كعب بن جدي بضم الجيم وفتح الدال

= وصححه الألباني في صحيح الترغيب (3625) والمشكاة (5595) والصحيحة (2630).

(1)

التعيين في شرح الأربعين (ص 175).

(2)

أخرجه أحمد 4/ 179 (17892)، والنسائي في الكبرى (9140)، وأبو يعلى (6877)، وابن حبان (4237)، وقال الهيثمي في المجمع 4/ 324 - 325: رواه أبو يعلى، والطبراني، ورجال الطبراني ثقات كلهم. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (1962) والصحيحة (1024) وصححه من رواية أحمد كما في صحيح الترغيب (1962).

(3)

ترجمته: الاستيعاب 3/ 1892، وأسد الغابة 4/ 3862، وتهذيب الأسماء 2/ 443، وتهذيب الكمال 21/ 4328، والإصابة 4/ 5784. ونص ترجمته هنا من تهذيب الأسماء واللغات.

ص: 715

المهملة المخففة بن ضمرة بن بكر بن عبد مناف بن كنانة الكناني الضم الصحابي الحجازي أسلم قديما وهاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة وأول مشاهده بئر معونة بالنون وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يبعثه في أموره وبعثه عينا إلى قريش وحده فحمل خبيب بضم الخاء بن عدي من الخشبة التي صلبوه عليها وأرسله رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي وكيلا فتزوج له أم حبيبة بنت أبي سفيان وكان من أنجاد العرب ورجالها وقال ابن عبد البر: إنما أسلم بعد غزوة أحد والمشهور الأول قالوا وأسرته بنو عامر يوم بئر معونة فأعتقوه عن رقبة كانت عليهم روي له عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عشرون حديثًا اتفق البخاري ومسلم على حديث والبخاري آخر روي عنه بنوه ثلاثة جعفر والفضل وعبد اللّه وأخرون توفي بالمدينة قبيل وفاة معاوية رحمه الله.

قوله: "مر عثمان بن عفان أو عبد الرحمن بن عوف بمرط واستغلاه" الحديث تقدم الكلام على عثمان وعبد الرحمن بن عوف في عدة مواضع من هذا التعليق والمرط كساء من صوف أو خز يؤتزر به ا. هـ ذكره المنذري.

قوله: قال: "فمر به على عمرو بن أمية فاشتراه فكساه امرأته سخيلة بنت عبيدة بن الحارث بن المطلب فمر به عثمان يعني بعمرو بن أمية فقال ما فعل المرط الذي ابتعت قال عمرو تصدقت به على سخيلة بنت عبيدة يعني امرأته فقال إن كلّ ما صنعت إلى أهلك صدقة فقال عمرو سمعتُ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول ذاك" الحديث.

ص: 716

3012 -

وَرُوِيَ عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة رضي الله عنه: قَالَ سَمِعت رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن الرجل إِذا سقى امْرَأَته من المَاء أجر قَالَ فأتيتها فسقيتها وحدّثتها بِمَا سَمِعت من رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط

(1)

.

قوله: وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله: صلى الله عليه وسلم "إن الرجل إذا سقى امرأته من الماء أجر، قال: فأتيتها فسقيتها وحدّثتها بما سمعتُ من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم.

3013 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا من يَوْم يصبح الْعباد فِيهِ إِلَّا ملكان ينزلان فَيَقُول أَحدهمَا اللَّهُمَّ أعْط منفقا خلفا وَيَقُول الآخر اللَّهُمَّ أعْط ممسكا تلفا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا

(2)

.

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في المسند (891)، وأحمد 4/ 128 (17429)، والبخاري في التاريخ الكبير 3/ 178، وابن أبي الدنيا في العيال (503)، والعقيلي في الضعفاء 2/ 6، والطبراني في الكبير 18/ 258 (646)، وفي الأوسط (1/ 261 رقم 858)، والشاميين (1646). وقال العقيلي: خالد بن شريك عن عرباض بن سارية ولا يثبت سماعه منه، لا يتابع عليه، وليس يحفظ له غيره. وقال الهيثمي في المجمع 3/ 119: رواه أحمد، والطبراني في الكبير والأوسط، وفيه سفيان بن حسين، وفي حديثه عن الزهري ضعف، وهذا منها.

وأعاده في 4/ 325: رواه أحمد، والطبراني في الكبير، والأوسط، وفيه سفيان بن حسين، وفي حديثه عن الزهري ضعف، وهذا منه. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (1963) والصحيحة (2736).

(2)

أخرجه البخاري (1442)، ومسلم (57 - 1010)، والنسائي في الكبرى (9134) و (11928) و (11929)، وأبو عوانة (3504)، وابن حبان (3333)، والطبراني في الأوسط (5/ 203 رقم 5083)، وأبو نعيم في المستخرج (2261)، والبيهقى في الآداب (ص 35 رقم 84) والكبرى (4/ 314 رقم 7816) والشعب (13/ 232 رقم 10245) =

ص: 717

قَالَ الْحَافِظ عبد الْعَظِيم وَقد تقدم هَذَا الحَدِيث وَغَيره فِي بَاب الْإِنْفَاق والإمساك.

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله: صلى الله عليه وسلم قال: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا" الحديث تقدم الكلام عليه في الإنفاق في وجوه الخير.

= (13/ 279 - 280 رقم 10334).

ص: 718