المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الترهيب من منع الأجير أجره والأمر بتعجيل إعطائه] - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ٨

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌التَّرْغِيب فِي الاقتصاد فِي طلب الرزق والإجمال فِيهِ وَمَا جَاءَ فِي ذلّ الْحِرْص وَحب المَال

- ‌[التَّرْغِيب فِي طلب الْحَلَال وَالْأكل مِنْهُ والتَّرهيب ما اكْتِسَاب الْحَرَام وَأكله ولبسه وَنَحْو ذَلِك]

- ‌[الترغيب في الورع وترك الشبهات وما يحوك في الصدور]

- ‌[الترغيب في السماحة في البيع والشراء وحسن التقاضي والقضاء]

- ‌[الترغيب في إقالة النادم]

- ‌[الترهيب من بخس الكيل والوزن]

- ‌[الترهيب من الغش والترغيب في النصيحة في البيع وغيره]

- ‌[الترهيب من الاحتكار]

- ‌[ترغيب التجار في الصدق وترهيبهم من الكذب ومن الحلف وإن كانوا صادقين]

- ‌[الترهيب من خيانة أحد الشريكين الآخرة]

- ‌[الترهيب من التفريق بين الوالدة وولدها بالبيع ونحوه]

- ‌[الترهيب من الدين وترغيب المستدين والمتزوج أن ينوبا الوفاء والمبادرة إلى قضاء دين الميت]

- ‌[الترهيب من مطل الغني والترغيب في إرضاء صاحب الدين]

- ‌[الترغيب في كلمات يقولهن المديون والمهموم والمكروب والمأسور]

- ‌[الترهيب من اليمين الكاذبة الغموس]

- ‌[الترهيب من الربا]

- ‌[الترهيب من غصب الأرض وغيرها]

- ‌[الترهيب من البناء فوق الحاجة تفاخرا وتكاثرا]

- ‌[الترهيب من منع الأجير أجره والأمر بتعجيل إعطائه]

- ‌[ترغيب المملوك وأداء حق اللّه تعالى وحق مواليه]

- ‌[ترهيب العبد من الإباق من سيده]

- ‌[الترغيب في العتق والترهيب من اعتباد الحر أو بيعه]

- ‌(فصل)

- ‌كتاب النكاح

- ‌الترغيب في غض البصر والترهيب من إطلاقه ومن الخلوة

- ‌[الترغيب في النكاح سيما بذات الدين الولود]

- ‌فصل

- ‌فصل يذكر فيه خلق آدم وتزويجه بحواء وخروجهما من الجنة وتوبة اللّه عليهما وغير ذلك مما يتعلق بالحديث

- ‌فصل في تزويج آدم بحواء عليها السلام

- ‌فصل في خروج آدم وحواء من الجنة وبكائها وتوبة اللّه عليهما

- ‌[الترهيب من ترجيح إحدى الزوجات وترك العدل بينهم]

- ‌[الترغيب في النفقة على الزوجة والعيال والترهيب من إضاعتهم وما جاء في النفقة على البنات وتأديبهن

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌[الترغيب في الأسماء الحسنة وما جاء في النهي عن الأسماء القبيحة وتغييرها]

- ‌[فصل]

الفصل: ‌[الترهيب من منع الأجير أجره والأمر بتعجيل إعطائه]

[الترهيب من منع الأجير أجره والأمر بتعجيل إعطائه]

2890 -

عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ قَالَ اللّه تَعَالَى ثَلَاثة أَنا خصمهم يَوْم الْقِيَامَة وَمن كنت خَصمه خصمته رجل أعْطى بِي ثمَّ غدر وَرجل بَاعَ حرا فَأكل ثمنه وَرجل اسْتَأْجر أَجِيرا فاستوفى مِنْهُ وَلم يُعْطه أجره رَوَاهُ البُخَارِيّ وَابْن مَاجَة وَغَيرهمَا

(1)

.

قوله: عن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قال اللّه تعالى: "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته" الحديث أي الطالب لهم بما اكتسبوه قال الشيخ تقي الدين السبكي

(2)

: الحكمة في كون اللّه تعالى خصمهم أنهم جنوا على حقه سبحانه وتعالى فإن الذي أعطى به ثم غدر جنى على عهد الله تعالى بالخيانة والنقض وعدم الوفاء ومن حق اللّه تعالى أن يوفي بعهده والذي باع حرا وأكل ثمنه جنى على حق اللّه تعالى فإن حقه في الحر إقامته لعبادته التي خلق الأنس

(1)

أخرجه البخاري (2227) و (2270)، وابن ماجة واللفظ له (2442)، وأبو يعلى (6571)، وابن الجارود في المنتقى (576)، وابن المنذر في الأوسط (7790)، والطحاوي في مشكل الآثار (1878) و (3015)، وابن حبان (7339). وضعفه الألباني في الضعيفة (6763)، وضعيف الترغيب (1182) و (1193) و (1777)، والإرواء (1489/ 1).

(2)

فتاوى السبكى (1/ 445).

ص: 481

والجن لها قال اللّه تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)}

(1)

فمن (استرق) حرا فقد عطل عليه العبادات المختصة بالأحرار كالجمعة والحج والجهاد والصدقة وغيرها وكثيرا من النوافل المعارضة لخدمة السيد فقد ناقض حكمة اللّه تعالى في الوجوه ومقصودة من عباده فلذلك عظمت هذه الجريمة قال: فإن قلت إن كثيرًا من الأحرار يختارون بيع أنفسهم وأولادهم لملك من الملوك أو ذي جاءه ليحصل له بذلك من المرتبة والمنزلة والمال ما لا يحصل لكثير من الأحرار فكيف يعظم الإثم على من فعل ذلك وكذلك كثير من الأرقاء لا يختارون العتق ويضر بهم العتق في تحصيل المعيشة لأنه يكون مكتفيا بنفقة سيده فيصير بعد العتق كلا على الناس.

فالجواب أن هذا السائل ناظر إلى المصالح الدنيوية والشارع ناظر إلى المصالح الأخروية وكم بينهما والحر يتفرغ لعبادة اللّه تعالى فالذي يرغب في الرق لتحصل له الرفعة في الدنيا والجاه والمال رغب في شيء يسير فإن ترك العبادة والإزدياد منها التي كلّ واحدة أي منها خير من الدنيا وما عليها وكذلك الرقيق الكاره للعتق إنما كرهه لجهله فإن رقه يفوت عليه مصالح الآخرة الكثيرة الباقية فكيف يرغب عنه لمصلحة قليلة والعتق يحصل له السعادة الأبدية ويتوكل في الرزق على اللّه تعالى فإن رزقه رزقا

(1)

سورة الذاريات، الآية:56.

ص: 482

رغدا حصلت له الدنيا والآخرة وإلا حصلت له الآخرة فهو على كلّ حال (إذا نظر إلى) الآخرة وهو مقصود الشارع ولكن غالب الجهلة ينظرون إلى الحظوظ الدنيوية والمتقون لا ينظرون لذلك قال: والرجل الذي استأجر أجيرا بمنزلة من استعبد الحر وعطله عن كثير من (نوافل) العبادات فشابه الذي باع حرا فأكل ثمنه فلذلك عظم ذنبه قال ابن بطال

(1)

: أعطي بي ثم غدر يريد نقض العهد الذي عاهد عليه اللّه.

قوله: "استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره" داخل في معنى من باع حرا فأكل ثمنه لأن المسلمين أكفاء في الخدمة والذمة للمسلم على المسلم أن ينصره ولا يظلمه وأن ينصحه ولا يسلمه وليس في الظلم أعظم من أن يستعبده أو يعرضه إلى ذلك ومن باع حرا فقد منعه التصرف فيما أباح اللّه وألزمه (حال) الذل والصغار فهو ذنب عظيم ينازع (اللّه به) في عباده قال ابن المنذر

(2)

: وكل من لقيت من أهل العلم على أنه من باع حرا لا قطع عليه ويعاقب ويروى عن ابن عباس أنه قال: يرد البيع ويعاقبان وروي عن علي أنه تقطع يد البائع والصواب قول جماعة أنه ليس بسارق ولا يجوز قطع غير السارق.

(1)

شرح الصحيح (6/ 349 - 350).

(2)

الأوسط لابن المنذر (12/ 362 - 363) وأسند قول ابن عباس (9062) وقول على (9063).

ص: 483

قوله: وأكل ثمنه معناه انتفع به على أي وجه كان وذكر الأكل لأنه أخص المنافع

(1)

كقوله: تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا}

(2)

أموال الناس بالباطل وقوله سبحانه وتعالى: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا}

(3)

، {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا}

(4)

ا. هـ قاله في الديباجة.

قوله: "رجل أعطي بي ثم غدر" أعطي به علي بناء الفاعل ومعنى أعطي بي أي أعطي الأمان باسمى أو بذكرى أو بما شرعته من ديني وذلك بان يقول للمستجير لك ذمة اللّه أو عهد اللّه ثم يغدر به بعد ذلك

(5)

ورجل باع حرا فأكل ثمنه تقدم معناه في قول السبكي ورجل استأجرا أجير فاستوفى منه ولم يعطه أجره الحديث إذا كان هذا في رجل استأجره فكيف بمن يأخذ الناس قهرا قاله في قمع النفوس

(6)

.

2891 -

وَعَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "أعْطوا الْأَجِير أجره قبل أَن يجِف عرقه" رَوَاهُ ابْن مَاجَة من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم وَقد وثق قَالَ ابْن عدي أَحَادِيثه حسان وَهُوَ مِمَّن احتمله النَّاس وَصدقه

(1)

فيض القدير (3/ 315).

(2)

سورة البقرة، الآية:274.

(3)

سورة آل عمران، الآية:130.

(4)

سورة البقرة، الآية:275.

(5)

الميسر (2/ 710).

(6)

قمع النفوس (لوحة 61/ ب) لتقى الدين الحصنى.

ص: 484

بَعضهم وَهُوَ مِمَّن يكْتب حَدِيثه انْتهى وَبَقِيَّة رُوَاته ثِقَات ووهب بن سعيد بن عَطِيَّة السّلمِيّ اسْمه عبد الْوَهَّاب وَثَّقَهُ ابْن حبَان وَغَيره

(1)

.

قوله: وعن ابن عمر رضي الله عنهما تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه" أي قبل أن ينشف عرقه الاستدلال به على صحة الإجارة كالاستدلال بقوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}

(2)

وموضع الاستدلال أنه أوجب الأجرة فإن كانت باتفاق منهما على الإرضاع فهو الإجارة وإلا فهو دليل على أن تلك المنفعة مقابلة بعوض سمي أجرا هذا مع ما في الإرضاع من الغرر واستدل المالكية بالآية على أن الأجرة إنما تستحق بتمام العمل وأجاب أصحابنا بأجوبة منها إن أرضعن معناه يرضعن كقوله: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَة}

(3)

والدليل عليه قوله تعالى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى}

(4)

وذلك لا يكون إلا بعد تمام الرضاع

(5)

ا. هـ قاله في الديباجة.

(1)

أخرجه ابن ماجة (2443)، وابن بشران في الأمالى (1400)، والقضاعي في مسند الشهاب (744)، والخطيب في تلخيص المتشابه (1/ 532). وصححه الألباني في المشكاة (2987) وصحيح الترغيب (1877) الإرواء (1498)، الروض النضير (193).

(2)

سورة الطلاق، الآية:6.

(3)

سورة التوبة، الآية:29.

(4)

سورة الطلاق، الآية:6.

(5)

انظر الحاوى (7/ 397).

ص: 485

قوله: من رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وقد وثق إلى آخر ما ذكره المنذري وقال في الديباجة: انفرد به ابن ماجة بإسناد ضعيف بسبب عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.

2892 -

وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم أعْطوا الْأَجِير أجره قبل أَن يجِف عرقه رَوَاهُ أَبُو يعلى وَغَيره

(1)

وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث جَابر

(2)

وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا الْمَتْن مَعَ غرابته يكْتَسب بِكَثْرَة طرقه قُوَّة وَاللّه أعلم.

قوله: وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله: صلى الله عليه وسلم "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه" عن أبيه فإنه ضعيف وله أحاديث مناكر هذا منها ورواه البيهقي بالإسنادين في أحدهما إبراهيم بن مهدي وفيه كلام وفي السند الآخر محمد بن عمار المؤدب ذكره ابن عدي في كامله وذكر أحاديث هذا منها وكذا السندين من حديث أبي هريرة

(1)

أخرجه أبو يعلى (6682)، وابن المنذر في الأوسط (8478)، والطحاوي في مشكل الآثار (3014)، وابن عدي في الكامل 6/ 2235، وتمام في الفوائد (44) و (1412)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان 1/ 265 وحلية الأولياء 7/ 142، والبيهقي في الصغير (2/ 320 رقم 2158) والكبرى (6/ 196 رقم 11654) و (6/ 200 رقم 11659). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1878).

(2)

أخرجه الطبراني في الصغير (1/ 43 رقم 34)، وابن مردويه فيما انتقاه على الطبراني (103) والخطيب في تاريخ بغداد (6/ 174). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1879).

ص: 486

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وأرجو أن يكون هذا الحديث مقاربا لدرجة الحسن ولفظ البيهقي أعط الأجير ولفظ ابن عدي وابن ماجة نصه الجمع ولفظ ابن عدي من حديث أبي هريرة مرفوعًا أعط السائل وإن جاء على فرس وأعط الأجير حقه قبل أن يجف عرقه وأعلمه أجره وهو في عمله ذكره في ترجمة عاصم بن سليمان العبدي الرازي.

قوله: وروى عن أبي هريرة تقدم الكلام عليه.

قوله: صلى الله عليه وسلم "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه" تقدم الكلام عليه.

ص: 487