المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترغيب في غض البصر والترهيب من إطلاقه ومن الخلوة - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ٨

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌التَّرْغِيب فِي الاقتصاد فِي طلب الرزق والإجمال فِيهِ وَمَا جَاءَ فِي ذلّ الْحِرْص وَحب المَال

- ‌[التَّرْغِيب فِي طلب الْحَلَال وَالْأكل مِنْهُ والتَّرهيب ما اكْتِسَاب الْحَرَام وَأكله ولبسه وَنَحْو ذَلِك]

- ‌[الترغيب في الورع وترك الشبهات وما يحوك في الصدور]

- ‌[الترغيب في السماحة في البيع والشراء وحسن التقاضي والقضاء]

- ‌[الترغيب في إقالة النادم]

- ‌[الترهيب من بخس الكيل والوزن]

- ‌[الترهيب من الغش والترغيب في النصيحة في البيع وغيره]

- ‌[الترهيب من الاحتكار]

- ‌[ترغيب التجار في الصدق وترهيبهم من الكذب ومن الحلف وإن كانوا صادقين]

- ‌[الترهيب من خيانة أحد الشريكين الآخرة]

- ‌[الترهيب من التفريق بين الوالدة وولدها بالبيع ونحوه]

- ‌[الترهيب من الدين وترغيب المستدين والمتزوج أن ينوبا الوفاء والمبادرة إلى قضاء دين الميت]

- ‌[الترهيب من مطل الغني والترغيب في إرضاء صاحب الدين]

- ‌[الترغيب في كلمات يقولهن المديون والمهموم والمكروب والمأسور]

- ‌[الترهيب من اليمين الكاذبة الغموس]

- ‌[الترهيب من الربا]

- ‌[الترهيب من غصب الأرض وغيرها]

- ‌[الترهيب من البناء فوق الحاجة تفاخرا وتكاثرا]

- ‌[الترهيب من منع الأجير أجره والأمر بتعجيل إعطائه]

- ‌[ترغيب المملوك وأداء حق اللّه تعالى وحق مواليه]

- ‌[ترهيب العبد من الإباق من سيده]

- ‌[الترغيب في العتق والترهيب من اعتباد الحر أو بيعه]

- ‌(فصل)

- ‌كتاب النكاح

- ‌الترغيب في غض البصر والترهيب من إطلاقه ومن الخلوة

- ‌[الترغيب في النكاح سيما بذات الدين الولود]

- ‌فصل

- ‌فصل يذكر فيه خلق آدم وتزويجه بحواء وخروجهما من الجنة وتوبة اللّه عليهما وغير ذلك مما يتعلق بالحديث

- ‌فصل في تزويج آدم بحواء عليها السلام

- ‌فصل في خروج آدم وحواء من الجنة وبكائها وتوبة اللّه عليهما

- ‌[الترهيب من ترجيح إحدى الزوجات وترك العدل بينهم]

- ‌[الترغيب في النفقة على الزوجة والعيال والترهيب من إضاعتهم وما جاء في النفقة على البنات وتأديبهن

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌[الترغيب في الأسماء الحسنة وما جاء في النهي عن الأسماء القبيحة وتغييرها]

- ‌[فصل]

الفصل: ‌الترغيب في غض البصر والترهيب من إطلاقه ومن الخلوة

‌الترغيب في غض البصر والترهيب من إطلاقه ومن الخلوة

2923 -

عَن عبد اللّه بن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم يَعْنِي عَن ربه عز وجل النظرة سهم مَسْمُوم من سِهَام إِبْلِيس من تَركهَا من مخافتي أبدلته إِيمَانًا يجد حلاوته فِي قلبه رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم من حَدِيث حُذَيْفَة وَقَالَ صَحِيح الإِسْنَاد قَالَ الْحَافِظ خرجاه من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق الوَاسِطِيّ وَهُوَ واه

(1)

.

قوله: عن عبد اللّه بن مسعود رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: يعني عن ربه عز وجل "النظرة سهم مسموم من سهام إبليس من تركها من مخافتي أبدلته إيمانا يجد حلاوته في قلبه" الحديث يعني أنه يرح نفسه عن هواها ويغض البصر عما حرم اللّه تعالى عليه قال اللّه تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}

(2)

الآية قال الشافعي:

(1)

أخرجه الطبراني في الكبير (10/ 173 رقم 10362) عن ابن مسعود. قال الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 63: رواه الطبراني، وفيه عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي وهو ضعيف. وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 313 - 314)، والقضاعى في مسند الشهاب (292)، والأصبهانى في الترغيب والترهيب (38) وابن الجوزي في ذم الهوى (ص 139) عن حذيفة. وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي فقال: فيه إسحاق بن عبد الواحد القرشي، وهو واه، وعبد الرحمن الواسطي، وقد ضعفوه. وضعفه الألباني جدًّا في الضعيفة (1065) وضعيف الترغيب (1194).

(2)

سورة النور، الآية:30.

ص: 535

كُلُّ الْحَوَادِثِ مَبْدَاهَا مِنَ النَّظَرِ

وَمُعْظَمُ النَّارِ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ

كَمْ نَظْرَةٌ بَلَغَتْ فِي قَلْبِ صَاحِبِهَا

كَمَبْلَغِ السَّهْمِ بَيْنَ الْقَوْسِ وَالْوَتَرِ

وَالْعَبْدُ مَا دَامَ ذَا طَرْفٍ يُقَلِّبُهُ

فِي أَعْيُنِ الْعِينِ مَوْقُوفٌ عَلَى الْخَطَرِ

يَسُرُّ مُقْلَتَهُ مَا ضَرَّ مُهْجَتَهُ

لَا مَرْحَبًا بِسُرُورٍ عَادَ بِالضَّرَر

(1)

قوله: خرجاه من رواية عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي (ضعيف، قال البخاري: فيه نظر وروى عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن أحمد عن أبيه له مناكير وليس هو في الحديث بذاك وحسن له الترمذي).

2924 -

وَرُوِيَ عَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا من مُسلم ينظر إِلَى محَاسِن امْرَأَة ثمَّ يغض بَصَره إِلَّا أحدّث اللّه لَهُ عبَادَة يجد حلاوتها فِي قلبه" رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ إِلَّا أَنه قَالَ ينظر إِلَى امْرَأَة أول رمقة وَالْبَيْهَقِيّ

(2)

(1)

الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، ص 268.

(2)

أخرجه أبو الهيثم السراج في حديث خالد بن مرداس (23)، وأحمد 5/ 264 (22709)، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (211) و (1275)، والطبراني في الكبير (8/ 208 رقم 7842)، وابن عدى في الكامل (6/ 260)، والبيهقى في الشعب (7/ 205 رقم 5048)، والقشيرى في الرسالة (1/ 231)، والأصبهانى في الترغيب والترهيب (2259)، وعبد الخالق بن أسد في المعجم (419)، وابن الجوزى في ذم الهوى (1/ 139).

قال ابن عدى: وهذا بهذا الإسناد غير محفوظ، ولعمرو بن زياد غير هذا من الحديث منها سرقة يسرقها من الثقات ومنها موضوعات وكان هو يتهم بوضعها. قال الهيثمي في المجمع 8/ 63: رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال: ينظر إلى امرأة أول رمقة. وفيه علي بن يزيد الألهاني وهو متروك. وقال الألباني في ضعيف الترغيب (1195): ضعيف جدًّا، وضعفه في المشكاة (3124).

ص: 536

وَقَالَ إِنَّمَا أَرَادَ إِن صَحَّ وَاللّه أعلم أَن يَقع بَصَره عَلَيْهَا من غير قصد فَيصْرف بَصَره عَنْهَا تورعًا.

قوله: وعن أبي أمامة رضي الله عنه اسمه صدي بن عجلان الباهلي تقدمت ترجمته.

قوله صلى الله عليه وسلم: قال "ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة ثم يغض بصره إلا أحدّث اللّه له عبادة يجد حلاوتها في قلبه" الحديث قال العُلماء: ونظر الرجل للمرأة على سبعة أضرب أحدها نظره إلى الأجنبية بغير حاجة فغير جائز والثاني: نظره إلى زوجته أو أمته فيجوز أن ينظر إلى ما عد الفرج منهما.

والثالث: نظره إلى ذوات محارمه أو أمته المزوجة فيجوز فيما عدا ما بين السرة والركبة. والرابع: النظر لأجل النكاح فيجوز إلى الوجه والكفين.

والخامس النظر للمرأة فيجوز إلى المواضع التي يحتاج إليها.

السادس: من النظر للشهادة أو للمعاملة فيجوز إلى الوجه خاصة.

والسابع: النظر إلى الأمة عند ابتياعها فيجوز إلى المواضع التي يحتاج إلى تقلبيها ا. هـ ذكره الشيخ تقي الدين الحصني في شرح أبي شجاع

(1)

.

تنبيه: من الصغائر النظر إلى الأجنبية بشهوة وبغيرها وسواء في ذلك وجهها أو كفاها وسائر بدنها وإن أمن الفتنة على الصحيح ذكره ابن النحاس في تنبيهه

(2)

واعلم أنه كما يحرم نظر الرجل إلى كلّ شيء من بدن الأجنبية

(1)

كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار (ص 349 - 355) باختصار.

(2)

تنبيه الجاهلين عن أعمال الغافلين (ص 311 - 312).

ص: 537

كذلك يحرم عليها النظر إلى كلّ شيء من بدنه قال النووي في شرح مسلم

(1)

: سواء كان نظره ونظرها بشهوة وليس هذا القول بشيء ا. هـ.

فرع: والأصح أن المراهق كالبالغ فيجب على المرأة الاحتجاب منه كما يجب عليها الاحتجاب من المجنون ويلزم ولي الصبي منعه من (نظرها) كما يلزمه منعه من الزنى

(2)

. واللّه أعلم.

فرع آخر: أطلق الرافعي وغيره من أصحاب الشافعي تحريم مضاجعة الرجل الرجل ولا المرأة المرأة وإن كان كلّ واحد منهما في جانب من الفراش

(3)

قال الشيخ تقي الدين السبكي: يجب حمله على تجردهما في ثوب واحد كما في الحديث

(4)

وصرح به الخوارزمي في الكافي حيث قال: ولا تجوز مضاجعة الرجلين العاريين، وإن كان أحدهما من جانب، والآخر من جانب، وكذا في حق المرأتين

(5)

ا. هـ قاله في شرح الإلمام (قال) القاضي حسين الرافعي والنووي: (إذا بلغ) صبي عشر سنين وجب التفريق بينه وبين

(1)

شرح النووي على مسلم (4/ 31).

(2)

روضة الطالبين (7/ 22)، والنجم الوهاج (7/ 25 - 26)، وتنبيه الغافلين (ص 312).

(3)

روضة الطالبين (7/ 28) وقضاء الأرب (ص 236)، والنجم الوهاج (7/ 32 - 33)، وتنبيه الغافلين (ص 314 - 315).

(4)

قضاء الأرب (ص 237) والنجم الوهاج (7/ 32 - 33)، وتنبيه الغافلين (ص 314 - 315).

(5)

قضاء الأرب (ص 242)، والنجم الوهاج (7/ 32 - 33)، وتنبيه الغافلين (ص 314 - 315).

ص: 538

أمه وأبيه وأخته وأخيه في المضجع قال عليه الصلاة والسلام: "وفرقوا بينهم في المضاجع" قال السبكي: هذا في التفريق بين الصبيان لا بينهم وبين ءابائهم وأمهاتهم

(1)

ا. هـ قاله في شرح الإلمام.

فائدة: يحرم النظر إلى الأمرد بشهوة وبغير شهوة كما قاله النووي في منهاجه كما يحرم النظر إلى المرأة قال أبو الفرج الجوزي

(2)

: قال ابن المبارك: دخل سفيان الثوري الحمام فدخل عليه غلام صبيح الوجه فقال: أخرجوه أخرجوه فإني أرى مع كلّ امرأة شيطانا ومع كلّ غلام بضعة عشر شيطانا وعن أنس قال قال: رسول اللّه صلى الله عليه وسلم "لا تجالسوا أبناء الملوك فإن النفس تشتاق إليهم ما لا تشتاق إلى الجواري العواتق"

(3)

وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال "لا تجالسوا أولاد (الأغنياء) فإن فتنتهم أشد من فتنة العذارى"

(1)

قضاء الأرب (ص 244 - 246)، والنجم الوهاج (7/ 32 - 33)، وتنبيه الغافلين (ص 314 - 315).

(2)

تلبيس إبليس (ص 245).

(3)

أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (6/ 437)، وابن الجوزى في ذم الهوى (ص 105) والعلل المتناهية (1285) عن أنس. وقال ابن الجوزى: لا يصح هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هذا الكلام بعض السلف.

وقال: وأما حديث أنس فقال أحمد: أحاديث أبان مناكير وقال ابن حبان: لا يحتج به وفيه عمرو بن الأزهر. قال أحمد: كان يضع الحديث وقال النسائي متروك وقال الدَّارقُطْنِي كذاب وفيه عبد الرحمن بن واقد. قال ابن عدي: حدّث بالمناكير عن الثقات وكان يسرق الحديث. وقال الفتنى في تذكرة الموضوعات (ص 181): فيه عمرو بن الأزهر كذاب وهذا الحديث من مناكيره.

ص: 539

رواه الطبراني (

)

(1)

من حديث أبي هريرة

(2)

وعن أبي هريرة عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم "لا تملأوا أعينكم من أبناء الملوك فإن لهم فتنة أشد من فتنتة العذراء"

(3)

وقال عمر بن الخطاب: ما أنا على عالم من سبع ضار بأخوف عليه من غلام أمرد وقال الحسن بن ذكوان: لا تجالسوا أولاد الأغنياء فإن لهم صورا كصور النساء وهم أشد فتنة من العذارى

(4)

وقد كان السلف بيالغون في الإعراض عن المرد وقد روي عن مجالد عن الشعبي قال: قدم وفد عبد القيس على النبي صلى الله عليه وسلم وفيهم غلام أمرد ظاهر الوضاءة فأجلسه النبي صلى الله عليه وسلم وراء ظهره

(5)

، إذا كان سيد البشر يحذر من النظر إلى الأمرد كما في هذا

(1)

بياض بالأصل.

(2)

أخرجه ابن عدى في الكامل (7/ 431)، والديلمى في الغرائب الملتقطة (2896) وقال ابن عدى: وهذا باطل موضوع.

(3)

أخرجه ابن عدى في الكامل (6/ 129) ومن طريقه ابن الجوزى في العلل المتناهية (1284)، وابن لال كما في الغرائب الملتقطة (2896)، وتمام في الفوائد (282)، والضياء في المنتقى من مسموعات مرو (543) عن أبي هريرة. قال ابن عدى: وهذا باطل موضوع على سفيان الثوري بهذا الإسناد لم يروه غير عمر بن عمرو هذا.

(4)

أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهى (139).

(5)

أخرجه ابن الجوزى في ذم الهوى (ص 106) من طريق ابن شاهين عن الشعبى مرسلا. ووصله الديلمى كما في الزيادات على الموضوعات (2/ 522) عن الشعبي عن الحسن عن سمرة. قال ابن القطَّان في كتابه "أحكام النظر"(ص 334 - 335): هذا حديث ضعيف؛ فإن من دون أبي أسامة لا يعرف، ومجالد ضعيف، وهو مع ذلك مرسل. قال ابن الصلاح في (مشكل الوسيط) (5/ 30): لا أصل لهذا الحديث. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (هذا حديث منكر) مجموع الفتاوى (15/ 377). وقال الألباني في الضعيفة (313): موضوع.

ص: 540

الحديث فما ظنك بأهل هذا الزمن في الخطر نسأل اللّه العافية من ذلك بمنه وكرمه ا. هـ.

2925 -

وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم كلّ عين باكية يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا عين غضت عَن محارم اللّه وَعين سهرت فِي سَبِيل اللّه وَعين خرج مِنْهَا مثل رَأس الذُّبَاب من خشيَة اللّه رَوَاهُ الأَصْبَهَانِيّ

(1)

.

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "كلّ عين باكية يوم القيامة إلا عين غضت عن محارم اللّه" تقدم في الجهاد في الحراسة.

2926 -

وَعَن مُعَاوِيَة بن حيدة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَة لَا ترى أَعينهم النَّار عين حرست فِي سَبِيل اللّه وَعين بَكت من خشيَة اللّه وَعين كلفت عَن محارم اللّه رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَرُوَاته ثِقَات معروفون إِلَّا أَن أَبَا حبيب العنقري وَيُقَال لَهُ القنوي لم أَقف على حَاله

(2)

.

(1)

أخرجه ابن أبي عاصم في الجهاد (148)، والبزار (8570)، وأبو بكر الأنبارى في حديثه (76)، وأبو الطاهر المخلص في المخلصيات (2819)، وأبو نعيم في "الحلية"(3/ 163)، والخطيب في المتفق والمفترق (2/ 1081)، وابن النجار في ذيل تاريخ بغداد (19/ 160)، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(497)، وابن عساكر في "الأربعين في الحث على الجهاد" (36). قال الدارقطني في أطراف الغرائب (5/ 213): تفرد به عمر عن صفوان عنه. قال أبو نعيم: غريب من حديث صفوان وأبي سلمة، تفرد به عمر بن صهبان. وضعفه الألباني في الضعيفة (1562) و (5144)، وضعيف الترغيب (790) و (1196) و (1935).

(2)

أخرجه أبو يعلى في المعجم (215) والطبراني في الكبير 19/ 416 (1003)، والبغوى في =

ص: 541

قوله: وعن معاوية بن حيدة

(1)

رضي الله عنه (بفتح الحاء المهملة وإسكان المثناة تحت - ابن معاوية بن قيس بن قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة القشيرى البصرى الصحابى وهو جد بهز بن حكيم بن معاوية الراوى عن أبيه، عن جدّه، وغزا خراسان ومات بها، سُئل يحيى بن مَعين، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جدّه، فقال: إسناد صحيح إذا كان من دونهم ثقة).

قوله: صلى الله عليه وسلم "ثلاثة لا ترى أعينهم النار يوم القيامة" فذكره إلى أن قال "كفت عن محارم اللّه" ومعناهما واحد.

قوله: ورواته ثقات معروفون إلا أن أبا حبيب العنقري ويقال له القنوي لم أقف على حاله ا. هـ قال ابن عساكر أبو حبيب اسمه مبارك بن عبد الله.

2927 -

وَعَن عبَادَة بن الصَّامِت رضي الله عنه أَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ اضمنوا لي سِتا من أَنفسكُم أضمن لكم الْجنَّة اصدقوا إِذا حدّثتم وأوفوا إِذا وعدتم وأدوا الأَمَانَة إِذا ائتمنتم واحفظوا فروجكم وغضوا أبصاركم وَكفوا أَيْدِيكُم رَوَاهُ أَحْمد وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم كلهم من رِوَايَة الْمطلب بن عبد اللّه بن حنْطَب عَنهُ وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الإِسْنَاد

(2)

.

= شرح السنة (4169)، والخلعى في الخلعيات (447). قال الهيثمي في المجمع 5/ 288: رواه الطبراني وفيه أبو حبيب العنقزي ويقال: القنوي ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (1231) و (1900) و (3326) والصحيحة (2673).

(1)

ترجمته: طبقات ابن سعد: 7/ 35، والاستيعاب: 3/ 1415، وأسد الغابة: 4/ 385، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ 587، وتهذيب الكمال 28/ 6051، والإصابة: 3/ الترجمة 8065.

(2)

أخرجه أبو عبيد في الخطب والمواعظ، وأحمد 5/ 323 (23200)، وابن أبي الدنيا في =

ص: 542

قَالَ الْحَافِظ بل الْمطلب لم يسمع من عبَادَة وَاللّه أعلم.

قوله: وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: قال "اضمنوا لي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة" الحديث الضمان يعني الكفاية.

قوله: رووه كلهم من رواية المطلب بن عبد اللّه بن حنطب عنه (والمطلب لم يسمع من عبادة، قال أبو حاتم: المطلب بن حنطب عامة أحاديثه مراسيل، لم يدرك أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا سهل بن سعد، وأنسا، وسلمة بن الأكوع أو من كان قريبا منهم).

2928 -

وَعَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه: أَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ يَا عَليّ إِن لَك كنزا فِي الْجنَّة وَإنَّك ذُو قرنيها فَلَا تتبع النظرة النظرة فَإِنَّمَا لَك الأولى وَلَيْسَت لَك الْآخِرَة رَوَاهُ أَحْمد

(1)

وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد من حَدِيث بُرَيْدَة قَالَ قَالَ

= الصمت (444) ومكارم الأخلاق (116)، وابن خزيمة في أحاديث إسماعيل بن جعفر (359)، والخرائطى في اعتلال القلوب (288) ومكارم الأخلاق (191)، والشاشى (1264)، وابن حبان (271)، والحاكم 4/ 358 - 359، والبيهقى في الكبرى (6/ 471 رقم 12691) والشعب (6/ 450 - 451 رقم 4464) و (7/ 201 رقم 4877). وقال الحاكم: صحيح الإسناد. وتعقبه الذهبي فقال: فيه إرسال. وقال الهيثمي في المجمع 4/ 145: رواه أحمد، والطبراني في الأوسط، ورجاله ثقات إلا أن المطلب لم يسمع من عبادة. وقال في 4/ 218: رواه أحمد، والطبراني، ورجال أحمد ثقات إلا أن المطلب لم يسمع من عبادة. وصححه الألباني في الصحيحة (1470) وصحيح الترغيب (1901) و (2416) و (2925) و (2993).

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة 4/ 7 (17227) و 6/ 367 (32083)، وأحمد في فضائل الصحابة =

ص: 543

رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم لعَلي يَا عَليّ لَا تتبع النظرة النظرة فَإِنَّمَا لَك الأولى وَلَيْسَت لَك الْآخِرَة وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث شريك

(1)

.

قَوله صلى الله عليه وسلم: لعَلي وَإنَّك ذُو قرنيها أَي ذُو قَرْني هَذِه الْأمة وَذَاكَ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ شجتان فِي قَرْني رَأسه إِحْدَاهمَا من ابْن ملجم لَعنه اللّه وَالْأُخْرَى من عَمْرو بن ود وَقيل مَعْنَاهُ إِنَّك ذُو قَرْني الْجنَّة أَي ذُو طرفيها ومليكها الْمُمكن فِيهَا الَّذِي يسْلك جَمِيع نَوَاحِيهَا كَمَا سلك الْإِسْكَنْدَر جَمِيع نواحي الأَرْض شرقا وغربا

= (1028) و (1101) والمسند 1/ 159 (1386) و (1390)، والدارمي (2709)، والبزار (704) و (907)، والطحاوي في مشكل الآثار (1865) ومعانى الآثار (4284)، والخرائطى في اعتلال القلوب (283)، وابن حبان (5570)، والطبراني في الأوسط (1/ 209 رقم 674)، والحاكم 3/ 123. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

قال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن علي إلا بهذا الإسناد، ولا نعلم روى سلمة عن علي إلا هذا الحديث، ولا رواه عنه إلا محمد بن إبراهيم، ولا نعلم له إسنادا إلا هذا الإسناد. وقال الطبراني: لا يُروى هذا الحديث عن علي إلا بهذا الإسناد، تفرد به حمَّاد.

وقال الهيثمي في المجمع 4/ 277: رواه البزار، والطبراني في الأوسط وزاد:"وليست لك الآخرة". ورجال الطبراني ثقات. وقال في 8/ 63: رواه أحمد، وفيه ابن إسحاق وهو مدلس، وبقية رجاله ثقات. وقال الألباني في صحيح الترغيب (1902): حسن لغيره.

(1)

أخرجه وكيع في الزهد (486)، وأحمد 5/ 351 (23440) و 5/ 353 (23457) و 5/ 357 (23488)، وهناد في الزهد (1415)، وأبو داود (2149)، والترمذى (2982) وابن أبي الدنيا في الورع (69) والبزار (4395) والطحاوي في مشكل الآثار (1867) وفي معاني الآثار (4288)، والحاكم (2/ 194). قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.

وقال الألباني: حسن الحجاب (34)، صحيح أبي داود (1865)، صحيح الترغيب (1903).

ص: 544

فَسُمي ذَا القرنين على أحد الْأَقْوَال وَهَذَا قريب وَقيل غير ذَلِك وَاللّه أعلم.

قوله: وعن علي بن أبي طالب

(1)

رضي الله عنه بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي المكي المدني الكوفي المدني أمير المؤمنين ابن عم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم واسم أبي طالب عبد مناف هذا هو المشهور وقيل اسمه كنيته وأم علي رضي الله عنه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف الهاشمية وهي أول هاشمية ولدت هاشميا أسلمت وهاجرت إلى المدينة وتوفيت في حياة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وصلى عليها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فأغضبته في شيء فخرج من المسجد فنام على التراب فخلص إلى ظهره فجاء رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فمسح التراب عن ظهره وقال: له إجلس أبا تراب قالها مرتين فكانت أحب ما ينادي إليه متفق عليه وهو أخو رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالمواخاة وصهره على فاطمة سيدة نساء العالمين وأبو السبطين وأول هاشمي ولدين هاشمين وأول خليفة من بني هاشم وهو أحد العشرة الذين شهد لهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالجنة وهاجر علي رضي الله عنه إلى المدينة واستخلفه النبي صلى الله عليه وسلم حين هاجر من مكة إلى المدينة أن يقيم بمكة أياما حتى يؤدي عن أمانته والودائع والوصايا التي كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم ثم يلحقه بأهله ففعل ذلك قال الواقدي: لما وضعته أمه سمته أسد باسم أبيه وكان أبوه غائبا فلما قدم سمه عليا وقال ابن الكلبي لما

(1)

ترجمته: الاستيعاب 3/ الترجمة 1855، وأسد الغابة 3/ الترجمة 3783، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ الترجمة 429، تهذيب الكمال 20/ الترجمة 4089، والإصابة 4/ الترجمة 5704.

ص: 545

وضعته أمه سمته حيدرة وهو من أسامي الأسد لغلظ عنقه وذراعيه وهذا من أوصاف علي رضي الله عنه روي له عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم خمسمائة حديث وستة وثمانون حديثًا اتفق البخاري ومسلم على عشرين حديثًا وانفرد البخاري بتسعة ومسلم بخمسة عشر حديثًا.

فصل: في سبب قتل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه فقد نقل أنه رضي الله عنه لما فرغ من قتل الخوارج والخوراج هم طائفة أنكروا على علي رضي الله عنه التحكيم وتبرأوا منه ومن عثمان وذويهم وقاتلوهم وأخذ في الرجوع إلى الكوفة سبقه عبد الرحمن بن ملجم الأزدي يبشر أهلها بهلاك السراة الخوارج فمر بدار من دور الكوفة فيها جمع فخرج منها نسوة فرأى فيهن امرأة يقال لها قطام بنت الإصبغ التميمي بها مسحة حسن فنظر إليها فوقعت من قلبه فقال لها يا جارية أيم أنت أم ذات بعل فقالت أيم قال: لها فهل لك من زوج لا يذم خلائقه فقالت نعم ولكن لي أولياء أشاورهم فتبعها فلما عاودها قالت إن أوليائي أبوا أن ينكحوني إلا على ثلاثة ألف درهم وعبد وقينة قال: لك ذلك قالت وشرط آخر قال: وما هذا الشرط قالت قتل علي بن أبي طالب فاسترجع وقال: ويحك ومن يقدر على قتله وهو فارس الفرسان فقالت لا تكثر علينا أما المال فلا حاجة لنا فيه ولكن قتل علي فهو الذي قتل أبي وهو كافر فقال لها أي يوم الأحزاب كذا بخط المصري رحمه اللّه تعالى فقال لها أما قتل علي فلا ولكن إن رضيت أن أضرب عليا بسيفي ضربة فعلت فقالت قد رضيت فاترك سيفك عندي رهينة فدفع إليها سيفه وانصرف فلما قدم علي س الكوفة واستقبله الناس يهنئونه بالظفر بالخوارج ودخل المسجد فصلى فيه ركعتين ثم صعد المنبر وخطب

ص: 546

الناس وذكر شيئًا مما أكرمه اللّه تعالى به ثم دخل منزله فلما كانت ليلة الجمعة التي قتل فيها لكن قيل لتسع عشر خلت من رمضان وقيل ليلة الحادي والعشرين وقيل ليلة الثالث والعشرين منه مات ليلة الأحد ثالث ليلة ضربه من سنة أربعين من الهجرة النبوية فيكون عمره خمسا وستين سنة على الأصح من الأقوال فلما خرج من منزله لأجل صلاة الصبح وكان في داره شيء من الإوز فلما صار في صحن الدار فصاحت في وجهه فطردن عنه فقال دعوهن فإنهن نوائح وفي رواية صوائح يتبعها صوارخ وقصته مشهورة فقال له ابنه الحسن: با أبت ما هذه الطيرة فقال: يا بني لم أتطير ولكن قلبي يشهد أني مقتول وقد قيل أنه قال: وهو خارج من منزله:

اشدد حيازيمك للموت فإن الموت لاقيكا

ولا تجزع من الموت إذا حل بناديكا

(1)

وقوله: قلبي يشهد أني مقتول فراسة قلبية منه فلما وقف في وضع الأذان أذن ودخل المسجد وقد كان عبد الرحمن بن ملجم تلك الليلة في بيت قطام فلما سمعتُ صوت علي رضي الله عنه قامت إلى عبد الرحمن وقالت يا أخا مراد هذا أمير المؤمنين علي فقم واقض حاجتنا وارجع قرير العين ثم ناولته سيفه وأخذ السيف وجاء فدخل المسجد ورمى بنفسه بين النيام وأذن علي ودخل فجعل ينبه من بالمسجد من النيام ثم صار على محرابه فوقف فيه واستفتح وقرأ فلما ركع وسجد سجدة ضربه على رأسه فوقعت على ضربة عمرو بن عبد ود يوم الخندق بين يدي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ولما ضربه قال:

(1)

فضائل الصحابة (908) و (909)، ومرآة الزمان (6/ 457 - 465).

ص: 547

فزت ورب الكعبة ثم بادر وخرج هاربا من المسجد وسقط علي رضي الله عنه كما به وتسامع الناس بذلك وقالوا قتل أمير المؤمنين فأقام الحسن رضي الله عنه وصلى بالناس ركعتين خفيفتين وأمسك عبد الرحمن فلما حضر بين يدي علي وجعل الناس يلطمون خده من كلّ ناحية فقال له علي رضي الله عنه ويحك يا أخا مراد بئس الأمير كنت لك قال لا يا أمير المؤمنين قال: ويحك ما حملك على أن فعلت ما فعلت فسكت فقال: علي رضي الله عنه وكان أمر الله قدرا مقدورا ثم أمر بحبسه وقال: إن أنا مت فاقتلوه كما قتلني وحثهم على إطعامه فلما أحس من نفسه الموت جمع بنيه ووصى وصيته المعروفة فلما فرغ من الوصية قال: السَّلام عليكم ورحمت اللّه وبركاته ثم لم يتكلم إلا لا إله إلا الله حتى توفي فلما مات غسله الحسن والحسين وولده محمد بن الحنفية أمه خولة بنت جعفر بن قيس الحنفية من سبي اليمامة يصب الماء ثم كفن وحنط وحمل وصلى عليه ابنه الحسن وكان عنده فضل من حنوط رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أوصى أن يحنط به ودفن في جوف الليل بالغربي وقيل بين منزله وبين المسجد الأعظم واللّه أعلم أي ذلك كان ولعل الحكمة في دفنه ليلا خشية عليه من الخوارج أن يفعلوا به شيئًا يكاد به.

تنبيه: وأبهم قبر علي رضي الله عنه وفي ذلك إشارة إلهية أعني إبهام قبره حماية له من ضلال المتولين له واتخاذ قبره وثنا يعبد من دون الله ففي إخفائه رحمة لهم والله أعلم وكان عند علي رضي الله عنه يوم قتل أربع نسوة حرائر في نكاحه وهن أمامة بنت العاص بن الربيع بن عبد شمس بنت زينب بنت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم تزوجها بعد خالتها البتول فاطمة رضي الله عنها وليلى بنت مسعود التميمة وأسماء بنت

ص: 548

عميس الخثعيمة وأم البنين الكلابية وأمهات أولاد ثمانية عشر أم ولد فلما كان بعد ذلك أتى بابن ملجم فضربه الحسن ضربة على رأسه وتبادر الناس فقتل وقد نظم بعضهم أبياتا يذكر فيها شيئًا من ذلك فقال:

فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة

كمهر قطام من فصيح وأعجم

ثلاثة آلاف وعبد وقينة

وضرب علي بالحسام المصمم

فلا مهر أغلى من علي وإن علا

ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم ا. هـ

ولعل تطير أمير المؤمنين علي رضي الله عنه بصياح الإوز أن من شأنها إذا دخل عليها غريب أو شيء من غير جنسها صاحت عليه صياح المصاب وسعت خلفه ومدت رقابها كالمقاتلة لتنال منه ولعل الغريب الذي رأته في تلك الحالة وصاحت عليه هو ملك الموت الذي أحاط بنفس أمير المؤمنين عند دنو أجله وقتله وفيه إشارة من قوله صلى الله عليه وسلم أنه برأ من الصالقة وفسرت بالتي ترفع صوتها عند المصيبة وفيه حكمة لطيفة أيضًا وهو أن الإوز من شأنها إذا دخل عليها من جنسها شيء ألفته واجتمعت عليه وظهر منها البشر ومدت رقابها إليه كالمسلمة عليه والمستأنسة به وهي من الطيور التي إذا طارت أخذت نحو السماء فالمؤمن إذا قبض صعد بروحه إلى السماء حتى يقف بين يدي الله عز وجل وينال من الله الكرامة والرحمة والبشرى ثم ترجع إلى محل كرامته فيجتمع عليه أرواح المؤمنين من إخوانه ومعارفه فيسألونه عمن خلفوا بعدهم أنهم يقولون ما فعلت فلانة وما فعل فلانه هل تزوجت أم لا؟ فناسب ذلك ما توهمه أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه.

ص: 549

قوله رضي الله عنه: لولده الحسن رضي الله عنه: إن قلبي يشهد أني مقتول لأنه إذا قتل رفعت روحه إلى السماء كغيره من المؤمنين

(1)

.

خاتمة: أفرس الناس أربعة كما قاله الحافظ إسماعيل الهروي في كتابه ذم الكلام فمنها قول العزيز لنبي اللّه يوسف صلى الله عليه وسلم: {ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ}

(2)

.

الثاني: قول آسية بنت مزاحم زوج فرعون لما التقط آل فرعون نبي اللّه موسى عليه السلام من البحر وهموا بقتله قالت له: {لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا}

(3)

.

الثالثة: ابنة شعيب نبي الله حين أحضرته لأبيها قالت: {يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}

(4)

.

الرابعة خديجة الكبرى رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم حين أخبرها بخبر جبريل عليه السلام ونزوله بالوحي عليه وقله لها صلى الله عليه وسلم "لقد خشيت على نفسي وأخبرها" فقالت لا يخزيك اللّه أبدًا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقر الضيف وتعين على نوائب الحق، وفي رواية وتصدق الحديث

(5)

.

(1)

مرآة الزمان (6/ 457 - 465).

(2)

سورة يوسف، الآية:54.

(3)

سورة القصص، الآية:9.

(4)

سورة القصص، الآية:26.

(5)

لم أجده في ذم الكلام للهروي، وذكره الثعلبي في عرائس المجالس ص 120.

ص: 550

خاتمة، ثانية إنما جمع بين قتل الإمامين عمر في أوائل هذا التعليق في حديث إنما الأعمال بالنيات وقتل علي رضي الله عنه لما فيه من المناسبة بينهما فمنها كونها خليفتين قتلا في صلاة الصبح في صلب الصلاة فعمر طعن ثلاث طعنات وعلى ضرب بالسيف على رأسه ومنها أنهما قتلهما من رعيتهما فعمر قتله أبو لؤلؤة فيروز المجوسي وعلي قتله عبد الرحمن بن ملجم لأجل إمرأة اسمها قطام ومنها أنهما شهيدان في الآخرة ومنها أن كلا منهما قال: في حال طعنه وضربه وكان أمر اللّه قدرا مقدورا ومنها أن كلا منهما عاتب قاتله فعمر قال: قاتله اللّه لقد أمرت به معروفا وعلى قال: يا أخا مراد بئس الأمير كنت لك قال: لا ومنها أن كلا منهما أحس بقتل نفسه فعمر رأى الرؤياء التي تقدم ذكرها في اول حديث "إنما الأعمال بالنيات" وعلي رضي الله عنه تفاءل بصياح الإوز في وجهه حين خرج إلى صلاة الصبح التي قتل فيها ومنها أن كلا منهما استخلف في صلاته من يتممها فعمر استخلف عبد الرحمن بن عوف ليتم الصلاة اللوحة وعلي رضي الله عنه قدم ولده الحسن فصلى بالناس صلاة خفيفة ومنها أن كلا منهما دفن في البلد التي قتل فيها فعمر رضي الله عنه دفن بالمدينة المشرفة في الروضة الشريفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام نهارا وعلي رضي الله عنه دفن بالكوفة ليلا رحمهما اللّه ورضي عنهما كما تقدم ومنها قول سيد البشر صلى الله عليه وسلم "لو كان بعدى نبي يأتيه الخبر من السماء لكان عمر" وقال لعلي: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي" ومنها أن كلا منهما وصى قبل موته فعلي رضي الله عنه وصى وصيته المعروفة

ص: 551

وعمر رضي الله عنه بجعل الخلافة بعده في الستة المتقدم ذكرهم في قتل عمر وأوصى بأهل الأمصار وذمة اللّه رضي اللّه تعالى عنه وقال في وصيته: من استخلفوا بعدي فهو الخليفة واسمعوا له وأطيعوا ا. هـ ما ذكره الشيخ الإمام العلامة الشريف النسابة في كتابه المذكور فيه قتل الإمامين الجليلين الكبيرين أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما.

تنبيه: واتفق علماء السير على أنه ولي الخلافة في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين في الأصح وفيها قتل عثمان رضي الله عنه ولي الخلافة خمس سنين وقيل خمس سنين إلا أشهر وبويع له بالخلافة في مسجد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بعد قتل عثمان لكونه أفضل الصحابة حينئذ وأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيقتل ونقلوا آثارا كثيرة تدل على أنه علم السنة والشهر والليلة التي يقتل فيها وصفته رضي الله عنه قال ابن سعد بإسناده عن الشعبي قال: رأيتُ عليا وكان عريض اللحية أخذت ما بين منكبيه وكان لحيته كثة قال: قال: أبو إسحاق رأيتُ عليا أبيض الراس واللحية أصلع أجلح وكان آدم اللون شديد الآدمة ربعة حسن الوجه كأنه القمر ليلة البدر ضحوك ألين عظيم العينين ليس بالطويل ولا بالقصير وقال ابن سعد قال: سوادة بن حنظلة القشيري رأيتُ عليا أصفر اللحية وروى ابن سعد أيضًا عن محمد بن الحنفية قال: خضب علي رضي الله عنه بالحناء مرة ثم ترك

(1)

ا. هـ ومناقبه كثيرة مشهورة دفن بالكوفة كما تقدم والله تعالى أعلم.

(1)

مرآة الزمان (6/ 49).

ص: 552

تتمة: الشجاج في الرأس الحارصة والدامية والباضعة والمتلاحمة والسمحاق والموضحة والهاشمة والمنقلة والمأمومة والدامغة (فالحارصة ما تشق الجلد قليلًا، ولا تدمي والدامية ما تشق) الجلد وتدمي من (غير) سيلان والباضعة ما تقطع اللحم لأن البضع الشق والمتلاحمة ما تنزل في اللحم أي تغوص فيه والسمحاق ما يبقى بينها وبين العظم جلدة رقيقة سميت بذلك لأن الجلدة تُسمّى سمحاق الرأس وتسميها أهل المدينة الملطاة ويجب في هذه الخمسة الحكومة والموضحة ما توضح العظم أي تكشفه في الرأس والوجه وفيها خمس من الإبل أي في الحر المسلم الذكر وهي نصف عشر ديته لحديث عمرو بن حزم في ذلك والهاشمة وما تهشم العظم أي تكسره بعد الإيضاح فيجب فيها عشر من الإبل للاجماع والمنقلة ما لا تبرأ إلا بنقل العظم ويجب فيها خمسة عشر من الإبل بالإجماع والمأمومة ما تصل إلى الجلدة التي تلي الدماغ ويجب فيها ثلث الدية لحديث عمرو بن حزم والدامغة ما وصل إلى الدماغ ويجب فيها ما يجب في المأمومة وهو ثلث الدية لأنها واصلة إلى جوف فأشبهت الجائفة وفي الجائفة ثلث الدية بالإجماع قاله في هادي النبيه

(1)

.

قوله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: "إن لك كنزا في الجنة وإنك ذو قرنيها" أي ذو قرني هذه الأمة وذاك لأنه كان شجتان في قرني رأسه إحدهما من عمرو بن عبد ود والأخرى من ابن ملجم واسمه عبد الرحمن بن ملجم كما تقدم فضربه بسيف مسموم في جبهته فأوصله دماغه ليلة الجمعة.

(1)

هادى النبيه (مخ 2357 ظاهرية/ لوحة 35 و 36).

ص: 553

عجيبة: لها تعلق بعبد الرحمن بن ملجم قال صاحب غريب الحديث: أن الرشيد بعث رسولا إلى ملك الروم فنزل على بطريق كبير من بطارقة الروم وأقام عنده إلى حيث يستأذن له بالحضور فمكث أيّاما، واستأنس به البطريق، فخرجا ذات يوم إلى ظاهر تلك الناحية يتسايران قال: فنظرت إلى سواد عن بعد على ساحل البحر فسألت ذلك البطريق عنه فقال: هو دير قديم لا يعلم بانيه وفيه راهب تعظمه أهل النصرانيه كلها لعلمه ودينه وكبر بيته ولي به أنسة لقدم المجاورة وكثرة تكراري إليه ألتمس بركته فلمّا علم وتحقّق حسن نيّتى وظنّى به، قال لي يومًا ونحن في خلوة من الناس إنى مسر إليك بشيء وناصحك في أمر آخرتك لثقتي بعقلك وحلمك وحسن فهمك اعلم أني منذ أعوام كنت جالسا بأعلى هذا الدير وأنا انظر إلى البحر وهوله متفكرا في عظيم قدرة اللّه وخطر ببالي أمر المسلمين واستيلائهم على الدنيا وانتصارهم على دين المسيح فبيناما أنا في هذه الفكرة لم أشعر إلا بطائر خرج من البحر كالبختي العظيم فرفرف على هذا الدير حتى خشيت أن يقتلعه ثم رمى من منقاره رأس لآدمي ثم أتبعه بيده ثم بيده الأخرى ثم بحشو بطنه ثم بفخذيه ورجليه فلما تكاملت الأعضاء كلها التصقوا بقدرة اللّه تعالى وعاد آدميا قائما ثم إن الطائر قطعه كما كان ثم ابتلعه قطعة قطعة وحلق نحو البحر فلما عاينت ذلك غبت عن الدنيا ساعة لهول ما عاينت ولم أزل في فكرة ذلك إلى ثاني يوم مثل ذلك الوقت الذي ظهر فيه ذلك الطائر ثم لم أشعر إلا بذلك الطائر وقد فعل بذلك الآدمي كفعلته بالأمس ثم كان كذلك

ص: 554

في اليوم الثالث وقد أنست بفعله فصبرت عليه حتى تكامل ذلك الآدمي واستوى إنسيا قائما فقلت له بحق من بلاك بهذا البلاء إلا أخبرتني من أنت فقال أن عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه قد وكل اللّه به هذا الطائر أو قال: هذا الملك فهو يفعل به ما تراه في كلّ يوم إلى يوم القيامة فمنذ ذلك اليوم أقررت بالإسلام وقد نصحتك الآن فكن كيف شيئت قال: البطريق وإني أيضًا مسلم منذ ذلك اليوم وأنا أخفي إسلامى خوفا على نفسي وأهلي وولايتي واشهد علي أنى أشهد أن لا إله إلا اللّه وأشهد أن محمدا رسول اللّه قال في تاريخ كنز الدرر وهو تاريخ نفيس تسعة أجزاء

(1)

.

قوله: كان له شجتان، الشجتان مثنى شجة والشجة بالشين المعجمة والجيم الجراحة في الرأس والوجه دون غيرهما من البدن كذا ذكره صاحب المحكم من أهل اللغة وقاله الفقهاء من أصحابنا وغيرهم ذكره في شرح الأحكام وجمع شجة شجاج وقيل الشجة الضربة التي تبلغ أم الرأس وهي خريطة الدماغ المحيط به وتسمى المأمومة لأنها بلغت أم الراس (وفي أسماء الشجاج "السمحاق" وهي التي) بينها وبين العظم قشرة رقيقة وقيل تلك القشرة هي السمحاق وهي فوق قحف الرأس (فإذا انتهت الشجة إليها سميت سمحاقا) قاله في النهاية

(2)

.

قوله: "إن لك كنزا في الجنة ورأيت في بعض المواضع أن لك بيتا".

(1)

كنز الدرر (3/ 404 - 406).

(2)

النهاية (2/ 398).

ص: 555

قوله: "وإنك ذو قرنيها" أي ذو قرني هذه الأمة وذاك لأنه كان له شجتان في قرني رأسه إحدهما من ابن ملجم والأخرى من عمرو بن عبد ود وقيل معناه أنك ذو قرني الجنة أي ذو طرفيها وملكها الممكن فيها الذي يسلك جميع نواحيها كما يسلك ذو القرنين جميع نواحي الأرض شرقا وغربا وبذلك سمي ذي القرنين على أحد الأحوال الأقوال ا. هـ ما ذكره المنذري.

قوله: "وإنك ذو قرنيها" أي صاحب قرنيها يريد قرني الجنة أي طرفيها وجانبيها فالهاء عائدة عليها وقيل ذو قرنى هذه الأمة أي أنك فيها كذى القرنين في أمته ودعائه لهم وقيل بل الهاء على الأمة.

وقوله: "كلما سلك الإسكندر جميع نواحي الأرض شرقا وغربا فسمي ذا القرنين" الإسكندر الذي ملك الدنيا وسمي بذلك لأنه طاف الدنيا يعني شرقها وغربها أو لأن له ضفيرتين أو لأنه انقرض في وقته قرنان من الناس وقيل كانت صفحتا رأسه من نحاس وقيل لأنه كان على رأسه شبه القرنين قاله الكرماني

(1)

وقيل معناه فارسها وكبشها وقيل معناه أنك مضروب (على) هذه الأمة بقرني رأسك وقيل رأى في النوم أنه أخذ بقرني الشمس قاله في النهاية

(2)

وقيل أراد الحسن والحسين وقيل غير ذلك.

قوله: صلى الله عليه وسلم لعلي "يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإنما الأولى لك وليست لك الآخرة" الحديث.

(1)

الكواكب الدرارى (14/ 7).

(2)

النهاية (4/ 52).

ص: 556

تنبيه: ومن الفرائض غض البصر عن المحارم وليس في النظرة الأولى بغير تعمد حرج واللّه أعلم.

2929 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه: عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ كتب على ابْن آدم نصِيبه من الزِّنَا فَهُوَ مدرك ذَلِك لَا محَالة العينان زناهما النّظر والأذنان زناهما الاسْتِمَاع وَاللِّسَان زِنَاهُ الْكَلَام وَالْيَد زنَاهَا الْبَطْش وَالرجل زنَاهَا الخطى وَالْقلب يهوى ويتمنى وَيصدق ذَلِك الْفرج أَو يكذبهُ رَوَاهُ مُسلم وَالْبُخَارِيّ بِاخْتِصَار وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ

(1)

وَفِي رِوَايَة لمُسلم وَأبي دَاوُد وَالْيَدَانِ تزنيان فزناهما الْبَطْش وَالرجلَانِ تزنيان فزناهما الْمَشْي والفم يَزْنِي فزناه الْقبل

(2)

.

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله: صلى الله عليه وسلم قال "كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا فهو مدرك ذلك لا محالة" الحديث معنى الحديث أن ابن آدم قدر عليه نصيب من الزنا فهو مدرك ذلك النصيب ومرتكبه له بلا شك الأمور المقدرة لا بد من وقوعها فمنهم من يكون زناه حقيقيا بإدخال الفرج في الفرج الحرام ومنهم من يكون زناه مجازيا بالنظر الحرام إلى من يحرم عليه النظر إليه أما بمحادثة الأجنبية في ذلك المعنى وإما بالاستماع إلى حديثها بشهوة وإما بلمسها بشهوة وإما بالمشي إلى الفاحشة وأما بالتقبيل المحرم وأما بالتمنى بالقلب والتصمم على فعل الفاحشة فكل هذه الأمور مقدمات للزنى ويطلق عليها

(1)

أخرجه البخاري (6243) و (6612)، ومسلم (25 - 2657)، وأبو داود (2152) والنسائي في الكبرى (11480).

(2)

أخرجه مسلم (21 - 2657)، وأبو داود (2153 و 2154)، وابن حبان (4423).

ص: 557

اسم الزنى مجازا وعلامة المجاز فيها لزوم التقييد فإنه لا يصح أن يقال في صاحب النظر المحرم أنه زان مطلقا بلا قيد

(1)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "مدرك ذلك" أي إدراك الذي كتب عليه وواقعه

(2)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "لا محالة" بفتح الميم المهلة وبالحاء المهملة يعني لابد

(3)

قال في النهاية

(4)

: أي لا حيلة له في التخلص من إدراك ما كتب له وأكثر ما يستعمل لا محالة بمعنى اليقين والحقيقة أو بمعنى لا بد وقال صاحب الصحاح

(5)

: المحالة الحيلة ثم قال: وقولهم لا محالة أي لابد يقال الموت آت لا محالة وقال ابن الأنباري المحالة والحول الحيلة.

قوله صلى الله عليه وسلم: "العينان زناهما النظر" أي هيئة زناهما ليست كهيئة الزنى الحقيقي الذي هو لإيلاج الفرج في الفرج المحرم وإنما هيئة النظر

(6)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "والأذنان زناهما الاستماع" قد يستدل بقوله والأذنان زناهما الاستماع إلى حديث الأجنبية بشهوة حرام والأصح عند أصحابنا أن صوتها ليس بعورة

(7)

.

(1)

طرح التثريب (8/ 19).

(2)

طرح التثريب (8/ 19).

(3)

طرح التثريب (8/ 19).

(4)

النهاية (4/ 304).

(5)

الصحاح (4/ 1681).

(6)

طرح التثريب (8/ 20).

(7)

طرح التثريب (8/ 21).

ص: 558

قوله صلى الله عليه وسلم: "واللسان زناه الكلام واليد زناها البطش" ليس معناه أن كلّ بطش محرم يطلق عليه زني إنما ذلك فيما هو من مقدمات الزنى وتفسيره

(1)

.

قوله: في رواية ابن حبان من حديث ابن عباس واليد زناهما اللمس فالمراد بطش مخصوص

(2)

.

قوله: صلى الله عليه وسلم "والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه" معناه أنه قد يتحقق الزنى بالفرج وقد لا يحققه بأن لا يولج الفرج في الفرج وإن قارب ذلك أي إن الفاحشة العظيمة والزنى التام الموجب للحد في الدنيا والعقاب في الآخرة هو الفرج فأخبر صلى الله عليه وسلم أن العين نظرها زنى إذا نظرت إلى من لا يحل لها النظر إليه من النساء وأنها توصل ذلك على النفس فتتمنى النفس وتشتهي ما رأت العين وكذلك اللسان ينطق مع من رأت العين فيكون داعيا إلى الفرج الذي هو يكذب الفعل أو يصدقه اعلم أن النفس تلتذ بواسطة الجوارح فلذلك أضاف رسول اللّه الزنى إلى الجوارح.

2930 -

وَعَن عبد اللّه بن مَسْعُود رضي الله عنه عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ العينان تزنيان وَالرجلَانِ تزنيان والفرج يَزْنِي رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد صَحِيح وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى

(3)

.

(1)

طرح التثريب (8/ 21).

(2)

طرح التثريب (8/ 21).

(3)

أخرجه أحمد 1/ 412 (3989)، والبخاري في الأدب المفرد (157)، والبزار (1956)، وأبو يعلى (5364)، والطحاوى في مشكل الآثار (2711)، والطبراني في الكبير (9/ 134 رقم 8661) و (10/ 155 رقم 10303). =

ص: 559

2931 -

وَعَن جرير رضي الله عنه قَالَ سَأَلت رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم عَن نظر الْفُجَاءَة فَقَالَ اصرف بَصرك رَوَاهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ

(1)

.

قوله: "وعن جرير" كنيته: أبو عمرو جرير بن عبد اللّه بن جابر بن مالك البجلي الأحمسي بالمهملتين الكوفي نزل الكوفة ثم تحول منها إلى قرقيسا وتوفي بها سنة إحدى وخمسين قال جرير: ما حجبني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رأني إلا تبسم في وجهي ولقد شكوت إليه أن لا أثبت على الخيل فضرب بيده على صدر وقال: "اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا" رواه الجماعة إلا أبا داود"

(2)

.

قوله: ما حجبني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت لا يفهم من هذا أن جريرا كان يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم بيته من غير إذن فإن ذلك لا يصح لحرمة بيت النبي صلى الله عليه وسلم ولما ولما يفضي ذلك على الاطلاع على ما لا يجوز من عورات النساء وإنما أراد المبالغة في الكرامة.

قوله: ولا رآني إلا ضحك في وجهي هذا منه صلى الله عليه وسلم فرح به وبشاشة للقائه وإعجاب برؤيته فإنه كان من كملة الرجال خلقا وخلقا ففيه استحباب

= قال الهيثمي في المجمع 6/ 256: رواه أحمد، وأبو يعلى وزاد:"واليدان تزنيان". والبزار والطبراني، وإسنادهما جيد. وصححه الألباني في الإرواء (428)، وصحيح الترغيب (1905).

(1)

أخرجه مسلم (45 - 2159)، وأبو داود (2148)، والترمذى (2776)، والنسائي في الكبرى (9189)، وابن حبان (5571). وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

(2)

أخرجه البخاري (3036) و (3822) و (6089، 6090)، ومسلم (134 و 135 - 2475)، والترمذى (3820 و 3821)، وابن ماجة (159).

ص: 560

هذا اللطف للوارد وفيه فضيلة ظاهرة لجرير رضي الله عنه وقول جرير (ولقد شكوت إليه أن) لا أثبت على الخيل يعني أنه كان يسقط أو يخاف السقوط عن ظهورها حالة إجرائها فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم.

قوله: سألت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم "عن نظر الفجاءة فقال: اصرف بصرك" الحديث الفجأة بضم الفاء وفتح الجيم وبالمد ويقال أيضًا بفتح الفاء وإسكان الجيم والقصر لغتان هي البغتة يقال بغته ببغته بغتا أي فجأة ونظر الفجأة أن يقع بصره على أجنبية من غير قصد فهي معفو عنها ولا إثم عليه في ذلك قال اللّه تعالى: وما جعل عليكم في الدين من حرج ويجب عليه أن يصرف بصره في الحال فإن صرف في الحال فلا إثم عليه وإن استدام النظر إثم لهذا الحديث فإنه صلى الله عليه وسلم أمره أن يصرف بصره مع قوله: تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}

(1)

فالمحرم من ذلك النظر وتأمل المحاسن ولهذا قال في حديث على المتقدم: لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليس لك الآخرة قال القاضي عياض

(2)

: قال العُلماء في هذا حجة أنه لا يجب على المرأة أن تستر وجهها في طريقها وإنما ذلك سنة مستحبة لها ويجب على الرجال غض البصر عنها في جميع الأحوال إلا لعذر شرعي وهو حالة الشهادة أو المداواة وإرادة خطبتها أو شراء الجارية أو المعاملة كما تقدم في اول هذا الباب وأنه يباح في جميع هذا قدر الحاجة دون ما زاد

(1)

سورة النور، الآية:30.

(2)

إكمال المعلم (7/ 37).

ص: 561

على ذلك واللّه أعلم وقيد صاحب المفهم مقالة القاضي عياض بما إذا لم يخش الإفتتان

(1)

.

2932 -

وَعَن عبد اللّه يَعْنِي ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم الْإِثْم حواز الْقُلُوب وَمَا من نظرة إِلَّا وللشيطان فِيهَا مطمع رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَغَيره

(2)

وَرُوَاته لا أعلم فيهم مجروحا لَكِن قيل صَوَابه الْوُقُوف حواز الْقُلُوب بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْوَاو وَهُوَ مَا يحوزها ويغلب عَلَيْهَا حَتَّى ترتكب مَا لا يحسن وَقيل بتَخْفِيف الْوَاو وَتَشْديد الزَّاي جمع حازة وَهِي الأُمُور الَّتِي تحز فِي الْقُلُوب وتحك وتؤثر وتتخالج فِي الْقُلُوب أَن تكون معاصي وَهَذَا أشهر.

قوله: وعن عبد اللّه يعني ابن مسعود رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله: صلى الله عليه وسلم "الإثم حواز القلوب" قد فسر الحافظ رحمه الله فقال وحواز يفتح الحاء المهملة وتشديد الواو وهو ما يجوزها ويغلب عليها حتى ترتكب ما لا يحس ا. هـ وهكذا قال شمر: بتشديد الواو من حاز يجوز أي لجميع

(1)

المفهم (18/ 6).

(2)

أخرجه البيهقى في الشعب (7/ 307 رقم 5051) عن ابن مسعود مرفوعًا. قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء (1/ 32): بعد ما عزاه للبيهقي من حديث ابن مسعود: ورواه العدني في مسنده موقوفًا عليه. وأخرجه ابن أبي عمر كما في المطالب العالية (1590)، وهناد في الزهد (2/ 465)، وأبو داود في الزهد (125)، والطبراني في الكبير (9/ 149 رقم 7848 و 7849)، وأبو طاهر المخلص في المخلصيات (2212).

وقال الهيثمي في المجمع 1/ 176: رواه الطبراني كلّه بأسانيد رجالها ثقات. وصحح الألباني وقفه كما في الصحيحة (2613) وصحيح الترغيب (1907).

ص: 562

القلوب ويغلب عليها ا. هـ، وقيل بتخفيف الواو تشديد الزاي جمع حازة وهي الأمور التي تحز في القلوب وتحك وتؤثر وتتخالع في القلوب أن تكون معاصي وهذا أشهر قاله المنذري وكذلك قال: شمر المشهور تشديد الزاي

(1)

1. هـ.

قوله: صلى الله عليه وسلم "وما من نظرة إلا وللشيطان فيها مطمع" تقدم الكلام على النظرة.

2933 -

وَرُوِيَ عَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لتغضن أبصاركم ولتحفظن فروجكم أَو ليكسفن اللّه وُجُوهكُم رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ

(2)

.

قوله: عن أبي أمامة رضي الله عنه: تقدم الكلام عليه.

قوله: صلى الله عليه وسلم قال "لتغضن أبصاركم ولتحفظن فروجكم أو ليكسفن اللّه وجوهكم" غض البصر هو عبارة عن انكفافه عما لا يجوز النظر إليه وحفظ الفرج هو عبارة عن الوقوع في الزنى.

قوله: "ليكسفن اللّه وجوهكم" كسف الوجوه هو عبارة (عن التغير إلى السواد).

2934 -

وَعَن أبي سعيد رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم مَا من صباح إِلَّا وملكان يناديان ويل للرِّجَال من النِّسَاء وويل للنِّسَاء من الرِّجَال رَوَاهُ ابْن

(1)

النهاية (1/ 378 و 1/ 114).

(2)

أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 208 رقم 7840). وقال الهيثمي في المجمع 8/ 63: رواه الطبراني، وفيه علي بن يزيد الألهاني وهو متروك. وقال الألباني في ضعيف الترغيب (1197): ضعيف جدًّا.

ص: 563

مَاجَه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الإِسْنَاد

(1)

.

قوله: وعن أبي سعيد رضي الله عنه هو الخدري واسمه: سعد بن مالك الخدري وخدرة اسم قبيلة من الأنصار تقدم الكلام عليه مبسوطًا.

قوله: صلى الله عليه وسلم ما من صباح إلا وملكان يناديان "ويل للرجال من النساء وويل للنساء من الرجال" ويل قيل اسم واد في جهنم وقيل اسم حجر فيها وتقدم الكلام على ذلك في إسباغ الوضوء وفي الزكاة في ذكر العرفاء.

فائدة في الحديث النساء حبائل الشيطان أي مصائدة الحبائل بالحاء المهملة والباء الموحّدة جمع حبالة بالكسر وحبالة جمع حبل على غير قياس وهي المصائد ومنه حديث ابن ذي يزن وينصبون له الحبائل والحبالة المصيدة من أي شيء كاشف وحبائل الموت أسبابه

(2)

ا. هـ.

(1)

أخرجه عبد بن حميد (963)، وابن ماجة (3999)، وابن أبي الدنيا في الإشراف (32)، والبزار كما في كشف الأستار (3424)، وابن عدي في الكامل (3/ 922)، والحاكم 2/ 159 و 4/ 559. قال البزار: لا نعلم رواه بهذا الإسناد إلا خارجة، وهو صالح. وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي في الموضع الأول فقال: خارجة واه وقال في الثانى: خارجة ضعيف. وقال الهيثمي في المجمع: رواه البزار، وفيه خارجة بن مصعب الخراساني، وهو ضعيف جدًّا. وقال يحيى بن يحيى: مستقيم الحديث، وبقية رجاله ثقات.

وقال البوصيرى في الزجاجة 4/ 181: هذا إسناد فيه خارجة وهو ضعيف ورواه أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده عن وكيع هكذا ورواه عبد بن حميد في مسنده عن أبي بكر بن أبي شيبة به ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد. وقال الألباني في الضعيفة (2018) وضعيف الترغيب (1198): ضعيف جدًّا.

(2)

النهاية (1/ 333 - 334).

ص: 564

2935 -

وَرُوِيَ عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت بَيْنَمَا رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم جَالس فِي الْمَسْجِد إِذْ دخلت امْرَأَة من مزينة ترفل فِي زِينَة لَهَا فِي الْمَسْجِد فَقَالَ النَّبِيّ يَا أَيهَا النَّاس انهوا نساءكم عَن لبس الزِّينَة والتبختر فِي الْمَسْجِد فَإِن بني إِسْرَائِيل لم يلعنوا حَتَّى لبس نِسَاؤُهُم الزِّينَة وتبختروا في الْمَسَاجِد رَوَاهُ ابْن مَاجَه

(1)

.

قوله: وروي عن عائشة رضي الله عنها هي أم المؤمنين أم عبد اللّه رضي الله عنها ففي موضعين أحدهما أن عائشة وغيرها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يقال: لها أمهات المؤمنين لقوله عز وجل: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}

(2)

ولهذا حرم نكاحهن على غيره بدليل: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا}

(3)

ولأنه كان النبي صلى الله عليه وسلم للناس كالأب لرأفته ورحمته بهم ولذلك قال: صلى الله عليه وسلم "إنما أنا لكم كالوالد أعلمكم كن أزواجه مالإمهات لهم" فأما قوله عز وجل: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ}

(4)

فالمراد هي أبوة النسب ولذلك لم يعيش له ابن حتى

(1)

أخرجه إسحاق (855)، وابن ماجة (1908)، وابن أبي الدنيا في النفقة على العيال (403). قال البوصيرى في الزجاجة 4/ 181: هذا إسناد ضعيف داود بن مدرك لا يعرف وموسى بن عبيدة ضعيف رواه محمد بن يحيى بن أبي عمر في مسنده ثنا مروان ثنا موسى بن عبيدة حدّث داود بن مدرك فذكره بالإسناد والمتن ورواه أبو بكر بن أبي شيبة هكذا ورواه أحمد بن منيع في مسنده عن مروان بن معاوية عن موسى بن عبيدة به.

وضعفه الألباني في الضعيفة (4821)، وضعيف الجامع (6385)، وضعيف الترغيب (1199) و (1239).

(2)

سورة الأحزاب، الآية:6.

(3)

سورة الأحزاب، الآية:53.

(4)

سورة الأحزاب، الآية:40.

ص: 565

يصير من الرجال الموضع الثاني إنما كنيت عائشة رضي الله عنها أم عبد اللّه بابن أختها أسماء عبد اللّه بن الزبير روى أنهتا قالت يا رسول اللّه كلّ نسألك لهن كنوز إلا أنا فقال صلى الله عليه وسلم اكتنى بابن أختك عبد اللّه بن الزبير فقيل لها أم عبد اللّه وإلا فالأصح أنها لم تلد من النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا وقيل ألقت منه سقطا ذكره السهيلي في الروض الأنف على سيرة ابن هشام

(1)

وليس ذلك بثابت واللّه أعلم.

قوله: بينما رسول اللّه صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد إذ دخلت امرأة من مزينة ترفل في زينة لها في المسجد. تقدم الكلام على بينما في حديث جبريل عليه السلام المطول وغيره ومزينة بضم الميم وفتح الزاي اسم قبيلة من مضر وترفل في زينة الرافلة هي التي ترفل في ثوبها أي تبتخر والرفل الذيل يقال رفل إزاره إذا أسبله وتبختر فيه

(2)

واللّه أعلم.

2936 -

وَعَن عقبَة بن عَامر رضي الله عنه أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ إيَّاكُمْ وَالدُّخُول على النِّسَاء فَقَالَ رجل من الأَنْصَار أَفرَأَيْت الحم قَالَ الحم الْمَوْت" رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ ثمَّ قَالَ وَمعنى كَرَاهِيَة الدُّخُول على النِّسَاء على نَحْو مَا رُوِيَ عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يخلون رجل بِامْرَأَة إِلَّا كَانَ ثالثهما الشَّيْطَان.

(3)

(1)

الروض الأنف (7/ 568).

(2)

النهاية (2/ 247).

(3)

أخرجه البخاري (5232)، ومسلم (20 - 2172)، والترمذى (1171).

وأما الحديث الثانى: أخرجه الترمذي (2165)، وابن حبان (4576) و (5586) و (6728) و (7254). وصححه الألباني في الصحيحة (430) و (1116) وصحيح الترغيب (1908).

ص: 566

الحم بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْمِيم وبإثبات الْوَاو أَيْضًا وبالهمز أَيْضًا هُوَ أَبُو الزَّوْج وَمن أدلى بِهِ كالأخ وَالْعم وَابْن الْعم وَنَحْوهم وَهُوَ المُرَاد هُنَا كذَا فسره اللَّيْث بن سعد وَغَيره وَأَبُو الْمَرْأَة أَيْضًا وَمن أدلى بِهِ وَقيل بل هُوَ قريب الزَّوْج فَقَط وَقيل قريب الزَّوْجَة فَقَط قَالَ أَبُو عبيد فِي مَعْنَاهُ يَعْنِي فليمت وَلَا يفعلن ذَلِك فَإِذا كَانَ هَذَا رِوَايَة فِي أَب الزَّوْج وَهُوَ محرم فَكيف بالغريب انْتهى.

قوله: وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه هو الجهني تقدم الكلام عليه.

قوله: صلى الله عليه وسلم قال "إياكم والدخول على النساء" أي احذروا والدخول على النساء.

قوله: فقال "رجل من الأنصار أفرأيت الحم قال الحم الموت" أي خلوته معها أشد من خلوة غيره قال الحافظ رحمه الله: الحمو هو أبو الزوج ومن أدلى به كالأخ والعم وابن العم ونحوهم وهو المراد هنا كذا فسره الليث بن سعد وغيره أبو المرأة أيضًا ومن أدلى له وقيل هو قريب الزوج فقط وقيل قريب الزوجه فقط وقال أبو عبيد

(1)

: في معناه يعني فلتمت ولا يفعل ذلك أي لا يمكن الحمو من الدخول عليها فغذا كان رأيه في أبي الزوج وهو محرم فكيف بالغريب ا. هـ وقال غيره: في الحمو أربع لغات إحداها هذا حموك بضم الميم ورأيت حماك ومررت بحميك والثانية هذا حمئك بإسكان الميم وهمزة مرفوعة ورأيت حمأك ومررت بحمئك والثالثة حما وهذا حماك ورأيت حماك ومررت بحماك كقفي وقفاك والرابعة حم كأب وأصل وحمو

(1)

نقله الهروى في تهذيب اللغة (5/ 176) والمازرى في المعلم بفوائد مسلم (3/ 153).

ص: 567

بفتح الحاء والميم وحماة المرأة أم زوجها ولا يقال فيها غير هذا والحمو واحد الأحماء وهم أقارب الزوج فالأحماء من جهة الرجال والأصهار من جهة النساء والأختان تجمعهما كذا في المطالع

(1)

وقال غيره الصهر أعم، وأصل المصاهرة المقاربة

(2)

يقال صهره وأصهره إذا قربه وأدناه

(3)

والمراد بالحمو هنا أقارب الزوج غير ءابائه وأبنائه فأما الأباء والأبناء فمحارم لزوجته فيجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفوا بالموت وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابنه ونحوهم ممن ليس بمحرم ومعنى الحمو الموت

(4)

قال ابن الأعرابي وابن الأثير في النهاية

(5)

هذه كلمة تقولها العرب كما تقول الأسد الموت والسلطان نار أي لقاؤهما مثل الموت والنار يعني بهذا الكلام أن خلوة الحمو معها أشد من خلوة غيره من البعداء الغرباء لأن الخوف منه أكثر من غيره والشر يتوقع منه والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن ينكر عليه أحد بخلاف الأجنبي وعادة الناس المساهلة فيه ويخلو بامرأة أخيه ولأنه ربما حسن لها أشياء وحملها على أمور تثقل على الزوج من التماس ما ليس في وسعه أو سوء عشرة أو غير ذلك فهذا هو الموت فهو أولى بالمنع من الأجنبي لما ذكرناه فهذا الذي

(1)

مطالع الأنوار (2/ 298)، وفتح البارى (1/ 146).

(2)

فتح البارى (1/ 146).

(3)

غريب الحديث (1/ 663) للخطابي، والمشارق (2/ 51).

(4)

شرح النووي على مسلم (14/ 154)، وشرح المشكاة (7/ 2269).

(5)

النهاية (1/ 448).

ص: 568

ذكرته هو صواب معنى الحديث

(1)

واللّه أعلم وهذا كلّه إذا أدى الحال إلى خلوة محرمة فإن كان عند الزوجة من يستحيي منه كامرأة أو عبد أو صبي مميز جاز الدخول للحاجة واللّه أعلم.

2937 -

وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنها أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يخلون أحدكُم بِامْرَأَة إِلَّا مَعَ ذِي محرم رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم، وَتقدم فِي أَحَادِيث الْحمام حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَفِيه وَمن كَانَ يُؤمن باللّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يخلون بِامْرَأَة لَيْسَ بَينهَا وَبَينه محرم رَوَاهُ الطَّبرانيّ

(2)

.

قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنها تقدم الكلام.

قوله: صلى الله عليه وسلم قال "لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم" معنى الحديث كراهية الدخول على النساء على نحو ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان

(3)

لا يخلون أكده بالنون اهتماما

(1)

شرح النووي على مسلم (14/ 154).

(2)

أخرجه أحمد 1/ 222 (1934)، والبخارى (1862) و (3006) و (5233)، ومسلم (424 - 1341) وابن خزيمة (2529) وابن حبان (2731) و (3757). والطبراني في الكبير (11/ 425 رقم 12202 و 12203) عن ابن عباس باللفظ الأول. وأخرجه الطبراني في الكبير (11/ 191 رقم 11462) باللفظ الثانى.

قال الهيثمي في المجمع 1/ 279: رواه الطبراني في الكبير، وفيه يحيى بن أبي سليمان المدني، ضعفه البخاري وأبو حاتم، ووثقه ابن حبان. وصححه الألباني في الإرواء (977)، وصحيح الترغيب (172) و (1909).

(3)

أخرجه الترمذي (2165)، وابن حبان (4576). وصححه الألباني في الصحيحة (430 و 1116) المشكاة (6003).

ص: 569

وتشديد التحريم والرحم القرابة وفي هذا الحديث لا يخلو أحدكم بامرأة وفي حديث آخر لا يخلو أحد بامرأة فيشمل الرجل والمراهق الذي تخشى منه المفسدة والحر والعبد والمرأة التي يتأتي منها القبيح.

قوله: "إلا مع ذي رحم محرم" وفي حديث آخر إلا ومعها ذو محرم وجاء في مسلم إلا ومعها رجل أو اثنان أي من المحارم وإنما نهى عن ذلك سدا لذريعة الخلوة ودفعا لما يؤدي إلى النميمة لعموم المفاسد وخبث المقاصد ولقد بالغ مالك رحمه الله حتى منع خلوة المرأة بابن زوجها والسفر معه وإن كانت محرمة عليه لأنه ليس كلّ أحد يمتنع بالمانع الشرعي إذا لم يقارنه مانع ديني أو عادي فإن نفرته من حماته ليست كنفرته من أمه وأخته وحمل في المفهم الرجل أو الرجلين على الأجانب فجوز الخلوة للرجلين فأكثر إذا كانوا صالحين وحمل الحديث على زمن السلف دون زماننا

(1)

وكذلك تأول الحديث النووي على من يمنعه صلاحه ودينه أو مروءته وتقدم عن الشافعية أنهم لا يجيزون خلوة رجلين بامرأة مطلقا ويجيزون خلوة امرأتين برجل والفرق بينهما أن استحياء المرأة من المرأة أكثر من استحياء الرجل من الرجل قال النووي

(2)

: في هذا الحديث تحريم الخلوة بالأجنبية وإباحة الخلوة لمحارمها وهذا مجمع عليه والمحرم كلّ من حرم نكاحها على التأييد بسبب مباح لحرمتها ا. هـ وفي حديث الحمام من كان يؤمن باللّه واليوم

(1)

المفهم (18/ 9 - 10).

(2)

شرح النووي على مسلم (14/ 153).

ص: 570

فلا يخلو بامرأة ليس بينه وبينها محرم ومن يحرم عليه نكاحها.

تنبيه: الخلوة بالأجنبية من الصغائر وفي الصحيحين وغيرهما النهي عن ذلك وقد صرح الإمام أبو عبد اللّه القرطبي في تفسيره

(1)

في سورة الممتحنة: بأن الخلوة بغير مرحم من الكبائر

(2)

واللّه أعلم.

2938 -

وَعَن معقل بن يسَار رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم لِأَن يطعن فِي رَأس أحدكُم بمخيط من حَدِيد خير لَهُ من أَن يمس امْرَأَة لا تحل لَهُ رَوَاهُ الطَّبَرَانيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَرِجَال الطَّبَرَانِيّ ثِقَات رجال الصَّحِيح

(3)

.

الْمخيط بِكَسْر الْمِيم وَفتح الْيَاء هُوَ مَا يخاط بِهِ كالإبرة والمسلة وَنَحْوهمَا.

قوله: وعن معقل بن يسار

(4)

رضي الله عنه (هو أبو عبد اللّه، ويقال: أبو يسار، وأبو على معقل بن يسار بن معبر بن حراق ومعبر بضم الميم، وفتح العين المهملة، وكسر الموحّدة المشددة، وقيل: معير بكسر الميم، وإسكان العين، وفتح المثناة تحت، وحراق بضم الحاء المهملة، وقيل: حسان بدل حراق، وكان معقل هذا من مشهورى الصحابة، شهد بيعة الرضوان، ونزل البصرة، وبها

(1)

الجامع لأحكام القرآن (18/ 74).

(2)

تنبيه الغافلين (ص 325).

(3)

أخرجه الروياني (1283)، والطبرانى (20/ 211 رقم 486 و 487). قال الهيثمي في المجمع 4/ 326: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني في الصحيحة (226) وصحيح الترغيب (1910) وغاية المرام (196 و 403).

(4)

ترجمته: الاستيعاب 3/ 2464، وأسد الغابة 4/ 5031، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ 593، وتهذيب الكمال 28/ 6095، والإصابة 6/ 8160.

ص: 571

توفى في آخر خلافة معاوية، وقيل: توفى أيام يزيد. رُوى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة وثلاثون حديثًا، اتفقا على حديث، وانفرد البخاري بحديث، ومسلم بحديثين. روى عنه عمرو بن ميمون، وأبو عثمان النهدي، والحسن البصرى).

قوله: صلى الله عليه وسلم "لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له" المخيط هو ما يحاط به الإبرة والمسلة ونحوهما كذا فسره الحافظ.

2939 -

وَرُوِيَ عَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه عَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ إياك وَالْخلْوَة بِالنسَاء وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا خلا رجل بِامْرَأَة إِلَّا وَدخل الشَّيْطَان بَينهمَا وَلِأَن يزحم رجل خنزيرا متلطخا بطين أَو حمأة خير لَهُ من أَن يزحم مَنْكِبه منْكب امْرَأَة لا تحل لَهُ حَدِيث غَرِيب رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ

(1)

الحمأة بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْمِيم بعْدهَا همزَة وتاء تَأْنِيث هُوَ الطين الأسود المنتن.

قوله: وروي عن أبي أمامة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله: صلى الله عليه وسلم قال "إياك والخلوة بالنساء" تقدم الكلام على الخلوة بالأجنبية.

قوله: صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده ما خلا رجل بامرأة إلا ودخل الشيطان بينهما" تقدم الكلام على ذلك.

(1)

أخرجه الروياني (1213)، والطبرانى في الكبير (8/ 205 رقم 7830). قال الهيثمي في المجمع 4/ 326: رواه الطبراني، وفيه علي بن يزيد الألهاني، وهو ضعيف جدًّا، وفيه توثيق. وقال الألباني في الضعيفة (6056): منكر جدًّا، وقال في ضعيف الترغيب (1200): ضعيف جدًّا.

ص: 572

قوله: صلى الله عليه وسلم "ولأن يزحم رجل خنزيرا متلطخا بطين أو حمأة خير له من أن يزحم منكبه منكب امرأة لا تحل له" الحمأة هو الطين الأسود المنتن كذا فسره الحافظ.

ص: 573