المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الترهيب من غصب الأرض وغيرها] - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ٨

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌التَّرْغِيب فِي الاقتصاد فِي طلب الرزق والإجمال فِيهِ وَمَا جَاءَ فِي ذلّ الْحِرْص وَحب المَال

- ‌[التَّرْغِيب فِي طلب الْحَلَال وَالْأكل مِنْهُ والتَّرهيب ما اكْتِسَاب الْحَرَام وَأكله ولبسه وَنَحْو ذَلِك]

- ‌[الترغيب في الورع وترك الشبهات وما يحوك في الصدور]

- ‌[الترغيب في السماحة في البيع والشراء وحسن التقاضي والقضاء]

- ‌[الترغيب في إقالة النادم]

- ‌[الترهيب من بخس الكيل والوزن]

- ‌[الترهيب من الغش والترغيب في النصيحة في البيع وغيره]

- ‌[الترهيب من الاحتكار]

- ‌[ترغيب التجار في الصدق وترهيبهم من الكذب ومن الحلف وإن كانوا صادقين]

- ‌[الترهيب من خيانة أحد الشريكين الآخرة]

- ‌[الترهيب من التفريق بين الوالدة وولدها بالبيع ونحوه]

- ‌[الترهيب من الدين وترغيب المستدين والمتزوج أن ينوبا الوفاء والمبادرة إلى قضاء دين الميت]

- ‌[الترهيب من مطل الغني والترغيب في إرضاء صاحب الدين]

- ‌[الترغيب في كلمات يقولهن المديون والمهموم والمكروب والمأسور]

- ‌[الترهيب من اليمين الكاذبة الغموس]

- ‌[الترهيب من الربا]

- ‌[الترهيب من غصب الأرض وغيرها]

- ‌[الترهيب من البناء فوق الحاجة تفاخرا وتكاثرا]

- ‌[الترهيب من منع الأجير أجره والأمر بتعجيل إعطائه]

- ‌[ترغيب المملوك وأداء حق اللّه تعالى وحق مواليه]

- ‌[ترهيب العبد من الإباق من سيده]

- ‌[الترغيب في العتق والترهيب من اعتباد الحر أو بيعه]

- ‌(فصل)

- ‌كتاب النكاح

- ‌الترغيب في غض البصر والترهيب من إطلاقه ومن الخلوة

- ‌[الترغيب في النكاح سيما بذات الدين الولود]

- ‌فصل

- ‌فصل يذكر فيه خلق آدم وتزويجه بحواء وخروجهما من الجنة وتوبة اللّه عليهما وغير ذلك مما يتعلق بالحديث

- ‌فصل في تزويج آدم بحواء عليها السلام

- ‌فصل في خروج آدم وحواء من الجنة وبكائها وتوبة اللّه عليهما

- ‌[الترهيب من ترجيح إحدى الزوجات وترك العدل بينهم]

- ‌[الترغيب في النفقة على الزوجة والعيال والترهيب من إضاعتهم وما جاء في النفقة على البنات وتأديبهن

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌[الترغيب في الأسماء الحسنة وما جاء في النهي عن الأسماء القبيحة وتغييرها]

- ‌[فصل]

الفصل: ‌[الترهيب من غصب الأرض وغيرها]

[الترهيب من غصب الأرض وغيرها]

2867 -

عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: من ظلم قيد شبر من الأرْض طوقه من سبع أَرضين رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم

(1)

.

قوله: عن عائشة رضي الله عنها تقدم الكلام عليها.

قوله صلى الله عليه وسلم: قال "من ظلم قيد شبر من الأرض" الحديث الظلم وضع الشيء في غير موضعه والقيد هو بكسر القاف وإسكان الياء أي قدر شبر يقال: قيد وقاد وقيس وقاس بمعنى واحد والله أعلم.

2868 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ من أَخذ من الأرْض شبْرًا بِغَيْر حَقه طوقه من سبع أَرضين رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَادَيْنِ أَحدهمَا صَحِيح وَمُسلم إِلَّا أَنه قَالَ لا يَأْخُذ أحد شبْرًا من الأرْض بِغَيْر حَقه إِلَا طوقه الله إِلَى سبع أَرضين يَوْم الْقِيَامَة قَوْله طوقه من سبع أَرضين

(2)

قيل أَرَادَ طوق التَّكْلِيف لا طوق التَّقْلِيد وَهُوَ أَن يطوق حملهَا يَوْم الْقِيَامَة وَقيل إِنه أَرَادَ أَنه يخسف بِهِ الأرض فَتَصِير الْبقْعَة الْمَغْصُوبَة فِي عُنُقه كالطوق قَالَ الْبَغَوِيّ وَهَذَا أصح ثمَّ روى بِإِسْنَادِهِ

(1)

أخرجه البخاري (3195) و (2453)، ومسلم (142 - 1612).

(2)

أخرجه الطيالسى (2532)، وابن أبي شيبة في المصنف 4/ 449 (22016)، وأحمد 2/ 387 (9141) و 2/ 388 (9166) و 2/ 432 (9712)، ومسلم (141 - 1611)، والبزار (8359 و 8360)، والطبرى في تهذيب الآثار - مسند على (282 و 283)، وأبو عوانة في المستخرج (5968 و 5969)، وابن حبان (5161) و (5162).

ص: 418

عَن سَالم عَن أَبِيه رضي الله عنهما قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم من أَخذ من الأرْض شبْرًا بِغَيْر حَقه خسف بِهِ يَوْم الْقِيَامَة إِلَى سبع أَرضين. وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ وَغَيره

(1)

.

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه: تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: قال "من أخذ من الأرض شبرا بغير حقه طوقه من سبع أرضين" قال الحافظ المنذري: قيل أراد طوق التكليف لا طوق التقليد وهو أن يطوق حملها يوم القايمة وقيل أنه أراد أن تخسف به الأرض فتصير البقعة المغصوبة في عنقه كالطوق قاله البغوي

(2)

وهذا أصح ا. هـ وقال غيره: قوله: "من سبع أرضين" قال أهل اللغة: أرضون بفتح الراء وفيها لغة قليلة بإسكانها حكاها الجوهري

(3)

وغيره قال: العلماء هذا تصريح بأن الأرضين سبع طباق وهو موافق لقوله تعالى: {خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ}

(4)

وأما تأويل المماثلة على الهيئة والشكل فخلاف الظاهر قال الواحدي

(5)

: في قوله

(1)

أخرجه أحمد في المسند 2/ 99 (5844)، والبخارى (2454) و (3196)، والطحاوى في مشكل الآثار (6148).

(2)

شرح السنة (8/ 229).

(3)

الصحاح (3/ 1063) للجوهرى، ومختار الصحاح (1/ 17) للرازى، لسان العرب (7/ 112).

(4)

سورة الطلاق، الآية:12.

(5)

التفسير الوسيط (21/ 523). وقول قتادة أسنده عبد الرزاق في التفسير (3240)، والطبرى في جامع البيان (23/ 85).

ص: 419

تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ}

(1)

عن قتادة قال: في أرض من أرضه وسماء من سمائه خلق من خلقه وأمر من أمره وقضاء من قضائه وإنما جمعت السموات في القرآن وأفردت الأرض للخفة في اللفظ وقيل لأن الأرض من جنس واحد بخلاف السموات وهذا يحتاج إلى توقيف والمثلية هنا للعدد لا للصفة والكيفية والجرم وقد استدل به الداودي

(2)

على أن السبع لم يفتق بعضها من بعض بالاستيلاء عليها ومنع صاحبها من الانتفاع بها وقد جاء في غلظهن وما بينهن حديثان في الترمذي ولم يصحا أحدهما فيه سبعون أو اثنان وسبعون سنة والآخر خمسمائة عام

(3)

وجمع بينهما باختلاف السير فالأول للبطئ والآخر للسريع والله أعلم وفيه رد على من قال المراد بالحديث سبع أرضين من سبع أقاليم لا أن الأرضين سبع طبقات فهذا تأويل باطل أبطله العلماء فإنه لو كان كذلك لم يطوق الظالم بالشبر في الملك فمن ملك شيئا من هذه الأرض ملكه وما

(1)

سورة الطلاق، الآية:12.

(2)

إكمال المعلم (5/ 320).

(3)

أخرجه الترمذي (2540) عن أبي سعيد بلفظ: ارْتفَاعُهَا لَكَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ. وقال هذا حديث غريب. وضعفه الألباني. وأخرجه (3298) عن أبي هريرة بلفظ: فَإِنَّ تَحْتَهَا أَرْضًا أُخْرَى، بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ. وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ. وضعفه الألباني. وأخرجه أيضا (3320) عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بلفظ "هَلْ تَدْرُونَ كَمْ بُعْدُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ؟ " قَالُوا: لَا، وَاللهِ مَا نَدْرِي، قَالَ:"فَإِنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَهُمَا إِمَّا وَاحِدَةٌ، وَإِمَّا اثْنَتَانِ، أَوْ ثَلَاثٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً، وَالسَّمَاءُ الَّتِي فَوْقَهَا كَذَلِكَ، حَتَّى عَدَّدَهُنَّ سَبع سَمَوَاتٍ كَذَلِكَ". وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وضعفه الألباني.

ص: 420

تحته من الطباق وما فوقه من المعادن والكنوز والحديث يدل لذلك وقيل هو للمسلمين وله منع من حفر تحتها سربا أو بئرا سواء أضر به أولم يضر ا. هـ وأما التطويق المذكور في الحديث فقالوا يحتمل أن معناه أنه يحمل مثله من سبع أرضين ويكلف إطاقة ذلك ويحتمل أن يجعل له كالطوق في عنقه كما قال سبحانه وتعالى: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}

(1)

وقيل معناه أنه يطوق إثم ذلك ويلزمه كلزوم الطوق لعنقه وعلى تقرير التطويق في عنقه يطول الله عنقه كما جاء في غلط جلد الكافر أنه أربعون ذراعا وإن ضرسه كأحد وإن فخذه كورقان رواه أحمد في المسند

(2)

وفي هذا الحديث تحريم الظلم وتحريم الغضب وتغليظ عقوبته وفيه إمكان غصب الأرض وهو مذهبنا ومذهب الجمهور بالاستيلاء عليها ومنع صاحبها من الانتفاع بها وقال أبو حنيفة لا يتصور غصب الأرض قاله المنذري.

2869 -

وَعَن يعلى بن مرّة رضي الله عنه قَالَ سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول أَيّمَا رجل ظلم شبْرًا من الأرْض كلفه الله عز وجل أَن يحفره حَتَّى يبلغ بِهِ سبع أَرضين ثمَّ يطوقه يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يقْضِي بَين النَّاس

(3)

رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن

(1)

سورة آل عمران، الآية:180.

(2)

أخرجه أحمد في المسند 2/ 328 (8460) والحاكم (4/ 595) عن أبي هريرة و 9/ 23 (11404) عن أبي سعيد. وصححه الألباني في الصحيحة (1105) وصحيح الجامع (3890) من طريق أبى هريرة.

(3)

أخرجه أحمد وابنه عبد الله في زوائده على المسند 4/ 173 (17845)، وعبد بن حميد (407)، والطبرى في تهذيب الآثار - مسند علي (289)، والخرائطى في مساوئ =

ص: 421

حبان فِي صَحِيحه وَفِي رِوَايَة لِأحْمَد وَالطَّبَرَانِيّ عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من أَخذ أَرضًا بِغَيْر حَقّهَا كلف أَن يحمل ترابها إِلَى الْمَحْشَر

(1)

وَفِي رِوَايَة للطبراني فِي الْكَبِير من ظلم من الأرْض شبْرًا كلف أَن يحفره حَتَّى يبلغ المَاء ثمَّ يحملهُ إِلَى الْمَحْشَر

(2)

.

قوله: وعن يعلى بن مرة رضي الله عنه: (هو أبو المَرَازِم يَعْلى بن مُرّة بن وهيب بن جَابر، من بني عَوف بن ثقيف الثَّقَفي، وأمه سَيَابة وبها يعرف. شهدَ الحُديبيةَ وخيبرَ، والفتح، وحنينًا، والطائف) روى يعلى بن مرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة وعشرين حديثا.

قوله: صلى الله عليه وسلم "أيما رجل ظلم شبرا من الأرض كلفه الله عز وجل أن يحفره

= الأخلاق (633)، وابن حبان (5164)، والطبراني في الكبير 22/ 270 (692). وقال الهيثمي في المجمع 4/ 175: رواه أحمد، والطبراني في الكبير والصغير بنحوه بأسانيد، ورجال بعضها رجال الصحيح وقال:"ثم يطوقه يوم القيامة". وصححه الألباني في الصحيحة (240) وصحيح الترغيب (1868)، والمشكاة (2960).

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 4/ 449 (22013)، وأحمد 4/ 172 (17832) و 4/ 173 (17843)، وعبد بن حميد (406)، والدولابي في الكنى (318)، والطبرى في تهذيب الآثار - مسند علي (284 و 285)، والطحاوى في مشكل الآثار (6150 و 6151)، والطبرانى في الكبير 22/ 269 (690) و 22/ 270 (691)، والخطيب في موضح أوهام الجمع (1/ 272) و (2/ 245) و (2/ 246). وصححه الألباني في الصحيحة (242) وصحيح الترغيب (1868).

(2)

أخرجه الطبراني في الكبير 22/ 271 (695). قال الهيثمي في المجمع 4/ 175: وفيه جابر الجعفي، وهو ضعيف، وقد وثق. وقال الألباني في الضعيفة (6765): منكر جدا. وقال في ضعيف الترغيب (1169): ضعيف جدا.

ص: 422

حتى يبلغ به سبع أرضين ثم يطوقه يوم القيامة" تقدم تفسير.

2870 -

وَعَن سعد بن أبي وَقاص رضي الله عنه: قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أَخذ شَيْئا من الأرْض بِغَيْر حلّه طوقه من سبع أَرضين لا يقبل مِنْهُ صرف وَلا عدل. رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ من رِوَايَة حَمْزَة بن أبي مُحَمَّد

(1)

.

قوله: وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه تقدم.

قوله: صلى الله عليه وسلم "من أخذ شيئا من الأرض بغير حله طوقه من سبع أرضين" وفي الرواية الأخرى "شبرا" والمعنى مع الروايتين مستقيم إلا أن الشيء أعم والشبر وإن كان مقدرا لم يذكر لمقداره وإنما ذكر التقليل فيستوي فيه ما فوق الشبر وما دونه بما فهم من التعليل وقد تضمن هذا الحديث تشديد الوعيد في ظلم الأرض وبيان عقوبة الظالم لها وفيه دليل إن مالك وجه الأرض مالك لباطنها بدليل عقوبة الغاصب بتطويقها من سبع أرضين ولا يقدح جهالة باطنها في صحة ملك المبتاع لها كشراء الدار بجدرانها من غير

(1)

أخرجه البزار (1137)، وأبو يعلى (744)، والطبرى في تهذيب الآثار - مسند على (290)، والطبراني في الأوسط (5/ 223 - 224 رقم 5149). قال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن سعد بهذا اللفظ وبتمام هذا الكلام إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد. وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن بجاد بن موسى إلا حمزة بن أبي محمد، تفرد به: حاتم بن إسماعيل. وقال الهيثمي في المجمع 4/ 175: رواه أبو يعلى والبزار والطبرانى في الأوسط وفيه حمزة بن أبي محمد: ضعفه أبو حاتم وأبو زرعة وحسن الترمذى حديثه.

قال البوصيرى في الإتحاف 3/ 259: مدار حديث سعد على حمزة بن أبي محمد، وهو ضعيف. وقال الألباني في الضعيفة (6761): منكر بزيادة: (جملة الصرف). وقال في ضعيف الترغيب (1170): ضعيف جدا.

ص: 423

كشف عن مقادير الجدران للضرورة الداعية إلى ذلك وقد ورد في التحذير من ظلم الأرض والتشديد فيه كثير من الأخبار والآثار والسر هنا في أنها أشد من غيرها من المظالم إن ظلمها يدوم بدوامها ويبقى بقيامها لا يزول حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين بخلاف ظلم غيرها فإنه يفنى بفنائه ويستقر إلى حين انفصاله ا. هـ قاله في التاريخ.

قوله: "لا يقبل منه صرف ولا عدل" أي فريضة ولا نافلة على أحد التفاسير وفي بعضها فيدفع إليه يهودي أو نصراني فيقال: هذا فكاكك من النار أي خلاصك منها أي فداؤك ومنه فكاك الزهر والرقبة وهو خلاصها من الرق وعهدة الارتهان وإطلاقه لربه ا. هـ تقدم الكلام على الصرف والعدل في سكنى المدينة مطولا.

قوله: من رواية حمزة بن أبي محمد (قال أبو حاتم: منكر الحديث مجهول ولينه أبو زرعة وغيره وحسن له الترمذي).

2871 -

وَعَن ابن

(1)

مَسْعُود رضي الله عنه. قَالَ قلت يَا رَسُول الله أَي الظُّلم أظلم فَقَالَ ذِرَاع من الأرْض ينتقصها الْمَرْء الْمُسلم من حق أَخِيه فَلَيْسَ حَصَاة من الأرْض يَأْخُذهَا إِلَّا طوقها يَوْم الْقِيَامَة إِلَى قَعْر الأرْض وَلا يعلم قعرها إِلَّا الله الَّذِي خلقهَا رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَإسْنَاد أَحْمد حسن

(2)

.

(1)

في الأصل أبي مسعود وإنما هو عندهما من رواية ابن مسعود كما هو في المسند ونص عليه غير واحد من الحفاظ وكما ذكره الهيثمي عازيا إياه لهما في مجمع الزوائد 4/ 174 - 170.

(2)

أخرجه أحمد 1/ 396 (3844) و 1/ 397 (3849)، والطبرانى في الكبير (10/ رقم 10516) عن ابن مسعود. وقال الهيثمي في المجمع 4/ 175: رواه أحمد، والطبراني في الكبير، وإسناد أحمد حسن. وضعفه الألباني في الضعيفة (2829) و (6762) وضعيف الترغيب (1171) وضعيف الجامع (956).

ص: 424

قوله: وعن أبي مسعود (

)

(1)

.

قوله: قلت يا رسول الله أي الظلم أظلم فقال: "ذراع من الأرض ينتقضها المرء المسلم من حق أخيه" تقدم الكلام على ذلك.

2872 -

وَعَن أبي مَالك الأشْعَرِيّ رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ أعظم الْغلُول عِنْد الله عز وجل ذِرَاع من الأرْض تَجِدُونَ الرجلَيْن جارين في الأرْض أَو فِي الدَّار فيقتطع أَحدهمَا من حَظّ صَاحبه ذِرَاعا إِذا اقتطعه طوقه من سبع أَرضين رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير

(2)

.

قوله: وعن أبي مالك الأشعري تقدم الكلام عليه وتقدم الكلام أيضا على التطويق.

2873 -

وَعَن وائل بن حجر رضي الله عنه

(3)

قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من غصب رجلا أَرضًا ظلما لَقِي الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من رِوَايَة يحيى بن عبد الحميد الْحمانِي

(4)

.

(1)

بياض بالأصل.

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 4/ 449 (22018)، وأحمد 5/ 341 (23361) و 5/ 344 (23381)، الطبراني في الكبير (3/ 340 رقم 3463)، والأصبهانى في الترغيب والترهيب (261) عن أبي مالك الأشعرى. قال الهيثمي في المجمع 4/ 175: رواه أحمد، والطبراني في الكبير، وإسناده حسن. وحسنه ابن حجر في الفتح 5/ 105).

وقال الألباني في صحيح الترغيب (1869): حسن صحيح.

(3)

في الأصل: عبد الله، وهو خطأ، والصواب: وائل، وهو ابن حجر.

(4)

أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 18 رقم 25). وصححه الألباني في الصحيحة (3365) وصحيح الترغيب (1870).

ص: 425

قوله: وعن عبد اللّه رضي الله عنهما المراد به عبد اللّه بن عمر بن الخطاب تقدمت ترجمته في أول هذا التعليق مبسوطا

(1)

.

قوله: صلى الله عليه وسلم "من غصب رجلًا أرضا ظلما" في هذا الحديث إمكان غصب الأرض وهو مذهبنا ومذهب الجمهور كما تقدم وقال أبو حنيفة: لا يتصور ذلك والغصب هو الاستيلاء على حق الغير عدوانا فلا تدخل السرقة ولأنها اختلاس ويدخل في الاستيلاء ما لو استعمل عبد غيره فإنه يضمن وكذا لو جلس على فراش الغير وقد اختار أبو الطيب نفي الضمان ويدخل في الحق المال والمنافع كمنفعة الكلب والسرجين وخرج بالعدوان المغانم وما انتزع من يد الغاصب للحفظ قال الشافعي: لو انتزع مال المسلم الحربي ليرده عليه لا ضمان فيه قاله في شرح الإلمام.

قوله: "لقي اللّه وهو عليه غضبان" تقدم الكلام على معنى الغضب قريبا وفيه تهديد عظيم للغصاب.

قوله: رواه الطبراني من رواية يحيى بن عبد الحميد الحِمَّاني: والحِماني: بكسر الحاء المهملة وتشديد الميم وفي آخره نون هذه النسبة إلى حمان بن عبد العزى بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم وهي قبيلة من تميم نزلوا الكوفة والمشهور بهذه النسبة أبو يحيى عبد الحميد بن عبد الرحمن بن

(1)

بل هو عن وائل ابن حجر كما في التعليق قبل الماضي، والمعروف أنه عند إطلاق عبد الله يراد به ابن مسعود قال الحافظ الناجي في عجالة الإملاء (4/ 751): الظاهر أنه ابن مسعود، فإنه المعني عند الإطلاق.

ص: 426

ميمون الحِمَّاني روى عن الأعمش والثوري وغيرهما روى عنه ابنه أبو زكريا يحيى ذكره صاحب الأنساب

(1)

.

2874 -

وَعَن الحكم بن الْحَارِث السّلمِيّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم من أَخذ من طَرِيق الْمُسلمين شبْرًا جَاءَ بِهِ يَوْم الْقِيَامَة يحملهُ من سبع أَرضين. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَالصَّغِير من رِوَايَة مُحَمَّد بن عقبَة السدُوسِي

(2)

.

قوله: وعن الحكم بن الحارث السلمي

(3)

رضي الله عنه (الحكم بن الحارث السلمي له صحبة، سكن البصرة، وغزا مع النبي صلى الله عليه وسلم سبع غزوات، آخرهن حنين، وقيل: ثلاث غزوات، روى عنه عطية بن سعد الدعاء).

قوله: صلى الله عليه وسلم "من أخذ من طريق المسلمين شبرا جاء به يوم القيامة يحمله من سبع أرضين" في حديث الحكم من أخذ شيئًا من الأرض وفي لفظ طوقه بضم الطاء وكسر الواو المشددة وهذا وعيد شديد يفيد أن من أخذ من الأرض بغير حقه من أكبر الكبائر على أي وجه كان من غصب أو سرقة أو

(1)

الأنساب (4/ 235 - 236) للسمعاني.

(2)

أخرجه أبو يعلى كما في إتحاف الخيرة (3/ 359) والمطالب العالية (1474)، والطبرانى في الصغير (2/ 297 رقم 1197) والكبير (3/ 215 رقم 3172) ومن طريقه الخطيب في التاريخ (14/ 445)، وابن عدي في الكامل (6/ 247 - 248).

قال الهيثمي في المجمع 4/ 176: رواه الطبراني في الكبير والصغير، وفيه محمد بن عقبة السدوسي، وثقه ابن حبان، وضعفه أبو حاتم، وتركه أبو زرعة. وحسنه ابن حجر في الفتح (6/ 29). وقال الألباني في الضعيفة (6648): منكر بذكر الطريق وضعفه في ضعيف الترغيب (1172).

(3)

ترجمته في أسد الغابة 2/ ترجمة 1208، والإصابة 2/ ترجمة 1774.

ص: 427

خديعة قليلا كان أو كثيرًا يزيده قوله: وإن كان قيد شبر للمبالغة في القلة كما في قوله وإن كان قضيا من أراك.

قوله: عن محمد بن عقبة السدوسي (محمد بن عُقبة بن هَرِم السدوسي: ضعفه أبو حاتم ووثقه ابن حبان).

2875 -

وَعَن أبي حميد السَّاعِدِيّ رضي الله عنه: أَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لا يحل لمُسلم أَن يَأْخُذ عَصا أخيه بغَيْر طيّب نفس مِنْهُ قَالَ ذَلِك لشدَّة مَا حرم اللّه من مَال الْمُسلم على الْمُسلم رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه قَالَ الْحَافِظ وَسَيَأْتِي فِي بَاب الظُّلم إِن شَاءَ اللّه تَعَالَى

(1)

.

قوله: وعن أبي حميد الساعدي

(2)

رضي الله عنه: (اسمه عبد الرحمن، وقيل: المنذر بن عمرو بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة، بالحاء المهملة، ابن عمرو بن الخزرج بن ساعدة، ويُقال: ابن عمرو بن سعد بن

(1)

أخرجه أحمد 5/ 425 (24093)، والبزار (3717)، وأبو يعلى كما في إتحاف الخيرة (3/ 360)، والروياني (1458)، والطحاوى في مشكل الآثار (2822) ومعانى الآثار (6632)، وابن حبان (5978)، والبيهقى في الصغير (2/ 313 رقم 2132) والكبرى (6/ 165 رقم 1154) و (9/ 601 رقم 19645) والشعب (7/ 347 رقم 5106)، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب (1111). قال البزار: وهذا الحديث قد روي نحو كلامه، عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه بغير هذا اللفظ، ولا نعلم لأبي حميد طريقا غير هذا الطريق وإسناده حسن. وصححه الألباني في الإرواء (1459)، وصحيح الترغيب (1871).

(2)

ترجمته: الاستيعاب 4/ ترجمة 2921، وأسد الغابة 6/ ترجمة 5829، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ ترجمة 770، وتهذيب الكمال 33/ ترجمة 7329، والإصابة 7/ ترجمة 9798.

ص: 428

المنذر بن مالك الأنصارى الساعدى المدنى الجليل، رُوى له عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ستة وعشرون حديثًا، اتفق البخاري ومسلم منها على ثلاثة، وللبخارى حديث ولمسلم آخر).

قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يأخذ عصا بغير طيّب نفس منه" الحديث لما في ذلك من تحريم مال المسلم على المسلم.

خاتمة: روى مسلمٌ

(1)

أن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أحد العشرة المشهود لهم بالجنة خاصمته أروى بنت أويس إلى مروان بن الحكم وهو والي المدينة في أرضه في الشجرة وادعت أنه أخذ شيئًا من أرضها وفي نسخة وقالت أنه قد أخذ حقي واقتطع قطعة من أرضي فقال سعيد كيف أظلمها وقد سمعت رسول اللّه يقول "من اقتطع شبرا من أرض ظلما طوقه يوم القيامة من سبع أرضين" ثم ترك الأرض فقال له مروان وقال: دعوها اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها واجعل قبرها في بئرها وفي نسخة: واقتلها في أرضها فعميت أروى وجاء سيل فأظهر حدود أرضها ثم أعمى اللّه أروى فكانت تلتمس الجدران وتقول أصابتني دعوة سعيد بن زيد فبينما هي تمشي في أرضها إذا وقعت في البئر فماتت وفي نسخة فبينما هي تمشي في أرضها إذا وقعت في حفرة فماتت وروى أنها سألت سعيدا أن يدعو لها فقال: لا أرد على اللّه شيئًا أعطانيه قال: وكان أهل المدينة إذا دعا بعضهم على بعض يقول أعماه اللّه كما أعمى أروى يريدونها ثم صار أهل الجهل يقولون أعماه

(1)

أخرجه مسلم (138 و 139 - 1610).

ص: 429

اللّه كما أعمى أروى يريدون الأروى التي بالجبل يظنونها شديدة العمى والصواب الأول والأروية الأنثى من الوعول وبها سميت هذه المرأة في مسلم وفي هذا الحديث إشارة إلى جواز دعاء الإنسان على من ظلمه وافترى عليه بالباطل واللّه أعلم قاله في تاريخ كنز الدرر

(1)

وهو تاريخ نفيس تسعة أجزاء ضخام في قطع المنصورى.

(1)

لم أجده في كنز الدرر، وإنما هو في حياة الحيوان (1/ 41 - 42).

ص: 430