المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الترهيب من مطل الغني والترغيب في إرضاء صاحب الدين] - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ٨

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌التَّرْغِيب فِي الاقتصاد فِي طلب الرزق والإجمال فِيهِ وَمَا جَاءَ فِي ذلّ الْحِرْص وَحب المَال

- ‌[التَّرْغِيب فِي طلب الْحَلَال وَالْأكل مِنْهُ والتَّرهيب ما اكْتِسَاب الْحَرَام وَأكله ولبسه وَنَحْو ذَلِك]

- ‌[الترغيب في الورع وترك الشبهات وما يحوك في الصدور]

- ‌[الترغيب في السماحة في البيع والشراء وحسن التقاضي والقضاء]

- ‌[الترغيب في إقالة النادم]

- ‌[الترهيب من بخس الكيل والوزن]

- ‌[الترهيب من الغش والترغيب في النصيحة في البيع وغيره]

- ‌[الترهيب من الاحتكار]

- ‌[ترغيب التجار في الصدق وترهيبهم من الكذب ومن الحلف وإن كانوا صادقين]

- ‌[الترهيب من خيانة أحد الشريكين الآخرة]

- ‌[الترهيب من التفريق بين الوالدة وولدها بالبيع ونحوه]

- ‌[الترهيب من الدين وترغيب المستدين والمتزوج أن ينوبا الوفاء والمبادرة إلى قضاء دين الميت]

- ‌[الترهيب من مطل الغني والترغيب في إرضاء صاحب الدين]

- ‌[الترغيب في كلمات يقولهن المديون والمهموم والمكروب والمأسور]

- ‌[الترهيب من اليمين الكاذبة الغموس]

- ‌[الترهيب من الربا]

- ‌[الترهيب من غصب الأرض وغيرها]

- ‌[الترهيب من البناء فوق الحاجة تفاخرا وتكاثرا]

- ‌[الترهيب من منع الأجير أجره والأمر بتعجيل إعطائه]

- ‌[ترغيب المملوك وأداء حق اللّه تعالى وحق مواليه]

- ‌[ترهيب العبد من الإباق من سيده]

- ‌[الترغيب في العتق والترهيب من اعتباد الحر أو بيعه]

- ‌(فصل)

- ‌كتاب النكاح

- ‌الترغيب في غض البصر والترهيب من إطلاقه ومن الخلوة

- ‌[الترغيب في النكاح سيما بذات الدين الولود]

- ‌فصل

- ‌فصل يذكر فيه خلق آدم وتزويجه بحواء وخروجهما من الجنة وتوبة اللّه عليهما وغير ذلك مما يتعلق بالحديث

- ‌فصل في تزويج آدم بحواء عليها السلام

- ‌فصل في خروج آدم وحواء من الجنة وبكائها وتوبة اللّه عليهما

- ‌[الترهيب من ترجيح إحدى الزوجات وترك العدل بينهم]

- ‌[الترغيب في النفقة على الزوجة والعيال والترهيب من إضاعتهم وما جاء في النفقة على البنات وتأديبهن

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌[الترغيب في الأسماء الحسنة وما جاء في النهي عن الأسماء القبيحة وتغييرها]

- ‌[فصل]

الفصل: ‌[الترهيب من مطل الغني والترغيب في إرضاء صاحب الدين]

[الترهيب من مطل الغني والترغيب في إرضاء صاحب الدين]

2794 -

عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه: أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ مطل الْغَنِيّ ظلم وَإِذا أتبع أحدكُم على مَلِيء فَليتبعْ رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه

(1)

أتبع بِضَم الْهمزَة وَسُكُون التَّاء أَي أُحِيل قَالَ الْخطابِيّ وَأهل الحَدِيث يَقُول اتبع بتَشْديد التَّاء وَهُوَ خطأ.

قوله: وعن أبي هريرة تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ومطل الغني ظلم" قال القاضي عياض

(2)

: وغيره والمطل معناه هنا منع قضاء ما استحق أداؤه فمطل الغني ظلم وحرام والظلم مجاوزة الحد وقيل (التصرف) في غير ملك وكل منهما مستحيل في حق اللّه تعالى ومطل غير الغني ليس بظلم ولا حرام لمفهوم هذا الحديث ولأنه معذور ولو كان غنيا ولكنه ليس متمكنا من الأداء لغيبة المال أو لغير ذلك جاز له التأخير إلى الإمكان وهذا مخصوص بمطل الغنى أو يقال: المراد بالغنى المتمكن من الأداء فلا يدخل هذا فيه قال البغوي

(3)

: وإن أخفى ماله حبس وعزر حتى

(1)

أخرجه البخاري (2287) و (2288) و (2400)، ومسلم (33 - 1564)، وأبو داود (3345)، والترمذى (1308)، وابن ماجه (2403)، والنسائى في المجتبى 7/ 313 (4731) و 7/ 315 (4734) عن أبي هريرة.

(2)

إكمال المعلم (5/ 233).

(3)

شرح السنة (8/ 195).

ص: 301

يظهره وإن أدعى هلاك ماله لم يقبل إلا ببينة ولا غاية لحبسه أكثر من الكشف فمتى ظهر للحاكم عدمه خلى سبيله (وروي عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، "أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس رجلا في تهمة" وروي "أنه حبسه ساعة من نهار، ثم خلى سبيله"

(1)

وذهب شريح إلى أن المعسر يحبس، وهو قول أصحاب الرأي) قال بعضهم: وفيه دليل لمذهب الشافعي ومالك والجمهور أن المعسر لا يحل حبسه ولا ملازمته ولا مطالبته حتى يوسر قال النووي

(2)

: وقد اختلف أصحاب مالك وغيرهم في أن المماطل هل يفسق وترد شهادته بمطله مرة واحدة أم لا ترد شهادته حتى يتكرر ذلك منه ويصير عادة ومقتضى مذهبنا اشتراط التكرار ومقتضى هذا أن تكون كثيرة عند من فسقه بمطله مرة واحدة واللّه أعلم.

تنبيه: المطل اشتقاقه من مطلت الحديدة إذا ضربتها لتطول والمطل في اللغة مصدر مطل يمطل مطلا كضرب يضرب ضربا ومطل الغني من باب إضافة المصدر تارة إلى الفاعل وتارة إلى المفعول والإضافة في الحديث

(1)

أخرجه أحمد 5/ 2 (20338)، وأبو داود (3630)، والترمذي (1476)، والنسائي 7/ 450 (4919) و 7/ 451 (4920)، والحاكم (4/ 102) والبيهقى في الصغير (2/ 295 رقم 2059) والكبرى (6/ 88 رقم 11291) من طرق عن بهز بن حكيم، به.

جميعهم باللفظ الأول إلا البيهقى فإنه أخرجه باللفظ الثانى.

وقال الترمذي: حديث بهز عن أبيه عن جده حديث حسن. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وحسنه الألباني في إرواء الغليل (2397) والمشكاة (3785).

(2)

شرح النووي على مسلم (10/ 227).

ص: 302

محتملة لهما والمماطلة أي مطل المديون الغني دين الدائن واختلفوا فيمن عليه الدين هل يجب عليه الكسب لوفائه أم لا فقال الإمام أحمد يجب كما يجب التكسب لنفقة القريب وعند الشافعي لا يجب لقوله: صلى الله عليه وسلم للغرماء "ليس لكم إلا ما وجدتم"

(1)

وهذا ظاهر قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}

(2)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع" أتبع بضم الهمزة وسكون التاء أي أحيل قال الخطابي: وأهل الحديث يقولون اتبع بتشديد التاء وهو خطأ هكذا نقله المنذري عنه وقال غيره: وإذا أتبع بإسكان (التاء) مثل اعلم فليتبع مثل اعلم فليعلم ومثل أخرج فليخرج هذا هو الصواب المشهور في الروايات والمعروف في كتب اللغة وكتب غريب الحديث والمراد هنا التبعية في طلب الحق بالحوالة يقال: تبعت الرجل بحقي أتبعه تباعه فأنا (تبيعه) إذا طلبته قال: اللّه تعالى: {ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا}

(3)

ومعناه إذا أحيل بالدين الذي له على موسر فليحتل والملئ بالهمز (الثقة) الغنى والملاءة بالمد وقد أولع الناس فيه بترك الهمز وتشديد الياء قاله في النهاية

(1)

أخرجه أحمد 3/ 36 (11492) و 3/ 58 (11729)، ومسلم (18 - 1556)، وأبو داود (3469)، وابن ماجه (2356)، والترمذي (661)، والنسائي 7/ 223 (4572) و 7/ 303 (4721) عن أبي سعيد.

(2)

سورة البقرة، الآية:280.

(3)

سورة الإسراء، الآية:69.

ص: 303

وفيه الأمر بقبول الحوالة على الملى واختلف العلماء في ذلك على ثلاثة مذاهب.

أحدها أنه محمول على الندب والاستحباب دون الوجوب لما فيه من الرفق والإعانة على براءة ذمة (المحيل) لاحتمال عدم تمكنه من الوفاء من غير هذا (السبيل) أو سفره بغتة ولا يجد وفاء وبهذا قال مالك والشافعي وأبو حنيفة والجمهور: والثاني أنه واجب كما هو ظاهر الحديث وهو مذهب داود وابن حزم وغيرهما من أهل الظاهر وقال به أبو ثور ومحمد بن جرير الطبري وقال: بالوجوب أيضا الحنابلة واللّه أعلم.

الثالث: أن ذلك على طريق الإباحة دون الوجوب والاستحباب ولا يخلو إما أن يحيله على من له عليه دين قدر المحال به فأكثر أم لا فإن كان فيصح ولا يشترط رضى المحال عليه بل رضى المحيل والمحتال لا غير وقيل يشترط وبه قال أبو حنيفة وخالفه (صاحب الهداية من الحنفية أن الحوالة تصح بدون رضا المحيل) وفي الحديث (مطل الغنى ظلم) ما فهم أن المعسر (الذي لا يجد ليس) بظالم (لا يحل حبسه ولا) ملازمته (ولا مطالبته في الحال) حتى يوسر وينبغي لمن عليه دين أن لا يضار صاحب الدين بتعاطى أسباب الإعسار ولا يؤلمه بكلام ولا أذى للحديث الآتى ومنها تحريم ذلك حتى بين الزوجين فيما يجب لكل واحد منهما على الآخر من الحقوق مع القدرة فإنه يجب بذله من غير مطل ولا إظهار (كراهة، وكذلك الأولاد والوالدون، وكذلك السادات والعبيد، وكذلك الرعاة والرعايا، وكذلك

ص: 304

الحكام والمتحاكمون، وكذلك النظار والمنظور) عليهم والمقدمون والمقدم عليهم ومنها جواز الحوالة وهو مجمع عليه رفقا كالقروض وكذا كل ما فيه (تنفيس وعدم شغب) بل يستحب ومنها (ترك أسباب) القطيعة (وتعاطي أسباب) الوصلة ومنها اختيار الأسهل إذا حصل به المقصود واعلم أن الأمر بأداء حقوق الآدميين واجب على الفور واختلف في حقوق اللّه تعالى فإن قلنا بفوريتها فتأخيرها معصية وينجر إلى معاص كثيرة إذا اشتغل بالصلاة عن أداء الدين فأبطلها أحمد وصححها الجمهور والحوالة فيها القضاء كما لو دفع المال بيده ت. هـ قاله في شرح الإلمام.

2795 -

وَعَن عَمْرو بن الشريد عَن أَبِيه رضي الله عنه أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ لي الْوَاجِد يحل عرضه وماله وَعُقُوبَتَهُ رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الإِسْنَاد

(1)

لي الْوَاجِد بِفَتْح اللَّام وَتَشْديد الْيَاء أَي مطل الْوَاجِد الَّذِي هُوَ قَادر على وَفَاء دينه يحل عرضه أَي يُبِيح أَن يذكر بِسوء الْمُعَامَلَة وعقوبته حَبسه.

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في المسند (912) والمصنف 4/ 489 (2444)، وأحمد 4/ 222 (18229) و 4/ 388 (19765) و 4/ 389 (19772)، وأبو داود (3628)، وابن ماجه (2427)، والنسائي 7/ 314 (4732)، وابن حبان (5089) والحاكم 4/ 102. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وحسنه ابن حجر في الفتح (5/ 62) وموافقة الخبر (2/ 217). وحسنه الألباني في الإرواء (1434) وصححه في صحيح الترغيب (1815) والمشكاة (2919).

ص: 305

قوله: وعن عمرو بن الشريد

(1)

عن أبيه وهو تابعي وأبوه صحابي وهو أبو الوليد عمرو بن الشريد بن سويد الثقفي الطائفي روى عن أبيه (وابن عباس) وأبي رافع روى عنه الزهري وإبراهيم بن ميسرة وآخرون وهو ثقة روى عنه البخاري ومسلم.

قوله: صلى الله عليه وسلم "لي الواجد" بفتح اللام وتشديد الياء أي مطل الواجد الذي هو قادر على وفاء دينه ا. هـ قاله المنذري قال الخطابي

(2)

: اللى المطل يقال: لوي غريمه بدينه يلويه ليا وليَّانا إذا مطله قال الشاعر

(3)

:

قَدْ كنْتُ دَايَنْتُ بِهَا حَسَّانًا

مخافة الإفلاس والليانا

تريدين ليلني وأنت ملية

وَأحسن يَا ذَات الوشاح التقاضيا

الواجد بالجيم الغني الموسر.

قوله: يحل عرضه أي يبيح بأن يذكر بسوء المعاملة قاله المنذري أي لصاحب الدين أن يذمه ويصفه بسوء القضاء وقال بعضهم: يحل عرضه بأن يقول ظلمني ومطلني.

قوله: وعقوبته حبسه قاله المنذري وقال بعضهم: وعقوبته الحبس والملازمة والتعزيز وفي هذا الحديث دليل على أن المعسر لا يحبس لأن المعسر غير واجد لأنه إنما أبيح حبسه إذا كان واجدا والمعدم غير واجد فلا

(1)

طبقات ابن سعد: 5/ 518، وتهذيب الكمال 22/ ترجمة 4384، وتهذيب التهذيب: 8/ 47 - 48، والتقريب: 2/ 72.

(2)

أعلام الحديث (2/ 1195).

(3)

هي لزيادة العنبري، ورويت لرؤبة. [إيضاح شواهد الإيضاح (1/ 173)].

ص: 306

حبس عليه وقد اختلف الناس في هذا فكان شريح يرى حبس الملئ والمعدم وإلى هذا ذهب أصحاب الرأي وقال مالك: لا حبس على معسر إنما حظه الإنظار ومذهب الشافعي أن من كان ظاهر حاله العسر لم يحبس ومن كان ظاهر حاله اليسار حبس إذا امتنع من أداء الحق ومن أصحابه من يدعي فيه زيادة شرط وقد ذكر في غير هذا الموضع وهذا الحديث بوب عليه أبو داود باب الحبس في الدين ثم عقبة بحديث رواه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس رجلا في تهمة قال الخطابي

(1)

: في هذا دليل على أن الحبس على ضربين حبس عقوبة وحبس استظهار بالعقوبة لا يكون إلا في واجب وأما ما كان في تهمة فإنما يستظهر بذلك ليستكشف به عما وراءه وقد روي أنه حبس رجلا في تهمة ساعة في نهار ثم خلى عنه.

تتمة: قال الفقهاء: يستحب للقاضي أن يتخذ سجنا لأداء الحقوق والتعزير لأن عمر اشترى دارا بأربعة ألاف وجعلها سجنا، رواه عبد الرزاق

(2)

وفي البخاري: بأربعمائة وحبس الحطيئة الشاعر لما هجى الزبرقان بن بدر بقوله:

دع المكارم لا ترحل لبغيتها

واقعد إنك أنت الطاعم الكاسي

(3)

(1)

معالم السنن (4/ 179).

(2)

أخرجه عبد الرزاق في المصنف (9213) عن عمرو بن دينار. وعلقه البخاري في الصحيح (3/ 123) كتاب الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس - باب الربط والحبس في الحرم، ووصله ابن أبي شيبة في المصنف 7/ 5 (23201) والفاكهى في أخبار مكة (2076) عن عبد الرحمن بن فروخ.

(3)

أخرجه ابن شبة في تاريخ المدينة (3/ 786) عن الشعبى.

ص: 307

فسأل حسان ولبيدا عن ذلك، فقالا: إنه هجاه فأمر به عمر فحبس فلبث أياما تم إن عبد الرحمن بن عوف كلم عمر بن الخطاب في الحطيئة حتى أخرجه وهدده بقطع لسانه إن عاد يهجو أحدهم ثم إنه اشترى منه أعراض المسلمين بأربعة ألاف درهم وحبس عمر صبيغا اليمنى حين سأله عن الذاريات والمرسلات والنازعات وضربه ونفاه إلى العراق وقيل إلى البصرة وروى أن عليا رضي الله عنه بنى سجنا بالكوفة سماه مخيسا وكان له فيحن آخر قبله سماه نافعا وقال بعض العلماء: أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ما حبسا أحدا ولم يكن لهما سجن والجواب أن النبي صلى الله عليه وسلم سجن بالمدينة في تهمة كما تقدم ذكره وروى ابن شعبان في كتابه أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم به وروى ابن القاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من) بات في سجن ليلة مظلوما خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه

(1)

واستدل القرطبي

(2)

للحبس بقوله: تعالى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ}

(3)

وقال ابن عطية

(4)

: في قوله تعالى: {إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا}

(5)

انتزعوا من هذه الآية جواز الحبس لأن الذي يقوم عليه غريمه فهو يمنعه من تصرفاته في غير القضاء ولا فرق بين المنع من التصرفات وبين السجن ثم ذكر السبب في نزول الآية واللّه أعلم، قاله في الديباجة.

(1)

ذكره ابن القاص في أدب القاضي (1/ 124) من طريق الشاذكونى عن خويلد بن عبد الرحمن عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس. والشاذكونى حافظ لكنه متهم.

(2)

الجامع لأحكام القرآن (6/ 352).

(3)

سورة المائدة، الآية:106.

(4)

تفسير ابن عطية (1/ 458).

(5)

سورة المائدة، الآية:75.

ص: 308

2796 -

وَعَن عَليّ رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم يَقُول لا يحب اللّه الْغَنِيّ الظلوم وَلا الشَّيْخ الجهول وَلا الْفَقِير المختال وَفِي رِوَايَة إِن اللّه يبغض الْغَنِيّ الظلوم وَالشَّيْخ الجهول والعائل المختال رَوَاهُ الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الأوْسَط من رِوَايَة الْحَارِث الأعْوَر عَن عَليّ والْحَارث وثق وَلا بَأْس بِهِ فِي المتابعات

(1)

.

قوله: عن علي تقدم الكلام على مناقبه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "إن اللّه لا يحب الغنى الظلوم" الشيخ الجهول ولا الفقير المختال وفي رواية الآخرى العائل المختال العائل هو الفقير قال اللّه تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8)}

(2)

أي فقير فأغناك بمال خديجة على أحد التفاسير والمختال هو (المتكبر: أَي: يتخيل فِي صُورَة من هُوَ أعظم مِنْهُ كبرا).

2797 -

وَعَن أبي ذَر رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ ثَلاثَة يُحِبهُمْ اللّه وَثَلاثَة يبغضهم اللّه فَذكر الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ وَالثَّلَاثة الَّذين يبغضهم اللّه الشَّيْخ الزَّانِي وَالْفَقِير المختال والغني الظلوم رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه

(1)

أخرجه البزار (680)، والطبرانى في الأوسط (5/ 330 رقم 5458)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 206)، وابن امهندس في حديث عافية (123). قال البزار: لا نعلمه مرفوعا إلا من حديث علي، وشعيب فليس بالمعروف. قال الهيثمي في المجمع 4/ 131: وفيه الحارث الأعور، وهو ضعيف، وقد وثق. وقال في 8/ 75: رواه البزار، وفيه الحارث وهو ضعيف جدا. وضعفه جدا الألباني في الضعيفة (1805) وضعيف الترغيب (1137) وضعيف الجامع (1690).

(2)

سورة الضحى، الآية:8.

ص: 309

وَاللَّفْظ لَهما وَرَوَاهُ بِنَحْوِهِ النَّسَائِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكم وصححاه

(1)

.

2798 -

وَرُوِيَ عَن خَوْلَة بنت قيس امْرَأَة حَمْزَة بن عبد الْمطلب رضي الله عنهما قَالَت قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم مَا قدس الله أمة لا يَأْخُذ ضعيفها الْحق من قويها غير متعتع ثمَّ قَالَ من انْصَرف غَرِيمه عَنهُ وَهُوَ رَاض صلت عَلَيْهِ دَوَاب الأرْض وَنون المَاء وَمن انْصَرف كَرِيمه وَهُوَ ساخط كتب عَلَيْهِ فِي كل يَوْم وَلَيْلَة وجمعة وَشهر ظلم رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير

(2)

.

قوله: وروى عن خولة بنت قيس امرأة حمزة بن عبد المطلب هكذا ذكره المنذري وقال في شرح الإلمام: ظنه وهم في ذلك إنما هي خولة بنت عمرو وهي التي لها ذكر في حديث (عائشة بعث إليها النبي صلى الله عليه وسلم، استسلف منها) روى هشام بن عروة عن أبيه (عن عائشة) أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع جزورا فبعث

(1)

أخرجه أحمد 5/ 153 (21751)، والترمذي (2568)، وابن أبي عاصم في الجهاد (129)، والنسائي 3/ 376 (1631) و 4/ 570 (2589)، وابن خزيمة (2456) و (2564)، وابن حبان (3350) و (4771)، والحاكم 1/ 416 - 417. قال الترمذي: هذا حديث صحيح. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

وقال الألباني: ضعيف، المشكاة (1922)، ضعيف الجامع الصغير (2610)، وضعيف الترغيب (532) و (1138). ولم يدرج المصنف تحته شرحا.

(2)

أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثانى (3274)، والطبرانى في الكبير (24/ 248 رقم 635)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (7611). وقال الهيثمي في المجمع 4/ 131: رواه الطبراني في الكبير، وفيه أبو سعد البقال، وهو ضعيف. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1139) وضعيف الجامع (4931).

ص: 310

إلى خولة بنت عمرو يستلفها كذا أخرجه بن منده وأبو نعيم قوله: صلى الله عليه وسلم "ما قدس اللّه أمة لا يأخذ ضعيفها الحق من قويها" الحديث التقديس التطهير أي طهر من الذنوب ومن أسمائه تعالى القدوس وهو الطاهر المنزه عن العيوب والنقائص وفعول بالضم من أبنية المبالغة وقد تفتح القاف وليس بالكثير ولم يجيء منه إلا قدوس وسبوح وذروح وسمى بيت المقدس لأنه الموضع الذي يتقدس فيه من الذنوب وروح القدس لأنه خلق من طهارة.

قوله: "غير متعتع" تعتع بتائين مثناتين فوق وعينين مهملتين أي أقلقه وأتعبه لكثرة ترداده إليه ومطله إياه ا. هـ، قاله المنذري وقال غيره: تعتعه بفتح التاءين يعني من غير أن يصيبه أذى يقلقه ويزعجه يقال: لكل من أكره في شيء حتى يقلق تعتعه فتتعتع ويتعتع الرجل تبلد في كلامه، وقوله: غير متعتع منصوب لأنه حال للضعيف وصفة له ومنه الحديث الآخر الذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه أي يتردد في قوله ويتبلد فيها لسانه له أجران قاله ابن الأثير وغيره

(1)

.

قوله: صلى الله عليه وسلم "من انصرف غريمه عنه وهو راض" والغريم وهو الدائم ومنه قوله: تعالى: {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا}

(2)

فأطلقوه هنا لدوام الطلب قال الجوهري

(3)

: الغريم الذي عليه الدين وقد يكون الذي له الدين قال كثير

(1)

المجموع المغيث (1/ 230) والنهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 190).

(2)

سورة الفرقان، الآية:65.

(3)

الصحاح (5/ 1996) للجوهرى.

ص: 311

عزة (فيما أنشد له):

قضى كل ذي دين فوفى غريمه

وعزة ممطول معنى غريمها

قوله صلى الله عليه وسلم: "صلت عليه دواب الأرض ونون الماء" تقدم معنى الصلاة في أماكن كثيرة من هذا التعليق ونون البحار هو حوتها قاله المنذري وفي الحديث أيضا في شعب البيهقي عن خولة "صلت عليه دواب الأرض ونون الماء" وغرس اللّه بكل (خطوة) شجرة في الجنة وفي مسند البزار ونسب له بكل خطوة شجرة في الجنة

(1)

.

2799 -

وعنها رضي الله عنها قَالَت كَانَ على رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم وسق من تمر لرجل من بني سَاعِدَة فَأتَاهُ يَقْتَضِيهِ فَأمر رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم رجلا من الأَنْصَار أَن يَقْضِيه فقضاه تَمرا دون تمره فَأبى أَن يقبله فَقَالَ أترد على رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ نعم وَمن أَحَق بِالْعَدْلِ من رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم فاكتحلت عينا رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم بدموعه ثمَّ قَالَ صدق وَمن أَحَق بِالْعَدْلِ مني لا قدس اللّه أمة لا يَأْخُذ ضعيفها حَقه من شديدها وَلا يتعتعه ثمَّ قَالَ يَا خَوْلَة عديه واقضيه فَإِنَّهُ لَيْسَ من غَرِيم يخرج من عِنْد غَرِيمه رَاضِيا إِلَّا صلت عَلَيْهِ دَوَاب الأرْض وَنون الْبحار وَلَيْسَ من عبد يلوي غَرِيمه وَهُوَ يجد إِلَّا كتب اللّه عَلَيْهِ فِي كل يَوْم وَلَيْلَة إِثْمًا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ

(1)

أخرجه البزار (4696)، والبغوى في حديث عيسى بن سالم الشاشى (119)، والبيهقى في الشعب (13/ 523 - 524 رقم 10720 و 1072)، وأبو الحسين الطيورى في الطيوريات (412) عن ابن عباس مرفوعا. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 5/ 5 (23180)، والبيهقى في الشعب (13/ 525 رقم 10723) موقوفا. قال البيهقى: والمحفوظ عن سعيد، عن ابن عباس من قوله موقوفا وضعفه الألباني في الضعيفة (6466) وقال منكر.

ص: 312

فِي الأوْسَط وَالْكَبِير من رِوَايَة حبَان بن عَليّ وَاخْتلف فِي توثيقه

(1)

وَرَوَاهُ بِنَحْوِهِ الإمَام أَحْمد من حَدِيث عَائِشَة بِإِسْنَاد جيد قوي

(2)

تعتعه بتاءين مثناتين فَوق وعينين مهملتين أَي أقلقه وأتعبه بِكَثْرَة ترداده إِلَيْهِ ومطله إِيَّاه وَنون الْبحار حوتها، وَقَوله يلوي غَرِيمه أَي يمطله ويسوفه.

قوله: وعنها يعني خولة التي تقدم ذكرها قولها رضي الله عنها كان على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وسق من تمر لرجل من بني ساعدة.

الوسق: بفتح الواو وسكون السين المهملة ستون صاعا وقيل حمل بعير وتقدم الكلام عليه قريبا في السماحة في البيع وبنو ساعدة قبيلة من قبائل العرب.

قوله: فأتاه يقتضيه فقضاه تمرا دون تمره فأبى أن يقبله الحديث.

(1)

أخرجه الطحاوى في مشكل الآثار (4329)، والطبرانى في الأوسط (5/ 187 رقم 5029) والكبير (24/ 233 رقم 592)، والسلمى في آداب الصحبة (109)، والبيهقى في الشعب (13/ 522 - 523 رقم 10719)، والأصبهانى في الترغيب والترهيب (2116).

وقال الهيثمي في المجمع 4/ 140: رواه الطبراني في الأوسط، والكبير، وفيه حبان بن علي، وقد وثقه جماعة، وضعفه آخرون. وضعفه الألباني في الترغيب (1140).

(2)

أخرجه أحمد 6/ 268 (26953)، وعبد بن حميد كما في المنتخب (1499)، والبزار 18/ (88)، والعقيلى في الضعفاء (4/ 264 - 265)، والحاكم في المستدرك 2/ 32، وعنه البيهقي في معرفة السنن والآثار (5/ 188 - 189 رقم 11592)، والقضاعى في مسند الشهاب (983)، والبيهقى في الكبرى (6/ 34 رقم 11095). وصححه الألباني في الصحيحة (2677).

ص: 313

تنبيه: هذا عقد إرفاق جوز للحاجة قال في المفهم

(1)

: (فإن قيل: كيف شغل) النبي صلى الله عليه وسلم (ذمته) بالدين وقد قال: صلى الله عليه وسلم (إياكم والدين، فإنه شين، الدين هم بالليل، ومذلة بالنهار)

(2)

والدين قد كان كثيرا ما يتعوذ منه ولا حاجة له في ذلك لأن اللّه تعالى خيره بين أن يجعل له بطحاء مكة كما رواه الترمذي وحسنه

(3)

وقد قال اللّه تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8)}

(4)

فلما ابتدأ الأخذ بالدين عند الحاجة وقصد الأداء عند الوجدان فلا يختلف في جوازه وقد يحب عند الضرورة وأما النهي عن أخذه فإنما ذلك لمن لم تدعه إليه حاجة لما فيه من الإذلال والمطالبة وما يخاف

(1)

المفهم (14/ 125).

(2)

أخرجه الحربى في الفوائد (124)، والبحيرى في السابع من الفوائد (73)، والقضاعى في مسند الشهاب (958)، والبيهقى في الشعب (7/ 384 رقم 5166) عن أنس. وضعفه جدا الألباني في الضعيفة (2265) وضعيف الجامع (2199).

(3)

أخرجه ابن المبارك في الزهد - زوائد نعيم بإثر الحديث (196)، ومن طريقه أخرجه ابن سعد 1/ 381، وأحمد 5/ 254 (22620)، والترمذي بإثر الحديث (2347)، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (844)، والبيهقي في شعب الإيمان (3/ 60 - 61 رقم 1394)، والبغوي في شرح السنة بإثر الحديث (4044)، وأخرجه الروياني (1222)، والطبراني في الكبير (8/ 207 رقم 7835)، ومن طريقه أبو نعيم في الدلائل (540)، وأبو نعيم في الحلية 8/ 133، وأبو الشيخ في أخلاق النبي (843)، والشجري في أماليه 2/ 208، والبيهقي في الشعب (13/ 43 رقم 9925) عن أبي أمامة. وقال الترمذي: هذا حديث حسن. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (1865) و (1902).

(4)

سورة الضحى، الآية: 7 - 8.

ص: 314

من الكذب والإخلاف في الوعد ونبينا عليه الصلاة والسلام معصوم من ذلك وأما التخيير فلا يلزم منه عدم الحاجة بل سلك به أعلى السبل ليصبر على المشقات كما صبر أولوا العزم من الرسل فلما ألحق عزمه للّه أغناه وكان دينه ليقتدي به فيه انتهى قاله في شرح الإلمام.

2800 -

وَعَن أبي سعيد رضي الله عنه قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم لا قدست أمة لا يعْطى الضَّعِيف فِيهَا حَقه غير متعتع رَوَاهُ أَبُو يعلى وَرُوَاته رُوَاة الصَّحِيح وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه بِقصَّة وَلَفظه قَالَ جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم يتقاضاه دينا كَانَ عَلَيْهِ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ حَتَّى قَالَ أحرج عَلَيْك إِلَا قضيتني فانتهره أَصْحَابه فَقَالُوا وَيحك تَدْرِي من تكلم فَقَالَ إِنِّي أطلب حَقي فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم هلا مَعَ صَاحب الْحق كُنْتُم ثمَّ أرسل إِلَى خَوْلَة بنت قيس فَقَالَ لهَا إِن كَانَ عنْدك تمر فأقرضينا حَتَّى يأتينا تمر فنقضيك فَقَالَت نعم بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول اللّه فاقترضه فَقضى الأعرَابِي وأطعمه فَقَالَ أوفيت أوفى اللّه لَك فَقَالَ أُولَئِكَ خِيَار النَّاس إِنَّه لا قدست أمة لا يَأْخُذ الضَّعِيف فِيهَا حَقه غير متعتع

(1)

رَوَاهُ الْبَزَّار من حَدِيث

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة 4/ 458 (22105)، وابن ماجه (2426)، وأبو يعلى (1091)، وابن بشران في الأمالى (731)، والأصبهانى في الترغيب والترهيب (821) و (1340) عن أبي سعيد. قال الهيثمي في المجمع 4/ 197: رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح.

وقال البوصيرى في إتحاف الخيرة 5/ 377: هذا إسناد رواته ثقات. وقال في الزجاجة 3/ 68: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رواه أبو يعلى ورواته رواة الصحيح لأن إبراهيم بن عبد اللّه قال أبو حاتم صدوق. وصححه الألباني في المشكاة (3004) وصحيح الترغيب (1818).

ص: 315

عَائِشَة مُخْتَصرا

(1)

وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث ابْن مَسْعُود بِإِسْنَاد جيد

(2)

.

قوله: عن أبي سعيد الخدري تقدم.

قوله: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يتقاضاه دينا كان عليه فأشتد عليه حتى قال أحرج عليك ألا تقضيني فانتهره أصحابه الحديث أحرج عليك أي أضيق وتحرج فلان إذا فعل فعلا يخرج به عن الحرج ومنه حديث ابن عباس في صلاة الجمعة كره أن يحرجهم أي يوقعهم في الحرج وأحاديث الحرج كثيرة وكلها راجعة إلى هذا المعنى وفي حديث آخر فهم به بعض

(1)

أخرجه البزار 18/ (223)، والطبرانى في الأوسط (7/ 178 رقم 7208) عن عائشة. قال البزار: لا نعلمه عن عائشة إلا من هذا الوجه. وقال الطبرانى: لم يرو هذا الحديث عن ابن أبي مليكة، عن عائشة إلا المثنى بن الصباح، تفرد به: حكام بن سلم ورواه عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس. قال الهيثمي في المجمع 4/ 197: رواه البزار، وفيه المثنى بن الصباح، وهو ضعيف ووثقه ابن معين في رواية، وقال في رواية: ضعيف يكتب حديثه، ولا يترك. وقد تركه غيره. وقال في 5/ 209: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه المثنى بن الصباح، وهو متروك ووثقه ابن معين في رواية. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1817).

(2)

أخرجه الطبرانى في الأوسط (5/ 162 - 163 رقم 4949) والكبير (10/ 222 رقم 10534) وعنه أبو نعيم في الحلية (7/ 315) عن ابن مسعود. قال الطبرانى: لم يرو هذا الحديث عن سفيان بن عيينة مجودا إلا عبد الرحمن بن سلام. قال أبو نعيم: غريب من حديث ابن عيينة، ما رواه عنه متصلا إلا الجمحي. وأخرجه الشافعي في المسند - ترتيب سنجر (1502) والسنن المأثورة (434) ومن طريقه البيهقى في (2/ 327 - 328 رقم 2191) والكبرى (6/ 241 رقم 11801) مرسلا. وقال الهيثمي في المجمع 4/ 197: رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ورجاله ثقات. وقال ابن حجر في التمييز (4/ 1957): وإسناده قوي. وصححه الألباني في صحيح الجامع (1858) والمشكاة (3004).

ص: 316

أصحابه أي قصدوه ليؤذوه باللسان أو باليد وغير ذلك.

قوله صلى الله عليه وسلم: (هلا مَعَ) صاحب الحق كنتم ثم أرسل إلى خولة بنت قيس فقال لها إن كان عندك تمرا فأقرضينا فذكره إلى أن قال: فقضى الأعرابي وأطعمه أي زاده على حقه والطعمة بالضم شبه الرزق ومنه حديث أبي بكر أن اللّه تعالى إذا أطعم نبيا طعمة ثم قبضه جعلها للذي يقوم (من بعده).

قوله: فأولئك خيار الناس فإن خيار الناس أحسنهم قضاء فإن قلت: أهو خير الأمة مطلقا قلت المراد خيرهم في المعاملات وخيرهم (عند التساوي في) في سائر الفضائل أو من (مقدرة أي من خيار الناس وفي بعضهم أن من)"خيركم أحسنكم قضاء" الحديث.

خاتمة في (كتاب المجالسة) للدينوري في أول الجزء (العشرين): عن زيد بن أسلم

(1)

قال: (جلس إلي رجل قد ذهبت يمينه من عضده) فجعل يبكي ويقول من رءاني فلا يظلمن أحدا فقلت ما حالك قال: بينا أنا أسير على شط البحر مررت بنبطي بأسبعة أنوان فقلت (أعطنى) نونا فأخذت منه نونا وهو كاره فانقلبت إلى النون (وهو) حي فعض إبهامي عضة يسيرة لم أجد لها ألما فانطلقت إلى (أهلى) فصنعوه وأكلنا فوقعت الأكلة في إبهامي فاتفق الأطباء على أن أقطعها فقطعتها ثم عالجتها حتى إذا قلت قد برئت فوقعت في كفي ثم في ساعدي ثم (في عضدى) فمن رءاني فلا يظلمن أحدا ا. هـ قاله الكمال

(2)

في منافع الحيوان.

(1)

المجالسة وجواهر العلم (2782) للدينورى.

(2)

حياة الحيوان الكبرى (2/ 506 - 507).

ص: 317