الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْغَرِيبُ وَالْعَزِيزُ وَالْمَشْهُورُ]
[تَعْرِيفُ الْغَرِيبِ وَأَنْوَاعُهُ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (الْغَرِيبُ وَالْعَزِيزُ وَالْمَشْهُورُ)
748 -
وَمَا بِهِ مُطْلَقًا الرَّاوِي انْفَرَدْ
…
فَهْوَ الْغَرِيبُ وَابْنُ مَنْدَهٍ فَحَدْ
749 -
بِالِانْفِرَادِ عَنْ إِمَامٍ يُجْمَعُ
…
حَدِيثُهُ فَإِنْ عَلَيْهِ يُتْبَعُ
750 -
مِنْ وَاحِدٍ وَاثْنَيْنِ فَالْعَزِيزُ أَوْ
…
فَوْقُ فَمَشْهُورٌ وَكُلٌّ قَدْ رَأَوْا
751 -
مِنْهُ الصَّحِيحَ وَالضَّعِيفَ ثُمَّ قَدْ
…
يُغْرِبُ مُطْلَقًا أَوِ اسْنَادًا فَقَدْ
752 -
كَذَلِكَ الْمَشْهُورُ أَيْضًا قَسَّمُوا
…
لِشُهْرَةٍ مُطْلَقَةٍ كَـ " الْمُسْلِمُ
753 -
مَنْ سَلِمَ " الْحَدِيثَ وَالْمَقْصُورِ
…
عَلَى الْمُحَدِّثِينَ مِنْ مَشْهُورِ
754 -
قُنُوتُهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرَا
…
وَمِنْهُ ذُو تَوَاتُرٍ مُسْتَقْرَا
755 -
فِي طَبَقَاتِهِ كَمَتْنِ مَنْ كَذَبْ
…
فَفَوْقَ سِتِّينَ رَوَوْهُ وَالْعَجَبْ
756 -
بِأَنَّ مِنْ رُوَاتِهِ لَلْعَشَرَهْ
…
وَخُصَّ بِالْأَمْرَيْنِ فِيمَا ذَكَرَهْ
757 -
الشَّيْخُ عَنْ بَعْضِهِمُ قُلْتُ: بَلَى
…
مَسْحُ الْخِفَافِ وَابْنُ مَنْدَهٍ إِلَى
758 -
عَشْرَتِهِمْ رَفْعَ الْيَدَيْنِ نَسَبَا
…
وَنَيَّفُوا عَنْ مِائَةٍ مَنْ كَذَبَا
(الْغَرِيبُ وَالْعَزِيزُ وَالْمَشْهُورُ) وَرُتِّبَتْ بِالتَّرَقِّي مَعَ تَقْدِيمِ ابْنِ الصَّلَاحِ لِآخِرِهَا فِي نَوْعٍ مُسْتَقِلٍّ، ثُمَّ إِرْدَافِهِ بِالْآخَرَيْنِ فِي آخَرَ. وَكَانَ الْأَنْسَبُ تَقْدِيمَهَا إِلَى الْأَنْوَاعِ السَّابِقَةِ، وَضَمَّ الْغَرِيبِ إِلَى الْأَفْرَادِ، وَلَكِنْ لِكَوْنِهِ أَمْلَى كِتَابَهُ شَيْئًا فَشَيْئًا لَمْ يَحْصُلْ تَرْتِيبُهُ عَلَى الْوَضْعِ الْمُتَنَاسِبِ. وَتَبِعَهُ فِي تَرْتِيبِهِ غَالِبُ مَنِ اقْتَفَى أَثَرَهُ.
[تَعْرِيفُ الْغَرِيبِ وَأَنْوَاعُهُ] : (وَمَا بِهِ) ; أَيْ: بِالْمَرْوِيِّ الَّذِي بِهِ، (مُطْلَقًا) ; أَيْ: عَنْ إِمَامٍ يُجْمَعُ حَدِيثُهُ أَوْ لَا، (الرَّاوِي) الَّذِي رَوَاهُ، (انْفَرَدْ) عَنْ كُلِّ أَحَدٍ مِنَ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ. إِمَّا بِجَمِيعِ الْمَتْنِ ; كَحَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ ; فَإِنَّهُ لَمْ يَصِحَّ إِلَّا مِنْ
حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَحَدِيثِ:( «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ» ) ; فَإِنَّهُ لَمْ يَصِحَّ إِلَّا مِنْ جِهَةِ مَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فِيمَا ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ. لَكِنَّ الْغَرَابَةَ فِيهِ مُنْتَقِضَةٌ بِرِوَايَةِ أَبِي مُصْعَبٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي صَالِحٍ، وَهِيَ صَحِيحَةٌ. بَلْ وَبِطَرِيقِ عِصَامِ بْنِ رَوَّادٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَلَكِنَّهَا ضَعِيفَةٌ، أَوْ بِبَعْضِهِ.
وَذَلِكَ إِمَّا فِي الْمَتْنِ أَوْ فِي السَّنَدِ، فَالْأَوَّلُ بِأَنْ يَأْتِيَ فِي مَتْنٍ رَوَاهُ غَيْرُهُ بِزِيَادَةٍ ; كَحَدِيثِ زَكَاةِ الْفِطْرِ، حَيْثُ قِيلَ مِمَّا هُوَ مُنْتَقَدٌ أَيْضًا: إِنَّ مَالِكًا تَفَرَّدَ عَنْ سَائِرِ مَنْ رَوَاهُ مِنَ الْحُفَّاظِ بِقَوْلِهِ: (مِنَ الْمُسْلِمِينَ) . أَوْ كَحَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ ; حَيْثُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي (الْكَبِيرِ) مِنْ رِوَايَةٍ الدَّرَاوَرْدِيِّ وَعَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ، كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، فَجَعَلَاهُ مَرْفُوعًا كُلَّهُ، وَإِنَّمَا الْمَرْفُوعُ مِنْهُ:( «كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ» ) .
وَالثَّانِي: كَحَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ أَيْضًا فَالْمَحْفُوظُ فِيهِ رِوَايَةُ عِيسَى بْنِ يُونُسَ وَسَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي حُسَامٍ، كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَائِشَةَ. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ الدَّرَاوَرْدِيِّ وَعَبَّادٍ كَمَا
أَشَرْنَا إِلَيْهِ عَنْ هِشَامٍ، بِدُونِ وَاسِطَةِ أَخِيهِ.
(فَهْوَ) أَيْ: مَا حَصَلَ التَّفَرُّدُ بِهِ بِوَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ، (الْغَرِيبُ) ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ فِي آخِرِ كِتَابِهِ، وَخَصَّهُ الثَّوْرِيُّ بِالثِّقَةِ.
قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَكَأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى أَنَّ كَثْرَةَ الْمَرْوِيِّ إِذْ ذَاكَ عَنْ غَيْرِ الثِّقَاتِ. (وَ) أَمَّا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ابْنُ مَنْدَهٍ) بِالصَّرْفِ لِلضَّرُورَةِ، (فَحَدْ) هُ (بِالِانْفِرَادِ)، يَعْنِي: عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ أَوَّلًا، لَكِنْ (عَنْ إِمَامٍ) مِنَ الْأَئِمَّةِ ; كَالزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ (يُجْمَعُ حَدِيثُهُ) . وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْغَرِيبَ عَلَى قِسْمَيْنِ: مُطْلَقٌ، وَنِسْبِيٌّ ; كَمَا سَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ. وَحِينَئِذٍ فَهُوَ وَالْأَفْرَادُ كَمَا سَلَفَ فِي بَابِهَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، فَلِمَ حَصَلَتِ الْمُغَايَرَةُ بَيْنَهُمَا؟ .
وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إِنَّ الْأَحْسَنَ فِي تَعْرِيفِهِ مَا قَالَهُ الْمَيَّانِشِيُّ: وَإِنَّهُ مَا شَذَّ طَرِيقُهُ وَلَمْ يُعْرَفْ رَاوِيهِ بِكَثْرَةِ الرِّوَايَةِ، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ ذَاكَ ; لِعَدَمِ التَّقْيِيدِ فِي رَاوِيهِ بِمَا ذُكِرَ.
وَعَرَّفَهُ الشِّهَابُ الْخُوَيُّ بِأَنَّهُ مَا يَكُونُ مَتْنُهُ أَوْ بَعْضُهُ فَرْدًا عَنْ جَمِيعِ رُوَاتِهِ، فَيَنْفَرِدُ بِهِ الصَّحَابِيُّ، ثُمَّ التَّابِعِيُّ، ثُمَّ تَابِعُ التَّابِعِيِّ، وَهَلُمَّ جَرًّا. أَوْ مَا يَكُونُ مَرْوِيًّا بِطُرُقٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَيَنْفَرِدُ بِهِ عَنْ بَعْضِهِمْ تَابِعِيٌّ أَوْ بَعْضُ رُوَاتِهِ.
وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْغَرِيبُ عِنْدَهُ أَيْضًا عَلَى قِسْمَيْنِ: مُطْلَقٌ وَمُقَيَّدٌ. وَيَكُونَ افْتِرَاقُ أَوَّلِهِمَا عَنِ الْفَرْدِ بِالنَّظَرِ لِوُقُوعِ التَّفَرُّدِ فِي سَائِرِ طِبَاقِهِ، فَهُوَ أَخَصُّ أَيْضًا.
وَيُحْتَمَلُ التَّرَدُّدُ بَيْنَ التَّعْرِيفَيْنِ، لَكِنْ قَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا شَيْخُنَا بَعْدَ قَوْلِهِ: إِنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ لُغَةً
وَاصْطِلَاحًا، بِأَنَّ أَهْلَ الِاصْطِلَاحِ غَايَرُوا بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ كَثْرَةُ الِاسْتِعْمَالِ وَقِلَّتُهُ، فَالْفَرْدُ أَكْثَرُ مَا يُطْلِقُونَهُ عَلَى الْفَرْدِ الْمُطْلَقِ، وَهُوَ الْحَدِيثُ الَّذِي لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ ذَلِكَ الصَّحَابِيِّ، وَلَوْ تَعَدَّدَتِ الطُّرُقُ إِلَيْهِ، وَالْغَرِيبُ أَكْثَرُ مَا يُطْلِقُونَهُ عَلَى الْفَرْدِ النِّسْبِيِّ، قَالَ: وَهَذَا مِنْ إِطْلَاقِ الِاسْمِ عَلَيْهِمَا. وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ اسْتِعْمَالُهُمُ الْفِعْلَ الْمُشْتَقَّ فَلَا يُفَرِّقُونَ، فَيَقُولُونَ فِي النِّسْبِيِّ: تَفَرَّدَ بِهِ فُلَانٌ، أَوْ أَغْرَبَ بِهِ فُلَانٌ. انْتَهَى.
عَلَى أَنَّ ابْنَ الصَّلَاحِ أَشَارَ إِلَى افْتِرَاقِهِمَا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، فَقَالَ: وَلَيْسَ كُلُّ مَا يُعَدُّ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَفْرَادِ مَعْدُودًا مِنْ أَنْوَاعِ الْغَرِيبِ ; كَمَا فِي الْأَفْرَادِ الْمُضَافَةِ إِلَى الْبِلَادِ.
قُلْتُ: إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ: انْفَرَدَ بِهِ أَهْلُ الْبَصْرَةِ مَثَلًا وَاحِدًا مِنْ أَهْلِهَا، فَهُوَ الْغَرِيبُ، وَرُبَّمَا يُسَمَّى كُلٌّ مِنْ قِسْمَيِ الْغَرِيبِ ضَيِّقَ الْمَخْرَجِ.
قَالَ الْحَاكِمُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ عَنْ عَمْرِو بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ وَاصِلٍ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَدَّادِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ:(دَخَلْتُ عَلَى أَنَسٍ بِدِمَشْقَ وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالَ: (لَا أَعْرِفُ شَيْئًا فِيمَا أَدْرَكْتُ إِلَّا هَذِهِ الصَّلَاةَ، وَهَذِهِ الصَّلَاةُ قَدْ ضُيِّعَتْ) : هُوَ أَضْيَقُ حَدِيثٍ فِي الْبُخَارِيِّ، سَأَلَنِي عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي ذُهْلٍ - يَعْنِي أَحَدَ مَشَايِخِهِ - فَأَخْرَجْتُهُ لَهُ، فَسَمِعَهُ - يَعْنِي: سَمِعَهُ شَيْخُهُ مِنْهُ - عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَمْشَاذَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَمْرٍو، وَكَأَنَّ ضِيقَهُ مَخْصُوصٌ بِرِوَايَةِ الْحَدَّادِ عَنِ ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ، وَإِلَّا فَقَدْ عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ عَقِبَ