الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنْ بَعْدُ ; لِنَقْلِ غَيْرِهِ الْقَوْلَ بِهِ، وَأَشَارَ لِمَا تَقَدَّمَ.
وَمِمَّنْ حَكَى الْإِجْمَاعَ أَيْضًا النَّوَوِيُّ، وَقَالَ: الْقَوْلُ بِالْقَتْلِ قَوْلٌ بَاطِلٌ مُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَالْحَدِيثُ الْوَارِدُ فِيهِ مَنْسُوخٌ ; إِمَّا بِحَدِيثِ:( «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ» ) . وَإِمَّا بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ دَلَّ عَلَى نَسْخِهِ. انْتَهَى.
هَذَا كُلُّهُ مَعَ وُرُودِ نَاسِخٍ مِنْ حَدِيثَيْ جَابِرٍ وَقَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، بِحَيْثُ عَمِلَ بِمَضْمُونِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا مَحَلَّ الْإِطَالَةِ بِهَا.
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمِنْ مِثْلِ مَعْرِفَةِ النَّسْخِ بِالْإِجْمَاعِ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِوَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ وَرَجُلٍ آخَرَ:( «إِنَّ هَذَا يَوْمٌ رُخِّصَ لَكُمْ إِذَا أَنْتُمْ رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ أَنْ تَحِلُّوا مِنْ كُلِّ مَا حُرِمْتُمْ مِنْهُ إِلَّا النِّسَاءَ، فَإِذَا أَمْسَيْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَطُوفُوا هَذَا الْبَيْتَ صِرْتُمْ حُرُمًا كَهَيْئَتِكُمْ قَبْلَ أَنْ تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطُوفُوا بِهِ» ) . وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، لَكِنَّهُ صَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ.
فَهَذَا مِمَّا أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ، عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا بَكْرٍ الصَّيْرَفِيَّ شَارِحَ (الرِّسَالَةِ) لَمْ يَجْعَلِ الْإِجْمَاعَ دَلِيلًا عَلَى تَعَيُّنِ الْمَصِيرِ لِلنَّسْخِ، بَلْ جَعَلَهُ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ النَّسْخِ وَالْغَلَطِ ; فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِهِ (الدَّلَائِلِ) : فَإِنْ أُجْمِعَ عَلَى إِبْطَالِ حُكْمِ أَحَدِهِمَا فَهُوَ مَنْسُوخٌ أَوْ غَلَطٌ - يَعْنِي مِنْ بَعْضِ رُوَاتِهِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ - وَالْآخَرُ ثَابِتٌ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَمَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ.
[التَّصْحِيفُ]
[الْكُتُبُ الْمُهِمَّةُ فِي هَذَا الْفَنِّ]
التَّصْحِيفُ
772 -
وَالْعَسْكَرِي وَالدَّارَقُطْنِي صَنَّفَا
…
فِيمَا لَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ صَحَّفَا
773 -
فِي الْمَتْنِ كَالصُّولِيِّ سِتًّا غَيَّرْ
…
شَيْئًا أَوِ الْإِسْنَادِ كَابْنِ النُّدَّرْ
774 -
صَحَّفَ فِيهِ الطَّبَرِيُّ قَالَا
بَذَّرَ بِالْبَاءِ وَنَقْطٍ ذَالَا
…
775 - وَأَطْلَقُوا التَّصْحِيفَ فِيمَا ظَهَرَا
كَقَوْلِهِ: احْتَجَمْ مَكَانَ احْتَجَرَا
…
776 - وَوَاصِلٌ بِعَاصِمٍ وَالْأَحْدَبُ
بِأَحْوَلٍ تَصْحِيفَ سَمْعٍ لَقَّبُوا
…
777 - وَصَحَّفَ الْمَعْنَى إِمَامُ عَنَزَهْ
ظَنَّ الْقَبِيلَ بِحَدِيثِ الْعَنَزَهْ
…
778 - وَبَعْضُهُمْ ظَنَّ سُكُونَ نُونِهِ
فَقَالَ: شَاةٌ خَابَ فِي ظُنُونِهْ
(التَّصْحِيفُ) الْوَاقِعُ فِي الْمُشْتَبِهِ مِنَ السَّنَدِ وَالْمَتْنِ. وَلَوْ جُعِلَ بَعْدَ الْغَرِيبِ أَوْ بَعْدَ الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ لَكَانَ حَسَنًا، وَهُوَ لِكَوْنِهِ تَحْوِيلَ الْكَلِمَةِ مِنَ الْهَيْئَةِ الْمُتَعَارَفَةِ إِلَى غَيْرِهَا فَنٌّ جَلِيلٌ مُهِمٌّ، إِنَّمَا يَنْهَضُ بِأَعْبَائِهِ مِنَ الْحُفَّاظِ الْحُذَّاقُ.
[الْكُتُبُ الْمُهِمَّةُ فِي هَذَا الْفَنِّ](وَ) الْحَافِظَانِ أَبُو أَحْمَدَ (الْعَسْكَرِي) وَأَبُو الْحَسَنِ (الدَّارَقُطْنِي صَنَّفَا
فِيمَا لَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ صَحَّفَا
) .
وَعَلَى ثَانِيهِمَا اقْتَصَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَقَالَ: إِنَّهُ مُفِيدٌ. وَأَمَّا أَوَّلُهُمَا فَلَهُ فِي التَّصْحِيفِ عِدَّةُ كُتُبٍ، أَكْبُرُهَا لِسَائِرِ مَا يَقَعُ فِيهِ التَّصْحِيفُ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالْأَلْفَاظِ غَيْرَ مُقْتَصِرٍ عَلَى الْحَدِيثِ. ثُمَّ أَفْرَدَ مِنْهُ كِتَابًا يَتَعَلَّقُ بِأَهْلِ الْأَدَبِ، وَهُوَ مَا يَقَعُ فِيهِ التَّصْحِيفُ مِنْ أَلْفَاظِ اللُّغَةِ وَالشِّعْرِ، وَأَسْمَاءِ الشُّعَرَاءِ وَالْفُرْسَانِ، وَأَخْبَارِ الْعَرَبِ وَأَيَّامِهَا وَوَقَائِعِهَا وَأَمَاكِنِهَا وَأَنْسَابِهَا. ثُمَّ آخَرَ فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْمُحَدِّثِينَ مِنْ ذَلِكَ غَيْرَ مُتَقَيِّدٍ بِمَا وَقَعَ فِيهِ التَّصْحِيفُ فَقَطْ، بَلْ ذَكَرَ فِيهِ مَا هُوَ مُعَرَّضٌ لِذَلِكَ.
وَفِي بَعْضِ الْمَحْكِيِّ مِمَّا وَقَعَ لِبَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ مَا يَكَادُ اللَّبِيبُ يَضْحَكُ مِنْهُ.
[غَرَضُ تَصْنِيفِ تِلْكَ الْكُتُبِ الْإِفْصَاحُ] وَكَذَا صَنَّفَ فِيهِ الْخَطَّابِيُّ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ، لَا لِمُجَرَّدِ الطَّعْنِ بِذَلِكَ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ فِي وَاحِدٍ مِمَّنْ صَحَّفَ، وَلَا لِلْوَضْعِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُكْثِرُ مَلُومًا، وَالْمُشْتَهِرُ بِهِ بَيْنَ النُّقَّادِ مَذْمُومًا، بَلْ إِيثَارًا لِبَيَانِ الصَّوَابِ، وَإِشْهَارًا