المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أسباب التصحيف في الحديث] - فتح المغيث بشرح ألفية الحديث - جـ ٤

[السخاوي]

فهرس الكتاب

- ‌[الْغَرِيبُ وَالْعَزِيزُ وَالْمَشْهُورُ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْغَرِيبِ وَأَنْوَاعُهُ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْعَزِيزِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْمَشْهُورِ وَالْمُسْتَفِيضِ]

- ‌[أَنْوَاعُ الْغَرِيبِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْمَشْهُورِ]

- ‌[تَعْرِيفُ التَّوَاتُرِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا]

- ‌[أَمْثِلَةُ التَّوَاتُرِ]

- ‌[الْأَحَادِيثُ الْمُتَوَاتِرَةُ]

- ‌[غَرِيبُ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ]

- ‌[تَعْرِيفُ غَرِيبِ الْحَدِيثِ وَأَمْثِلَتِهِ]

- ‌[أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ]

- ‌[ذِكْرُ أُمَّهَاتَ الْكُتُبِ فِي هَذَا الْفَنِّ]

- ‌[الِاعْتِنَاءُ بِهَذَا الْفَنِّ وَأَهْلِهِ]

- ‌[تَفْسِيرُ الْغَرِيبِ بِمَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ]

- ‌[الْمُسَلْسَلُ]

- ‌[مَعْنَى الْمُسَلْسَلِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا وَأَمْثِلَتِهِ]

- ‌[تَقْسِيمُ الْمُسَلْسَلِ وَفَائِدَتُهُ]

- ‌[كُتُبُ الْمُسَلْسَلَاتِ]

- ‌[ذِكْرُ الْمُسَلْسَلَاتِ النَّاقِصَةَ]

- ‌[النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ]

- ‌[تعريفه]

- ‌[فضله]

- ‌[دَلَائِلُ النَّسْخِ]

- ‌[التَّصْحِيفُ]

- ‌[الْكُتُبُ الْمُهِمَّةُ فِي هَذَا الْفَنِّ]

- ‌[أَمْثِلَةُ التَّصْحِيفِ فِي الْمَتْنِ]

- ‌[أَمْثِلَةُ التَّصْحِيفِ فِي الْإِسْنَادِ]

- ‌[أَسْبَابُ التَّصْحِيفِ فِي الْحَدِيثِ]

- ‌[مَعْنَى التَّصْحِيفِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّحْرِيفِ]

- ‌[مُخْتَلِفُ الْحَدِيثِ]

- ‌[المصنفات فيه]

- ‌[أَمْثِلَتُهُ]

- ‌[خَفِيُّ الْإِرْسَالِ وَالْمَزِيدُ فِي مُتَّصِلِ الْإِسْنَادِ]

- ‌[الْمُرْسَلُ الْخَفِيُّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرْسَلِ الظَّاهِرِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[الْمَزِيدُ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ]

- ‌[مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ]

- ‌[ذِكْرُ الْكُتُبِ الْمُهِمَّةِ فِي هَذَا الْفَنِّ]

- ‌[تَعْرِيفُ الصَّحَابِيِّ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا]

- ‌[بِمَ تُعْرَفُ الصُّحْبَةُ]

- ‌[بَيَانُ عَدَالَةِ الصَّحَابَةِ]

- ‌[الْمُكْثِرُونَ مِنَ الصَّحَابَةِ]

- ‌[ذِكْرُ الْعَبَادِلَةِ وَالْآخِذُونَ عَنْهُمْ]

- ‌[عَدَدُ الصَّحَابَةِ]

- ‌[تَفْضِيلُ الصَّحَابَةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ]

- ‌[مَنْ آخِرُ الصَّحَابَةِ مَوْتًا]

- ‌[مَعْرِفَةُ التَّابِعِينَ]

- ‌[تَعْرِيفُ التَّابِعِيِّ]

- ‌[مَرَاتِبُ التَّابِعِينَ]

- ‌[ذِكْرُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْمُخَضْرَمِ وَعَدَدُهُ]

- ‌[الْأَكَابِرُ عَنِ الْأَصَاغِرِ]

- ‌[رِوَايَةُ الْأَقْرَانِ]

- ‌[الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ]

- ‌[رِوَايَةُ الْآبَاءِ عَنِ الْأَبْنَاءِ وَعَكْسُهُ]

- ‌[رِوَايَةُ الْأَبْنَاءِ عَنِ الْآبَاءِ]

- ‌[السَّابِقُ وَاللَّاحِقُ]

- ‌[مَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا رَاوٍ وَاحِدٌ]

- ‌[مَنْ ذُكِرَ بِنُعُوتٍ مُتَعَدِّدَةٍ]

- ‌[أَفْرَادُ الْعَلَمِ]

- ‌[الْأَسْمَاءُ وَالْكُنَى]

- ‌[الْأَلْقَابُ]

- ‌[الْمُؤْتَلِفُ وَالْمُخْتَلِفُ]

- ‌[المصنفات فيه]

- ‌[أقسامه]

- ‌[الْمُتَّفِقُ وَالْمُفْتَرِقُ]

- ‌[المصنفات فيه]

- ‌[أقسامه]

- ‌[الْأَوَّلُ أَنْ تَتَّفِقَ أَسْمَاؤُهُمْ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ]

- ‌[وَالثَّانِي أَنْ تَتَّفِقَ أَسْمَاؤُهُمْ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ وَأَجْدَادِهِمْ]

- ‌[الثَّالِثُ أَنْ تَتَّفِقَ الْكُنْيَةُ وَالنِّسْبَةُ مَعًا]

- ‌[مُتَّفَقٌ مَعَهُ فِي الِاسْمِ فِي الْجُمْلَةِ وَفِي النِّسْبَةِ]

- ‌[الْخَامِسُ أَنْ تَتَّفِقَ كُنَاهُمْ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ]

- ‌[السَّادِسُ ضِدُّ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ أَنْ تَتَّفِقَ أَسْمَاؤُهُمْ وَكُنَى آبَائِهِمْ]

- ‌[الثامن مَا يَحْصُلُ الِاتِّفَاقُ فِيهِ فِي لَفْظٍ نَسَبٍ فَقَطْ]

- ‌[تَلْخِيصُ الْمُتَشَابِهِ]

- ‌[الْمُشْتَبِهُ الْمَقْلُوبُ]

- ‌[مَنْ نُسِبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ]

- ‌[الْمَنْسُوبُونَ إِلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ]

- ‌[الْمُبْهَمَاتُ]

- ‌[تَوَارِيخُ الرُّوَاةِ وَالْوَفَيَاتِ]

- ‌[حَقِيقَةُ التَّأْرِيخِ]

- ‌[بَوَاعِثُ وَضْعِ التَّأْرِيخِ]

- ‌[المصنفات فيه]

- ‌[استكمال النبي والصديق وعمر وعلي لثلاثة وستين سنة]

- ‌[الاخْتُلاِفَ فِي ابْتِدَاءِ مَرَضِهِ ثُمَّ مُدَّتِهِ ثُمَّ وَقْتِ وَفَاتِهِ وَدَفْنِهِ]

- ‌[وفاة عمر رضي الله عنه]

- ‌[مقتل عثمان رضي الله عنه]

- ‌[مقتل علي بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه]

- ‌[مقتل طلحة والزبير رضي الله عنهما]

- ‌[موت سَعْدٌ ابن أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه]

- ‌[موت سعيد بن زيد رضي الله عنه]

- ‌[موت عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه]

- ‌[موت أَبُو عُبَيْدَةَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَرَّاحِ رضي الله عنه]

- ‌[وفيات المعمرين من الصحابة]

- ‌[وفيات أصحاب المذاهب]

- ‌[وفيات أَصْحَابِ الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ]

- ‌[وفيات أَئِمَّةٍ انْتُفِعَ بِتَصَانِيفِهِمْ]

- ‌[مَعْرِفَةُ الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ]

- ‌[أهمية معرفة هذا النوع والمصنفات فيه]

- ‌[النصح في الدين حق واجب]

- ‌[المتكلمون في الرجال]

- ‌[لا يقبل الجرح إلا مفسرا]

- ‌[مَعْرِفَةُ مَنِ اخْتَلَطَ مِنَ الثِّقَاتِ]

- ‌[أهمية هذا الفن]

- ‌[المصنفات فيه والمختلطون في الصحيحين]

- ‌[أمثلة لمن اختلط من الثقات]

- ‌[مِمَّنِ اخْتَلَطَ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ]

- ‌[طَبَقَاتُ الرُّوَاةِ]

- ‌[الْمَوَالِي مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالرُّوَاةِ]

- ‌[أَوْطَانُ الرُّوَاةِ وَبُلْدَانُهُمْ]

- ‌[تَصْرِيحٌ عَنْ نِسْبَةِ الْكِتَابِ]

الفصل: ‌[أسباب التصحيف في الحديث]

جَامِعِ الْخَطِيبِ مِنْهَا نُبْذَةٌ. وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ الْمُلْحَقَةِ بِالْإِسْنَادِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي غَسَّانَ مَالِكِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيِّ، قَالَ السَّعْدِيُّ: كَانَ حَسَنِيًّا - يَعْنِي: الْحَسَنَ بْنَ صَالِحٍ - عَلَى عِبَادَتِهِ وَسُوءِ مَذْهَبِهِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَأَبُو غَسَّانَ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ لَكِنْ لَمْ يُرِدِ السَّعْدِيُّ نَسَبَهُ إِلَى الْحَسَنِ، وَإِنَّمَا قَالَ: إِنَّهُ خَشَبِيٌّ بِمُعْجَمَتَيْنِ وَمُوَحَّدَةٍ، يُرِيدُ أَنَّهُ رَافِضِيٌّ.

قَالَ: وَشَرْحُ ذَلِكَ يَطُولُ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَمِنْهُ مَا ذَكَرَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي الْأَنْسَابِ فِي تَرْجَمَةِ الْجَرِيرِيِّ، بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، نِسْبَةً إِلَى مَذْهَبِ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ. قَالَ: وَكَانَ مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجَوْزَجَانِيُّ. ثُمَّ نُقِلَ عَنِ ابْنِ حِبَّانَ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ: إِنَّهُ جَرِيرِيُّ الْمَذْهَبِ وَلَمْ يَكُنْ دَاعِيَةً.

قَالَ شَيْخُنَا: وَلَمْ يَنْسُبْهُ ابْنُ حِبَّانَ لِمَذْهَبِ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ، وَإِنَّمَا نَسَبَهُ لِمَذْهَبِ حَرِيرِ بْنِ عُثْمَانَ، وَهُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ رَاءٍ ثُمَّ رَاءٍ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا إِلَّا مُخَالَفَةُ التَّارِيخِ ; فَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ الْمَذْكُورَ فِي طَبَقَةِ شُيُوخِ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بَعْدَ مَوْلِدِ ابْنِ جَرِيرٍ بِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، فَكَيْفَ يَكُونُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ هُوَ فِي عِدَادِ شُيُوخِهِ؟ ! وَيَنْقَسِمُ كُلٌّ مِنْهُمَا إِلَى تَصْحِيفِ بَصَرٍ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ، وَسَمْعٍ، وَهُوَ قَلِيلٌ. وَكَذَا إِلَى تَصْحِيفِ لَفْظٍ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ، وَمَعْنًى، وَهُوَ قَلِيلٌ.

[أَسْبَابُ التَّصْحِيفِ فِي الْحَدِيثِ]

[أَسْبَابُ التَّصْحِيفِ فِي الْحَدِيثِ](وَ) كَذَا (أَطْلَقُوا) ; أَيْ: مَنْ صَنَّفَ فِي هَذَا الْفَنِّ، (التَّصْحِيفَ فِيمَا ظَهَرَا) تَحْقِيقُ حُرُوفِهِ مِنْ غَيْرِ اشْتِبَاهٍ فِي الْكِتَابَةِ بِغَيْرِهَا، وَإِنَّمَا حَصَلَ فِيهِ خَلَلٌ مِنَ النَّاسِخِ أَوِ الرَّاوِي بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ إِبْدَالِ حَرْفٍ بِآخَرَ.

فَالْأَوَّلُ:

ص: 62

كَحَدِيثِ جَابِرٍ: «دَخَلَ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، فَقَالَ: (صَلَّيْتَ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسَ؟) » الْحَدِيثَ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ: (قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ؟) ، وَهُوَ غَلَطٌ مِنَ النَّاسِخِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمِزِّيُّ. وَكَمَا رَوَى يَحْيَى بْنُ سَلَامٍ الْمُفَسِّرُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} [الأعراف: 145]، قَالَ: مِصْرَ. فَقَدِ اسْتَعْظَمَ هَذَا أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ وَاسْتَقْبَحَهُ، وَذَكَرَ أَنَّهُ فِي تَفْسِيرِ سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ بِلَفْظِ: مَصِيرَهُمْ.

وَالثَّانِي: كَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ: ( «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ يَوْمَ الْعِيدِ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ فَيَقِفُ عَلَى رِجْلَيْهِ، فَيَسْتَقْبِلُ النَّاسَ وَهُمْ جُلُوسٌ» ) الْحَدِيثَ.

رَوَاهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: عَلَى رَاحِلَتِهِ بَدَلَ رِجْلَيْهِ. وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ، فَلَا رَيْبَ فِي ( «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْرُجُ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا وَالْعَنَزَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَإِنَّمَا خَطَبَ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى» ) .

وَالثَّالِثُ: (كَقَوْلِهِ) فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: (احْتَجَمَ) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ ; حَيْثُ جَعَلَهُ ابْنُ لَهِيعَةَ فِيمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي التَّمْيِيزِ لَهُ (مَكَانَ احْتَجَرَا) بِالْمِيمِ بَدَلَ الرَّاءِ ; لِكَوْنِهِ أَخَذَهُ مِنْ كِتَابٍ بِغَيْرِ سَمَاعٍ، وَأَخْطَأَ فَبَقِيَّتُهُ:(بِخُصٍّ أَوْ حَصِيرِ حُجْرَةً يُصَلِّي فِيهَا) . وَقَدْ جَعَلَ ابْنُ الْجَزَرِيِّ هَذَا مِثَالًا لِتَصْحِيفِ السَّمْعِ فِي الْمَتْنِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. (وَ) كَذَا (وَاصِلٌ) أَبْدَلَ اسْمَهُ (بِعَاصِمٍ) . بَلْ (وَ) أَبْدَلَا (الْأَحْدَبُ) لَقَبُهُ أَيْضًا (بِأَحْوَلٍ) بِالصَّرْفِ لِلضَّرُورَةِ، لَقَبِ عَاصِمٍ، وَذَلِكَ فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ:(أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ؟) .

وَكَذَا خَالِدُ بْنُ عُرْفُطَةَ ; حَيْثُ أَبْدَلَهُ شُعْبَةُ بِمَالِكِ بْنِ عُرْفُطَةَ. كُلٌّ مِنْهُمَا (تَصْحِيفَ) بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ (سَمْعٍ) ;

ص: 63

يَعْنِي فِي الْإِسْنَادِ، (لَقَّبُوا) . فَمِنِ الْمُلَقِّبِينَ بِذَلِكَ لِلْمِثَالِ الْأَوَّلِ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَلِلثَّانِي أَحْمَدُ، وَلَيْسَ تَلْقِيبُهُمْ بِذَلِكَ بِأَوْلَى مِنْ تَلْقِيبِ احْتَجَمَ بِهِ، بَلْ ذَاكَ أَوْلَى ; لِمُشَارَكَتِهِمَا مَعَ الْوَزْنِ فِي الْحُرُوفِ إِلَّا وَاحِدًا، بِخِلَافِهِ فِيهِمَا، فَلَيْسَ إِلَّا الْوَزْنُ ; إِذْ أَكْثَرُ الْحُرُوفِ مُخْتَلِفَةٌ.

ثُمَّ إِنَّ جُلَّ التَّصْحِيفِ كَمَا أَشَرْتُ إِلَيْهِ فِي اللَّفْظِ، (وَ) قَدْ (صَحَّفَ الْمَعْنَى) فَقَطْ بَعْضُ شُيُوخِ الْخَطَّابِيِّ فِي الْحَدِيثِ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ، وَإِنَّهُ لَمَّا رَوَى حَدِيثَ النَّهْيِ عَنِ التَّحْلِيقِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ قَالَ: مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً مَا حَلَقْتُ رَأْسِي قَبْلَ الصَّلَاةِ. فُهِمَ مِنْهُ حَلْقُ الرُّءُوسِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَحْلِيقُ النَّاسِ حِلَقًا. وَبَعْضُهُمْ حَيْثُ سَمِعَ خَطِيبًا يَرْوِي حَدِيثَ:(لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ)، فَبَكَى وَقَالَ:(مَا الَّذِي أَصْنَعُ، وَلَيْسَتْ لِي حِرْفَةٌ سِوَى بَيْعِ الْقَتِّ) ; يَعْنِي الَّذِي يَعْلِفُ الدَّوَابَّ.

وَأَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الزَّمَنُ (إِمَامُ عَنَزَهْ) حَيْثُ (

ظَنَّ الْقَبِيلَ بِحَدِيثِ الْعَنَزَهْ

) الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي إِلَيْهَا، فَقَالَ يَوْمًا:(نَحْنُ قَوْمٌ لَنَا شَرَفٌ، نَحْنُ مِنْ عَنَزَةَ، قَدْ صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْنَا) ، ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.

(وَبَعْضُهُمْ) ، وَهُوَ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ أَعْرَابِيٌّ صَحَّفَ لَفْظَهُ وَمَعْنَاهُ مَعًا، (ظَنَّ سُكُونَ نُونِهِ) أَيْ: لَفْظِ الْعَنَزَةِ، وَرَوَاهُ مَعَ هَذَا الظَّنِّ بِالْمَعْنَى (فَقَالَ: شَاةٌ) ، فَأَخْطَأَ وَ (خَابَ فِي ظُنُونِهِ) مِنْ وَجْهَيْنِ ; إِذِ الصَّوَابُ عَنَزَةٌ بِفَتْحِ النُّونِ ; وَهِيَ الْحَرْبَةُ تُنْصَبُ بَيْنَ يَدَيْهِ. وَلِذَلِكَ حِكَايَةٌ حَكَاهَا الْحَاكِمُ عَنِ الْفَقِيهِ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ: كُنْتُ بِعَدَنَ

ص: 64