الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْأَلْقَابُ]
ُ
872 -
وَاعْنَ بِالْأَلْقَابِ فَرُبَّمَا جُعِلْ
…
الْوَاحِدُ اثْنَيْنِ الَّذِي مِنْهَا عَطِلْ
873 -
نَحْوُ الضَّعِيفِ أَيْ بِجِسْمِهِ وَمَنْ
…
ضَلَّ الطَّرِيقَ بِاسْمِ فَاعِلٍ وَلَنْ
874 -
يَجُوزَ مَا يَكْرَهُهُ الْمُلَقَّبُ
…
وَرُبَّمَا كَانَ لِبَعْضٍ سَبَبُ
875 -
كَغُنْدَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ
…
وَصَالِحٍ جَزَرَةَ الْمُشْتَهِرِ
(الْأَلْقَابُ) وَكَانَ الْأَنْسَبُ - حَيْثُ خُولِفَ الْأَصْلُ فِي ضَمِّ مَنْ عُرِفَ بِاسْمِهِ إِلَى الْكُنَى - أَنْ يُضُمَّ هَذَا إِلَيْهَا أَيْضًا، وَلَعَلَّهُ أَفْرَدَهُ لِكَثْرَةِ مَا فِيهِ مِنَ التَّصَانِيفِ، (وَاعْنَ) ; أَيِ: اجْعَلْ أَيُّهَا الطَّالِبُ مِنْ عِنَايَتِكَ الِاهْتِمَامَ بِمَعْرِفَةِ (الْأَلْقَابِ) ، الْمَاضِي تَعْرِيفُهَا فِي أَفْرَادِ الْعَلَمِ قَرِيبًا لِلْمُحَدِّثِينَ وَالْعُلَمَاءِ وَمَنْ يُذْكَرُ مَعَهُمْ، (فَرُبَّمَا جُعِلَ الْوَاحِدُ اثْنَيْنِ) ; حَيْثُ يَجِيءُ مَرَّةً بِاسْمِهِ وَأُخْرَى بِلَقَبِهِ، (الَّذِي مِنْهَا) ; أَيْ: مِنْ مَعْرِفَتِهَا (عَطِلْ) ; أَيْ: خَلَا ; لِظَنِّهِ فِي الْأَلْقَابِ أَنَّهَا أَسَامِي، لَا سِيَّمَا وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَكَابِرَ الْحُفَّاظِ ; كَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ خِرَاشٍ وَأَبِي أَحْمَدَ بْنِ عَدِيٍّ ; إِذْ فَرَّقُوا بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ أَخِي سُهَيْلٍ وَبَيْنَ عَبَّادِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَجَعَلُوهُمَا اثْنَيْنِ، وَلَيْسَ عَبَّادٌ بِأَخٍ لِعَبْدِ اللَّهِ ; كَمَا أَشَرْتُ إِلَيْهِ فِي الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ، بَلْ هُوَ لَقَبُهُ حَسْبَمَا قَالَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ وَمُوسَى بْنُ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَغْدَادِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، وَرُبَّمَا جَهِلَهُ الطَّالِبُ أَصْلًا وَرَأْسًا، كَمَا اتَّفَقَ لِبَعْضِ الْأَعْيَانِ حَيْثُ قَالَ لِشَيْخِنَا: فَتَّشْتُ كُتُبَ الرِّجَالِ عَنْ تَمْتَامٍ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: هُوَ لَقَبٌ، وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبِ بْنِ حَرْبٍ، تَرْجَمَهُ الْخَطِيبُ ثُمَّ الذَّهَبِيُّ وَغَيْرُهُمَا.
وَقَدْ صَنَّفَ
فِي الْأَلْقَابِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْحُفَّاظِ ; كَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشِّيرَازِيِّ، وَهُوَ فِي مُجَلَّدٍ مُفِيدٍ كَثِيرِ النَّفْعِ، وَاخْتَصَرَهُ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ طَاهِرٍ ; وَكَأَبِي الْفَضْلِ الْفَلَكِيِّ وَأَبِي الْوَلِيدِ بْنِ الْفَرْضِيِّ، مُحَدِّثِ الْأَنْدَلُسِ، وَأَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ، وَهُوَ أَوْسَعُهَا، وَسَمَّاهُ (كَشْفَ النِّقَابِ) ، وَجَمَعَهَا مَعَ التَّلْخِيصِ وَالزِّيَادَاتِ شَيْخُنَا فِي مُؤَلَّفٍ بَدِيعٍ سَمَّاهُ (نُزْهَةَ الْأَلْبَابِ) ، وَزِدْتُ عَلَيْهِ زَوَائِدَ كَثِيرَةً ضَمَمْتُهَا إِلَيْهِ فِي تَصْنِيفٍ مُسْتَقِلٍّ.
وَلَقَّبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ، بِالصِّدِّيقِ، وَعُمَرُ بِالْفَارُوقِ، وَعُثْمَانُ بِذِي النُّورَيْنِ، وَعَلِيٌّ بِأَبِي تُرَابٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِسَيْفِ اللَّهِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ بِأَمِينِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَحَمْزَةُ بِأَسَدِ اللَّهِ، وَجَعْفَرٌ بِذِي الْجَنَاحَيْنِ، وَسَمَّى قَبِيلَتَيِ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ الْأَنْصَارَ، فَغَلَبَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى حُلَفَائِهِمْ، وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ سَمَّى مُحَمَّدَ بْنَ وَاسِعٍ سَيِّدَ الْقُرَّاءِ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَدْعُو الْمُعَافَى بْنَ عِمْرَانَ يَاقُوتَةَ الْعُلَمَاءِ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ يُلَقِّبُ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ الْأَصْبِهَانِيَّ عَرُوسَ الزُّهَّادِ، وَأَشْرَفُ مَنِ اشْتُهِرَ بِاللَّقَبِ الْجَلِيلِ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ وَمُوسَى الْكَلِيمُ وَعِيسَى الْمَسِيحُ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ.
وَهِيَ تَارَةً تَكُونُ بِأَلْفَاظِ الْأَسْمَاءِ ; كَأَشْهَبَ، وَبِالصَّنَائِعِ وَالْحِرَفِ ; كَالْبَقَّالِ، وَبِالصِّفَاتِ كَالْأَعْمَشِ، وَالْكُنَى ; كَأَبِي بَطْنٍ، وَالْأَنْسَابِ إِلَى الْقَبَائِلِ
وَالْبُلْدَانِ وَغَيْرِهَا، وَأَمْثِلَةُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ، (نَحْوُ الضَّعِيفِ) لَقَبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى أَبِي مُحَمَّدٍ الطَّرْسُوسِيِّ، (أَيْ بِجِسْمِهِ) لَا فِي حَدِيثِهِ، كَمَا قَالَهُ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ الْمِصْرِيُّ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ النَّسَائِيِّ: إِنَّهُ لُقِّبَ بِهِ ; لِكَثْرَةِ عِبَادَتِهِ. يَعْنِي كَأَنَّ الْعِبَادَةَ أَنْهَكَتْ بَدَنَهُ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: إِنَّهُ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ ; لِإِتْقَانِهِ وَضَبْطِهِ. يَعْنِي مِنْ بَابِ الْأَضْدَادِ ; كَمَا قِيلَ لِمُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزِّنْجِيِّ مَعَ أَنَّهُ كَانَ فِيمَا قِيلَ أَشْقَرَ كَالْبَصَلَةِ أَوْ أَبْيَضَ مُشْرَبًا بِحُمْرَةٍ، وَكَذَا لَهُمْ يُونُسُ لَقَّبَهُ أَحْمَدُ بِالصَّدُوقِ وَلَمْ يَكُنْ صَدُوقًا، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، فَقَالَ: إِنَّ أَبَاهُ عَنَى بِالصَّدُوقِ الْكَذُوبَ مَقْلُوبٌ، (وَ) نَحْوُ (مَنْ ضَلَّ الطَّرِيقَ) ، وَهُوَ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ لُقِّبَ (بِـ) الضَّالِّ (اسْمِ فَاعِلٍ) مِنْ ضَلَّ ; لِأَنَّهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو حَاتِمٍ ضَلَّ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، وَكَذَا قَالَ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ: وَزَادَ، فَمَاتَ مَفْقُودًا، قَالَ: وَكَذَا فُقِدَ مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ وَسَلْمُ بْنُ أَبِي الذَّيَّالِ، فَلَمْ يُرَ لَهُمْ أَثَرٌ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْحَافِظِ عَبْدِ الْغَنِيِّ: رَجُلَانِ نَبِيلَانِ لَزِمَهُمَا لَقَبَانِ قَبِيحَانِ: مُعَاوِيَةُ الضَّالُّ، وَإِنَّمَا ضَلَّ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ الضَّعِيفُ، وَإِنَّمَا كَانَ ضَعِيفًا فِي جِسْمِهِ،
وَنَحْوُ الْقَوِيِّ لَقَبٌ لِلْحَسَنِ بْنَ يَزِيدَ بْنِ فَرُّوخَ أَبِي يُونُسَ، لُقِّبَ بِذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِ كَانَ ثِقَةً أَيْضًا ; لِقُوَّتِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَالطَّوَافِ، حَتَّى قِيلَ: إِنَّهُ بَكَى حَتَّى عَمِيَ وَصَلَّى حَتَّى حَدِبَ، وَطَافَ حَتَّى أُقْعِدَ، كَانَ يَطُوفُ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ أُسْبُوعًا.
ثُمَّ إِنَّ الْأَلْقَابَ تَنْقَسِمُ إِلَى مَا لَا يَكْرَهُهُ الْمُلَقَّبُ بِهِ ; كَأَبِي تُرَابٍ، لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ; فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ اسْمٌ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْهُ، كَمَا قَدَّمْتُهُ، وَكَبُنْدَارٍ لِمُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ ; لِكَوْنِهِ كَمَا قَالَ الْفَلَكِيُّ: كَانَ بُنْدَارَ الْحَدِيثِ، وَإِلَى مَا يَكْرَهُهُ ; كَأَبِي الزِّنَادِ وَعَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ وَمُشْكُدَانَةَ، فَالْأَوَّلُ جَائِزٌ ذِكْرُهُ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ وَغَيْرِهَا، سَوَاءٌ عُرِفَ بِغَيْرِهِ أَمْ لَا، مَا لَمْ يَرْتَقِ إِلَى الْإِطْرَاءِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، فَلَيْسَ بِجَائِزٍ، (وَلَنْ يَجُوزَ) أَيْضًا (مَا يَكْرَهُهُ الْمُلَقَّبُ) إِلَّا إِذَا لَمْ يُتَوَصَّلْ لِتَعْرِيفِهِ إِلَّا بِهِ، كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي أَوَاخِرَ آدَابِ الْمُحَدِّثِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ، وَيَتَأَكَّدُ التَّحْرِيمُ فِي التَّلْقِيبِ الْمُبْتَكَرِ مِنَ الْمُلَقَّبِ، فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا - كَمَا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ:( «مَا مِنْ رَجُلٍ رَمَى رَجُلًا بِكَلِمَةٍ يَشِينُهُ بِهَا إِلَّا حَبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي طِينَةِ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهَا» ) .
(وَ) مِنَ الْمُهِمِّ مَعْرِفَةُ أَسْبَابِهَا فَـ (رُبَّمَا كَانَ لِبَعْضٍ) مِنْهَا (سَبَبٌ)، يَعْنِي: ظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَكُلُّهَا لَا تَخْلُو عَنْ أَسْبَابٍ. وَيُسْتَفَادُ الْكَثِيرُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ جُزْءٍ سَمِعْتُهُ لِلْحَافِظِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْغَنِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الْأَزْدِيِّ الْمِصْرِيِّ سَمَّاهُ (أَسْبَابَ الْأَسْمَاءِ) كَالضَّعِيفِ وَالصَّدُوقِ وَالْقَوِيِّ وَالضَّالِّ مِمَّا ذُكِرَ هُنَا، وَأَبِي الرِّجَالِ وَأَبِي الْآذَانِ، مِمَّا ذُكِرَ فِي النَّوْعِ قَبْلَهُ وَمُطَيَّنٍ مِمَّا ذُكِرَ فِي مَتَى يَصِحُّ تَحَمُّلُ الْحَدِيثِ؟ وَمُشْكُدَانَةُ مِمَّا
ذُكِرَ فِي أَدَبِ الْمُحَدِّثِ، وَالنَّبِيلُ لِأَبِي عَاصِمٍ الضَّحَّاكِ بْنِ مَخْلَدٍ ; لِكَوْنِهِ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ شُعْبَةَ حَلَفَ أَنْ لَا يُحَدِّثَ لِأَمْرٍ عَرَضَ لَهُ، قَالَ لَهُ: حَدِّثْ وَغُلَامِي فُلَانٌ حُرٌّ. فَقَالَ لَهُ شُعْبَةُ: أَنْتَ نَبِيلٌ. وَقِيلَ فِي سَبَبِ ذَلِكَ غَيْرُ هَذَا، وَصَاعِقَةُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ لِشِدَّةِ مُذَاكَرَتِهِ وَحِفْظِهِ، وَغُنْجَارٌ لِعِيسَى بْنِ مُوسَى أَبِي أَحْمَدَ التَّمِيمِيِّ الْبُخَارِيِّ ; لِحُمْرَةِ وَجْنَتَيْهِ، وَخَتٌّ لِيَحْيَى بْنِ مُوسَى شَيْخِ الْبُخَارِيِّ ; لِأَنَّهَا كَلِمَةٌ كَانَتْ تَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ، وَلُوَيْنٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ ; لِكَوْنِهِ - كَمَا قَالَ الطَّبَرِيُّ - كَانَ يَبِيعُ الدَّوَابَّ بِبَغْدَادَ فَيَقُولُ: هَذَا الْفَرَسُ لَهُ لُوَيْنٌ، هَذَا الْفَرَسُ لَهُ قُدَيْدٌ، وَلَكِنْ قَدْ نُقِلَ عَنْهُ قَوْلُهُ: لَقَّبَتْنِي أُمِّي لُوَيْنًا، وَقَدِ رَضِيتُ بِهِ. وَ (كَغُنْدَرٍ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ نُونٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَهَا دَالٌ مُهْمَلَةٌ مَفْتُوحَةٌ ثُمَّ رَاءٌ، (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) ; لِكَوْنِهِ كَانَ يُكْثِرُ الشَّغَبَ عَلَى ابْنِ جُرَيْجٍ حِينَ قَدِمَ الْبَصْرَةَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ: اسْكُتْ يَا غُنْدَرُ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ ابْنُ عَائِشَةَ الْعَيْشِيُّ: وَأَهْلُ الْحِجَازِ يُسَمُّونَ الْمُشَغِّبَ غُنْدَرًا. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ غُلَامُ ثَعْلَبٍ: الْغُنْدَرُ الصَّيِّخُ. وَأَغْرَبَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ فَزَعَمَ فِي تَأْلِيفِهِ الِاشْتِقَاقَ أَنَّهُ مِنَ الْغَدْرِ، وَأَنَّ نُونَهُ زَائِدَةٌ وَدَالَهُ تُضَمُّ وَتُفْتَحُ.
عَلَى أَنَّ الْبُلْقِينِيَّ قَالَ: إِنَّ التَّشْغِيبَ فِي ضِمْنِهِ مَا يُشْبِهُ الْغَدْرَ، فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ مُخَالِفًا، وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِالتَّلْقِيبِ بِذَلِكَ، بَلْ شَارَكَهُ فِيهِ سَبْعَةٌ مِمَّنِ اتَّفَقَ مَعَهُ أَيْضًا فِي الِاسْمِ وَاسْمِ الْأَبِ، وَاثْنَانِ
مِمَّنِ اتَّفَقَ مَعَهُ فِي الِاسْمِ خَاصَّةً فِي اثْنَيْنِ، اسْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَحْمَدُ، أَوْرَدْتُهُمْ فِي تَصْنِيفِي الْمُشَارِ إِلَيْهِ، وَالْمَاجِشُونُ لِيَعْقُوبَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ ; لِأَنَّهُ كَانَ أَبْيَضَ أَحْمَرَ (وَ) كَـ (صَالِحٍ) هُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَبِيبٍ أَبِي عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ، ثُمَّ الْبُخَارِيُّ، الْمُلَقَّبُ (جَزَرَةَ) بِجِيمٍ ثُمَّ زَاءٍ مَنْقُوطَةٍ ثُمَّ رَاءٍ مَفْتُوحَاتٍ وَهَاءِ تَأْنِيثٍ، (الْمُشْتَهِرِ) بِالْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ وَالضَّبْطِ وَالثِّقَةِ ; لِكَوْنِهِ حَكَى عَنْ نَفْسِهِ مِمَّا رَوَاهُ الْحَاكِمُ أَنَّهُ صَحَّفَ خَرَزَةَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ أَنَّهُ كَانَ يُرْقَى بِخَرَزَةٍ، يَعْنِي بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ رَاءٍ ثُمَّ زَاءٍ مَنْقُوطَةٍ، إِذْ سُئِلَ مِنْ أَيْنَ سَمِعْتَ؟ فَقَالَ: مِنْ حَدِيثِ الْجَزَرَةِ. يَعْنِي بِجِيمٍ ثُمَّ زَاءٍ مَنْقُوطَةٍ ثُمَّ رَاءٍ، وَذَلِكَ فِي حَدَاثَتِهِ، قَالَ: فَبَقِيَتْ عَلَيَّ. وَقِيلَ: فِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ عَنْهُ وَجْهٌ آخَرُ، وَأَنَّهُ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ شُيُوخٍ الشَّامِ الْقَادِمِينَ عَلَيْهِمْ حَدَّثَكُمْ حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ؟ قَالَ: كَانَ لِأَبِي أُمَامَةَ خَرَزَةٌ يَرْقِي بِهَا الْمَرِيضَ فَقَالَهَا (جَزَرَةٌ) . وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ عَلَى الذُّهْلِيِّ فِي الزُّهْرِيَّاتِ، فَلَمَّا بَلَغَ حَدِيثَ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَسْتَرِقِي مِنَ الْخَرَزَةِ، فَقَالَ: مِنَ الْجَزَرَةِ. فَلُقِّبَ بِهِ. وَغَلَّطَ الْخَطِيبُ آخِرَهَا، وَبِالْجُمْلَةِ فَهِيَ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّ السَّبَبَ تَصْحِيفُهُ خَرَزَةَ، نَعَمْ، قِيلَ فِي السَّبَبِ مَا يُخَالِفُهُ، وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي الْكُتَّابِ أَهْدَى الصِّبْيَانُ لِلْمُؤَدِّبِ هَدَايَا فَكَانَتْ هَدِيَّتُهُ هُوَ جَزَرَةً ; فَلَقَّبَهُ الْمُؤَدِّبُ بِهَا وَبَقِيَتْ عَلَيْهِ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ، وَاتُّفِقَ أَنَّهُ كَانَ يَوْمًا يَمْشِي مَعَ رَفِيقٍ لَهُ يُلَقَّبُ الْجَمَلَ، فَمَرَّ جَمَلٌ عَلَيْهِ جَزَرٌ، فَقَالَ لَهُ رَفِيقُهُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: أَنَا عَلَيْكَ. وَكَانَ مَذْكُورًا كَمَا أُشِيرَ إِلَيْهِ فِي