الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبِنَحْوِ ذَلِكَ يَعْتَذِرُ عَنْ عَدَمِ ذِكْرِهِ لِابْنِ مَاجَهْ، وَهُوَ كَوْنُهُ سَاذَجًا عَمَّا حَرِصَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ مِنَ الْمَقَاصِدِ الَّتِي بِتَدَبُّرِهَا يَتَمَرَّنُ الْمُحَدِّثُ خُصُوصًا، وَفِيهِ أَحَادِيثُ ضَعِيفَةٌ جِدًّا، بَلْ مُنْكَرَةٌ، بَلْ قَالَ الْحَافِظُ الْمِزِّيُّ فِيمَا نُقِلَ عَنْهُ: إِنَّ الْغَالِبَ فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ الضَّعْفُ. وَلِذَا لَمْ يُضِفْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ كَرَزِينٍ السَّرَقُسْطِيِّ وَابْنِ الْأَثِيرِ وَغَيْرِهِمَا إِلَى الْخَمْسَةِ.
تَتِمَّةٌ: يَقَعُ فِي كَلَامِهِمْ: فُلَانٌ الْمُتَوَفَّى، وَأَنْتَ فِي فَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا بِالْخِيَارِ، وَالْكَسْرُ مُوَجَّهٌ بِالْمُتَوَفِّي لِمُدَّةِ حَيَّاتِهِ، وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} [البقرة: 234] عَلَى قِرَاءَةِ عَلِيٍّ فِي فَتْحِ الْيَاءِ، أَيْ: يَسْتَوْفُونَ آجَالَهُمْ، وَإِنْ حُكِيَ أَنَّ أَبَا الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيَّ كَانَ مَعَ جِنَازَةٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَنِ الْمُتَوَفِّي؟ بِكَسْرِ الْفَاءِ، فَقَالَ: اللَّهُ. وَإِنَّهَا كَانَتْ أَحَدَ الْأَسْبَابِ الْبَاعِثَةِ لِأَمْرِ عَلِيٍّ لَهُ بِالنَّحْوِ، فَقَدَ قِيلَ يَعْنِي عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ الْحِكَايَةِ: إِنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى مَا يَحْتَمِلُهُ فَهْمُهُ وَيَتَعَقَّلُهُ خُصُوصًا، وَهُوَ الْقَائِلُ: حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ.
[مَعْرِفَةُ الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ]
[أهمية معرفة هذا النوع والمصنفات فيه]
مَعْرِفَةُ الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ
979 -
وَاعْنَ بِعِلْمِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ
…
فَإِنَّهُ الْمِرْقَاةُ لِلتَّفْصِيلِ
980 -
بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالسَّقِيمِ وَاحْذَرِ
…
مِنْ غَرَضٍ فَالْجَرْحُ أَيُّ خَطَرِ
981 -
وَمَعَ ذَا فَالنُّصْحُ حَقٌّ وَلَقَدْ
…
أَحْسَنَ يَحْيَى فِي جَوَابِهِ وَسَدْ
982 -
لَأَنْ يَكُونُوا خُصَمَاءَ لِي أَحَبْ
…
مِنْ كَوْنِ خَصْمِي الْمُصْطَفَى إِذْ لَمْ أَذُبْ
983 -
وَرُبَّمَا رُدَّ كَلَامُ الْجَارِحِ
…
كَالنَّسَائِي فِي أَحْمَدَ بْنِ صَالِحِ
984 -
فَرُبَّمَا كَانَ لِجَرْحٍ مَخْرَجُ
…
غَطَّى عَلَيْهِ السُّخْطُ حِينَ يَحْرُجُ
(مَعْرِفَةُ الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ) وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يُضَمَّ لِمَرَاتِبَ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ
مَعَ الْقَوْلِ فِي اشْتِرَاطِ بَيَانِ سَبَبِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا، وَكَوْنِ الْمُعْتَمَدِ عَدَمَهُ مِنَ الْعَالِمِ بِأَسْبَابِهِمَا، وَفِي التَّعْدِيلِ عَلَى الْإِبْهَامِ وَالْبِدْعَةِ الَّتِي يُجَرَّحُ بِهَا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ.
(وَاعْنَ) أَيِ: اجْعَلْ أَيُّهَا الطَّالِبُ مِنْ عِنَايَتِكَ الِاهْتِمَامَ (بِعِلْمِ الْجَرْحِ) أَيِ: التَّجْرِيحِ (وَالتَّعْدِيلِ) فِي الرُّوَاةِ، فَهُوَ مِنْ أَهَمِّ أَنْوَاعِ الْحَدِيثِ وَأَعْلَاهَا وَأَنْفَعِهَا ; (فَإِنَّهُ الْمِرْقَاةُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْآلَةِ الَّتِي يُعْمَلُ بِهَا وَبِفَتْحِهَا، الدَّرَجَةُ، (لِلتَّفْصِيلِ بَيْنَ الصَّحِيحِ) مِنَ الْحَدِيثِ (وَالسَّقِيمِ) وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا تَصَانِيفُ كَثِيرَةٌ، فَفِي الضُّعَفَاءِ لِيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ وَأَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ وَلِلْبُخَارِيِّ فِي كَبِيرٍ وَصَغِيرٍ، وَالنَّسَائِيِّ وَأَبِي حَفْصٍ الْفَلَّاسِ، وَلِأَبِي أَحْمَدَ بْنِ عَدِيٍّ فِي كَامِلِهِ، وَهُوَ أَكْمَلُ الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ قَبْلَهُ وَأَجَلُّهَا، وَلَكِنَّهُ تَوَسَّعَ لِذِكْرِ كُلِّ مَنْ تُكُلِّمَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً ; وَلِذَا لَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ: الْكَامِلُ. لِلنَّاقِصِينَ، وَذَيَّلَ عَلَيْهِ أَبُو الْفَضْلِ ابْنُ طَاهِرٍ فِي تَكْمِلَةِ الْكَامِلِ، وَلِأَبِي جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيِّ وَهُوَ مُفِيدٌ، وَأَبِي حَاتِمِ بْنِ حِبَّانَ وَأَبِي الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ وَأَبِي زَكَرِيَّا السَّاجِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمِ وَأَبِي الْفَتْحِ الْأَزْدِيِّ وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ وَأَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ، وَاخْتَصَرَهُ الذَّهَبِيُّ، بَلْ وَذَيَّلَ عَلَيْهِ فِي تَصْنِيفَيْنِ وَجَمَعَ مُعْظَمَهُمَا فِي مِيزَانِهِ فَجَاءَ كِتَابًا نَفِيسًا عَلَيْهِ مُعَوَّلُ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ، مَعَ أَنَّهُ تَبِعَ ابْنَ عَدِيٍّ فِي إِيرَادِ كُلِّ مَنْ تُكُلِّمَ فِيهِ وَلَوْ كَانَ ثِقَةً، وَلَكِنَّهُ الْتَزَمَ أَنْ لَا يَذْكُرَ أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَا الْأَئِمَّةِ الْمَتْبُوعِينَ، وَقَدْ ذَيَّلَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي مُجَلَّدٍ، وَالْتَقَطَ شَيْخُنَا مِنْهُ مَنْ لَيْسَ فِي تَهْذِيبِ الْكَمَالِ وَضَمَّ إِلَيْهِ مَا فَاتَهُ مِنَ الرُّوَاةِ وَالتَّتِمَّاتِ، مَعَ انْتِقَادٍ وَتَحْقِيقٍ فِي كِتَابٍ سَمَّاهُ (لِسَانَ الْمِيزَانِ) مِمَّا كَتَبْتُهُ وَأَخَذْتُهُ عَنْهُ وَعَمَّ النَّفْعُ بِهِ، بَلْ لَهُ كِتَابَانِ آخَرَانِ هُمَا (تَقْوِيمُ اللِّسَانِ) وَ (تَحْرِيرُ الْمِيزَانِ) ، كَمَا أَنَّ لِلذَّهَبِيِّ فِي الضُّعَفَاءِ مُخْتَصَرًا سَمَّاهُ (الْمُغْنِي) ، وَآخَرَ سَمَّاهُ (الضُّعَفَاءَ وَالْمَتْرُوكِينَ) ، وَذَيَّلَ عَلَيْهِ وَالْتَقَطَ بَعْضَهُمْ مِنَ الضُّعَفَاءِ الْوَضَّاعِينَ فَقَطْ، وَبَعْضَهُمُ الْمُدَلِّسِينَ كَمَا مَضَى فِي بَابَيْهِمَا، وَبَعْضَهُمُ الْمُخْتَلِطِينَ
كَمَا سَيَأْتِي بَعْدُ.
وَفِي الثِّقَاتِ لِأَبِي حَاتِمِ بْنِ حِبَّانَ وَهُوَ أَحْفَلُهَا، لَكِنَّهُ يُدْرِجُ فِيهِمْ مَنْ زَالَتْ جَهَالَةُ عَيْنِهِ، بَلْ وَمَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ، وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ جَرْحٌ كَمَا سَلَفَ فِي الصَّحِيحِ الزَّائِدِ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ، وَفِي مَجْهُولِ الْعَيْنِ أَيْضًا، وَذَلِكَ غَيْرُ كَافٍ فِي التَّوْثِيقِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَرُبَّمَا يَذْكُرُ فِيهِمْ مَنْ أَدْخَلَهُ فِي الضُّعَفَاءِ ; إِمَّا سَهْوًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ.
وَنَحْوُهُ تَخْرِيجُ الْحَاكِمِ فِي مُسْتَدْرَكِهِ لِجَمَاعَةٍ، وَحُكْمُهُ عَلَى الْأَسَانِيدِ الَّذِينَ هُمْ فِيهَا بِالصِّحَّةِ، مَعَ ذِكْرِ إِيَّاهُمْ فِي كِتَابِهِ فِي (الضُّعَفَاءِ) ، وَقَطَعَ بِتَرْكِ الرِّوَايَةِ عَنْهُمْ وَالْمَنْعِ مِنَ الِاحْتِجَاجِ بِهِمْ ; لِأَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ جَرْحُهُمْ، وَلِلْعِجْلِيِّ وَابْنِ شَاهِينَ، وَأَبِي الْعَرَبِ التَّمِيمِيِّ، وَمِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ الشَّمْسُ مُحَمَّدُ بْنُ أَيْبَكَ السَّرُوجِيُّ لَكِنَّهُ لَمْ يَكْمُلْ، وُجِدَ مِنْهُ الْأَحْمَدُونَ فَقَطْ فِي مُجَلَّدٍ، وَأَفْرَدَ شَيْخُنَا الثِّقَاتِ مِمَّنْ لَيْسَ فِي التَّهْذِيبِ وَمَا كَمُلَ أَيْضًا وَلِلذَّهَبِيِّ مَعْرِفَةُ الرُّوَاةِ الْمُتَكَلَّمِ فِيهِمْ بِمَا لَا يُوجِبُ الرَّدَّ إِلَى غَيْرِهَا مِنَ الْكُتُبِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ جَمِيعًا ; كَتَارِيخِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَهُوَ كَثِيرُ الْفَوَائِدِ، وَ (الطَّبَقَاتِ) لِابْنِ سَعْدٍ، وَ (التَّمْيِيزِ) لِلنِّسَائِيِّ وَغَيْرِهَا مِمَّا ذُكِرَ بَعْضُهُ فِي آدَابِ الطَّالِبِ، وَلِلْعِمَادِ ابْنِ كَثِيرٍ (التَّكْمِيلُ فِي مَعْرِفَةِ الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ وَالْمَجَاهِيلِ)، جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ تَهْذِيبِ الْمِزِّيِّ وَمِيزَانِ الذَّهَبِيِّ مَعَ زِيَادَاتٍ وَقَالَ: إِنَّهُ مِنْ أَنْفَعِ شَيْءٍ لِلْفَقِيهِ الْبَارِعِ، وَكَذَا الْمُحَدِّثِ، فَهَذِهِ مَظَانُّ الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ غَالِبًا، وَمِنْ مَظَانِّ الثِّقَاتِ التَّصَانِيفُ فِي الصَّحِيحِ بَعْدَ الشَّيْخَيْنِ، وَكَذَا مَنْ خَرَّجَ عَلَى كِتَابَيْهِمَا ; فَإِنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْهَا الْكَثِيرُ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ فِي الْكُتُبِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا، وَرُبَّمَا يُسْتَفَادُ مِمَّا يُوجَدُ فِي بَعْضِ الْأَسَانِيدِ تَوْثِيقُ بَعْضِ الرُّوَاةِ ; كَأَنْ يَقُولَ الرَّاوِي الْمُعْتَمَدُ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ وَكَانَ ثِقَةً. يَعْنِي وَمَا أَشْبَهَهُ، أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ ابْنُ
دَقِيقِ الْعِيدِ.
(وَاحْذَرِ) أَيُّهَا الْمُتَصَدِّي لِذَلِكَ، الْمُقْتَفِي فِيهِ أَثَرَ مَنْ تَقَدَّمَ (مِنْ غَرَضٍ) أَوْ هَوًى يَحْمِلُكَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى التَّحَامُلِ وَالِانْحِرَافِ وَتَرْكِ الْإِنْصَافِ أَوِ الْإِطْرَاءِ وَالِافْتِرَاءِ، فَذَلِكَ شَرُّ الْأُمُورِ الَّتِي تَدْخُلُ عَلَى الْقَائِمِ بِذَلِكَ الْآفَةُ مِنْهَا، وَالْمُتَقَدِّمُونَ سَالِمُونَ مِنْهُ غَالِبًا مُنَزَّهُونَ عَنْهُ ; لِوُفُورِ دِيَانَتِهِمْ، بِخِلَافِ الْمُتَأَخِّرِينَ فَإِنَّهُ رُبَّمَا يَقَعُ ذَلِكَ فِي تَوَارِيخِهِمْ، وَهُوَ مُجَانِبٌ لِأَهْلِ الدِّينِ وَطَرَائِقِهِمْ.
(فَالْجَرْحُ) وَالتَّعْدِيلُ خَطَرٌ ; لِأَنَّكَ إِنْ عَدَّلَتْ بِغَيْرِ تَثَبُّتٍ كُنْتَ كَالْمُثْبِتِ حُكْمًا لَيْسَ بِثَابِتٍ، فَيُخْشَى عَلَيْكَ أَنْ تَدْخُلَ فِي زُمْرَةِ مَنْ رَوَى حَدِيثًا وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ كَذِبٌ، وَإِنْ جَرَّحْتَ بِغَيْرِ تَحَرُّزٍ أَقْدَمْتَ عَلَى الطَّعْنِ فِي مُسْلِمٍ بَرِيءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَوَسَمْتَهُ بِمِيسَمِ سُوءٍ يَبْقَى عَلَيْهِ عَارُهُ أَبَدًا، وَهُوَ فِي الْجَرْحِ بِخُصُوصِهِ، (أَيُّ خَطَرٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ: خَاطَرَ بِنَفْسِهِ ; أَيْ: أَشْرَفَ عَلَى هَلَاكِهَا ; فَإِنَّ فِيهِ مَعَ حَقِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ حَقَّ آدِمِيٍّ، وَرُبَّمَا يَنَالُهُ إِذَا كَانَ بِالْهَوَى وَمُجَانَبَةِ الِاسْتِوَاءِ الضَّرَرُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ، وَالْمَقْتُ بَيْنَ النَّاسِ، وَالْمُنَافَرَةُ، كَمَا اتَّفَقَ لِأَبِي شَامَةَ ; فَإِنَّهُ كَانَ مَعَ كَوْنِهِ عَالِمًا رَاسِخًا فِي الْعِلْمِ مُقْرِئًا مُحَدِّثًا نَحْوِيًّا يَكْتُبُ الْخَطَّ الْمَلِيحَ الْمُتْقَنَ مَعَ التَّوَاضُعِ وَالِانْطِرَاحِ، وَالتَّصَانِيفِ الْعِدَّةِ - كَثِيرَ الْوَقِيعَةِ فِي الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ وَأَكَابِرِ النَّاسِ وَالطَّعْنِ عَلَيْهِمْ وَالتَّنَقُّصِ لَهُمْ وَذِكْرِ مَسَاوِيهِمْ، وَكَوْنُهُ عِنْدَ نَفْسِهِ عَظِيمًا فَصَارَ سَاقِطًا مِنْ أَعْيُنِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ مِمَّنْ عَلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ وَتَكَلَّمُوا فِيهِ، وَأَدَّى ذَلِكَ إِلَى امْتِحَانِهِ بِدُخُولِ رَجُلَيْنِ جَلِيلَيْنِ عَلَيْهِ دَارَهُ فِي صُورَةِ مُسْتَفْتِينَ فَضَرَبَاهُ ضَرْبًا مُبَرِّحًا إِلَى أَنْ عِيلَ صَبْرُهُ وَلَمْ يُغِثْهُ أَحَدٌ.