المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أهمية معرفة هذا النوع والمصنفات فيه] - فتح المغيث بشرح ألفية الحديث - جـ ٤

[السخاوي]

فهرس الكتاب

- ‌[الْغَرِيبُ وَالْعَزِيزُ وَالْمَشْهُورُ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْغَرِيبِ وَأَنْوَاعُهُ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْعَزِيزِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْمَشْهُورِ وَالْمُسْتَفِيضِ]

- ‌[أَنْوَاعُ الْغَرِيبِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْمَشْهُورِ]

- ‌[تَعْرِيفُ التَّوَاتُرِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا]

- ‌[أَمْثِلَةُ التَّوَاتُرِ]

- ‌[الْأَحَادِيثُ الْمُتَوَاتِرَةُ]

- ‌[غَرِيبُ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ]

- ‌[تَعْرِيفُ غَرِيبِ الْحَدِيثِ وَأَمْثِلَتِهِ]

- ‌[أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ]

- ‌[ذِكْرُ أُمَّهَاتَ الْكُتُبِ فِي هَذَا الْفَنِّ]

- ‌[الِاعْتِنَاءُ بِهَذَا الْفَنِّ وَأَهْلِهِ]

- ‌[تَفْسِيرُ الْغَرِيبِ بِمَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ]

- ‌[الْمُسَلْسَلُ]

- ‌[مَعْنَى الْمُسَلْسَلِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا وَأَمْثِلَتِهِ]

- ‌[تَقْسِيمُ الْمُسَلْسَلِ وَفَائِدَتُهُ]

- ‌[كُتُبُ الْمُسَلْسَلَاتِ]

- ‌[ذِكْرُ الْمُسَلْسَلَاتِ النَّاقِصَةَ]

- ‌[النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ]

- ‌[تعريفه]

- ‌[فضله]

- ‌[دَلَائِلُ النَّسْخِ]

- ‌[التَّصْحِيفُ]

- ‌[الْكُتُبُ الْمُهِمَّةُ فِي هَذَا الْفَنِّ]

- ‌[أَمْثِلَةُ التَّصْحِيفِ فِي الْمَتْنِ]

- ‌[أَمْثِلَةُ التَّصْحِيفِ فِي الْإِسْنَادِ]

- ‌[أَسْبَابُ التَّصْحِيفِ فِي الْحَدِيثِ]

- ‌[مَعْنَى التَّصْحِيفِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّحْرِيفِ]

- ‌[مُخْتَلِفُ الْحَدِيثِ]

- ‌[المصنفات فيه]

- ‌[أَمْثِلَتُهُ]

- ‌[خَفِيُّ الْإِرْسَالِ وَالْمَزِيدُ فِي مُتَّصِلِ الْإِسْنَادِ]

- ‌[الْمُرْسَلُ الْخَفِيُّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرْسَلِ الظَّاهِرِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[الْمَزِيدُ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ]

- ‌[مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ]

- ‌[ذِكْرُ الْكُتُبِ الْمُهِمَّةِ فِي هَذَا الْفَنِّ]

- ‌[تَعْرِيفُ الصَّحَابِيِّ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا]

- ‌[بِمَ تُعْرَفُ الصُّحْبَةُ]

- ‌[بَيَانُ عَدَالَةِ الصَّحَابَةِ]

- ‌[الْمُكْثِرُونَ مِنَ الصَّحَابَةِ]

- ‌[ذِكْرُ الْعَبَادِلَةِ وَالْآخِذُونَ عَنْهُمْ]

- ‌[عَدَدُ الصَّحَابَةِ]

- ‌[تَفْضِيلُ الصَّحَابَةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ]

- ‌[مَنْ آخِرُ الصَّحَابَةِ مَوْتًا]

- ‌[مَعْرِفَةُ التَّابِعِينَ]

- ‌[تَعْرِيفُ التَّابِعِيِّ]

- ‌[مَرَاتِبُ التَّابِعِينَ]

- ‌[ذِكْرُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْمُخَضْرَمِ وَعَدَدُهُ]

- ‌[الْأَكَابِرُ عَنِ الْأَصَاغِرِ]

- ‌[رِوَايَةُ الْأَقْرَانِ]

- ‌[الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ]

- ‌[رِوَايَةُ الْآبَاءِ عَنِ الْأَبْنَاءِ وَعَكْسُهُ]

- ‌[رِوَايَةُ الْأَبْنَاءِ عَنِ الْآبَاءِ]

- ‌[السَّابِقُ وَاللَّاحِقُ]

- ‌[مَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا رَاوٍ وَاحِدٌ]

- ‌[مَنْ ذُكِرَ بِنُعُوتٍ مُتَعَدِّدَةٍ]

- ‌[أَفْرَادُ الْعَلَمِ]

- ‌[الْأَسْمَاءُ وَالْكُنَى]

- ‌[الْأَلْقَابُ]

- ‌[الْمُؤْتَلِفُ وَالْمُخْتَلِفُ]

- ‌[المصنفات فيه]

- ‌[أقسامه]

- ‌[الْمُتَّفِقُ وَالْمُفْتَرِقُ]

- ‌[المصنفات فيه]

- ‌[أقسامه]

- ‌[الْأَوَّلُ أَنْ تَتَّفِقَ أَسْمَاؤُهُمْ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ]

- ‌[وَالثَّانِي أَنْ تَتَّفِقَ أَسْمَاؤُهُمْ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ وَأَجْدَادِهِمْ]

- ‌[الثَّالِثُ أَنْ تَتَّفِقَ الْكُنْيَةُ وَالنِّسْبَةُ مَعًا]

- ‌[مُتَّفَقٌ مَعَهُ فِي الِاسْمِ فِي الْجُمْلَةِ وَفِي النِّسْبَةِ]

- ‌[الْخَامِسُ أَنْ تَتَّفِقَ كُنَاهُمْ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ]

- ‌[السَّادِسُ ضِدُّ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ أَنْ تَتَّفِقَ أَسْمَاؤُهُمْ وَكُنَى آبَائِهِمْ]

- ‌[الثامن مَا يَحْصُلُ الِاتِّفَاقُ فِيهِ فِي لَفْظٍ نَسَبٍ فَقَطْ]

- ‌[تَلْخِيصُ الْمُتَشَابِهِ]

- ‌[الْمُشْتَبِهُ الْمَقْلُوبُ]

- ‌[مَنْ نُسِبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ]

- ‌[الْمَنْسُوبُونَ إِلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ]

- ‌[الْمُبْهَمَاتُ]

- ‌[تَوَارِيخُ الرُّوَاةِ وَالْوَفَيَاتِ]

- ‌[حَقِيقَةُ التَّأْرِيخِ]

- ‌[بَوَاعِثُ وَضْعِ التَّأْرِيخِ]

- ‌[المصنفات فيه]

- ‌[استكمال النبي والصديق وعمر وعلي لثلاثة وستين سنة]

- ‌[الاخْتُلاِفَ فِي ابْتِدَاءِ مَرَضِهِ ثُمَّ مُدَّتِهِ ثُمَّ وَقْتِ وَفَاتِهِ وَدَفْنِهِ]

- ‌[وفاة عمر رضي الله عنه]

- ‌[مقتل عثمان رضي الله عنه]

- ‌[مقتل علي بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه]

- ‌[مقتل طلحة والزبير رضي الله عنهما]

- ‌[موت سَعْدٌ ابن أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه]

- ‌[موت سعيد بن زيد رضي الله عنه]

- ‌[موت عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه]

- ‌[موت أَبُو عُبَيْدَةَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَرَّاحِ رضي الله عنه]

- ‌[وفيات المعمرين من الصحابة]

- ‌[وفيات أصحاب المذاهب]

- ‌[وفيات أَصْحَابِ الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ]

- ‌[وفيات أَئِمَّةٍ انْتُفِعَ بِتَصَانِيفِهِمْ]

- ‌[مَعْرِفَةُ الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ]

- ‌[أهمية معرفة هذا النوع والمصنفات فيه]

- ‌[النصح في الدين حق واجب]

- ‌[المتكلمون في الرجال]

- ‌[لا يقبل الجرح إلا مفسرا]

- ‌[مَعْرِفَةُ مَنِ اخْتَلَطَ مِنَ الثِّقَاتِ]

- ‌[أهمية هذا الفن]

- ‌[المصنفات فيه والمختلطون في الصحيحين]

- ‌[أمثلة لمن اختلط من الثقات]

- ‌[مِمَّنِ اخْتَلَطَ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ]

- ‌[طَبَقَاتُ الرُّوَاةِ]

- ‌[الْمَوَالِي مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالرُّوَاةِ]

- ‌[أَوْطَانُ الرُّوَاةِ وَبُلْدَانُهُمْ]

- ‌[تَصْرِيحٌ عَنْ نِسْبَةِ الْكِتَابِ]

الفصل: ‌[أهمية معرفة هذا النوع والمصنفات فيه]

وَبِنَحْوِ ذَلِكَ يَعْتَذِرُ عَنْ عَدَمِ ذِكْرِهِ لِابْنِ مَاجَهْ، وَهُوَ كَوْنُهُ سَاذَجًا عَمَّا حَرِصَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ مِنَ الْمَقَاصِدِ الَّتِي بِتَدَبُّرِهَا يَتَمَرَّنُ الْمُحَدِّثُ خُصُوصًا، وَفِيهِ أَحَادِيثُ ضَعِيفَةٌ جِدًّا، بَلْ مُنْكَرَةٌ، بَلْ قَالَ الْحَافِظُ الْمِزِّيُّ فِيمَا نُقِلَ عَنْهُ: إِنَّ الْغَالِبَ فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ الضَّعْفُ. وَلِذَا لَمْ يُضِفْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ كَرَزِينٍ السَّرَقُسْطِيِّ وَابْنِ الْأَثِيرِ وَغَيْرِهِمَا إِلَى الْخَمْسَةِ.

تَتِمَّةٌ: يَقَعُ فِي كَلَامِهِمْ: فُلَانٌ الْمُتَوَفَّى، وَأَنْتَ فِي فَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا بِالْخِيَارِ، وَالْكَسْرُ مُوَجَّهٌ بِالْمُتَوَفِّي لِمُدَّةِ حَيَّاتِهِ، وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} [البقرة: 234] عَلَى قِرَاءَةِ عَلِيٍّ فِي فَتْحِ الْيَاءِ، أَيْ: يَسْتَوْفُونَ آجَالَهُمْ، وَإِنْ حُكِيَ أَنَّ أَبَا الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيَّ كَانَ مَعَ جِنَازَةٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَنِ الْمُتَوَفِّي؟ بِكَسْرِ الْفَاءِ، فَقَالَ: اللَّهُ. وَإِنَّهَا كَانَتْ أَحَدَ الْأَسْبَابِ الْبَاعِثَةِ لِأَمْرِ عَلِيٍّ لَهُ بِالنَّحْوِ، فَقَدَ قِيلَ يَعْنِي عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ الْحِكَايَةِ: إِنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى مَا يَحْتَمِلُهُ فَهْمُهُ وَيَتَعَقَّلُهُ خُصُوصًا، وَهُوَ الْقَائِلُ: حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ.

[مَعْرِفَةُ الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ]

[أهمية معرفة هذا النوع والمصنفات فيه]

مَعْرِفَةُ الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ

979 -

وَاعْنَ بِعِلْمِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ

فَإِنَّهُ الْمِرْقَاةُ لِلتَّفْصِيلِ

980 -

بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالسَّقِيمِ وَاحْذَرِ

مِنْ غَرَضٍ فَالْجَرْحُ أَيُّ خَطَرِ

981 -

وَمَعَ ذَا فَالنُّصْحُ حَقٌّ وَلَقَدْ

أَحْسَنَ يَحْيَى فِي جَوَابِهِ وَسَدْ

982 -

لَأَنْ يَكُونُوا خُصَمَاءَ لِي أَحَبْ

مِنْ كَوْنِ خَصْمِي الْمُصْطَفَى إِذْ لَمْ أَذُبْ

983 -

وَرُبَّمَا رُدَّ كَلَامُ الْجَارِحِ

كَالنَّسَائِي فِي أَحْمَدَ بْنِ صَالِحِ

984 -

فَرُبَّمَا كَانَ لِجَرْحٍ مَخْرَجُ

غَطَّى عَلَيْهِ السُّخْطُ حِينَ يَحْرُجُ

(مَعْرِفَةُ الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ) وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يُضَمَّ لِمَرَاتِبَ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ

ص: 347

مَعَ الْقَوْلِ فِي اشْتِرَاطِ بَيَانِ سَبَبِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا، وَكَوْنِ الْمُعْتَمَدِ عَدَمَهُ مِنَ الْعَالِمِ بِأَسْبَابِهِمَا، وَفِي التَّعْدِيلِ عَلَى الْإِبْهَامِ وَالْبِدْعَةِ الَّتِي يُجَرَّحُ بِهَا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ.

(وَاعْنَ) أَيِ: اجْعَلْ أَيُّهَا الطَّالِبُ مِنْ عِنَايَتِكَ الِاهْتِمَامَ (بِعِلْمِ الْجَرْحِ) أَيِ: التَّجْرِيحِ (وَالتَّعْدِيلِ) فِي الرُّوَاةِ، فَهُوَ مِنْ أَهَمِّ أَنْوَاعِ الْحَدِيثِ وَأَعْلَاهَا وَأَنْفَعِهَا ; (فَإِنَّهُ الْمِرْقَاةُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْآلَةِ الَّتِي يُعْمَلُ بِهَا وَبِفَتْحِهَا، الدَّرَجَةُ، (لِلتَّفْصِيلِ بَيْنَ الصَّحِيحِ) مِنَ الْحَدِيثِ (وَالسَّقِيمِ) وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا تَصَانِيفُ كَثِيرَةٌ، فَفِي الضُّعَفَاءِ لِيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ وَأَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ وَلِلْبُخَارِيِّ فِي كَبِيرٍ وَصَغِيرٍ، وَالنَّسَائِيِّ وَأَبِي حَفْصٍ الْفَلَّاسِ، وَلِأَبِي أَحْمَدَ بْنِ عَدِيٍّ فِي كَامِلِهِ، وَهُوَ أَكْمَلُ الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ قَبْلَهُ وَأَجَلُّهَا، وَلَكِنَّهُ تَوَسَّعَ لِذِكْرِ كُلِّ مَنْ تُكُلِّمَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً ; وَلِذَا لَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ: الْكَامِلُ. لِلنَّاقِصِينَ، وَذَيَّلَ عَلَيْهِ أَبُو الْفَضْلِ ابْنُ طَاهِرٍ فِي تَكْمِلَةِ الْكَامِلِ، وَلِأَبِي جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيِّ وَهُوَ مُفِيدٌ، وَأَبِي حَاتِمِ بْنِ حِبَّانَ وَأَبِي الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ وَأَبِي زَكَرِيَّا السَّاجِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمِ وَأَبِي الْفَتْحِ الْأَزْدِيِّ وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ وَأَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ، وَاخْتَصَرَهُ الذَّهَبِيُّ، بَلْ وَذَيَّلَ عَلَيْهِ فِي تَصْنِيفَيْنِ وَجَمَعَ مُعْظَمَهُمَا فِي مِيزَانِهِ فَجَاءَ كِتَابًا نَفِيسًا عَلَيْهِ مُعَوَّلُ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ، مَعَ أَنَّهُ تَبِعَ ابْنَ عَدِيٍّ فِي إِيرَادِ كُلِّ مَنْ تُكُلِّمَ فِيهِ وَلَوْ كَانَ ثِقَةً، وَلَكِنَّهُ الْتَزَمَ أَنْ لَا يَذْكُرَ أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَا الْأَئِمَّةِ الْمَتْبُوعِينَ، وَقَدْ ذَيَّلَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي مُجَلَّدٍ، وَالْتَقَطَ شَيْخُنَا مِنْهُ مَنْ لَيْسَ فِي تَهْذِيبِ الْكَمَالِ وَضَمَّ إِلَيْهِ مَا فَاتَهُ مِنَ الرُّوَاةِ وَالتَّتِمَّاتِ، مَعَ انْتِقَادٍ وَتَحْقِيقٍ فِي كِتَابٍ سَمَّاهُ (لِسَانَ الْمِيزَانِ) مِمَّا كَتَبْتُهُ وَأَخَذْتُهُ عَنْهُ وَعَمَّ النَّفْعُ بِهِ، بَلْ لَهُ كِتَابَانِ آخَرَانِ هُمَا (تَقْوِيمُ اللِّسَانِ) وَ (تَحْرِيرُ الْمِيزَانِ) ، كَمَا أَنَّ لِلذَّهَبِيِّ فِي الضُّعَفَاءِ مُخْتَصَرًا سَمَّاهُ (الْمُغْنِي) ، وَآخَرَ سَمَّاهُ (الضُّعَفَاءَ وَالْمَتْرُوكِينَ) ، وَذَيَّلَ عَلَيْهِ وَالْتَقَطَ بَعْضَهُمْ مِنَ الضُّعَفَاءِ الْوَضَّاعِينَ فَقَطْ، وَبَعْضَهُمُ الْمُدَلِّسِينَ كَمَا مَضَى فِي بَابَيْهِمَا، وَبَعْضَهُمُ الْمُخْتَلِطِينَ

ص: 348

كَمَا سَيَأْتِي بَعْدُ.

وَفِي الثِّقَاتِ لِأَبِي حَاتِمِ بْنِ حِبَّانَ وَهُوَ أَحْفَلُهَا، لَكِنَّهُ يُدْرِجُ فِيهِمْ مَنْ زَالَتْ جَهَالَةُ عَيْنِهِ، بَلْ وَمَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ، وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ جَرْحٌ كَمَا سَلَفَ فِي الصَّحِيحِ الزَّائِدِ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ، وَفِي مَجْهُولِ الْعَيْنِ أَيْضًا، وَذَلِكَ غَيْرُ كَافٍ فِي التَّوْثِيقِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَرُبَّمَا يَذْكُرُ فِيهِمْ مَنْ أَدْخَلَهُ فِي الضُّعَفَاءِ ; إِمَّا سَهْوًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ.

وَنَحْوُهُ تَخْرِيجُ الْحَاكِمِ فِي مُسْتَدْرَكِهِ لِجَمَاعَةٍ، وَحُكْمُهُ عَلَى الْأَسَانِيدِ الَّذِينَ هُمْ فِيهَا بِالصِّحَّةِ، مَعَ ذِكْرِ إِيَّاهُمْ فِي كِتَابِهِ فِي (الضُّعَفَاءِ) ، وَقَطَعَ بِتَرْكِ الرِّوَايَةِ عَنْهُمْ وَالْمَنْعِ مِنَ الِاحْتِجَاجِ بِهِمْ ; لِأَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ جَرْحُهُمْ، وَلِلْعِجْلِيِّ وَابْنِ شَاهِينَ، وَأَبِي الْعَرَبِ التَّمِيمِيِّ، وَمِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ الشَّمْسُ مُحَمَّدُ بْنُ أَيْبَكَ السَّرُوجِيُّ لَكِنَّهُ لَمْ يَكْمُلْ، وُجِدَ مِنْهُ الْأَحْمَدُونَ فَقَطْ فِي مُجَلَّدٍ، وَأَفْرَدَ شَيْخُنَا الثِّقَاتِ مِمَّنْ لَيْسَ فِي التَّهْذِيبِ وَمَا كَمُلَ أَيْضًا وَلِلذَّهَبِيِّ مَعْرِفَةُ الرُّوَاةِ الْمُتَكَلَّمِ فِيهِمْ بِمَا لَا يُوجِبُ الرَّدَّ إِلَى غَيْرِهَا مِنَ الْكُتُبِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ جَمِيعًا ; كَتَارِيخِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَهُوَ كَثِيرُ الْفَوَائِدِ، وَ (الطَّبَقَاتِ) لِابْنِ سَعْدٍ، وَ (التَّمْيِيزِ) لِلنِّسَائِيِّ وَغَيْرِهَا مِمَّا ذُكِرَ بَعْضُهُ فِي آدَابِ الطَّالِبِ، وَلِلْعِمَادِ ابْنِ كَثِيرٍ (التَّكْمِيلُ فِي مَعْرِفَةِ الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ وَالْمَجَاهِيلِ)، جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ تَهْذِيبِ الْمِزِّيِّ وَمِيزَانِ الذَّهَبِيِّ مَعَ زِيَادَاتٍ وَقَالَ: إِنَّهُ مِنْ أَنْفَعِ شَيْءٍ لِلْفَقِيهِ الْبَارِعِ، وَكَذَا الْمُحَدِّثِ، فَهَذِهِ مَظَانُّ الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ غَالِبًا، وَمِنْ مَظَانِّ الثِّقَاتِ التَّصَانِيفُ فِي الصَّحِيحِ بَعْدَ الشَّيْخَيْنِ، وَكَذَا مَنْ خَرَّجَ عَلَى كِتَابَيْهِمَا ; فَإِنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْهَا الْكَثِيرُ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ فِي الْكُتُبِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا، وَرُبَّمَا يُسْتَفَادُ مِمَّا يُوجَدُ فِي بَعْضِ الْأَسَانِيدِ تَوْثِيقُ بَعْضِ الرُّوَاةِ ; كَأَنْ يَقُولَ الرَّاوِي الْمُعْتَمَدُ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ وَكَانَ ثِقَةً. يَعْنِي وَمَا أَشْبَهَهُ، أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ ابْنُ

ص: 349

دَقِيقِ الْعِيدِ.

(وَاحْذَرِ) أَيُّهَا الْمُتَصَدِّي لِذَلِكَ، الْمُقْتَفِي فِيهِ أَثَرَ مَنْ تَقَدَّمَ (مِنْ غَرَضٍ) أَوْ هَوًى يَحْمِلُكَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى التَّحَامُلِ وَالِانْحِرَافِ وَتَرْكِ الْإِنْصَافِ أَوِ الْإِطْرَاءِ وَالِافْتِرَاءِ، فَذَلِكَ شَرُّ الْأُمُورِ الَّتِي تَدْخُلُ عَلَى الْقَائِمِ بِذَلِكَ الْآفَةُ مِنْهَا، وَالْمُتَقَدِّمُونَ سَالِمُونَ مِنْهُ غَالِبًا مُنَزَّهُونَ عَنْهُ ; لِوُفُورِ دِيَانَتِهِمْ، بِخِلَافِ الْمُتَأَخِّرِينَ فَإِنَّهُ رُبَّمَا يَقَعُ ذَلِكَ فِي تَوَارِيخِهِمْ، وَهُوَ مُجَانِبٌ لِأَهْلِ الدِّينِ وَطَرَائِقِهِمْ.

(فَالْجَرْحُ) وَالتَّعْدِيلُ خَطَرٌ ; لِأَنَّكَ إِنْ عَدَّلَتْ بِغَيْرِ تَثَبُّتٍ كُنْتَ كَالْمُثْبِتِ حُكْمًا لَيْسَ بِثَابِتٍ، فَيُخْشَى عَلَيْكَ أَنْ تَدْخُلَ فِي زُمْرَةِ مَنْ رَوَى حَدِيثًا وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ كَذِبٌ، وَإِنْ جَرَّحْتَ بِغَيْرِ تَحَرُّزٍ أَقْدَمْتَ عَلَى الطَّعْنِ فِي مُسْلِمٍ بَرِيءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَوَسَمْتَهُ بِمِيسَمِ سُوءٍ يَبْقَى عَلَيْهِ عَارُهُ أَبَدًا، وَهُوَ فِي الْجَرْحِ بِخُصُوصِهِ، (أَيُّ خَطَرٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ: خَاطَرَ بِنَفْسِهِ ; أَيْ: أَشْرَفَ عَلَى هَلَاكِهَا ; فَإِنَّ فِيهِ مَعَ حَقِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ حَقَّ آدِمِيٍّ، وَرُبَّمَا يَنَالُهُ إِذَا كَانَ بِالْهَوَى وَمُجَانَبَةِ الِاسْتِوَاءِ الضَّرَرُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ، وَالْمَقْتُ بَيْنَ النَّاسِ، وَالْمُنَافَرَةُ، كَمَا اتَّفَقَ لِأَبِي شَامَةَ ; فَإِنَّهُ كَانَ مَعَ كَوْنِهِ عَالِمًا رَاسِخًا فِي الْعِلْمِ مُقْرِئًا مُحَدِّثًا نَحْوِيًّا يَكْتُبُ الْخَطَّ الْمَلِيحَ الْمُتْقَنَ مَعَ التَّوَاضُعِ وَالِانْطِرَاحِ، وَالتَّصَانِيفِ الْعِدَّةِ - كَثِيرَ الْوَقِيعَةِ فِي الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ وَأَكَابِرِ النَّاسِ وَالطَّعْنِ عَلَيْهِمْ وَالتَّنَقُّصِ لَهُمْ وَذِكْرِ مَسَاوِيهِمْ، وَكَوْنُهُ عِنْدَ نَفْسِهِ عَظِيمًا فَصَارَ سَاقِطًا مِنْ أَعْيُنِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ مِمَّنْ عَلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ وَتَكَلَّمُوا فِيهِ، وَأَدَّى ذَلِكَ إِلَى امْتِحَانِهِ بِدُخُولِ رَجُلَيْنِ جَلِيلَيْنِ عَلَيْهِ دَارَهُ فِي صُورَةِ مُسْتَفْتِينَ فَضَرَبَاهُ ضَرْبًا مُبَرِّحًا إِلَى أَنْ عِيلَ صَبْرُهُ وَلَمْ يُغِثْهُ أَحَدٌ.

ص: 350