المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بِالشَّرَفِ ; وَلِذَا كَانَ بَعْضُ مُتْقِنِي الْعُلَمَاءِ مِمَّنْ يَنْسُبُ كَذَلِكَ - فتح المغيث بشرح ألفية الحديث - جـ ٤

[السخاوي]

فهرس الكتاب

- ‌[الْغَرِيبُ وَالْعَزِيزُ وَالْمَشْهُورُ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْغَرِيبِ وَأَنْوَاعُهُ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْعَزِيزِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْمَشْهُورِ وَالْمُسْتَفِيضِ]

- ‌[أَنْوَاعُ الْغَرِيبِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْمَشْهُورِ]

- ‌[تَعْرِيفُ التَّوَاتُرِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا]

- ‌[أَمْثِلَةُ التَّوَاتُرِ]

- ‌[الْأَحَادِيثُ الْمُتَوَاتِرَةُ]

- ‌[غَرِيبُ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ]

- ‌[تَعْرِيفُ غَرِيبِ الْحَدِيثِ وَأَمْثِلَتِهِ]

- ‌[أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ]

- ‌[ذِكْرُ أُمَّهَاتَ الْكُتُبِ فِي هَذَا الْفَنِّ]

- ‌[الِاعْتِنَاءُ بِهَذَا الْفَنِّ وَأَهْلِهِ]

- ‌[تَفْسِيرُ الْغَرِيبِ بِمَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ]

- ‌[الْمُسَلْسَلُ]

- ‌[مَعْنَى الْمُسَلْسَلِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا وَأَمْثِلَتِهِ]

- ‌[تَقْسِيمُ الْمُسَلْسَلِ وَفَائِدَتُهُ]

- ‌[كُتُبُ الْمُسَلْسَلَاتِ]

- ‌[ذِكْرُ الْمُسَلْسَلَاتِ النَّاقِصَةَ]

- ‌[النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ]

- ‌[تعريفه]

- ‌[فضله]

- ‌[دَلَائِلُ النَّسْخِ]

- ‌[التَّصْحِيفُ]

- ‌[الْكُتُبُ الْمُهِمَّةُ فِي هَذَا الْفَنِّ]

- ‌[أَمْثِلَةُ التَّصْحِيفِ فِي الْمَتْنِ]

- ‌[أَمْثِلَةُ التَّصْحِيفِ فِي الْإِسْنَادِ]

- ‌[أَسْبَابُ التَّصْحِيفِ فِي الْحَدِيثِ]

- ‌[مَعْنَى التَّصْحِيفِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّحْرِيفِ]

- ‌[مُخْتَلِفُ الْحَدِيثِ]

- ‌[المصنفات فيه]

- ‌[أَمْثِلَتُهُ]

- ‌[خَفِيُّ الْإِرْسَالِ وَالْمَزِيدُ فِي مُتَّصِلِ الْإِسْنَادِ]

- ‌[الْمُرْسَلُ الْخَفِيُّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرْسَلِ الظَّاهِرِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[الْمَزِيدُ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ]

- ‌[مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ]

- ‌[ذِكْرُ الْكُتُبِ الْمُهِمَّةِ فِي هَذَا الْفَنِّ]

- ‌[تَعْرِيفُ الصَّحَابِيِّ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا]

- ‌[بِمَ تُعْرَفُ الصُّحْبَةُ]

- ‌[بَيَانُ عَدَالَةِ الصَّحَابَةِ]

- ‌[الْمُكْثِرُونَ مِنَ الصَّحَابَةِ]

- ‌[ذِكْرُ الْعَبَادِلَةِ وَالْآخِذُونَ عَنْهُمْ]

- ‌[عَدَدُ الصَّحَابَةِ]

- ‌[تَفْضِيلُ الصَّحَابَةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ]

- ‌[مَنْ آخِرُ الصَّحَابَةِ مَوْتًا]

- ‌[مَعْرِفَةُ التَّابِعِينَ]

- ‌[تَعْرِيفُ التَّابِعِيِّ]

- ‌[مَرَاتِبُ التَّابِعِينَ]

- ‌[ذِكْرُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْمُخَضْرَمِ وَعَدَدُهُ]

- ‌[الْأَكَابِرُ عَنِ الْأَصَاغِرِ]

- ‌[رِوَايَةُ الْأَقْرَانِ]

- ‌[الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ]

- ‌[رِوَايَةُ الْآبَاءِ عَنِ الْأَبْنَاءِ وَعَكْسُهُ]

- ‌[رِوَايَةُ الْأَبْنَاءِ عَنِ الْآبَاءِ]

- ‌[السَّابِقُ وَاللَّاحِقُ]

- ‌[مَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا رَاوٍ وَاحِدٌ]

- ‌[مَنْ ذُكِرَ بِنُعُوتٍ مُتَعَدِّدَةٍ]

- ‌[أَفْرَادُ الْعَلَمِ]

- ‌[الْأَسْمَاءُ وَالْكُنَى]

- ‌[الْأَلْقَابُ]

- ‌[الْمُؤْتَلِفُ وَالْمُخْتَلِفُ]

- ‌[المصنفات فيه]

- ‌[أقسامه]

- ‌[الْمُتَّفِقُ وَالْمُفْتَرِقُ]

- ‌[المصنفات فيه]

- ‌[أقسامه]

- ‌[الْأَوَّلُ أَنْ تَتَّفِقَ أَسْمَاؤُهُمْ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ]

- ‌[وَالثَّانِي أَنْ تَتَّفِقَ أَسْمَاؤُهُمْ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ وَأَجْدَادِهِمْ]

- ‌[الثَّالِثُ أَنْ تَتَّفِقَ الْكُنْيَةُ وَالنِّسْبَةُ مَعًا]

- ‌[مُتَّفَقٌ مَعَهُ فِي الِاسْمِ فِي الْجُمْلَةِ وَفِي النِّسْبَةِ]

- ‌[الْخَامِسُ أَنْ تَتَّفِقَ كُنَاهُمْ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ]

- ‌[السَّادِسُ ضِدُّ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ أَنْ تَتَّفِقَ أَسْمَاؤُهُمْ وَكُنَى آبَائِهِمْ]

- ‌[الثامن مَا يَحْصُلُ الِاتِّفَاقُ فِيهِ فِي لَفْظٍ نَسَبٍ فَقَطْ]

- ‌[تَلْخِيصُ الْمُتَشَابِهِ]

- ‌[الْمُشْتَبِهُ الْمَقْلُوبُ]

- ‌[مَنْ نُسِبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ]

- ‌[الْمَنْسُوبُونَ إِلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ]

- ‌[الْمُبْهَمَاتُ]

- ‌[تَوَارِيخُ الرُّوَاةِ وَالْوَفَيَاتِ]

- ‌[حَقِيقَةُ التَّأْرِيخِ]

- ‌[بَوَاعِثُ وَضْعِ التَّأْرِيخِ]

- ‌[المصنفات فيه]

- ‌[استكمال النبي والصديق وعمر وعلي لثلاثة وستين سنة]

- ‌[الاخْتُلاِفَ فِي ابْتِدَاءِ مَرَضِهِ ثُمَّ مُدَّتِهِ ثُمَّ وَقْتِ وَفَاتِهِ وَدَفْنِهِ]

- ‌[وفاة عمر رضي الله عنه]

- ‌[مقتل عثمان رضي الله عنه]

- ‌[مقتل علي بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه]

- ‌[مقتل طلحة والزبير رضي الله عنهما]

- ‌[موت سَعْدٌ ابن أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه]

- ‌[موت سعيد بن زيد رضي الله عنه]

- ‌[موت عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه]

- ‌[موت أَبُو عُبَيْدَةَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَرَّاحِ رضي الله عنه]

- ‌[وفيات المعمرين من الصحابة]

- ‌[وفيات أصحاب المذاهب]

- ‌[وفيات أَصْحَابِ الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ]

- ‌[وفيات أَئِمَّةٍ انْتُفِعَ بِتَصَانِيفِهِمْ]

- ‌[مَعْرِفَةُ الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ]

- ‌[أهمية معرفة هذا النوع والمصنفات فيه]

- ‌[النصح في الدين حق واجب]

- ‌[المتكلمون في الرجال]

- ‌[لا يقبل الجرح إلا مفسرا]

- ‌[مَعْرِفَةُ مَنِ اخْتَلَطَ مِنَ الثِّقَاتِ]

- ‌[أهمية هذا الفن]

- ‌[المصنفات فيه والمختلطون في الصحيحين]

- ‌[أمثلة لمن اختلط من الثقات]

- ‌[مِمَّنِ اخْتَلَطَ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ]

- ‌[طَبَقَاتُ الرُّوَاةِ]

- ‌[الْمَوَالِي مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالرُّوَاةِ]

- ‌[أَوْطَانُ الرُّوَاةِ وَبُلْدَانُهُمْ]

- ‌[تَصْرِيحٌ عَنْ نِسْبَةِ الْكِتَابِ]

الفصل: بِالشَّرَفِ ; وَلِذَا كَانَ بَعْضُ مُتْقِنِي الْعُلَمَاءِ مِمَّنْ يَنْسُبُ كَذَلِكَ

بِالشَّرَفِ ; وَلِذَا كَانَ بَعْضُ مُتْقِنِي الْعُلَمَاءِ مِمَّنْ يَنْسُبُ كَذَلِكَ يُقَيِّدُ بِقَوْلِهِ: سُكْنًى، أَوْ زُبَيْرِيًّا لِمَحَلَّةٍ بِنَوَاحِي الْغَرْبِيَّةِ فَيُتَوَهَّمُ أَنَّهَا لِلزُّبَيْرِ بْنَ الْعَوَّامِ حَوَارِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ جَعْفَرِيًّا لِمَحَلَّةٍ أَيْضًا فَيُتَوَهَّمُ أَنَّهَا لِجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَوْ قُرَشِيًّا لِمَحَلَّةٍ تُسَمَّى الْقُرَشِيَّةُ فَيُتَوَهَّمُ أَنَّهَا لِقُرَيْشٍ أَوْ جَرَّاحِيًّا لِمَحَلَّةٍ أَيْضًا فَيُتَوَهَّمُ أَنَّهَا لِأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ أَوْ عَبَّاسِيًّا لِلْعَبَّاسَةِ مِنَ الشَّرْقِيَّةِ فَيُظَنُّ أَنَّهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْعَبَّاسِ عَمِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَشْبَاهٍ لِذَلِكَ عَمَّ الضَّرَرُ بِهَا.

[الْمُبْهَمَاتُ]

ُ

948 -

وَمُبْهَمُ الرُّوَاةِ مَا لَمْ يُسْمَى

كَامْرَأَةٍ فِي الْحَيْضِ وَهْيَ أَسْمَا

949 -

وَمَنْ رَقَى سَيِّدَ ذَاكَ الْحَيِّ

رَاقٍ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِي

950 -

وَمِنْهُ نَحْوُ ابْنِ فُلَانٍ عَمِّهِ

عَمَّتِهِ زَوَّجْتِهِ ابْنِ أُمِّهِ

(وَمُبْهَمُ الرُّوَاةِ) مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ (مَا لَمْ يُسْمَى) بِإِسْكَانِ ثَانِيهِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَوْ جَمِيعِهَا ; إِمَّا اخْتِصَارًا أَوْ شَكًّا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَهُوَ مُهِمٌّ، وَفَائِدَةُ الْبَحْثِ عَنْهُ زَوَالُ الْجَهَالَةِ الَّتِي يَرِدُ الْخَبَرُ مَعَهَا، حَيْثُ يَكُونُ الْإِبْهَامُ فِي أَصْلِ الْإِسْنَادِ، كَأَنْ يُقَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ أَوْ شَيْخٌ أَوْ فُلَانٌ أَوْ بَعْضُهُمْ. لِأَنَّ شَرْطَ قَبُولِ الْخَبَرِ - كَمَا عُلِمَ - عَدَالَةُ رَاوِيهِ، وَمَنْ أُبْهِمَ اسْمُهُ لَا تُعْرَفُ عَيْنُهُ فَكَيْفَ عَدَالَتُهُ؟ ! بَلْ وَلَوْ فُرِضَ تَعْدِيلُ الرَّاوِي عَنْهُ لَهُ مَعَ إِبْهَامِهِ إِيَّاهُ لَا يَكْفِي عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا تَقَرَّرَ فِي بَابِهِ، وَمَا عَدَاهُ مِمَّا يَقَعُ فِي أَصْلِ الْمَتْنِ وَنَحْوِهِ قَالَ فِيهِ ابْنُ كَثِيرٍ: إِنَّهُ قَلِيلُ الْجَدْوَى بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ مِنَ الْحَدِيثِ، وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ يَتَحَلَّى بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِمْ. كَذَا قَالَ، بَلْ مِنْ فَوَائِدِهِ أَنْ يَكُونَ الْمُبْهِمُ سَائِلًا عَنْ حُكْمٍ عَارَضَهُ حَدِيثٌ آخَرُ فَيُسْتَفَادُ بِمَعْرِفَتِهِ النَّسْخَ وَعَدَمَهُ إِنْ عُرِفَ زَمَنُ إِسْلَامِ ذَلِكَ الصَّحَابِيِّ وَكَانَ قَدْ أَخْبَرَ عَنْ قِصَّةٍ قَدْ شَاهَدَهَا وَهُوَ مُسْلِمٌ.

ص: 298

وَقَدْ صَنَّفَ فِيهِ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ ثُمَّ الْخَطِيبُ مُرَتِّبًا لَهُ عَلَى الْحُرُوفِ فِي الْمُبْهَمِ ثُمَّ ابْنُ بَشْكُوالَ فِي الْغَوَامِضِ وَالْمُبْهَمَاتِ بِدُونِ تَرْتِيبٍ، وَهُوَ أَجْمَعُهَا، وَقَدِ اخْتَصَرَ النَّوَوِيُّ كِتَابَ الْخَطِيبِ مَعَ نَفَائِسَ ضَمَّهَا إِلَيْهِ مُهَذِّبًا مُحَسِّنًا، لَا سِيَّمَا فِي تَرْتِيبِهِ عَلَى الْحُرُوفِ فِي رَاوِي الْخَبَرِ مِمَّا سَهُلَ بِهِ الْكَشْفُ مِنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِأَصْلِهِ، وَسَمَّاهُ الْإِشَارَاتِ إِلَى الْمُبْهَمَاتِ، وَاخْتَصَرَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ السَّرَّاجِ بْنِ الْمُلَقِّنِ وَالْبُرْهَانُ الْحَلَبِيُّ كِتَابَ ابْنِ بَشْكُوالَ بِحَذْفِ الْأَسَانِيدِ، وَأَتَى أَوَّلُهُمَا فِيهِ بِزِيَادَاتٍ.

وَكَذَا صَنَّفَ فِيهِ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ طَاهِرٍ، وَاعْتَنَى ابْنُ الْأَثِيرِ فِي أَوَاخِرَ كِتَابِهِ (جَامِعِ الْأُصُولِ) بِتَحْرِيرِهَا، وَكَذَا أَوْرَدَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي تَلْقِيحِهِ مِنْهَا جُمْلَةً، وَلِلْقُطْبِ الْقَسْطَلَّانِيِّ (الْإِيضَاحُ عَنِ الْمُعْجَمِ مِنَ الْغَامِضِ وَالْمُبْهَمِ) وَلِلْوَلِيِّ الْعِرَاقِيِّ (الْمُسْتَفَادُ مِنْ مُبْهَمَاتِ الْمَتْنِ وَالْإِسْنَادِ) ، وَرَتَّبَهُ عَلَى الْأَبْوَابِ، وَاعْتَنَى شَيْخُنَا بِذَلِكَ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِصَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فَأَرْبَى فِيهِ عَلَى مَنْ سَبَقَهُ، بِحَيْثُ كَانَ مُعَوَّلُ الْقَاضِي جَلَالِ الدِّينِ الْبُلْقِينِيِّ فِي تَصْنِيفِهِ الْمُفْرَدِ فِي ذَلِكَ، عَلَيْهِ.

وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: (لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَالَ اللَّهُ لَهُمَا: (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ) . إِلَى أَنْ خَرَجَ حَاجًّا، فَخَرَجْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا رَجَعْنَا وَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَدَلَ إِلَى الْأَرَاكِ لِحَاجَةٍ لَهُ، فَوَقَفْتُ لَهُ حَتَّى فَرَغَ ثُمَّ سِرْتُ مَعَهُ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَزْوَاجِهِ؟ قَالَ: هُمَا حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ.

وَيُعْرَفُ تَعْيِينُ الْمُبْهَمِ بِرِوَايَةٍ أُخْرَى مُصَرِّحَةٍ بِهِ أَوْ بِالتَّنْصِيصِ مِنْ أَهْلِ السِّيَرِ وَنَحْوِهِمْ إِنِ اتَّفَقَتِ الطَّرْقُ عَلَى الْإِبْهَامِ، وَرُبَّمَا اسْتُدِلَّ لَهُ بِوُرُودِ تِلْكَ الْقِصَّةِ الْمُبْهَمِ صَاحِبُهَا لِمُعَيَّنٍ مَعَ احْتِمَالِ تَعَدُّدِهَا كَمَا سَيَأْتِي بَعْدُ، وَأَمْثِلَتُهُ فِي الْمَتْنِ وَالْإِسْنَادِ كَثِيرَةٌ.

فَفِي الْمَتْنِ (كَامْرَأَةٍ) سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ غُسْلِهَا (فِي الْحَيْضِ) فَقَالَ لَهَا: (خُذِي

ص: 299

فِرْصَةً مُمَسَّكَةً) . . . الْحَدِيثَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ عَنِ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ (وَهِيَ) كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ صَفِيَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ (أَسْمَا)، لَكِنَّهَا مُهْمَلَةٌ مِنْ نِسْبَةٍ تَتَمَيَّزُ بِهَا ; وَلِذَا اخْتَلَفَ الْحُفَّاظُ فِي تَعْيِينِهَا فَقَالَ الْخَطِيبُ: هِيَ ابْنَةُ يَزِيدَ بْنَ السَّكَنِ الْأَنْصَارِيَّةُ، وَقَالَ ابْنُ بَشْكُوَالٍ: هِيَ ابْنَةُ شَكْلٍ. وَصُوِّبَ لِثُبُوتِهِ فِي مُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنِ ابْنِ مُهَاجِرٍ، وَلَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ: يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْقِصَّةُ وَقَعَتْ لَهُمَا مَعًا فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجْلِسَيْنِ، وَمَالَ إِلَيْهِ شَيْخُنَا فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ حَكَى أَنَّ الدِّمْيَاطِيَّ يَعْنِي فِي حَاشِيَةِ نُسْخَتِهِ لِصَحِيحِ مُسْلِمٍ ادَّعَى فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الْمُعَيَّنَةِ التَّصْحِيفَ، وَأَنَّ الصَّوَابَ السَّكَنُ بِالْمُهْمَلَةِ وَآخِرُهُ نُونٌ ; كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي تَلْقِيحِهِ تَبَعًا لِلْخَطِيبِ، وَأَنَّهَا نُسِبَتْ لِجَدِّهَا فَهِيَ ابْنَةُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ، قَالَ: إِنَّهُ رَدٌّ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ بِمُجَرَّدِ التَّوَهُّمِ، وَإِلَّا فَمَا الْمَانِعُ أَنْ تَكُونَا امْرَأَتَيْنِ، خُصُوصًا وَقَدْ وَقَعَ فِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ كَمَا فِي مُسْلِمٍ، فَانْتَفَى عَنْهُ الْوَهْمُ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ ابْنُ طَاهِرٍ وَأَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ وَأَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ، وَكَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْحَجُّ كُلَّ عَامٍ؟ فَالرَّجُلُ هُوَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ.

(وَ) مِنْهَا (مَنْ رَقَى سَيِّدَ ذَاكَ الْحَيِّ) مِنَ الْعَرَبِ الَّذِينَ مَرَّ بِهِمْ أُنَاسٌ مِنَ الصَّحَابَةِ حِينَ أُصِيبَ أَوْ لُسِعَ بَعْدَ سُؤَالِ الْحَيِّ إِيَّاهُمْ: أَفِيكُمْ مَنْ يَرْقِي سَيِّدَنَا؟ فَامْتَنَعُوا إِلَّا بِجُعْلٍ ; لِكَوْنِهِمُ اسْتَضَافُوهُمْ فَلَمْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَـ (رَاقٍ) أَيْ: فَاعِلُ الرُّقْيَةِ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ وَسَائِرِ السِّتَّةِ، قَالَ الْخَطِيبُ: هُوَ (أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ) رَاوِي الْقِصَّةِ يَعْنِي كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ وَعَبْدٌ وَغَيْرُهُمْ مِمَّا صَحَّحَهُ ابْنُ

ص: 300

حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، كُلُّهُمْ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَلَفْظُ أَحَدِهِمْ:(قُلْتُ: نَعَمْ أَنَا، وَلَكِنْ لَا أَرْقِيهِ حَتَّى تُعْطُونَا غَنَمًا) . وَفِيهِ أَيْضًا: (إِنَّ عِدَّتَهَا ثَلَاثُونَ شَاةً وَعِدَّةَ السَّرِيَّةِ كَذَلِكَ) . وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ قَتَّةَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ:(فَأَتَيْتُهُ فَرَقَيْتُهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ) . وَلَا يَخْدِشُ فِي ذَلِكَ مَا عِنْدَ الْبَزَّارِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: أَنَا أَرْقِيهِ)، وَكَذَا مَا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ مِنْ حَدِيثِ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ حَيْثُ قَالَ:(فَقَامَ مَعَهَا - أَيْ: مَعَ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَتَتْ تَسْأَلُ فِي ذَلِكَ - رَجُلٌ مَا كُنَّا نَأْبِنُهُ، وَهِيَ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَضَمِّهَا، أَيْ: نَتَّهِمُهُ - بِرُقْيَةٍ، وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: رَجُلٌ مِنَّا مَا كُنَّا نَظُنُّهُ يُحْسِنُ رُقْيَةً، ثُمَّ اتَّفَقْنَا - وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ - (أَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ قُلْنَا لَهُ: أَكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً أَوْ كُنْتَ تَرْقِي؟ فَقَالَ: لَا، مَا رَقَيْتُهُ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ) . لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يُكَنَّى الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَبُو سَعِيدٍ أَنْصَارِيٌّ، وَحِينَئِذٍ فَلَعَلَّهُ صَرَّحَ تَارَةً وَكَنَّى أُخْرَى، وَأَمَّا احْتِمَالُ التَّعَدُّدِ فَقَالَ شَيْخُنَا فِي الْفَتْحِ: إِنَّهُ بَعِيدٌ جِدًّا لَا سِيَّمَا مَعَ اتِّحَادِ الْمَخْرَجِ وَالسِّيَاقِ، وَالسَّبَبِ وَكَوْنِ الْأَصْلِ عَدَمَهُ، لَكِنَّهُ مَعَ اسْتِبْعَادِهِ لَهُ جَوَّزَهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ فَقَالَ مَعَ هَذَا الِاسْتِبْعَادِ: وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى وَعَنَى الَّتِي أَوْرَدْتُهَا أَنَّ الرَّاقِيَ غَيْرُ أَبِي سَعِيدٍ، فَيَحْتَمِلُ التَّعَدُّدَ.

وَاعْلَمْ أَنَّ أَكْثَرَ نُسَخِ النَّظْمِ (أَبِي سَعِيدٍ) بِالْجَرِّ، وَيَظْهَرُ فِي إِعْرَابِهِ أَنَّ (رَاقٍ) عَطْفٌ عَلَى كَامْرَأَةٍ، وَ (أَبِي سَعِيدٍ) بَيَانٌ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ:(وَمَنْ رَقَى) خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ

ص: 301

مَحْذُوفٍ، أَيْ: هُوَ مَنْ رَقَى إِلَى آخِرِهِ، وَمَا تَقَدَّمَ، وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَهُوَ أَظْهَرُ وَإِنِ اخْتَلَفَ الرَّوِيُّ فِيهِ فَهُوَ جَائِزٌ.

(وَمِنْهُ) أَيِ: الْمُبْهَمُ (نَحْوُ ابْنِ فُلَانٍ) كَحَدِيثِ: (مَاتَتْ إِحْدَى بَنَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَهِيَ زَيْنَبُ زَوْجَةُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَكَابْنِ مِرْبَعِ بْنِ قَيْظِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ جُشَمِ بْنَ حَارِثَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَآخِرَهُ عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ، قِيلَ: اسْمُهُ زَيْدٌ أَوْ عَبْدُ اللَّهِ أَوْ يَزِيدُ، وَكَابْنِ اللُّتْبِيَّةِ أَوِ الْأُتْبِيَّةِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ، فَاسْمُهُ - فِيمَا قَالَ ابْنُ سَعْدٍ - عَبْدُ اللَّهِ.

وَنَحْوُ (عَمِّهِ) كَرِوَايَةِ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ عَمِّهِ، هُوَ عِلَاقَةُ بْنُ صُحَارٍ، وَكَرَافِعِ بْنِ خَدِيجِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ بَعْضِ عُمُومَتِهِ، هُوَ ظُهَيْرُ بْنُ رَافِعٍ، وَكَزِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ عَمِّهِ، هُوَ قُطْبَةُ بْنُ مَالِكٍ، وَكَيَحْيَى بْنِ خَلَّادِ بْنِ رَافِعٍ لِحَدِيثِ

ص: 302

الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ، عَنْ عَمٍّ لَهُ بِدَرِيٍّ، فَالْعَمُّ هُوَ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ الزُّرَقِيُّ.

وَنَحْوُ (عَمَّتِهِ) كَحُصَيْنِ بْنِ مِحْصَنٍ عَنْ عَمَّةٍ لَهُ، فَهِيَ أَسْمَاءُ فِيمَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَكَقَوْلِ جَابِرٍ: فَجَعَلَتْ عَمَّتِي تَبْكِيهِ، يَعْنِي أَبَاهُ، فَهِيَ فَاطِمَةُ أَوْ هِنْدُ ابْنَةُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ.

وَنَحْوُ (زَوْجَتِهِ) كَقَوْلِ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فَهِيَ أُمُّ يَحْيَى غَنِيَّةُ أَوْ زَيْنَبُ ابْنَةُ أَبِي إِهَابِ بْنِ قَيْسٍ، وَكَحَدِيثِ: جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ فَهِيَ تَمِيمَةُ بِالتَّكْبِيرِ أَوْ تُمَيْمَةُ بِالتَّصْغِيرِ أَوْ سُهَيْمَةُ، كَذَلِكَ ابْنَةُ وَهْبٍ أَوْ زَوْجُهَا كَقَوْلِ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ: إِنَّهَا وَلَدَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ فَزَوْجُهَا هُوَ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ وَنَحْوُ (ابْنِ أُمِّهِ) ; كَقَوْلِ أُمِّ هَانِئٍ: زَعَمَ ابْنُ أُمِّي أَنَّهُ قَاتِلُ رَجُلًا أَجَرْتُهُ) الْحَدِيثَ. فَابْنُ أُمِّهَا هُوَ أَخُوهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَنَحْوُ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَهُوَ إِمَّا عَبْدُ اللَّهِ أَوْ عَمْرٌو، كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَنْ نُسِبَ إِلَى أُمِّهِ.

هَذَا كُلُّهُ فِيمَا يَكُونُ الرَّاوِي عَنِ الْمُبْهَمِ مُعَيَّنًا، وَقَدْ يَكُونُ مُبْهَمًا أَيْضًا، كَحَدِيثِ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنِ امْرَأَتِهِ عَنْ أُخْتِ حُذَيْفَةَ، فَأُخْتُ حُذَيْفَةَ هِيَ فَاطِمَةُ أَوْ خَوْلَةُ

ص: 303